ذروا من عراقيل تنفيذ الأحكام..
خبراء وقانونيون لـالراية:ثغرات قانون الأسرة وراء عذاب المطلقات
أزواج يدعون التعثر ويقدمون استشكالات غير جادة للتهرب من النفقة
تنفيذ أحكام الحضانة والنفقة والطلاق يستغرق عدّة سنوات
ثغرات قانون الأسرة وراء عذاب المطلقات

كتبت – رشا عرفه:
حذر عدد من الخبراء والقانونيين من طول أمد التقاضي في قضايا الأسرة، مؤكدين أن تأخر الحكم في تحديد النفقات ومتابعة تنفيذ تلك الأحكام ينعكس بالسلب على المطلقات والأطفال.

وأكدوا أن كثيرًا من الأزواج يتعمّدون إطالة أمد الدعوى للانتقام من المطلقات عبر التهرّب من استلام إعلانات الجلسات وتقديم الاستشكالات غير الجادّة ومستندات كاذبة لادعاء التعثر بهدف الانتقام والتهرّب من دفع النفقات للزوجة أو المطلقة والأبناء، لافتين إلى وجود العديد من ثغرات القانون التي تساهم في بطء التقاضي.

وأشاروا إلى أن الفصل في الدعاوى يستغرق في كثير من الحالات أكثر من عام، قبل أن تدخل الزوجات والمطلقات والأرامل نفق تنفيذ أحكام الحضانة والنفقة والطلاق الذي يستغرق عدّة سنوات.

وأكّدوا لـ الراية انعدم وجود قانون خاص لتنفيذ أحكام المحكمة، يتصدّر أسباب طول فترة التقاضي، وحصول الزوجة أو المطلقة هي وأبنائها على حقوقها التي تشمل النفقة والحضانة والسكن وغيرها من الحقوق التي يتضمنها الحكم في الدعوى.

وأشاروا إلى أن القاضى يلجأ عند تنفيذ حكم محكمة الأسرة إلى قانون المرافعات المدنية والتجارية لتطبيق الحكم، وهو ما يجعل قضايا الأسرة تأخذ وقتًا طويلاً في الفصل لقيام الخصم بوضع عراقيل كثيرة أمام تنفيذ الحكم مثل الاستشكالات والإعلانات وعدم الحضور وبيع ممتلكاته لأحد أقاربه ليثبت للمحكمة أنه متعثر وليس لديه شيء على عكس الحقيقة، وهو ما يعود بالضرر الجسيم على الأسرة والأطفال والمجتمع بشكل عام، وهو ما يتطلب تعديل بعض القواعد الإجرائية أيضًا، لأن قانون المرافعات المدنية قد لا يصلح تطبيقه على قضايا الأسرة.

وطالبوا بضرورة صدور تشريع إجرائي خاص ينظم إجراءات التقاضي في مجال قضايا الأسرة، لافتين إلى أن قانون الأسرة بمفرده لن يُحقق للأفراد الوصول إلى حقوقهم بيسر وبسرعة.

ودعوا الآباء والأمهات لمراعاة نفسيّة ومصلحة الأبناء، وعدم الدخول في أمور تزيد من أمد التقاضي.
ودعوا لإدخال بعض التعديلات على قانون الأسرة لمواجهة تلك الانتقادات، والعمل على مواكبته للتطوّرات الاجتماعية والاقتصادية، وضمان حصول المطلقات أو المستحقات للنفقات على المبالغ الشهريّة التي تقرّها المحكمة، لافتين إلى أن الاعتماد على قانون المرافعات المدنيّة في مرحلة تنفيذ أحكام محكمة الأسرة لم يعد يواكب تلك المتغيّرات.
يوسف الزمان:
المطلقات فريسة للثغرات الإجرائية
يطالب المحامي يوسف الزمان بضرورة صدور تشريع إجرائي خاص يُنظم إجراءات التقاضي في مجال قضايا الأسرة، موضحًا أن قانون الأسرة بمفرده لن يُحقق للأفراد الوصول إلى حقوقهم بيسر وبسرعة.

وقال: التجربة أثبتت أن أعمال إجراءات التقاضي الواردة بقانون المرافعات المدنية والتجارية على قضايا الأسرة بكافة أنواعها نشأ عنها تعقيدات وإجراءات طويلة انطوت على بطء شديد في الفصل والحكم واتخاذ القرارات في هذه القضايا والنزاعات، فأصبح أصحاب الشأن من نساء وأبناء فريسة للكيد وللثغرات الإجرائية سنوات طويلة، وبقاء الزوجة وأولادها الصغار في حالة عجز عن الحصول على نفقة محكوم لهم بها، بما يقودهم إلى احتمالات الضياع والحاجة والعوز.

وتابع: من هنا فإن البطء في التقاضي أمام قضاء الأسرة يعود بالدرجة الأولى إلى كثرة الإجراءات، وامتداد فترة النزاع على منصات القضاء بما يؤدّي ذلك إلى ارتفاع وتيرة العداوة والبغضاء بين أفراد الأسرة الواحدة سواء كان الزوج أو الزوجة أو الأبناء مع كثرة تأجيلات الدعاوى ومحاولة تأييدها من أحد الأطراف مستغلاً نصوص قانون المرافعات، وتكريسها لخدمة أغراضه للمماطلة والتسويف منذ بدء النزاع وحتى صدور حكم فيه.

واستطرد قائلاً: الحل يكمن في إصدار قانون ينظم إجراءات التقاضي في مسائل الأسرة، قانون يستهدف تحقيق التوازن اللازم في التنظيم الإجرائي للتقاضي بين اعتبارات التيسير والمقتضيات الاجتماعية لاستقرار الأسرة القطرية حتى تؤدّي البيوت رسالتها، وتحقيق السكينة والمودة والتراحم بين أفراد الأسرة.

وأضاف: الواقع العملي يكشف أن دعاوى الطلاق والنفقة والحضانة وإسقاط الحضانة وما إلى ذلك من تبعات الطلاق والخلافات الزوجيّة ونفقات الصغار، وكيفية أدائها من قِبل الآباء في ازدياد مستمر، والمشكلة في تفاقم مستمر يومًا بعد يوم، والحل يكمن في العمل فورًا على إصدار قانون لإجراءات التقاضي في مسائل الأسرة، تكون من سماته الأساسية تيسير الإجراءات، تخفيفًا عن الأسرة وتكون محكمة الأسرة مختصّة بنظر جميع الدعاوى التي ترفع من أحد الزوجين، والتي ترفع بعد ذلك من أيهما، أو تكون متعلقة أو مترتبة على الزواج أو الطلاق أو التطليق أو الفسخ، وكذلك دعاوى النفقات وما في حكمها سواءً للزوجة أو الأولاد أو الأقارب، ودعاوى الحبس لامتناع المحكوم عليه عن تنفيذ الأحكام الصادرة بها، وحضانة الصغير وحفظه ورؤيته وضمه والانتقال به ومسكن حضانته، وأن تخوّل المحكمة سلطة إصدار أحكام وقتيّة واجبة النفاذ بشأن طلب الرؤية، أو تقرير النفقة حتى لا يضارّ الطالب فيها بطول الوقت الذي قد يستغرقه الفصل في الدعوى الأصليّة.

وقال: يجب أن تكون إجراءات المخاطبات سريعة وليس كما نرى حاليًا تأخذ وقتًا طويلاً، ومن المفروض إدخال التكنولوجيا الحديثة في ذلك لضمان السرعة في الإجراءات.

وأضاف: المخاطبات، وبالتالي لابد أن يتضمن أي تعديل لقانون الأسرة هذا الأمر، والأهم من ذلك هو تعديل القانون نفسه لأن قانون المرافعات التجارية ليس صالحًا في التعامل مع قضايا الأسرة التي يجب التعامل معها بقانون الأسرة في قضايا الطلاق والضرر والضمّ والأطفال والدعوة فكيف أقيم دعوة بقانون وأحكم بقانون آخر لذلك تجد عددًا كبيرًا من المحامين يرفضون قضايا الأسرة نظرًا لطول أمد التقاضي.
د.موزة المالكي:
الأبناء يدفعون ثمن عناد الآباء
تشير د.موزة المالكي الخبيرة النفسية إلى أن إجراءات التقاضي في قضايا الأحوال الشخصية أصبحت أفضل بكثير من السابق، وأصبح بإمكان الأب والأم رؤية أطفالهما في مركز الاستشارات العائلية المتواجد بالمحكمة، بعد أن كان رؤية الطفل تتم في مركز الشرطة، وهو ما كان يؤثر سلبًا على نفسية الطفل، وهذه خطوة جيّدة ساهمت بشكل كبير في تقليل الضرر النفسي على الطفل.
وأضافت: إجراءات التقاضي سواء طالت أم قصرت تؤثر على نفسية الطفل الذي يكون الضحيّة، فمن الطبيعي أن ينشأ الطفل في مناخ أسري صحي وبين الأبوين، ويشعر الطفل بالاستقرار والأمان بينهما، وانا أخاطب كل أم وكل أب بأن يضعوا مصلحة أبنائهم أمام أعينهم، وألا يدخلوا في إجراءات تطيل من أمد التقاضي، مشيرة إلى أن هناك بعض الأزواج الذين لا يوفرون سكنًا لزوجاتهم، ويقدمون أوراقًا غير صحيحه لديون وهميّة للتهرّب من النفقة، كما أن هناك بعض الزوجات اللائي يُطالبن بطلبات تعجيزيّة كوسيلة للانتقام من الزوج، ومن يدفع الثمن هم الأبناء، مُرجعة قيام كل منهما بهذه التصرّفات إلى مستوى التعليم، وعدم وجود حوار بينهما، واحتدام الشقاق.

وطالبت الزوجه بالمعقوليّة في طلباتها، وأن يتحمّل كل من الأب والأم مسؤوليتهما، وأن يراعيا نفسية أبنائهما، لأنهما مسؤولان عنهم أمام الله.
علي الخليفي:
مماطلة الأزواج تطيل أمد التقاضي
يؤكد المحامي علي عيسي الخليفي أن كثيرًا من الأزواج يتعمّدون إطالة أمد الدعوى للانتقام من المطلقات عبر التهرّب من استلام إعلانات الجلسات وتقديم الاستشكالات غير الجادّة ومستندات كاذبة لادعاء التعثر بهدف الانتقام والتهرّب من دفع النفقات للزوجة أو المطلقة والأبناء، لافتًا إلى وجود العديد من ثغرات القانون التي تساهم في بطء التقاضي.

وبيّن أن قيام بعض الأزواج بالمماطلة وبعض الأمور الكيديّة من أبرز التحديّات في قضايا الأحوال الشخصية، وتزيد من أمد التقاضي، كأن يدعي الزوج الفقر للهروب من النفقة، أو تحاول الزوجة الانتقام من الزوج ومطالبته بأمور تعجيزية، مبينًا أن هذه الأمور تخضع لتقدير القاضي، وأن أبرز أسباب الطلاق هو الطلاق للضرر، فقد يقوم الزوج بالتعدي على الزوجة، وهنا لا بد أن تقوم الزوجة بالذهاب لمركز الشرطة وإثبات الواقعة.

وقال: إن إطالة التقاضي تكون أحيانًا في صالح الزوجين، لأنها تعطيهما فرصة لإصلاح ذات البين، مشيرًا إلى أنه في السابق كان القاضي يمدّ الحكم 6 أشهر لإعطاء فرصة للأزواج للتصالح.

وأضاف: هناك الكثير من الإجراءات التي تطيل مدة التقاضي، ففي حالة وجود خلاف بين الزوجين ترسل الدعوى إلى مركز الاستشارات العائلية، وتظلّ بالمركز لمدّة شهر وشهرين، يحاول المرشدون هناك حل الخلاف بين الأزواج، وفي حالة استحكام الشقاق يقوم المركز بتحويل الدعوى للمحكمة ومرفق بها تقرير بما توصل إليه المركز، ومن ثم ينظر القاضي للدعوى، ويحيلها إلى حكمين يحاولان الإصلاح بين الزوجين، وفي حالة عدم التوصّل لحل يتم اتخاذ إجراء الطلاق.

وأوضح أن الزوجة تستطيع الحصول على نفقة مؤقتة من بداية رفعها الدعوى، فيقوم محاميها بكتابة طلب على عريضة يطالب فيه بنفقة مؤقتة، والقاضي ينظر في هذا الأمر على وجه السرعة، ويقوم بإصدار قرار معجل بالنفقة، وتقدّر النفقة على حسب عدد الأطفال الذين يكونون في حضانة الزوجة، وراتب الزوج وما يمتلكه، مؤكدًا أن القاضي ينظر بالدرجة الأولي للأطفال ويراعي مصلحتهم قبل الآباء والأمهات لأنهم الضحية.

وقال: قضايا الأسرة لا تنتهي، ولها الكثير من الآثار، فبإمكان الزوجة رفع دعوى على الزوج تطالب فيها بزيادة النفقة لأن الأعباء المالية قد زادت عليها، وهناك أمور تتعلق بالدعوى الأساسية منها الاستعلام عن الراتب مثلاً، وبالتالي تكون هناك مخاطبات لجهة العمل، كما يأتي دور رؤية الطفل.

وقال: المحكمة لا تلجأ إلى الحكم بالطلاق إلا في أضيق الحدود فهو يُحيل الطرفين إلى المجلس الأعلى للأسرة لإصلاح ذات البين وإذا لم يحدث يحيلهما إلى حكمين، المهم في النهاية لا تلجأ المحكمة إلى الطلاق إلا في أضيق الحدود وبعد استنفاد كل سبل الإصلاح بين الطرفين لأن مساعي الطلاق لها تأثير وأضرار بالغة على كيان الأسرة والأطفال والمجتمع بشكل عام.

وأضاف: مطلوب مشروع قانون لتنفيذ الأحكام الصادرة من محكمة الأسرة وسرعة الفصل في القضايا لأن قضايا الأسرة حساسة جدًا وبحاجة إلى سرعة الفصل، وبالتالي وجود مثل هذا القانون يغنينا عن الاستعانة بقانون الإجراءات والمرافعات المدنية والتجارية في قضايا الأسرة، لأن القاضي حاليًا ليس أمامه سوى قانون المرافعات المدنية كقاعدة عامّة لتنفيذ الحكم وهذا بالطبع يأخذ وقتًا طويلاً جدًا وبطئًا في الإجراءات والإعلانات والاستشكالات وغيرها من الإجراءات التي يتبعها الخصم لمدّ أمد التقاضي والفصل في القضية، وهنا القاضي له عذره فهو ملزم بالقانون وبخطوات معيّنة وفقًا للإجراءات المتبعة في هذا الشأن.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت