دراسة تحليلية فى الوصية شرعا وقانونا
الوصية
تعريف الوَصِيَّةُ :
في اللغة هي العهدُ إلى الغير بمالٍ أو غيره والوصيَّة في الشرع هي تمليكٌ يستحقُّ بعد الموت وهي بهذا تختلف عن الهبَةِ التي يهبها الإنسان للغير في حياته ، وقد تكون الوصيَّةُ عينية كالوصية بالمال أو ببعض أعضاء البدن لزراعتها فيمن يحتاج إليها ، وقد تكون الوصية بالمنفعة كالانتفاع بالشيء دون تملُّكِهِ .

انعقاد الوصية :
تنعقَدُ الوصِيَّةُ بطرق شتى ، منها
* اللفظ : كأن يقول بلسانه : أوصيتُ لفلانٍ بكذا أو جعلتُ لفلانٍ بعد موتي كذا .
* الكتابة : وهي أوثق من اللفظ ، وتندب الوصية كتابةً سواء كان الموصي يُحْسِنُ النُّطْقَ أم لا ، كالأبكم والمشلول مُعْتَقَل اللسان ، واشترط الشافعية لانعقاد الوصية بالكتابة إشهادَ الشهودِ عليها .

* الإشارة المُفَهِّمَة : إذا كان الموصي لا يستطيع الكلام ولا الكتابة فتجوز منه الإشارة الواضحة التي تدلُّ دلالة صريحة على ما يريد ، واشترط الحنفية والحنابلة أن يكون ميؤوساً من نطقه ، بأن يموت كذلك ، أما إن كان العاجز عن النطق قادراً على الكتابة فلا تنعقد وصيته إلا بالكتابة لأن دلالتها على المقصود أدقُّ وأحكم ، أما المالكية فتنعقد الوصية عندهم بالإشارة المفهمة ولو كان الموصي قادراً على النطق

شروطها :
الوصية تقتضي موصياً وموصى له وموصى به ؛ ولكلٍ شروط نذكرها فيما يلي :
شروط الموصي :
1 – أن يكون مالكاً لما يوصي به .
2 – أن يكون عاقلا كامل الأهلية.
وكمال الأهلية بالعقل والبلوغ والحرية والاختياروعدم الحجر لسفه أو غفلة فيشترط في الموصي أن يكون أهلاً للتبرع بأن يكون كامل الأهلية . واشترط الحنفية والشافعية البلوغَ في أرجح القولين ، أما المالكية والحنابلة فقد أجازوا وصيَّةَ المميِّز ( الذي عمره 7 ـ 10 سنوات ) إنْ كان يفهم معنى الوصيةِ وأنها تكون في أبواب الخير .

وعلى ذلك فإن كان الموصي ناقص الأهلية بأن كان صغيراً أو مجنوناً أو عبداً أو مكرهاً أو محجوراً عليه فإن وصيته لا تصح .

ويستثنى من ذلك أمران :
1-وصية الصغير المميز الخاصة بأمر تجهيزه ودفنه ما دامت في حدود المصلحة.
2- وصية المحجور عليه للسفه في وجه من وجوه الخير مثل تعليم القرآن وبناء المساجد وإقامة المستشفيات .

ثم إن كان له وارث وأجازها الورثة نفذت من كل ماله .
وكذا إذا لم يكن له وارث أصلاً .
وأما إن كان له ورثة ولم يجيزوا هذه الوصية فإنها تنفذ من ثلث ماله فقط؛ وهذا مذهب الأحناف .

وخالف في ذلك الإمام مالك فأجاز وصية ضعيف العقل والصغير الذي يعقل معنى التقرب إلى الله تعالى قال :
“الأمر المجمع عليه عندنا أن الضعيف في عقله والسفيه والمصاب الذي يفيق أحياناً تجوز وصاياهم إذا كان معهم من عقولهم ما يعرفون ما يوصون به . وكذلك الصبي الصغير إذا كان يعقل ما أوصى به ولم يأت بمنكر من القول فوصيته جائزة ماضية” .

وقد أجاز القانون في مصر وصية السفيه وذوي الغفلة إذا أذنت بها الجهة القضائية المختصة .
3 – أن تكون الوصيةُ عن رضا واختيار ، فلا تصحُّ وصية المُكْرَهِ ، ولا الهازل ، ولا المخطئ .

4 – ألا يكون الموصي مديناً بدَيْنٍ يستغرق كل تَرِكتِهِ ، لأن إيفاء الدَّيْنِ مُقَدَّمٌ على تنفيذ الوصية ، إلا إذا رضي أصحاب الدَّيْنِ فإنها تنفذ . ويسقط الدين عن الموصى .

شروط الموصى له :
يشترط في الموصى له الشروط الآتية :
1- أن لا يكون وارثاً للموصي .
روى أصحاب المغازي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح : [لا وصية لوارث] .
رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه . وهذا الحديث وإن كان خبر آحاد إلا أن العلماء تلقته بالقبول وأجمعت العامة على القول به .

وفي رواية : “إن الله أعطى كل ذي حقٍ حقه، ألا لا وصية لوارث” .
وأما آية: (كُتِبَ عليكمْ إذا حضرَ أحدَكمُ الموتُ إنْ ترَكَ خيراً الوصّيةُ للوالدَينِ والأقربين بالمعروفِ حقاً على المتَّقين) .

فقد قال الجمهور من العلماء بنسخها .
وقال الشافعي: إن الله تعالى أنزل آية الوصية وأنزل آية المواريث فاحتمل أن تكون آية الوصية باقية مع الميراث . واحتمل أن تكون المواريث ناسخة للوصايا . وقد طلب العلماء ما يرجح أحد الاحتمالين فوجدوه في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى عنه أصحاب المغازي أنه قال عام الفتح :
“لا وصية لوارث”

واتفقوا على اعتبار كون الموصى له وارثاً يوم الموت حتى لو أوصى لأخيه الوارث حيث لا يكون للموصي ابن ثم ولد له ابن قبل موته صحت الوصية للأخ المذكور ولو أوصى لأخيه وله ابن فمات الابن قبل موت الموصي فهي وصية لوارث .

2 – ان يكون الموصى لة موجود او مقدر الوجود
وهذا فى مذهب الأحناف أن الموصى له إذا كان معيناً يشترط لصحة الوصية له أن يكون موجوداً وقت الوصية تحقيقاً أو تقديراً .

أي يكون موجوداً بالفعل وقت الوصية أو يكون مقدراً وجوده أثناءها . كما إذا أوصى لحمل فلانة. وكان الحمل موجوداً وقت إيجاب الوصية.

فتصحُّ الوصيةُ للجنين وهو في بطن أمه ، فإذا وُلِدَ حياً استحقَّها ، أما إنْ وُلِدَ ميتاً فقد بطلت الوصيةُ . وإذا ولدت المرأةُ توأمين قُسِّمت الوصيةُ بينهما بالتساوي حتى وإن كانا ولداً وبنتاً ، وإذا وُلِدَ أحدهما حياً والآخر ميتاً كانت الوصية للحيِّ دون الميت .

أما إذا لم يكن الموصى له معيناً بالشخص فيشترط أن يكون موجوداً وقت موت الموصي تحقيقاً أو تقديراً .

فإذا قال الموصي: أوصيت بداري لأولاد فلان ولم يعين هؤلاء الأولاد، ثم مات ولم يرجع عن الوصية . فإن الدار تكون مملوكة للأولاد الموجودين وقت موت الموصي سواء منهم الموجود حقيقة أو تقديراً كالحمل، ولو لم يكونوا موجودين وقت إيجاب الوصية.

ويتحقق من وجود الحمل وقت الوصية أو وقت موت الموصي متى ولد لأقل من ستة أشهر من وقت الوصية أو من وقت موت الموصي.

وقال الجمهور من العلماء: إن من أوصى أن يفرق ثلث ماله حيث أرى الله الوصي أنها تصح وصيته ويفرقه الوصي في سبيل الخير ولا يأكل منه شيئاً ولا يعطي منه وارثاً للميت” .
وخالف في ذلك أبو ثور، أفاده الشوكاني في نيل الأوطار .

3- ويشترط أن لا يقتل الموصى له الموصي قتلاً محرماً مباشراً .
فإذا قتل الموصى له الموصي قتلاً محرماً مباشراً بطلت الوصية له لأن من تعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه . وهذا مذهب أبي يوسف .
وقال أبو حنيفة ومحمد لا تبطل الوصية وتتوقف على إجازة الورثة .

شروط الموصى به :
1 – ان يكون قابل للتملك ومسمى تحديدا وقدرا :
يشترط في الموصى به أن يكون بعد موت الموصي قابلاً للتمليك بأي سبب من أسباب الملك ، فتصح الوصية بكل مال متقوم من الأعيان ومن المنافع . وتصح الوصية بما يثمره شجره وبما في بطن بقرته لأنه يملك بالإرث فما دام وجوده محققاً وقت موت الموصي استحقه الموصى له . فان كانت الوصية بمعدوم فلا تصح

2 – ان لاتكون مخالفة لشرع او للنظام العام او محلها غير مال :
فلا تصح ان تكون الوصية على ازدراء دين او الردة مثلا ولا تصح بما ليس بمال كالميتة .كا لايصح ان ان يكون محلها مخالف لنظام عام مثل ان لاتنصب على اخذ بثار او سلب مال غير او اخفاء مسروقات او كتم شهادة وما ليس متقوماً في حق العاقدين كالخمر للمسلمين .

الوصية بالثلث :
وتجوز الوصية بالثلث ولا تجوز الزيادة عليه، والأولى أن ينقص عنه ، وقد استقر الإجماع على ذلك .
روى البخاري ومسلم وأصحاب السنن عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : جاء النبي صلى الله عليه وسلم يعودني، وأنا بمكة – وهو يكره أن يموت بالأرض التي هاجر منها – قال : يرحم الله ابن عفراء .

قلت: يا رسول الله أوصي بمالي كله؟ قال : لا . قلت : فالشطر؟ قال : لا. قلت : الثلث؟ قال : فالثلث والثلث كثير ، إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس في أيديهم، وإنك مهما أنفقت من نفقة فإنها صدقة حتى اللقمة ترفعها إلى فيّ امرأتك ، وعسى الله أن يرفعك فينتفع بك أُناس ويُضَر بك آخرون ، ولم يكن له يومئذٍ إلا ابنة” .
الثلث يحسب من جميع المال :
ذهب جمهور العلماء إلى أن الثلث يحسب من جميع المال الذي تركه الموصي . وقال مالك : يحسب الثلث مما علمه الموصي دون ما خفي عليه أو تجدد له ولم يعلم به .

وهل المعتبر الثلث حال الوصية أو عند الموت؟
ذهب مالك والنخعي وعمر بن عبد العزيز أن المعتبر ثلث التركة عند الوصية. وذهب أبو حنيفة وأحمد والأصح من قولي الشافعية إلى اعتبار الثلث حال الموت . وهو قول علي وبعض التابعين .
الوصية بأكثر من الثلث :
الموصي إما أن يكون له وارث أو لا .

فإن كان له وارث فإنه لا يجوز له الوصية بأكثر من الثلث كما تقدم ؛ فإن أوصى بالزيادة على الثلث فإن وصيته لا تنفذ إلا بإذن الورثة ، ويتشرط لنفاذها شرطان :

1- أن تكون بعد موت الموصي لأنه قبل موته لم يثبت للمجيز حق فلا تعتبر إجازته ، وإذا أجازها أثناء الحياة كان له الرجوع عنها متى شاء . وإن أجازها بعد الحياة نفذت الوصية .

وقال الزهري وربيعة : ليس له الرجوع مطلقاً .

2- أن يكون المجيز وقت الإجازة كامل الأهلية غير محجور عليه لسفه أو غفلة.
وإن لم يكن له وارث فليس له أن يزيد على الثلث أيضاً .
وهذا عند جمهور العلماء .

وذهب الأحناف وإسحاق وشريك وأحمد في رواية ، وهو قول علي وابن مسعود، إلى جواز الزيادة على الثلث . لأن الموصي لا يترك في هذه الحال من يخشى عليه الفقر .
ولأن الوصية جاءت في الآية مطلقة . وقيدتها السنة بمن له وارث فبقي من لا وارث له على إطلاقه .

بطلان الوصية :
وتبطل الوصية بفقد شرط من الشروط المتقدمة كما تبطل بما يأتي :
1- إذا جن الموصي جنوناً مطبقاً واتصل الجنون بالموت .
2- إذا مات الموصى له قبل موت الموصي .
3- إذا كان الموصى به معيناً وهلك قبل الموصى له .
مواد قانونية خاصة بالوصية فى القانون المدنى

17 مدنى
(1) يسرى على الميراث والوصية وسائر التصرفات المضافة الى ما بعد الموت قانون المورث او الموصى او من صدر منه التصرف وقت موته .

(2)ومع ذلك لا يلزم ناقص الأهلية اذا أبطل العقد لنقص اهليته او قانون البلد الذى تمت فيه الوصيه وكذلك الحكم فى شكل سائر التصرفات المضافة الى ما بعد الموت .

823 مدنى
(1)اذا تضمن العقد أو الوصية شرطا يقضى بمنع التصرف فى مال, فلأ يصح هذا الشرط مالم يكن مبنيا على باعث مشروع ومقصوراعلى مدة معقولة0 (2) ويكون الباعث مشروعا متى كان المرادبا لمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو اليه أو الغير

824 مدنى
اذا كان شرط المنع من التصرف الوارد فى العقد او الوصية صحيحا طبقا لأحكام المادة السابقة فكل تصرف يقع مخالف له بقع باطلا

908مدنى
تصح الوصية بقسمة اعيان التركة على ورثة الموصى بحيث يعين لكل وارث او لبعض الورثة قدر نصيبه فأن زادت قيمة ماعين لأحدهم على استحقاقه فى التركة كانت الزيادة وصيه .

915مدنى
تسرى على الوصية احكام الشريعة الأسلاميه والقوانين الصادرة فى شأنها .

916مدنى
(1)كل عمل قانونى يصدر من شخص فى مرض الموت ويكون مقصودا به التبرع يعتبر تصرفا مضافا الى ما بعد الموت وتسرى عليه احكام الوصية ايا كانت التسمية التى تعطى لهذا التصرف .

(2) وعلى ورثه من تصرف ان يثبتوا أن العمل القانونى قد صدر من مورثهم وهو فى مرض الموت ولهم اثبات ذلك بجميع الطرق ولا يحتج على الورثة بتاريخ السند اذا لم يكن هذا التاريخ ثابتا , (3) وأذا اثبت الورثة ان التصرف صدر من مورثهم فى مرض الموت اعتبر التصرف صادرا على سبيل التبرع مالم يثبت له من صدر له التصرف عكس ذلك كل هذا مالم توجد احكام خاصة تخالفه .

مدنى
اذا تصرف شخص لأحد ورثته وأحتفظ بأيه طريقة كانت بحيازة العين التى تصرف فيها وبحقه فى الأنتفاع بها مدى حياته , اعتبر التصرف مضافا اى ما بعد الموت وتسرى عليه احكام الوصية ما لم يقم دليل يخالف ذلك .