غلق باب الطعن بالنقض متعلق بغلق باب الطعن بالاستئناف

جلسة 25 من مايو سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ جابر عبد التواب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عمر بريك ورشاد قذافي نائبي رئيس المحكمة وعبد التواب أبو طالب وفؤاد نبوي.

(78)
الطعن رقم 18097 لسنة 63 القضائية

(1) نقض “التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده” “نظر الطعن”.
التقرير بالطعن وإيداع الأسباب بعد الميعاد. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
جواز الطعن من عدمه. مسألة سابقة على النظر في شكله.
(2) دعوى مدنية “نظرها والحكم فيها”. إجراءات “إجراءات المحاكمة”.
الدعوى المدنية المرفوعة أمام المحاكم الجنائية. خضوعها للإجراءات المقررة في قانون الإجراءات الجنائية. المادة 266 إجراءات.
(3) دعوى مدنية. استئناف “نظره والحكم فيه”. دعوى جنائية. نقض “ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام”. تعويض.
حق المدعي المدني استئناف الحكم الصادر في الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية شرطه: أن يزيد التعويض المطالب به عن النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي. ولو وصف أنه مؤقت.
(4) استئناف “نظره والحكم فيه”. نقض “ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام”.
انغلاق باب الطعن بطريق الاستئناف. أثره: عدم جواز الطعن بالنقض.
(5) دعوى مدنية “نظرها والحكم فيها”. استئناف. نقض “ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام” “نظر الطعن”. قانون “تطبيقه”. تعويض.
ادعاء المدعي بالحقوق المدنية مدنياً بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً مع سريان تعديل المادة 42/ 1 من قانون المرافعات بالقانون 23 لسنة 1992 بجعل النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي خمسمائة جنيه. أثره: عدم جواز الطعن بالنقض في الحكم الصادر في الدعوى المدنية. لا يغير من ذلك صدور الحكم المطعون فيه من محكمة الدرجة الثانية بعد استئناف المتهم له. أساس ذلك: أن قضاء المحكمة الاستئنافية بالبراءة ورفض الدعوى المدنية لا ينشئ للمدعي بالحقوق المدنية حقاً في الطعن بالنقض. متى امتنع عليه حق الطعن بالاستئناف.
(6) إثبات “بوجه عام” “شهود”. محكمة الموضوع “سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى”.
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(7) إثبات “شهود”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”.
تقدير أقوال الشهود. موضوعي.
(Cool إثبات “خبرة”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”.
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات. مرجعه لمحكمة الموضوع.
(9) إثبات “بوجه عام”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.

القضاء بالبراءة للشك في صحة إسناد التهمة. شرطه؟
الجدل الموضوعي. غير جائز أمام النقض.
(10) إثبات “بوجه عام”. “شهود”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
تعرض حكم البراءة للدليل المستمد من أقوال شاهد. غير لازم. متى كان قوامه الشك في صحة الواقعة برمتها.
1 – لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 18 من إبريل سنة 1993 ولم يقرر فيه المدعي بالحقوق المدنية بطريق النقض ويقدم أسباب طعنه إلا بتاريخ 19 من يونيو سنة 1993، متجاوزاً في ذلك الميعاد المقرر في القانون مما يجعل طعنه في الأصل غير مقبول شكلاً، إلا أن النظر في شكل الطعن إنما يكون بعد الفصل في جوازه.

2 – لما كانت المادة 266 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن يتبع في الفصل في الدعاوى المدنية أمام المحاكم الجنائية الإجراءات المقررة في قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فإن الدعوى المدنية تخضع أمام القضاء الجنائي للقواعد المقررة في قانون الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بالمحاكمة والأحكام وطرق الطعن فيها.

3 – لما كانت المادة 403 من قانون الإجراءات الجنائية أجازت للمدعي بالحقوق المدنية استئناف الأحكام الصادرة في الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى الجنائية فيما يختص بالحقوق المدنية وحدها – إذ كانت التعويضات المطالب بها تزيد عن النصاب الذي يحكم به القاضي الجزئي نهائياً – فلا يجوز للمدعي بالحقوق المدنية أن يستأنف الحكم الصادر ضده من المحكمة الجزئية متى كان التعويض المطالب به لا يجاوز النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي ولو شاب الحكم خطأ في تطبيق القانون أو تأويله، وكانت هذه القاعدة تسري ولو وصف التعويض المطالب به بأنه مؤقت.

4 – من المقرر أن قضاء محكمة النقض قد جرى على أنه حيث ينغلق باب الطعن بطريق الاستئناف لا يجوز من باب أولى الطعن بطريق النقض.

5 – لما كان الطاعن – المدعي بالحقوق المدنية – ادعى مدنياً بمبلغ 51 جنيه فقط – مع سريان تعديل المادة 42/ 1 من قانون المرافعات بالقانون رقم 23 لسنة 1992 يجعل النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي مبلغ خمسمائة جنيه – فإنه لا يجوز له الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه، طالما أن التعويضات المطلوبة في حدود النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي – ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة الدرجة الثانية بعد أن استأنف المتهم الحكم الابتدائي القاضي بالإدانة والتعويض، ذلك أن قضاء المحكمة الاستئنافية ليس من شأنه أن ينشئ للمدعي مدنياً حقاً في الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر في الدعوى المدنية متى امتنع عليه حق الطعن بطريق الاستئناف.

6 – من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق.

7 – من المقرر أن تقدير أقوال الشهود متروك لمحكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها بغير معقب.

8 – من المقرر أن الأصل في تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع.

9 – من المقرر أنه يكفي في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي تقضي له بالبراءة، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل، ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في عناصر الاتهام. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه إلى ما جاء بمعاينة الإدارة الزراعية واستخلص منها أن الواقعة محل الاتهام حدثت بتاريخ سابق على الذي حدده المجني عليه الذي توجد خلافات بينه وبين المتهم، وهو استدلال سائغ لا شائبة فيه. ومن ثم، فإن المنازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع أوراق الدعوى ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.

10 – لما كان ما تعيبه الطاعنة على الحكم الصادر بالبراءة من أنه لم يدل برأيه في الدليل المستمد من أقوال شاهد الواقعة بمحضر الضبط مردوداً بأن قضاء الحكم على ما كشف عنه منطقه قد أقيم في جملته على الشك في صحة الواقعة برمتها فلم تعد بالحكم حاجة من بعد إلى مناقشة هذا الدليل.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده أنه اقتلع أشجاراً مملوكة لـ….. على النحو المبين بالأوراق وطلبت عقابه بالمادة 367/ 3 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه قبل المتهم مدنياً بإلزامه أن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح مركز……… قضت حضورياً بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة مائتي جنيه لإيقاف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة…. الابتدائية “بهيئة استئنافية” قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية.
فطعن كل من النيابة العامة والأستاذ/ …… المحامي عن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض… إلخ.

المحكمة

أولاً: الطعن المقدم من المدعي بالحقوق المدنية:
حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 18 من إبريل سنة 1993 ولم يقرر فيه المدعي بالحقوق المدنية بطريق النقض ويقدم أسباب طعنه إلا بتاريخ 19 من يونيو سنة 1993، متجاوزاً في ذلك الميعاد المقرر في القانون، مما يجعل طعنه في الأصل غير مقبول شكلاً، إلا أن النظر في شكل الطعن إنما يكون بعد الفصل في جوازه، لما كان ذلك، وكانت المادة 266 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن يتبع في الفصل في الدعاوى المدنية أمام المحاكم الجنائية الإجراءات المقررة في قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فإن الدعوى المدنية تخضع أمام القضاء الجنائي للقواعد المقررة في قانون الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بالمحاكمة والأحكام وطرق الطعن فيها.

ولما كانت المادة 403 من قانون الإجراءات الجنائية أجازت للمدعي بالحقوق المدنية استئناف الأحكام الصادرة في الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى الجنائية فيما يختص بالحقوق المدنية وحدها – إذا كانت التعويضات المطالب بها تزيد عن النصاب الذي يحكم به القاضي الجزئي نهائياً – فلا يجوز للمدعي بالحقوق المدنية أن يستأنف الحكم الصادر ضده من المحكمة الجزئية متى كان التعويض المطالب به لا يجاوز النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي ولو شاب الحكم خطأ في تطبيق القانون أو تأويله،

وكانت هذه القاعدة تسري ولو وصف التعويض المطالب به بأنه مؤقت. لما كان ذلك، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أنه حيث ينغلق باب الطعن بطريق الاستئناف لا يجوز من باب أولى الطعن بطريق النقض. لما كان الطاعن – المدعي بالحقوق المدنية – ادعى مدنياً بمبلغ 51 جنيه فقط – مع سريان تعديل المادة 42/ 1 من قانون المرافعات بالقانون رقم 23 لسنة 1992 يجعل النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي مبلغ خمسمائة جنيه – فإنه لا يجوز له الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه، طالما أن التعويضات المطلوبة في حدود النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي – ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة الدرجة الثانية بعد أن استأنف المتهم الحكم الابتدائي القاضي بالإدانة والتعويض، ذلك أن قضاء المحكمة الاستئنافية ليس من شأنه أن ينشئ للمدعي مدنياً حقاً في الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر في الدعوى المدنية متى امتنع عليه حق الطعن بطريق الاستئناف. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون غير جائز مع إلزام المدعي بالحقوق المدنية المصاريف ومصادرة الكفالة.

ثانياً: الطعن المقدم من النيابة العامة:
من حيث إنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن ما حصله يدل على أن المحكمة واجهت عناصر الدعوى وأحاطت بها على وجه يفصح عن أنها فطنت إليها، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى. ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق، وأن تقدير أقوال الشهود متروك لمحكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها بغير معقب، وأن الأصل في تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع، كما أنه يكفي في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي تقضي له بالبراءة، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل،

ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في عناصر الاتهام. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه إلى ما جاء بمعاينة الإدارة الزراعية واستخلص منها أو الواقعة محل الاتهام حدثت بتاريخ سابق على الذي حدده المجني عليه الذي توجد خلافات بينه وبين المتهم، وهو استدلال سائغ لا شائبة فيه – ومن ثم فإن المنازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع أوراق الدعوى ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، كما أن ما تعيبه الطاعنة على الحكم من أنه لم يدل برأيه في الدليل المستمد من أقوال شاهد الواقعة بمحضر الضبط مردوداً بأن قضاء الحكم على ما كشف عنه منطقه قد أقيم في جملته على الشك في صحة الواقعة برمتها فلم تعد بالحكم حاجة من بعد إلى مناقشة هذا الدليل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن المقدم من النيابة العامة يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.