السلام عليكم

لي زميل أخذ عطلة بدون أجر لمدة 3 أشهر و بعد إنقضاء المدة لم يرجع لمباشرة العمل مع العلم أنه يشتغل بالوظيفة العمومية.

قامت الإدارة بمراسلته بعد 3 أيام من إنقضاء العطلة بدون أجر من أجل الرجوع إلى العمل لكنها لم تتحصل على الرد.

ثم قامة بعد ذلك بإرسال إرسالية مضمونة الوصول لحثه على الإتصال بالإدارة لتسوية وضيعته لكن المراسلة رجعت.

ثم قامة الإدارة بإرسال فريق إلى محل سكناه الموجود ظمن ملفه الإداري و البتحري مع زوجته و والده إتضح للفريق أنه مفقود.

حيث أن والده أعلمنا أنه أخذ العطلة بدون أجر للذهاب إلى سورية كما أعلمنا أن أخباره قد إنقطع منذ حولي شهرين و بالأرجح أنه توفي لكنه لا يملك حجة وفاة

إن الإدارة تريد عزله و شطب إسمه من الوظيفة.

أمام هذا المشكل فما هو القرار الإداري السليم الذي يمكن أن تتخذه الإدرة في هذا الموضوع ؟

و السلام

الإجابة

رأيى الشخصى 

فى اعتقادى أن على الإداره تنتظر إلى أن يعود أو يرفع الأمر فى هذه الحالة إلى القضاء وهو الذي يفصل .

لمفقود لغةً اسم مفعول مشتق من الفقد ، وهو من فقد الشيء يفقده فقداً وفقداناً وفقوداً ، يقال : فقد الشيء اذا عدمه ، فهو مقيد ومفقود . والفاقد من النساء التي مات زوجها او ولدها ، وافتقده وتفقده طلبه عن غيبته وكذلك الافتقاد(1).ومنه قوله تعالى في التنزيل : { وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ }(2).أما المفقود في الاصطلاح فانه قد عرف بتعاريف متعددة ، متقاربة في المضمون وان اختلفت في الصياغة ، فقال فقهاء الاحناف : المفقود غائب لم يدر موضعه وحياته وموته ، واهله في طلبه يجدون وقد انقطع عنهم خبره وخفي عليهم اثره وبالجد ربما يصلون الى المراد ، وربما يتأخر اللقاء الى يوم التناد(3).وعرفه بعض فقهاء المالكية بانه :- من انقطع خبره وممكن الكشف عنه(4). ويخرج عن هذا التعريف الاسير في دار الحرب والمحبوس الذي يستطاع الكشف عنه فلا يجري عليهما حكم المفقود عندهم حتى لو جهل حالهما . ويعرفه البعض الاخر منهم بانه الغائب الذي لا يدرى مكانه ولا حياته ولا موته ، وقد فسر البعض هذا التعريف بانه صريح في اشتراط الجهل بالمكان فيكون التعويل عليه(5). أما الجمهور فقد ذهبوا الى ان المفقود هو الغائب الذي انقطع خبره ولا يعلم حاله أهو حي ام ميت ، وهم الحنفية(6). والشافعية(7).وكذلك عرفه الحنابلة بما يقرب من هذا التعريف ، حيث من مجمل عبارات فقهاء الحنابلة يتبين ان المفقود هو الغائب الذي فقد وانقطع خبره فلم يعلم له موضع ، ولم تدر حياته ولا موته ، وكان ظاهر غيبته الهلاك(8). إذن فإن المفقود – في نظر غالبية الفقه – هو الشخص الذي انقطع خبره بحيث لا يعلم أحي هو أم ميت ، ولا يمكن الحكم عليه بأي من الامرين ، فعنصر الشك الذي يكتنف مصير الشخص ، لا الجهل بمكانه ، هو الذي يجعل هذا الشخص مفقوداً ، وآية ذلك هو ما قرره أغلب الفقهاء من ان المسلم الذي يأسره العدو ولا يدرى أحي هو أم ميت يعتبر مفقوداً على الرغم من ان مكانه معلوم وهو دار الحرب(9). بل ولو كان مكانه من دار الحرب معلوماً على وجه التحديد. فالعبرة اذن ليست بالجهل بالمكان ، وانما بالجهل بحالة الشخص من حيث الحياة أو الوفاة ، وان كان الغالب ان يكون الجهل بتلك الحالة مقترناً بالجهل بالمكان الذي يتواجد فيه الشخص ، والعكس بالعكس .وعليه لكي يعتبر الشخص مفقوداً فانه يجب ان تتوافر فيه ثلاثة شروط هي:
1.ان يكون الشخص غائباً ، وغيابه هذا لم يعرف له مقام ، سواء غادر بلده الى بلد غير معلوم ، ام لم يغادره ، او خرج الى الحرب ولم يعد ، او غاب بعد كارثة من الكوارث الطبيعية ، كالزلازل او الحرائق او غيرها .
2.ان ينقطع خبره ، أي ان لا يبلغ ذويه شيء مما هو صادر عنه ، فيجهلون محل اقامته ، وكل معلومة عنه .
3.ان لا تعلم حياته او مماته ، أي انه لا يمكن التحقق من مصيره فيما اذا كان حياً او ميتاً .
فهذه اذن هي الشروط الواجب توافرها في الشخص لينطبق عليه وصف المفقود ، فاذا ما انعدمت هذه الشروط ، او انعدم احدها فان الشخص لا يعد مفقوداً. وان كان قد يوصف بوصفٍ اخرٍ ، غالباً ما يكون هو الغائب . فالغائب وفقاً للتعريف السائد في الفقه الحديث ، هو من ترك وطنه راضياً او مرغماً ، واستحال عليه ادارة شؤونه بنفسه او الاشراف على من يديرها نيابةً عنه ، مما ترتب عليه تعطيل مصالحه ومصالح غيره ، ويستوي في ذلك ان تكون حياته محققة ام غير محققة(10).فهو وفقاً لهذا التعريف ، يشمل المفقود الذي لا تعلم حياته او وفاته ، ويشمل أيضاً الشخص الذي تكون حياته محققة ، ولكن تعذر عليه مباشرة شؤونه او الاشراف على من يباشرها وذلك لبعده عن وطنه . وعليه فان الغيبة تكون اعم من الفقد ، وان كل مفقودٍ يعتبر غائباً ، ولكن العكس ليس بصحيح ، فلا يعد كل غائبٍ مفقوداً .واذا كانت التفرقة بين الغائب والمفقود قد أهملت في الفقه الحنفي(11). إلا ان اغلبية المذاهب الاخرى قد فرقت بينهما تفرقة واضحة لا لبس فيها ، فقد صنف فقهاء المالكية الغائبين في خمس طوائف ، وميزوا بين المفقود الذي لا يعلم مكانه والغائب الذي يعرف مكانه ، وقرروا بالنسبة الى الأخير انه يحق لزوجته رفع امرها الى الحاكم الذي يكون عليه ان ينذره بالمجيء او بنقلها اليه او بالطلاق ، فان لم يتمثل لهذا الاعذار طلقها عليه الحاكم . أما زوجة المفقود فقد وضعوا لها احكاماً اخرى تختلف باختلاف الظروف التي يتم فيها الفقد(12).وكذلك يفرق فقهاء المذهب الحنبلي بين المفقود الذي لا تعلم حياته او وفاته، وبين من كانت غيبته غير منقطعة بحيث يمكن الوقوف على خبره ، فلا يبيحون لزوجة الاخير ان تتزوج الا استناداً الى احد السببين وهما :-
أولاً: اذا تعذر الانفاق عليها من ماله ، حيث يكون لها عندئذٍ فسخ عقدة النكاح باذن الحاكم ، وذلك لتعذر الانفاق عليها بالاستدانة او غيرها .
ثانياً: اذا تضررت من بعده عنها بأن كانت تخشى على نفسها الفتنة ، حيث يكون لها ان تطلب الفسخ بعد مضي اربعة اشهر من غيابه اذا كان قد قصد بذلك الاضرار بها وطلبت الفئة وأبى . أما اذا لم يقصد الاضرار بها ولكن غيابه كان بغير عذرٍ وزادت مدته على ستة أشهر ، فيكون لها الحق في طلب الفسخ اذا دعته للقدوم ولم يحضر(13). ولقد تبنى المشرع المصري هذا الرأي ، فميز بين المفقود والغائب ، وخص كلاً منهما بعدة احكام تضمنها القانون المرقم 25 لسنة 1920م ، والقانون المرقم 25 لسنة 1929م والمعدل بالقانون المرقم 103 لسنة 1958م هذا فضلاً عن المرسوم بقانون رقمه 119 لسنة 1952م الخاص بالولاية على المال . وقد أحالت المادة (32) من القانون المدني المصري صراحة الى هذه القوانين حين قالت : ” يسري في شأن المفقود والغائب الاحكام المقررة في قوانين خاصة ، فإن لم توجد فأحكام الشريعة الاسلامية ” . فأما الغائب فان الاحكام التي تخصه تتعلق بأمرين ، الاول هو جواز تعيين المحكمة وكيلاً عنه لرعاية مصالحه اذا طالت غيبته لأكثر من سنة ، وبديهي ان هذه السلطة الجوازية لا محل لها عندما يثبت لها استحالة تولي الغائب لشؤون نفسه ، او عدم امكانية مراقبته واشرافه على من ينيبه لادارتها . ويستوي في ذلك ان يكون للغائب موطن او محل اقامة داخل مصر او خارجها. والثاني هو جواز طلب زوجته الطلاق منه لدى القاضي اذا طالت غيبته مدة سنة فأكثر دون عذرٍ مقبولٍ ، طلاقاً بائناً بينونة صغرى ، بمعنى ان حكم القاضي بالطلاق يحول دون الزوج الغائب والعودة الى زوجته الا بعقد ومهر جديدين ولا يصدر القاضي حكمه الا بعد دراسة لجوانب النزاع واتصاله – عند الامكان – بالزوج ليبدي خلال اجل معين عذره المانع من العودة فاذا لم يجب او تعذر الاتصال به صدر الحكم بالطلاق في غيبته (14).وأما المفقود فان المشرع في هذه القوانين قد خصه باحكام متميزة عن احكام الغائب نظراً الى اختلاف الظروف المحيطة بكل منهما ، وفرق بين نوعين من انواع الفقد ، الفقد في ظروف يغلب فيها الهلاك ” ومثال ذلك حالة فقدان الطائرة او الباخرة التي كان يستقلها الشخص او تهدم المسكن الذي كان يقطنه بفعل الغارات العسكرية او دمار المدينة التي كان يقيم فيها على اثر انفجار بركان او حدوث زلزال (15). ويميز القانون في هذا الفرض بين حالتين : الاولى :- حالة المدني ، وهي انه اذا كان المفقود مدنياً ، فان القاضي المدني هو الذي يكون مختصاً بأمره .والثاني :- حالة العسكري ، وهي انه اذا كان المفقود عسكرياً ، فان وزير الحربية هو الذي يكون مختصاً بأمره(16).والنوع الثاني : الفقد في ظروف لا يغلب فيها الهلاك ، ومثال ذلك السفر لطلب العلم او التجارة او السياحة ، وفي هذا الفرض أطلق المشرع يد القاضي في تحديد مدة الفقد على اساس ان هذه الغيبة للشخص يظن معها بقاؤه سالماً . أما عن احكام الغائب والمفقود في قانون الاحوال الشخصية السوري المرقم 59 لسنة 1953م ، فإن القانون المدني السوري قد أحال اليه هذه الاحكام(17). وهو بدوره عرف المفقود بقوله ” المفقود هو كل شخص لا تعرف حياته او مماته ، او تكون حياته محققة ولكنه لا يعرف له مكان وعرف الغائب بقوله ” يعتبر كالمفقود ، الغائب الذي منعته ظروف قاهرة من الرجوع الى مقامه او ادارة شؤونه بنفسه او بوكيل عنه مدة أكثر من سنة وتعطلت بذلك مصالحه او مصالح غيره “(18).اذن فالغائب هو أحد ثلاثة اشخاص وهم من لا تعرف حياته او مماته ، ومن كانت حياته محققة ولكن لا يعرف له مكان ، ومن منعته ظروف قاهرة من الرجوع الى مقامه . وجاء في المادة (204) من القانون انه ” اذا ترك المفقود وكيلاً عاماً تحكم المحكمة بتثبيته متى توافرت فيه الشروط الواجب توافرها في الوصي ، والا عنيت له وكيلاً قضائياً ” .وتنتهي مهمة الوكيل القضائي اما بعودة المفقود ، او بعزله اذا وجدت فيه اسباب عزل الاوصياء كالخيانة او سوء التصرف ، او بوفاة المفقود حينما يتأكد ذلك بالبينات والادلة فتنهي مهمة الوكيل ويسلم الورثة اموال المفقود (19). أما المشرع التونسي فقد عرف المفقود بقوله ” يعتبر مفقوداً كل من انقطع خبره وممكن الكشف عنه حياً ” ، أي انه اخذ برأي فقهاء المالكية في تعريف المفقود . ثم ذكر بعد ذلك بعض احكام المفقود فقال ” اذا فقد الانسان ولم يكن له وكيل فان الحاكم يحصر ماله ويقدم من قرابة المفقود او غيرهم من ينظر فيه تحت اذنه الى ظهور موته من حياته او يصدر الحكم بفقدانه ” وقال ” اذا كان للمفقود وكيل قبل غيابه لا ينعزل الوكيل الا بعد الحكم بالفقدان (20). وأما عن قانون الاسرة الجزائري ، فانه قد عرف المفقود أيضاً ، فنص “المفقود هو الشخص الغائب الذي لا يعرف مكانه ولا يعرف حياته او موته ولا يعتبر مفقوداً الا بحكم ” و ” الغائب الذي منعته ظروف قاهرة من الرجوع الى محل اقامته او ادارة شؤونه بنفسه او بواسطة مدة سنة وسبب غيابه في ضرر الغير يعتبر كالمفقود ” و ” على القاضي عندما يحكم بالفقد ان يحصر أموال المفقود وان يعين في حكمه مقدماً من الاقارب او غيرهم لتسيير أموال المفقود ” و” لزوجة المفقود او الغائب ان تطلب الطلاق بناءً على الفقرة الخامسة من المادة 53 من هذا القانون “(21).وأخيراً ، فقد جاء موقف قانون الاحوال الشخصية اليمني من المفقود والغائب مشابهاً لموقف المشروع العربي الموحد لقانون الاحوال الشخصية منهما، بحيث جاءت نصوصهما متطابقة ، والتي هي :-
” 1- الغائب هو الشخص الذي لا يعرف موطنه ولا محل اقامته .
2- المفقود هو الغائب الذي لا تعرف حياته ولا وفاته . ”
و” اذا لم يكن للغائب ، او المفقود وكيل يعين له القاضي مقدماً لادارة أمواله ” و ” تحصى أموال الغائب او المفقود ، عند تعيين مقدم عليه ، وتدار وفق ادارة اموال القاصر. ”
و ” ينتهي الفقدان في الحالات التالية :
عودة المفقود حياً .
ثبوت وفاته .
الحكم باعتباره ميتاً . “(22).
أما عن احكام المفقود في التشريع العراقي ، فان القانون المدني العراقي المرقم (40) لسنة 1951م كان قد أحال هذه الاحكام الى قانون الاحوال الشخصية، وذلك بقوله ” 1- من غاب بحيث لا يعلم أحي هو أم ميت يحكم بكونه مفقوداً بناءً على طلب كل ذي شأن . 2- وأحكام المفقود تخضع لقانون الاحوال الشخصية “(23). ومع ذلك ، فقد سكت قانون الاحوال الشخصية العراقي المرقم 88 لسنة 1959م ، والتعديلات اللاحقة به ، عن تنظيم احكام المفقود وهذا نقص تشريعي واضح . الا انه قد تم تدارك هذا النقص التشريعي ، وذلك بقانونٍ خاصٍ ، صدر في الولاية والوصاية ، وهو قانون رعاية القاصرين المرقم (78) لسنة 1980م . حيث نظم هذا القانون احكام المفقود ، فأفرد له المواد (85-99) ، فجاء في المادة (85) منه : ” الغائب هو الشخص الذي غادر العراق او لم يعرف له مقام فيه مدة تزيد على السنة دون ان تنقطع اخباره وترتب على ذلك تعطيل مصالحه او مصالح غيره ” ، وجاء في المادة (86) منه ” المفقود هو الغائب الذي انقطعت اخباره ولا تعرف حياته او مماته ” ، و ” يتم الاعلان عن حالة المفقود بقرار من المحكمة ، ويقوم قرار وزير الدفاع او وزير الداخلية مقام قرار المحكمة بالنسبة الى افراد القوات المسلحة وقوى الامن الداخلي . ويلغى الاعلان اذا ظهر دليل على حياة المفقود “.
” اذا لم يكن للغائب او المفقود وكيل عينت المحكمة قيماً عليه ” و ” يسري على القيم ما يسري على الوصي من احكام الا ما يستثنى بنصٍ خاصٍ ” . هذا و ” تحرر أموال المفقود ، أو الغائب عند تعيين قيم عليه ، وتدار اموالهما على غرار اموال الصغير ” وإذا ما ” عنيت المحكمة قيماً لإدارة اموال الغائب او المفقود فيكون القيم تحت اشراف مديرية رعاية القاصرين أما عند “عدم وجود قيم على المفقود فتكون مديرية رعاية القاصرين هي المختصة بادارة أمواله وفقاً لاحكام هذا القانون ” وتنتهي الغيبة أخيراً إما ” بزوال سببها او بموت المفقود او بحكم من المحكمة المختصة باعتباره ميتاً “(24). واستناداً الى ما تقدم ، فان التشريع العراقي لم يخالف ما استقر عليه الفقه الاسلامي من تعريف للغائب والمفقود ، ولا فيما يتعلق بهما من احكام ، وكذلك لم يخالف الاتجاه الراجح للتشريعات المقارنة فيما يخص هذا الشأن .