عقوبة التحرش الجنسي في القانون العماني

إعادة نشر بواسطة محاماة نت 

” ..ألزم القانون العماني، كل من شهد أوعلم بموضوع جريمة التحرش أو هتك العرض، إخطار الجهات المختصة وما إن وصلت الجريمة إلى علم مأمور الضبط القضائي، أصبح ملزما بإخطار الادعاء العام، الذي عليه وجوب التحقيق في الجرائم محل الاتهام، وإذا ثبتت الجريمة على المتحرش، فمن المؤكد سوف ينال عقابه، لأن الجريمة المشار إليها تعد من الدعاوى العمومية، وهي اختصاص أصيل للادعاء العام.”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لوقت طويل يعتبر التحرش الجنسي، أحد المحرمات التي يصعب التحدث فيها أو تداولها عبر وسائل الإعلام حرصا على الآداب العامة، حفاظا على التقاليد الأخلاقية الراسخه، لكن لم يعد هناك مبرر لتجاهل التحرش أو التظاهر بعدم وجوده، كونه من الجرائم الصامتة التي يندر الإبلاغ عنها، وأيضا لاتوجد بشكل واضح ولم تشكل ظاهرة، لكنها أحيانا النفس الأمارة بالسوء والتي تتواجد في كافة المجتمعات قاطبة، وتسبب الأذى النفسي لقطاعات في المجتمع، ولخصوصية الموضوع تواصلت مع أهل الاختصاص، وقد أفادني الصديق الأستاذ ناصر بن عبد الله الريامي مساعد المدعي العام، بكم من المعلومات وكذلك المادة القانونية التي ارتكز عليها هذا المقال.

بداية لايوجد في قانون الجزاء العماني، مصطلح تحرش بالنسبة للمرأة، واستخدمت بالقول الصريح في قانون الطفل فقط ، لكن استخدمت كلمة إهانة كرامة أو هتك العرض أو الفعل الفاضح ، ونادرا ما تشهد ساحات المحاكم قضايا تحرش جنسي بالنسبة للمرأة، لثوابت التقاليد الأخلاقية الراسخة في المجتمع العماني، أيضا المرأة في المجتمع وكبقية المجتمعات المحافظة، تشعر بالخزي والعار، من رفع قضية ضد من يتحرش بها، وكمثل أي مجتمع بشري، تتعرض المرأة للتحرش في مواقع العمل، وتبدأ غالبا أثناء المقابلات الوظيفية، ومن ثم ملاحقتهن بالاتصال على هواتفهن بغرض التحرش، وتتعقد المشكلة إذا كانت المرأة على رأس العمل، وتتعرض للمعاكسات أو التحرش المباشر، وقد اقترفت تلك الأفعال المنحدرة لفترات طويلة، لكن تجبن المرأة وتستحي الإفصاح عنها، خوفا من نظرات المجتمع، التي لاتنحاز للمرأة كونها في نظرهم، السبب دائما في إثارة الرجل، وقد لايعلم الكثير أن القضاء العماني، لديه من المواد القانونية الحازمة والناجعة، التي تحافظ على كيان المرأة وعلى خصوصيتها، وعن طريق جلسات مغلقة تتم المحاكمة، وردع الجاني حال ثبوت الأدلة.

وقد ألزم القانون العماني، كل من شهد أوعلم بموضوع جريمة التحرش أو هتك العرض، إخطار الجهات المختصة وما إن وصلت الجريمة إلى علم مأمور الضبط القضائي، أصبح ملزما بإخطار الادعاء العام، الذي عليه وجوب التحقيق في الجرائم محل الاتهام، وإذا ثبتت الجريمة على المتحرش، فمن المؤكد سوف ينال عقابه، لأن الجريمة المشار إليها تعد من الدعاوى العمومية، وهي اختصاص أصيل للادعاء العام.

وعامة تتعرض المرأة للتحرش، في محيط العمل وتخشى المرأة العاملة فقدان الوظيفة، أو انتقام المتحرش سواء كان المدير أو صاحب العمل أو الزميل، وحتى لاتتفاقم الأمور تفضل الصمت والسكوت، وتتفاقم الأمور سوءا، إذا كان التحرش من الأهل أو الأقارب، وقد لايعلم البعض أنه ولحماية الآداب العامة، أقر قانون الجزاء العماني، أن كل من يواقع أنثى (حتى ولو برضاها)، دون أن يكون بينهما عقد زواج، يعاقب السجن بمدة لاتقل عن ستة أشهر، ولاتزيد عن ثلاث سنوات، وتعاقب الأنثى بالعقوبة نفسها، وتزداد العقوبة إذا كان أحدهما متزوجا.

كذلك تغلظ العقوبة، بأن يعاقب بالسجن مدة لاتقل عن عشر سنوات ولاتزيد عن خمس عشر عاما، كل من واقع ذكرا أو أنثى بغير رضا أو إذا كان المجنى عليه مصابا إصابة بدنية أو عقلية، تجعله عاجزا عن المقاومة، أو إذا كان الجاني من المتولين تربية الواقع عليه الجريمة، أو كان عاملا لديه بأجر، وقد تصل العقوبة إلى حد الإعدام، حال جريمة هتك العرض حدثت بين المحارم حرمة مؤيدة، (طبقا للمادة 260)، إذا القانون العماني لايرحم أو يتساهل في مثل تلك الجرائم اللاخلاقية والتي تسبب الأذى النفسى لأفراد المجتمع.

عندما نصل إلى الطفل، هنا يستخدم القانون العماني لفظة التحرش الجنسي للأطفال بشكل صريح ، كونهم الحلقة الأضعف في المجتمع، وفي هذا الشأن أمدني الأخ ناصر الريامى برسالة صوتية من موظفة المعمل الجنائي بالادعاء العام، تناشد الآباء والأمهات بعدم ترك أطفالهم مع الخدم أو السائقين بدون متابعة وملاحظة دقيقة، فقد وصلت إلى المكتب الجنائي حالات هتك عرض أطفال تسبب فيها سائق الأسرة.

ولاشك أن هاجس التحرش يطارد الأمهات يوميا، والخطر قد لايكون من الغريب فقط، ولكن قد يكون بين جدران المنازل نفسها، وتشكل الأيدي العاملة الوافدة الخطر الأكبر، وخاصة الأماكن القريبة من محال البقالة، أو الخروج مع السائق إلى المدارس أو إلى الأسواق، وبدون رقابة من الأم تحدث الكارثة، وتتفاقم الأمور بأن تفسد نفسية الطفل، ويتحول إلى منتقم عند الكبر. لذا أقر القانون العماني، عقوبة رادعة لصد أية أفعال ضد الطفل مثل الاغتصاب أو هتك العرض أو التحرش ، فقد أقرت المادة 72 من قانون الطفل، أن يعاقب بالسجن مدة لاتقل عن خمس سنوات، ولاتزيدعن خمسة عشر عاما، وبغرامة لاتقل عن خمسة آلاف ريال ولاتزيد عن عشرة آلاف ريال لكل من يرتكب مثل هذه الجرائم.

إن حاجز الخوف من الفضيحة وتجنب نظرات المجتمع، دفعت الكثير للتنازل عن تلك الجرائم، وعدم الوصول بها إلى ساحات العدالة، مكتفين بطرد الجاني أو الابتعاد عنه، متناسين أن هذا الفعل الشاذ والمخجل يسبب تدهور الحالة النفسية للطفل إلى أجل غير مسمى، ويجب أن تتكاتف الأسرة والمجتمع جميعا، في كيفية إزالة آثار تلك الجرائم النفسية، وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، يمكن خلق جيل واعٍ قادر على مجابهة هذا النوع من الجرائم الصامتة والقاتلة، والتي تستهدف المرأة باستغلال حيائها وضعفها، وتستهدف الطفل باغتيال براءته وطفولته.

إذًا كان قانون الجزاء العماني جاهزا، للردع وإنزال أقصى العقوبة ، على من تسول له نفسه الدنيئة ممارسة هذه الأفعال الدنيئة، فأولى بنا جميعا أن نكسر حاجز الصمت والخوف، والتستر وراء العيب ومن الفضيحة، فكل هذا يسبب المزيد من التحرش ، والمزيد من الأفعال الفاضحة ويشجع زبالة البشر على إهانة كرامة المرأة والطفل في كافة المجتمعات …..إن الردع والعقاب والقصاص، تشريع يكفل للمجتمع صون أبنائه من عبث المنحرفين.