عدم دستورية الانتخاب بالقائمة

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة 16 من مايو سنة 1987.

برئاسة السيد المستشار/ محمد على بليغ رئيس المحكمة

وحضور السادة المستشارين/ محمود حمدى عبد العزيز وممدوح مصطفى حسن ومنير أمين عبد المجيد ورابح لطفى جمعة وفوزى أسعد مرقس ومحمد كمال محفوظ.

وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عمارة المفوض

وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 131 لسنة 6 قضائية ” دستورية” .

“الإجراءات”

بتاريخ 23 ديسمبر سنة 1984 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 114 لسنة 1983 والفقرة الخامسة من المادة 24 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية المعدل بالقانون رقم 46 لسنة 1984.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى واحتياطياً باعتبار الخصومة منتهية ومن باب الاحتياط الكلى برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.

ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

“المحكمة”

بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة.

حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 3608 لسنة 38 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى طالباً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رقم 139 لسنة 1984 بدعوة الناخبين إلى انتخاب أعضاء مجلس الشعب وقرار وزير الداخلية رقم 293 لسنة 1984 بفتح باب الترشيح لعضوية مجلس الشعب وقرار مدير أمن القاهرة فى 14/4/1984 برفض قبول أوراق ترشيحه لعضوية مجلس الشعب، والحكم فى الموضوع أصلياً بإلغاء القرارات الثلاثة المطعون عليها لبطلانها واحتياطياً بوقف القرار الصادر بقبول القوائم الحزبية للمرشحين وبإجراء الانتخابات وتقسيم الدوائر الانتخابية طبقاً للقانون رقم 114 لسنة 1983 المشار إليه، وبجلسة 8 مايو سنة 1984 حكمت محكمة القضاء الإدارى أولاً بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الطعن فى قرار رئيس الجمهورية رقم 139 لسنة 1984

وثانياً بالنسبة لباقى الطلبات برفض طلب وقف تنفيذها، فطعن المدعى على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 1939 لسنة 30 قضائية ودفع بعدم دستورية القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 114لسنة 1983 فرخصت له المحكمة فى رفع دعواه بعدم الدستورية فأقام الدعوى الماثلة، كما أقام بعد ذلك الدعوى رقم 2319 لسنة 41 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى طالباً الحكم بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا له تعويضاً قدره مائة ألف جنيه جبراً للأضرار التى حاقت به بسبب القرارات المطلوب إلغائها.

وحيث إن الأستاذ …… المحامى قدم أثناء تحضير الدعوى أمام هيئة المفوضين طلباً بقبول تدخله فى الدعوى الدستورية خصماً منضماً للمدعى فى طلباته وبجلسة 3 يناير سنة 1987 طلب كل من الأساتذة المحامين………………….. قبول تدخلهم منضمين للمدعى فى طلباتهم.

وحيث إنه يشترط لقبول التدخل الانضمامى طبقاً لما تقضى به المادة 126 من قانون المرافعات أن يكون لطالب التدخل مصلحة شخصية ومباشرة فى الانضمام لأحد الخصوم فى الدعوى. ومناط المصلحة فى الانضمام بالنسبة للدعوى الدستورية أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين مصلحة الخصم المتدخل وذلك فى ذات الدعوى الموضوعية التى أثير الدفع بعدم الدستورية بمناسبتها وأن يؤثر الحكم فى هذا الدفع على الحكم فيها. لما كان ذلك ولم يكن أى من طالبى التدخل فى الدعوى الدستورية طرفاً أصيلا أو متدخلاً فى الدعوى الموضوعية ولم تثبت لأيهم تبعاً لذلك صفة الخصم التى تسوغ اعتباره من ذوى الشأن فى الدعوى الدستورية فإنه لا تكون لهم مصلحة فى الدعوى الماثلة ويتعين لذلك الحكم بعدم قبول تدخلهم.

حيث إنه عن الطلب العارض المبدى من المدعى للحكم بعدم دستورية القانون رقم 188 لسنة 1986 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب وتعديلاته، وطلبه الثانى للحكم بوقف سريان هذا القانون ووقف انتخابات مجلس الشعب التى كان محدداً لها يوم 6 أبريل لسنة 1987 إلى حين الفصل فى طلبه الأول فإنه لما كانت ولاية هذه المحكمة فى الدعاوى الدستورية لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالاً قانونياً طبقاً للأوضاع المقررة فى المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48لسنة 1979 التى رسمت سبل التداعى فى شأن الدعاوى الدستورية وليس من بينها سبيل الدعوى الأصلية أو الطلبات العارضة التى تقدم إلى المحكمة مباشرة طعناً فى دستورية التشريعات، وكان الطلبان المشار إليهما قد أثار المدعى أولهما فى مذكرته المقدمة فى 11فبراير سنة 1987 وثانيهما فى مذكرته المقدمة لجلسة 7/3/1987 كطلبين عارضين ينطويان على طعن مباشر بعدم دستورية القانون رقم 188 لسنة 1986 وهو ما لا يقبل منه على ما سلف بيانه، ومن ثم يتعين الالتفات عنهما.

وحيث إن الحكومة دفعت بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى تأسيساً على أن العدول عن نظام الانتخاب الفردى إلى نظام الانتخاب بالقوائم الحزبية بموجب القانون رقم 114 لسنة 1983 المطعون عليه المعدل للقانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب هو من المسائل السياسية إذ يتصل بالنظام السياسى الداخلى الذى أصبح بعد تعديل المادة الخامسة من الدستور فى 22 مايو سنة 1980 يقوم على أساس تعدد الأحزاب ومن ثم ينأى هذا العدول عن رقابة المحكمة الدستورية العليا ويخرج عن اختصاصها هو وما استتبعه من تعديل فى عدد الدوائر الانتخابية وتنظيم عملية الترشيح وتوزيع الأصوات وتوزيع المقاعد فى المجلس النيابى وفقاً لنتيجة الانتخاب.

وحيث إن هذا الدفع مرود بأن القانون رقم 114 لسنة 1983 بتعديل القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب وقد صدر فى شأن يتعلق بحق التشريح لعضوية مجلس الشعب، وهو الحق الذى عنى الدستور بالنص عليه وعلى كفالته والذى ينبغى على سلطة التشريع ألا تنال منه وإلا وقع عملها مخالفاً للدستور، فإن القانون المذكور لا يكون قد تناول مسائل سياسية تنأى عن الرقابة الدستورية على نحو ما ذهبت إليه الحكومة، ويكون الدفع المبدى منها بعدم اختصاص المحكمة قائماً على غير أساس متعيناً رفضه.

وحيث إن الحكومة طلبت فى مذكرتها الختامية الحكم بانتهاء الخصومة تأسيساً على أن المدعى إذ يستهدف من دعواه الموضوعية قبول أوراق ترشيحه لعضوية مجلس الشعب الذى صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 46 لسنة 1987 بتاريخ 14 فبراير سنة 1987 بحله فإن الدعوى الموضوعية بعد حل هذا المجلس تصبح غير ذات موضوع وتكون الخصومة فى الدعوى الدستورية بالتالى منتيهة.

وحيث إن تعديل بعض أحكام القانون رقم 114 لسنة 1983 – المطعون فيه – بمقتضى القانون رقم 188لسنة 1986 ، الذى تلاه صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 46 لسنة 1987 بحل مجلس الشعب، لا يحول دون النظر والفصل فى الطعن بعدم الدستورية من قبل من طبق عليهم القانون رقم 114لسنة 1983 المعدل للقانون رقم 38 لسنة 1972 خلال فترة نفاذه وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليهم وبالتالى توافرت لهم مصلحة شخصية ومباشرة فى الطعن بعدم دستوريته، ذلك أن الأصل فى تطبيق القاعدة القانونية أنها تسرى على الوقائع التى تتم فى ظلها أى خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى تاريخ إلغائها، فإذا ألغيت هذه القاعدة وحلت محلها قاعدة قانونية أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسرى من الوقت المحدد لنفاذها ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها،وبذلك يتحدد النطاق الزمنى لسريان كل من القاعدتين، ومن ثم فإن المراكز القانونية التى نشأت وترتبت آثارها فى ظل القانون القديم تخضع لحكمه وحده.

لما كان ذلك وكان القانون رقم 114 لسنة 1983 المطعون فيه قد طبق على المدعى وأعملت فى حقه أحكامه إذ حرمه من حق التشريح لعضوية مجلس الشعب وظلت آثاره وهى بقاؤه محروماً من حق الترشيح لعضوية مجلس الشعب – قائمة بالنسبة إليه طوال مدة نفاذه. وكانت الدعوى الموضوعية لازالت مطروحة أمام محكمة القضاء الإدارى بما تضمنته من طلبات ترتكز جميعها على الطعن بعدم دستورية القانون 114 لسنة 1983 المعدل للقانون رقم 38 لسنة 1972 ويعتبر هذا الطعن أساساً لها. ومن ثم فإن مصلحة المدعى فى الدعوى الدستورية الماثلة تظل قائمة، ويكون طلب الحكم باعتبار الخصومة الدستورية منتهية فى غير محله.

وحيث إنه عن طعن المدعى بعدم دستورية الفقرة الخامسة من المادة 24 من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية المعدل بالقانون رقم 46 لسنة 1984، فإنه لما كانت الأوضاع الإجرائية المنصوص عليها فى المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48لسنة 1979 – سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى أو بميعاد رفعها، تتعلق – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – بالنظام العام باعتبارها شكلاً جوهرياً فى التقاضى تغيا به المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعى فى المسائل الدستورية بالإجراءات التى رسمها وفى الموعد الذى حدده، لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد قصرت نطاق الدفع بعدم الدستورية المبدى من المدعى على القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 114 لسنة 1983 دون سواه، فإن الدعوى الماثلة تكون غير مقبولة بالنسبة للطعن على الفقرة الخامسة من المادة 24 من القانون رقم 73 لسنة 1956 المشار إليه إذ لم يتحقق اتصال المحكمة بهذا الشق من الطلبات اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً.

وحيث إن الدعوى فى شقها الخاص بالطعن على القانون رقم 38لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 114 لسنة 1983 قد استوفت أوضاعها القانونية.

وحيث إنه يبين من صحيفة الدعوى أن المدعى وإن كان قد طعن على المواد الثالثة والخامسة مكرراً والسادسة والتاسعة والخامسة عشر والسادسة عشر والسابعة عشر والثامنة عشر من القانون رقم 38لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 114 لسنة 1983 والجدول المرافق له، إلا أنه لما كان من المقرر أنه يشترط لقبول الطعن بعدم الدستورية أن يتوافر للطاعن مصلحة شخصية ومباشرة فى طعنه،

ومناط هذه المصلحة ارتباطها بمصلحته فى دعوى الموضوع التى أثير الدفع بعدم الدستورية بمناسبتها والتى يؤثر الحكم فيه على الحكم فيها، وكان ما استهدفه المدعى من دعواه الموضوعية هو إلغاء قرار مدير أمن القاهرة فى 14 أبريل سنة 1984 برفض قبول أوراق ترشيحه لعضوية مجلس الشعب لعدم أرفاقه بها صورة معتمدة من قائمة الحزب الذى ينتمى إليه مثبتاً بها إدراجه فيها، لما كان ذلك وكانت المواد الخامسة مكرراً والسادسة ” فقرة 1″ والسابعة عشر “فقرة 1” هى التى تضمنت أحكامها وجوب استيفاء هذا الشرط،

فإن مصلحة المدعى فى دعواه الماثلة إنما تقوم على الطعن بعدم دستورية هذه المواد فحسب، بتقدير أن الحكم له فى الطلبات الموضوعية يتوقف على ما يسفر عنه القضاء فى الطعن بعدم دستوريتها، أما باقى مواد القانون رقم 38 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 114 لسنة 1983 المطعون فيها والجدول المشار إليه فى المادة الثالثة منه فلا مصلحة شخصية ومباشرة للمدعى فى الطعن بعدم دستوريتها إذ ليس ثمة أثر لها على طلباته أمام محكمة الموضوع، ذلك أن المادة الثالثة تقضى بتقسيم الجمهورية إلى عدد معين من الدوائر الانتخابية وبوجوب تمثيل المرأة فى بعضها،

وتقضى المادة التاسعة بعرض كشف يتضمن قوائم المرشحين فى الدائرة الانتخابية بالطريقة التى يعينها وزير الداخلية خلال أجل معين وتبين طريقة تصحيح هذا الكشف والاعتراض على ما أدرج به من أسماء، وتعالج المادة الخامسة عشر حالة تقديم قائمة حزبية واحدة فى الدائرة الانتخابية، وتجابه المادتان السادسة عشر والثامنة عشر حالة خلو مكان أحد المرشحين بعد الترشيح وقبل إجراء الانتخابات وحالة خلو مكان أحد الأعضاء قبل انتهاء مدة عضويته فى مجلس الشعب، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهذه المواد لانتفاء مصلحة المدعى فى الطعن عليها.

وحيث إن المواد الخامسة مكرراً والسادسة “فقرة 1” والسابعة عشر “فقرة 1” من القانون رقم 38 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 114لسنة 1983 كانت تنص قبل تعديلها بالقانون رقم 188 لسنة 1986 على ما يأتي:

المادة الخامسة مكرراً: “يكون انتخاب أعضاء مجلس الشعب عن طريق الانتخاب بالقوائم الحزبية ويكون لكل حزب قائمة خاصة به، ولا يجوز أن تتضمن القائمة الواحدة أكثر من مرشحى حزب واحد. ويحدد لكل قائمة رمز يصدر به قرار من وزير الداخلية،ويجب أن تتضمن كل قائمة عدداً من المرشحين مساوياً للعدد المطلوب انتخابه فى الدائرة وعدداً من الاحتياطيين مساوياً له طبقاً للجدول المرفق على أن يكون نصف المرشحين أصلياً واحتياطياً على الأقل من العمال والفلاحين بحيث يراعى أن ترتب أسماء المرشحين بالقوائم المقدمة من الأحزاب بحيث تبدأ بمرشح من الفئات ثم مرشح من العمال والفلاحين أو العكس وهكذا بذات الترتيب.

وعلى الناخب أن يبدى رأيه باختيار إحدى القوائم بأكملها دون إجراء أى تعديل فيها. وتبطل الأصوات التى تنتخب أكثر من قائمة أو مرشحين من أكثر من قائمة أو تكون معلقة على شرط أو إذا أثبت الناخب رأيه على قائمة غير التى سلمها إليه رئيس اللجنة أو على ورقة عليها توقيع الناخب أو أية إشارة أو علامة أخرى تدل عليه، كما تبطل الأصوات التى تعطى لأكثر من العدد الوارد بالقائمة أو لأقل من هذا العدد فى غير الحالات المنصوص عليها فى المادة السادسة عشر من هذا القانون”.

المادة السادسة “فقرة 1”: “يقدم المرشح طلب الترشيح لعضوية مجلس الشعب كتابة إلى مديرية الأمن بالمحافظة التى يرشح فى دائرتها مرفقاً به صورة معتمدة من قائمة الحزب الذى ينتمى إليه مثبتاً بها إدراجه فيها، وذلك خلال المدة التى يحددها وزير الداخلية بقرار منه على ألا تقل عن عشرة أيام من تاريخ فتح باب الترشيح”.

المادة السابعة عشر “فقرة 1”:

“ينتخب أعضاء مجلس الشعب طبقاً لنظام القوائم الحزبية بحيث يعطى لكل قائمة عدد من مقاعد الدائرة بنسبة عدد الأصوات الصحيحة التى حصلت عليها وتعطى المقاعد المتبقية بعد ذلك للقائمة الحائزة أصلاً على أكثر الأصوات”.

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على هذه المواد أنها إذ قصرت حق التشريح لعضوية مجلس الشعب على المنتمين إلى الأحزاب السياسية فإنها تكون قد حرمت طائفة من المواطنين وهم غير المنتمين إلى الأحزاب من حق كفله لهم الدستور فى المادة 62 منه وأخلت بمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة المنصوص عليهما فى المادتين 8، 40 من الدستور.

وحيث إن المادة 62 من الدستور التى وردت فى الباب الثالث منه الخاص بالحريات والحقوق والواجبات العامة تنص على أن “للمواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأى فى الاستفتاء وفقاً لأحكام القانون. ومساهمته فى الحياة العامة واجب وطني”.

ومؤدى ذلك أن الحقوق السياسية المنصوص عليها فى هذه المادة. ومن بينها حق الترشيح الذى عنى الدستور بالنص عليه صراحة مع حقى الانتخاب وإبداء الرأى فى الاستفتاء، اعتبرها الدستور من الحقوق العامة التى حرص على كفالتها وتمكين المواطنين من ممارستها، لضمان إسهامهم فى اختيار قادتهم وممثليهم فى إدارة دفة الحكم ورعاية مصالح الجماعة. ولم يقف الدستور عند مجرد ضمان حق كل مواطن فى ممارسة تلك الحقوق وإنما جاوز ذلك إلى اعتبار مساهمته فى الحياة العامة عن طريق ممارسته لها واجباً وطنياً يتعين القيام به فى أكثر مجالات الحياة أهمية لاتصالها بالسيادة الشعبية، ومن ثم فإن القواعد التى يتولى المشرع وضعها تنظيماً لهذه الحقوق يتعين ألا تؤدى إلى مصادرتها أو الانتقاص منها، وأن لا تخل القيود التى يفرضها المشرع فى مجال هذا التنظيم بمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة لدى القانون اللذين تضمنهما الدستور بما نص عليه فى المادة 8 من أن ” تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين” وفى المادة 40 من أن ” المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة.

لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة”.

وحيث إنه لما كان مؤدى المواد الخامسة مكرراً والسادسة “فقرة 1″ والسابعة عشر ” فقرة 1″ من القانون رقم 38 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 114 لسنة 1983 المطعون عليها أن المشرع حين نص على أن يكون انتخاب أعضاء مجلس الشعب عن طريق الانتخاب بالقوائم الحزبية وما استتبع ذلك من النص على اعتبار صورة قائمة الحزب الذى ينتمى إليه المرشح المثبت بها إدراجه فيها شرطاً حتمياً لقبول طلب ترشحيه يكون قد قصر حق الترشيح لعضوية مجلس الشعب على المنتمين إلى الأحزاب السياسية المدرجة أسمائهم بقوائم هذه الأحزاب وحرم بالتالى غير هؤلاء من ذلك الحق دون مقتض من طبيعته ومتطلبات مباشرته.

لما كان ذلك، وكان حق الترشيح من الحقوق العامة التى كفلها الدستور للمواطنين فى المادة 62 منه وفقاً لما سبق بيانه، ومن ثم فإن حرمان طائفة معينة من هذا الحق على ما سلف ينطوى على إهدار لأصله وإخلال بمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة لدى القانون ويشكل بالتالى مخالفة للمواد 8، 40، 62 من الدستور.

وحيث إنه لا يقدح فى هذا النظر ما ذهبت إليه الحكومة من أن المشرع يملك بسلطته التقديرية وضع شروط يحدد بها المراكز القانونية التى يتساوى فيها الأفراد أمام القانون, وأنه وقد جعل الانتماء إلى الأحزاب السياسية شرطاً لممارسة حق الترشيح فإنه يكون قد استعمل سلطته التقديرية المخولة له إعمالاً للتفويض الدستورى الذى تضمنته المادة 62 من الدستور حين أحالت فى تنظيم مباشرة المواطن للحقوق الدستورية الواردة فيها إلى القانون دون وضع قيود محددة لهذا التنظيم،

ذلك أنه وإن كان الأصل فى سلطة التشريع عند تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بقيود محددة وأن الرقابة على دستورية القوانين لا تمتد إلى ملائمة إصدارها، إلا أن هذا لا يعنى إطلاق هذه السلطة فى سن القوانين دون التقيد بالحدود والضوابط التى نص عليها الدستور ومن ثم فإن تنظيم المشرع لحق المواطنين فى الترشيح ينبغى ألا يعصف بهذا الحق أو ينال منه على نحو ما سلكته النصوص المطعون فيها إذ حرمت غير المنتمين إلى الأحزاب من حق الترشيح. ومن ثم تكون هذه النصوص قد تعرضت لحقوق عامة كفلها الدستور وحرمت منها طائفة من المواطنين، فجاوز المشرع بذلك دائرة تنظيم تلك الحقوق الأمر الذى يحتم إخضاعها لما تتولاه هذه المحكمة من رقابة دستورية.

وحيث إنه لا ينال كذلك مما تقدم ما أثارته الحكومة من أن مباشرة الحقوق السياسية ومن بينها حق الترشيح أصبح غير جائز إلا من خلال الانتماء إلى الأحزاب السياسية بعد تعديل المادة الخامسة من الدستور ونصها على أن النظام السياسى يقوم على أساس تعدد الأحزاب، ذلك أن الدستور إنما استهدف من النص على تعدد الأحزاب العدول عن صيغة التنظيم السياسى الوحيد المتمثلة فى الاتحاد الاشتراكى العربى الذى يضطلع بمسئوليات العمل الوطنى فى المجالات المختلفة دون أن يجاوز ذلك إلى المساس بالحقوق والحريات العامة التى كفلها الدستور ومن بينها حق المواطن فى الترشيح المنصوص عليها فى المادة 62 منه باعتبار أن نصوص الدستور لا تنفصل عن أهدافها ويتعين تطبيقها مترابطة متكاملة.

وحيث إنه لما تقدم يتعين الحكم بعدم دستورية المواد الخامسة مكرراً والسادسة ” فقرة 1″ والسابعة عشرة ” فقرة 1″ من القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 114 لسنة 1983.

“لهذه الأسباب”

حكمت المحكمة:-

أولاً: بعدم قبول تدخل الأساتذة……………… خصوماً فى الدعوى.

ثانياً: بعدم دستورية المواد الخامسة مكرراً والسادسة “فقرة 1″و السابعة عشر “فقرة 1” من القانون رقم 38لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 114 لسنة 1983.

ثالثا: إلزام الحكومة المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.