1ـ تعريفه وثبوته:

البيع بشرط التجربة هو البيع الذي يحتفظ فيه المشتري بحق تجربة المبيع قبل شرائه نهائياً، وذلك أما لغرض التأكد من صلاحية المبيع للغرض المقصود منه أو للتأكد من ملائمته لحاجته الشخصية. والعلة في اشتراط (التجربة) قبل الموافقة النهائية على البع هي رغبة المشتري في عدم الالتزام بالعقد حالاً وترجيه ابداء الموافقة النهائية بالعقد بعد معاينة المبيع وتجربته لما قد يترتب عليه من نتائج خطيرة، خاصة غذا كان البيع منصباً على اشياء ثمينة. وحق المشتري في تجربة المبيع لا ينشأ إلا من شرط صريح في العقد أو شرط ضمني يستخلص من ظروف التعاقد، وبصفة خاصة مما جرت به العادة أو تقضي به طبيعة المبيع، فشراء الملابس الجاهزة ينطوي عادة على شرط ضمني بأن المشتري قد اشتراها بشرط التجربة، كما أن شراء الآلات الميكانيكية إذا كانت من الدقة بحيث لا يمكن الوقوف على صلاحيتها إلا بعد تجربتها، تفترض فيه التجربة شرطاً ضمنياً(1).

2ـ التكييف القانوني للبيع بشرط التجربة:

تقضي الفقرة الثانية من المادة 524 من القانون المدني على أنه (ويعتبر البيع بشرط التجربة معلقاً على شرط واقف هو قبول المبيع، إلا إذا تبين من الاتفاق او الظروف أن البيع معلق على شرط فاسخ). فالأصل أن البيع بشرط التجربة يعتبر بيعاً معلقاً على شرط واقف هو قبول المشتري للبيع بعد تجربته. فالبيع قبل تحقق الشرط لا ينتج أي اثر من آثار عقد البيع ولكن البائع يلتزم بتمكين المشتري من تجربة المبيع، ويلتزم المشتري بإجراء التجربة خلال مدتها. إذا تحقق الشرط بقبول المشتري المبيع بعد تجربته، أو بسكوته مع تمكنه من تجربة المبيع، أنتج العقد كافة الآثار القانونية لعقد البيع بأثر رجعي إلى وقت انعقاد البيع، وزالت ملكية البائع بأثر رجعي أيضاً. ويترتب على ذلك بقاء جميع الحقوق العينية التي رتبها المشتري على المبيع خلال مدة التجربة، وزوال تلك التي رتبها البائع عليه خلال المدة المذكورة.

أما غذا رفض المشتري المبيع بعد تجربته خلال المدة المحددة لذلك تخلف الشرط الواقف وزال البيع بأثر رجعي. ويترتب على ذلك زوال ملكية المشتري للمبيع والتي كانت معلقة على شرط واقف جعل ملكية البائع التي كانت علقة على شرط فاسخ ملكية بانه منذ البداية وتبقى الحقوق التي رتبها البائع خلال مدة التجربة وتزول تلك التي رتبها المشتري خلال نفس الفترة. وللطرفين المتعاقدين الاتفاق على اعتبار شرط التجربة شرطاً فاسخاً وفي هذه احالة ينتج العقد جميع اثارة منذ انعقاد العقد والملكية تنتقل إلى المشتري على شرط فاسخ هو عدم قبول المشتري للمبيع. فإذا تحقق الشرط بأن لم يقبل المشتري المبيع يعد تجربته انفسخ البيع بأثر رجعي، أما غذا قبل المشتري المبيع فيتخلف الشرط ويعتبر المشتري مالكاً للمبيع ملكية باتة منذ ابرام العقد.

3ـ احكام البيع بشرط التجربة:

بموجب عقد البيع بشرط التجربة يلتزم البائع بتمكين المشتري من تجربة المبيع، ويلتزم المشتري بتجربة المبيع واعلام البائع برفض المبيع خلال المدة المتفق عليها أو المدة المعقولة التي يعينها البائع فإذا مضت المدة وسكت المشتري مع تمكنه من تجربة المبيع اعتبر سكوته قبولاً للمبيع، لأن سكوته في معرض حاجة إلى بيان (524/ 1م مدني).

وإذا ثار النزاع حول المدة المعقولة، فالأمر متروك لتقدير المحكمة ولا رقابة لمحكمة التمييز عليها لأن القضاء فيه قضاء في مسالة موضوعية(2). ولا يشترط قيام المشتري بتجربة المبيع بنفسه، بل يجوز اجرائها من قبل شخص من أهل الخبرة يستعين به المشتري. كما لا يشترط تجربة المبيع بمحضر البائع، بل يجوز ذلك بغياً به(3). ويذهب البعض، قياساً على خيار الشرط، غلى أن شرط التجربة لا يورث لأنه صورة خاصة من صور خيرا الشرط(4)، ويذهب الرأي الراجح إلى انتقال هذا الشرط إلى الورثة في حالة موت المشتري، لأن حق المشتري في التجربة ليس بحق من الحقوق المتصلة بشخصه(5). والعبرة تكون بصلاحية المبيع وملائمته لحاج المشتري الشخصية إذا كان المقصود في تعليق البيع هو التثبت من صلاحية المبيع لحاجة المشتري. بينما العبرة بصلاحية للغرض المقصود منه إذا كان الغرض من التعليق التثبت من صلاحية المبيع في ذاته للغرض المقصود منه. وعليه لا يجوز للمشتري أن يرفض المبيع في الحالة الأخيرة إلا إذا تبين عدم صلاحيته للغرض المقصود من مثله عادة، بينما للمشتري رفض المبيع في الحالة الأولى، إذا تبين عدم صلاحيته لحاجته الشخصية حتى ولو كان يحق الغرض المقصود من مثله. وإذا تعذر استخلاص قصد المتعاقدين، من ظروف التعاقد فيفترض أن المقصود من التجربة هو التحقق من ملائمة المبيع لحاجة المشتري الشخصية. وهذا هو ما يستنتج من حكم الفقرة الأولى من المادة 524 من القانون المدني التي تنص على أنه (في البيع بشرط التجربة يجوز للمشتري أن يقبل المبيع أو يرفضه).وما حكم هلاك المبيع لدى المشتري بقوة قاهرة وهو ما يزال تحت التجربة؟ لا صعوبة في حالة ما إذا كان البيع بشرط التجربة معلقاً على شرط فاسخ، حيث يتحمل المشتري تبعة هذا الهلاك نظراً لانتقال ملكية المبيع إليه من تاريخ انعقاد البيع. ولكن الصعوبة تبرز في حالة ما إذا كان شرط التجربة واقفاً، حيث يثور التساؤل حول من تقع عليه تبعة الهلاك. إن القانون المدني الفرنسي يعتبر البيع بشرط التجربة بيعاً معلقاً على شرط واقف دائماً (1588م فرنسي) وبموجب المادة 1182 منه والمتعلقة بالشرط الواقف نقع تبعة هلاك المبيع على شرط التجربة قبل حصولها على البائع لا على المشتري. ويذهب الشراح في مصر، في ظل القانون المدني المصري الجديد، إلى ان تبعة الهلاك تقع في الحالة مدار البحث على البائع.

ولا يجوز الاعتراض على هذا الراي بداعي أن المشتري قد تسلم المبيع وأن القواعد العامة تقضي بأن تبعة الهلاك تدور وجوداً وعدماً مع التسليم، ذلك لن هذه القواعد إنما تنطبق على البيع الناجز، أما والبيع بشرط التجربة معلق على شرط واقف فأن تبعة الهلاك تقع دون شك على البائع لا على المشتري(6). ويميز القانون المدني العراقي بين يد الضمان ويد الأمانة ولما كانت يد المشتري يد ضمان في البيع بشرط التجربة لذلك، يكون هلاك المبيع عليه (548م مدني)(7).

__________________________

1- السنهوري ج4 ص130.

2- ذونون ص76 و77.

3-غني حسون طه 141.

4- العامري ص 62، 63. مرقس واما ص38 ف38.

5- السنهوري ج4 ص133، الصراف 88 و89.

6- انور سلطان ف41. سلطان والعدوي ف217.

7- السنهوري ج4 ص 136، عبد العزيز عامر ص96.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .