رضائية عقد الايجار في أحكام القانون والقضاء المصري

الطعن 11 لسنة 58 ق جلسة 11 / 4 / 1993 مكتب فني 44 ج 2 ق 151 ص 50

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فاروق يوسف سليمان، خلف فتح الباب، حسام الدين الحناوي نواب رئيس المحكمة ومحمد محمود عبد اللطيف.
———-
– 1 إيجار ” رضائية عقد الإيجار”.
عقد الإيجار . عقد رضائي . خضوعه لمبدأ سلطان الإرادة في حدود ما فرضه القانون من قيود. مؤداه .
إذ كان عقد الإيجار عقدا رضائيا يخضع في قيامه وانقضائه لمبدأ سلطان الإرادة ـ فيما عدا ما فرضه القانون من أحكام مقيدة لهذا المبدأ في حدودها دون مجاوزة لنطاقها ـ مما يقتضى إيجابا يعبر به المؤجر على وجه جازم عن إرادته في إبرام عقد يلتزم به بأن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم وأن يقترن به قبول مطابق له يصدر من هذا الأخير.
– 2 عقد ” آثار العقد”.
المتعاقد . ماهيته . صدور التعبير عن إرادة إنشاء الالتزام ممن لا يملك التعاقد . أثره . عدم إنتاج العقد أثره . علة ذلك.
المقصود بالتعاقد ـ وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض ـ هو الأصيل بشخصه او بمن ينوب عنه قانونا، وعلى ذلك فإذا صدر التعبير عن إرادة إنشاء الالتزام ممن يملك التعاقد أصلا فلا ينتج العقد أثرا.
– 3 أشخاص اعتبارية ” شركات القطاع العام”. حكم ” عيوب التدليل : الخطأ في تطبيق القانون . ما يعد كذلك”. دعوى ” الخصوم في الدعوى “. شركات ” شركات القطاع العام”.
الشخصية الاعتبارية لشركات القطاع العام. رئيس مجلس الإدارة هو صاحب الصفة دون سواه في الإنابة عنها قانوناً في كافة حقوقها والتزاماتها قبل الغير . المواد 32، 53،54 ق المؤسسات العامة وشركات القطاع العام رقم 60 لسنة 1971 قبل إلغائه . موافقة نائب رئيس الوزراء على شغل النقابة المطعون ضدها لباقي وحدات عقار النزاع . غير ملزم للشركة الطاعنة . علة ذلك . انتهاء الحكم المطعون فيه إلى رفض طلب الشركة الطاعنة طرد النقابة المطعون ضدها من هذه الوحدات لمشروعية وضع يدها عليها استناداً إلى الموافقة المذكورة . خطأ .
إذ كان قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام رقم 60 لسنة 1971 الذى يحكم واقعة الدعوى ـ قبل إلغائه بالقانون رقم 97 لسنة 1983ـ قد نص في المادة 32 منه على أن “يكون لكل شركة شخصية اعتبارية “وفى المادة 53على أن “يمثل رئيس مجلس الإدارة الشركة أمام القضاء في صلاتها بالغير “وفي المادة 54 على أن “يختص رئيس مجلس إدارة الشركة بإدارتها وتصريف شئونها “وكان مفاد هذه النصوص مجتمعة أن للشركة شخصيتها الاعتبارية المستقلة ويمثلها رئيس مجلس إدارتها الذى ينوب عنها في كافة الأمور المتعلقة بتصرفاتها وتعهداتها بما تشتمل عليه من حقوق والتزامات قبل الغير لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى أن الشركة الطاعنة قد طلبت فيها الحكم بطرد النقابة المطعون ضدها من وحدات العقار محل النزاع الذى تمتلكه على سند أنها كانت تؤجرها إلى المؤسسة المصرية لتعمير الصحارى وبعد إلغائها بالقانون رقم 111 لسنة 1975 صدر قرار مجلس الوزراء في سنة 1977 بتخصيص ثماني حجرات بالدور الثاني من العقار للنقابة إلا أن الأخيرة قامت بوضع يدها على باقي حجرات الدور جميعها مستندة في ذلك إلى كتاب نائب رئيس الوزراء المؤرخ1981/6/2ردا على طلبها في هذا الخصوص والذى تضمن موافقته على شغلها لهذه الحجرات وليس استنادا إلى قيام علاقة إيجارية تخول النقابة المطعون ضدها في الانتفاع بجميع وحدات الدور الثاني من عقار النزاع وكانت موافقة نائب رئيس الوزراء بكتابه سالف البيان على شغل النقابة لباقي الوحدات محل النزاع لا ينعقد بها عقد ينشئ التزاما على الطاعنة المالكة للعقار قبل هذه النقابة لعدم صدور قبول منها ممثلة في رئيس مجاس الإدارة الذى ينوب عنها قانونا في تعهداتها مع الغير دون سواء من الأشخاص أيا كانوا أو كانت صفاتهم ومن ثم فإن تلك الموافقة ـ لا تنتج أثرا ولا ترتب التزاما على الشركة الطاعنة بتمكين النقابة المطعون ضدها من الانتفاء بباقي وحدات العقار محل النزاع إذ فمتى كان وضع يد الأخيرة على هذه الوحدات لا يتأتى قانونا من موافقة نائب رئيس الوزراء ولم يكن ناشئا عن علاقة تعاقدية ـ إيجارية أو غيرها ـ كانت الشركة الطاعنة طرفا فيها فإنه يفتقر إلى سنده من القانون ويعد من قبيل الغصب الذى يخول صاحب العقار المغتصب حق الالتجاء إلى القضاء لطرد الغاصب، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر حين انتهى إلى مشروعية وضع يد النقابة على تلك الوحدات استنادا إلى صدور موافقة بذلك من نائب رئيس الوزراء ورتب قضاءه على هذا الأساس برفض طلب الطاعنة طردها منها فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون.
———–
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الشركة الطاعنة ممثلة في رئيس مجلس إدارتها أقامت على النقابة المطعون ضدها الدعوى رقم 631 لسنة 1982 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بطردها من الدور الثاني والدور الأسفل – بدروم – بالعقار المبين بالصحيفة وتسليمها لها. قالت بيانا لذلك إن المؤسسة المصرية لتعمير الصحاري كانت تستأجرهما منها وقد ألغيت هذه المؤسسة نفاذا للقانون رقم 11 لسنة 1975 وأصدر مجلس الوزراء تعليمات بأن تقوم المؤسسات الملغاة بموجب هذا القانون بإخلاء الأماكن التي تشغلها في موعد غايته آخر فبراير سنة 1979 إلا أن المؤسسة المذكورة لم تقم بإخلائهما في هذا الموعد واستمرت في شغلهما إلى أن فوجئت بوضع يد النقابة المطعون ضدها عليهما بدون سند مما حدا بها إلى إقامة الدعوى بطلبيهما سالفي البيان. واجهت النقابة المطعون ضدها الدعوى بأن شغلها لباقي وحدات الدور الثاني من عقار النزاع يستند إلى موافقة نائب رئيس الوزراء بالكتاب المؤرخ 2/6/1981. ندبت المحكمة خبيرا – وبعد أن قدم تقريره وأثبت فيه أن الشركة الطاعنة أقرت بأحقية النقابة المطعون ضدها في شغل ثماني حجرات بالدور الثاني صدر قرار من رئيس الوزراء بتخصيصها لها في سنة 1977 – حكمت بطرد النقابة المطعون ضدها من الدور الأسفل من عقار النزاع وتسليمه للطاعنة ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم فيما قضى به من رفض طلب الطرد من باقي وحدات الدور الثاني التي لم يشملها قرار التخصيص الصادر من رئيس الوزراء – لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 6652 لسنة 102 قضائية – كما استأنفته النقابة المطعون ضدها فيما قضى به عليها لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم 6690 لسنة 102 قضائية ضمت المحكمة الاستئناف الأخير للأول. وبتاريخ 11 من نوفمبر سنة 1987 حكمت بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
————
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعي به الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إنه أقام قضاءه بمشروعية وضع يد النقابة المطعون ضدها على باقي وحدات الدور الثاني بالعقار محل النزاع إلى كتاب نائب رئيس الوزراء المؤرخ 2/6/1981 الذي تضمن موافقته على شغلها لها، وفاته أن الشركة الطاعنة لا تلتزم بما جاء بذلك الكتاب لصدوره ممن لا يملك التأجير وبأنه لا يعبر عن إراداتها إذ أن لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة، وأن مجلس إدارتها هو الذي يمثلها قانونا ويملك وحدة حق التعبير عن إرادتها في إدارة وتأجير وحدات العقار المملوكة لها وبالتالي فإن الكتاب سالف البيان لا يعدو أن يكون مجرد تزكية للنقابة المطعون ضدها للتعاقد معها على استئجار الوحدات محل النزاع وتوصية غير ملزمة لها للموافقة على إبرام العقد لا تنتج أثرا، إذ هي لا تغني عن ضرورة صدور هذه الموافقة بالفعل ممن يملكها قانونا لإتمام العقد وترتيب آثاره التي تخول النقابة المطعون ضدها الحق في شغل الوحدات محل النزاع بطريق الإيجار، ومتى كانت هذه الموافقة لم تصدر عنها فإن وضع يد الأخيرة على هذه الوحدات يكون بلا سند من القانون خلافا لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه مما يعيبه.
حيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأنه لما كان عقد الإيجار عقدا رضائيا يخضع في قيامه وانقضائه لمبدأ سلطان الإرادة – فيما عدا ما فرضه القانون من أحكام مقيدة لهذا المبدأ في حدودها دون مجاوزة لنطاقها – مما يقتضي إيجابا يعبر به المؤجر على وجه جازم عن إرادته في إبرام عقد يلتزم به بأن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم، وأن يقترن به قبول مطابق له يصدر من هذا الأخير والمقصود بالمتعاقد – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو الأصيل بشخصه أو بمن ينوب عنه قانونا، وعلى ذلك فإذا صدر التعبير عن إرادة إنشاء الالتزام ممن لا يملك التعاقد أصلا فلا ينتج العقد أثرا، وإذ كان قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام رقم 60 لسنة 1971 الذي يحكم واقعة الدعوى – قبل إلغائه بالقانون رقم 97 لسنة 1983 – قد نص في المادة 32 منه على أن “يكون لكل شركة شخصية اعتبارية ….” وفي المادة 53 على أن “يمثل رئيس مجلس الإدارة الشركة أمام القضاء وفي صلاتها بالغير” وفي المادة 54 على أن “يختص رئيس مجلس إدارة الشركة بإدارتها وتصريف شئونها …” وكان مفاد هذه النصوص مجتمعة أن للشركة شخصيتها الاعتبارية المستقلة ويمثلها رئيس مجلس إدارتها الذي ينوب عنها في كافة الأمور المتعلقة بتصرفاتها وتعهداتها بما تشتمل عليه من حقوق والتزامات قبل الغير. لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى أن الشركة الطاعنة قد طلبت فيها الحكم بطرد النقابة المطعون ضدها من وحدات العقار محل النزاع الذي تمتلكه على سند أنها كانت تؤجرها إلى المؤسسة المصرية لتعمير الصحاري وبعد إلغائها بالقانون رقم 111 لسنة 1975 صدر قرار مجلس الوزراء في سنة 1977 بتخصيص ثماني حجرات بالدور الثاني من العقار للنقابة إلا أن الأخيرة قامت بوضع يدها على باقي حجرات الدور جميعها مستندة في ذلك إلى كتاب نائب رئيس الوزراء المؤرخ 2/6/1981 ردا على طلبها في هذا الخصوص والذي تضمن موافقته على شغلها لهذه الحجرات وليس استنادا إلى قيام علاقة إيجارية تخول النقابة المطعون ضدها في الانتفاع بجميع وحدات الدور الثاني من عقار النزاع. وكانت موافقة نائب رئيس الوزراء بكتابه سالف البيان على شغل النقابة لباقي الوحدات محل النزاع لا ينعقد بها عقد ينشئ التزاما على الطاعنة المالكة للعقار قبل هذه النقابة لعدم صدور قبول منها ممثلة في رئيس مجلس الإدارة الذي ينوب عنها قانونا في تعهداتها مع الغير دون سواه من الأشخاص أيا كانوا أو كانت صفاتهم، ومن ثم فإن تلك الموافقة – لا تنتج أثرا ولا ترتب التزاما على الشركة الطاعنة بتمكين النقابة المطعون ضدها من الانتفاع بباقي وحدات العقار محل النزاع. إذا فمتى كان وضع يد الأخيرة على هذه الوحدات لا يتأتى قانونا من موافقة نائب رئيس الوزراء ولم يكن ناشئا عن علاقة تعاقدية إيجارية أو غيرها – كانت الشركة الطاعنة طرفا فيها فإنه يفتقر إلى سنده من القانون ويعد من قبيل الغصب الذي يخول صاحب العقار المغتصب حق الالتجاء إلى القضاء لطرد الغاصب، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر حين انتهى إلى مشروعية وضع يد النقابة على تلك الوحدات استنادا إلى صدور موافقة بذلك من نائب رئيس الوزراء ورتب قضاءه على هذا الأساس برفض طلب الطاعنة طردها منها، فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب الشركة المستأنفة طرد النقابة المستأنف ضدها من باقي وحدات الدور الثاني والحكم بطردها منها وتسليمها إليها.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .