دراسة تبين أسس التوازن بين الفرد و الدولة

لا يجوز اعتقال اي انسان او حجزه

خمسون عاماً مضت على صدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي نص على هذا الحق بصراحة ووضوح.

عشرون عاماً مضت على اختفاء الامام موسى الصدر وكل البراهين تدل على مكان اختفائه، رغم ذلك فالنكران الرسمي هو الجواب

“ولد الانسان حرا، لكننا نراه في كل مكان مقيدا بالسلاسل”، بهذه الجملة يستهل جان جاك روسو كتابه “العقد الاجتماعي”. والفرد بالمعنى الفلسفي للكلمة هو موضوع تفكير واقعي، محدد، يشكل كلا يمكن التعرف اليه، وهو ينتج اما عن التجربة الخارجية او عن التجربة الداخلية. واذا ولجنا المعنى الفلسفي اكثر، لقلنا مع ليبنيز ان الفرد هو هذه الذات المنطقية التي تقبل بمحمولات (بريديكا) او صفات، ولكنها لا يمكن ان تكون هي محمولا لأحد. حتى في التحديدات الفلسفية نستشف اهمية مفهومة الحرية في تفسير كلمة الفرد.

اما في السياسة فأن الفرد هو الذات التي بدأت تكتسب هويتها الخاصة في المدن- الدول القديمة كي لا نقول اليونانية (فقط)، كما بدأ يشكل الموضوع الأساسي للنظريات السياسية (العقائد). هكذا، شيئا فشيئا، تحول الفرد الى مواطن في اطار مفاهيم جديدة، ديمقراطية اساسا، تنظر الى السلطة بما هي سلطة سياسية مؤسسة، بعيدة كل البعد عن مفهوم السلطة المطلقة التي كان يمارسها الأسياد على عبيد.

ثم أتى ارسطو ليمحور النقاش الجوهري حول المواطن والفرد حول مسألة محددة هي: كيف نضمن قيام حكومة او حكم ثابت خاضع للقوانين. وهذه الإشكالية كان لا بد ات تطرح اشكالية اخرى لا تقل صعوبة: هل الأولوية هي لحرية المواطن ام لحرية الفرد. حقوق وواجبات المواطن تحددها معايير الحكم واحترام الانتظام العام والدستور والقوانين. في حرية المواطن ينتصب الآخر متنبها لأي تجاوز لحقوقه. أما في حرية الفرد فأن الآخر يختفي ولا يظهر الا عند الضرورة القصوى. والحلم الكبير، كل الحلم، وأنا من هؤلاء الحالمين المثاليين الطوباويين، لأنه لا يمكن العيش دون قسط من اليوطوبيا، اقول إن الحلم الكبير هو أن يندمج الفرد يوما مع المواطن، في بوتقة واحدة، فينتهي صراع الأحباء، ليصبح مفهوم المواطن – الفرد في الدولة المعاصرة ضامنا لأكبر قدر من الحرية.

أن الأنظمة الأكثر استبدادية أفادت من مفهوم المواطنية لتؤسس استبدادا على مقولة المواطنية الصالحة والخير العام والصالح العام، لكن الفرد كان بالمرصاد، مثل كابح تلقائي تصدى وناضل من أجل جعل الأنظمة السياسية أكثر ديمقراطية. هكذا، ومنذ القرن التاسع عشر، راح يتسع حق الأقتراع ليشمل جميع المواطنين. وهذا الصراع بين المواطن والفرد تطرق له ماركس في كتابات عديدة: فماركس الذي كان يرى ان التمييز بين الحياة الأقتصادية والسياسية أو بين الحياة الخاصة والعامة ليس إلا احد مظاهر انسلاب مجتمع منقسم الى طبقات، رغب في قيام اشكال اشتراكية من الأدارة الذاتية الصناعية والاجتماعية توفق بين مثال المشاركة (مشاركة المواطن) وبين الطموح المعاصر الى فردانية كاملة، متحررة من كل قيد ومنتعشة اقتصاديا.

الإسلام وحقوق الإنسان

لا شك أن لحقوق الإنسان الموقع الذي تستأهله في الإسلام، نصا وممارسة. وبخلاف ما يذهب اليه بعض المجرحين حول انتهاكات مزعومة لهذه الحقوق في بعض البلدان الإسلامية فأننا نؤكد أن الديانتين السماويتين الإسلامية والسلامية، والآيات القرآنية الكريمة بينت تفضيل الإنسان على غيره من الكائنات: “ولقد كرمنا بين آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا”. لأن الله خلق الإنسان موجودا ذا قيمة، وخصه بين الموجودات بالعقل والاتزان والخصائل العقلانية الأخرى.

أو لم يقل الرسول في خطبة الوداع: “يا أيها الناس أن ربكم واحد، وأن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، أن أكرمكم عند الله أتقاكم، وليس لعربي على اعجمي ولا أبيض على أسود فضل إلا بالتقوى. أوليست هذه الخطبة من الوثائق الأولى الرائدة في مجال حقوق الإنسان.

إن تراثنا العربي، الإسلامي والمسيحي يطفح بالآيات الكريمة وبالأحداث التاريخية التي تؤكد إعمال العدل والمساواة من دون تمييز أمام القانون.

إن الآية الكريمة “وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل”، هي فريضة المساواة والعدل على الجميع وهي واجبة بصرف النظر عن العقائد والشرائع الدينية، سواء أكان الأمر تجاه الحاكم أو المحكوم، تجاه الأصدقاء أو الأعداء.

إذا كان هذا هو تفسيرنا لهذه الآيات وهو التفسير الصحيح فبماذا جاء يا ترى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 سوى أن صيغ باسلوب مختلف. لكن الحق يقال ان هذا العصر مع ما فرضه التقدم التقني والتفاعل الإجتماعي اصبح يفرض على المجتمعات عدم الإكتفاء بالنصوص الدينية الأساسية، بل الإنكباب على سكبها في قواعد قانونية واضحة ودقيقة لا تحتمل التأويل. وهذه الضرورة ترقى الى حدها القصوى في كل ما يمت بصلة بحقوق الإنسان.

الفرد والدولة او فلسفة حقوق الإنسان

أو ليس ما نشهده اليوم من صراعات ايديولوجية فلسفية وسياسية هو اعادة طرح لهذه الإشكالية ذاتها: الفرد او المواطن، الفرد او الدولة، النظام او الحرية، الفوضى او القمع. ما هي تحديدات كل من هذه المفهومات (كونسيبت).

بعد انهيار جدار برلين، ايضا وايضا، الإشكالية ذاتها: دولة مستبدة ام حرية فردية في دولة غير اشتراكية؛ فرد حر أم فرد جائع وضائع؛ سجون أم بحر من التماسيح المكتسحة.

ليت يتسع المجال للخوض المعمق في هذه الإشكاليات السياسية النظرية، إذ إن النقاش المعمق وحده يوصلنا الى تحديد جديد وصارم لهذه العلاقة الجوهرية بين الدولة والفرد. سوف نحاول الان الترجل من سماء مركبة الفلسفة للنزول الى الأرض: أرض الواقع المرير وغير المرير احيانا، ارض القانون والسياسة الواقعية هذه المرة.

حقوق الإنسان هي الحقوق التي يمتلكها الكائن البشري بمجرد انه كائن بشري. ولم تصبح هذه اللفظة قيد التداول الا في هذا القرن. في القرون الماضية كانوا يسخدمون عبارة “الحقوق الطبيعية”. القانون الطبيعي في المنظور الإلهي، حسب لوك، يعني “ان الشخص لا يملك الحق في ايذاء حرية الآخرين، صحتهم او ملكيتهم”. هذا القانون يضمن إذن لكل انسان الحق الطبيعي في ان يكون حرا، ان يمتلك الأشياء، لكنه يفرض عليه احترام حياة وحرية وملكية الآخرين. ومهمة الدولة (او الجماعة عند لوك او الأمة في الإسلام) تكمن في ضمان هذه الحقوق الطبيعية وحمايتها.

لقد نمت استعادة اعلانات حقوق الإنسان والمواطن الصادرة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المواطن الصادر عن الأمم المتحدة في العام 1848، كما في الإتفاقيات العديدة التي أكملته وفي الإتفاق الأوروبي لحقوق الإنسان. ولا ننسى الدساتير الحديثة، والدستور اللبناني هو أحدها، التي تدون الحقوق كمرجعية عليا تلتزم بها الدولة أشد التزام (كما جاء في مقدمة الدستور اللبناني بعد التعديل الأخير وفقا لوثيقة الوفاق الوطني).

بانوراما حقوق الفرد تجاه الدولة

كما هي الحقوق التي ينبغي على الدولة ان تضمنها للفرد؟ ما هي الأواليات التي تضمنها؟ وهل هي مضمونة؟ لا يسعني هنا الا التوقف على بعض المحطات بسرعة وايجاز، مركزا ربما على بعضها.

في القانون الدولي

في النصف الثاني من القرن العشرين دعي القانون الدولي العام لينقذ قصور الأنظمة القانونية الداخلية على احترام حقوق الإنسان الأساسية. وبالفعل فقد تطور القانون الدولي للعقوبات باتجاه معاقبة انتهاك هذه الحقوق الأساسية للأفراد. كما حصل تطور كبيرللأواليات القضائية لو شبه القضائية على المستوى الأقليمي (الإتحاد الأوروبي مثلا). بماذا جاء هذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؟ لنتوقف عند بعض المواد.

في المادة الأولى

من هذا الإعلان المكون من ثلاثين مادة نقرأ ان جميع الناس يولدون احراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق.

المادة الثانية تضيف ان هذه المساواة لا تميز بين البشر بسبب العنصر او اللون او الجنس او اللغة او اليدين او الرأي السياسي او غير السياسي او الأصل القومي او الإجتماعي او الثروة او المولد او اي وضع آخر، وايضا لا يجوز التمييزعلى اساس الوضع السياسي او القانوني او الدولي للبلد او الإقليم الذي ينتمي اليه الشخص سواء كان مستقلا او موضوعا تحت الوصاية او غير متمتع بالحكم الذاتي او خاضعا لأي قيد آخر على سيادته.

المادة الثالثة: لكل فرد الحق في الحياة والحرية.

وفي المادة الخامسة: لا يجوز اخضاع احد للتعذيب ولا للمعاملة اوالعقوبة القاسية او اللاإنسانية المحطة للكرامة.(كما ينص هذا الاعلان على عدم جواز اعتقال اي انسان او حجزه او نفيه تعسفاً ).

أكاد اقول إنه عند الوصول الى هذه المادة تساءلت لماذا أكمل القراءة فهذا يكفي، لأن هذه المواد تخزن حتى الان حقوقا اساسية تزول معها، لو طبقت احسن تطبيق، كافة الشرور التي تعاني منها البشرية.

المواد المتبقية هي توسيع للمواد الأولى وإعمال لمبدأ المساواة الذي انطلق منه هذا الإعلان: كالمساواة امام القانون “يتساوى الناس في حق التمتع بحماية القانون دونما تمييز”.

لا يجوز اعتقال اي انسان او حجزه او نفيه تعسفا.

المحاكم مستقلة ومحايدة. والإنسان يعتبر بريئا حتى تثبت إدانته مع توفير الحق في محاكمة علنية تضمن له الدفاع عن نفسه.

مراسلاته… ما يعني ان الرقابة يجب ان تكون لاحقة لا مسبقة.

والإنسان حر في تنقله والتماس ملجأ في بلدان اخرى تخلصا من الأضطهاد.

لكل فرد الحق في الحياة والحرية.

ثم المساواة بين الرجل والمرأة في الزواج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله.

لكل فرد حق التملك، بمفرده او بالإشتراك مع غيره (مادة 71). هذا الحق يطرح اشكاليات عديدة: ما هو تحديد التملك، ماهي حدوده، هل تشتمل حرية التملك على جميع وسائل الإنتاج. هل حرية التملك تعني بالضرورة القبول بالخصخصة بجميع أوجهها: خصخصة أدارية ميكانيك السيارات مثلا والبريد والهاتف.

والحق في حرية الفكر والوجدان والدين والحرية في تغيير الدين والمعتقد (مادة 81). وحرية المعتقد تضمن الحق في اتخاذ أي موقف (ايجابي او سلبي) من الدين. فهل ينال حاليا هذا المبدأ إعمالا لدى جميع رجال الدين. قرأنا وسمعنا عكس ذلك لدى طرح مسألة القانون الإختياري للأحوال الشخصية· حيث بدا واضحا ان بعض المراجع الدينية العليا لا تزال تعيش في ماض ولى منذ زمن بعيد.

وحرية الرأي والتعبير (مادة 91). هذه المادة هي جبل اشم لا يحتمل اي تفسير تضييقي: انها الحرية بالمعنى الواسع للكلمة، لي أنها تتلازم مع ضرورة ضمان الأواليات التي تسمح إعمالها: حد ادنى من المساواة الإقتصادية، فتح أبواب وسائل الإعلام الحمومية لجميع التيارات الفكرية والسياسية، لا سيما أثناء المفترقات الوطنية والمصيرية مثل الإنتخابات.

ثم حق المشاركة في ادارة الشؤون العامة في البلد مع مستتبعاتها: رفض مبدأ التعيينات الفوقية، توزيع المسؤوليات، تعزيز مفهوم القرار من اسفل الى اعلى لا العكس، الإقتراع العام، الديمقراطية المباشرة…

وعلى الصعيد الإجتماعي: لكل شخص الحق في الضمان الإجتماعي والحق في العمل، في حرية اختيار عمله، في شروط عادلة ومرضية وفي الحماية من البطالة. لجميع الأفراد دون اي تمييز الحق في اجر متساو عن العمل المتساوي، كما لكل شخص حق انشاء النقابات مع الآخرين والإنضمام اليها من اجل حماية مصالحه.

هنا ايضا يقال الكثير هن اعمال هذا المبدأ في لبنان: لم يبرم لبنان الإتفاقية رقم 78 التي تنص على انشاء النقابات بصورة حرة، اي دون الحصول على إذن مسبق وعن شوائب كثيرة في قانون العمل اللبناني حول غياب الضمانات للحرية النقابية.

لكل شخص الحق بمستوى معيشة يكفي لتأمين الصحة والرفاهية له ولأسرته وخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الإجتماعية الضرورية، كما الحق في الحماية الإجتماعية في حالات البطالة او المرض اوالعجز او الترمل او الشيخوخة…

وللأمومة والطفولة الحق في رعاية ومساعدة خاصتين ولجميع الأطفال حق التماع بالحماية الإجتماعية ذاتها سواء ولدوا في اطار الزواج او خارجه. إنه برنامج بحاله… ماذا تعني الرعاية والمساعدة. انها تعني “شيئا” في اي خال، ونقصد هنا انه يجب ضمان الحد الأدنى. هل هذا الحد الأدني مضمون في بلدنا؟

لكل شخص الحق في التعلم. يجب ان يكون التعليم مجانيا في مراحله الإبتدائية. هنا ايضا العوائق كبيرة، إنها إشكالية التعليم الرسمي في لبنان. متى يصبح في لبنان التعليم الرسمي هو “التعليم ــ القاعدة”، الأفضل، الأوحد، كما في البلدان الليبرالية المتطورة. ففي فرنسا مثلا، ثمة جامعة وطنية واحدة، لا جامعات ومدارس لا تحصى، متناثرة هنا وهناك، طائفية، مذهبية، فئوية وفي جميع الأحوال تقوم على الكسب المادي، الفرداني” لست بحاجة الى القول اننا نبذل قصارى جهدنا كي تتبوأ الجامعة اللبنانية هذا الدور.

هذا الإعلان العالمي يبقى بالتأكيد مثاليا، عاما، مجردا اذا بقى يسبح في عالم البنى الفوقي. وبالفعل فقد حاول العهدان الدوليان المتعلقان بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبالحقوق المدنية والسياسية تجنب ذلك. نقرأ في ديباجة العهد الأول ان هذه الحقوق لا يمكن ان تتحقق الا اذا تمكن الفرد من التمتع بحقوقه الإقتصادية والإجتماعية والثقافية (تبنته الجمعية العامة في 16 كانون الأول 1966 ودخل حيز التنفيذ في 3 كانون الثاني 1976. عدد الدول المؤيدة كان 117 ومن ضمنها لبنان) وبحقوقه المدنية والسياسية (تبنته الجمعية العامة في 16 كانون الأول 1966 وبدأ العمل به في 23 آذار 1976، عدد الدول الأطراف 114، عدد الدول 37) ومن ضمنها لبنان ايضا.

نكتفي في موضوع هذين العهدين بذكر مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها، وحق الشعوب باستخدام ثرواتها ومواردها الطبيعية. كما تجدر الإشارة الى البروتوكول الإختياري المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 كانون الأول 1966 (بدأ العمل به في 23 آذار 1976، وعدد الدول الأطراف 66) والذي لم يبرمه لبنان، لأن هذا البروتوكول ينص على حق كل فرد ينتمي الى إحدى الدول الموقعة في تقديم شكاوى مباشرة ضد الدولة التي ينتمي اليها، والتي يتهمها بخرق حقوقه.

كلمة في الوضع اللبناني

إن احترام حقوق الفرد اللبناني يمر بالضرورة عبر الدفاع عن الجنوب المحتل والمقاومة التي تشكل الضمانة الرئيسية لتحرير الأرض ولعدم الإنزلاق في موقع يشبه موقع الفلسطينيين بعد “اوسلو”، حيث تحولت منظمة التحرير الفلسطينية وسلطة عرفات الى شرطة تنسيق لحماية الأمن الإسرائيلي.

ان احترام الدولة اللبنانية لحقوق الفرد اللبناني يمر عبر عدم الإبتعاد عن روح اتفاق الطائف وتصوير هذا الإتفاق بما هو اتفاق وقف اطلاق نار بين اللبنانيين، وليس اتفاقا على قواعد تعبير ديمقراطية وتحررية. لا يصان الفرد اللبناني إلا مع القضاء على الطائفية والمذهبية وإنه لمن المؤسف القول ان الحالة لا تجري اليوم بهذا الإتجاه، بل باتجاه مزيد من الشرذمة والإبتعاد عن الديمقراطية الحقيقية.

تحترم الدولة الفرد وتصون حقوقه عندما لا يعود هناك اي فئة تشعر بالإحباط، ولقد أدت المشاركة في الإنتخابات النيابية والبلدية الى ازالة بعض هذا الشعور بالإحباط “المسيحي” على طريق القضاء كليا على واقع “غالب ومغلوب” الذي طالما ساد في هذا البلد.

وحقوق الفرد اللبناني لاتصان إلا في ظل وضع اقتصادي منتعش وفي ظل قواعد وأنظمة تضمن الحماية الإجتماعية التامة بين المواطنين. ويحق لنا هنا طرح السؤال: هل يمكن ضمان الرخاء في ظل ازدياد الدين العام الى ما وصل إليه، إذ ارتفع هذا الدين من حوالي ثلاثة آلاف مليار الى حوالي خمسة وعشرين مليار ليرة لبنانية. نقول لا، لا يمكن ضمان هذه الحماية في ظل وضع كهذا، كما لا يعقل الكلام على صون حقوق الفرد في ظل سياسة رسوم وضرائب غير عادلة، إذ إن ضريبة الدخل لا تمثل أكثر من ثمانية بالمئة من مجمل واردات الخزينة، ناهيك عن حالة الفساد العامة التي تغزو الإدارة اللبنانية.

أخيرا حقوق الإنسان في لبنان هي في اعتماد قانون انتخابات نيابية يرى الى النائب بما هو ممثل لكل الشعب، لا لمذهب او منطقة او طائفة او حتى ايديولوجيا معينة.

أيها الأخوة، على عتبة القرن الواحد والعشرين هذا، مطلوب من جميع الذين يؤمنون بالديمقراطية، نهجا وسلوكا وقواعد قانونية، أن يعملوا من اجل تعزيز حقوق الفرد إزاء الدولة التسلطية، وتعزيز ركائز الدولة الديمقراطية إزاء أفراد متسلطين، لا يحترمون حقوق مواطنيهم.

الفرد والدولة: ليس ثمة صراع بين الإثنين، بل تواطؤ وتأخ؛ فكما العقل السليم في الجسم السليم، كذلك الدولة الديمقراطية هي في افراد تضمن حقوقهم أفضل ضمانة.

ودمتم…

المراجع

– جهاد نعمان، حقوق الإنسان في العالم العربي، دار نعمان للثقافة، 1992.

– أمير موسى، حقوق الإنسان مدخل الى وعي حقوقي، مركز دراسات الوحدة العربية، 1994.

– الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

– حقوق الإنسان الشخصية والسياسية، عبدالله لحود، جوزف مغيزل، منشورات عويدات، 1985.

– ب. رولان، ب. تافر لييه، الحماية الدولية لحقوق الإنسان، منشورات عويدات، 1996.

—————————————————-

تمت إعادة النشر بواسطة محاماة نت.