بحث قانوني و دراسة عن الاستجواب و المواجهة في التحقيق الابتدائي

مقال حول: بحث قانوني و دراسة عن الاستجواب و المواجهة في التحقيق الابتدائي

بحث قانوني و دراسة عن الاستجواب و المواجهة في التحقيق الابتدائي

بسم الله الرحمن الرحيم

المقـــدمــــــة:

إن أول ما يلفت انتباه الإنسان في أي بلد هو النظام ، وهذا لا يتحقق إلا بتحقيق العدالة وتوفر الضمانات ، وما يترتب على هذه الضمانات من حقوق وواجبات ومسؤوليات تجاه الآخرين وذلك لأنة عندما تبداء الحرية العامة تنتهي بالتالي الحرية الفردية فتقف عند هذا الحد لا تتجاوزه و إلا ترتبت عليك المسؤولية التي كفلها القانون .
وفي بحثي هذا وهو الاستجواب والمواجهة في التحقيق الابتدائي سأتطرق لعدة مواضيع وقد قسمتها إلى ثلاث مباحث رئيسة وهي:

– المبحث الأول : المتهم .
– المبحث الثاني : الشاهد .
– المبحث الثالث : الاستجواب والمواجهة في التحقيق الابتدائي .

المبحــث الأول
المـتهــــــــم :

المطلب الأول:
• تعريف المتهم :

* هو الشخص الذي يوجه إليه الاتهام بواسطة تحريك الدعوى الجنائية قبله فهو الطرف الأول في الدعوى الجنائية.
ولم يميز القانون بين المتهم في كافة مراحل الدعوى الجنائية فهو يحمل هذه الصفة أيا كانت المرحلة التي تمر بها الدعوى .(1)
وقد قضت محكمة النقض المصرية بأن القانون لم يعٌرف المتهم في أي نص من نصوصه ، فيعُتبر متُهما كل من وجهة إليه الاتهام بارتكابهِ جريمة معينة .(2)
وعرفهُ بعض الشُراح للقانون وذكروا نفس التعريف ومنهم المستشار عدلي خليل في كتابة اعتراف المتهم .(3)

وقد ذكر الدكتور محمد زكي أبو عامر في كتابة وعرف فيه المتهم وقال أن العقوبة شخصية ، فلا يجوز – في التنظيم الجنائي – توقيعها إلا على من وقعت منه الجريمة ، ولا يجوز مطالبة القضاء بأعمال أحكام القانون الجنائي وتوقيع العقوبة إلا على من وقعت منه الجريمة سواء باعتباره فاعلا ً أو شريك ، ولأن تحديد مرتكب الجريمة لا يكون مجرماً مداناً إلا بعد صدور الحكم النهائي علية ، فإن سلطة التحقيق إنما تقدم من رجُح لديها وفقا ً للأدلة التي أسفرت عنها الإجراءات بوقوع الجريمة منه . وعلى هذا الأساس فإن النيابة العامة حين ترفع الدعوى الجنائية أو حين تقُدمها أمام القضاء ، فهي لا تقدم إليه مرتكب الجريمة وإنما تقدم من تتهمهُ بارتكاب الجريمة وعليه فالقضاء هوة الفيصل في إدانة هذا الشخص أو تبرئته بما يوافق قناعتها من خلال ما قُدم لها وما دار بجلسات المحكمة من أحداث .

وقد كان المنطق يثبت قصر صفة المتهم على الشخص الذي رفعت سلطة التحقيق الدعوى الجنائية ضده أمام قضاء الحكم لأن الواقع أن سلطة التحقيق برفعها الدعوى تكون بالفعل قد أتهمة شخصا ًً لوقوع الجريمة منه ، إذ أنها هنا تتقدم للقضاء بجريمة مكتملة بحسب اجتهادها . هذا هو المفهوم الضيق ” للمتهم ” وهو ما ترجح لدى سلطة التحقيق وقوع الجريمة منه سواء بوصفه فاعلا ً لها أم شريكا ً فيها – برفع الدعوى الجنائية ضده أمام قضاء الحكم .
ولا يتبنى قانون الإجراءات المصري هذا المفهوم الضيق ” للمتهم ” بل أنه على العكس يتبنى مفهوما ً واسعا ً ” للمتهم ” تكاد تتساوى فيه فكرة الاتهام وفكرة التشبيه .(1)
وعلى هذا الأساس يمكن تعريف ” المتهم ” بالمعنى الواسع بأنه { كل شخص اتخذت سلطة التحقيق – النيابة العامة ، قاضي التحقيق – إجراء من إجراءات سلطة التحقيق أو من جهات القضاء أو من المدعي المدني أو أوجد نفسه في حالة أجازت قانونا ً التحفظ عليه أو القبض عليه أو تفتيشه.
أما الشخص الذي قدم عليه بلاغا ً فليس متهما بل مبُلغ ضده .

• شروط المتهم :

لكي تخضع صفة المتهم على شخص ينبغي أن تتوافر فيه شروط :
أولا ً : ينبغي أن يكون المتهم في الدعوى الجنائية شخصا ً على قيد الحياة فلا توجه إجراءات الدعوى ضد شخص ميت ، فإن حصلت الوفاة بعد رفع الدعوى يتعين إصدار قرار بحفظ الأوراق وإن كانت الوفاة أثناء سيرها أمام المحكمة فإنه يتعين الحكم بانقضائها ولا تصلح أن تحرك الدعوى على شخص معنوي لأن هذا الشخص لا يصلح أن يكون متهما وفي هذه الحالة تحرك الدعوى على ممثل الشخص المعنوي بصفته لا بشخصه .
ثانيا ً : أن يكون الشخص المعنوي معينا ًً ولذلك يجب أن نفرق بين مرحلتين :
(أ) جمع الاستدلالات وهذه المرحلة يكون فيها الشخص غير معروف أي يبُحث عنه .
(ب) مرحلة المحاكمة فلا يُتصور وصول الإجراءات لهذه المرحلة دون تعيين شخص متهم بعينة .(1)
ثالثا ً : يشُترط في المتهم أن يكون شخص يعُزى إليه أن لهُ يدا ً في ارتكاب الجريمة سواء بصفته فاعلا ً أم شريكا ً فالمسؤولية الجنائية لا تترتب على أفعال الغير ، وإن أمكن أن تترتب عليها مسؤولية مدنية كالجريمة التي يقترفها عديم الاهليه فيتكبد وليهُ الأداء عنه .
رابعا ً : جميع الأشخاص إلا من صدر بشأنه قانون خاص{ المتمتعون بالحصانات } فهنالك شروط يجب توافرها حتى يمثلون أمام القضاء الوطني.
خامساً : أن يكون المتهم كامل الأهلية .

*حقوق المتهم وواجباته :

يترتب على ثبوت صفة المتهم في شخص معين عدة حقوق وعددا ً من الواجبات فقد أشار قانون الإجراءات الجنائية المصري في مواده 1- أن للمتهم الحق في حضور جميع إجراءات التحقيق إلا إذا دعت الضرورة إلى اتخاذها في غيبته بشرط إطلاعه على ما جرى فيها فور انتهاء تلك الضرورة
( مادة77).
2-لا يجـوز الفصل بينه وبين محامية الحاضر معه إثناء التحقيق(مادة125/2).
3- ويندب النائب العام من تلقاء نفسه محاميا ً إذا كان متهما بجناية وصدر أمر بإحالته إلى محكمة الجنايات إذا لم يكن قادر على توكيل محاميا ً للدفاع عنه (مادة 214) .
4-لا يمكن للمحقق في الجنايات أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد(مادة 124).
5- وله الحق في الاستعانة بخبير استشاري (مادة88) .
6- ويجوز له طلب ندب قاضي للتحقيق معه (مادة 64/2).
7- ولا يجوز إبعاده عن الجلسة أثناء نظر الدعوى إلا إذا وقع منه تشويش يؤثر على سير الدعوى.

وقد أشار قانون الإجراءات الجزائية العماني بخصوص هذه الحقوق حيث ذكر في( المادة 49) انهُ : ” يجب أن يكون أمر القبض مكتوباً ومؤرخاً وموقعاً ممن أصدره مع بيان صفته ، ويبين فيه اسم المطلوب القبض عليه ومحل أقامته وكل ما يلزم تعيينه ،وسبب الأمر بالقبض وإذا لم ينفذ الأمر خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدوره فانهُ يسقط ولا يجوز تنفيذه بعد ذلك إلا بأمر كتابي جديد.
وذكرأيضا في (المادة74) أنهُ لكل من المتهم والمجني عليه والمدعي بالحق المدني والمسئول عنه ومن يدافع عن أي منهم الحق في حضور إجراءات التحقيق ،وللمتهم في جناية أن يصطحب معه محاميا يدافع عنه ،ولا يجوز لهذا المدافع أن يتكلم إلا بإذن عضو الادعاء العام ،وإذا لم يأذن له وجب إثبات ذلك في محضر التحقيق” . وأيضا نصت (المادة 115) من ذات القانون انهُ: “يجب السماح للمحامي بالاطلاع على التحقيق في اليوم السابق على الاستجواب والمواجهة ، وفي جميع الأحوال لا يمكن الفصل بين المتهم ومحاميه الحاضر معه أثناء التحقيق”.
تلك هي أهم الحقوق التي قررها قانون الإجراءات الجزائية للمتهمين وهو من الجهة الأخرى ملتزم بطبيعة الحال لمتطلبات التحقيق معه ومحاكمته وإنفاذ العقوبة علية فهو ملتزم للخضوع للأوامر الصادرة إليه في النطاق وفي الحدود المقررة بالقبض عليه أو ضبطه وإحضاره أو بالتحفظ عليه أو باقتياده أو بتفتيشه أو تفتيش مسكنه أو بحبسه احتياطيا كما يلتزم بالمثول أمام المحكمة بمجرد اتصال علمه قانوناً برفع الدعوى ومتابعة سير الدعوى ويلتزم للخضوع للآثار القانونية التي رتبها الحكم الصادر ضده .(1)

المطلب الثاني

*إثبات شخصية المتهم :

أوجبت( المادة123) من قانون الإجراءات المصري على المحقق عند حضور المتهم أمامه لأول مرة أن يتحقق من شخصيته ، بأن يثبت اسمه ولقبه وسنه وما إذا كان ذكر أو أنثى ، ومكان مولده ومركزه الاجتماعي ، فمن شأن هذا أن يحمل المحقق على أن هذا الشخص الماثل أمامه هو المتهم حتى لا يتخذ أي إجراء ضد شخص برئ ، فضلا ً على أن معرفة شخصية المتهم لها أهمية في تقدير العقوبة المناسبة له وكفيلة بإصلاحه وإعادته إلى البيئة الصالحة في المجتمع .
وقد نص قانون الإجراءات العماني في (المادة114) أنة: “على عضو الادعاء عند حضور المتهم للتحقيق لأول مرة أن يتثبت من شخصيته وأن يدون جميع البيانات الخاصة بإثبات شخصيته ويحيطه علما ً بالتهمة المنسوبة إليه ويثبت أقواله في المحضر ” .
وقد أوجبت( المادة 28 ) من قانون الأحداث رقم 31 لسنة 1974م قبل صدور الحكم على المتهم الحدث التحقق من حالته الاجتماعية والبيئة التي نشأ فيها والأسباب التي دفعته لارتكاب الجريمة .(1)
وعلى المحقق إحاطة المتهم بالتهمة المنسوبة إليه وهو إجراء جوهري يترتب على مخالفته البطلان ولكنه بطلان نسبي م (331) إجراءات .(2)

*زوال صفة المتهم :

من المؤكد أن صفة المتهم تزول بعد صدور حكم بالبراءة في الدعوى الجنائية ، أما إذا كان الحكم بالإدانة فتُستبدل صفة المتهم بصفة ” المحكوم عليه ” والمقصود بالحكم هو الحكم النهائي بطبيعة الحال .
كما أن صفة المتهم تزول إذا أصدرت سلطة التحقيق أمرا بأن لا وجه لإقامة الدعوة الجنائية أو صرفت النظر عن اتهام شخص معين بإقامتها الدعوى الجنائية بالنسبة لغيره من المتهمين.
وقد نص المشرع العماني في قانون الإجراءات الجزائية انه ” يسمع عضو الإدعاء العام شهادة الشهود الذين يطلب الخصوم سماعهم ما لم يرى عدم الفائدة من سماعهم ، وله أن يسمع شهادة من يرى لزوم سماعه من الشهود عن الوقائع التي تثبت أو تؤدي إلى ثبوت الجريمة وظروفها وإسنادها إلى المتهم أو براءته منها “.
ومع ذلك فإن صفة المتهم قابلة أحيانا لكي تعود للظهور من جديد رغم سبق زوالها، في حالات قبول إعادة النظر في الحكم وكذلك في حالة إلغاء قرار بأن لا وجه لإقامة الدعوى. ولكن هذه الصفة إن زالت فلا تعود من جديد بشأن نفس الواقعة إذا كان الحكم فيها بالبراءة.(1)

المبحث الثاني
الشاهد :

المطلب الأول:

*تعريف الشهادة ومن هو الشاهد :

هي التعبير عن مضمون الإدراك الحسي للشاهد للواقعة التي يشهد عليها ، ولذلك فالشهادة قد تكون شهادة رؤيا أو شهادة سماعية أو حسية لإدراك الشاهد.
وشهادة الشهود من الأدلة الهامة أمام المحكمة من حيث الواقع العملي وإن كانت من حيث التأثير على عقيدة المحكمة وتكوين إقتناعها قد تأتي في مرحلة تالية للأدلة . (1)
ويُقصد أيضا بالشاهد في القانون الوضعي 🙁 كل شخص تم تكليفه بالحضور أمام المحكمة أو سلطة التحقيق لكي يُدلي بما لديه من معلومات في شأن واقعة ذات أهمية في الدعوى الجنائية).
ويقترب هذا التعريف من مفهوم الشاهد في الفقه الإسلامي ، حيثٌ يُطلق فقهاء الشريعة الإسلامية لفظ الشاهد على من قام بأدائها في مجلس القضاء كما يطلقونها على من تحمل الشهادة . (2)
والأصل أن يشهد الشاهد بما أدركه بحواسه ويصح أن يشهد بما سمعه من غيره وإن كانت شهادة النقل ليست موضع ثقة تامه لأن الأقوال تتعرض دائما للتحريف بانتقالها من شخص لآخر . (3)

[الشروط الواجب توافرها في الشاهد لصحة شهادته]:

ألا يكون الشاهد له صفة في تشكيل المحاكم أو يقوم بمساعدة المحكمة في أداء مهمتها وبذلك يُمنع سماع أحد أعضاء المحكمة كشاهد أو عضو النيابة العامة الحاضر الجلسة أو كاتب التحقيق أو المترجم .(1)
1- الشهادة في الأصل تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو إدراكه على وجه العموم بحواسه وهي تقتضي بداهة فيمن يؤديها العقل والتميز إذ أن مناط التكليف فيها هو القدرة على أدائها ومن ثم فلا يمكن أن تقبل الشهادة من غير المميز عديم الأهلية .(2)
– وعلى ذلك ذكرت كتب المذهب الحنفي أن شرط تحمل الشهادة هي) : العقل ، الضبط ، اليقظة والعلم بالمشهود له والمشهود عليه والمشهود بهِ ) ، وأجمع الفقهاء على أن أهلية تحمل الشهادة ، تثبت بالعقل مع الحواس الخمس ، لأنه يشترط فيمن تحمل الشهادة أهلا ً بها وأن يكون قادرا ً عليها والقدرة على تحمل الشهادة ، تثبت بعلم الشاهد ، أي العلم بما يقع حوله من وقائع لكي يشهد عليها إذا طُلب منهُ ذلك.
– فالعلم يرتب عليه سببه وهو العقل والحواس معا ً .(1)
– ضرورة توافر ضوابط معينة تفيد أن هذا الشاهد سينطق بالحقيقة الواقعية ، أو بالأحرى تدفعه إلى ذلك .
– وهناك مقترحات تجعل ما يٌدلي بهِ الشاهد له وزنه من الناحية القانونية أو الشرعية ، بمعنى أن شهادة هذا الشخص سيتم تقديمها من قبل الجهة المختصه بالنزاع المطروح عليها .(2)

– أنواع الشهود :-

1- الشاهد المقصود :
(ويقصد بالشاهد كما سبق الإلماح هو كل شخص يتم تكليفه بالحضور أمام القضاء أو سلطة التحقيق لكي يدلي بما لديه من معلومات في شأن واقعة ذات أهمية في الدعوى الجنائية ) .

2- الشاهد القانوني:
والشاهد القانوني الذي اكتسب هذه الصفة وفقا ً للإجراءات المتطلبة لذلك قانونا ً يقطع النظر عن إدراكه للواقعة محل الشهادة من عدمه.

3-الشاهد الواقعي أو الفعلي :
ويقصد به ذلك الشخص الذي أدرك الواقعة موضوع الشهادة بحاسة من حواسه حتى ولو لم يكتسب هذا الوصف من الناحية القانونية.
وفي جميع الأحوال فالشهادة أما أن تكون شهادة حقيقية أو زور .
وإذا ركزنا على الشهود من ناحية السن فهناك شهادة الطفل وشهادة المسن .
وأيضا من ناحية نوع الشاهد فقد يكون ذكر أو أنثى .
كما أن هناك تقسيما ً يركز على مدى تدعيمهم لجانب من جوانب الدعوى أو الخصومة محل البحث يتم تقسيم الشهود إلى شهود إثبات وشهود نفي.(1)
وأيضا هناك شهادة أخرى من أنواعها :

أ-الشهادة بالمشاهدة:
ومضمون هذه الشهادة هي أن يشهد الشاهد بما رآه أمام عينيه مباشرة فيقول ما وقع تحت سمعه وبصره مباشرة وهي أقوى أنواع الشهادة وأسماها المشاهدة والمناظرة وهي تتسم بالجزم واليقين والبعد عن الظن والاحتمال .

ب-الشهادة بالسماع :
أي أن يسمع الشاهد الواقعة سماعيا ً أو بأية حاسة من حواسه فقد يحدث أن الشاهد لا يستطيع أن يدلي بشهادته أمام المحقق أو المحكمة فتقبل شهادته بواسطة شخص آخر. مثال ( في جريمة القتل قد لا ينجو منها فينطق أثناء خروج روحه باسم شخص أي قاتلهُ فلان ثم يموت وهنا يتقدم شخص أو أكثر بنقل هذه الشهادة ) .

ج-الشهادة بالتسامع:
أي أن يتقدم شخص بقول أنا سمعت أي عن لسان الجميع دون تحديد.
السلطة التقديرية للمحقق في سماع الشهود :
خول الشارع المحقق سلطة تقديرية في سماع الشهود ، وقد هدف بذلك إلى تمكينه من انتقاء الشهود الذين يرجح أن تكون لشهادتهم أهمية وتمكينه بعد ذلك من سؤالهم على النحو الذي يكفل استخلاص المعلومات ذات الأهمية في التحقيق والأصل أن يطلب الخصوم وخاصة المتهم سماع شهود معينين ولكن طلب الخصم ليس شرطا ً لسماع الشهادة فللمحقق أن يستدعي من يقدّر أهمية شهادته وله أن يسمع شهادة أي شخص كشاهد يحضر من تلقاء نفسه وهذا ما نصت عليه المادة(104) من قانون الإجرءات الجزائية العماني (يسمع عضو الإدعاء العام شهادة الشهود الذين يطلب الخصوم سماعهم ما لم يرى عدم الفائدة من سماعهم ، وله أن يسمع شهادة من يرى لزوم سماعه من الشهود عن الوقائع التي تثبت أو تؤدي إلى ثبوت الجريمة وظروفها وإسنادها إلى المتهم أو براءته منها) ونصت المادة(110) من ذات القانون انه”للخصوم بعد الانتهاء من سماع أقـــــوال الشهــــادة إبداء ملاحظاتهم عليها،ولهم أن يطلبوا من عضو الادعاء العام سماع أقواله عن نقاط أخرى يبينونها،ولعضو الادعاء العام أن يرفض توجيه أي سؤال لا يتعلق بالواقعة” .(1)

المطلب الثاني :

كيفية أداء الشهادة :

أوجب القانون على المحقق أن يسمع كل شاهد على انفراد فنص في مادته(112) من قانون الإجراءات الجنائيةالمصري انه :” فلا يصح سماع شاهد في حضور غيره حتى لا تكون هناك شبهه في التأثير أو التأثر لكن يجوز للمحقق أن يواجه بعضهم ببعض وبالمتهم ولم يرسم القانون لتلك المواجهة صورة معينة .وعلى المحقق أن يتأكد أولا من شخصية الشاهد بأن يطلب منه بيان اسمه ولقبه وسنه وصفاته وسكنه وعلاقته بالمتهم قبل سماع شهادته .(1)
وقد نص قانون الإجراءات الجزائية العماني في المادة(107) على انه (يسمع عضو الإدعاء العام كل شاهد على انفراد وله أن يواجه الشهود بعضهم ببعض وبالمتهم).

*أحوال الامتناع عن الشهادةأوالإعفاء منها:
1- أن يكون الشاهد تربطه بالمتهم صلة الأصول أو الفروع أو القرابة أو المصاهرة إلى الدرجة الثانية أو الزوجية .
2- أن لا تكون الجريمة واقعة على الشاهد أو أحد أقاربه .
3- أن تكون هناك أدلة إثبات أخرى .
وإذا أختلف الشاهد عن أداء شهادته في غيرها تطبق عليه الامتناع عن الشهادة . (1)
وقد نص قانون الإجراءات الجزائية العماني في المادة (105) على انه( يجوز الامتناع عن الشهادة ضد المهتم من أصوله وفروعه وأقاربه وأصهاره إلى الدرجة الرابعة وزوجه ولو بعد انتهاء رابطة الزوجية إلا إذا كانت الجريمة قد وقعت على أحدهم أو لم تكن هناك أدلة إثبات أخرى).

حلف المتهم لليمين :
يجب على الشاهد الذي بلغ سن (18) حلف اليمين القانونية وفق ما جاءت به التشريعات ليطمأن المحقق من سلامة أقواله ويشهد بما شاهده أو سمعه عن الواقعة على أنه إذا لم يبلغ الشاهد سن البلوغ فإن شهادته تأخذ على سبيل الإستأناس وتعتبر قرينة على المتهم وأن حلف الشاهد يعتبر من ضمانات التي شرعت لصالح المتهم لتذكير الشاهد بالإله من سخطه (2) .
ضمانات إدلاء الشاهد بشهادته أمام سلطة التحقيق :
وهناك ضمانات كفلها القانون لكي تكون شهادة الشاهد سليمة خالية من أي عيب قد يصيبها وترد شهادته على البطلان ومن هذه الضمانات أثناء التحقيق الابتدائي أن يعرف المحقق الشاهد أن السلطة التي تحقق معه هي الإدعاء العام وهذه تعطي إطمئنان للشاهد بان يدلي بشهادته بكل ارتياح دون أن يكون تحت أي ضغط أو إكراه مادي أو معنوي .
أيضا أن يكون أسلوب المحقق معه محترما ً يعطيه قدر من الأهمية لكسب ثقته ويعبر عن ما في خالجه بما رآه عن الواقعة .
أيضا لا يقوم بالضغط عليه أو تهديده بإيقاع فعل ما عليه إذا لم يقوم بالشهادة مما يؤدي إلى أن يشهد بما لم يرى أو يسمع .
وعند سماع الشهادة من الشاهد العاقل المميز البالغ الكامل الأهلية وبعد تحليفه اليمين القانونية في كل مرة يسمع أمام سلطة التحقيق وعدم تحليفه يترتب عليه البطلان وأيضا يجب أن يدون هذه الشهادة في محضر يدون فيه شهادته وشخصيته دون شطب أو حشر إلا إذا صادق عليه المحقق كما يضع بعد ذلك المحقق والكاتب والشاهد شهادته على المحضر إمضاءه على كل صفحة في المحضر . (1)

بطلان الشهادة :
تبطل الشهادة إذا تمت بطريق غير مشروعة إذا خالف ما أمر به الدستور أو القانون أو الأحوال العامة . وعلى ذلك إذا صدرت أقوال من الشاهد بطريقة الإكراه سواء كان بالوعد أو الأغراء على أقل درجة وهو من النظام العام يجب على المحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها كما يجوز التمسك به من أي شخص ولو لم يكن هو من وقع عليه الإكراه كما نصت الـمادة (302) /2 . من قانون الإجراءات الجنائيـة المصري ((كل قول يثبت من أنه صدر من أحد المتهمين أو الشهود تحت وطأة الإكراه أو التهديد به يهدر ولا يعول عليه)).
أيضا تبطل شهادة الشاهد إذا لم يحلف اليمين القانونية بأن يقول الحق وهذا ما نصت عليه المادة (283) من قانون الإجراءات الجنائية المصري وأيضا ًتبطل شهادة الشاهد إذا شهد على إجراء باطل قام به كالتفتيش وجود مضبوط أشياء غير المصرح بها في إذن التفتيش .
كما تبطل شهادة الشاهد الذي لا يسمع في حضور المتهم والمدافع عنه وذلك حتى يتمكن المدافع من سؤال الشاهد عن شهادته .
وتبطل الشهادة أيضا ً إذا قامت بالشهادة صفه من الصفات التي تتعارض مع صفة الشاهد مثل ذلك القاضي نفسه أو أحد العاملين فيها أو وكيل النيابة أو المحقق .(1)

المبــحث الثالث
الاستجواب والمواجهة

المطلب الأول
تعريف الاستجواب والمواجهة:

وقد أشارت التعليمات القضائية للادعاء العام في المادة (64) وعرفت الاستجواب في معناه القانوني يتضمن فضلا على توجيه التهمة للمتهم ومواجهته بالدلائل والقرائن ، بمختلف أنواعها القائمة قبله، ومناقشته تفصيليا وصولا إلى كشف الحقيقة ، سواء بإثبات أركان الجريمة التي ارتكبها ، أم تفنيد المتهم لما يثار ضده من دلائل وقرائن.
ويأتي تعريف الاستجواب على أنه “إجراء من إجراءات التحقيق بل هو أهمها وبمقتضاه يتثبت المحقق من شخصية المتهم ويناقشه في التهمة المنسوبة إليه على وجه مفصل للوصول إلى اعتراف منه مؤيدها أو دفاعاً ينفيها” أي هو إجراء من إجراءات التحقيق وفي نفس الوقت إجراء من إجراءات الدفاع.(1)
وقد نص قانون الإجراءات الجزائية العماني في مادته (114)انه” على عضو الادعاء العام عند حضور المتهم للتحقيق لأول مرة إن يتثبت من شخصيته وان يدون جميع البيانات الخاصة بإثبات شخصيته ويحيطه علما بالتهمة المنسوبة إليه ويثبت أقواله في المحضر”.
وجاء أيضا أن الاستجواب هو إجراء هام من إجراءات التحقيق يهدف إلى الوقوف على حقيقة التهمة من نفس المتهم والوصول إلى اعتراف منه مؤيدها أو إلى دفاع ينفيها. فهو على هذا الأساس إجراء من إجراءات الإثبات له طبيعة مزدوجة الأولى هي كونه من إجراءات التحقيق والثانية هي اعتباره من إجراءات الدفاع.
والاستجواب إما أن يكون حقيقيا آو حكميا .

الاستجواب الحقيقي:
ويتحقق هذا الاستجواب بتوجيه التهمة ومناقشة المتهم تفصيليا عنها ومواجهته بالأدلة القائمة ضده .
فلا يتحقق الاستجواب بمجرد سؤال المتهم عما هو منسوب إليه أو أحاطته علما بنتائج التحقيق إذا لم يتضمن ذلك مناقشته تفصيليا في الأدلة المسندة إليه أي أن الاستجواب يقتضي توافر عنصرين لا قيام بدونهما:
أ) توجيه التهمة ومناقشة المتهم تفصيليا عنها.
ب) مواجهة المتهمين بالأدلة القائمة ضده .
– ولا يلتزم المحقق بترتيب معين في استيفاء هذين العنصرين فقد يكون من الأفضل تأخير توجيه التهمة ومناقشته تفصيليا عنها إلى ما بعد مواجهته بالأدلة القائمة ضده.
الاستجواب الحكمي (المواجهة):
ويعتبر القانون في حكم الاستجواب مواجهة المتهم بغيره من الشهود أو المتهمين فهذه المواجهة تنطوي على إحراجه ومواجهته بما هو قائم ضده.
وتقتضي هذه المواجهة أن تقترن بمناقشة المحقق للمتهم تفصيليا في الموقف الحرج الذي تعرض له حتى يعتبر في حكم الاستجواب.(1)
وقد نص قانون الإجراءات الجزائية العماني في مادته (107) على انه ” يسمع عضو الادعاء العام كل شاهد على انفراد وله إن يواجه الشهود بعضهم ببعض وبالمتهم ”
يثبت المحقق هذه المواجهة وما أدلى به كل منهما اثر المواجهة وهذه المواجهة الشخصية تختلف عن المواجهة القولية التي يواجه المحقق فيها المتهم بشخص متهم آخر أو شاهد آخر و بالتحقيق في هذه المواجهة الأخيرة فهي ليست إجراء مستقل من إجراءات التحقيق وإنما تعتبر جزءا مكملا للاستجواب باعتباره إن الاستجواب يتضمن مواجهة المتهم بأدلة الثبوت ضده. (2)
ويلاحظ إن المواجهة الشخصية هي إجراء من إجراءات التحقيق وتسري عليها إحكامها وقد تكون المواجهة الشخصية إجراء مستقلا يقوم به المحقق في لحظة مستقلة من الإجراءات الأخرى وقد يقوم به بمناسبة قيامه بإجراءات التحقيق الخاصة بالاستجواب أو المعاينة أو سماع الشهود.
ولما كانت مواجهة المتهم بغيره من المتهمين أو الشهود هي مواجهة بأدلة الثبوت مما قد يدفع المتهم إلى الاعتراف أو إلى تقرير ما ليس في صالحه إن كان صدقا أو كذبا فهي بذلك تأخذ حكم الاستجواب ويتعين إن يراعي في إجرائها كافة الضمانات المنصوص عليها بالنسبة للاستجواب والتي سنشير إليها فيما بعد.
والاستجواب الحقيقي أو الحكمي لا تجريه سوى سلطة التحقيق- الإدعاء العام أو قاضي التحقيق – أو المحكمة على النحو الذي سنشير إليه في موضعه.
وجدير بالذكر إن حضور المتهم إثناء سماع شاهد أو متهم أخر غيره لا يعد مواجهة حتى لو سأله المحقق عما إذا كان لديه ملاحظات على أحوال هذا الأخير ما دام ذلك في حدود الاستفهام الإجمالي وبدون ما استرسال في المجابهة في الأدلة ومناقشته فيها و إلا لأصبح الأمر استجوابا صريحا.(1) وفي الواقع لا توجد حدود فاصله بين الاستجواب الحقيقي وبين الاستجواب الحكمي ولعل هذا الاعتبار الذي حدا بالمشرع إلى الجمع بينهما في ضمانات مشتركة.

حضور المتهم التحقيق لأول مرة:
أوجب القانون عند حضور المتهم التحقيق لأول مرة أن يتثبت المحقق من شخصيته ثم يحيطه علما بالتهمة المنسوبة إليه ويثبت أقواله في المحضر وهذا ما نص عليه قانون الإجراءات الجزائية العماني في مادته (114)انه ” على عضو الادعاء العام عند حضور المتهم للتحقيق لأول مرة أن يتثبت من شخصيته وان يدون البيانات الخاصة بإثبات شخصيته ويحيطه علما بالتهمة المنسوبة إليه ويثبت أقواله في المحضر” وهو ما نصت عليه (123) من قانون الإجراءات الجنائية المصري وهذا الإجراء ليس هو الاستجواب لأنه لا يتضمن مناقشة تفصيلية في التهمة.
والتثبت من شخصية المتهم يتم بإثبات البيانات الخاصة به من حيث الاسم والسن والصنعة ومحل الإقامة وهو إجراء له أهميته إذ من شانه أن يحمل المحقق على التأكد من إن الشخص الماثل أمامه هو بذاته المتهم حتى لا يتخذ أي إجراء ضد شخص برئ.
وفضلا على أن معرفة شخصية المتهم لها أهميتها في تقرير العقوبة المناسبة والكفيلة بإصلاحه، ولا يشترط عند التثبت من شخصية المتهم وأحاطته علما بالتهمة المنسوبة إليه إن يفصح المحقق عن شخصيته وإنما يجب إن يحاط علما بسلطة المحقق وهل هو من مأموري الضبط القضائي أم من أعضاء النيابة العامة أم من قضاة التحقيق ولا يترتب على إغفال هذه الإحاطه بطلان الاستجواب ولكن قد يؤثر في اقتناع المحكمة بأقوال المتهم عند إبداء أقواله ومدى هدوء روعهِ وثقتهِ في حيادة المحقق (1).

الاستجوابات الجنائية أمام سلطة الضبط القضائي :
ويلاحظ أن الاستجوابات أمام سلطة الضبط القضائي تخضع لقواعد معينة؛ قد توصل – في الغالب الأعم- إلى معرفة الحقيقة التي يسعى إليها النظام القانوني برمته.
ومن أهم القواعد: الانتظار؛ والمناورة؛ والمفاجأة؛ والوعد بمكافأة.
(1) الانتظار:وينصرف الانتظار- بوصفة أحد الأدوات الهامة في مجال الاستجوابات الجنائية- إلى عدم البدء في الاستجواب بمجرد وصول الشخص المطلوب استجوبه، بل يتم تكليفه بالانتظار في مكان معين بعيداً عن غرفة الاستجواب؛ وذلك لمدة زمنية يقدرها رئيس فريق الاستجوابات بهدف تحقيق ما يرمى إلية من غايات .
(2) المناورة : ويقصد بالمناورة- فيما يخص دراستنا- قيام مأمور الضبط القضائي المكلف برئاسته بإجراء بعض التصرفات التي يفهم منها الوصول إلى كشف حقيقة الحادث محل الفحص دون أن يحاول الضغط على الشخص المستجوب.
(3) المفاجأة: ويلاحظ أن المفاجأة قد تكون بمعلومة أو بشخص أو بواقعة معينة أو بموضوع معين أو بمستندات أو بدليل .
(4) الوعد بمكافأة : ويقصد بالوعد بمكافأة أن يصدر من مأمور الضبط القضائي المختص بالاستجواب – محل البحث- ما يفيد أنه سيقدم للمستجوب فائدة مادية أو معنوية، نتيجة إدلائه بمعلومات، إذ أن المكافأة تعتبر أحد أدوات الاستجواب الهامة التي يجيد رجال الضبط القضائي استخدامها، والتي من شأنها إحداث تأثيراً فورياً، على المستجوب .

المطلب الثاني
مفهوم الاستجواب:

فرق المشرع بين سؤال المتهم واستجوابه كما نصت المادة (123) من قانون الإجراءات الجنائية المصري عن سؤال المتهم. أي أن سؤال المتهم مجرد مواجهته بالتهمة المنسوبة إليه ومطالبته بالرد عليها وهذا الأجراء جائز لمأموري الضبط القضائي كما انه جائز لسلطة التحقيق لأنه من إجراءات الاستدلال أما الاستجواب فهو مناقشة المتهم تفصيليا في التهمة الموجهة إليه ومواجهته بالأدلة القائمة ضده دليلا دليل ومطالبته بالرد عليها. وهذا الاستجواب إجراء خطير لأنه قد يفضي إلى اعتراف المتهم ولذلك لا يكون إلا إجراء تحقيق ولا يمكن إن يكون إجراء استدلال في أية صورة ويبطل إذا أجراه مأموري الضبط القضائي وهذا الإجراء ضروري في التحقيق الابتدائي وان كان خلو التحقيق منه لا يبطل التحقيق ولذلك ذهب البعض إلى إن الاستجواب رهن بمشيئة المتهم ولكن القانون أوجب استجواب المتهم في حالة القبض عليه وحبسه احتياطيا مادة (131) من قانون الإجراءات الجنائية المصري ويقع الحبس الاحتياطي باطلا إذا لم يسبقه استجواب مادة (134)من ذات القانون.
والاستجواب في نفس الوقت وسيلة دفاع مكّن للمتهم بموجبه إن ينفي الاتهام عن نفسه بتفنيد الأدلة القائمة ضده. وقد نص قانون الإجراءات الجزائية العماني في مادته (75) على انه ” لعضو الادعاء العام إن يكلف أحد مأموري الضبط القضائي القيام بعمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق عدا استجواب المتهم ويكون للمكلف في حدود تكليفه سلطة الادعاء العام إذا دعت الحاجة لاتخاذ إجراء خارج دائرة اختصاصه إن يكلف عضو الادعاء العام من جهة”. (1)

مفهوم المواجهة وعلاقتها بالاستجواب وعرض المتهم:
المواجهة أما إن تكون بين متهم ومتهم أو بين متهم وشاهد أو بأقوال كلا منهم للرد عليها وهي تتماثل مع الاستجواب في أنها مواجهة بدليل أو أكثر من أدلة الإدانة ولكنها تتميز عن الاستجواب في إن الأخير يشمل جميع أدلة الاتهام ولذلك فالمواجهة تأخذ حكم الاستجواب ، فهي محظورة على مأموري الضبط القضائي ولكن عدم مواجهة المتهم بغيره من المتهمين أو الشهود لا يترتب عليه بطلان التحقيق ولا يعتبر من قبيل المواجهة عملية عرض المتهم على الشهود للتعرف عليه. (2)
وهذا ما نصت عليه المادة (107) من قانون الإجراءات الجزائية العمانـي التي سبق الإشارة إليها.

الفرق بين سؤال المتهم أو سماع أقواله وبين الاستجواب :
سؤال المتــــهم عن التهمــــــة أو سماع أقوالـــه عنها أجراء من إجراءات جمع الاستدلالات وليس إجراء من إجراءات التحقيق ومن ثم فهو إجراء جائز من مأموري الضبط القضائي وهذا لا يعني أكثر من توجيه التهمة إليه واثبات أقواله بشأنها دون مناقشته فيها أو مواجهته بالأدلة القائمة ضد المتهم، هذا وقد أوجب القانون على المحقق عند حضور المتهم لأول مرة في التحقيق إن يتثبت من شخصيته ثم يحيطه علما بالتهمة المنسوبة إليه ويثبت أقواله في المحضر م (123) من قانون الإجراءات مصري.
أما الاستجواب فهو إجراء حظره القانون على غير سلطة التحقيق ويعني مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية فيما يفندها إن كان منكرا لها أو يعترف بها إذا شاء الاعتراف ويأخذ الاستجواب عادة طابع مناقشة تفصيلية حول الواقعة بدقائقها والأدلة بتفصيلاتها على نحو قد يدفع المتهم إلى الاعتراف أو يظهر على الأقل القيمة الحقيقية للأدلة في ذهن المحقق وهو بهذا إجراء من إجراءات التحقيق يستهدفها التحقق من أدلة الدعوى كما يستهدف تحقيق دفاع المتهم لكي ما يستطيع تفنيد الأدلة التي تحوم ضده ومن هنا فان هذا الإجراء كما قد يسفر عن تدعيم أدلة الاتهام قد ينتهي إلى تفنيد تلك الأدلة وانهيارها. (1)

الفرق بين الاستجواب والمواجهة:
إذا كان الاستجواب يعني مجابهة المتهم بالأدلة القائمة ضده ومناقشته فيها تفصيليا فان المواجهة هي إجراء يواجه فيها المتهم متهم آخر أو شاهد آخر أو أكثر، بالأقوال التي أدلو بها بشأن الواقعة أو ظروفها حتى يتمكن من تاييدها أو نفيها والمواجهة بهذا المعنى كالاستجواب يعني مواجهة المتهم بالأدلة القائمة ضده لا تتميز عنه إلا في أن تلك المواجهة لا تكون بين المتهم والأدلة فحسب وإنما بين المتهم وبين دليل معين أو أكثر وشخص قائله، سواء أكان متهما أخر أو كان شاهدا وهي لهذا السبب تأخذ حكم الاستجواب من حيث شروط سلامتها.(1)

الشروط اللازمة لكي يعد الإجراء استجوابا :
الاستجواب هو إجراء من إجراءات التحقيق ولكي يمكن أن نطلق على هذا الإجراء لفظ استجواب يجب أن يتضمن عدة عناصر:
(1) أن يكون القائم به محققا نظرا لخطورته، وهذا ما نص قانون الإجراءات الجزائية العماني في مادته (75) انه” لعضو الادعاء العام إن يكلف أحد مأموري الضبط القضائي القيام بعمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق عدا استجواب المتهم ويكون للمكلف في حدود تكليفه سلطة الادعاء العام إذا دعت الحاجة لاتخاذ إجراء خارج دائرة اختصاصه إن يكلف عضو الادعاء العام في الجهة ” .
(2) ينبغي التثبت من شخصية المتهم واثبات بياناته الخاصة عند استجوابه لأول مرة في التحقيق.
(3) ينبغي إن يكون الاستجواب بمواجهة المتهم ولا يعني ذلك إن كل متهم يجب استجوابه ولكن المشرع قد يتطرق في بعض الأحيان إلى استجواب المتهم قبل اتخاذ بعض الإجراءات كالحبس الاحتياطي أو عقب القبض عليه في أحوال التلبس ويجب إن يتم بمواجهة المتهم بالأدلة ومناقشته تفصيليا فيها.
(4) يحق للمتهم أن يعلم بالوقائع المنسوبة إليه لكي يتسنى للمحقق سؤاله عنها و للمتهم تفنيدها ، لذا يجب تحديد الوقائع المنسوبة إليه تحديدا صريحا وتحديد وصفها القانوني.
(5) يترتب على ما سبق إن يبدي المتهم دفاعه والإتيان بأدلة مثبتة لبراءته بعد إخطاره بالوقائع المنسوبة إليه وهذا الإخطار يكون عام بأن يبين المتهم للمحقق جريمته دون إن نحدد له نص المادة التي تحكم الواقعة فتكيف الواقعة وتحديد وصفها يتعذر في بداية التحقيق قبل طرح جميع الوقائع أمام المحقق.

متى يكون الاستجواب وجوبي ومتى يكون جوازي:
الاستجواب إجراء خطير وقد يدفع المتهم عند توجيه الأسئلة إليه إن يدلي بأقوال ليست في صالحه، لذا منعه المشرع في حالة الاستدلال من إجراءه وهذا ما نصت عليه المادة (75) من قانون الإجراءات الجزائية العماني “و نصت المادة (35) من ذات القانون على انه ” يثبت مأمور الضبط القضائي في المحضر أقوال المتهم وما يقدمه من دفاع وإذا تضمنت أقوال المتهم اعترافا بارتكاب الجريمة فعليه إثباتها في المحضر وإحالة المتهم إلى عضو الادعاء العام للتثبت من صحة اعترافه”. ولا يجوز ندب مأموري الضبط القضائي لكي يجريه، كذلك لا يجوز في مرحلة المحاكمة استجواب المتهم إلا إذا قبل ذلك م (274) من قانون الإجراءات الجنائية المصري إما في مرحلة التحقيق الابتدائي فالاستجواب متروك لتقدير المحقق فله أن يجريه حتى إذا لم يقبل المتهم ذلك فأنه لا يلتزم بإجراءاته ولو طلبه المتهم، ويرجع عدم وجوب الاستجواب بطريقة حتمية إلى كونه وسيلة لجمع الأدلة لا وسيلة دفاع.(1) لذلك فهو أمر جوازي ولكن هناك حالتان أوجب المشرع الاستجواب فيهما:
(1) في حالة القبض على المتهم أوجب المشرع ذلك فيجب استجواب المتهم بمجرد إلقاء القبض عليه وقد نص قانون الإجراءات الجزائية العماني في مادته (53) انه ” إذا اقتضت مصلحة التحقيق الابتدائي بعد استجواب المتهم منعه من الفرار أو من التأثير في سير التحقيق جاز لعضو الادعاء العام أن يصدر أمرا بحبسه احتياطيا، ولا يجوز الأمر بالحبس الاحتياطي إلا إذا كانت الواقعة جناية آو جنحة معاقبا عليها بالسجن مدة تزيد على ثلاثة أشهر ويجوز حبس المتهم احتياطيا إذا لم يكن له محل إقامة معروف في السلطنة إذا كانت الجريمة معاقبا عليها بالسجن، ويجب إن يشتمل أمر الحبس إضافة إلى البيانات الواردة في المادة (49) من هذا القانون على تكليف القائم على إدارة المكان المخصص للحبس قبول المتهم ووضعه فيه مع بيان مادة القانون المنطبقة على الواقعة.
(2) المتهم المحبوس احتياطيا أوجب المشرع استجوابه وجعله شرط لإصدار الأمر لحبسه احتياطيـــا ونـصت علـى ذلك
(3) المادة(134) إجراءات مصري. (1)
فالقاعدة العامة هي إن الاستجواب غير مقيد بميعاد معين إلا أنه يراعى أن المشرع أوجب إجرائه خلال أربعة وعشرين ساعة إذا كان المتهم مقبوضا عليه كما نصت المادة (131) إجراءات جنائية مصري ، فإذا مضت هذه المدة وجب على مأموري السجن أن يتم تسليمه إلى النيابة العامة فيتم استجوابه فورا.(1) وقد نص قانون الإجراءات الجزائية العماني في مادته (58) على انه ” يجب أن تسمع أقوال المتهم قبل إصدار أي أمر بالحبس الاحتياطي أو بمدة ، وإذا صدر الأمر ضد متهم فار يجب إن تسمع أقواله خلال أربع وعشرين ساعة من وقت القبض عليه ” وأيضا نص قانون الإجراءات الجزائية العماني في مادته (51) أنه” على الادعاء العام أن يستجوب المتهم المقبوض عليه خلال أربع وعشرين ساعة ثم يأمر بحبسه احتياطيا أو بإطلاق سراحه “. والحالة الوحيدة التي يجوز فيها حبس المتهم احتياطيا دون استجوابه هي حالة هربه أن يجوز لسلطة التحقيق إصدار الأمر بحبسه احتياطيا بدون استجواب بعد القبض عليه وهذا الحل محل نظر(2)

المطلب الثالث
ضمانات الاستجواب والمواجهة:

بينا أن الاستجواب أخطر إجراء من إجراءات التحقيق يتعرض له المتهم لما قد يفضي إليه من اعتراف وهذا الاعتراف لا يهدم أصل البراءة في الإنسان لذلك أحاطه المشرع بضمانات كافية حتى يكون معبرا عن الحقيقة فضلا على انه وسيلة المتهم لتفنيد الأدلة المقامة ضده بنفسه ويمكن أن ترد هذه الضمانات كالتالي :

(1) حق المتهم في أن يجري استجوابه بمعرفة جهة قضائية :
تمسك المشرع بضرورة أن الاستجواب لا يتم إلا بمعرفة جهة التحقيق الأصلية (الإدعاء العام) وقد نص قانون الإجراءات الجزائية العماني في مادته (75) على أن (( لعضو الادعاء العام إن يكلف أحد مأموري الضبط القضائي القيام بعمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق عدا استجواب المتهم ويكون للمكلف في حدود تكليفه سلطة الادعاء العام ولعضو الادعاء العام إذا دعت الحاجة لاتخاذ إجراء خارج دائرة اختصاصه أن يكلف عضو الادعاء العام في الجهة)). ونجد أن المشرع المصري في المادة (71) استثنى حالة الضرورة التي أوجب غير جهات التحقيق الأصلية وهي النيابة العامة أو غيرها استجواب المتهم وذلك خوفا من ضياع الحقيقة فأعطى الحق لمأمور الضبط أن يستجوب المتهم التي يخشى فيها ضياع الوقت وكشف الحقيقة .(1)

(2) كفالة حق المتهم في إن يدلي بأقواله بحرية تامة :
كفل المشرع الضمانات للمتهم كي يدلي بأقواله في الاستجواب بحرية تامة دون خضوعه لأي تأثير على إرادته مهما قل شأن التأثير:

(أ‌) عدم جواز تحليف المتهم اليمين القانونية :
أول الضمانات التي كفلها القانون للمتهم لكي يدلي بأقواله بعيدا عن أي تأثير منها التأثير الأدبي على إرادته، انه حظر على المحقق الذي يقوم باستجوابه تحليفه اليمين القانونية فقد نصت المادة (189) الإجراءات الجزائية عماني على انه ” لا يجوز تحليف المتهم اليمين ولا إكراهه أو إغرائه على الإجابة أو إبداء أقول معينة بأية وسيلة من الوسائل” كي لا يكون هناك أي ضغط نفسي أو أدبي عليه في أن يدلي بإجابته في الاستجواب بحرية تامة مراعاة للطبيعة الإنسانية وهذه الضمانة لا تشير إلى نص في قانون الإجراءات الجنائية المصري ولكن قررها القضاء واستقر عليها بل ورتب البطلان على مخالفتها بطلانا يتعلق بالنظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها حتى لو تنازل عنه المتهم وهذا هو مذهب القضاء الفرنسي أيضا وقد يحدث أحيانا أن يسأل شخص بصفته شاهد فيحلف اليمين ثم يسأل بصفته متهما فلا يحلف اليمين. فهنا لا تبطل أقواله التي سمع فيها بوصفه شاهد حيث لا يوجد ما يعيبها.

(ب‌) حماية المتهم من الإكراه:
تتمثل هذه الحماية في تحريم تعذيب المتهم لإكراهه في إبداء أقوال معينة فإذا ما كان الغرض من التعذيب هو حمل المتهم على الاعتراف كان الفعل جريمة يعاقب عليها القانون وقد نص قانون الإجراءات العماني في مادته (41) ” لا يجوز القبض على أي إنسان أو حبسه إلا بأمر من السلطة المختصة بذلك قانونا ويجب معاملة المقبوض عليه بما يحفظ عليه كرامته ويحظر على مأموري الضبط القضائي أو أي شخص ذي سلطة عامة إن يلجأ إلى التعذيب أو الإكراه أو الأغراء أو المعاملة الحاطة بالكرامة للحصول على أقوال أو منع الإدلاء بها أثناء جمع الاستدلالات أو التحقيق الابتدائي أو المحاكمة”.

(ج) إحداث إجهاد نفسي للمتهم :
قد يعمد المحقق إلى إطالة وقت الاستجواب لإحداث إجهاد نفسي للمستجوب وينتج عن ذلك التأثير في إرادته لعدم قدرته الذهنية على متابعة المناقشة التفصيلية لوقت طويل فإذا حدث هذا فيعد الاستجواب باطلا .

(د) اثر الوسائل العلمية الحديثة على استجواب المتهم:
ومن هذه الوسائل التنويم المغناطيسي وعقار كشف الحقيقة وهذه المعلومات تنتزع من نفس المتهم نزعا أي تكون تغير إرادته ورضاه ويكاد ينعقد الإجماع على رفضه كوسيلة لاستجواب المتهم حتى ولو لم يوجد نص تشريعي يقضي بتحريمه من الضمانات المقررة .

3- كفالة حق الدفاع :
من الضمانات المقررة للمتهم في الاستجواب توفير حق الدفاع له ومن ذلك التسليم بحقه في الصمت كوسيلة للدفاع وحق محاميه في أن يدعى للحضور وقت الاستجواب وحق هذا الأخير في الإطلاع على الأوراق قبل الاستجواب وقد نص قانون الإجراءات الجزائية العماني في المادة (115)انه ” يجب السماح للمحامي بالإطلاع على التحقيق في اليوم السابق على الاستجواب أو المواجهة وفي جميع الأحوال لا يجوز الفصل بين المتهم ومحاميه الحاضر معه أثناء التحقيق”، ومن ضماناته أن لا يجوز حبسه احتياطيا قبل أن يستجوب وهذه من الضمانات التي يضمنها المشرع للمتهم في فترة التحقيق وقد نص أيضا في مادته (51 ) أنه ” على الادعاء العام أن يستجوب المتهم المقبوض عليه خلال أربع وعشرين ساعة ثم يأمر بحبسه احتياطيا أو بإطلاق سراحه” وأيضا قد نص قانون الإجراءات العماني في مادته(58) انه” يجب أن تسمع أقوال المتهم قبل إصدار أي أمر بالحبس الاحتياطي أو بمدة وإذا صدر الأمر ضد متهم فار يجب إن تسمع أقواله خلال أربع وعشرين ساعة من وقت القبض عليه “

طريقة الاستجواب ومضمونه:
قبل استجواب المتهم يجب أن يبدأ المحقق بالتثبت من شخصيته واثبات البيانات الخاصة به من حيث الاسم والسن والصنعة ومحل الإقامة واثبات أوصافه وما يشاهده على جسمه وملابسه من علامات أو أثار ثم يبدأ بسؤاله شفويا عما اسند إليه ولا يشترط أن يوجه للمتهم في صدر الاستجواب التهمة بشكل محدد بل يكفي إن يحيطه بها بوجه عام بشرط أن يبين أي تهمة وجهها إليه، ولا يكفي في هذا المقام أن يثبت المحقق في محضره ( سألنا المتهم شفويا عن التهمة فأنكرها ) إذ أن مثل هذا القول يكون غامضا وقاصرا(1) .
وإذا أنكر المتهم التهمه عند مواجهته بها شفويا فيكتفي المحقق بإنكاره ويسأله عما إذا كان لديه شهود نفي يريد الاستشهاد بهم من عدمه فإذا ذكر المتهم شهود نفي فعلى المحقق إثبات أسمائهم بالمحضر ويأمر باستحضارهم فورا لما عساه أن يحصل من أن يلقن إليهم شهادات مزيفة تصادق أقوال المتهم وإذا حضروا شهود النفي فيجب وضعهم منعزلين حتى لا يؤثر أحدا عليهم ويشرع المحقق في التحقيق بسؤال شهود الإثبات ثم يقوم باستجواب المتهم فيوجه إليه الأدلة التي نهضت ضده ويسأله عما إذا كان عنده ما يفندها ويحقق دفاعه.
ويجب على المحقق مراعاة ما يلي :

1- إتباع الطرق التي يقتضيها حيال وظيفته، فلا يجوز له في سبيل الوصول إلى الحقيقة إن يعمد إلى خداع المتهم بالكذب أو استعمال الطرق الاحتيالية، لما يترتب على ذلك من تضليل المتهم على نحو يمس حريته في إبداء أقواله وهذا ما نص عليه المشرع العماني في مادته (189) انه ” لا يجوز تحليف المتهم اليمين ولا إكراهه أو إغراؤه على الإجابة أو إبداء أقوال معينة بأية وسيلة من الوسائل ولا يفسر سكوته في أي وقت أو امتناعه عن الإجابة بانه إقرار بشي ولا يجوز إن يعاقب على شهادة الزور بالنسبة إلى الأقوال التي ينفي بها التهمة عن نفسه”
2- إن يلم بشخصية المتهم بكافة مقوماتها والإحاطة بماضيه الإجرامي لان ذلك يساعده في كيفية إدارة الاستجواب.
3- يجب على المحقق أن يعامل المتهم بأدب، واحترام حقوقه الإنسانية حتى يستحوذ على ثقته ويصل بذلك إلى الحقيقة.
4- يجب على المحقق أن يسيطر على الموقف أثناء استجواب المتهم فيقود ببراعة أسئلته ويسلك الطريق الذي يراه مؤديا إلى الوصول للحقيقة ،فلا يترك نفسه أسيرا لمحاولة المتهم تثبيت اتجاه التحقيق في مسالك متشعبة لا علاقة لها بالتهمة الأصلية.
5- يجب على المحقق إن يخلو مع المتهم عند استجوابه لان هذه الخلوة تشجعه على الثقة به والاعتراف له، أما استجواب المتهم أمام الغير فانه ينتج اثر سيئا في نفسيته ويشعره بان الأسئلة الموجهة إليه هي من اجل اتهامه لا من اجل تمكينه من الدفاع عن نفسه .
6- يجب إلا يبدأ المحقق في تناول موضوع التهمة مباشرة وإنما يمكن أن يتحدث معه أولا في أشياء لا علاقة لها بالتهمة.
7- يجب أن تكون الأسئلة التي يوجهها المحقق بسيطة وواضحة ودقيقة وألا يوجهها باللغة الفصحى إذا كان المتهم لا يعرفها بل يختار العبارات المألوفة له.
8- لا يجوز للمحقق أن يعد جميع الأسئلة بل استجواب المتهم في الأسئلة المجدية للتحقيق فهي التي تظهر من إجابات المتهم التي يدلى فيها بأقواله كما لا يجوز للمحقق أن يوجه أسئلة إيقاعية أو إيحائية للمتهم .
9- إذا لاحظ المحقق إن المتهم قد عمد إلى الكذب في البيانات التي يدلى بها فيجب ألا يشعره بذلك بل يسايره رغم اقتناعه بالكذب.
10- مجابهة المتهم بالأدلة المثبتة للاتهام دليلا دليلاًَ ويناقشه في كل منها على حدة، ولا يوجد ما يمنع من مواجهة المتهم.
11- دعوة المتهم إلى إبداء دفاعه والإتيان بالأدلة المثبتة لبراءته.
12- الأصل أن يجري الاستجواب باللغة الرسمية للدولة وهي اللغة العربية فان تعذر فيجب الاستعانة بوسيط يجيد لغة المتهم واللغة العربية.
13- إذا كان المتهم أبكم لا يستطيع التحدث فيكون الاستجواب بطريق الإشارة وان تعذر ذلك فعلى المحقق الاستعانة بوسيط.
14- إذا طرأ على المتهم عاهة عقلية أو جنون أثناء الاستجواب فيتعين أن يوقف الاستجواب حتى يعود إلى رشده وليتمكن من الدفاع عن نفسه.
15- إذا جمع المحقق أدلة الإثبات الكافية للأدانه المتهم وجب عليه توجيه التهمة إليه بصورة واضحة مفصلة حتى يستطيع المتهم أن يحدد مركز دفاعه.

استجواب المتهم الذي يتكلم بلغة أجنبية أو بلهجة غير معروفة:
من المتفق عليه أن القاضي أو المحقق يجوز له الاستعانة بمترجم إذا تبين أن المتهم يتكلم بلغة أجنبية أو بلهجة غير معروفة وبالتالي يصعب التفاهم معه باللغة الرسمية، كما أن القاضي أو المحقق له هذا الحق أيضا إذا قدم مستند في الدعوى محرر بلغة أجنبية، ولم يتناول قانون الإجراءات الجنائية المصري بيان الصفة الإجرائية للمترجم، ولذلك ثار خلاف فقهي مصدره التساؤل حول ما إذا كان المترجم يعد شاهدا على ما يقره المتهم بلغته أم انه يعد خبير في مدلول تلك اللغة إلا أن المستقر عليه (1) إن الترجمة هي نوع من الخبرة فالمترجم ليس إلا مساعدا للقاضي أو المحقق تتوافر لديه كفاءة خاصة هي معرفة اللغة المطلوب ترجمتها لنقل مضمون الأقوال أو الكتابة المقدمة إلى اللغة العربية، وما دام عمل المترجم هو نوع من الخبرة فلا بد من تحليفه اليمين القانونية قبل مباشرته مأموريته والتأكد من إجادته للغة المتهم واللغة العربية، وقد نص قانون الإجراءات الجزائية العماني في مادته (118) انه ” إذا كان الخبير من غير المقيدين في الجدول وجب أن يحلف أمام عضو الادعاء العام يمينا بان يؤدي عمله بالذمة والصدق” وتترتب على ما تقدم إذا كان المتهم في مرحلة الاستجواب يتكلم بلغة أجنبية أو بلهجة غير معروفة فيتعين على القاضي أو المحقق الاستعانة بمترجم قبل مباشرة مأموريته، وعلى المحقق أن يثبت كل هذه الإجراءات في صدر محضره قبل أن يباشر التحقيق ثم يقوم بتوجيه السؤال إلى المترجم الذي يقوم بدوره بتوصيله إلى المحقق وكل سؤال وإجابته يتعين أن يثبت باللغة العربية في محضر التحقيق.

المطـلب الرابع:
بطلان الاستجواب أو المواجهة :

لقد نص قانون الإجراءات الجزائية العماني في مادته (208) انه ” يترتب البطلان على عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بأي إجراء جوهري”. وقد نص أيضا في مادته (209) انه ” إذا كان البطلان راجعا لعدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بتشكيل المحكمة أو بولاية الحكم في الدعوى أو باختصاصها من حيث نوع الجريمة أو غير ذلك مما يتعلق بالنظام العام جاز التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى وتقضي به المحكمة من تلقاء ذاتها ” وأيضا نص في مادته(210) انه ” في غير الأحوال المنصوص عليها في المادة (209) من هذا القانون يسقط الحق في الدفع ببطلان الإجراءات الخاصة بجمع الاستدلالات أو التحقيق الابتدائي بالجلسة في الجنح والجنايات إذا كان للمتهم محام وحصل الأجراء بحضوره دون اعتراض منه ” وأيضا نص في مادته (192) انه ” كل قول أو اعتراف صدر نتيجة تعذيب أو إكراه مادي أو معنوي يقع باطلا ولا قيمة له في الإثبات ” نص أيضا في مادته (115) انه ” … لا يجوز الفصل بين المتهم ومحاميه الحاضر معه أثناء التحقيق ” ويكون بطلان الاستجواب نسبيا لا مطلقا يسقط الحق في التمسك به بالتنازل عنه صراحة أو ضمنا كما لا يجوز للمحكمة أن تقضي به إلا بناء على طلب الخصم إذا كان هذا البطلان راجعا لعدم دعوة المحامي المتهم للحضور(1) أو لعدم تمكينه من الإطلاع على التحقيق باعتبار أن البطلان ناتج من مخالفة لقاعدة جوهرية مقرة لمصلحة الخصوم. ويترتب على بطلان الاستجواب بطلان كل ما يترتب عليه من أثار فيكون الاعتراف المترتب على الاستجواب باطلا هو الأخر ويكون الأمر بالحبس الاحتياطي أو بمده باطلا على أساس أن القانون لا يجيز حبس المتهم احتياطيا إلا بعد استجوابه من قبل سلطة التحقيق استجوابا صحيحا بطبيعة الحال وللمحقق أن يصحح الاستجواب الباطل بإعادته مطابقاً لشروط صحته وهنا يجوز الاستناد إليه كدليل.
لان من قواعد الاستجواب ما يتعلق بالنظام العام فيترتب على مخالفة هذه القواعد بطلانه ، والمقصود بمخالفة هذه القواعد عدم مراعاة الضمانات الخاصة بالاستجواب مما يؤدي لبطلانه ما يترتب عليه من إجراءات.
فيبطل الاستجواب إذا خولفت في إجرائه قاعدة جوهرية ويكون البطلان مطلق إذا كانت هذه القاعدة الجوهرية التي خولفت تحمي مصلحة عامة وفيما عدا ذلك يكون البطلان نسبي ومتعلق بالنظام العام في حالة انعدام الولاية بإجراء الاستجواب كما لو كان باشر الاستجواب مأمور الضبط القضائي بناء على انتداب من قاضي التحقيق أو النيابة العامة.
كما يكون معلقا بالنظام العام أيضا إذا كان هناك تأثير على إرادة المتهم مادياً أو معنوياً أما مخالفة بعض القواعد المتعلقة بمصلحة المتهم في الدفاع (كدعوة محاميه وإطلاعه على الأوراق) فيترتب عليها بطلان متعلق بمصلحة الخصوم وليس متعلق بالنظام العام وبطلان الاستجواب يرتب عليه بطلان كل ما يترتب عليه من الآثار.(1)

الخاتــمـة:

إن للاستجواب أهمية كبيرة حيث أنه يهدف للوصول إلى الحقيقة ، وهذه الحقيقة لا تتأتى بتلك السهولة التي نتصورها وإنما هي تأتي من الممارسة والدراسة في نفس الوقت، ولو نظرنا إلى هذا المستجوب لوجدنا في نفسه الحب والكره والحلم والغضب والعقل والجنون والأنانية والحقد والخير فهو مزيج من هذه المؤثرات. وهي تعتمد أيضا على ظروف ووضع هذا الإنسان والبيئة المحيطة به سواء الجغرافية أو البشرية فأقول انه لا يوجد إنسان مجرم ولد بالفطرة ولكن هناك عوامل أدت إلى ظهورها في حياته.
ومن خلال بحثي هذا سأحاول أن آخذ نبذه سريعة ومختصرة عن ما توصلت إليه، وهي تتمثل في النقاط الاتيه :
1- أن المتهم يبقى متهما منذ بداية مرحلة جمع الاستدلالات والتحقيق الابتدائي، وبعد ذلك المحقق يتصرف بالقضية سواء بالإحالة بعد ثبوت التهمه عليه سواء بالتلبس أو بالاعتراف الصريح أو بالأدلة القائمة عليه ، أو بحفظ الدعوى عنه لعدم كفاية الأدلة أو إن المحقق استبعده عن دائرة الاتهام.
2- أما من ناحية الشهادة والشهود فان على المحقق التأكد من صدق أقوالهم في القضية، وهنا نقول إن تبرأت المتهم خير من إدانة بريء وذلك تجنباً للشهادة الكيدية أو شهادة الزور.
3- ومن ناحية الاستجواب فانه ضمانة أعطاها القانون لأعضاء الادعاء العام لأنها السلطة المحايدة ولا يهمها إلا للوصول إلى الحقيقة ولأنهم أكثر خبرة من الناحية القانونية وهم في الأصل قضاة همهم العدالة.
تم بحمد الله

المراجــع :

1- استجواب المتهم فقهاء ً وقضاء للمستشار خليل – عدلي دار الكتب القانونية مصر 2004م .
2- اعتراف المتهم فقهاء وقضاء – المستشار خليل – عدلي دار الكتب القانونية مصر 2004.
3- الإجراءات الجنائية الدكتور أبو عامر – محمد زكي دار الجامعة الجديدة 2005.
4- التحقيق الجنائي الابتدائي أحمد المهدي ، أشرف الشافعي .
5- الإجراءات الجنائية في التشريع المصري الدكتور سلامه – مأمون محمد دار النهضة العربية 2002.
6- استجواب الشهود في المسائل الجنائية الدكتور العدالي – محمد صالح دار الفكر الجامعي 2004.
7- ضوابط الإثبات الجنائي – مستشار الفقي عمر عيسى منشأة المعارف.
8- مناقشة الشهود واستجوابهم في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي الدكتور الزيني محمود محمد عبد العزيز دار الكتاب الجديدة للنشر .
9- قانون الإجراءات الجنائية حسني – محمود نجيب دار النهضة العربية.
10- القواعد العامة للإجراءات الجنائية مهدي – عبد الرءوف مكتبة رجال القضاء 2003 .
11- الموسوعة الجنائية الجديدة في شرح قانون الإجراءات الجنائية المستشار عبد المطلب ، إيهاب المركز القومي للإصدارات القانونية .
12- المركز القانوني للمتهم الدكتور أحمد ، هلالي عبد الإله دار النهضة العربية .

المحتويات

م الموضوع الصفحة
1 المقدمة 1
2 المبحث الأول : المتهم 2 – 6
3 المطلب الأول 2
4 تعريف المتهم 2
5 شروط المتهم 4
6 حقوق المتهم وواجباته 5- 6
7 المطلب الثاني 7
8 إثبات شخصية المتهم 7
9 زوال صفة المتهم 8
10 المبحث الثاني : الشاهد 9- 16
11 المطلب الأول 9
12 تعريف الشهادة ومن هو الشاهد 9
13 الشروط الواجب توافرها في الشاهد لصحة شاهدته 10 -11
14 أنواع الشهود 11- 12
15 أنواع الشهادة 12
16 المطلب الثاني 13
17 كيفية أداء الشهادة 13
18 أحوال الامتناع عن الشهادة والإعفاء منها 13-14
17 حلف المتهم لليمين 14
18 ضمانات أداء الشاهد بشهادته أمام سلطة التحقيق 14-15
19 بطلان الشهادة 15-16
20 المبحث الثالث : الاستجواب والمواجهة 17-36

تابع المحتويات
م الموضوع الصفحة
21 المطلب الأول 17
22 تعريف الاستجواب والمواجهة 17
23 الاستجواب الحقيقي 18
24 استجواب الحكمي ( المواجهة ) 18-19
25 حضور المتهم التحقيق لأول مرة 20
26 الاستجوابات الجنائية أمام سلطة الضبط القضائي 21
27 المطلب الثاني 22-28
28 مفهوم الاستجواب 22
29 مفهوم المواجهة وعلاقتها بالإستجواب وعرض المتهم 23
30 الفرق بين سؤال المتهم أم سماع أقواله وبين الاستجواب 23-24
31 الفرق بين الاستجواب والمواجهة 24
32 الشروط اللازمة لكي يعد الإجراء استجوابا 24-25
33 متى يكون الاستجواب وجوبي ومتى يكون جوازي 25-27
34 المطلب الثالث 28-35
35 ضمانات الاستجواب والمواجهة 28-31
36 طريقة الاستجواب ومضمونه 31-33
37 استجواب المتهم الذي يتكلم بلغة أجنبية أو بلهجة غير معروفة . 33-34
38 المطلب الرابع 35-36
39 بطلان الاستجواب أو المواجهة 35-36
40 الخاتمة 37
41 المراجع 39

شارك المقالة

1 تعليق

  1. Well done your research is really good.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.