نحاول في هذا الموضوع الإجابة عن سؤال محدد هو : ما الحكم في حالة حصول المكلف على تعويض مقابل الخسارة العرضية التي تعرض لها ؟. الجواب على ذلك هو إن حصول المكلف على تعويض لقاء الخسارة التي تعرض لها يترتب عليه عدم خصم الخسارة العرضية، أما إذا لم يحصل المكلف على تعويض فتكون خسارته واجبة الخصم. فإذا حصل المكلف على تعويض عن طريق إقامة الدعوى على السارق مثلاً وثبت ذلك للسلطة المالية أو حصل على تعويض من شركة التأمين كمقابل للبضاعة المؤمن عليها ضد الحريق أو السرقة أو الغرق، ففي جميع هذه الحالات يكون المبلغ الذي حصل عليه المكلف كتعويض بمثابة الدخل الذي يحصل عليه المكلف كما لو تمت الاستفادة من هذه البضاعة من دون تعرضها للسرقة أو الحريق أو الغرق ويكون هذا المبلغ خاضعاً للضريبة، ونتيجة لذلك فإن الخسارة التي تعرض لها المكلف بسبب الغرق أو الحريق أو السرقة تعتبر كأن لم تكن وبالتالي لا تخصم من وعاء الضريبة(1).

وتقرر التشريعات الضريبية خصم الخسائر الناجمة عن الحوادث المضرة ما لم يكن المكلف قد حصل على تعويض مقابل هذه الخسارة، فقد صدر قرار لمحكمة النقض المصرية جاء فيه : (لا يجوز عدم استنـزال ما تكبده الممول من خسائر بسبب ما ثبت وقوعه على منشأته من سرقة أو اختلاس متى كان الظاهر إن هذه لم ترد إليه فعلاً، ولا يغني عن الرد الفعلي أن يكون الممول قد أهمل أو تراخى في تنفيذ الحكم الذي استصدره بالتعويض على السارق أو المختلس ذلك لأن الممول لا يحاسب على ما فرط في تحصيله من ربح أو أهمل توقعه من خسارة)(2). وتجدر الملاحظة إلى أن هناك رأياً يتعارض مع ما ذهبت إليه المحكمة في قرارها السالف الذكر من حيث إن المكلف يستحق التعويض عن الخسارة التي تعرض لها حتى وإن أهمل أو تراخى في تنفيذ الحكم الخاص بالتعويض عن الخسارة، وقد استند هذا الرأي أو الاتجاه إلى العديد من الحجج هي :

1.إن القول باستحقاق المكلف للتعويض بالرغم من الإهمال والتراخي في تنفيذ الحكم الخاص بالتعويض سيكون على حساب مالية الدولة والخزانة العامة، فالتقصير من جانب المكلف في استحقاق التعويض يجب أن لا يكون على حساب المصلحة العامة.

2.إن ذلك قد يؤدي إلى تشجيع المكلف على الاتفاق مع من سبب له الخسارة (السارق أو المختلس مثلاً) على أن يتقاضى منه مبلغ معين من المال مقابل التراخي والإهمال في تنفيذ الحكم الصادر بخصوص التعويض وفي ذات الوقت يكون المكلف قد حصل على حقه في خصم خسارته(3).

الباحث إذ يؤيد هذا الاتجاه السالف الذكر يرى من الأفضل عدم جواز خصم الخسارة إذا حصل المكلف على حكم خاص بالتعويض عن هذه الخسارة التي تعرض لها وينتهي الأمر لهذا الحد سواءً كان المكلف قد تراخى في تنفيذ الحكم أو حصل على مبلغ التعويض ويتحمل المكلف وحده نتائج إهماله لأن القول بخلاف ذلك يؤدي إلى أن يكون القرار الخاص بالتعويض عديم الأثر أي لا أثر له طالما كان المكلف يستحق خصم خسارته سواءً نفذ الحكم لم يقم بتنفيذه، كما هو الحال في اتفاق المكلف مع من سبب له الخسارة على التعمد بالإهمال والتراخي في تنفيذ الحكم الخاص بالتعويض، وقد يتعمد المكلف الإهمال والتراخي في تنفيذ الحكم حتى خصم خسارته ثم يعمد مرة ثانية إلى تنفيذ هذا الحكم الخاص بالتعويض وهذا ما يتنافى مع قواعد العدالة ويشجع على التهرب من الضرائب، فهذا الأمر لا يخلو من الصعوبة من الناحية العملية. إضافة إلى ذلك فقد صدر قرار لمحكمة النقض المصرية بما يؤيد خصم الخسائر الناجمة عن الحوادث المضرة ، وقد جاء في نص القرار ما يلي: (يجوز للممول أن يخصم الخسارة التي تلحق بأصل من أصول المنشأة نتيجة للسرقة أو الاختلاس حتى وإن أهمل المكلف أو تراخى في تنفيذ الحكم الذي استصدره بالتعويض على السارق أو المختلس ذلك لأن الممول لا يحاسب على ما يفرط في تحصيله من ربح أو أهمل توقعه من خسائر)(4).

وبناءً على ما تقدم يمكن القول بان المكلف له الحق بالمطالبة بخصم خسارته العرضية حتى وإن تراخى أو أهمل في تنفيذ الحكم الذي حصل عليه والذي يتضمن تعويضاً عن خسارته لأن المكلف يحاسب عادة على ما حصل عليه فعلاً من أرباح وما تعرض له من خسائر دون الأخذ بنظر الاعتبار إهماله في تنفيذ حكم التعويض(5). كما أن حصول المكلف على التعويض يحول دون إمكانية خصم خسارته التي تعرض لها، أما إذا لم يحصل المكلف على تعويض فتكون خسارته واجبة الخصم من وعاء الضريبة.

________________________

1- د. زكريا محمد بيومي، ضريبة الدخل في التشريع السوداني- دراسة تحليلية مقارنة، منشأة المعارف بالإسكندرية، 1974، ص121-122.

_كذلك أنظر مدحت عباس أمين ، التكاليف في التشريع الضريبـي العراقي – دراسة مقارنة مع التشريعين المصري والإنكليزي، رسالة دكتوراه ، جامعة عين شمس، القاهرة، 1980، ص584.

_أنظر أيضاً :

– M. Duverger، Finances publiques، P.U.F.، Paris، 1971، p. 540.

2- القرار الصادر بتاريخ 4/ يونيو/ 1953، مشار إلى ذلك : زكريا محمد بيومي، مصدر سابق، ص123.

3-زكريا محمد بيومي، نفس المصدر السابق .

4- القرار الصادر بتاريخ 4/6/1953 مشار إلى ذلك لدى: د. السيد عبد المولي ، مصدر سابق، ص205-206.

5- رفيق الاختيار، الضريبة على الدخل (المحاسبة الضريبية) ، الطبعة الثانية، مطبعة الشركة العربية، 1967/1968، ص183.

_أنظر كذلك كامل محمد بدوي ، المرجع في تشريعات الضرائب فقهاً وقضاءً، الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية ، الكتاب الثاني، دار الفكر العربي، 1972، ص222.

_د.محمود رياض عطية الوسيط في تشريع الضرائب، دار المعارف للنشر، مطبعة الشاعر، مصر، 1965، ص454.

المؤلف : حيدر نجيب احمد فائق سعيد المفتي
الكتاب أو المصدر : الخسائر الضريبية في قانون ضريبة الدخل العراقي

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .