دراسة للضوابط الشرعية لصرف النقود

 تعريفات:

• الصرف: مبادلة النقود بعضها ببعض، فإن كان ذلك بقصد الربح سمي المتاجرة في العملات.
• المقاصة (clearing) : معالجة عمليات الدفع والتسليم وتحديد حجم الدائنية والمديونية بين المتعاملين، وبالتالي تحديد التزامات كل طرف تمهيداً للتسوية.
• التسوية (settlement) : إنهاء التزامات طرفي المعاملة بتطارح الدينين، أو التسليم الفعلي للنقود.

 الحكم الشرعي للمتاجرة في العملات:

1. تجوز المتاجرة في العملات شريطة مراعاة الأحكام والضوابط الشرعية الآتية:

‌أ. أن يتم التقابض قبل تفرق العاقدين، سواء أكان القبض حقيقياً أم حكمياً.
‌ب. أن يتم التماثل في البدلين اللذين هما من جنس واحد، ولو كان أحدهما عملة ورقية والآخر عملة معدنية؛ مثل الجنيه الورقي والجنيه المعدني للدولة نفسها، .
‌ج. ألا يشتمل العقد على خيار شرطٍ، أو أجلٍ لتسليم أحد البدلين أو كليهما.
‌د. ألا تكون عملية المتاجرة بالعملات بقصد الاحتكار، أو بما يترتب عليه ضرر بالأفراد أو المجتمعات.
‌هـ. ألا يكون التعامل بالعملات في السوق الآجلة.

2. يحرم الصرف الآجل ولو كان لتوقي انخفاض ربح العملية التي تتم بعملة يتوقع انخفاض قيمتها، سواء أكان بتبادل حوالات آجلة، أم بإبرام عقود مؤجلة لا يتحقق فيها قبض البدلين كليهما.

3. يحق للبنك لتوقي انخفاض العملة في المستقبل اللجوء إلى ما يأتي:

أ. إجراء قروض متبادلة بعملات مختلفة بدون أخذ فائدة أو إعطائها، شريطة عدم الربط بين القرضين.
‌ب. شراء بضائع أو إبرام عمليات مرابحة بنفس العملة.

4. يجوز أن يتفق البنك والعميل عند الوفاء بأقساط العمليات المؤجلة (مثل المرابحة) على سدادها بعملة أخرى بسعر يوم الوفاء.

5. لا يجوز للبنك تقديم تسهيلات مالية (قروض) للعميل للمتاجرة في العملات إذا تضمنت هذه العمليات منفعة مشروطة للبنك، ومن ذلك:

أ. أن يكون القرض بفائدة.
‌ب. أن يشترط أن تكون متاجرة العميل من خلال أجهزة البنك.
‌ج. أن يأخذ عمولات مقابل عمليات العميل.

 القبض في الصرف:

6. إذا تم التعاقد على صرف عملة بأخرى فلا بد من قبض البدلين جميعاً قبل التفرق، ولا يكفي قبض أحدهما دون الآخر، ولا قبض جزء من أحد البدلين؛ فإن قبض بعض البدل صح فيما تم قبضه دون الباقي.

7. يتحقق القبض بحصوله حقيقة أو حكماً، وتختلف كيفية قبض الأشياء بحسب حالها واختلاف الأعراف فيما يكون قبضاً لها.

8. يتحقق القبض الحقيقي بالمناولة بالأيدي.

9. يتحقق القبض الحكمي اعتباراً وحكماً بالتخلية مع التمكين من التصرف ولو لم يوجد القبض حسّاً. ومن صور القبض الحكمي المعتبرة شرعاً وعرفاً ما يأتي:

أ. القيد المصرفي المقترن بالتسوية الفورية لمبلغ من المال في حساب العميل في الحالات الآتية:

 إذا أودع في حساب العميل مبلغ من المال مباشرة أو بحوالة مصرفية.
 إذا عقد العميل عقد صرف ناجزاً بينه وبين البنك في حال شراء عملة بعملة أخرى لحساب العميل.
 إذا اقتطع البنك -بأمر العميل- مبلغاً من حساب له ليضمه إلى حساب آخر بعملة أخرى في البنك نفسه أو غيره لصالح العميل أو لمستفيد آخر.
ويغتفر استثناءً في حال الضرورة تأخير تسوية القيود (التسلم الفعلي) إلى المدة المتعارف عليها في أسواق الصرف العاجل (يوم، أو يومي عمل)، بشرط تقييد العملية قيداً ابتدائياً عند التعاقد، وعدم الاكتفاء بالتعاقد الشفوي؛ على أنه لا يجوز للمستفيد أن يتصرف في العملة خلال المدة المغتفرة إلا بعد أن يحصل أثر القيد المصرفي بإمكان التسليم الفعلي.

‌ب. تسلم الشيك السياحي أو المصرفي أو المصدق.

ج. تسلم الشيك الشخصي إذا كان له رصيد ودل العرف على اعتبار قبضه قبضاً لمحتواه .

د. تسلم البائع قسيمة الدفع الموقعة من حامل بطاقة الائتمان (المشتري) في الحالة التي يمكن للبنك المصدر للبطاقة أن يدفع المبلغ إلى قابل البطاقة بدون أجل.

 التوكيل في الصرف

10. يجوز توكيل غير الطرف المتعاقد معه بإبرام عقد بيع عملات، مع توكيله بالقبض والتسليم.
11. يجوز توكيل غير الطرف المتعاقد معه ببيع عملات بدون توكيله بالقبض، شريطة قيام الموكل أو وكيل آخر بالقبض قبل تفرق العاقدين.
12. يجوز التوكيل بقبض العملة بعد إبرام عقد الصرف على أن لا يفترق الموكلان قبل تمام القبض من الوكيلين. مع مراعاة الاستثناء المذكور في الفقرة (9 أ)

 استخدام وسائل الاتصال الحديثة في الصرف

13. تنشأ عن التعاقد بوسائل الاتصال الحديثة بين طرفين في مكانين متباعدين الآثار نفسها المترتبة على إجراء العقد في مكان واحد.
14. يظل الإيجاب محدد المدة الصادر بإحدى وسائل الاتصال الحديثة ملزماً لمن أصدره خلال تلك المدة. ولا يتم العقد إلا عند القبول والتقابض الحقيقي أو الحكمي.

 المواعدة في الصرف

15. تحرم المواعدة في المتاجرة بالعملات إذا كانت ملزمة للطرفين، ولو كان ذلك لمعالجة مخاطر هبوط العملة.
16. لا يجوز ما يعرف بـ: “الشراء والبيع الموازي للعملات” (parallel purchase and sale of currencies) وذلك لوجود أحد أسباب الفساد الآتية:

أ. عدم تسليم وتسلم العملتين (المشتراة والمبيعة)؛ فيكون حينئذ من بيع العملة بالأجل.
‌ب. اشتراط عقد صرف في عقد صرف آخر.
‌ج. المواعدة الملزمة لطرفي عقد الصرف.

17. لا يجوز أن يُقدِّم أحد طرفي المشاركة أو المضاربة التزاماً للطرف الآخر بحمايته من مخاطر التذبذب في سعر الصرف، ولكن يجوز أن يتبرع طرف ثالث بذلك -مثل الحكومة أو بنك تنمية إقليمي-، على ألا ينتفع المتبرع بذلك الضمان كأخذ عوض، أو ضمان متبادل من أحد طرفي العقد.

 المبادلة في النقود الثابتة ديناً في الذمة

18. تصح المبادلة في النقود الثابتة ديناً في الذمة إذا أدت إلى الوفاء بسقوط الدينين محل المصارفة وتفريغ الذمتين منهما. ومن صورها ما يأتي:
‌أ. تطارح (إطفاء) الدينين الحالين، بأن يكون في ذمة شخص دنانير لآخر، وللآخر في ذمة الأول دراهم، فيتفقان على سعر المبادلة لإطفاء الدين كله أو بعضه تبعاً للمبالغ. ويطلق على هذه العملية عند الفقهاء (المقاصة).
‌ب. استيفاء الدائن دينه الذي هو بعملة ما بعملة أخرى، على أن يتم الوفاء فوراً بسعر صرفها يوم السداد.

 اجتماع الصرف والحوالة البنكية

19. يجوز إجراء حوالة بنكية بعملة مغايرة للمبلغ المقدم من طالب الحوالة، وتتكون تلك العملية من مرحلتين:
‌أ. صرف بقبض حقيقي أو حكمي، ويكون قبض البنك للعملة بتسلمه النقود من العميل أو بخصمها من حساب العميل، ولا بد من إشعار العميل بسعر الصرف.
ويكون قبض العميل للعملة حسب الآتي:

 تقييدها في حساب العميل.
 القيد في حساب وسيط، على أن يكون مرتبطاً بحساب العميل.
 تسلم العميل إيصالاً بإثبات العملية.

ب. تحويل للمبلغ بالعملة التي اشتراها طالب الحوالة.
20. لا يجوز إجراء الحوالة المقترنة بصرف عبر الهاتف أو الإنترنت إلا إذا اقترن الصرف بقبض العميل للعملة المشتراة ويكون ذلك بالآتي:

 قيده في حساب العميل وقت إجراء المكالمة.
 قيده في حساب وسيط مرتبط بحساب العميل وقت إجراء المكالمة.

21. يجوز للبنك أن يتقاضى من العميل أجرة على التحويل، سواءٌ أكانت الأجرة نسبة، أم مبلغاً مقطوعاًً، كما يجوز للبنك الأخذ من البنك المراسل.
الهيئة الشرعية

أ.د. عبدالله بن موسى العمار (عضواً) د. عبدالعزيز بن فوزان الفوزان (عضواً)
د. يوسف بن عبدالله الشبيلي (عضواً) د. محمد بن سعود العصيمي (عضواً وأميناً)

——————————————
تمت اعادة النشر بواسطة محاماة نت.