دور النيابة العامة في دعم حقوق المرضى عقليا ونفسيا

عبارة عن مساهمة في المائدة المستديرة للنقاش التي نظمتها اللجنة الوطنية لحقوق الانسان الحسيمة- الناضور
يوم 20 أبريل 2013 بقاعة الاجتماعات ببلدية الحسية
حول موضوع : ” واقع الصحة العقلية على ضوء تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان “

ذ. سعيد المفقي
نائب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالحسيمة

تقديــــم:

لقد جاء في دستور منظمة الصحة العالمية الذي صدر سنة 1946 على أن :
” التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة هو أحد الحقوق الرئيسية لكل شخص دون تمييز بسبب العرق أو الدين أو الجنس أو العقيدة السياسية أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي “.
كما تضمنت مبادئ حماية الأشخاص المصابين بمرض عقلي و تحسين العناية بالصحة العقلية المعتمدة و المنشورة بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عدد 46/119 المؤرخ في 17 كانون الأول/ديسمبر 1991 مجموعة من الحقوق الخاصة بالمصابين بمرض عقلي[[1]]url:#_ftn1 .
كما نصت المادة 39 من الميثاق العربي لحقوق الانسان لسنة 2004 و الذي تبنته جامعة الدول العربية، على حق كل فرد في المجتمع في التمتع بأعلى مستوى من الصحة البدنية و العقلية و في حصول المواطن على خدمات الرعاية الصحية الأساسية مجانا وعلى العلاج دون أي نوع من التمييز.
أما على المستوى الوطني، فإن المشرع المغربي قد عمل مباشرة بعد حصول المغرب على الاستقلال على سن قانون خاص سنة 1959 بشأن ضمان الوقاية من الأمراض العقلية ومعالجتها وحماية المرضى المصابين بها، فكان بحق قانونا متميزا بالنظر إلى الظرفية التي صدر فيها و بالنظر إلى النسبة القليلة التي لا تتجاوز 15 في المئة من التشريعات التي اهتمت بالموضوع.
لكن ما يمكن تسجيله عن هذا القانون هو أنه لم يعرف أي تعديل أو تغيير مند صدوره سنة 1959، الشيئ الذي يطرح التساؤول حول ما إذا كان هذا القانون في الوقت الراهن بإمكانه أن يضمن الوقاية من الأمراض العقلية و معالجتها و حماية المرضى المصابين بها.
هذا، وفي إطار عملية الاستطلاع التي قام بها المجلس الوطني لحقوق الانسان ما بين 27/03/2012 و 06/07/2012 و التي همت 20 مؤسسة استشفائية لمعالجة الأمراض العقلية، فإن المجلس المذكور قد خلص في تقريره إلى وجود العديد من الاختلالات والمتمثلة أساسا في قدم وعدم ملاءمة البنيات التحتية وقلة التجهيزات وعدم صلاحيتها، و قلة الموارد البشرية وضعف مستوى الخدمات المقدمة، و غياب التكفل و الحماية لفئة النساء والأطفال و المسنون، وندرة المؤسسات الخاصة و وجود فراغ في هذا الخصوص في القانون[[2]]url:#_ftn2 .

فالمرض العقلي أو النفسي هو أحد أنواع الأمراض وعلى المجتمع البشري أن يتفاعل مع الأشخاص المصابين به[[3]]url:#_ftn3 . و مادامت النيابة العامة هي الجهة التي تسهر على احترام حقوق وحريات المجتمع و دعمها، فإن هذه الفئة من المجتمع تبقى الأجدر بهذه الحماية وهذا الدعم من غيرها من المرضى داخل المجتمع.
فما هي حدود تدخل النيابة العامة في حماية و دعم حقوق الأشخاص اللذين يعانون من أمراض عقليه أو نفسية؟ وما هي النقائص التي تعتري قانون 30 أبريل 1959 فيما يخص صلاحيات النيابة العامة من أجل صيانة حقوق هؤولاء المرضى؟

أسئلة سوف نحاول الإجابة عليها من خلال تناولنا للموضوع وفق التقسبم التالي:

أولا: دور النيــــــابة العــــــامة في دعم حقــــوق المرضــــى عقليا و نفسيا مــن خـــــلال قانــــون 30 أبريــــل 1959
ثانيا: دور النيابة العامة في دعم حقوق المصابين بالتسمم بسبب استهلاك المخدرات من خلال قانون 21 ماي 1974

أولا: دور النيابة العامة في دعم حقوق المرضى عقليا و نفسيا من خلال قانون 30 أبريل 1959

من خلال بحثنا في الصلاحيات التي خولها المشرع للنيابة العامة في دعم حقوق المرضى عقليا و نفسيا بموجب قانون 30 أبريل 1959 بشأن ضمان الوقاية من الأمراض العقلية ومعالجتها وحماية المرضى المصابين بها، اتضح لنا بأن دور النيابة العامة جد باهت و ليست هناك أية صلاحية قانونية واضحة تؤهلها إلى القيام بالدور الذي تلعبه نظيرتها في بعض الدول العربية في حماية و دعم حقوق هذه الفئة من المرضى داخل المجتمع.

فالمشرع المصري مثلا قد أصدر قانونا جديدا تحت رقم 71 سنة 2009 بدلا من القانون السابق الصادر سنة 1944، لرعاية المريض النفسي و تعديل أحكام قانون العقوبات الصادرة بالقانون رقم 58 لسنة 1937 و قانون الاجراءات الجنائية الصادرة بالقانون رقم 150 لسنة 1950 في ذات الشأن.

وأشار في الباب الخامس من هذا القانون (الذي دخل حيز التطبيق فى 14 نوفمبر 2010) في المادة 36 منه[[4]]url:#_ftn4 ، إلى حقوق المريض النفسى، و ذلك على خلاف المشرع المغربي الذي لم يعمل على التنصيص على حقوق هذه الفئة من المرضى.

كما خول المشرع المصري النيابة العامة صراحة الصلاحية في اتخاذ قرار بإيداع المتهم بإحدى منشآت الصحة النفسية قصد الفحص (المادة 24 من القانون رقم 71 لسنة 2009)[[5]]url:#_ftn5 . وألزم المجلس الاقليمي للصحة النفسية بإبلاغها بتقرير عن الحالة النفسية والعقلية يتضمن نتيجة التقييم وذلك خلال المدة التى يحددها قرارها.

كما منعت المادة 25[[6]]url:#_ftn6 من القانون المصري رقم 71 المذكور في جميع الأحوال، إنهاء الإيداع أو منح المريض إجازة للعلاج، و لم تسمح بذلك إلا بموافقة النيابة العامة إذا كانت هي التي أمرت به و أجازت للنيابة العامة في مواد الجنح البسيطة وفي المخالفات أن تفوض المجالس الإقليميه للصحة النفسية في إنهاء الإيداع أو في منح إجازات للعلاج دون الرجوع إليها. كما نصت على أن المريض المودع للعلاج بموجب أحكام أو أوامر قضائية يتمتع بكافة حقوق المرضى المنصوص عليها فى الماده 36 من هذا القانون.

كما ألزم القانون المصري المذكور، الأشخاص المذكورين في المادة 14 منه[[7]]url:#_ftn7 إبلاغ النيابة العامة لانتداب أحد الأطباء النفسيين لفحص حالة المريض، وتقرير ما إذا كانت حالته تستدعى الدخول الإلزامي للمنشأة لتأمر بنقله إلي إحدي منشآت الصحة النفسية العامة للعلاج إذا ما قرر الطبيب النفسي حاجة المريض إلي ذلك، أو نقله إلى إحدى المنشآت الخاصة إذا رغب المريض أو ذويه في ذلك بناء على طلب يُقدم للنيابة العامة (المادة 17 منه)[[8]]url:#_ftn8 .

كما خول القانون المصري المذكور النيابة العامة إبداء الرأي في موضوع التظلم المقدم من المريض النفسي أو محاميه إلى محكمة الجنح الاستئنافية التي تنعقد في غرفة المشورة في قرار الدخول الإلزامي أو الاستمرار فيه بإحدى منشآت الصحة النفسية (المادة 9 منه)[[9]]url:#_ftn9 .

كما أوجبت المادة 21 من القانون المصري المذكور[[10]]url:#_ftn10 على إدارة المنشأة إبلاغ النيابة العامة في حالة هروب المريض الخاضع لنظام الدخول أو العلاج الإلــــــــزامي للبحث عنه وإعادته إلى المنشأة لاستكمال إجراءات العلاج الإلزام . كما ألزمها بإخطار النيابة العامة المختصة بوفاة المــــريض الخــــــاضع لإجراءات الدخول أو العلاج الإلزامي خلال أربع وعشرين ساعة من تاريخ الوفاة (المادة 35 منه)[[11]]url:#_ftn11 .

هذا، و رغبة في تفعيل أحكام القانون رقم 71 المذكورة من قبل النيابة العامة، فقد عمد السيد النائب العام الدكتور عبد المجيد محمود[[12]]url:#_ftn12 إلى حث أعضاء النيابة العامة بمصر على الإشراف على الإجراءات التي تتخذها الجهات الإدارية المختصة في حال تواجد المريض نفسيا بإحدى منشآت الصحة النفسية، سواء كان تواجده المذكور بإرادته أو إلزاميا بهدف رعايته.
كما دعاهم إلى الحفاظ على كافة حقوق المريض النفسي المقررة قانونا، وتطبيق التعديل الذي طرأ على أحكام المسؤولية الجنائية المنصوص عليها في المادة 62 من قانون العقوبات المصري، وخاصة ما يتعلق بإضافة الاضطراب النفسي إلى جانب الاضطراب العقلي واعتباره هو الآخر من أسباب موانع المسؤولية الجنائية إذا ثبت أن الاضطراب النفسي كان يلازم المتهم وقت ارتكابه الجريمة على نحو أفقده الإدراك أو الاختيار، مع سريان تلك الأحكام بأثر رجعي على الجرائم التي وقعت قبل دخول القانون المذكور حيز التنفيذ إعمالا لقاعدة تطبيق القانون الأصلح للمتهم المنصوص عليها في المادة الخامسة من قانون العقوبات.

وشدد على ضرورة المراجعة الدقيقة للأحكام التي تصدر في المحاضر و القضايا التي تقع بالمخالفة لأحكام القانون الجديد، والطعن بالاستئناف أو النقض حسب الأحوال، و تتبع تظلمات ذوي الشأن من قرارات الحجز أو العلاج الإلزامي إلى محكمة الجنح المستأنفة التي تنعقد في غرفة المشورة بإعداد ملف التظلم، و طلب جميع الأوراق و المستندات و التقارير اللازمة للفصل فيه من قبل الجهات المختصة، و عرضه على محكمة الجنح المستأنفة مشفوعا بمذكرة برأي النيابة العامة في الموضوع، و إخطار المجلس الإقليمي للصحة النفسية أو المجلس القومي للصحة النفسية بالقرارات الصادرة من محكمة الجنح المستأنفة في التظلمات المشار إليها.

أما المشرع المغربي فلم ينص على مثل ذلك في الظهير الشريف رقم 1.58.295 الصادر بتاريخ 21 شوال 1378 (30 أبريل 1959) رقم 1.58.295 بشأن ضمان الوقاية من الأمراض العقلية ومعالجتها وحماية المرضى المصابين بها، إذ اكتفى بالتنصيص في الفصل 22 منه على ما يلي:

” يحرر كل طبيب الأمراض العقلية للمريض شهادة معللة بأسباب تبين الحالة المدنية للمريض المذكور وسلوكه وتشخيص الداء الذي هو مصاب به، و إذا اقتضى الحال رقم دخوله إلى مؤسسة العلاج و كذا تطور المرض منذ الشهادة الأخيرة؛
……………………………..
غير أنه إذا كان المريض من جنسية مغربية، فإن نسخة من الشهادة المحررة عند قبوله بالمستشفى أو خروجه بعد شفائه توجه تلقائيا مع بيان مقر سكناه و مهنته و حالته العائلية إلى وكيل الدولة لدى المحكمة الإقليمية الكائن في دائرتها مكان سكنى أو مقام المعني بالأمر قصد تمكين المحكمة المختصة من إصدار الأمر بوضعه تحت الحجر عند الاقتضاء “.

كما اكتفى بالتنصيص في الفصل 31 على صلاحية وكيل الدولة في التقدم بملتمس إلى المحكمة لتعيين وكيل خصوصي يمثل أمام القضاء كل شخص غير محجور وضع أو احتفظ به في مؤسسة تقبل المصابين بالأمراض العقلية كان لديه نزاع قضائي وقت وضعه في المؤسسة أو أقيمت عليه دعوى فيما بعد.

و لم يخول المشرع للنيابة العامة العضوية بلجنة الصحة العقلية[[13]]url:#_ftn13 المؤسسة بموجب الفصل 6 من القانون رقم 71 لسنة 2009، واكتفى فقط بالإشارة في هذا الفصل إلى أن عضوية اللجنة المذكورة تضم قاض من درجة رئيس غرفة بمحكمة الاستئناف أو من درجة محام عام يعينه وزير العدل[[14]]url:#_ftn14 .

و ذلك خلافا للمشرع المصري الذي خول النيابة العامة عضوية المجلس القومي للصحة النفسية (المادة 6 من القانون رقم 71 لسنة 2009) والمجالس الإقليمية (المادة 8 من نفس القانون)، وخولها صلاحية تسليم المريض النفسي ناقص الأهلية إلى ذويه في الحالة التي يوضع بها المريض بشكل إرادي و لم يحضر ذويه لتسلمه أو رفضوا ذلك، وخولها صلاحية مراقبة سير إجراءات الوضع الإلزامي بإحدى منشآت الصحة النفسية و التأكد من سيرها وفقا لأحكام القانون رقم 71 المذكور.

كما أغفل قانون 30 أبريل 1959، النيابة العامة كجهاز يمثل الحق العام، حينما حدد في الفصل 9 من القانون المذكور الجهات أو الأشخاص اللذين يمكنهم أن يطلبوا إقامة المريض في المستشفى، أو وضعه تحت الملاحظة، إذ اكتفى بالتنصيص في الفصل 9 منه على أنه:

” تقع الإقامة في المستشفى إما:
أولا: بطلب من المرض؛

ثانيا: بطلب من كل شخصية عمومية أو خصوصية عاملة لفائدة المريض أو لفائدة أقاربه أو لفائدة النظام العمومي”.

كما اكتفى في الفصل 12 من نفس القانون بالتنصيص على ما يلي:
” يباشر الوضع تحت الملاحظة الطبية إما :

أ­) بطلب من المريض؛
ب) بطلب من كل شخصية عمومية أو خصوصية تعمل لفائدة المريض أو لفائدة أقاربه؛
ج) إما تلقائيا بمقرر من العامل فيما إذا كان المريض يكون خطرا على أقاربه أو على النظام العمومي أو أصبح في حالة خلل عقل تجعل حياته في خطر”.
كما أن المشرع حينما خول النيابة العامة صلاحية الطعن في المقررات المشار إليها في الفصل 26 من قانون 30 أبريل 1959، فإنه قصر ذلك في رئيس النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف دون النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية (الفصل 27). وخول رئيسا النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف تعهد المؤسسات المشار إليها في الفصل الأول من هذا القانون، و بذلك فإن عضو النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية لا يمكنه القيام بأي زيارة للمؤسسات المشار إليها ولا الإطلاع على دفتر الاقامة والكلفات الفردية الممسوك من طرفها و لا الأمر بإحضار أي مريض إلا إذا فوض له ذلك من قبل رئيس النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف ­(الفصل 25).

هذا، و تجدر الإشارة إلى كون المصاب بجنون و السفيه و المعتوه يحجر عليهم بطلب ممن يعنيه الأمر أو من وكيل الملك تطبيقا للفصل 197 من قانون المسطرة المدنية.
و بذلك، فكلما تعلق الأمر بقضايا التحجير فإن النيابة العامة تتقدم إلى قاضي شؤون القاصرين بطلب بذلك من أجل التحجير على الشخص الذي ثبت لديها بأنه مصاب بجنون أو سفه أو عته.
فالملاحظ، أن المشرع خول النيابة العامة صلاحية ذات طابع ولائي (تهم حماية المصالح والحقوق المالية للمرضى الصابين بالجنون أو السفه أو العته) في قضايا التحجير حسب ما يستشف من الفصل 197 من قانون المسطرة المدنية المذكور، مع العلم أنها لا تتمتع بأية صلاحية محددة تجاه هؤولاء المرضى بموجب القانون الخاص بضمان الوقاية من الأمراض العقلية ومعالجتها و حماية المرضى المصابين بها، وهو ما يشكل مفارقة قانونية تستوجب تدخل المشرع ليجعل من النيابة العامة الجهة المؤهلة قانونا لحماية هؤولاء المرضى في نفسهم وعقلهم وحرياتهم …

ثانيا: دور النيابة العامة في دعم حقوق المصابين بالتسمم بسبب استهلاك المخدرات من خلال ظهير 21 ماي 1974

فتعاطي المخدرات أو الإدمان عليها من أهم الأسباب التي تساعد في انتشار الأمراض والاضطرابات النفسية. ذلك بسبب العلاقة الوطيدة والمتبادلة بين الإدمان على المخدرات والأمراض النفسية، فالمخدرات تسبب ظهور كثير من الأمراض النفسية، والأمراض النفسية يمكنها أن تؤدي إلى تعاطي المخدرات وحصول اضطرابات. كما أن الأمراض النفسية التي تسببها المخدرات كثيرة من أبرزها الاضطرابات الذهانية المصحوبة بأوهام وضلالات وهلاوس، واضطرابات المزاج خاصة اضطرابات المزاج الاكتئابي، واضطرابات القلق، واضطرابات النوم، وحالات الهذيان والخلط وحالات العته العضوي[[15]]url:#_ftn15 ….

فبمجرد دخول المخدر إلى الدورة الدموية ينتقل مفعووله إلى الجهاز العصبي المركزي. و أول جزء يتأثر بالمخدر هي المنطقة التي تربط بين فصي المخ، و هي المنطقة المسؤولة عن الانفعالات و الذاكرة و السلوك، فيتطور الأمر إلى الإصابة بالاكتئاب.

و إذا كان الإدمان على المخدرات مصدرا للأمراض النفسية كما تتبعنا، فما هي الصلاحيات التي خولها مشرع ظهير 21 ماي 1974 – المتعلق بزجر الإدمان على المخدرات- للنيابة العامة في تعاملها مع مستعملي أو مستهلكي المواد المخدرة بصفة غير مشروعة؟

فبالرجوع إلى المادة 8 من ظهير 21 ماي 1974 المذكور نجدها تنص على ما يلي:

” يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة و بغرامة يتراوح قدرها بين 500 و 5000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من استعمل بصفة غير مشروعة إحدى المواد أو النباتات المعتبرة
مخدرات؛

غير أن المتابعات الجنائية لا تجري إذا وافق مرتكب الجريمة بعد فحص طبي بطلب من وكيل جلالة الملك على الخضوع خلال المدة اللازمة لشفائه إلى علاجات القضاء على التسمم التي تقدم إما في مؤسسة علاجية طبق الشروط المنصوص عليها في الفصل 80 من القانون الجنائي و إما في مصحة خاصة تقبلها وزارة الصحة العمومية. و يجب في هاتين الحالتين أن يفحص المباشر علاجه كل خمسة عشر يوما طبيب خبير يعينه و كيل جلالة الملك و يؤهل هذا الطبيب وحده للبت في الشفاء؛

و يصدر وزير العدل بعد استشارة وزير الصحة العمومية قرارا تحدد فيه الشروط التي قد تمكن في بعض الحالات الاستثنائية المتعلقة بالقاصرين على الخصوص من معالجتهم في وسط عائلي؛
و تجري المتابعة الجنائية فيما يخص الأفعال المنصوص عليها في المقطع الأول بصرف النظر عن المتابعات الخاصة بالجريمة الجديدة إذا عاد الشخص خلال أجل الثلاث سنوات الموالية لشفائه إلى ارتكاب جنحة استعمال المخدرات أو ترويجها؛

و إذا فتح بحث جاز لقاضي التحقيق بعد استشارة وكيل جلالة الملك الأمر بإجراء علاج للمعني بالأمر طبق الشروط المقررة في مقطعين 2 و 3 أعلاه، و يواصل عند الاقتضاء تنفيذ الوصفة
المأمور فيها بالعلاج المذكور بعد اختتام إجراءات البحث، و إذا تملص الشخص المأمور بعلاجه من تنفيذ هذا الإجراء طبقت عليه العقوبات المقررة في الفصل 320 من القانون الجنائي[[16]]url:#_ftn16 ؛

و تطبق مقتضيات الفصل 80 من القانون الجنائي[[17]]url:#_ftn17 فيما إذا أحيلت القضية على هيئة الحكم “.

فالملاحظ من خلال القراءة المتأنية للمادة 8 من ظهير 21 ماي 1974 أن المشرع كان رحيما مع فئة المستهلكين للمخدرات إذ اعتبرهم ضحايا يحتاجون للعلاج، بحيث ذهب إلى عدم فتح متابعة في حق الشخص الذي يتعاطى المخدرات في حالة موافقته على الخضوع إلى العلاج للقضاء على التسمم خلال المدة اللازمة لشفائه و ذلك بعد إخضاعه لفحص طبي بطلب من وكيل الملك.

و قد ذهبت بعض المحاكم في تعاملها مع أحكام المادة 8 من ظهير 21/05/1974 إلى عدم مؤاخذة الشخص المتابع لديها من أجل استهلاك المخدرات و صرحت ببراءته منها لانعدام الفحص الطبي. حيث جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء[[18]]url:#_ftn18 “وحيث إن حالة الإدمان غير ثابتة في حق الظنينين لا من خلال الواقع لأنهما لم يضبطا في حالة تخدير و لا سجلت عليهما حالة التعود والإدمان على المخدرات، كما أنه لم يجر كشف طبي عليهما لإثبات حالة الإدمان؛
و حيث إنه استنادا إلى ما ذكر فإن مقتضيات الفصل المذكور غير واردة ولا ثابتة مما يتعين معه الحكم ببراءتهما من جريمة استهلاك المخدرات طبق الفصل المذكور “.
كما جاء في حكم للمحكمة الابتدائية بتطوان[[19]]url:#_ftn19 بتاريخ 06/06/2005 ما يلي:
” وحيث إن المشرع في ظهير 21/05/1974 أخرج مستعملي المخدرات من نطاق الفصلين الأول و الثاني من الظهير وعامل هذه الفئة معاملة خاصة تختلف عن معاملة المحترفين من التجار و الوسطاء و الناقلين و المصدرين و المستوردين بأن اعتبرهم مرضى وضحايا هذه المواد الخطرة و بالتالي هدف إلى معالجتهم و إعادة إدماجهم في المجتمع و نص أولا على عقوبة اختيارية في حقهم بين الحبس و الغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين، و ثانيا علق تحريك المتابعة في حق المدمنين منهم على مبادرة أو إيجاب من طرف النيابة العامة مضمنها إمكانية إخضاعهم إلى العلاج للقضاء على التسميم مقابل موافقتهم على ذلك و دون تحريك المتابعة في حقهم عند الموافقة على الخضوع للعلاج. وهذا الإجراء كان المشرع يبغي من ورائه تمكين المستهلك من فرصة العلاج و هي فرصة أضحت بمثابة حق للمتهم على النيابة العامة قبل تحريك المتابعة في حقه، و قد خولها المشرع لمستعملي و مستهلكي المخدرات في الفصل الثامن دون غيرها من جرائم المخدرات الأخرى المعاقب عليها في باقي الفصول…..

وحيث إن المحكمة ومن خلال وقائع القضية انتهت إلى كون المتهم يوجد في حالة إدمان و بالتالي فإن إقدام النيابة العامة على متابعته باستهلاك المخدرات و إحالته في حالة اعتقال على هذه المحكمة دون احترام مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 8 و دون تضمين موقف المتهم بمحضر استنطاقه يجعل صيغة متابعتها غير مقبولة “.

كما جاء في منشور للسيد وزير العدل[[20]]url:#_ftn20 موجه إلى السادة الوكلاء العامين و وكلاء الملك مؤرخ بتاريخ 29 يوليوز 2005 “…. و عيا بالمخاطر المترتبة عن تزايد حالات الإدمان على المخدرات كرس ظهير 21 ماي 1974، بشأن زجر الإدمان على المخدرات السامة و وقاية المدمنين عليها، اتخاذ تدابير وقائية لمستهلكي هذه المواد الضارة و الخطيرة من خلال إيقاف المتابعات الجنائية في حقهم كلما أبانو عن نيتهم على الخضوع للعلاج من التسمم في مؤسسة طبية أو مصحة خاصة تحددها وزارة الصحة العمومية؛
ونظرا لما للموضوع من أهمية قصوى أرفع إليكم لائحة بأسماء الأطباء النفسانيين المزاولين لمهامهم بالمؤسسات التابعة لوزارة الصحة بحسب كل عمالة أو إقليم. طالبا منكم تفعيل المقتضيات القانونية أعلاه مع موافاتي بالصعوبات “.

و حتى يتأتى لوكيل الملك اتباع هذه المسطرة يشترط أن يكون الشخص المقدم إليها من قبل الضابطة القضائية ارتكب فقط جريمة استهلاك (أو استعمال كما جاء في المادة 8 المذكورة) المخدرات و أن لا يكون قد ارتكب جرائم أخرى إلى جانبها، إذ في هذه الحالة ليس على وكيل الملك إلا إحالة الملف على المحكمة التي لها أن تخضعه لخبرة طبية و تطبق الفصل 80 من القانون الجنائي السالف الذكر إذا رأت ضرورة لذلك.

لكن الملاحظ، أن المادة 8 المذكورة اشترطت موافقة الشخص الذي استعمل بصفة غير مشروعة إحدى المواد أو النباتات المعتبرة مخدرات على الخضوع خلال المدة اللازمة لشفائه إلى علاجات القضاء على التسمم، و هو شرط لا نرى ضرورة لتحققه حتى يتأتى للنيابة العامة إخضاع مرتكب الجريمة إلى علاجات القضاء على التسمم الناتج عن تعاطيه للمخدرات.

تم أنه لتحقق غاية المشرع من المادة 8 المذكورة و المتمثلة أساسا في ضمان علاج المصابين بالتسمم الناتج عن الإدمان على المخدرات، فإنه يتعين حذف شرط موافقة مرتكب الجريمة على إخضاعه للعلاج، و توفير مراكز لهذا النوع من العلاج بكل دائرة قضائية تضم طبيبا مختصا يقوم بفحص مرتكب الجريمة بناء على طلب السيد وكيل الملك، و بناء على تقريره يمكن لهذا الأخير أن يقرر إخضاع مرتكب الجريمة لعلاجات التسمم الناتج عن الادمان على المخدرات.

خاتــــمة:

انطلاقا من هذه الدراسة المتواضعة، يمكن القول بأنه آن الأوان ليتدخل المشرع لتعديل قانون 30 أبريل 1959 و يعمل كما عمل نظيره المصري الذي خول النيابة العامة صلاحيات مهمة لرعاية و دعم حقوق المرضى عقليا و نفسيا، لا سيما و أن الأمر يتعلق بفئة من المجتمع الذي تعد النيابة العامة الجهة التي خولها المشرع السهر على حماية حقوقه و مصالحه و حرياته.
كما آن الأوان للتفكير في حل عاجل و ناجع للنهوض بمستوى الخدمات المقدمة لهؤولاء المرضى، و التعبئة الشاملة من أجل إحداث مزيد من المؤسسات العلاجية و توفير الموارد البشرية الكافية و المتخصصة، والتركيز على الجانب النفسي في التعامل مع ذوي المرضى و مساعدة هؤولاء نفسيا لمعاناتهم اليومية مع المريض من جهة و معاناتهم من جراء نظرة المحتمع الناقصة إلى هذا الأخير من جهة أخرى[[21]]url:#_ftn21 .

كما حان الوقت لتعديل مقتضيات القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية فيما يتماشى و صلاحيات النيابة العامة في هذا الشأن.

و قبل الختام، لابد من الإشارة و التأكيد على الجانب التربوي و التحسيسي داخل أوساط المجتمع، فعلى الأسرة أن تراقب أبنائها وتتحمل مسؤولياتها في تربيتهم التربية الصحية والسليمة وحمايتهم من رفقاء السوء والوقوع في تعاطي المخدرات أو الإدمان عليها،وفي حال تعاطي أحد أفرادها للمخدرات أو إدمانه عليها أن تتحمل المسؤولية وتمد يد المساعدة له لعلاجه.

كما يجب التركيز على التوعية و التحسيس بالمرض و إرشاد المرضى و ذويهم إلى اتباع العلاج الطبي المتخصص، و الابتعاد عن الشعوذة والطقوس التي لا تنفع المريض في شيئ.

كما يجب أن لا ينظر المجتمع للمرضى نفسيا بسبب إدمانهم على المخدرات على أنهم مجرمين، لأن ذلك يجعل المريض لا يفكر سوى في إهانة و احتقار الناس له، فيؤخر العلاج و يزداد الوضع تعقيدا.

و في النهاية، يمكن الخروج ببعض التوصيات في الموضوع، و التي يمكن إجمالها فيما يلي:

التنصيص صراحة على الحقوق التي يتمتع بها المريض عقليا ونفسيا؛
إضافة المرض النفسي إلى المرض العقلي، و تعديل صياغة عنوان وجميع فصول ظهير 1959 لتشمل بالإضافة إلى عبارة المرض العقلي عبارة المرض النفسي، و إلى جانب عبارة المريض عقليا عبارة المريض نفسيا؛
تخويل النيابة العامة العضوية باللجنة الوطنية للصحة العقلية و النفسية؛
إحداث مجالس إقليمية للصحة العقلية و النفسية وتخويل النيابة العامة العضوية بها؛

تخويل النيابة العامة صلاحية الطعن في المقررات المحددة في الفصل 26 من ظهير 1959 أمام اللجنة الاقليمية للصحة العقلية والنفسية مع حفظ حقها في الطعن في قرار اللجنة الإقليمية المذكورة أمام اللجنة الوطنية للصحة العقلية؛
تخويل وكيل الملك صلاحية الطعن في المقررات المشار إليها في الفصل 26 من ظهير 1959 أمام اللجنة الاقليمية للصحة العقلية، و إبداء الرأي في موضوع الطعن أو التظلم المقدم من طرف المريض النفسي أو وصيه أو ذويه أو محاميه أو من طرف ذوي المريض عقليا أو محاميه إلى اللجنة الاقليمية للصحة العقلية و النفسية؛
تخويل النيابة العامة صلاحية إيداع المريض عقليا أو نفسيا تلقائيا أو بناء على طلب من الأشخاص المشار إليهم في الفصلين 9 و12 من قانون 1959 بمؤسسة للأمراض العقلية أو النفسية قصد فحصه من طرف طبيب مختص. و ألا يتم وضـــع حـــــد لإيداعه إلا بإذن منها؛
التنصيص على صلاحية النيابة العامة في الاطلاع على التقرير الطبي للمريض في حالة الوضع الإلزامي للمريض كلما أرادت التــــأكد من حالته الصحية؛
التنصيص على صلاحية النيابة العامة في اتخاذ كافة الاجراءات الضرورية لإعادة المريض إلى مؤسسة العلاج من الأمراض النفسية في حال هروبه منها أو إخراجه بدون إذن منها إذا كانت هي من أمرت بإيداعه بالمؤسسة المذكورة؛
تخويل النيابة العامة الصلاحية في الاشراف على الاجراءات التي تتخذها الجهات الادارية المختصة في حال تواجد المريض بإحدى مؤسسات العلاج العقلي أو النفسي، سواء كان تواجد المريض إراديا أو إلزاميا؛

الهوامش
1- و قد نص المبدأ الأول من المبادئ المذكورة ­(الذي عنوانه: الحريات الأساسية و الحقوق الأساسية) على ما يلي:
يتمتع جميع الأشخاص بحق الحصول علي أفضل ما هو متاح من رعاية الصحة العقلية التي تشكل جزءا من نظام الرعاية الصحية والاجتماعية.
2. يعامل جميع الأشخاص المصابين بمرض عقلي أو الذين يعالجون بهذه الصفة معاملة إنسانية مع احترام ما للإنسان من كرامة أصيلة.
3. لجميع الأشخاص المصابين بمرض عقلي أو الذين يعالجون بهذه الصفة الحق في الحماية من الاستغلال الاقتصادي والجنسي وغيرهما من أشكال الاستغلال، ومن الإيذاء الجســدي أو غير الجسدي أو المعاملة المهينة.
4. لا يجوز أن يكون هناك أي تمييز بدعوى المرض العقلي. ويعني ” التمييز” أي تفريق أو استبعاد أو تفضيــل يـــؤدي إلي إبطــــال أو إضعــاف المســاواة في التمتـــع بالحقــوق. ولا تعتـــبر التدابير الخاصة التي تتخذ لمجرد حماية حقوق الأشخاص المصابين بمرض عقلي، أو ضمان النهوض بهم تمييزا. ولا يشمل التمييز أي تفريق، أو استبعاد أو تفضيل يجري وفقا لأحكام هذه المبادئ ويكون ضروريا لحماية ما لشخص مصاب بمرض عقلي أو لأفراد آخرين من حقوق الإنسان.
5. لكل شخص مصاب بمرض عقلي الحق في ممارسة جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المعترف بها في الإعلان العالمي لحقـــوق الإنســـان، والعهـــد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وفي الصكــوك الأخــرى ذات الصــلة مثــــل الإعــــلان الخــــاص بحقـــوق المعوقيـــن ومجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاعتقال أو السجن.
6. أي قرار يتخذ، بسبب إصابة شخص بمرض عقلي، بأن هذا الشخص عديم الأهلية القانونية، وأي قرار يتخذ، نتيجة لعدم الأهلية، بتعيين ممثــل شخصــــي، لا يجـــوز اتخــــاذه إلا بعــد محاكمــــة عادلة تجريها محكمة مستقلة ونزيهة، منشأة بموجب القانون المحلي. ويحق للشخص الذي تكون أهليته موضع النظر أن يمثله محام. وإذا لم يحصل الشخص الذي تكــــــــــون أهليتـه موضع النــظر علي هذا التمثيل بنفسه، وجب أن يوفر له هذا التمثيل دون أن يدفع أجرا عنه طالما لم تكن تتوفر له الإمكانيات الكافية للدفع. ولا يجوز أن يمثل المحــــامي في نفس الدعـوى مصحة للأمراض العقلية أو العاملين فيها، ولا يجوز أيضا أن يمثل أحد أفراد أسرة الشخص الذي تكون أهليته موضع النظر، ما لم تقتنع المحكمة بانعدام التعارض في المصلحـــة. ويجـــب أن يعاد النظر في القرارات المتعلقة بالأهلية وبالحاجة إلي ممثل شخصي علي فترات متفرقة معقولة يحددها القانون المحلي. ويحق للشخص الذي تكون أهليته موضع النظر، ولممثلــه الشخصــي إن وجد، ولأي شخص آخر معني أن يستأنف أي قرار من هذا القبيل أمام محكمة أعلي. 7. عندما تتبين محكمة أو هيئة قضائية مختصة أخري أن الشخص المصاب بمرض عقلي عاجز عن إدارة شؤونه، تتخذ التدابير في حدود ما يلزم ويناسب حــالة ذلك الشخــــص، لضمان حماية مصالحه.

[2]- و قد جاء في تصريح للدكتور عمر الدوكش (معالج الأمراض النفسية والعقلية) لـ “العربية. نت” بأن ” المرض العقلي لا يختلف في شيء عن سائر الأمراض، بل هو أشدّها حاجة للعناية والرعاية لكون الداء يصيب عضواً حيوياً في جسم الإنسان”. و اعتبر بأن الإحصائيات الرسمية الأخيرة، التي تشير إلى توفر 27 مؤسسة حكومية لمعالجة الأمراض العقلية في البلاد، وتوفر القطاع العام على حوالي 170 طبيباً نفسياً فقط، هي أرقام صادمة ولا تتناسب مع مغرب القرن الواحد والعشرين حيث التركيز على الإنسان كقاطرة للتنمية البشرية.
– المصدر: العربية.نت تاريخ النشر : 04 مارس 2013 http://www.almogtarbeen.com

[3]- لكن و كما يرى أحد الأخصائيين الذي أعجبني التصوير الذي أتى به، بأن هذا الدور لا يقوم به أحد في حالة المرض النفسي، و لتوضيحه ذلك وضع الفرضية التالية: فلو أن أسرة أصيب أحد أفرادها بنزلة معوية أو بمرض في الصدر أو القلب أو حتى السرطان أو غيره من الأمراض الجسدية، ماذا سيحدث؟ سيقصد الطبيب وحيدا أو بمعية أحد من أهله وسبخبر زملاءه في العمل بأنه مريض وسيلازم الفراش بأمر الطبيب أسبوعا أو أكثر وسوف يأتي أفراد العائلة لزيارته وكذلك بعض أو كل أصحابه في العمل وربما بعض الجيران…. ولن يكون حرجا من أن يشتري من الصيدلية المجاورة لمنزله كل الأدوية التي يصفها له الطبيب ……. و يقول هذا مستحيل في حالة مرض الاكتئاب أو الوسواس أو القلق أو الرهاب أو أيا من الأمراض النفسية لماذا؟ لأن – كل ما سبق إذا تم فسيتم في سرية كاملة خشية الفضيحة، إذن فالمجتمع لن يكون داعما ليس فقط لأنه لم يعرف أحد، وإنما أيضًا لأن معرفة الجهلاء في مجتمعاتنا وهم الأغلبية الساحقة سيكون أثرها سلبيا بحق ولدرجة تجعلني – رغم كوني طبيب نفساني يحارب الوصمة بكل قوته- لا أسمح لمرضاي بتعريض أنفسهم لذلك فإذا قال لي أحدهم أو قالت لي إحداهن بأنها تصرح باضطرابها النفسي وعلاجها المعرفي السلوكي و لا تبالي أنصحها صادقا بألا تفعل.
– مقال ل د.وائل أبو هندي تحت عنوان: ” أسر المرضى النفسيين ضحايا مُتَجَاهَلين! “، منشور بالموقع الالكتروني www.maganin.com

[4] – و قد جاء في المادة 36 من القانون المصري عدد 71 لسنة 2009، ما يلي : ” يتمتع المريض النفسي الذي يعالج بإحــدى المنشـــآت المنصــوص عليهــا في المـادة (2) من هــذا القــــانون بالحقوق الآتية :
.1 تلقى العناية الواجبة في بيئة آمنة ونظيفة .
.2 حظر تقييد حريته على خلاف أحكام هذا القانون .
.3 الإحاطة علماً باسم ووظيفة كل أفراد الفريق العلاجي الذي يرعاه بالمنشأة .
.4 رفض مناظرته أو علاجه بمعرفة أي من أفراد الفريق العلاجي على ان يستجاب لهذا الحق فى حدود الإمكانات المتاحة.
.5 تلقى المعلومات الكاملة عن التشخيص الذي أعطي لحالته وعن الخطة العلاجية المقترحة وعن احتمال تطورات حالته .
.6 أن يكون العلاج المقدم له طبقاً للمعايير الطبية المرعية والمعترف بها في الأوساط العلمية .
.7 ضرورة أخذ موافقة لجنة أخلاقيات البحث العلمى قبل تعرضه لأى بحث إكلينيكى .
.8 أن يحظى فى حالة الموافقة على الخضوع لإجراء التجارب والبحوث العلميه بشرح كامل لهدف التجربة، على أن يحظر إجراء التجارب على المرضى الخاضعين لقرارات الدخول والعلاج الإلزامى
.9 حماية سرية المعلومات التي تتعلق به و بملفه الطبي وعدم إفشاء تلك المعلومات لغير الأغراض العلاجيه إلا فى الحالات الأتيه :
– طلب المعلومات من جهة قضائية.
– وجود إحتمال قوى بحدوث ضرر خطير أو إصابة وخيمة للمريض أو الآخرين .
– حالات الاعتداء على الأطفال أو الشك فى وجود اعتداء.
حق المجلس القومى للصحة النفسيه فى تكوين لجنه فنيه من الأطباء المتخصصين يكون لها الحق فى الإطلاع على سجلات المرضى طبقا للبند رقم 4 من الماده 7 من هذا القانون .
.10 حماية خصوصياته ومتعلقاته الشخصية ومكان إقامته بالمنشأة .
.11 الحصول على تقرير طبى كامل عن حالته النفسية وعن كافة الفحوصات والإجراءات العلاجية التى تمت له أثناء علاجه بالمستشفى، وفى حالة رغبته فى الحصول على صورة ضوئية من الملف كاملا أن يلجأ إلى المجلس المختص للصحة النفسيه ويجوز للمجلس حجب هذا الحق مؤقتا لأسباب علاجية ويحق للمريض التظلم من هذا الإجراء طبقا لأحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية .
.12 التظلم من أي إجراء وفقاً للقواعد والإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون .
.13 مقابلة زائريه أو رفض مقابلتهم ما لم تتعارض المقابلة مع الخطة العلاجية .
.14 تمكينه من مقابلة محاميه .
.15 الحصول على أجازات علاجية طبقاً للخطة العلاجية الموضوعة له .
.16 طلب الخروج من المنشأة دون مصاحبة أحد من ذويه متى انتهت فترة دخوله إلزاميا بعد الحصول على خطه لرعايته نفسيا بعد الخروج، وذلك مع مراعاة رعايته إجتماعيا .
.17 الحماية من الاستغلال الاقتصادي والجنسي ومن الإيذاء الجسدي والنفسي والمعاملة المهينة .
.18 الحصول على خدمات الاتصال الداخلي والخارجي وذلك طبقا للخطة العلاجية المقررة.
فى حالات العلاج الإرادى :
أ‌. تلقي المعلومات اللازمة لإعطاء موافقة صريحة حرة مستنيرة لكل علاج مقترح من الفريق العلاجي .
ب‌. رفض العلاج المقدم له على أن يحاط علماً بتأثير هذا الرفض علي صحته .
ت‌. أخذ رأيه في كل القرارات المتعلقة بعلاجه وخروجه من المنشأة والحصول كتابة من إدارة المنشأة علي خطة علاجه وخروجه “.
[5] – تنص مــادة: 24 من القانون المصري رقم 71 لسنة 2009 على ما يلي:
في حالة صدور قرار من النيابة العامة أو حكم قضائي بإيداع أحد المتهمين بإحدى منشآت الصحة النفسية للفحص ينتدب المجلس الإقليمى للصحة النفسية لجنـــــة ثلاثيــة من الأطبـــــاء المقيدين لديه لفحص حالة المودع النفسيه والعقلية طبقاً لمضمون القرار أو الحكم ، ويجب إبلاغ الجهة القضائية بتقرير عن الحالة النفسية والعقلية يتضمن نتيجة التقييم وذلك خــلال المـدة التى يحددها قرار الجهات القضائية وله ان يطلب مهله إضافيه إذا إقتضى الأمر على أن يشمل التقرير ما يأتى:
.1 حالة المودع النفسية أو العقليه وقت ارتكاب الجريمة من حيث مدى توافر الإدراك أو الإختيار.
.2 حالة المودع النفسية أو العقليه وقت إجراء التقييم .
3 . الخطة العلاجية المقترحة .
[6]- تنص المادة 25 من القانون المصري رقم 71 لسنة 2009 على أنه :
في جميع الأحوال لا يجوز إنهاء الإيداع أو منح المريض أجازة للعلاج إلا بعد الرجوع إلي الجهة القضائية الآمرة بالإيداع ، ويجب مراجعة تقييم قرار الإيداع مره كل عام على الأقل.
كما يجوز للمحكمة أو النيابة العامة في مواد الجنح البسيطة وفي المخالفات أن تفوض المجالس الإقليميه للصحة النفسية في إنهاء الإيداع أو في منح إجازات للعلاج دون الرجوع إليهـا ويتمتـــع المريض المودع للعلاج بموجب أحكام أو أوامر قضائية بكافة حقوق المرضى المنصوص عليها فى الماده 36 من هذا القانون .
[7]- تنص المــادة 14 من القانون رقم 71 المذكور عل كا يلي:
يجوز لطبيب غير متخصص فى الطب النفسى بإحدى منشأت الصحة النفسية المنصوص عليها فى هذا القانون وفى الحالتين المنصوص عليهما فى المادة السابقة ووفقا للأحكـــام المنصوص عليها فيها أن يدخل مريضا دون إرادته لتقييم حالته ولمده لا تجاوز ثمانية وأربعين ساعة وذلك بناء على طلب كتابى يقدم إلى المنشأة من أى من الأشخاص الأتيه
1- أحد أقارب المريض حتى الدرجه الثانيه
2- أحد ضباط قسم الشرطه .
3- الأخصائى الاجتماعي بالمنطقة؛
4- مفتش الصحة المختص؛
5­- قنصل الدوله التى ينتمى إليها المريض الأجنبى.
6- أحد متخصصى الطب النفسى ممن لا يعمل بتلك المنشأة ولا تربطه صلة قرابة بالمريض أو بمدير المنشأة حتى الدرجه الثانية.
ويعرض الأمر على النيابة العامه خلال فتره لا تجاوز 24 ساعة لاتخاذ ما يلزم .
ويجوز للطبيب النفسى المسئول إلغاء الدخول الإلزامى قبل إنتهاء المدة المشار إليها فى الفقره الأولى من هذه المادة إذا إنتفت مبرراته على أن يقــوم بإبــلاغ ذلك لكــل من مديــر المنشـــأة ومكتب الخدمة الإجتماعية والمجلس الإقليمى للصحة النفسيه مع إحاطة المريض والأهل علما بهذا القرار.
[8] – تنص المــادة 17 من القانون المصري رقم 71 لسنة 2009، على ما يلي: ” في الحالات غير العاجلة و التي يتعذر فيها إحضــــار المريـــض بالوسائـل العاديـــة، يتعيـن علي الأشخـــــاص المذكورين بالمادة (14) من هذا القانون إبــــــــلاغ النيابة العامة لندب احد الأطباء النفسيين لفحص حالة المريض وتقرير ما إذا كانت حالته تستدعى الدخول الإلزامي للمنشأة وعـــرض ذلك على النيابة العامة و التي لها أن تأمر بنقله إلي احدي منشآت الصحة النفسية العامة للعلاج إذا ما قرر الطبيب النفسي حاجة المريض إلي ذلك، أو نقـــله إلى إحــــــدى المنشــــآت الخاصة إذا رغب المريض أو ذويه في ذلك بنــــاء على طلب يُقدم للنيابة العامة .
ويشترط في الطبيب الذي تنتدبه النيابة العامة أن يكون مقيداً لدى المجلس الإقليمى للصحة النفسية المختص بحسب الأحوال وألا يمُت بصلة قــرابة للمـــريض أو لمديـــر المنشــــأة حــــتى الدرجة الثالثة، وألا يكون من العاملين بالمنشأة التي يعالج فيها المريض.
[9]- تنص المادة 19 من القانون المصري رقم 71 لسنة 2009 على ما يلي: “. وفى جميع الأحوال يجوز لكل ذى شأن أن يتظلم من قرار الدخول الإلزامى أو الاستمرار فيه أو إلغــــــــائه دون التقيد بأية مدة إلى محكمة الجنح المستأنفه منعقدة فى غرفة المشورة؛
…………………….
و تختص هذه المحكمه دون غيرها بالفصل فى التظلم وجميع المنازعات المتعلقة بالدخول الإلزامى بعد أخذ رأى المجلس الإقليمى للصحة النفسية والنيابة العامة “.
[10] – تنص المــادة : 21 من القانون رقم 71 المصري على أته :
إذا هرب المريض الخاضع لنظام الدخول أو العلاج الإلزامي وجب على إدارة المنشأة إبلاغ الشرطة أو النيابة العامة للبحث عنـــه وإعادتــــه إلى المنشـــأة لاستكمـــال إجـــراءات العـــــــلاج الإلزامي .
[11] – تنص المادة 35 من القانون 71 لسنة 2009 على أنه : ” في حالة وفاة المريض الخاضع لإجراءات الدخول أو العلاج الإلزامي تلتزم إدارة المنشأة بإخطار النيابة المختصة وأهل المريض والمجلس الإقليمى للصحة النفسية خلال أربع وعشرين ساعة من تاريخ الوفاة ، فضلاً عن إرسال تقرير مفصل إلى المجلس الإقليمى للصحة النفسية مصحوبا بصورة كاملة من ملف المريض المتوفى شاملا جميع الفحوصات والأبحاث وطرق العلاج التي استخدمت “.
[12] – مقال لمحمد سعد الدين بعنوان: ” النائب العام يؤكد على دور النيابة العامة في دعم حقوق المريض النفسي”، منشور بموقع الصحيفة اليومية الالكترونية ” اليوم السابع “، الصادرة عن الشركة المصرية للصحافة و النشر و الإعلان: www.youm7.com ، بتاريخ الثلاثاء 28 دسمبر 2010.
[13] – ينص الفصل الأول من ظهير 1.58.295 المؤرخ في 30 أبريل 1959 على ” أن الوقاية من الأمراض العقلية و حماية المرضى المصابين بها تبشرها على الخصوص:
أولا: المصلحة المركزية للصحة العقلية بوزارة الصحة العمومية؛
ثانيا: المؤسسات العمومية و الخصوصية المعدة لاستشفاء المرضى و إعادتهم إلى حالتهم العادية و إسعافهم؛
ثالثا: لجنة الصحة العقلية المؤسسة بموجب الفصل 6 من ظهيرنا الشريف هذا “.
– و أشار في الفقرة الأخيرة من الفصل 6 المذكور إلى كون تعيينه يكون لمدة سنة واحدة.[14]
[15]- الأخصائية النفسية ثورة احمد انجاص: ” المخدرات على علاقة وثيقة بانتشار الأمراض النفسية “، موقع الصفصاف الالكتروني http://www.safsaf.org
[16] – ينص الفصل 320 من القانون الجنائي على أنه: ” من صدر ضده حكم أو أمر بالإيداع القضائي في مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية طبقا للفصلين 78 و 79 أو الفصل 136 بناء على قرار بثبوت مسؤوليته الناقصة، ثم هرب من تنفيذ هذا التدبير، يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة وغرامة من مائة و عشرين إلى خمسمأة درهم “.
[17] – ينص الفصل 80 من القانون الجنائي عل ما يلي: ” الوضع القانوني في مؤسسة للعلاج هو أن يجعل تحت المراقبة بمؤسسة ملائمة – وبمقتضى حكم صادر عن قضاء الحكم – شخص ارتكب أو ساهم أو شارك في جناية أو جنحة تأديبية أو ضبطية، و كان مصابا بتسمم مزمن ترتب عن تعاط للكحول أو المخدرات إذا ظهر أن لإجرامه صلة بذلك التسمم”.
[18] – قرار استئنافية الدار البيضاء غير منشور، أشار إليه ذ. المعطي الجبوجي في كتابه بعنوان: ” مكافحة المخدرات في التشريع المغربي بين النص و التطبيق ” ، الطبعة الأولى، أبريل 2010، ص37 و 38.
[19] – حكم ابتدائية تطوان عدد 710 بتاريخ 06/06/2005 في الملف جنحي تلبسي عدد 668/05/1 غير منشور، أشار إليه ذ. المعطي الجبوجي: “م س”، ص 38.
[20] – أشار إليه ذ. المعطي الجبوجي: “م س” ، ص 38 و 39.
[21]- و ذكرت مصادر “ المغربية ” أن فكرة استعداد عائلات المصابين بأمراض نفسية وعقلية لوضع مشروع لإشراك المؤسسة الأمنية في التكفل بالمرضى تنبع من الواقع الذي تعيشه عائلات المرضى، إذ تتحمل وحدها تبعات الأزمات المرضية للمصابين، سيما عندما تكون على شكل أعمال عنف، قد تترتب عنها أفعال جرمية يعاقب عليها القانون.
وتحدثت المصادر عن التجربة الكندية، حيث يجري تكوين الأطر الأمنية في مجال الطب النفسي والعقلي حول كيفية التعامل مع المرضى، ضمانا لصون حقوقهم الإنسانية و القانونية، موضحة أن عائلات المرضى تطالب بتدخل الجهاز الأمني عند كل طلب مساعدة لنقل المريض إلى المستشفى، لأن نقله على متن سيارة إسعاف مشروط بتوقيع محضر للشرطة في الموضوع، وفي غيابه تواجه الأسرة مشاكل متنوعة، منها تحمل تكلفة النقل، بثمن يتراوح بين 600 و 700 درهم، وهو ما تعجز عن أدائه العائلات الفقيرة.
– المصدر: المغربية 2 أبريل 2013 http://www.marocpress.com