بحث ودراسة فقهية مقارنة حول الحقوق المالية للمؤلف

د. محمد علي الزغول / كلية الشريعة – جامعة مؤتة
د. حمد فخري عزام / كلية الشريعة – جامعة مؤتة

ملخص

أظهرت المعاملات المالية في الوقت الحاضر جانباً جديداً في حقوق التأليف لم يكن مشهوراً من قبل وهو الاعتياض عن حق التأليف بالمال.
وتباينت آراء الفقهاء المعاصرين في اعتبار الحق المالي للمؤلف، وتوصلت الدراسة إلى إثبات مالية هذا الحق مؤيدةً ما ذهبت إليه بالأدلة التي تنهض بترجيح هذا القول ومراعيةً لمقاصد الشرع فيه.

المقدمة

فرضت تطورات الحياة ظهور معاملات مستجدة لم تكن معروفة لدى أسلافنا، وصارت هذه النوازل بحاجة إلى بيان حكم الشرع فيها، ومن هذه المسائل المستجدة الحق المالي للمؤلف نظير تأليفه.
ولقد كان للمطبعة الدور الأبرز في مطالبة المؤلفين بحقهم المالي، حيث أمكن طبع آلاف النسخ من الكتاب الواحد، فصار الكتاب يدر ربحاً وفيراً، مما دفع كثيراً من المؤلفين في عصرنا الحاضر إلى المطالبة بعوض مالي لقاء تأليفهم.
لقد ترتب على مطالبة المؤلفين بعوض مالي لقاء حقهم في التأليف اختلاف الفقهاء المعاصرين في اعتبار الحق المالي للمؤلف في الفقه الإسلامي، ويرجع سبب اختلافهم هذا إلى تباين آرائهم في التكييف الشرعي للتأليف.
فجاء هذا البحث لبيان مشروعية الحق المالي للمؤلف في الفقه الإسلامي، وإضافة جهد متواضع إلى جهود العلماء السابقين في هذا الموضوع، وتجيب الدراسة عن الأسئلة الآتية:

1- ما الحقوق التي يرد عليها حق التأليف؟
2- ما التكييف الفقهي والقانوني لحقوق الابتكار؟
3- ما الآراء الفقهية في مشروعية الحق المالي للمؤلف؟
4- ما الآثار المترتبة على مالية حق التأليف؟

وقد اتبعنا في بحثنا هذا المنهج التحليلي للنصوص الشرعية من القرآن والسنة، واستقراء أقوال العلماء المعاصرين في مسألة الحق المالي للمؤلف، وبيان أدلتهم ومناقشتها دون تعصب لرأي، ثم ترجيح الرأي الذي ينسجم مع مقاصد الشرع مع بيان أسباب الترجيح، ثم توضيح الآثار المترتبة على الأخذ بالرأي الراجح.
ومع ظهور المطالبات المالية للمؤلفين لقاء حقهم في التأليف برزت دراسات عدة تبين حكم الاعتياض بالمال عن حق التأليف، وهي دراسات كثيرة نذكر منها ما يأتي:

1- حق الابتكار في الفقه الإسلامي المقارن، للأستاذ الدكتور فتحي الدريني، وهو مطبوعٌ ضمن مجموعة أبحاث في كتاب بحوث مقارنة في الفقه الإسلامي، مؤسسة الرسالة، ط1، 1414ه.
2- حق التأليف تاريخاً وحكماً، للأستاذ الدكتور بكر أبو زيد، وهو مطبوع ضمن مجموعة من الأبحاث في كتاب فقه النوازل، مؤسسة الرسالة، ط1، 1416ه.
3- الحقوق المعنوية وتطبيقاتها المعاصرة، للأستاذ الدكتور علي القره داغي، وهو بحث مطبوع ضمن مجموعة أبحاث في كتاب بحوث في فقه المعاملات المالية المعاصرة، دار البشائر الإسلامية، ط1، 1422ه.
4- حكم الإسلام في حقوق التأليف والنشر والترجمة، للدكتور أحمد الحجي الكردي، وهو بحث منشور في مجلة هدي الإسلام والتي تصدرها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الأردنية، المجلد (25)، العددان 7، 8، 1401ه.
يحتوي هذا البحث على مقدمة ومبحثين وخاتمة على النحو الآتي:
المبحث الأوّل: تعريف الحق وأقسامه والتكييف الشرعي لحق الابتكار، ويشمل أربعة مطالب هي:
المطلب الأول: تعريف حق التأليف.
المطلب الثاني: أقسام الحق.
المطلب الثالث: الحقوق الواردة على التأليف.
المطلب الرابع: التكييف القانوني والفقهي لحقوق الابتكار.
المبحث الثاني: مالية حق التأليف في الفقه الإسلامي، الآثار المترتبة عليه، ويشتمل على مطلبين:
المطلب الأول: مالية حق التأليف في الفقه الإسلامي.
المطلب الثاني: الآثار المترتبة على حق التأليف.
الخاتمة: وتتضمن أهم نتائج البحث والتوصيات.

المبحث الأول تعريف الحق وأقسامه والتكييف القانوني والفقهي لحق الابتكار

المطلب الأول: تعريف حق التأليف:

الحق لغةً من الفعل الثلاثي حقق وهو ضد الباطل، ويطلق أيضاً على الشيء الثابت بيقين، وحق الشيء أي وجب، وحقوق الآخرين: أي ما يجب علينا نحوهم، وحقوق الدار مرافقها[1]، أما الحق اصطلاحاً فهو: اختصاص يقرر به الشرع سلطة أو تكليفاً[2].
أما التأليف لغةً فيأتي بمعنى المؤانسة، نقول: ألفت فلاناً أنست به، كما تأتي بمعنى الجمع والضم، نقول: ألّفت بينهم تأليفاً إذا جمعت بينهم بعد تفرق، وألفت الشيء تأليفاً إذا وصلت بعضه ببعض، ومنه تأليف الكتب، كما تأتي بمعنى الإلزام فنقول: ألّفت فلاناً الشيء ألزمته إياه، ومنه قوله تعالى: (لإِيلَافِ قُرَيْشٍ* إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ) [1-2: قريش] أي لتتعهد قريش رحلتيّ الشتاء والصيف فتتصلا ولا تنقطعا[3].
هذا ولا يخرج المعنى الاصطلاحي للتأليف عن المعنى اللغوي، فالمؤلف يجمع ويصل بين العبارات والمعاني للخروج بمعنى مفيد يريد المؤلف إظهاره، والمؤلف هو من يقدم إنتاجاً فكرياً مبتكراً في مجال العلوم والفنون والآداب، ويسمى إنتاجه الذهني مصنفاً[4].

المطلب الثاني: أقسام الحق:

يقسم فقهاء القانون في عصرنا الحقوق المالية – وهي الحقوق التي ترد على محل يمكن تقييمه بالنقود[5]- إلى ثلاثة أقسام[6]:
أ‌- الحق العيني: وهو اختصاص يمنحه القانون لشخص معين على شيء معين بالذات.
ب- الحق الشخصي: وهو رابطة قانونية بين شخصين دائن ومدين، تخول الدائن بموجبها مطالبة المدين بإعطاء شيء أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل.
ج- الحق المعنوي: وهو الحق الذي يرد على أشياء غير مادية، والأشياء غير المادية هي ما تدرك بالعقل ولا تدرك بالحس.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الحق في ذاته أمر معنوي، وإنما وصف الحق بالعيني أو الشخصي أو المعنوي باعتبار محل الحق[7]، فإذا ورد الحق على شيء مادي سمي حقاً عينياً، وإذا كان محله ديناً سمي حقاً شخصياً، أما إذا كان محله أمراً غير مادي فهو حق معنوي كالتأليف، والاسم التجاري، والعلامة التجارية[8] عند بعض الفقهاء – كما سيأتي تفصيله في التكييف الفقهي لحق الابتكار-.
ويشمل مصطلح الحقوق المعنوية موضوعات عدة يمكن ردها إلى ثلاثة أقسام رئيسة[9]:
1- الحقوق العلميّة والأدبية: وتشمل المؤلفات، والأعمال في مختلف العلوم والفنون، والآداب، مهما كانت الصورة التي ظهرت بها، سواء أكانت كتاباً، أم ديواناً، أم رسماً، أم مجسماً منحوتاً، أم شريطاً مرئياً، أم مسموعاً، كشرائط الكاسيت، واسطوانات الحاسوب الممغنطة (CD)، وغير ذلك.
2- الحقوق التجارية: وتشتمل على الاسم التجاري، والعلامات التجارية.
3- الحقوق الصناعية: وتشتمل على براءات الاختراع، والنماذج الصناعية، وأشكال التصميم والتغليف، وغيرها.
ويطلق على الحقوق المعنوية في عصرنا مصطلحات عدة منها:
أ – الحقوق الذهنية أو الحقوق الفكرية: سميـت بذلك لأنها من إنتاج الذهن[10].
ب- الملكية الأدبية والفنية والصناعية: وقد اعترض على هذا المصطلح من وجوه[11]:
1- لا يشمل هذا المصطلح كل ما يندرج تحت الحقوق المعنوية كالخرائط والبيانات الجغرافية.
2- اختلاف طبيعة الملكية عن الحقوق المعنوية من عدة وجوه:
الأول: الفكر ثمرة شخصية لصاحبه ولصيقة به إيجاباً أو سلباً، في حين أن الشيء المملوك لا يعد جزءاً من مالكه، وليس بالضرورة أن يكون هو مالكه، والملك في كثير من الأحوال يشترك فيه الناس فلا يدل بالضرورة على شخص صاحبه.
الثاني: يقتضي الملك استئثار الإنسان بما يملك، بينما الحقوق المعنوية تؤتى ثمارها بالنشر والتوزيع.
الثالث: الملك ثمرة لعمل المنتج وحده أو مجموعة أفراد شاركوا في إنتاجه، بينما الإنتاج الذهني شاركت فيه الإنسانية بعلومها وخبراتها، لأن علم الإنسان هو ثمرة تراكمات علمية شارك فيها عدد كبير من العلماء منذ آلاف السنين الماضية إلى عصرنا الحاضر، ففكر الإنسان حلقة في سلسة العلم تسبقها وتتلوها حلقات كثيرة.
ج- الحقوق المتعلقة بالعملاء: سميت بهذا الاسم لأن هذه الحقوق هي الجاذب الأكبر للعملاء الذين يقبلون عليها، ويؤخذ على هذا المصطلح أنه لا ينطبق على كل الحقوق المعنوية كحق التأليف، ورسم الخرائط، والبيانات الجغرافية[12].
د- الحقوق التي ترد على أموال غير مادية: سميت بذلك لأن محل هذه الحقوق غير مادية، ويؤخذ على هذا المصطلح أنه لم يبين ماهية الحقوق المعنوية وكل ما بينه هذا المصطلح هو بيان الاختلاف بينها وبين الحقوق العينية والشخصية[13].
هـ- حقوق الإنتاج العلمي: عدّ بكر أبو زيد هذا المصطلح أكثر المصطلحات وضوحاً وأوسعها من حيث المضمون لاشتمالها على كل إنتاج مصدره العلم النظري أو العملي[14]، ويؤخذ على هذا المصطلح أنه لا يشتمل على كل الحقوق المعنوية كالاسم التجاري والعلامة التجارية.
و- حقوق الابتكار: سميت بذلك لأن الحقوق المعنوية نابعة من الذهن وتتسم بالإبداع والابتكار[15]، وقد رجح مصطفى الزرقاء هذا المصطلح لأنه يشتمل على كل الحقوق المعنوية[16], في حين اعترض الدكتور علي القره داغي على هذا المصطلح لأنه أخص من المطلوب، فلا يدخل في المصطلح إلا ما كان فيه إبداع وابتكار في حين أن هذا الحق يتمتع به كل مؤلف وصاحب اسم تجاري وإن لم يكن في عمله ابتكار. ويرى القره داغي بقاء مصطلح الحقوق المعنوية على ما هو عليه دون تغيير[17].
ويرى الباحثان أن مصطلح حقوق الابتكار هو أصلح ما يمكن التعبير عنه للدلالة على الحقوق المعنوية لما يأتي:
1- اشتمال هذا المصطلح على كل ما تتضمنه الحقوق المعنوية من حقوق كما بيّن ذلك الشيخ مصطفى الزرقاء.
2- تترتب حقوق أدبية على حقوق الابتكار، وذلك بنسب هذه الأفكار إلى صاحبها، ولا تنسب هذه الأفكار له إلا إذا كانت من إبداعه وابتكاره ولو كان ابتكاره يسيراً، ولا سيما إذا عُلم أن المقصود بالابتكار هو ظهور شخصية المؤلف في مصنفه من خلال الجهد الذهني للمؤلف والمعبر عن شخصيته سواء في طريقة عرضه للفكرة، أو مناقشة الآراء فيها، أو ترجيح رأي فيها ونحو ذلك[18]، كما أن المصنَّف لا يدخل في حماية القانون إلا إذا اشتمل على شيء مـن الابتكار وإن لم يكن ذا قيمة جدية[19].
والحاصل أن الإنتاج الذهني يندرج تحت حقوق الابتكار ويتمتع بحماية القانون، ويُشترط فيه ثلاثة شروط هي:
1- ظهور فكرة المبتكر بصـورة ماديـة على هيئـة كتاب، أو اختراع، أو سلعة تجارية، وغير ذلك، فإن كانت مجرد فكرة في ذهن صاحبها ولم تحل في قالب مادي فلا إمكانية لحمايتها من جهة، ولأنها عرضة للتغير من جهة أخرى[20].
2- أن يأتي المؤلف بابتكار جديد في مصنفهِ ولو كان ابتكاره يسيراً، فإذا لم يأت بشيء جديد في مصنفه فهو عالة على من قبله وجامع لأقوالهم، ولا ينسب شيء من الأفكار له وإنما تنسب إلى قائلها[21].
3- أن يكون العلم الذي جاء به المؤلف في مصنفه مشروعاً نافعاً[22]، وهذا الشرط لمشروعية الحق المالي للمؤلف وطبع المصنف ونشره، فإن كان ما جاء به المؤلف ممنوعاً شرعاً كالبدع، والضلالات، والعلوم الضارة، فيجب منع نشر هذه الكتب لما فيها من الإضرار بالمصلحة العامة، فالأحكام الشرعية هي مصدر الحق في الشريعة الإسلامية، وما يخالف نصوص الشرع لا يتمتع بحق الحماية لأنه محظور شرعاً، فحمايةُ الأُمور المحظورة تدُلُّ على تناقض التشريع، والشرع الإلهي منزهٌ عن ذلك.

المطلب الثالث: الحقوق الواردة على التأليف:

يترتب على القول بحق التأليف حقان:
الأول: حق عام، وهو حق الأمة في الانتفاع بالمصنف[23]، ويعود هذا الحق إلى أمرين:
أ. قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثـة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له” (مسلم، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من ثواب بعد وفاته، حديث رقم 1631)، فالحديث يدل بمنطوقه على أن انتفاع الأمة هو المقصد الأصلي من تشريع العلم، وذلك للعمل على استقامة الأمة وتطويرها في جميع المجالات، ولحث المسلمين على العلم ولاسيما في مجال التأليف، فقد جعل الشرع ثواب الانتفاع بالعلم مستمراً حتى بعد الموت، ولتحقيق هذا المقصد فرض العلم على كل مسلم[24]، مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم: “طلب العلم فريضة على كل مسلم” (ابن ماجه، محمد بن يزيد، سنن ابن ماجه، المقدمة، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، رقم/224).
ب. علم الإنسان ليس مقصوراً على إبداعاته وفكره بل هو ثمرة تراكمات علمية أخذها الإنسان من علوم الأمة وخبراتها، لذا فالأمة صاحبة فضل على أبنائها المتعلمين، فكان حقاً على أبنائها هؤلاء أن يسهموا في بناء علومها فيعلموا الأجيال اللاحقة كما تعلم هؤلاء عمن سبقهم[25].
الثاني: حق خاص: وهو حق المؤلف، ويتمثل حق المؤلف في أمرين هما:
1. الحق الأدبي: وهو حق ناشئ عن أبوة المؤلف لمصنفه، فإنتاجه العلمي معبر عن شخصيته وهو جزء من فكره وشخصيته[26]، ويتمثل هذا الحق فيما يأتي[27]:
أ. حق المؤلف في نسبة المصنف والأفكار التي يحتويها إليه.
ب. حق المؤلف في نشر مصنفه أو عدم نشره، فالمؤلف صاحب الحق الوحيد في تحديد الوقت المناسب لنشره إذا قرر ذلك، فقد سئل الإمام أحمد بن حنبل عمن سقطت منه ورقة كتب فيها أحاديث أو نحوها، أيجوز لمن وجدها أن يكتب منها ثم يردها؟ قال: (لا، بل يستأذن ثم يكتب)[28].
وقد يقول قائل: لم لا تجبر الدولة المؤلف على نشر مصنفه جبراً عنه رعاية للمصلحة العامة في التأليف، ولا سيما أن القاعدة تنص على تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة[29]؟
نقول: تقدم المصلحة العامة إذا كانت متحققة أو مظنونة، أما هنا فهي خلاف ذلك، لأن المؤلف قد يعتذر عن نشر مصنفه بعدم اكتماله، أو بعدم نضوجه حتى يكون صالحاً للنشر بحيث إن المصَّنف لا يحقق نفعاً للأمة، كما أن الدولة لا تتدخل في الحريات الخاصة للأفراد بتفتيش بيوتهم لمعرفة ما لديهم من مصنفات.
ج. رقابة المؤلف على دور النشر لعدم نشر مصنفاته دون إذنه.
د. حق المؤلف في سحب مصنفه عن التداول، وهذا الأمر يعود لأسباب عدة منها: تغير فكر المؤلف، أو إدخال تغييرات جوهرية على المصنف، وغير ذلك من الأسباب.
ه. سلطة المؤلف على تصحيح الأخطاء والأفكار بالحذف أو الإضافة عند إعادة طبع الكتاب.
والحق الأدبي للمؤلف متفق على حمايته، وقد نصت القوانين في مختلف دول العالم على حماية حقوق المؤلف الأدبية، فالمصنَّف معبر عن شخصية المؤلف، وهو المسؤول عن أفكاره وعبارته، لذا نجد العلماء يؤكدون ضرورة نسب العلم إلى صاحبه وهو ما يسمى بالأمانة العلمية، وتحريم الكذب والسرقات العلمية[30].
2. الحق المالي: وهو الامتياز المالي للمؤلف أو ورثته لقاء نشر مصنفه بطريق غير مباشر للناس وذلك بنسخ المصنف ونشره[31].
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما سبب ظهور الحق المالي في التأليف حديثاً مع أن التأليف معروف منذ آلاف السنين ولم تعرف مثل هذه المطالبات المالية عند السابقين؟
الإجابة عن أسباب ظهور المطالبة المالية للتأليف في العصر الحديث نجملها على النحو الآتي:
أ‌. انصراف همة العلماء السابقين في التأليف إلى تعليم الناس ابتغاء مرضاة الله ورجاء الثواب الأخروي فقط، فكانت نظرتهم إلى التأليف نظرة تعبدية بحتة[32]، باعتبار أن نشر العلم من الفروض الكفائية[33].
ب‌. إن النظرة المادية في هذا العصر طغت على جوانب كثيرة في حياة الناس ومنها جانب تأليف الكتب، ولاسيما بعد اختراع المطبعة، ففي العهود السابقة كانت الكتب تنسخ باليد عند الوراقين بنسخ محدودة جداً، أما اليوم فإن المطابع تطبع آلاف النسخ من الكتاب مما جعل المؤلفين يطمعون في كسب مادي نتيجة طبع وترويج هذا العدد الكبير من النسخ لكتبهم[34].
هذا وقد عمق النضوج العلمي الذي نعايشه اليوم في جميع التخصصات العلمية، ولاسيما بعد ظهور الجامعات، والمراكز العلمية والثقافية، والمجلات، والجرائد، وغيرها مما ساعد على تعميق النظرة المادية في التأليف[35].

المطلب الرابع: التكييف القانوني والفقهي لحق الابتكار:

أولاً: التكييف القانوني لحق الابتكار:

كان التقسيم المعهود للحقوق المالية عند فقهاء القانون هو تقسيمها إلى نوعين: حق عيني وحق شخصي، إلا أن التطور الكبير الذي طرأ على مختلف جوانب الحياة أفرز نوعاً جديداً من الحقوق وهو الحق المعنوي (حق الابتكار)[36]، حيث أثار ظهور هذا النوع الجديد من الحقوق خلافاً بين فقهاء القانون من حيث تكييفه القانوني، ويعود سبب الخلاف بين فقهاء القانون في تكييف حق الابتكار إلى أمرين[37]:
أ‌. محل هذا الحق أمر معنوي لا يندرج تحت التقسيم المعتاد للحق.
ب‌. اشتراك عناصر هذا الحق بين الحق العيني وتتمثل في الحق المالي لاستغلال الابتكار، وبين الحق الشخصي الأدبي، وتتمثل في أبوية المؤلف لعمله ونسبتهِ إليه وحمايته.
ولرجال القانون في تكييف حق الابتكار ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن حقوق الابتكار هي حق ملكية، وهي نوع من الحقوق العينية، لأن المبتكر يستثمر ابتكاره ويتصرف فيه كسائر الممتلكات العينية، بل عده أصحاب هذا القول من أقدس حقوق الملك لأن محله نتاج ذهن المؤلف وهو أولى بالاحترام من الأشياء العينية[38].
القول الثاني: أن حقوق الابتكار هي نوع من الحق الشخصي لاعتبار الجوانب الشخصية التي يتضمنها حق الابتكار، فالابتكار هو نتاج ذهن المبتكر فهو جزء من شخصيته وفكره، وهو منسوب إليه ولصيق به، والحق المالي المترتب على التأليف ما هو إلا ثمرة من ثمار الحق الأدبي[39].
القول الثالث: أن حق الابتكار حق جديد مستقل عن الحق العيني والحق الشخصي، فهو حق مزدوج يحمل في طياته جوانب من الحق العيني وجوانب من الحق الشخصي-كما أسلفنا-. وأغلب فقهاء القانون في عصرنا يؤيدون هذا الرأي وعلى رأسهم العلامة عبدالرزاق السنهوري[40].

ثانياً: التكييف الفقهي لحق الابتكار:

اختلف الفقهاء المعاصرون في تكييف حق الابتكار في الفقه الإسلامي على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن حق الابتكار هو حق عيني مقرر، وهو قول فتحي الدريني[41]، وهبة الزحيلي[42]، وعلي القره داغي[43]، وبكر أبوزيد[44]، وعجيل النشمي[45]، والحق المقرر هو الحق المتعلق بمحله تعلق استقرار، ولتعلق هذا الحق بمحله أثر الحكم، بحيث لو تنازل صاحب الحق عن حقه فإن الحكم يتغير بذلك الإسقاط، سواءً أكان ملكاً في محل الحق كالنكاح، أم لم يكن ملكاً في المحل كالقصاص، فالقاتل مع قيام الحق غير معصوم الدم، بينما إذا تنازل صاحب الحق عن القصاص يصبح القاتل معصوم الدم. وكذا حق التأليف إذا تنازل عنه صاحبه صار مباحاً بعد أن كان حقاً مقصوراً على المؤلف[46]. وذلك لأن حق الابتكار منفعة نابعة من المؤلف فقد بذل المؤلف منافع ذهنه وجسده في استنباط العلوم النافعة، وقد انبثقت هذه المنافع عن مؤلفها وانفصلت عنه واستقرت في المصنف.
القول الثاني: أن حق الابتكار هو حق مجرد وهو قول أحمد الحجي الكردي[47]، والحق المجرد هو حق غير متعلق بمحله أي أن التنازل عن هذا الحق لا يؤثر الحكم الأصلي كالشفعة، فإن تنازل الشفيع عن حقه في الشفعة لا يؤثر في الحكم الأصلي وهو بقاء الملك للمشتري، فهو لا يثبت في المحل قبل تملك الشفيع[48]. والحقوق المجردة مشيئة وهي لا تقوم بمال عند الحنفية[49]، لذا لا يجوز الاعتياض عنها بمال.
القول الثالث: أن حق الابتكار حق جديد ومستقل عن الحقوق المالية المعروفة، فهو لا يندرج تحت الحقوق العينية لأنه لا يرد على الأعيان، كما أنه لا يندرج تحت الحقوق الشخصية لأنه لا يفرض تكليفاً على شخص معين تلزمه القيام بعمل مُحدد، فهذا الحق يرد على أشياء غير مادية مما لا يندرج تحت الحقين السابقين وذهب إلى هذا القول مصطفى الزرقاء[50]ومحمد شبير[51].
والراجح من هذه الأقوال هو القول الأول، وهو أن حق الابتكار حق عيني مقرر، لأن العلم منفعة كما نص عليها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، وعلم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”(سبق تخريجه)، وهذه المنفعة مستقلة عن المؤلف بدليل استمرارها بعد وفاته وحلولها في عين خاصة بها كالكتاب أو الاختراع[52].
والمنافع في الفقه الإسلامي عند جمهور الفقهاء أموال متقومة مملوكة، والملك نوع من الحقوق العينية، وعليه فإن حق الابتكار حق عيني مقرر، وهذا يعني أن الحق العيني في الفقه الإسلامي أوسع منه في القانون، فالحق العيني في الفقه الإسلامي يتضمن الأعيان، والمنافع والحقوق، في حين أن الحق العيني في القانون مقصور على الأعيان فقط[53].

المبحث الثاني مالية حق التأليف في الفقه الإسلامي والآثار المترتبة عليه

المطلب الأول: مالية حق التأليف في الفقه الإسلامي:

اختلف الفقهاء المعاصرون في اعتبار الحق المالي للمؤلف على قولين:
القول الأول: أن حق المؤلف المالي معتبر شرعاً، فللمؤلف الاعتياض عن حقه في التأليف بمال، وهو قول جل علماء الأمة المعاصرين نذكر منهم: مصطفى الزرقاء[54]، ووهبة الزحيلي[55] وفتحي الدريني[56] ومحمد سعيد رمضان البوطي[57]، ومحمد عثمان شبير[58]، وعلي القره داغي[59]، وعجيل النشمي[60]ومحمد رواس قلعة جي[61].
واستدل أصحاب هذا القول بالأدلة الآتية:
1- القياس على جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن الكريم وتعليم السنة النبوية المشرفة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله”[62]، يدل الحديث بمنطوقه على مشروعية أخذ الأجرة على تعليم القرآن الكريم، أو قراءته على المريض من أجل الاستشفاء، فلما جاز أخذ الأجرة على تعليم القرآن الكريم جاز من باب أولى أخذ الأجرة على تعليم سائر العلوم الأخرى كالحديث، والتفسير، والفقه، وغيرها، سواء أكان التعليم مشافهة أم كتابة[63].
2- الصانع يملك ما يصنعه من أشياء من غير خلاف، فكذا المؤلف يملك مصنفه قياساً على الصانع، فالمؤلف كالصانع يبذل منافع نفسه وماله لإخراج المصنف بشكله النهائي لينتفع به الناس.
ومبادئ العدل والحق في الشرع تقتضي حفظ حق الإنسان في منافعه وسائر أمواله[64]، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ) [29: سورة النساء]، وقال صلى الله عليه وسلم: “ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره”(البخاري، صحيح البخاري، كتاب الإجارة، باب إثم من منع أجر الأجير).
3- حق التأليف حق عيني مقرر، والحقوق المقررة يجوز لصاحبها التنازل عنها بمال باتفاق الفقهاء[65] كالطلاق، والخلع، والعفو على مال، وعليه يجوز للمؤلف المعاوضة عن حقه أو التنازل عنه بمال[66].
4- التأليف في المجالات العلمية شتى واجب شرعي على المؤهلين لهذا العمل من العلماء، لما فيه من نشر للعلم بين العامة من أجل الانتفاع به لقوله تعالى:(فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ ) [122: سورة التوبة]، والقول بمالية حق التأليف وجواز المعاوضة عنه يشجع المؤلفين على الاستمرار في التأليف، ومن ناحية أخرى يعد التأليف وسيلة كسب لكثير من العلماء في هذا العصر، وعليه فالقول بمالية حق التأليف واجب شرعاً لتشجيع العلماء على التأليف[67] عملاً بقاعدة (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب)[68].
ويُقاس تشجيع المؤلفين على التأليف على جواز أخذ المجاهد سلب- وهو ما يوجد مع المحارب من سلاح ولباس وغيره- من قتله في المعركة عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: “من قتل قتيلاً لهُ عليه بينة فله سلبهُ” (البخاري، صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب قوله تعالى: (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ)، رقم 4322، وكتاب الخُمس، باب من لم يُخمس الأسلاب ومن قتل قتيلاً فله سلبُهُ، رقم 1950. ومسلم، صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب استحقاق القاتل سلب القتيل، رقم 1751)، فالحديث يدل بمنطوقه على تشجيع المقاتلين على القتال وقتل الأعداء بأخذ المجاهد سلب المقتول، وكذا المؤلفون فيعطون مالاً لقاءَ جهدهم وحبس أنفسهم لتشجيعهم على التأليف[69].
5- القول بعدم مالية حق التأليف يؤدي غالباً إلى انقطاع العلماء عن التأليف، وهو مآل ممنوع شرعاً لما فيه من الإضرار بالمصالح الخاصة المتعلقة بحرمان العلماء من حقوقهم في أخذ العوض عن منافع أنفسهم، كما أن في عدم اعتبار مالية حق التأليف إضراراً بالمصلحة العامة وذلك بحرمان عامة الناس من الانتفاع بالمصنفات وما تحويه من علوم[70].
وبما أن الضرر مرفوع في الشرع عملاً بقاعدة (الضرر يزال)[71] فلا بد إذن من اعتبار مالية حق التأليف.
6- تعارف المسلمون والناس جميعاً في أقطار العالم كافة على عد الامتياز المالي من حقوق المؤلف، ومالية الأشياء تثبت بتمول الناس لها، جاء في رد المحتار: (والمالية تثبت بتمول الناس كافة أو بعضهم، والتقوم يثبت بها وبإباحة الانتفاع به شرعاً)[72].
والعرف مصدر تشريعي معتبر في الاستدلال على الأحكام الشرعية[73]، ولاسيما أن شروط العمل بالعرف متوافرة هنا، فهذا العرف لا يخالف نصوص الشرع أو قواعده أو مقاصده، كما أنه عرف مطرد ومكرر باستمرار في التعاقدات المتعلقة بحقوق التأليف والطبع والنشر، إضافة إلى ذلك فهو عرف عام في جميع بلاد المسلمين[74].
ومستند العرف هنا المصلحة المرسلة[75]- وهي المصلحة التي لم يرد دليل شرعي يدل على اعتبارها أو إهدارها-[76]والاستدلال بالمصلحة المرسلة هنا من وجهين:
الأول: المصلحة الخاصة: وهي مصلحة المؤلف، وتتمثل في أخذه مالاً مقابل إنتاجه، وهذا حق لا ينكره الشرع لتعويضه عن منافع نفسه التي بذلها في التأليف تشجيعاً له ولغيره على الاستمرار في التأليف، وبخاصة أن بعض المؤلفين يعتاشون على المردود المالي لمصنفاتهم[77].
الثاني: المصلحة العامة: وتتمثل المصلحة العامة في أن تشجيع المؤلفين بالاعتياض عن حق التأليف يؤدي إلى مزيد من المصنفات في مختلف المجالات العلمية، وهذا يعني انتفاع الأمة بثروة هائلة من العلوم[78].
7- تعد المنافع أموالاً متقومة عند الفقهاء([79]) – سوى الحنفية([80])- وحق التأليف منفعة، فالمؤلف يبذل منافع ذهنه وجسده في التأليف والجمع والتنقيح والكتابة، وعليه يكون التأليف منفعة مالية متقومة([81]) فصح وقوع الملك عليها، وبالتالي للمؤلف الاعتياض عن حقه في التأليف لأن محل العقد مال متقوم بحسب القاعدة (كل ما كان مالاً متقوماً جاز أن يكون محلاً للعقد)([82]).
8- المؤلف مسؤول عما يكتبه في الدنيا والآخرة، قال تعالى:(وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ) [53: القمر]، وللحاكم محاسبته في الدنيا عن كلامه في المصنف، كما ينسب إلى كلام المؤلف في مصنفاته حسن أو قبح أفكاره وعباراته، ولما كان المؤلف ضامناً ومسؤولاً عن مصنفه فله خراج هذا المصنف عند البيع وتحقيق الأرباح[83] عملاً بقاعدة (الخراج بالضمان)[84].
9- إقرار العلماء السابقين للحكام ولاسيما الخليفة المأمون في عطاياه للمؤلفين والمترجمين حتى قيل إنه كان يعطي وزن الكتاب المترجم ذهباً[85]، فكانت هذه الأعطيات تفوق بكثير ثمن الورق والحبر وأجرة الكتابة، فعلم أن المال المدفوع للمؤلفين والمترجمين كان مقابل التأليف والترجمة، ولم ينقل إلينا إنكار أحد من العلماء السابقين هذه الأعطيات، فدل هذا على إقرار العلماء بالاعتياض عن حق التأليف[86].
10- باع بعض العلماء السابقين كتبهم بأثمان مرتفعة تفوق ثمن الحبر والورق الذي كتبت به، فقد باع أبو نعيم الأصبهاني كتابه الحلية بأربعمائة دينار، وباع ابن حجر العسقلاني أحد كتبه بثلاثمائة دينار، فهذا دليل على أن العلماء السابقين يقولون بمالية حق المؤلف في مصنفاته، ولاسيما أنه لم يعرف أن أحداً من العلماء أنكر عليهم صنيعهم هذا، فيكون هذا إقراراً من العلماء السابقين بمالية حق المؤلف[87].
القول الثاني: أن حق التأليف لا يعد حقاً مالياً ولا يجوز أخذ العوض عنه، وإلى هذا ذهب أحمد الحجي الكردي[88]، واستدل على ما ذهب إليه بما يأتي:
1- إن أخذ مقابل مالي على التأليف يعد نوعاً من كتمان العلم وهو محرم بنصوص الشرع، قال صلى الله عليه وسلم: “من سئل عن علم ثم كتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار” (الترمذي، محمد بن عيسى بن سورة، سنن الترمذي، كتاب العلم، باب ما جاء في كتمان العلم، رقم 2649. أبو داود، سليمان ابن الأشعث، سنن أبي داود، كتاب العلم، باب كراهية منع العلم، رقم 3658. قال الترمذي، حديث حسن)، وعد العجلوني[89] حبس الكتب عن الانتفاع بها داخلاً في الوعيد الوارد في الحديث السابق.
2- العلم عبادة وقربة، ولا يجوز أخذ الأجر الدنيوي على القربات، لأن أخذ الأجر على العلم يجعله كسائر الصناعات التي تقوم بالمال بعد أن كان قربة وعبادة، وعلى الأمة كفاية علمائها من حيث المعاش حتى يتفرغ العلماء لأداء وظيفتهم التعبدية والتقرب إلى الله بالعلم تحصيلاً وتدريساً وتأليفاً[90].
3- حق التأليف حق مجرد فلا يتقوم بالمال كالأعيان المادية عند بعض الفقهاء ولاسيما الحنفية[91] فلا يصح الاعتياض عنها بمال قياساً على حق الشفعة عن الحنفية[92] فهو حق مجرد لا يصح أخذ عوض مالي عند التنازل عنه[93].
4- ويمكن الاستدلال لهذا الفريق بأن بعض العلماء لم يَعدّوا الاجتهادات العلمية ومنافع الكتب أموالاً متقومة، ونورد هنا بعضاً من هذه الأقوال.
يقول القرافي: (بل الضابط لما ينتقل إليه – أي الوارث- ما كان متعلقاً بالمال أو يدفع ضرراً عن الوارث في عرضه بتخفيف ألمه… ولا يرثون عقله ولا شهوته ولا نفسه فلا يرثون ما يتعلق بذلك… وروايته ومناقبه وولايته وآراءه واجتهاداته وأفعاله الدينية فهو دينه ولا ينتقل شيء من ذلك للوارث لأنه لم يرث مستنده)[94].
بيّن القرافي أن الاجتهادات العلمية ليست أموالاً وهذا يعني أن حق التأليف ليس حقاً مالياً عنده.
ويقول الموصلي: (ولو استأجر مصحفاً أو كتاباً ليقرأ منه لم يجز ولا أجر له، لأن القراءة والنظر منفعة تحدث من القارئ لا من الكتاب، فصار كما لو استأجر شيئاً لينظر إليه لا يجوز)[95].
فالموصلي الحنفي نفى صحة تأجير الكتب لعدم الانتفاع بها، وهذا يقتضي نفي مالية حق التأليف لأن منافع المؤلف في الاجتهاد والتأليف والكتابة مستقرة في الكتاب، وهي المنافع التي نفاها صاحب الاختيار.
مناقشة الأدلة:
أولاً: مناقشة أدلة الفريق الأول: رد الفريق الثاني على أدلة الفريق الأول بمجموعة من الردود نجملها على النحو الآتي:
1- الاستدلال بالعرف المستند إلى المصلحة لا يصح، لأن من شروط اعتبار العرف والمصلحة المرسلة كمصدر تشريعي عدم مصادمة النصوص الشرعية، وبما أن بعض النصوص الشرعية جاءت بتحريم كتمان العلم، وحق التأليف صورة من صور كتمان العلم، فإن الاستدلال بالعرف والمصلحة غير معتبر لمعارضة النص.
2- لا يصح الاستدلال بأن حق التأليف منفعة مالية متقومة، لأن المنافع المبذولة هنا وجدت لأداء عبادة وقربة. ولا يصح أخذ الأجرة على القربات.
3- يرد على الاستدلال بالحديث: “أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله” من وجهين:
الأول: أن ما أخذه الصحابة في الحديث من مال كان مقابل الاستشفاء بالقرآن لا من أجل التعليم والتأليف.
الثاني: أن ما أخذه الصحابة من مال في الحديث كان هبة من زعيم الحي نظير القراءة، ولا سيما أن الحديث لم يبين وجود اتفاق مسبق بينهما، مما ينفي عقد الإجارة أو الجعالة.
4- الاستدلال بقاعدة الخراج بالضمان لا يصح، فالأموال المتقومة هي ما يندرج تحت هذه القاعدة، وحق التأليف حق مجرد لا يتقوم بمال فلا يندرج تحت هذه القاعدة.
5- قياس حق المؤلف على ما يصنعه الصانع قياس مع الفارق لأن الصانع يصنع أشياء مادية فهي أعيان مالية متقومة، في حين أن التأليف أمر معنوي فلا يتقوم بمال[96].
6- القول بأن حق التأليف حق مقرر غير صحيح لأنه حق مجرد، فهو أمر معنوي وليس عيناً فلا يصح بيعه أو التنازل عنه بمال مستقل لعدم التقوم[97].
7- القول بأن التأليف واجب شرعي ولا يتم هذا الواجب إلا بإعطاء المؤلف عوضاً مالياً غير صحيح، لأن التعليم عبادة ويترتب عليها مصلحة عامة وهي انتفاع العامة بعلم المؤلف، وفي مطالبة المؤلف بعوض مادي عن التأليف معارضة للمصلحة العامة لما فيها من رفع للأسعار على الناس وبالتالي كتمان العلم، والمصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة.
8- إعطاء الخلفاء العطايا المجزية للمؤلفين والمترجمين كان على سبيل الهبة للتشجيع على التأليف والترجمة، وليس فيها ما يدل على أنها كانت مقابل التأليف والترجمة.
9- بيع بعض العلماء السابقين لكتبهم هو خالص حقهم يبيعونه بالثمن الذي يرونه مناسباً لهم، فالكتب أموال متقومة يجوز الاعتياض عنها بمال.
مناقشة أدلة الفريق الثاني: رد الفريق الأول على أدلة الفريق الثاني بعدة ردود نجملها على النحو الآتي:
1- الاستدلال بالحديث الدال على تحريم كتمان العلم الرد عليه من وجوه:
الأول: النهي الوارد في الحديث منصب على كتمان العلم وهو أمر متفق عليه عند العلماء وهو غاية ما يدل عليه الحديث، فليس في الحديث ما يدل على نفي مالية العلم أو التعليم أو حرمة المعاوضة عنه[98].
الثاني: أن الكتمان المحرم هو احتكار العلم ومنعه وحرمان الناس من الانتفاع به لما فيه من مصادمة القصد التشريعي للعلم وهو الانتفاع، وهذا لا ينطبق على المؤلف عند مطالبته بحقه المالي لأنه يسعى لطباعة كتابه ونشره، بل إن الطريقة المعتادة في هذا العصر هي طباعة الكتاب ونشره، وهذا لا يتعارض مع أخذ المؤلف عوضاً مالياً عن منافع نفسه[99].
الثالث: إن ارتفاع أسعار الكتب المانع من وصولها إلى الناس بيسر وسهولة يعود إلى أسباب عدة منها: ارتفاع أسعار الورق والحبر، وطمع أصحاب دور النشر في الحصول على ربح كبير[100].
2- الاستدلال بأن العلم قربة لا يصح أخذ الأجرة عليه فغير مسلم، لأن المتأخرين من علماء المذاهب الفقهية أفتوا بجواز أخذ الأجرة على القربات الشرعية كالأذان، والإمامة، والتعليم[101] لتفرغهم للقيام بهذه الأعمال، جاء في الاختيار: (ولا تجوز – أي الإجارة- على الطاعات كالحج، والأذان، والإمامة، وتعليم القرآن والفقه..، وبعض أصحابنا المتأخرين قال: يجوز على التعليم والإمامة في زماننا وعليه الفتوى لحاجة الناس إليه، وظهور التواني في الأمور الدينية، وكسل الناس في الاحتساب، فلو امتنع الجواز يضيع حفظ القرآن)[102].
3- القول بأن حق التأليف حق مجرد قياساً على حق الشفعة لا يصح، لأن الحق المجرد حق مجرد عن الملك شرع لدفع الضرر، في حين أن حق التأليف حق عيني مقرر شرع تعويضاً عن منافع المؤلف التي بذلها في التأليف[103].
ومما يدل على أن حق التأليف حق مقرر، أن المؤلف إذا أسقط حقه المالي في التأليف صار نشر المصنف وطباعته ونسخه مباحاً ودون الرجوع إلى إذن المؤلف، في حين لا يحق لأحد نشر المصنف وطباعته إلا بإذن المؤلف حال تمسك المؤلف بحقه في التأليف[104].
4- الاستدلال بقول القرافي منقوض بما يأتي:
أ‌. التأليف في عصر الإمام القرافي لم يكن يعد من الأموال المتقومة، ولكن العرف في عصرنا قد تغير فأصبح التأليف مالاً متقوماً.
ب‌. الناظر في حقيقة التأليف يجد أن التأليف هو منافع المؤلف الذهنية والجسدية، والمنفعة مال عند جمهور الفقهاء[105].
أما الاستدلال بقول الموصلي الحنفي فالرد عليه من وجهين:
الأول: قوله أن المنفعة واقعة من القارئ فقط غير مسلّم به، إذ لا بد من وجود منفعة مستقرة في الكتاب – منفعة التأليف- حتى وصلت إلى القارئ وانتفع بها، فعملية التعلم من الكتاب عملية مشتركة بين المؤلف والقارئ، فالتأليف والاجتهاد منفعة واقعة من المؤلف، والقراءة والفهم واقع من القارئ[106].
الثاني: الفتوى عند متأخري الحنفية بجواز أخذ الأجرة على الطاعات استحساناً ومنها التعليم ففيها دليل على مالية منافع التعليم، فعقد الإجارة عقد معاوضة، وأخذ الأجرة على التعليم فيه دليل على مالية وتقوم منفعة التعليم بعقد الإجارة، والتعليم قد يكون مشافهة أو بالكتابة، فدل على أن التأليف – وهو تعليم بالكتابة – منفعة مالية متقومة[107].
الترجيح:
بعد النظر في أدلة القولين يترجح لنا القول الأول والقائل بمالية حق التأليف لقوة الأدلة وللأسباب الآتية:
1- إن الناظر في حقيقة التأليف يجد أنه منفعة مالية متقومة لا تختلف عن سائر المنافع التي اتفق الفقهاء على اعتبارها شرعاً، وجواز أخذ العوض عنها كالحدادة، والنجارة، والتطبيب، وغيرها من المهن، فالعامل في هذه المهن يبذل منافع نفسه وذهنه لإيجادها، فلا فرق بين منفعة التأليف وسائر المنافع الأخرى، فكان لابد من اعتبار مالية حق المؤلف.
2- نصّ الفقهاء على مالية المنافع الناشئة عن الحيوانات كالحمل، والنقل، وتغريد الطيور، وجمالها، وغيرها من المنافع، فمن باب أولى يتوجب اعتبار منافع المؤلف التي هي أسمى من هذه المنافع من حيث منشأ هذه المنافع، وهو الإنسان ومن حيث النفع المرتب عليها[108].
3- أفتى الفقهاء المتأخرون في المذاهب الفقهية -كما أسلفنا- بجواز أخذ الأجرة على الطاعات رعاية لإقامة الشرائع التعبدية كالأذان والإمامة وتعليم القرآن وغير ذلك من القربات، فلا جرم أن مصالح الأمة في عصرنا تقتضي القول بمالية حق التأليف لضمان استمرار التأليف في هذا العصر.
4- إن ارتفاع أسعار الكتب لا يعود إلى مطالبة المؤلف بحقه المالي في التأليف، بل إن المؤلف لا يحصل إلا على نزر يسير من عوائد النشر والتوزيع، فارتفاع الأسعار يعود إلى ارتفاع أثمان الورق والحبر والطباعة وتحكم دور النشر في الربح وغير ذلك.
هذا ولا ننسى أن الكتب في العهود السابقة لم تتوافر لكل الناس بسبب أثمان الورق والحبر وارتفاع أجرة النسخ.
ومن لا يتمكن في عصرنا من شراء كتاب لارتفاع ثمنه، فيمكنه الحصول عليه عن طريق الهبات من أهل الخير، أو بعض المؤسسات الخيرية التي تساعد طلاب العلم، كما أن هذه الكتب متوافرة في المكتبات العامة التي يمكن لكل فرد الانتفاع بها[109]، بل إن بعض دور النشر في عصرنا تودع نسخاً من الكتاب في المكتبات العامة بقصد التعريف بالكتاب من أجل زيادة الطلب على شرائه.
ولا بد من الإشارة هنا إلى قرار مجمع الفقه الإسلامي الذي انعقد في الكويت في دورته الخامسة بالقول بمالية حق التأليف حيث جاء في القرار: الاسم التجاري، والعنوان التجاري، والعلامة التجارية، والتأليف، والاختراع، والابتكار هي حقوق خاصة لأصحابها أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتحول الناس إليها، وهذه الحقوق يعتدُّ بها شرعاً فلا يجوز الاعتداء عليها[110].
هذا ويمكن الإجابة عن ردود الفريق الثاني على أدلة الفريق الأول بما يأتي:
1- إن الاستدلال بالعرف المستند إلى المصلحة صحيح لتوافر شروط اعتبار العرف الصحيح، ولا يتعارض هذا العرف مع حديث النهي عن كتم العلم، لأن الحديث منصب على النهي عن كتمان العلم بأي وسيلة كانت، وليس فيه ما يدل على عدم تقوم حق التأليف مالياً، فلا معارضة بين النهي عن كتمان العلم ومالية الحق المالي في التأليف.
2- القول بأن منافع العلم تعبدية لا يصح أخذ الأجرة عليها، نقول: إن منافع التأليف كسائر منافع المهن الأخرى منافع مالية متقومة فيجوز الاعتياض عنها بمال.
كما أن المتأخرين من فقهاء المذاهب أفتوا بجواز أخذ الأجرة على القربات رعاية للمصلحة العامة، وهي في ذاتها تحمل صفة التعبد أكثر من التأليف كالإمامة والخطابة، فلا مناص في عصرنا هذا من القول بمالية حق المؤلف.
3- حديث “أحق ما أخذتم عليه أجراً…” فقد نص الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث على مشروعية أخذ الأجرة على القرآن الكريم بقوله “أخذتم عليه أجراً”، ولفظ الأجر في الحديث كان مطلقاً للدلالة على مشروعية الأجر على إطلاقه سواء أكان للتعليم، أم الاستشفاء، أم غير ذلك، وإن كان السبب في الحديث هي الرقية إلا أنّ إذن الرسول صلى الله عليه وسلم كان عاماً بقوله “ما أخذتم” فلم يحصر ذلك بالرقية.
وما أخذه الصحابة من مال كان على سبيل الأجر لا الهبة لأنه كان مقابل القيام بعمل، وهو ما فهمه الرسول صلى الله عليه وسلم من الحادثة، ويدل عليه إطلاق مصطلح الأجر في الحديث على ما أخذه الصحابة من مال.
4- الاستدلال بقاعدة الخراج بالضمان فهو صحيح، لأن التأليف منفعة مالية متقومة، وهي مضمونة على المؤلف، لأنه المسؤول عما كتب في المصنف، فكان له خراج المصنف بعد البيع والربح.
5- الرد على قياس حق المؤلف في مصنفه على ما يصنعه الصانع بأنه قياس مع الفارق غير صحيح، لأن علة القياس كانت المالية والتقوم، وكون هذا المال من نتاج العامل، وهي متوافرة في الفرع والأصل وإن اختلفا في كون أحدهما مادياً والآخر معنوياً، فالعبرة باتحادهما في علة الحكم وهي إنتاجية كل منهما للمال المتقوم.
6- القول بأن حق التأليف حق مجرد، فقد بينا في المبحث السابق التكييف الفقهي لحق التأليف وتبين لنا بعد البحث أن التأليف حق عيني مقرر.
7- القول بأن ما كان يدفعه الخلفاء كان على سبيل الهبة ليس صحيحاً، لأن هذه الأموال كانت عوضاً عن منفعة التأليف والترجمة، يدل على ذلك أن أحداً لم يكن يستحق هذه الأموال إلا إذا ترجم كتاباً إلى العربية، وهذا يعني أن الترجمة والتأليف حقوق مالية مقررة يجوز الاعتياض عنها بمال.
8- بيع بعض العلماء لكتبهم بثمن مرتفع يدل دلالة واضحة على أن هذا المال لم يكن مقابل الكتاب، كعين مكونة من ورق وحبر، لأن الثمن المقبوض كان أكثر من ثمن مثل الورق والحبر، فدل على أن الزائد من الثمن عن ثمن مثل الورق والحبر وأجرة النسخ كان مقابل حق التأليف.

المطلب الثاني: الآثار المترتبة على مالية حق التأليف:

إن اعتبار حق التأليف حقاً مالياً مشروعاً في الفقه الإسلامي يترتب عليه الآثار الآتية:
1- الإنتاج العلمي ملك للمؤلف باعتباره مالاً متقوماً يقع عليه الملك، وللمؤلف سلطة التصرف فيه واستعماله بحسب حدود الشرع بالبيع، أو بالتنازل عنه، وغير ذلك من التصرفات المشروعة[111].
2- يجب على دور النشر الالتزام بالعقد الذي اتفقت فيه مع المؤلف رعاية لحق كل منهما، ويحرم على دور النشر مخالفة شروط العقد، كطباعة نسخ زائدة عن العدد المتفق عليه، أو الاستمرار في طباعة الكتاب بعد انقضاء المدة المتفق عليها بينهما[112].
3- يحرم الاعتداء على حق المؤلف بترجمة كتاب إلى لغات غير اللغة التي كتب بها المصنف دون إذن المؤلف لما فيه من اعتداء على حقه[113].
4- يحرم استنساخ الكتب والأشرطة المسموعة والمرئية دون إذن أصحاب حق التأليف، وقد يقول قائل: إن من يشتري كتاباً أو شريطاً يصبح ملكاً للمشتري، والملك يقتضي تصرف المالك في ملكه كيف يشاء، واشتراط عدم استنساخ الكتاب أو الشريط شرط مخالف لمقتضى العقد.
نقول: يجب ابتداءً أن نعلم أن هناك فرقاً بين الابتكار وملكية الكتاب أو الشريط، فإن من يشتري كتاباً أو شريطاً يملك ما وقع عليه عقد البيع وهو عين الكتاب أو الشريط، مع بقاء ملكية حق الابتكار للمؤلف، لذا يعد استنساخ الكتب أو الأشرطة اعتداءً على حق المؤلف[114].
إن في استباحة استنساخ الكتب والأشرطة إضراراً بالمؤلف من خلال رواج المستنسخ وكساد النسخ الأصلية، والضرر في الشرع مرفوع، فتصرف الإنسان في ملكه مشروط بعدم الإضرار بالغير، وتصرف المالك في ملكه مع الإضرار بالغير تعسف في استعمال الحق وهو ممنوع شرعاً.
هذا والإضرار بالمؤلفين على هذا النحو يؤدي إلى مآل ممنوع شرعاً، وهو امتناع المؤلفين عن نشر علومهم لحرمانهم من حقهم المالي في مصنفاتهم، وهذا يؤدي إلى حرمان الأمة من الانتفاع بالعلوم.
إلا أنه يمكن استثناء بعض الحالات التي يشرع فيها الاستنساخ من الكتب أو الأشرطة للحاجة، كانقطاع النسخ المعدة للبيع من الأسواق، أو مطالبة دور النشر بأثمان باهظة للمصنف وبغبن فاحش.
5- يجب في حق التأليف زكاة عند بيعه وذلك بضمه إلى باقي أمواله ويزكيها جميعاً عند حلول الحول عليها بنسبة (2.5%)[115].
6- يحرم على المؤلف استغلال حاجة الناس إلى المصنف بزيادة ثمن الكتاب زيادة فاحشةً عوضاً عن التأليف مراعاة لمبدأ مقاربة التساوي بين منفعة التأليف وحق المؤلف المالي في مصنفه[116].
7- ينتقل حق المؤلف إلى الورثة بعد وفاة المؤلف، لأنه مال مملوك يورث كسائر الأموال، إلا أن معظم فقهاء الشريعة[117] وفقهاء القانون[118] قالوا بتوقيت حق الورثة في حق التأليف الموروث عن المؤلف للأسباب الآتية:
أ‌. التأليف منفعة، والمنافع تملك لمدة محددة.
ب‌. ساهمت الأمة في جزء كبير من علوم المؤلف، فعلوم المؤلف في معظمها مأخوذة عمن سبقه من العلماء وموروث الأمة من العلوم، لذا كان من الضروري أن تؤول علوم المؤلف وحقوقه المالية إلى الأمة مراعاة لضرورة نشر العلوم بين أفراد الأمة.
أما مدة استغلال الورثة لحق موروثهم المالي في التأليف، فقد اختلفت القوانين الوضعية في مختلف دول العالم في تحديدها، فقدرتها بعض الدول بخمسة وعشرين عاماً، وقدرتها دول أخرى بثلاثين عاماً، وقدرتها أغلب الدول بخمسين عاماً بعد وفاة المؤلف[119].
أما فقهاء الشريعة فذهب بعضهم إلى تحديدها بستين عاماً بعد وفاة المؤلف قياساً على الحكر[120]، وذهب بعضهم إلى تقديرها بمائة سنة بحيث ينتفع بهذا الحق أولاده وأحفاده لأنهم يحملون فكرهُ، ويتأثرون به، ويلتصقون بكتبه، وعلى الأغلب أن متوسط عمر الجيل الواحد خمسون عاماً فتكون مدة انتفاع جيلين بها مائة عام[121].
ونرى أن: الأولى تقصير مدة انتفاع الورثة بهذا الحق بحيث لا يتجاوز خمسةً وعشرين عاماً لسببين هما:
أولاً: تعجيل رجوع هذه الحقوق إلى الأُمة مراعاةً لتوسيع قاعدة نشر الكتب للأجيال القادمة.
ثانياً: إن إطالة مدة انتفاع الورثة بحقهم الموروث في التأليف يجعل المردود المادي يتوزع على فروع أكبر، مما يجعلهم زاهدين في السعي لنشر الكتاب الذي لا يدر عليهم سوى نزرٍ يسيرٍ من المال.

الخاتمة

بعد الانتهاء من هذه الدراسة، بقي أن نشير إلى أهم النتائج التي توصل إليها الباحثان ونجملها على النحو الآتي:
1- حقوق الابتكار هو المصطلح الأفضل لإطلاقهِ على الحقوق المعنوية، لاشتماله على جميع الحقوق المعنوية، ولضرورة اشتمال هذه الحقوق على نوع من الابتكار.
2- يكيف حق التأليف على أنه حق عيني مقرر، لأنه يرد على منفعة، والمنافع تعد أموالاً، والمنافع تندرج تحت حق الملكية الذي يعد نوعاً من الحقوق العينية.
3- يعد حق التأليف حقاً مالياً في الفقه الإسلامي.
4- يترتب على القول بمالية حق التأليف جواز المعاوضة عنه، وحرمة الاعتداء عليه بالتصوير، أو الطبع دون إذن المؤلف، ووجوب الزكاة فيه باعتباره حقاً مالياً، وانتقال هذا الحق إلى الورثة بعد وفاة المؤلف.
وأخيراً فإننا نسجل التوصيات الآتية:
1- ضرورة مراقبة الدولة للمكتبات التجارية التي تستنسخ الكتب وفرض عقوبة رادعة عليها مراعاة لمصلحة المؤلف ودار النشر.
2- وجوب مراعاة المؤلفين ودور النشر لأحوال الناس، وذلك بتخفيض أسعار الكتب لتحقيق مقصود الشرع في نشر العلوم.
3- تخصيص عدد معين من الكتب من كل طبعة لتوزيعها مجاناً على الفقراء ممن يحتاجون هذه الكتب ولا يستطيعون شراءها.

(*) منشور في “المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية”، المجلد (1)، العدد (1)، 1426ه‍/ 2005م.

([1]) ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، كتاب القاف، فصل الحاء والقاف، الرازي، محمد بن أبي بكر، مختار الصحاح باب الحاء مادة حقق.
([2]) الزرقاء، مصطفى، المدخل الفقهي العام، دار الفكر، دمشق، 1968م، ج3، ص10.
([3]) ابن منظور، لسان العرب كتاب الفاء فصل الهمزة واللام. ابن فارس، أحمد، معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبدالسلام هارون، الدار الإسلامية، ط1، 1410ه، ج1، ص131.
([4]) سرور، محمد شكري، النظرية العامة للحق، دار الفكر العربي، ط1، 1979م، ص74.
([5]) المصدر السابق، ص44.
([6]) السنهوري، عبدالرزاق، الوسيط في شرح القانون المدني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ج8، ص181 و274. المجالي، حازم، حماية الحق المالي للمؤلف في القانون الأردني، دار وائل، ط1، 2000م، ص9.
([7]) الزرقاء، المدخل الفقهي العام، ج3، ص19. السنهوري، الوسيط، ج8، ص274.
([8]) الاسم التجاري، هو الاسم الذي ارتضى التاجر الفرد أو الشركة لتمييز منشأته التجارية عن نظائرها. والعلامة التجارية، هي كل شارة مميزة تستخدم لتمييز البضائع للدلالة على مصدرها أو نوعها أو مرتبتها أو ضمانها أو طريقة تحضيرها، انظر، النشمي، عجيل جاسم، الحقوق المعنوية (بيع الاسم التجاري في الفقه الإسلامي)، مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة الكويت، السنة السادسة، العدد (13)، رمضان 1409ه، ص287.
([9]) زين الدين، صلاح، المدخل إلى الملكية الفكرية، دار الثقافة، عمان، ط1، 2004م، ص32.
([10]) السنهوري، الوسيط، ج8، ص275. أبو زيد، بكر بن عبدالله، فقه النوازل، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1996م، ج2، ص151. الشنقيطي، محمد مصطفى، دراسة شرعية لأهم العقود المستحدثة، مكتبة العلوم، المدينة المنورة، ط2، 1422ه، ج2، ص739.
([11]) السنهوري، الوسيط، ج8، ص279 و280. شبير، محمد عثمان، المعاملات المالية المعاصرة، في الفقه الإسلامي، دار النفائس، عمان، ط4، 1422ه، ص56.
([12]) النشمي، إعجيل جاسم، الحقوق المعنوية (بيع الاسم التجاري في الفقه الإسلامي)، مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، الكويت، السنة السادسة، العدد 13، رمضان 1409ه، ص298.
([13]) شبير، المعاملات المالية المعاصرة، ص56 و57. أبو زيد، فقه النوازل، ج2، ص152. النشمي، الحقوق المعنوية (بيع الاسم التجاري)، مجلة الشريعة
والدراسات الإسلامية، ص297.
([14]) أبو زيد، فقه النوازل، ج2، ص153.
([15]) الدريني، محمد فتحـي، بحوث مقارنة في الفقه الإسلامي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1994م، ج2، ص7.
([16]) الزرقاء، المدخل الفقهي العام، ج3، ص22.
([17]) القره داغي، علي محي الدين، بحوث في فقه المعاملات المالية المعاصرة، دار البشائر الإسلامية، بيروت، ط1، 1422ه، ص400.
([18]) الكردي، جمال محمود، حق المؤلف في العلاقات الخاصة الدولية، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، ط1، 1979م، ص50.
([19]) سرور، النظرية العامة للحق، ص79 و80.
([20]) الدريني، بحوث مقارنة، ج2، ص27. السنهوري، الوسيط، ج8، ص299. سرور، النظرية العامة للحق، ص75. المجالي، حماية الحق المالي للمؤلف، ص35.
([21]) الدريني، بحوث مقارنة، ج2، ص7. شبير، المعاملات المالية المعاصرة، ص59. البوطي، محمد سعيد رمضان، الحقوق المعنوية طبيعتها وحكم شرائها، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، الدورة الخامسة، العدد (5)، الجزء(3)، جدة، 1409ه، ص2400. السنهوري، الوسيط، ج8، ص292.
([22]) الشنقيطي، دراسة شرعية لأهم العقود المالية، ج2، ص741.
([23]) أبو زيد، فقه النوازل، ج2، ص160.
([24]) الدريني، بحوث مقارنة في الفقه الإسلامي، ج2، ص10 و11.
([25]) السنهوري، الوسيط، ج8، ص279 و280.
([26]) الدريني، بحوث مقارنة، ج2، ص34. النجار، عبد الله مبروك، الحق الأدبي للمؤلف في الفقه الإسلامي القانون المقارن، دار المريخ، الرياض، ط1، 1420ه، ص48.
([27]) أبو زيد، فقه النوازل، ج2، ص164 وما بعدها. النجار، الحق الأدبي للمؤلف، ص53. السنهوري، الوسيط، ج8، ص409 وما بعدها.
([28]) البهوتي، منصور بن يونس، كشاف القناع عن متن الإقناع، حققه محمد حسن الشافعي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1997م، ج4، ص79.
([29]) الشاطبي، ابراهيم اللخمي، الموافقات في أصول الأحكام، دار الفكر، ج2، ص243.
([30]) أبو زيد، فقه النوازل، ج2، ص165. كنعان، نواف، حق المؤلف، مكتبة دار الثقافة، عمان، ط2، 1992م، ص73.
([31]) أبو زيد، فقه النوازل، ج2، ص167. السنهوري، الوسيط، ج8، ص361.
([32]) العبادي، عبدالسلام داود، الفقه الإسلامي والحقوق المعنوية، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، الدورة الخامسة، العدد الخامس، الجزء الثالث، 1409ه، جدة، ص2473. القره داغي، بحوث في فقه المعاملات، ص437. البوطي، الحقوق المعنوية، ص2402.
([33]) النووي، يحيى بن شرف، روضة الطالبين وعمدة المفتين، تحقيق: عادل عبدالموجود وعلي معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1412ه، ج7، ص425.
([34]) البوطي، محمد توفيق، البيوع الشائعة، دار الفكر، دمشق، ط2، 1422ه، ص220. القره داغي، بحوث في فقه المعاملات، ص435. الشنيقطي، دراسة شرعية، ج2، ص740.
([35]) الدريني، بحوث مقارنة، ج2، ص5.
([36]) زين الدين، المدخل إلى الملكية الفكرية، ص88، 89.
([37]) الكردي، حق المؤلف في العلاقات الخاصة الدولية، ص47 و 48.
([38]) السنهوري، الوسيط، ج8، ص277. المجالي، حماية الحق المالي للمؤلف، ص13.
([39]) زين الدين، المدخل إلى الملكية الفكرية، ص89. كنعان، حق المؤلف، ص66.
([40]) السنهوري، الوسيط، ج8، ص279 وما بعدها. كنعان، حق المؤلف، ص69 وما بعدها. الكردي، حق المؤلف في العلاقات الخاصة الدولية، ص52 وما بعدها.
([41]) الدريني، بحوث مقارنة، ج2، ص32.
([42]) الزحيلي، وهبة، المعاملات المالية المعاصرة، ص593.
([43]) القره داغي، بحوث في المعاملات المالية المعاصرة، ص400.
([44]) أبو زيد، فقه النوازل، ج2، ص168.
([45]) النشمي، الحقوق المعنوية، مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، ص314 وص315.
([46]) الباترتي، محمد بن محمود، شرح العناية على الهداية، دار الفكر، بيروت، ط2، ج9، ص416. شليبك، أحمد الصويعي، أحكام الإسقاط في الفقه الإسلامي، دار النفائس، عمان، ط1، 1419 ه، ص206. الشنقيطي، دراسة شرعية لأهم العقود المستحدثة، ج2، ص694.
([47]) الحجي الكردي، حكم الإسلام في حقوق التأليف والنشر والترجمة، مجلة هدي الإسلام، المجلد (25)، العددان 7 و8، 1401ه، عمان، ص62.
([48]) قاضي زاده، أحمد بن قودر، نتائج الأفكار في كشف الرموز والأسرار (التكملة في فتح شرح القدير)، دار الفكر، بيروت، ط2، ج8، ص414. الزيلعي، عثمان ابن علي، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، تحقيق أحمد عناية، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1420ه، ج5، ص479 و480. الشلبي، سعدي، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (مطبوع بهامش تبيين الحقائق)، ج5، ص479.
([49]) الموصلي، عبدالله بن محمود، الاختيار لتعليل المختار، دار المعرفة، بيروت، ج2، ص47. الزيلعي، تبيين الحقائق، ج5، ص479 و480.
([50]) الزرقاء، المدخل الفقهي العام، ج3، 21.
([51]) شبير، المعاملات المالية المعاصرة، ص55.
([52]) الدريني، بحوث مقارنة، ج2، ص46.
([53]) العبادي، الفقه الإسلامي والحقوق المعنوية، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد (5)، الجزء (3)، الدورة الخامسة، 1409ه، ص2473. النشمي، الحقوق المعنوية، مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، ص314.
([54]) الزرقاء، المدخل الفقهي العام، ج3، ص21.
([55]) الزحيلي، المعاملات المالية المعاصرة، ص584.
([56]) الدريني، بحوث مقارنة في الفقه الإسلامي وأصوله، ج2، ص32.
([57]) البوطي، الحقوق المعنوية طبيعتها وحكم شرائها، مجلة المجمع الفقه الإسلامي، ص2404.
([58]) شبير، المعاملات المالية المعاصرة، ص65.
([59]) القره داغي، بحوث في فقه المعاملات، ص439.
([60]) النشمي، الحقوق المعنوية، مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، ص230.
([61]) قلعة جي، المعاملات المالية المعاصرة، ص130.
([62]) البخاري، صحيح البخاري، كتاب الإجارة، باب ما يعطى في الرقية، وكتاب الطب، باب الشرط في الرقية.
([63]) البوطي، البيوع الشائعة، ص215. الشنقيطي، دراسة شرعية، ج2، ص745.
([64]) أبو زيد، فقه النوازل، ج2، ص175, الزحيلي، معاملات مالية معاصرة، ص585. كنعان، حق المؤلف، ص25.
([65]) الكاساني، أبو بكر بن مسعود، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ج3، ص145. الدسوقي، محمد عرفه، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، دار إحياء الكتب العربية، ج2، ص347. الدمياطي، عثمان بن محمد، حاشية إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1415ه، ج3، ص636 و637. ابن قدامة، عبدالله بن أحمد، الكافي في الفقه، تحقيق عادل عبد الموجود وعلي معوض، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1412ه، ج3، ص293.
([66]) الشنقيطي، دراسة شرعية، ج2، ص743. الدريني، بحوث مقارنة، ج2، ص35.
([67]) أبو زيد، فقه النوازل، ج2، ص174 و175. الشنقيطي، دراسة شرعية، ج2، ص750.
([68]) السبكي، الأشباه والنظائر، ج2، ص88.
([69]) أبو زيد، فقه النوازل، ج2، ص178.
([70]) قلعة جي، المعاملات المالية المعاصرة، ص131. الدريني، بحوث مقارنة، ج2، ص31.
([71]) ابن نجيم، الأشباه والنظائر، ص94. السيوطي، الأشباه والنظائر، ج1، ص165.
([72]) ابن عابدين، محمد أمين، رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار، تحقيق علي معوض وعادل عبد الموجود، دار عالم الكتب، الرياض، ط1، 2003م، ج7، ص10.
([73]) الحموي، أحمد بن محمد، غمز عيون البصائر شرح كتاب الأشباه والنظائر، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1405ه، ج1، ص323. السبكي، عبدالوهاب ابن علي، الأشباه والنظائر، تحقيق عادل عبد الموجود وعلي معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1411ه، ج1، ص51.
([74]) الزلمي، أصول الفقه في نسيجه الجديد، ص88 وما بعدها. أبو العينين، بدران، أصول الفقه الإسلامي، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، ص229 وما بعدها.
([75]) الزحيلي، المعاملات المالية المعاصرة، ص593. الدريني، بحوث مقارنة، ج2، ص31.
([76]) الزركشي، محمد بهادر، البحر المحيط في أصول الفقه، وزارة الأوقاف الكويتية، الكويت، ط2، 1992م، ج6، ص76. الإيجي، عبدالرحمن، شرح مختصر المنتهى الأصولي، تحقيق محمد حسين إسماعيل، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1424ه، ج3، ص578.
([77]) الزرقاء، المدخل الفقهي، ج3، ص21. الدريني، بحوث مقارنة، ج2، ص30.
([78]) الدريني، بحوث مقارنة، ج2، ص31. شبير، المعاملات المالية المعاصرة، ص64.
([79]) الخرشي، محمد، شرح الخرشي على مختصر خليل، دار الفكر، بيروت، ج7، ص20. الشربيني، محمد الخطيب، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، دار الفكر، بيروت، ج2، ص335. ابن قدامة، عبدالله بن أحمد، المغني على مختصر الخرقي، دار الكتـب العلميـة، بيـروت، ط1، 1414ه، ج5، ص262.
([80]) الزيلعي، تبيين الحقائق، ج6، ص109 و110. المرغيناني، علي بن أبي بكر، الهداية شرح بداية المبتدي، دار الفكر، بيروت، ط2، (بهامش شرح فتح القدير)، ج9، ص92.
([81]) أبو زيد، فقه النوازل، ج2، ص174. العبادي، الفقه الإسلامي والحقوق المعنوية، ص2749.
([82]) دية، عبدالمجيد، القواعد والضوابط الفقهية لأحكام المبيع في الشريعة الإسلامية، دار النفائس، عمان، ط1، 1425ه، ص61. وانظر ابن الهمام، الكمال، شرح فتح القدير، دار الفكر، بيروت، ط2، ج6، ص248.
([83]) الزحيلي، المعاملات المالية المعاصرة، ص594. شبير، المعاملات المالية المعاصرة، ص63 و64.
([84]) ابن نجيم، زين الدين بن إبراهيم، الأشباه والنظائر، تحقيق محمد مطيع، دار الفكر، دمشق، ط2، 1420ه، ص175. السيوطي، عبدالرحمن بن أٌبي، الأشباه والنظائر، تحقيق محمد حسن الشافعي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1998م، ج1، ص295.
([85]) رفاعي، أحمد فريد، عصر المأمون، مطبعة دار الكتب المصرية، القاهرة، ط1، 1346ه، ج1، ص377.
([86]) أبو زيد، فقه النوازل، ج2، ص145.
([87]) المصدر السابق، ج2، ص173 (السحاوي ج2، ص28).
([88]) الحجي الكردي، أحمد، حكم الإسلام في حقوق التأليف والنشر والترجمة، مجلة هدي الإسلام، الأردن (وزارة الأوقاف الأردنية) المجلد (25)، العدد (7، 8)، 1401ه، ص58 وما بعدها.
([89]) العجلوني، اسماعيل بن محمد، كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس، دار إحياء التراث العربي، ط2، ج2، ص273.
([90]) الحجي الكردي، حكم الإسلام في حقوق التأليف، مجلة هدي الإسلام، ص59 و60.
([91]) قاضي زادة، نتائج الأفكار، ج9، ص414.
([92]) الزيلعي، تبييـن الحقائـق، ج5، ص479 و480. الموصلي، الاختيار، ج2، ص47.
([93]) الحجي الكردي، حكم الإسلام في حقوق التأليف، ص62.
([94]) القرافي، أحمد بن إدريس، الفروق، عالم الكتب، بيروت، ج3، ص276 و277.
([95]) الموصلي، الاختيار، ج2، ص60.
([96]) الحجي الكردي، حكم الإسلام في حقوق التأليف، ص62.
([97]) المصدر السابق، ص62.
([98]) الدريني، بحوث مقارنة، ج2، 72، 73.
([99]) الزحيلي، معاملات مالية معاصرة، ص592. الناهي، صلاح الدين، حق التأليف في القوانين الوضعية المعاصرة، مجلة هدي الإسلام، الأردن، العدد (8)، 1401ه، ص44.
([100]) شبير، معاملات مالية معاصرة، ص65. المجالي، حماية الحق المالي للمؤلف، ص131.
([101]) المرغيناني، الهداية، ج9، ص98. ابن جزيء، محمد بن أحمد الكلبي، القوانين الفقهية، ص237. الشربيني، مغني المحتاج، ج2، ص344. البهوتي، كشاف القناع، ج4، ص13.
([102]) الموصلي، الاختيار، ج2، ص59 و60.
([103]) الزحيلي، المعاملات المالية المعاصرة، ص592. شبير، المعاملات المالية المعاصرة، ص65.
([104]) الدريني، بحوث مقارنة، ج2، ص33.
([105]) المصدر السابق، ج2، ص44 و45.
([106]) قاضي زادة، نتائج الأفكار، ج9، ص98.
([107]) المصدر السابق، ج9، ص98 و99.
([108]) الشنقيطي، دراسة شرعية، ج2، ص748.
([109]) الناهي، حق التأليف في القوانين الوضعية المعاصرة، ص44.
([110]) مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد 5، الجزء 3، 1409ه/1988م، جدة، ص2581.
([111]) محمد توفيق البوطي، البيوع الشائعة، ص223. الشنقيطي، دراسة شرعية، ج2، ص758. سرور، النظرية العامة للحق، ص96 و99.
([112]) الزحيلي، المعاملات المالية المعاصرة، ص585.
محمد توفيق، البيوع الشائعة، ص224 و225.
([113]) أبو زيد، فقه النوازل، ج2، ص162. كنعان، حق المؤلف، ص354.
([114]) البوطي، الحقوق المعنوية، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، ص2405.
([115]) القره داغي، بحوث في فقه المعاملات المالية المعاصرة، ص440.
([116]) الدريني، بحوث مقارنة، ج2، ص8. وانظر ابن رشد، بداية المجتهد، ج2، ص132.
([117]) الزحيلي، معاملات مالية معاصرة، ص586. الدريني، بحوث مقارنة، ج2، ص81.
([118]) مأمون، عبدالرشيد، أبحاث في حق المؤلف، دار النهضة العربية، مصر، 1986م، ص109 وما بعدها. المجالي، حماية الحق المالي للمؤلف، ص96 وما بعدها. كنعان، حق المؤلف، ص314 وما بعدها.
([119]) كنعان، حق المؤلف، ص316 وما بعدها. مأمون. أبحاث من حق المؤلف، ص109 وما بعدها. المجالي، حماية الحق المالي للمؤلف، ص99 وما بعدها.
([120]) الحكر: هو حق القرار في الأرض الموقوفة المستأجرة إجارة طويلة للغرس والبناء، الزحيلي، المعاملات المالية المعاصرة، ص586. الدريني، بحوث مقارنة، ج2، ص81.
([121]) قلعة جي، المعاملات المالية المعاصرة، ص130.