القيم والأثمنة التقديرية للعقارات المصرح بها في ميدان الضريبة على الدخل المترتبة على الأرباح العقارية وضريبة التسجيل

بقلم :المختار السريدي

تيسيرا للعمل الإداري و بحثا عن الشفافية والوضوح والقطع مع جميع أشكال وأساليب التملص الضريبي المستشري في القطاع العقاري ، و تخفيفا عن الإدارة الضريبية وعن الخاضعين للضريبة من كثرة المراجعات والتصحيحات التي قد تطال الأثمنة والقيم المصرح بها ، وبغية الحد ما أمكن من بعض المنازعات الإدارية والقضائية التافهة منها أو الكيدية أوالتي لا أساس لها ، وبعد مخاض عسير وطول انتظار ، تم الإعلان من طرف المديرية العامة للضرائب التابعة لوزارة الإقتصاد والمالية – وبشراكة مع عدد من الفاعلين وذوي الشأن والصلة والإختصاص – عن شبكة جديدة مفصلة لأسعار العقار(1) ، انبثقت عن توصيات المناظرة الوطنية للجبايات المنعقدة بالصخيرات (2) وعن توصيات المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي ، الهدف منها ضبط جميع العمليات والمعاملات العقارية وتنظيمها والتحكم فيها دونما إخفاء أو تستر أوصورية أو تلاعب ، أملا في تحسين العلاقة ما بين الإدارة الضريبية والمتعاملين معها ورقمنة جميع الإجراءات الإدارية الجبائية .

و تعد هذه الشبكة Référenciel des prix des transactions immobilières الوسيلة الإثباتية الوحيدة المتوفرة لحد الآن لدى الإدارة الضريبية ، من أجل القيام بأي تعديل أوتصحيح أومراجعة للقيم والأثمنة التقديرية المصرح بها أوالمعبرعنها في مختلف العقود والإتفاقات والإقرارات التي يودعها الخاضعون للضريبة لدى قباضات إدارة الضرائب سواء كانوا مفوتين أو مفوت لهم .

وهي عبارة عن معطيات حقيقية مستمدة من الواقع وتخضع للتحيين بشكل دوري كلما جد جديد و تبعا لتقلبات سوق العقار (3) يلجأ إليها مفتش الضرائب المختص ـ باعتماد المقارنة الدقيقة ـ كلما لاحظ أواكتشف أن هناك نقصانا في الأثمنة والقيم أوعدم مطابقتها لما هوموجود في سوق العقارفي تاريخ إبرام العقد أوالإتفاق ، وهي رهن إشارة جميع المتعاملين مع الإدارة وكل المعنيين والمهتمين سواء لدى الإدارة نفسها التي لايمكنها أن تبخل بالمعلومة أو تحجبها عن طالبها أو من خلال الشبكة العنكبوتية .

وحتى تكون هذه المعطيات قوية وذات حجية ويمكن اعتمادها في تصحيح الأساس الضريبي ، ويتقبلها الخاضعون للضريبة بكل أريحية ، يجب أن تكون كتابية وصحيحة شكلا ومضمونا وذات قيمة إقناعية ، وغالبا ماتكون عبارة عن عقود رسمية كانت أم عرفية أووثائق أوأوراق أو مستندات أومحاضرقانونية …

وبالرجوع إلى المدونة العامة للضرائب فإننا لم نكد نعثر ضمن موادها القانونية على أية إشارة سواء من قريب أومن بعيد إلى عناصر المقارنة كوسيلة من الوسائل التي يمكن اعتمادها في تصحيح الأساس الضريبي ، وبالتالي فإن باب الإجتهاد يبقى مفتوحا على مصراعيه أمام مفتش الضرائب في إطار السلطة التقديرية التي يخولها له القانون الجاري به العمل .

وتهدف طريقة الإعتماد على هذه العناصر في تصحيح الأثمنة والقيم المصرح بها إلى ضمان حفظ حقوق الخاضع للضريبة والإدارة الضريبية على حد سواء ، من حيث هفوات وزلات مفتش الضرائب أوالأخطاء التي يمكن أن تتسرب إلى قراره قبل أن يكون عنوانا لأي فرض ضريبي تكميلي ، وهو ما يحفزهذا الأخير إلى دراسة الملفات المعروضة عليـه دراسة متأنية والتمعن والتعمق في اختيارعناصرالمقارنة ذات القوة التبوثية قبل إصدار أي مقرر في الموضوع .

وهذه العناصر لايمكن الوثوق إليها إلا إذا كانت مطابقة ومشابهة في قيمها وأثمنتها مع القيمة أوالثمن المصرح به في العقد أوالإقرارموضوع التصحيح ، سواء من حيث الزمان أوالمكان أوالخصائص (4) ، ودلك في إطار السلطة التقديرية التي يتمتع بها مفتش الضرائب المختص في هدا الشأن ، وهي ليست سلطة مطلقة ، حيث يمكن للخاضع للضريبة أن يطعن فيها سواء أمام اللجان الضريبية أو أمام المحاكم الإدارية ، وهذا ما سنحاول تفصيله من خلال فقرتين اثنتين :

– الفقرة الأولى : أوجه التطابق من حيث الزمان والمكان والخصائص .

– الفقرة الثانية : موقف القضاء الإداري ولجان الطعن الضريبي .

الفقرة الأولى : أوجه التطابق من حيث الزمان والمكان والخصائص

لا قيمة لعناصر المقارنة المعتمدة من طرف الإدارة الضريبية في تصحيح القيم والأثمنة المصرح بها من طرف الخاضعين للضريبة ، ما لم تكن متطابقة تطابقا سليما وموضوعيا مع العقد أو الإقرارموضوع التصحيح سواء من حيث الزمان أو المكان أو الخصائص ، وحتى نتمكن من الإحاطة بدلك كان لابد من التطرق إليه من خلال النقط الثلاثة التالية :

– أوجه التطابق من حيث الزمان.
– أوجه التطابق من حيث المكان.
– أوجه التطابق من حيث الخصائص.
أولا : أوجـه التطابق من حيث الزمان :

يقصد بالتطابق مابين عقود المقارنة والعقد موضوع التصحيح الضريبي من حيث الزمان ، هوأن يجمعها تاريخ واحد أوتاريخ متقارب على الأقل ، بمعنى أن يتم تحريرها في نفس السنة أوبفارق سنة واحدة أو سنتين اثنتين إلى ثلاثة سنوات على أبعد تقديرإذا كان هناك شح أوندرة أوغياب لعناصر مقارنة في نفس السنة ، وهذا ماجرى به العمل في العديد من المصالح و المكاتب والشعب المكلفة بتصحيح الأساس الضريبي ومراقبة التفويتات ، مع العلم أن العقار في ارتفاع قيمته أوانخفاضها قد يتأثر بالتحولات الإقتصادية والإجتماعية التي تحيط به وحتى السياسية أحيانا وقد يتأثر بعوامل أخرى كالجفاف وتراجع الوعاء العقاري وتقلبات سوق العرض والطلب … أكثرمن تأثره بعامل الزمن والوقت ، فلا يمكن مثلا الركون إلى عناصر مقارنة تتعلق بسنوات 2006 و2007 و2008 التي عرف فيها العقار أوجه وارتفعت فيها أثمانه بشكل كبير، من أجل تصحيح أثمنة وقيم مصرح بها في عقود محررة برسم سنوات 2013 و2014 و2015 حيث عرف العقار بعض الركود وتهاوت أثمانه وتراجعت أسعاره ، وبالتالي يكون من غير المنطقي بل من غير المقبول الإحتكام إلى عناصر المقارنة تلك في تصحيح الأساس الضريبي لما فيها من مس وإضرار بحقوق الخاضعين للضريبة خصوصا أولئك الذين قد يضطرون إلى تفويت ممتلكاتهم العقارية بأبخس الأثمان تلبية لحاجيات معينة أو بسبب ظرف من الظروف …..

وعليه فإنه لايمكن الركون إلى عامل الزمان لوحده من أجل اعتماد عناصر مقارنة معينة في تصحيح الأساس الضريبي ، فعامل المكان له دور موازي وهدا ما سنتحدث عنه في النقطة الموالية .

ثانيا : أوجـه التطابق من حيث المكان :

لاشك أن المكان أوالموقع له أهمية كبيرة في تحديد قيمة أي عقار سواء بالزيادة أوالنقصان ، ولذلك فإن التطابق من حيث المكان مابين العقارات موضوع العقود المعتمدة من طرف مفتش الضرائب كعناصر للمقارنة والعقار موضوع العقد الذي خضع للتصحيح والمراقبـة ، يبقى مسألة ضرورية لامحيد عنها ، سواء من حيث التحديد الدقيق لموقع العقار وأهميته وحدوده …

وهذا لن تكون له قيمة إلا بالقيام بمعاينة عقارية يجريها على الأقل مفتشان محلفان تابعان لإدارة الضرائب ، وحتى تكون لهده المعاينة قوتها الثبوتية وحجيتها لدى الغير في حالة أي نزاع محتمل سواء أمام الإدارة الضريبية نفسها أو أمام لجان الطعن الضريبي أو أمام القضاء ، يجب أن تكون مكتوبة ومؤرخة وموقعة من طرف محرريها وأن يشار إلى أسماءهم وصفاتهم والعمليات والإجراءات التي قاموا بها .

فالعقارات الحضرية سواء كانت مبنية أوغيرمبنية ، تختلف فيها الأثمنة والأسعار من منطقة لأخرى و من مدينة لأخرى وحتى داخل نفس المنطقة أو نفس المدينة ، بحسب موقعها من تجزئة لأخرى و من حي لآخر ومن شارع لآخر ومن زقاق لآخر…

نفس الشيء بالنسبة للعقارات الفلاحية سواء كانت بورية أوسقوية أومغروسة أوتربتها خصبة ، أو توجد بأرض منبسطة أو مرتفعة أو منحدرة ، أو توجد بها أشواك أو أحجارأو صخور، أوتستفيد من الري بواسطة السدود أو الآبار، أوتحتوي على بناءات أومنشآت أوتجهيزات ، أوقريبة من الطرق المعبدة أوالمرافق الحيوية ، تختلف فيها الأثمنة كذلك من قرية لأخرى ومن جماعة أوقبيلة أومنطقة لأخرى داخل نفس الإقليم أوالدائرة الترابية التابعة لنفوذ مفتش الضرائب المختص ، هدا الأخيرالذي قد يجد نفسه مجبرا للأخذ بعنصر المكان ضمن العناصر التي يعتمد عليها في الرفع من القيم والأثمان التي تبدوله ناقصة أوفيها إخفاء أو صورية .

ولذلك فالمكان أوالموقع هوعنصرجوهري في تحديد قيمة أو سعر أي عقار كيفما كانت طبيعته أو الغرض المعد له . دون أن ننسى الخصائص والمميزات التي يتميز بها وهدا هو موضوع النقطة الثالثة .

ثالثا : أوجـه التطابق من حيث الخصائص :

ويقصد بها التطابق والتشابه والتماثل مابين خصائص ومميزات ومشتملات ومحتويات وتجهيزات العقارات موضوع العقود المعتمدة كعناصر للمقارنة والعقار موضوع العقد الذي خضع للتصحيح والمراقبة ، لأن لكل عقار طبيعته ، وكل عقار لما أعد له ، ذلك أن العقار المحفظ ليس هو العقارغيرالمحفظ أو في طور التحفيظ ،

والعقار المعد للبناء ليس هوالعقارالمبني ، والعقار المبني بناء تاما ليس هوالعقارالمبني جزئيا أوفي طورالبناء ، والعقار المخصص للأعمال التجارية أوالمهنية أو الحرفية ليس هوذاك المخصص للسكنى أوللإيجار، وحتى هذا الأخير نجده يختلف بحسب جودة البناء وهندسة البناء والمواد المستعملة في البناء وحجم المساحة المبنية وغيرالمبنية ومختلف التجهيزات الأساسية والضرورية المتعلقة به ، والعقار المخصص للفلاحة البورية المعتمدة على الأمطارليس هوالعقارالمخصص للفلاحة السقوية المعتمدة على أنظمة وطرق الري المختلفة …

كل هذا الإختلاف في الخصائص والمميزات ينعكس بشكل كبيرعلى القيم والأثمنة والأسعار التي قد تتغيربتغيرطبيعة وأهمية وتخصيص العقار موضوع التفويت .

الفقرة الثانية : موقف القضاء الإداري ولجان الطعن الضريبي

تحسبا لأي طعن كيفما كانت طبيعته سواء كان إداريا أوقضائيا أوأمام اللجان الضريبية المحدثة لهذا الغرض ، فإن على مفتش الضرائب المكلف بمراقبة التفويتات أن يكون متزنا ويقظا في اختيارعناصرمقارنة قوية وواقعية ومنسجمة تنطلق من عقود بيوعات وأشرية ومن محاضرووثائق ومستندات مكتوبة وذات قوة ثبوتية فيها من أوجه التشابه والتطابق والتوافق مع العقار موضوع العقد الذي وقع تصحيح قيمته أوثمنه مايكفي لإبعاد عملية التصحيح ككل عن أي إلغاء أوإبطال كيفما كانت الجهة التي قامت به .

ومع ذلك فقد تصدى القضاء الإداري ومعه اللجان المحلية لتقدير الضريبة في العديد من القرارات الصادرة عنها لمسألة ضرورة التطابق مابين عناصر المقارنة المعتمدة في تصحيح الأساس الضريبي ومابين العقد أوالإقرارالذي تم تصحيح قيمته ، سواء من حيث الزمان أوالمكان أوالخصائص .

حيث جاء في قرار صادر عن محكمة الإستئناف الإدارية بالرباط مؤرخ في 2017/06/08 ما يلي : « إن السعر المرجعي الصادر عن المديرية العامة للضرائب لتقويم العقارات الخاضعة للضريبة على الدخل صنف

الأرباح العقارية ، يبقى ملزما لجهة الإدارة حتى تكون عمليات التصحيح المجراة من طرفها مبنية على عناصر موضوعية وموحدة تجنبا لكل انتقائية ، وبالتالي فإنه لايعتبر دا طبيعة إلزامية للمحكمة المعروض عليها النزاع التي تبقى لها الصلاحية لإعمال كافة إجراءات التحقيق المخولة لها قانونا للتحقق من القيمة الحقيقية للعقارات موضوع التوجيب الضريبي . » (5)

وجاء في حكم عن المحكمة الإدارية بأكادير صادربتاريخ 2007/03/08 ، مايلي : « … عدم توفرالإدارة أثناء مباشرتها لمسطرة التصحيح على عناصرمقارنة جديرة بالإعتبار، حيث تم الإستدلال بعقدين بعيدين عن موقع العقارموضوع الرسم التكميلي ، ولا تتوفر فيهما مواصفات عقد شراء المدعي من حيث الموقع والبعد عن المرافق الحيوية …. وكذا من حيث وجود طريق غير معبدة موصلة إليه …. وحيث أنه تبعا لذلك يبقى التصحيح الذي قامت به الإدارة لتصريح الملزم غيرمؤسس واقعا ويتعين استبعاده … » (6)

وجاء في حكم آخرصادرعن نفس المحكمة بتاريخ 2006/12/24 ، ما يلي : « … وحيث أن المحكمة بعد دراستها لملف القضية ، تبين لها أن جوهر النزاع بين المدعي وإدارة الضرائب ينصب حول تحديد قيمة الأرض …. وحيث أنه عند مراجعة الإدارة الضريبية للأثمان التي أدلى بها الملزم بالضريبة في إقراره وأدى على أساسها رسوم التسجيل .

يجب أن تكون الأسس الجديدة معتمدة على عناصر مقارنة حقيقية تنطلق من بيوعات مشابهة للعقار موضوع الفرض الضريبي في الزمان والمكان والخصائص .

وحيث أن إدارة الضرائب أدلت بعقدين للمقارنة اعتمدتهما لتحديد الأسس الجديدة للفرض الضريبي .

وأن المحكمة بعد دراستها للعقدين تبين لها بأنهما لايمكن أن يكونا نموذجين للمقارنة لأنهما يتعلقان بعقارين لايوجدان بنفس منطقة العقار موضوع الرسوم التكميلية المطعون فيها ، وكما أنهما لاينصبان على أرض فلاحية فقط ، بل يشملان أرضا فلاحية بما فيها من تجهيزات أساسية من شأن تواجدها أن يؤثر في الثمن موضوع البيع .

وعليه تكون الأسس المعتمدة من طرف إدارة الضرائب غير مطابقة لخصائص العقار موضوع الدعوى … »

(7).

وجاء في قرار صادر عن اللجنة المحلية لتقدير الضريبة بتارودانت بتاريخ 2017/12/05 ، ملف عدد 2017/04 : « … وبناء على كون عنصري المقارنة المشار إليهما في تقرير المفتش لا يصلح اعتمادهما كعنصرين جديرين للمقارنة بسبب عدم تطابق المعطيات بينهما وبين العقدين اللدين أدلى بهما ممثل قباضة إدارة الضرائب لرئيس اللجنة . فقد قررت اللجنة المحلية لتقدير الضريبة إلغاء الفرض الضريبي التكميلي . »

وجاء في قرار آخر عن نفس اللجنة بتاريخ 2018/02/22 ، ملف عدد 2017/12 ما يلي : « … وحيث تبين لأعضاء اللجنة أن عناصر المقارنة التي أدلى بها المفتش تخص البقع الأرضية الصالحة لبناء ثلاثة طوابق وليس لبناء حمام يمنع البناء فوقه …

وبناء على كون عنصري المقارنة المشار إليهما في تقرير المفتش لا يصلح اعتمادهما كعنصرين جديرين للمقارنة بسبب عدم تطابق المعطيات بينها وبين العقد موضوع البقعة الأرضية المخصصة لبناء حمام كما جاء بصريح العبارة في العقد ، فقد قررت اللجنة المحلية لتقدير الضريبة إلغاء الفرض الضريبي التكميلي . »

وجاء في قرار ثالث عن نفس اللجنة بتاريخ 2017/06/08 ، ملف عدد 2016/09 ما يلي : « … وبناء على عدم كفاية عنصري المقارنة المشار إليهما واللدين اعتمدتهما الإدارة في تصحيح الأساس الضريبي .

وبناء على الحالة التي كان عليها العقار المبيع وهو عبارة عن مرآب جد منخفض في علوه ولا تتوفر فيه مواصفات المرائب والمستودعات ولا يسمح بركن بعض العربات والشاحنات …

فقد قررت اللجنة المحلية لتقدير الضريبة خصم نسبة 80 % من أصل الضريبة التكميلية .. . »

هذه المواقف الصادرة سواء عن القضاء الإداري أو عن اللجان المحلية لتقدير الضريبة التي يبدو أنها قد جاءت لتحد من السلطة التقديرية لمفتش الضرائب في اعتماد عناصر مقارنة تنسجم مع العقد موضوع التصحيح والمراقبة ، فإنها بالمقابل تبدو قوية وصارمة بعض الشيء ، خصوصا وأن الأمر يتعلق بمسائل ومعطيات واقعية تتميز بالنسبية والتقريبية ولايمكن بأي حال من الأحوال أن تخضع لمنطق أومعيارأوضابط معين يمكن بواسطته أوعلى ضوئه الإحتكام إلى عناصر مقارنة دقيقة غاية الدقة وأكثر واقعية من الواقع .

لكن رغم ذلك تبقى للقضاء الإداري الكلمة الفصل ، في فض جميع النزاعات من هذا النوع حيث غالبا ما يعتمد في عديد أحكامه إما على الخبرة القضائية أو على عناصر مقارنة مضادة أو على مقارعة الحجة بالحجة أو الإكتفاء بالإقتناع الصميم .

عصارة القول أن الشبكة المرجعية لأسعار العقار المعتمدة في تصحيح الأساس الضريبي ، ليست قرآنا منزلا أو قانونا مقدسا أو عملا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وإنما هي من صنع الإدارة ومن صنع إداريين متخصصين وأهل خبرة واختصاص ، وبالتالي فهي قابلة للتغيير ولإعادة النظر وللتحيين كلما دعت الضرورة إلى ذلك ، وعلى الذي يستعملها أو يحتكم إليها أن يستفتي في ذلك ضميره ومسؤوليته الإنسانية قبل مسؤوليته القانونية .

كما أن القضاء يقف دائما بالمرصاد لكل من قد تسول له نفسه التلاعب بحقوق البلاد والعباد ، دلك أن قانون المسطرة المدنية باعتباره قانون المسطرة الأم بالنسبة لجميع المساطر القانونية بما فيها المساطر الجبائية قد خول للمحكمة لوحدها دون غيرها حق تحقيق النزاع المعروض عليها قصد الوصول لمعرفة الثمن الحقيقي والقيمة الواقعية للعقار موضوع التفويت .

انتهى

هوامش :

1- لقد ساهمت في إعداد المدونة المرجعية للاسعاربالإضافة إلى المديرية العامة للضرائب كل من الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية والفدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين وبنك المغرب والمفتشيات الجهوية للتعمير والوكالات الحضرية وهيئات الموثقين .
2- المناظرة الوطنية الثانية للجبايات المنعقدة بمدينة الصخيرات بتاريخ 29-30 أبريل 2013 .
3- Site Internet : www.tax .gov.ma – Email : [email protected]
4- انظر مقالنا المنشور بجريدة العلم بتاريخ 13 – 06 -2012 تحت عنوان ” القوة التبوثية لعناصر المقارنة المعتمدة في تصحيح الأساس الضريبي ” .
5- ملف عدد 2017/209/537 بتاريخ 08 يونيو 2017 .
6- قرار عدد 83/07 ملف عدد 140/2006 ش .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت