حُكمُ رجوع مَن أسلَمَ تبعاً لإسلامِ أحدِ والديهِ لدينِهِ السابق

في القانون العراقي

د. عبد المنعم عبد الوهاب محمد، نقابة المحامين، البصرة (العراق)

الملخص :

لأكثر من عقدين من الزمان أستقر قضاء محكمة التمييز على مبدأ جواز رجوع مَن أسلم تبعا لإسلام أحد والديه لدينه السابق بعد بلوغه عاقلا مختارا . إلا أن المحكمة المذكورة قد تحولت عن هذا المبدأ لنقيضه تماما . في هذا البحث نستعرض أحكام تبديل الدين في التشريع العراقي ، ثم نسلط الضوء على مدى موافقة الإتجاه الأخير لمحكمة التمييز لنصوص القانون العراقي النافذة .

Abstract :

For more than two decades, the Court of Cassation has settled on the principle of the right of return of a Muslim according to the Islam of one of his parents to his previous religion after reaching a reasonable age. However, the Court has turned from this principle to its opposite. In this paper, we review the provisions of the exchange of religion in Iraqi legislation, and then highlight the extent of approval of the recent trend of the Court of Cassation of the provisions of Iraqi law in force .

المقدمة :

الحق في الدين من الحقوق الأساسية للإنسان التي كفلتها شريعة السماء ، ومن بعدها شرائع الأرض عبر العصور . ومع ذلك فأن جل الحروب ومجازر القتل والتنكيل التي مرت على الإنسانية منذ نشأتها وحتى يومنا هذا كان من مسبباتها الأولى الصراع بين بني البشر على الحق في الدين والمعتقد . ونحسب أن هذا الصراع لن يتوقف ما دامت هناك نظرة دونية لمعتقدات الناس ودياناتهم تروج لها أفكار أو معتقدات أو ديانات أيا كان مصدرها ، ويتبناها أفراد أو جماعات ينتمون لطوائف عرقية أو دينية مهووسة بأمتيازات تتوهمها عن سواها من بني البشر .

وفي عالمنا المعاصر لم يقتصر النص على الحق في الدين على الشرائع الوطنية للدول وحسب ، وإنما تبنته أيضا المواثيق والمعاهدات الدولية كالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادر عن الأمم المتحدة عام 1966 . وفي مقابل ذلك أتسع مضمار هذا الحق وتنوعت مضامينه ، وأهتمت به – ولم تزل- مراكز الدراسات والبحوث ، وأقلام الباحثين والمهتمين ، في القانون والسياسة والفقه الإسلامي سعيا وراء تأصيل مفهومه وتنظير مضامينه وتأطير ما يتصل به من مواضيع وفروع . فتكللت جهودها مجتمعة بتوضيح معالم هذا الحق من خلال تحديد المقومات والأسس التي ينهض عليها ، وبيان ما يرتبط بمضامينه من أحكام ومحددات .

وفي العراق نصت الدساتير المتعاقبة على كفالة الدولة حرية الدين لجميع مواطنيها . وكان من صور كفالتها لهذا الحق أن أقرت في القوانين المعنية بالأحوال المدنية بحق العراقي غير المسلم تبديل دينه ، واختيار أي دين آخر من الأديان المعترف بها رسميا .أما إن أختار الإسلام دينا ، فسيلتحق معه بدينه الجديد أولاده القاصرين بالتبعية . وهذا حكم أجمع عليه الفقه الاسلامي أيضا .

وحيث أن العراق كان خاضعا لعدة قرون لسيطرة الإمبراطورية العثمانية التي كانت تتبنى الفقه الحنفي مذهبا لها وللأمصار الخاضعة لسيطرتها ، فقد تأثر بناء منظومتي القانون المدني الصادر عام 1951 وقانون الأحوال الشخصية الصادر عام 1959 الى حد كبير بالفقه الحنفي . ثم جاءت أحكام محكمة التمييز ومحكمة الأحوال الشخصية -على وجه الخصوص- مستمدة من الفقه الحنفي -عند عدم وجود النص التشريعي- ، لكونه أحكامه الشرعية هي الأكثر ملاءمة وأتساقا مع النصوص التشريعية النافذة .

وهكذا فقد أستقر قضاء محكمة التمييز على الحكم بجواز رجوع مَن أسلم تبعا لإسلام أحد والديه الى دينه السابق بعد بلوغه عاقلا رشيدا . وأصبح هذا الحكم مبدأ قانونيا بمضي المدة ودوام العمل عليه من قبل محكمة التمييز بكافة هيئاتها المختصة ومن قبل محاكم الأحوال الشخصية في عموم البلاد ولقرابة ربع قرن من الزمان .

إلا أنه ومع بداية الألفية الثالثة أصدرت الهيئة العامة لمحكمة التمييز قرار حكم قضى بعدم جواز رجعة مِن أسلم بالتبعية لدينه السابق ، ولتعلن فيه عن بداية تخليها عن أتجاهها السابق ، وعن المبدأ القانوني المستقر من قضاءها الفائت .

ولقد أثار الإتجاه الجديد لمحكمة التمييز – ولم يزل يثير- عواصف من الجدل المستمر ضده ، وسيلا غير منقطع من المطالبات بإلغائه وإعادة العمل بالمبدأ السالف ذكره . وهذا ما طرح إشكالية معرفة مدى موافقة قرار حكم الهيئة العامة لمحكمة التمييز المعني ، وبالتالي ما تبنته من إتجاه جديد بشأن موضوعه للقانون ؟

ويأتي هذا البحث حلا لهذه الإشكالية وذلك من خلال عرض كل ما يتصل بموضوعها من مفاهيم ومضامين ، والإجابة على تطرحه من تساؤلات فرعية أخرى . معتمدا في ذلك المنهج التاريخي ومنهج التحليل النظمي في قراءة النصوص القانونية والشرعية والأحكام القضائية وتقييمها . فجاء هذا البحث مقسما على مبحثين ، تناولت في الأول منهما الحق بتبديل الدين في التشريع العراقي ، وخصصت الثاني لبيان موقف القضاء العراقي من رجوع القاصر الى دينه السابق بعد بلوغه عاقلا ومدى قانونيته . ثم أنهيت البحث بخاتمة تلخص ما توصلت اليه من إستنتاجات وما أقترحه من توصيات .

المبحث الأول :الحق بتبديل الدين في القانون العراقي

لقد أستقر مسلك المشرع العراقي في جميع قوانين تنظيم الأحوال المدنية المتعاقبة – منذ قيام الحكم الوطني بداية العقد الثالث من القرن الماضي وحتى يومنا هذا – على منح الحق بتبديل الدين للأشخاص المشمولين به من المسجلين في سجلات النفوس الرسمية . ونستعرض في هذا المبحث تطور تقنين هذا الحق وآلياته في التشريعات المعنية بتنظيم الأحوال المدنية ، مقسما على ثلاثة مطالب . أفردت المطلب الأول لعرض تطور النص على الحق بتبديل الدين في التشريعات الوطنية المعنية بالأحوال المدنية ، وتناولت في المطلب الثاني تحديد المحكمة المختصة بنظر دعاوى تبديل الدين في التشريعات المتعاقبة ، وخصصت المطلب الثالث لبيان أحكام تبديل الدين للأولاد القاصرين .

المطلب الأول : تطور النص على الحق بتبديل الدين في التشريع العراقي

نصت المادة/الثالثة عشرة من قانون تسجيل النفوس رقم (54) لسنة 1927 الملغي (وهو أول قانون لتنظيم الأحوال المدنية يصدر بعد قيام الحكم الوطني) على :”إذا غَيَّرَ الشخص المسجل في سجل النفوس العام دينه فعليه أن يُخبِر مُختار المحلة أو القرية بذلك ويسلم إليه بيانا مصدقا عليه من قبل سلطة روحانية من دينه السابق واللاحق وعلى المختار أن يُخبِر دائرة النفوس بهذا التغيير خلال سبعة أيام”.

نلاحظ إن العبارة التي تصدرت نص المادة أعلاه وجاء فيها : “إذا غيّر الشخص المسجل في سجل النفوس العام دينه” ، قد جاءت مطلقة في حكمها من حيث الأشخاص المشمولين بها ومن حيث موضوعها . فالحق بتبديل الدين مكفول قانونا ، لا يقيده قيد سوى سبق تسجيل الراغب بتبديل دينه في سجل النفوس العام . هذا من حيث الأشخاص المشمولين بالنص . أما من حيث الموضوع فالنص أعلاه أستخدم كلمة الدين مطلقة ، لتشمل كل دين معترف به رسميا ، ويدرج في حقل الديانة في سجلات النفوس . والأديان المعترف بها رسميا عند صدور القانون المذكور أعلاه هي الأديان السماوية الثلاثة الإسلام والمسيحية واليهودية التي ورد ذكرها حصرا في نصوص المواد الخامسة والسبعون وحتى الثامنة والسبعون من القانون الاساسي العراقي ( أول دستور للحكم الوطني في العراق) الصادر عام 1925[1] .

ولقد أبقت القوانين اللاحقة المتعلقة بتنظيم الأحوال المدنية على مضمون هذا النص ، فنصت المادة/ السادسة عشرة من قانون تسجيل النفوس رقم (59) لسنة 1955 الملغي (الذي ألغى قانون تسجيل النفوس رقم 54 لسنة1927) على :”للمدير العام أن يأمر بإجراء التعديلات والتصحيحات المقتضية بطلب تحريري من ذوي العلاقة . إلا إذا كانت واردة على الاسماء و الدين أو العمر فحينئذ يتوقف تدوين ذلك على إستحصال حكم من محكمة مختصة مكتسب الدرجة القطعية بعد إقامة دعوى فيها حسب الاصول” .

ثم جاء في المادة/ الخامسة والعشرون من قانون تسجيل النفوس والألقاب رقم (61) لسنة 1958(الذي ألغى قانون تسجيل

النفوس رقم 59 لسنة 1955) على :”أ- تقام الدعوى لتصحيح الاسم أو اللقب أو الدين أو العمر في محكمة الصلح بناء على طلب من ذي حق متعلق بذلك ..” .

واضح تماما أن جميع النصوص القانونية سالفة الذكر لم تستثني أي شخص مسجل في سجلات النفوس من الحق بتبديل دينه، أيا كان دينه ، واختيار أي دين آخر من الأديان المعترف بها رسميا . فجميع هذه النصوص قد جاءت عامة مطلقة ، وكان ذلك منحى منتقد للمشرع العراقي . إذ لاشك سَيُفهم من هذا الإطلاق جواز تحول المسلم أو المسيحي أو اليهودي الى أي دين آخر من هذه الأديان الثلاثة . وهو أمر غير وراد على أطلاقه لا شرعا ولا عملا . فمن الجانب الشرعي ، تتفق المذاهب الإسلامية كافة على جواز إعتناق المسيحي أو اليهودي للإسلام ، فيما تُحَرِم تحول المسلم الى أي دين آخر سماويا كان أم وضعيا ، وتعتبر ذلك من الكبائر الموجبة لعقوبة القتل عند غالبيتها ، وان أختلفت هذه الغالبية فيما بينها على ما يتصل بإيقاع هذه العقوبة من شروط وقيود[2] . أما من الجانب العملي ، فإذا لم يكن هناك قانونا ما يمنع المسيحي أو اليهودي من التحول عن دينه وإعتناق الاسلام دينا ، فأن ثمة مانع قانوني يجعل من المستحيل الإستجابة لطلب المسلم بتغيير دينه الى دين آخر . ذلك أن الديانة من الأحوال الشخصية للعراقي التي قضت المادتان السادسة والسبعون والسابعة والسبعون من القانون الأساسي العراقي لعام 1925 بإختصاص المحاكم الشرعية بنظرها وفقا للأحكام الشرعية الخاصة بكل مذهب من المذاهب الإسلامية . ولما أن المذاهب الإسلامية تتفق على عدم جواز الرجوع عن الدين الإسلامي ، لذا فلم يكن متصورا أبدا الإستجابة لهكذا طلب . لذلك كان حريا بالمشرع العراقي حينذاك تقييد النصوص القانونية المتقدمة ، وبما ينسجم مع أحكام الدستور والتشريعات الاخرى المنظمة لأعمال المحاكم العراقية في ذلك الوقت .

ويبدو أن المشرع قد أنتبه لهذا القصور التشريعي بعد حين ، فَعَمِدَ الى تجاوزه فأعتمد نصا جديدا للحق بتبديل الدين ، حيث نصت الفقرة 2 من المادة/33 من قانون الأحوال المدنية رقم (189) لسنة 1964 الملغي (الذي ألغى قانون تسجيل النفوس والألقاب رقم 61 لسنة 1958): “يجوز لغير المسلم تبديل دينه وفقا لأحكام هذا القانون” .

ثم أبقى المشرع العراقي على هذا النص الأخير ، بذات صياغته ، في جميع التشريعات اللاحقة المنظمة لشؤون الأحوال المدنية، فنصت الفقرة 2 من المادة/20 من قانون الأحوال المدنية رقم (65) لسنة 1972 الملغي (والذي الغى قانون الأحوال المدنية رقم 189 لسنة 1964) :” يجوز لغير المسلم تبديل دينه وفقا لأحكام هذا القانون ” . ثم بذات النص أيضا في الفقرة ثانيا من المادة/38 من قانون الجنسية العراقية والمعلومات المدنية رقم (46) لسنة 1990 الملغي (والذي الغى قانون الأحوال المدنية رقم 65 لسنة 1972 ، وأُلغي بدوره بالقانون رقم (3) لسنة 2016). حتى أستقر أخيرا بالفقرة أولا من المادة/26 من قانون البطاقة الوطنية رقم (3) لسنة 2016 النافذ والذي جاء فيه :”يجوز لغير المسلم تبديل دينه وفقا للقانون”.

مما تقدم نستنتج أن النطاق الشخصي للحق بتبديل الدين في القانون العراقي ، ومنذ صدور أول قانون لتنظيم الاحوال المدنية في العراق عام 1927 وحتى يومنا هذا إنما ينحصر بغير المسلمين فقط من أتباع الأديان المعترف بها رسميا ، والتي كانت حتى العام 1981 تنحصر بالديانتين اليهودية والمسيحية ، ثم أضيفت لها الديانتين اليزيدية والصابئية بموجب نظام رعاية الطوائف الدينية رقم 32 لسنة 1981[3] .

المطلب الثاني : المحكمة المختصة بنظر دعاوى تبديل الدين

ووفقا لنص المادتين السادسة والسبعون والثامنة والسبعون من القانون الأساسي العراقي لعام 1925[4] ، فأن المحاكم الشرعية هي الجهة المختصة بالفصل في طلبات العراقيين من أتباع الديانتين اليهودية والمسيحية الراغبين بالدخول في الإسلام ، فيما تختص المجالس الروحانية الموسوية والمجالس الروحانية المسيحية بالنظر في طلبات العراقيين من أتباع الديانتين اليهودية والمسيحية وبحسب أحوال الطلب . أما العراقيين من الصابئة واليزيدين ، فكانت المحاكم الشرعية هي الجهة المختصة بنظر طلباتهم وأمورهم الشخصية ، وهو مسلك كان متبعا في الدولة العثمانية ، وبقي العمل عليه حتى صدور نظام رعاية الطوائف الدينية رقم (32) لسنة 1981[5] .

وقد بقي العمل في المحاكم العراقية بهذا الاتجاه حتى صدور قانون السلطة القضائية رقم 26 لسنة 1963 الذي قضى بموجب الفقرة (ب) من المادة الحادية والعشرون إناطة الأحوال الشخصية لغير المسلمين إلى محكمة المواد الشخصية . وتبعا لذلك فقد قضت المادة /34 من قانون الأحوال المدنية رقم (189) لسنة 1964 الملغي([6])بإختصاص المحاكم الشرعية[7] النظر بدعوى تغيير الدين إذا كان الراغب بتغيير دينه يروم التحول الى الدين الإسلامي ، وباختصاص محكمة المواد الشخصية إذا كان الراغب بتغيير دينه يروم التحول الى أي من الديانات الأخرى المعترف بها قانونا .

وبمثل ذلك أيضا قضت الفقرة 2 من المادة/21 من قانون الأحوال المدنية رقم (65) لسنة 1972 الملغي([8]).

إلا أن الفقرة ثانيا من المادة/39 قانون الجنسية العراقية والمعلومات المدنية رقم (46) لسنة 1990 الملغي قد قصرت النظر بدعوى تغيير الدين على محكمة الأحوال الشخصية وحدها[9]. وهو مسلك قانوني غير موفق ، وذلك بالنظر الى أن الراغب بتغيير دينه قد يكون يروم التحول الى دين آخر غير الدين الإسلامي ، كأن يكون يهودي الديانة ويرغب بالتحول الى الديانة المسيحية ، ففي مثل هذه الحالة ، ووفقا لنص المادة/ 33 من قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 النافذ فأن المحكمة المختصة بنظر الاحوال الشخصية لغير المسلمين هي محكمة المواد الشخصية[10] .

وبدلا من أن يصحح المشرع العراقي مسار مسلكه في هذا الموضوع ويعود به الى ما كان عليه في القوانين السابقة ، نجده يُبقي عليه وأن جاء بإتجاه آخر هذه المرة ، حيث قضى في الفقرة ثالثا من هذه المادة/26 من قانون البطاقة الوطنية رقم (3) لسنة 2016 النافذ بحصر إختصاص النظر بدعوى تغيير الدين في محكمة المواد الشخصية[11].ومحكمة المواد الشخصية هي المحكمة التي تختص بأحوال غير المسلمين الشخصية ، يرأسها قاضي محكمة البداءة وفقا لنص المادة/33 مرافعات مدنية ، أو القاضي الأول في محكمة البداءة إذا تعدد قضاتها . ومعلوم أن قاضي البداءة لا يشترط فيه أن يكون مسلما ، فيما إجراءات إصدار الحجة بتبديل دين الكتابي الى الإسلام تقتضي نطقه بالشهادتين أمام المحكمة المعنية بإصدار هذه الحجة ، وهو أمر لا يجوز ندبه إلى قاضٍ غير مسلم ، لذا كان على المشرع العراقي وحلا لهذا الإشكال المتوقع أن يبقي على المعمول به في هذا الشأن في القوانين السابقة على قانون الجنسية العراقية والمعلومات المدنية رقم (46) لسنة 1990 الملغي ، بأن ينص على رفع الطلب بتغيير الدين الى المحكمة المختصة ، أي بأن يكون نص الفقرة ثالثا من هذه المادة/26 من قانون البطاقة الوطنية رقم (3) لسنة 2016 النافذ: “يقع تبديل الدين في المحكمة الشرعية أو محكمة المواد الشخصية كل حسب إختصاصها ولها في حالة الموافقة على الطلب تبديل الأسم المجرد إذا اقترن ذلك بتبديل الدين” .

المطلب الثالث : أحكام تبديل الدين للأولاد القاصرين

كل ما سبق بيانه من أحكام تبديل الدين كان للعراقي البالغ الرشيد الذي أتم الثامنة عشرة من العمر عاقلا غير مصاب بعارض من عوارض الأهلية أو موانعها[12] ، ذكرا كان أم أنثى . ولكن ماذا عن القاصر ؟

بديهي أننا لا نعني بسؤالنا هذا كل شخص قاصر لم يتم الثامنة عشرة من العمر ، أو أتمها غير عاقل أو مصاب بعارض من عوارض الأهلية أو موانعها ، فهذا الشخص لا يُقبل له طلب أمام المحاكم المختصة ، لفقدانه شرطا من شروط التقاضي التي نصت عليها المادة/3 مرافعات مدنية وهو الأهلية[13]. أنما عنينا بسؤالنا القاصر المرتبط نسبا وأسما بطالب تبديل الدين ؛ أي ولده ذكرا كان أم أنثى .

لم يرد نص في القوانين المنظمة للأحوال المدنية السابقة على قانون الأحوال المدنية رقم (65) لسنة 1972 الملغي بشأن الأولاد القاصرين للطالب تبديل دينه . إنما جاء أول نص حول هذا الموضوع في الفقرة 3 من المادة/الحادية والعشرون من القانون المذكور والتي جاء فيها :”يتبع الأولاد القاصرون في الدين من أعتنق الدين الإسلامي من الأبوين” . وتكرر ذات النص في الفقرة ثالثا من المادة/39 من قانون الجنسية العراقية والمعلومات المدنية رقم (46) لسنة 1990 الملغي . وأعيد ذات النص أيضا في الفقرة ثانيا من المادة/26 من قانون البطاقة الوطنية رقم (3) لسنة 2016 النافذ .

يفهم من النص أعلاه أن أولاد الطالب تبديل دينه القاصرين يتبعون ديانته الجديدة حكما ، سواء كان من طلب تبديل دينه الأب أم الأم . غير أن ذلك مقتصر على الراغب باعتناق الدين الإسلامي . بمعنى أن حكم لحوق الأولاد بديانة أحد والديهم الجديدة أنما يخص مَن تحول منهم من دينه لدين الإسلام . وعليه فأن هذا الحكم لن يشمل الأولاد القاصرين الذين تحول أحد والديهم من دينه لدين آخر من الأديان المعترف بها رسميا غير الإسلام .

وحقيقة الأمر أن العمل بهذا الحكم كان ساريا قبل تقنينه بالفقرة 3 من المادة/ الحادية والعشرون من قانون الأحوال المدنية رقم (65) لسنة 1972 الملغي ، وذلك لأن المحاكم الشرعية التي كانت مختصة قانونا بنظر طلبات تغيير الدين بالنسبة لمن يروم التحول الى الدين الإسلامي كانت تطبق أحكام الشريعة الإسلامية وفقا للمذهب الحنفي الذي يقول بتبعية الولد القاصر لديانة أحد والديه أن أسلما[14]. وهو ما عليه أجماع الفقهاء المسلمين من كافة المذاهب الإسلامية ايضا .

وهكذا فأن ما قضت به الفقرة ثانيا من المادة/26 من قانون البطاقة الوطنية رقم (3) لسنة 2016 النافذ ، والنصوص المطابقة لها في القوانين الملغية المشار اليها اعلاه ، إنما هو حكم مستمد من الشريعة الإسلامية أصلا .

المبحث الثاني : موقف القضاء العراقي من رجوع مِن أسلم بالتبعية الى دينه السابق

إذا أسلم العراقي البالغ العاقل لزمه إسلامه فلا يجوز له قانونا تبديله ، ولا الرجوع الى دينه السابق . هذا ما يفهم من صراحة نص الفقرة أولا من المادة/26 من قانون البطاقة الوطنية رقم (3) لسنة 2016 النافذ والذي جاء فيه :”يجوز لغير المسلم تبديل دينه وفقا للقانون”. أما القاصر الذي يُحكَم – قانونا- بإسلامه تبعا لإسلام أحد والديه (الفقرة ثانيا من المادة/26 من قانون البطاقة الوطنية رقم (3) لسنة 2016 النافذ) ، فلم يرد نص في التشريعات الوطنية المعنية بتنظيم الاحول المدنية حول أمكانية رجوعه عن الإسلام الى دينه السابق من عدمها . وبما يستنتج منه أن سكوت المشرع العراقي عن إيراد نص حول هذا الموضوع ، إنما يحيله الى منظومة الأحكام الشرعية الأكثر ملائمة لنصوص قانون الأحوال الشخصية النافذ إستنادا لحكم الفقرة 2 من مادته الأولى[15] . وقد تولى القضاء العراقي هذه المهمة ، فكان أن أستقر قضاء محكمة التمييز ولسنوات طويلة على جواز رجوع مَن أسلم تبعا لإسلام أحد أبويه الى دينه السابق بعد بلوغه سن الرشد القانوني عاقلا ولسنوات طويلة ، حتى تحولت الهيئة الموسعة في محكمة التمييز على هذا الاتجاه لتتبنى نقيضه تماما . وتوضيحا لهذا الموضوع ، فقد قسمت هذا المبحث على ثلاثة مطالب. خصصت كل مطلب منن المطلبين الاولين لإيضاح إتجاه من هذين الاتجاهين ثم تناولت في المطلب الثالث بيان مدى توافق الاتجاه الجديد لمحكمة التمييز مع أحكام القانون العراقي .

المطلب الاول :الإتجاه الاول ..جواز رجوع القاصر لدينه السابق بعد البلوغ

تقدم أن المشرع العراقي ، ومنذ العام 1972 ، قد ضَمَّنَ القوانين المنظمة للأحوال المدنية نصا يقضي بتبعية الأولاد القاصرين في الدين لمن أعتنق الاسلام دينا من والديهما . وهو حكم سبق وقررته الشريعة الإسلامية ، وأتفقت عليه سائر مذاهبها الفقهية . وذلك لأن القاصر أما أن يكون عديم الأهلية أو ناقصها[16]،وكِلاهما لا يصح منه أختيار ألا بعد بلوغه عاقلا رشيدا ، لذا أنيط أمره في موضوع تبديل الدين الى مِن أسلم من والديه .

وإذا كان من الثابت شرعا وقانونا رفع الولاية أو الوصاية عن القاصر ومنحه حق إجازة ما قرره أو أختاره له الولي أو الوصي في مختلف مجالات حقوقه المالية أو الشخصية من عدمه ، وذلك بعد بلوغه سن الرشد عاقلا . فهل يسوغ للقاصر الذي لحق بديانة من أسلم من أبويه العودة الى دينه السابق بعد بلوغه عاقلا رشيدا ؟

لم يرد نص في أي من القوانين أو الأنظمة أو التعليمات المنظمة للأحوال المدنية الملغاة ، وحتى النافذ منها الآن ، يفيد بجواز ذلك. إلا أن ما أستقر عليه قضاء محكمة التمييز ، منذ صدور قانون الأحوال المدنية رقم (65) لسنة 1972 الملغي وحتى العام 1999، هو جواز رجوع الصغير الذي لحق بإسلام أحد أبويه بعد بلوغه سن الرشد القانوني عاقلا . وأشترطت المحكمة الموقرة لقبول طلب الصغير الملتحق بالإسلام تبعا لإسلام أحد والديه بالرجعة لدينه الذي كان عليه ، أن يتم الثامنة عشرة عاقلا ، وان يرفع طلبه الى المحكمة المختصة (محكمة الاحوال الشخصية) خلال عام واحد فقط من تاريخ بلوغه القانوني ، وأن يثبت للمحكمة إقتران طلبه بأختيار الرجعة لدينه السابق بإرادته الحرة ودون أكراه . وهذه الشروط مجتمعة شروط سقوط ، بمعنى أن عدم توافر أي منها يوجب على المحكمة المختصة رد الطلب . فجاء في قرار للمحكمة بهذا الشأن ما نصه :”أن الحكم الشرعي هو أنه إذا أسلم الصبي تبعا لإسلام أبيه فأنه يحق له العودة الى دينه السابق إذا تحققت شروطها وهي البلوغ والعقل والأختيار . وبما أن المدعية فد أسلمت تبعا لإسلام أبيها عندما كانت قاصرة ، وإنها بعد بلوغها قد إختارت وهي رشيدة البقاء على دينها المسيحي ، فتكون قد أستعملت حقها المقرر بمقتضى أحكام الشرع”[17].

ونعتقد أن هذا الإتجاه في قضاء محكمة التمييز لم يكن مقطوع الصلة بما قبله ، فهو يشكل إستمرارا لما أستقر عليه القضاء الشرعي في العراق منذ قيام الحكم الوطني ، بل وحتى ما قبله بسنوات طويلة .وذلك لأن القضاء الشرعي في العراق -بعد قيام الحكم الوطني فيه- ظل يطبق أحكام الفقه الحنفي الذي سبق وأعتمدته الإمبراطورية العثمانية مذهبا لها وفرضته على جميع الأمصار الخاضعة لسيطرتها ومنها العراق . والفقه الحنفي يقول بجواز رجوع الصغير الذي أسلم تبعا لإسلام أحد والديه الى دينه السابق ، فقد جاء في المادة/130 من مدونة الاحكام الشرعية في الاحوال الشخصية :”..وتستمر تبعية الولد لمن أسلم من أبويه مدة صغره سواء كان عاقلا أو غير عاقل ، ولا تنقطع إلا ببلوغه عاقلا ، فلو بلغ مجنونا أو معتوها فلا تزال تبعيته مستمرة”[18] .

ولقد أستقر قضاء محكمة التمييز بهيئتها العامة وهيئتها الموسعة وهيئات الأحوال الشخصية المتعاقبة على الحكم بجواز رجوع مِن أسلم تبعا لإسلام أحد والديه الى دينه السابق عند تحقق شروط الرجعة ، وبما يعني أن هذا الحكم قد أصبح بتواتر العمل فيه سابقة قضائية شكلت مبدأ قانونيا معتمدا وملزما ليس لمحكمة التمييز وحدها ، وإنما لكافة محاكم الأحوال الشخصية في العراق . وهذا ما كان عليه العمل بالفعل لقرابة ربع قرن من الزمان (1976-1999) .

علاوة على ما تقدم فان إتجاه محكمة التمييز هذا يأتي متوافقا مع القانون رقم (193) لسنة 1970 المتضمن التصديق على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادر عن الأمم المتحدة والذي سنتطرق إليه في المطلب الثالث من هذا المبحث .

المطلب الثاني : الاتجاه الثاني .. عدم جواز رجوع القاصر لدينه السابق مطلقا

مع بداية العام 2000م ، ودون سابقة بهذا الشأن ، أصدرت الهيئة العامة في محكمة التمييز قرار حكم بأكثرية أعضائها قضى :”بأن الصغير الذي لم يراهق يصبح مسلما بإسلام أبيه ، ولا تجيز الأحكام الشرعية له العودة إلى دينه السابق ، لأن ذلك ردة تمنعها أحكام الإسلام وتعاقب عليها”[19].

كان قرار الحكم هذا نقطة البداية في تحول محكمة التمييز عن ما أستقر عليه قضاؤها بجواز رجعة مَن أسلم تبعا لإسلام أحد والديه إلى دينه السابق ، وهجرانها لمبدئه القانوني المتبع تطبيقه من قبلها طيلة ربع قرن من الزمان تقريبا ، ثم تحولها لإتجاه مناقض له تماما.

وللوقوف على ما حَمَلَ المحكمة للتحول لنقيض ما هو ثابت في قضاءها بصدد موضوع البحث ، علينا مراجعة قرار حكمها المنوه عنه ، للتعرف على الأسباب التي بُنيَّ عليها .

وبمراجعة نص قرار الحكم المعني نجد أن الهيئة العامة لمحكمة التمييز قد قالت في معرض تسببيها له ما نصه : “أن الأحكام الشرعية لا تجيز للصغير العودة لدينه السابق” . لكننا -وبتدقيق الاسباب أوردتها المحكمة في متن قرارها المعني- نكتشف انها لم تورد ، كما ولم تُشِر مجرد إشارة الى ، أي حكم شرعي بخصوص ما ذهبت اليه فيه من عدم جواز عودة القاصر الذي أسلم تبعا لإسلام أحد والديه الى دينه السابق . بل أن المحكمة لم تخض في هذا الموضوع –أعني موضوع جواز رجعة القاصر عن الدين من عدمها الذي هو موضوع الدعوى- على الأطلاق ،وإنما خاضت في موضوع آخر ، وهو موضوع الردة عن دين الإسلام .فذكرت بصدد حكمها الشرعي ثلاث آيات من الذكر الحكيم وحديثين منسوبين للرسول الكريم r، وإحالة الى عدد من المصادر الفقهية للمذاهب الاسلامية بشأن حكمها الشرعي ، للتدليل على عدم جوازها – أي الردة- شرعا[20].

أن الأختلاف بين الموضوعين قائم وجلي .فالموضوع الاول – وهو موضوع الدعوى- يخص المدعية التي كانت مع أبويها على الديانة الصابئية قبل أن تلتحق بالدين الإسلامي تبعا لإسلام أبيها . وهي تطلب في عريضة دعواها المعروضة على المحكمة العودة لديانتها السابقة .وطلبها هذا -كما مر بنا -أن تم رفعه للمحكمة المختصة خلال عام واحد من بلوغها ، سيكون مشروعا، ويُحكَم لها بالعودة لدينها السابق أن تحققت شروط الرجعة ،وهي : البلوغ والعقل والاختيار ، وذلك وفقا لما هو مستقر عليه من قضاء محكمة التمييز . فيما الموضوع الثاني-الذي أشارت المحكمة الى حكمه الشرعي في متن قرار حكمها المعني – يخص حالة الردة . والردة باتفاق

الفقهاء المسلمين غير مشروعة ، وأن أختلفوا في غير حكم من الأحكام الفرعية المترتبة عليها[21] .

أن مناط الأختلاف الأساسي بين الموضوعين هو أن مشروعية طلب المدعية الرجوع عن الدين الإسلامي الى دينها السابق إنما

يأتي مستندا لرخصة قد منحها الشارع لها مذ أسلمت تبعا لإسلام أبيها دون أختيار منها كونها كانت قاصرة ولا تملك حق الأختيار ، فأثبتت لها الشارع هذا الحق لحين بلوغها عاقلة رشيدة ، فأن شاءت أمضت ما أختاره لها أبيها وبقيت على الإسلام ، وأن شاءت عادت لدينها السابق ، دون أن يعتبر ذلك ردة منها عن الإسلام .وذلك لأن إسلامها أصلا إنما كان معلقا على شرط أختياره دينا بإرادتها دون تراخٍ ، حيث حدد الشارع لها مدة عام كامل من تاريخ بلوغها عاقلة لقبول مطالبتها بهذا الحق ، فأن لم تطلبه خلال هذا العام سقط دون عذر أو أمهال .

ولعل من المفيد بهذا الصدد التذكير بأن حق الخيار للقاصر هو من الحقوق التي أقرها قانون الأحوال الشخصية النافذ أستنادا لما قررته الشريعة الاسلامية في أكثر من موضوع من مواضيع الأحوال الشخصية . فقد جاء في المادة الاربعون منه :”لكل من الزوجين طلب التفريق عند توافر أحد الاسباب الاتية : …3- اذا كان عقد الزواج قد تم قبل إكمال أحد الزوجين الثامنة عشرة دون موافقة القاضي” . فالقانون هنا يمنح الخيار لكلا الزوجين بطلب التفريق قضاءا بعد البلوغ القانوني لمن أبرم عقد زواجه وهو دون الثامنة عشرة من العمر ودون موافقة القاضي . فهذه رخصة قانونية ، لا يصح مواجهتها بأن العقد قد تم ولا يجوز الرجوع عنه مثلا ، وهي تثبت للقاصر في موضوعها حتى بلوغه السن القانونية عاقلا[22] .

في مقابل ذلك فأن طلب المسلم ، أي مسلم بالغ عاقل ، الردة عن دينه هو أمر غير مشروع شرعا ، لأنه يجسد رجوعا الى الكفر ، وتبنيا لكبيرة من الكبائر ، بإتفاق الفقهاء المسلمين[23]، لذا فلا مشروعية له ، ولا رخصة فيه ، ولا تغاضٍ عنه ، ولا عن آثاره.

ومع هذا ، وبرغم الأختلاف البَيَّن بين الموضوعين مضمونا وموضوعا ، إلا أن محكمة التمييز قد أعتبرتهما موضوعا واحدا بمضمون واحد ، وحكم شرعي واحد ، وهذه قراءة غير سليمة لحقيقة الأمور الموضوعية لا يجدر بها أن تأتي من أعلى سلطة قضائية في البلاد .

أما بشأن الحكم الشرعي في مسألة رجوع من أسلم تبعا لإسلام أحد والديه الى دينه السابق بعد بلوغه عاقلا رشيدا ، فهي – كشأن كثير من المسائل الأخرى- مسألة غير مُجمَعٌ على حكم واحد منها في الفقه الاسلامي . وحيث أن هذه الدراسة غير مخصصة لبيان إجتهادات الفقهاء المسلمين حول هذا الموضوع ، إنما هي تعنى بموقف القانون العراقي من هذه المسألة ، لذا أقتصرت على عرض ما ذهب اليه الفقه الحنفي كحكم شرعي بشأن هذه المسألة ، وذلك لكون الفقه الحنفي هو المنظومة الفقهية التي أُعتِمدَت تاريخيا – وكما مر بنا- كمصدر للتشريع والقضاء في العراق منذ خضوعه لسيطرة الإمبراطورية العثمانية ، وبقي كذلك حتى بعد قيام الحكم الوطني فيه . فجاء قانون الأحوال الشخصية النافذ متأثرا بأحكامه الشرعية وإجتهادته الفقهية الى حد كبير ، مما جعل منظومته الفقهية هي الأقرب اليه من بين جميع المنظومات الفقهية الإسلامية الأخرى ، وهكذا جاء قضاء محكمة التمييز مستندا اليها في أغلب أحكامه المتعلقة بالأحوال الشخصية للمسلمين ، ومنها قضاؤه في موضوع البحث .

وفي معرض عرضها لموقف الفقهاء المسلمين من مسألة الردة ، قالت الهيئة العامة لمحكمة التمييز في قرار حكمها المعني : “أنعقد جماع المذاهب الاسلامية كلها على تقرير تلك القواعد والاحكام ولم يشذ عن ذلك سوى أحد الفقهاء المتأخرين وهو سفيان الثوري ، وأنه على فرض صحة هذا النقل فهو خلاف بعد إجماع فلا يجوز الاخذ به..” . وهذا منطق غريب فعلا أن يأتي من أعلى سلطة قضائية في البلاد كونه يربط بين الأخذ بالحكم الشرعي سواء من قبل المشرع لتقنينه أو من قبل المحكمة لتحكم وفقا له إذا لم يوجد نص تشريعي إستنادا لنص الفقرة 2 من المادة الأولى من قانون الاحوال الشخصية النافذ[24]، ولا يماثله غرابة –أو ربما يزيد عليه- إلا قول المحكمة أن الفقيه الُمحَدِث الزاهد الكوفي سفيان الثوري (97-161 ه) من الفقهاء المتأخرين ، وهو الذي عاصر أئمة الفقه الإسلامي الأوائل : الإمام جعفر الصادق (80-148 هـ) ، والإمام أبي حنيفة النعمان (80-150ه) ، والإمام أنس بن مالك(93-179ه) ، وسبق الإمام الشافعي (150-204ه) والإمام أحمد بن حنبل (164-241ه) الى الفتيا والفقه ورواية الحديث .

وإنا لنرى أن الهيئة العامة لمحكمة التمييز بقولها الغريب هذا أنما كانت تلمح الى أن المبدأ الذي أستقرت عليه محكمة التمييز من قبل قرار حكمها المعني والذي يقضي بجواز رجوع مَن أسلم تبعا لإسلام أحد والدية بعد بلوغه عاقلا ، هو رأي القلة القليلة من الفقهاء المسلمين . ومع أن ما ذهب اليه الفقه الحنفي ، وتبنته محكمة التمييز في قضاءها السابق ، هو فعلا رأي القلة من الفقهاء المسلمين ، بل هو الرأي الوحيد – كما وصل لعلمنا- القائل بهذا الحكم الشرعي ، الا أن ذلك لا يبيح للهيئة العامة الانقلاب عنه وهجرانه تحت زعم عدم إجماع الفقهاء المسلمين عليه مثلا .إذ أن إجماع الفقهاء المسلمين على أمر ما قبولا أو رفضا لم يكن من الضوابط المعتمدة لدى المشرع العراقي عند تقنينه لقانون الأحوال الشخصية للمسلمين . ويكفي أن ندلل على ذلك بموضوع الوصية الواجبة لأبناء الولد المتوفي قبل والديه والتي أخذ بها قانون الاحوال الشخصية النافذ وقننها[25]، مع انها حكم شرعي أنفرد به الفقه الظاهري الذي أسسه فقيه الاندلس أبن حزم الظاهري دون سائر المذاهب الفقهية الإسلامية الاخرى . وبرغم هذا الأنفراد فقد أخذ المشرع العراقي بهذا الحكم الشرعي حين وجد فيه ما يحقق العدالة في قسمة المواريث ، غير متقيد بما عليه إجماع سائر الفقهاء المسلمين الأخرين ، أو على الأصح غير معتد بإجماعهم الذي يقضي بحرمان أولاد الولد المتوفي قبل أحد والديه من ميراث أحدهما بعد وفاته ، مستندين في ذلك الى إنقطاع سبب الأرث بموت الوارث قبل موت مورثه[26]. وبالتالي فأن ركون الهيئة العامة لمحكمة التمييز الى عدم إجماع الفقه الاسلامي كحجة لتبرير تحولها عن المبدأ القانوني المستقر قضاء بشأن موضوع الدعوى المعروضة عليها (موضوع البحث) ، ليس بالحجة المقبولة قانونا ، لعدم توافقها مع ما عليه منحى المشرع العراقي في هذا الشأن .

المطلب الثالث : مدى قانونية الإتجاه الثاني لمحكمة التمييز

على الرغم مما تقدم ، وسعيا لتقييم أنقلاب الهيئة العامة لمحكمة التمييز على المبدأ المستقر من قضاء محكمة التمييز بجواز رجعة مَن أسلم تبعا لإسلام والديه الى دينه السابق بعد بلوغه عاقلا ، ومدى قانونية منحاها الجديد بهذا الشأن ، سنذهب وأياها بذات إتجاهها فنترك ما ذهب اليه الفقه الحنفي حول موضوع الدعوى المعروضة عليها (موضوع البحث) ، ونعتمد بشأنه ما أجمع عليه بقية الفقهاء المسلمين من عدم جواز الرجوع عن الدين أطلاقا . فهل سيغير مثل هذا العرض مآل الموقف القانوني من إتجاهها الجديد؟

أن نص الفقرة 2 من المادة الأولى من قانون الأحوال الشخصية النافذ رقم 188 لسنة 1959 المعدل[27]يلزم المحاكم المختصة بنظر الأحوال الشخصية للمسلمين بتطبيق النصوص التشريعية أولا ، فأن لم تجد فتطبق النصوص الشرعية الإسلامية الأكثر ملاءمة لنصوص قانون الأحوال الشخصية النافذ . وهذا ما يعني تماما أنه لا يجوز لأي محكمة مختصة بنظر الأحوال الشخصية للمسلمين – ومنها الهيئة العامة لمحكمة التمييز – تطبيق الأحكام الشرعية الأكثر ملائمة لنصوص قانون الأحوال الشخصية النافذ إلا مع عدم وجود نص تشريعي في القانون ينظم وينطبق على موضوع الدعوى المنظورة من قبلها ، فأن وجد النص التشريعي فالأولوية تكون له تطبيقا وليس لأحكام الشريعة أيا كانت قوة هذه الأحكام الشرعية أو مصدرها التشريعي . هذا من جانب . ومن جانب آخر ، فأن عبارة “نص تشريعي” الواردة في الفقرة اعلاه تشمل كل النصوص التشريعية في القانون العراقي على العموم وليس في قانون الأحوال الشخصية لوحده ، كونها قد جاءت مطلقة تفيد العموم .

لقد سبق وعرفنا أن قانون الاحوال الشخصية النافذ يخلو من نص تشريعي ينظم وينطبق على موضوع الدعوى المنظورة قبل الهيئة العامة لمحكمة التمييز (موضوع البحث) ، فهل ثمة نص في قانون ساري المفعول ضمن المنظومة القانونية في العراق بشأن ذلك ؟.

نجيب فنقول : نعم . ففي العام 1970 صادق العراق بالقانون رقم (193) لسنة 1970 على العهد الدولي الخاص بالحقوق

المدنية والسياسية الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1966 ، وبذلك أصبح ذلك التشريع الدولي جزءا من النظام القانوني في العراق . بمعنى أن جميع المحاكم العراقية قد أصبحت ملزمة منذ تاريخ نشر ذلك القانون في الجريدة الرسمية[28] بتطبيق نصوصه باعتباره جزءا من القانون العراقي .

لقد جاء في الفقرة 1 من المادة/18 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ما نصه :” لكل أنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين . ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما ، وحريته في أعتناق اي دين أو معتقد يختاره ، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم ، بمفرده أو مع جماعة ، وأمام الملأ أو على حدة”[29].فيتضح من هذا النص أن القانون النافذ في العراق يقضي بعدم جواز سلب الإنسان عموما حقه في أعتناق اي دين . فيكون -طبقا لهذا النص- من الأَولى عدم سلب هذا الحق ممن ثبت له أبتداءا وفقا لحكم شرعي ( المادة /130 من مدونة الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية في الفقه الحنفي)، والذي تعزز بمبدأ قانوني أستقر من قضاء محكمة التمييز لربع قرن من الزمان وأصبحت له قوة النص التشريعي العامل .

فأن قيل أن المعاهدات والتشريعات الدولية ليست مصدرا من المصادر المعتمدة في الأحوال الشخصية والتي نصت عليها في المادة الاولى من قانون الاحوال الشخصية النافذ . قلنا أن نص الفقرة 2 من المادة المستشهد بها ، والذي سبق ذكره في هامش سابق ، قد جاءت فيه عبارة “نص تشريعي” بصيغة التنكير وبما يدل على العموم، وبما يقصد به أي نص تشريعي واينما ورد في التشريعات النافذة . وذلك يشمل بلا شك نصوص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي تم إقرارها ضمن المنظومة القانونية الوطنية بالقانون رقم (193) لسنة 1970 .

ويُعَضِد قولنا هذا ما ذهبت اليه المادة الحادية والعشرون من القانون رقم (111) لسنة 1979 قانون المعاهدات (وهو قانون نافذ عند إصدار الهيئة العامة لمحكمة التمييز قرار حكمها موضوع البحث) والتي جاء فيها : “تدخل المعاهدة حيز التنفيذ إتجاه الجمهورية العراقية عند تحقق الأحكام المنصوص عليها في إحدى الفقرات الاتية : … 3- التصديق على المعاهدات المتعددة الأطراف أو الإنضمام اليها وفق هذا القانون ..” . ومعاهدة العهد الدولي لحقوق الانسان المدنية والسياسية قد تمت المصادقة عليها من قبل العراق بالقانون (193) لسنة 1970 كما أشرنا الى ذلك قبل قليل[30] .

أذن ، وحتى مع ما أفترضناه من صحة مبنى الإتجاه الجديد للهيئة العامة لمحكمة التمييز ، فأن قرار حكمها المعني إنما كان قرارا مخالفا لصريح نص القانون النافذ . وأن نص الفقرة 1 من المادة/18 من العهد الدولي بالحقوق المدنية والسياسية النافذ إنما يدعم ويؤكد قانونية المبدأ القانوني الذي أستقر عليه قضاء محكمة التمييز بهذا الشأن والذي قضى بجواز رجوع من أسلم تبعا لإسلام أحد والدية بعد بلوغه سن الرشد عاقلا .

علاوة على ذلك فأن ركون الهيئة العامة لمحكمة التمييز الى تطبيق حكم شرعي مع وجود نص تشريعي يحكم الواقعة موضوع الدعوى المنظورة من قبلها ، يعد أمتناعا منها عن تطبيق نصوص القانون ، وفي ذلك مخالفة صريحة لنص المادة/1 من قانون الاثبات رقم (107) لسنة 1979 المعدل[31].

لقد جَسَدَّ قرار الحكم المعني صورة من صور الإكراه الديني مارسته الهيئة العامة لمحكمة التمييز بحق المميزة (المدعية) وذلك بحملها قسرا وخلافا للقانون للبقاء على الدين الذي أختاره لها أبيها ، وسلبها حق الأختيار الذي كَفِلَه لها القانون النافذ . وذلك ما

منعته الفقرة أ من المادة 22 من الدستور المؤقت لعام 1970 النافذ حينذاك[32] ، والفقرة 2 من المادة/18 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية[33].

بعد ما أنتهينا إليه لعل ثمة سؤال يفرض نفسه وهو : لماذا جنحت الهيئة العامة لمحكمة التمييز عن صواب مسلكها الذي أستقرت عليه فأصدرت قرار حكمها المعني ؟

من مطالعة نص قرار الحكم نتبين أن الهيئة العامة في محكمة التمييز قد ركنت الى كتاب صادر من ديوان رئاسة الجمهورية يوجه وزارة العدل وتشكيلات المحاكم بالرجوع الى ما تقضي به الأحكام الشرعية في موضوع الرجعة عن الدين متزامنا مع ما سمي وقتها ((الحملة الايمانية)). مع أن رئاسة الجمهورية لا تتمتع وفقا للدستور النافذ حينها بأية صلاحيات تشريعية[34]، بل هي مكلفة دستوريا “بالإشراف على حسن تطبيق الدستور والقوانين والقرارات وأحكام القضاء ..”[35].

أذن لماذا سوغت المحكمة لنفسها مخالفة أحكام الدستور ، والتنازل عن أستقلالها ، والقبول بسلطان آخر عليها غير سلطان القانون وفقا لما قررته الفقرة أ من المادة/60 من الدستور[36] ، وكذلك الفقرة أولا من المادة/2 من قانون التنظيم القضائي رقم (160)لسنة 1979[37]؟

يجب أن لا يفهم من طرحنا لهذا السؤال التشكيك بنزاهة الهيئة القضائية التي أصدرت قرار الحكم المعني بهذا البحث أو الطعن بكفاءة قضاتها الأجلاء ، ولكن ما مَرَ بنا يبرر طرح هذا التساؤل . كما وأن الإجابة عليه ستبدد هالة الغموض الذي أكتنف موقف المحكمة عند أنقلابها على ما أستقر من قضاءها العتيد ، دون سند أو مبرر من القانون النافذ .

ونحن نرى أن جزءا من الإجابة على هذا السؤال قد جاءت فيما أثبته السادة القضاة الأجلاء من أعضاء الهيئة العامة لمحكمة التمييز التي أصدرت قرار الحكم المعني -والذين أعترضوا عليه- في شرح مخالفتهم له الملحقة بذلك الحكم[38] .

على أية حال ، وبرغم الإعتراضات المصاحبة لعملية إصدار قرار الحكم المعني ، وبرغم النقد المعلن له ، والدعوات المتواصلة بعد صدوره للكف عنه والعودة لتطبيق المبدأ القانوني المستقر من قضاءها السابق ، إلا ان محكمة التمييز أستمرت على ذات إتجاهها الجديد ، حيث توالى عنها أصدار قرارات مشابهة لمنطوق قرار حكمها المعني ، متطابقة معه في الإتجاه[39] . وإذا كان ثمة الاحتجاج بواقع العلاقة القائمة بين السلطة التنفيذية والقضاء عموما

أن ما يفترض بمحكمة التمييز ، إنها قد غدت أكثر حرية وإستقلالا عن السلطة التنفيذية بعد ما أصاب البنية التنظيمية لسلطات الدولة بشكل عام والسلطة القضائية بشكل خاص من تبدل وتغير بعد صدور دستور عام 2005 الذي أرسى أستقلالا تاما قانونيا وإداريا وماليا وفنيا للسلطة القضائية عن بقية السلطات في الدولة[40] ، وبما يفضي الى أستقلال وحيادية أحكام القضاء وبالواجهة منه محكمة التمييز. لكننا نجد أن محكمة التمييز ظلت متمسكة بذات الإتجاه فيما يخص موضوع البحث[41] ، في مخالفة صريحة لنص المادة/42 من الدستور النافذ والتي تقضي بأن :” لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة” . والمادة/46 التي تقضي بان :” لا يكون تقييد ممارسة اي من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون أو بناء عليه ، على أن لا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق أو الحرية ” . ورجوع من أسلم تبعا لإسلام أحد والديه الى دينه السابق بعد بلوغه سن الرشد القانوني عاقلا مختارا ، إنما هو حق مقرر له شرعيا وأنسانيا . لذلك كان لابد من سن تشريع يقنن هذا الحق ، وبما يضمن كفالته وحمايته من أي نوع من أنواع الإكراه والقهر إعمالا لنص الفقرة ثانيا من المادة/37 من الدستور النافذ التي تنص على :” تكفل الدولة حماية الفرد من الإكراه الفكري والسياسي والديني “. ونقترح لذلك أن تضاف العبارة التالية الى نص الفقرة ثانيا من المادة/26 من قانون البطاقة الوطنية رقم (3) لسنة 2016 النافذ : ((.. ويجوز لهم خلال سنة واحدة من بلوغهم سن الرشد القانوني عاقلين العودة لدينهم السابق )) .

الخاتمة :

الاستنتاجات :

يجيز القانون العراقي للعراقي غير المسلم أن يبدل دينه ، فله أن يختار الإسلام دينا ، وله أن يختار سواه من الأديان المعترف بها رسميا . ووفقا لقانون البطاقة الوطنية رقم (3) لسنة 2016 النافذ تختص محكمة المواد الشخصية بنظر طلب الراغب بتبديل دينه . فإذا قضت بالموافقة على الطلب ، أشعرت دائرة الاحوال المدنية لتأشير ذلك في سجلاتها .

ويوجب القانون النافذ تبعية الأولاد القاصرين في الدين لمن أسلم من والديهم .

ولقد أستقر قضاء محكمة التمييز على منح الخيار لمن بلغ سن الرشد القانوني عاقلا من القاصرين الذين أسلموا تبعا لإسلام أحد أبويهم في العودة الى دينه السابق ، على أن يقدم طلبا بذلك لمحكمة الأحوال الشخصية خلال عام واحد من تاريخ بلوغه . وأصبح ذلك مبدأ قانونيا معتمدا لدى المحاكم العراقية المختصة لقرابة ربع قرن من الزمان .

ومع بداية الألفية الثالثة أصدرت الهيئة العامة في محكمة التمييز قرار حكم قضت فيه بعدم جواز رجوع مَن أسلم تبعا لإسلام والديه ، وبما يناقض المبدأ القانوني الذي أستقر عليه قضاؤها في هذا الشأن ، والذي أكتسب صفة السابقة القضائية بمرور الزمن عليه ودوام العمل به .

وقد تبين لنا في هذا البحث مخالفة الإتجاه الجديد لمحكمة التمييز لأحكام القانون (193) لسنة 1970 (قانون تصديق العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادر عن الامم عام 1966) النافذ ، وبما يعني عدم مشروعية قرار الحكم المعني الذي أصدرته الهيئة العامة لمحكمة التمييز ، وجميع القرارات التي تلته بذات الصدد .

التوصيات

لاحظنا لدى البحث في المحكمة المختصة بنظر طلبات تبديل الدين أن الفقرة ثالثا من قانون البطاقة الوطنية النافذ تحيل جميع طلبات تبديل الى محكمة المواد الشخصية . وهو حكم يصح بالنسبة لغير المسلمين الذين تختص المحكمة المذكورة بنظر أحوالهم الشخصية ، ولكنه لا يصح على المسلمين ، ومنهم الراغبين بتبديل ديانتهم إلى الإسلام ، حيث تختص بشؤونهم الشخصية محكمة الأحوال الشخصية . لذا نقترح على المشرع العراقي تصحيح هذا الخطأ وذلك بتعديل الشطر الأخير من الفقرة ثالثا من المادة/26 من قانون البطاقة الوطنية النافذ ليكون : (( يقع تبديل الدين المنصوص عليه في الفقرة (أولا) من هذه المادة وتبديل الأسم المجرد إذا أقترن بتبديل الدين في محكمة الأحوال الشخصية أو محكمة المواد الشخصية بحسب الأحوال ولا يخضع في هذه الحالة للنشر)) .

ولتلافي آثار الاتجاه الجديد لمحكمة التمييز ، نقترح على المشرع العراقي أضافة النص التالي فقرة مستقلة إلى المادة/26 من قانون البطاقة الوطنية: (( يجوز للقاصر الذي تَبِعَ أحد أبويه في الدين أن يرجع إلى دينه السابق خلال عام من بلوغه عاقلا )) .

المصادر

المصادر بعد القرآن الكريم

أولا : الكتب

د. أحمد عبيد الكبيسي ، الأحوال الشخصية في الفقه والقضاء والقانون ، ج1 ، العاتك لصناعة الكتاب ، القاهرة .
د. سعد المرصفي ، حديث حد الردة في ضوء أصول التحديث رواية ودراية ، ط1 ، مؤسسة الريان ، بيروت ، 1995 .
د. طه جابر العلواني ، لا إكراه في الدين – إشكالية الردة والمرتدين من صدر الاسلام الى اليوم ، ط1 ، المركز الثقافي العربي ، المغرب ، 2014 .
د. عصمت عبد المجيد بكر ، النظرية العامة للإلتزامات ، ج1 ، ط1 ، منشورات جامعة جيهان ، أربيل ، 2011.
محمد حسن كشكول و عباس زياد السعدي ، شرح قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 وتعديلاته ، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، بغداد ، 1994 .
محمد قدري باشا ، شرح الاحكام الشرعية في الاحوال الشخصية على مذهب ابي حنيفة النعمان ، ط1، دار ابن حزم ، بيروت، 2007 .
د. محمود شريف بسيوني ، الوثائق الدولية المعنية بحقوق الانسان ، مج 1 – الوثائق العالمية ، ط1 ، دار الشروق ، القاهرة .
د. وهبة الزحيلي ، الفقه الاسلامي وأدلته ، ج7 ، ط6 ، دار الفكر ، دمشق ، 2008 ، ص172 .
ثانيا : الدوريات

مجموعة الأحكام العدلية ، يصدرها قسم الأعلام القانوني في وزارة العدل العراقية ، العدد الرابع ، السنة السابعة ، 1976 .
ثالثا : المواقع الالكترونية

الموقع الالكتروني لمجلة التشريع والقضاء tqmag.net .
الموقع الالكتروني العدل نيوز .thejusticenews.com

رابعا : القوانين والانظمة

الدستور العراقي المؤقت لعام 1970 .
الدستور العراقي لعام 2005 .
القانون الاساسي العراقي لسنة 1925 .
قانون البطاقة الوطنية رقم (3) لسنة 2016 .
قانون الجنسية والمعلومات المدنية رقم (46) لسنة 1990 .
قانون التنظيم القضائي رقم (160) لسنة 1979 .
قانون الإثبات رقم 107 لسنة 1979 .
قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 .
قانون الاحوال المدنية رقم (189) لسنة 1964 .
قانون الأحوال المدنية رقم (25) لسنة 1972 .
قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 .
قانون المحاكم الشرعية لسنة 1923.
القانون المدني رقم (40) لسنة 1951 .
قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969.
قانون تسجيل النفوس رقم (54) لسنة 1927 .
قانون تسجيل النفوس رقم (59) لسنة 1955 .
قانون رعاية القاصرين رقم (78) لسنة 1980 .
نظام رعاية الطوائف الدينية رقم 32 لسنة 1981.
[1]نصت المادة الخامسة والسبعون من القانون الأساسي العراقي على : “تقسم المحاكم الدينية الى : 1- المحاكم الشرعية ، 2- المحاكم الروحانية الطائفية” . فيما نصت المادة السادسة والسبعون منه على : “تنظر المحاكم الشرعية وحدها في الدعاوى المتعلقة بأحوال المسلمين الشخصية ، والدعاوى المختصة بإدارة أوقافهم . المادة السابعة والسبعون : يجري القضاء في المحاكم الشرعية وفقا للأحكام الخاصة بكل مذهب من المذاهب الإسلامية ، بموجب أحكام قانون خاص ، ويكون القاضي من مذهب أكثرية السكان في المحل الذي يعين له ، مع بقاء القاضيين السنيين والجعفريين في مدينتي بغداد والبصرة . المادة الثامنة والسبعون : تشمل المجالس الروحانية الطائفية : المجالس الروحانية الموسوية ، والمجالس الروحانية المسيحية ، وتؤسس تلك المجالس ، وتخول سلطة القضاء بقانون خاص” .

[2]غالبية فقهاء المذاهب الاسلامية متفقة على أنزال عقوبة القتل بالمرتد عن دين الإسلام ، وقد خالفهم في ذلك الحكم رهط من الفقهاء المسلمين منهم سفيان الثوري والنخعي الذين قالوا بانه يستتاب ابدا ولا يقتل . والقائلين بقتل المرتد يستندون على آيات من الذكر الحكيم منها قوله تعالى :﴿وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ و َأُوْلَئِكَ أ صْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ (البقرة :217) . والى قول الرسول الكريم ص: “مَن بَدَلَ دينَهُ فأقتلوه“، ولكنهم وبرغم أتفاقهم على العقوبة ، فأنهم قد أختلفوا أيضا فيما يتصل بإيقاعها وبتفاصيل كثيرة في مواطن خلافهم ، نذكر منها أختلافهم في شمولها للرجل والمرأة ، وفي فورية تنفيذها ، وغير ذلك . لتفصيل أكثر ينظر : د. طه جابر العلواني ، لا إكراه في الدين – إشكالية الردة والمرتدين من صدر الاسلام الى اليوم ، ط1 ، المركز الثقافي العربي ، المغرب ، 2014 ، ص 107 وما بعدها . د. سعد المرصفي ، حديث حد الردة في ضوء أصول التحديث رواية ودراية ، ط1 ، مؤسسة الريان ، بيروت ، 1995 ، ص 9 وما بعدها .

[3] تضمن ملحق نظام رعاية الطوائف الدينية رقم 32 لسنة 1981 تعداد 17 طائفة دينية معترف بها قانونا تنتمي لأربعة أديان هي اليهودية والمسيحية والصابئية واليزيدية ، وهذه الطوائف هي : طائفة الكلدان ، الطائفة الأتورية ، الطائفة الأثورية الجاثيليقية ، طائفة السريان الأرثوذكس ، طائفة السريان الكاثوليك ، طائفة الأرمن الأرثوذكس ، طائفة الأرمن الكاثوليك ، طائفة الروم الأرثوذكس ، طائفة الروم الكاثوليك ، طائفة اللاتين ، الطائفة البروتستانتية والأنجيلية الوطنية ، الطائفة الأنجيلية البروتستناتية الأثورية ، طائفة الأدفنتست السبتيين ، الطائفة القبطية الأرثوذكسية ، طائفة الأمويين اليزيدية ، طائفة الصابئة، الطائفة اليهودية .

[4] ينظر الهامش رقم (1) في الصفحة السابقة .

[5] جاء في قرار لمحكمة التمييز :”إذ أن المحكمة المميز حكمها لم تلاحظ أن الطرفين صابئيان ، وأن الصابئة ليست من الطوائف التي نصت عليها القوانين المرعية بلزوم رؤية دعاواهم فيما يتعلق بالأحوال الشخصية في محاكم المواد الشخصية وعلى هذا الأساس فأن الطائفة المذكورة تابعة قيما يتعلق بالأحوال الشخصية للمحاكم الشرعية ، لذا ولما كان الحكم المميز صدر من محكمة ليست ذات إختصاص من رؤية الدعوى موضوع البحث قرر نقضه”. القرار 24/شخصية/1961 في 13/6/1961 . نقلا عن د. أحمد عبيد الكبيسي ، الأحوال الشخصية في الفقه والقضاء والقانون ، ج1 ، العاتك لصناعة الكتاب ، القاهرة ، ص 28 .

[6]جاء في المادة/34 من قانون الأحوال المدنية رقم (189) لسنة 1964 الملغي :” … ويقع تبديل الدين في المحكمة الشرعية أو محكمة المواد الشخصية” .

[7] تم تبديل أسم المحكمة الشرعية الى محكمة الأحوال الشخصية بموجب الفقرة ثالثا من المادة 65 من قانون التنظيم القضائي رقم (160) لسنة 1979 .

[8]نصت هذه الفقرة على : ” يقع تبديل الدين في المحكمة الشرعية أو محكمة المواد الشخصية كل حسب إختصاصها ويمكن تبديل الأسم من قبلها إذا أقترن بتبديل الدين وينفذ القرار والحجة الشرعية الصادرة بهذا الشأن في السجل المدني .”

[9] نصت الفقرة على :”يقع تبديل الدين في محكمة الأحوال الشخصية المختصة ، ولها في حالة الموافقة على الطلب تبديل الأسم المجرد إذا أقترن ذلك بتبديل الدين” .

[10] تنص المادة/33 مرافعات مدنية :”تختص محكمة البداءة بنظر المسائل المستعجلة التي يُخشى عليها من فوات الوقت بشرط عدم المساس بأصل الحق ، وتختص كذلك بنظر مواد الأحوال الشخصية لغير المسلمين وللأجانب الذين يطبق عليهم في أحوالهم الشخصية قانون مدني ، ويكون حكمها فيما ذكر بدرجة أخيرة قابلا للتميز” .

[11]نصت الفقرة على : “يقع تبديل الدين المنصوص عليه في البند (اولا) من هذه المادة وتبديل الاسم المجرد إذا أقترن ذلك بتبديل الدين في محكمة المواد الشخصية ولا يخضع في هذه الحالة للنشر” .

[12] عوارض الأهلية في القانون العراقي هي الجنون والعته والسفه وذو الغفلة (المادتان/94و95 من القانون المدني رقم 40 لسنة 1951) . أما موانع الأهلية فهي العاهة المزدوجة (م/104 مدني) والغائب (م/85 من قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980) والمفقود (م/36ف1 مدني و م/86 رعاية قاصرين) والأسير و المحكوم عليه بجناية (م/97 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969) . ينظر : د. عصمت عبد المجيد بكر ، النظرية العامة للألتزامات ، ج1 ، ط1 ، منشورات جامعة جيهان ، أربيل ، 2011 ، ص 202 وما بعدها .

[13]نصت المادة/3 مرافعات مدنية على :”يشترط أن يكون كلٌّ من طرفي الدعوى متمتعا بالأهلية اللازمة لإستعمال الحقوق التي تتعلق بها الدعوى وإلا وجب أن ينوب عنه من يقوم مقامه قانونا في إستعمال هذه الحقوق” .

[14] جاء في المادة/ 129 من كتاب الاحكام الشرعية في الاحوال الشخصية لمحمد قدري باشا – وهو مدونة في الاحوال الشخصية على الفقه الحنفي- : ” إذا أسلم أحد الزوجين وكان بينهما ولد صغير أو ولد لهما ولد قبل عرض الإسلام على الآخر أو بعده فإنه يتبع من أسلم منهما إن كان الولد مقيماً في دار الإسلام سواء كان من أسلم من أبويه مقيماً بها أو في غيرها فإن لم يكن الولد مقيماً بدار الإسلام فلا يتبع من أسلم من أبويه” . محمد قدري باشا ، شرح الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية على مذهب أبي حنيفة النعمان ، ط1، دار أبن حزم ، بيروت ، 2007 ، ص 59 .

[15] نصت الفقرة على :” اذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه فيحكم بمقتضى مبادئ الشريعة الاسلامية الاكثر ملاءمة لنصوص هذا القانون ” .

[16] وعديمو الأهلية في القانون العراقي هم : الصغير الذي لم يتم السابعة من العمر (ف2 م/97 مدني) ، والمجنون جنونا مطبقا (المادة/108 مدني) ، والمعتوه (المادة/107 مدني) وهؤلاء محجور عليهم لذاتهم (المادة/94 مدني) ، وتعتبر جميع تصرفاتهم باطلة (المواد/96و107و108 مدني) . أما ناقصي الاهلية فهم : كل من لم يتم الثامنة عشرة عاقلا (المادة/106) ، والسفيه وذي الغفلة (المادتان 109و110 مدني) ، وتصرفات هؤلاء الدائرة بين النفع والضرر معلقة على إجازة أوليائهم أو أوصيائهم (ف1 م/97مدني) .

[17] القرار رقم 201/هيئة عامة ثانية/1976 في 25/12/1976 . مجموعة الأحكام العدلية ، يصدرها قسم الأعلام القانوني في وزارة العدل العراقية ، العدد الرابع ، السنة السابعة ، 1976 ، ص 106 .

[18]محمد قدري باشا ، مصدر سابق ، ص 59 .

[19] القرار رقم 318/هيئة عامة/99 في 14/2/2000 . منشور على الموقع الالكتروني لمجلة التشريع والقضاء www.tqmag.net، تاريخ الزيارة 24/5/2018 . ولأهمية هذا القرار بالنسبة لهذا البحث نورد نصه كاملا : “لدى التدقيق والمداولة وجد ان الطعن التميزي واقع ضمن المدة القانونية فقرر قبوله شكلاً ولدى عطف النظر على موضوعه وجد أن المدعية ( س . ع . ل ) كانت صابئية الديانة وقد أسلم أبوها وعمرها عشر سنوات فسجلت لدى دائرة الأحوال المدنية في المنصور أنها مسلمة أستناداً للمادة الحادية والعشرين من قانون الأحوال المدنية التي تنص فقرتها الثالثة بأن الأولاد القاصرين يتبعون في الدين من اعتنق الدين الإسلامي من الأبوين وقد أقامت هذه الدعوى على مدير عام الأحوال المدنية بعد بلوغها سن الرشد طالبة فيها تصحيح حقل الديانة في سجلها وجعلها صابئية بدلاً من مسلمة لأنها أختارت الرجوع إلى دينها السابق مستندة في ذلك على كتاب ديوان الرئاسة المرقم (ت/9/33963) في 25/9/88 الذي يجيز للصغير الذي أعتبر مسلماً بإسلام أحد أبويه الرجوع إلى دينه السابق إن هو أقام الدعوى خلال سنة واحدة من تاريخ بلوغه سن الرشد وحيث وجد أن هذا الكتاب قد ألغي بموجب كتاب ديوان الرئاسة المرقم (10777) في 8/5/1994 وجاء في هذا الكتاب أنه يعتمد في تغيير ديانة الصغير الذي عد مسلماً تبعاً لإسلام والديه على ما تقرره الأحكام الشرعية ولدى الرجوع إلى هذه الأحكام وجد أنها تقرر قاعدتين الأولى أنه إذا أسلم أحد الأبوين صار أولاده الصغار مسلمين بالتبعية والقاعدة الأخرى أنه من صار مسلماً سواء كان إسلامه أصيلاً أو بالتبعية فلا يجوز له الرجوع عنه لأن تلك ردة تمنعها أحكام الإسلام وتعاقب عليها وقد تأصلت هاتان القاعدتان في آيات القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وبإجماع الفقهاء وهي مصادر التشريع الإسلامية في الشريعة الإسلامية ففي القرآن الكريم ورد قوله تعالى ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بأيمان ألحقت بهم ذريتهم ) الآية 21 من سورة الطور ، وجاء في التفسير الكبير للإمام الرازي حول هذه الآية قوله أن الله تعالى ألحق الولد بالوالدين في الإيمان ولم يتبعه في الكفر فمن أسلم حكم بإسلام أولاده ومن أرتد من المسلمين لا يحكم بكفر أولاده ( جـ 28 ـ ص 251 ) ومن ذلك أيضاً قوله تعالى ( أن الدين عند الله الإسلام ) الآية 19 آل عمران ، وقوله تعالى ( ومن يتبع غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) الآية 85 آل عمران ، وقوله تعالى (ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر ) الآية 217 البقرة ، وسند ذلك من السنة الشريفة قول الرسول ( ص ) ( من بدل دينه فاقتلوه ) قوله ( لا يحل دم امرأ مسلم إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني والتارك لدينه المفارق للجماعة ) كما أنعقد إجماع المذاهب الإسلامية كلها على تقرير تلك القواعد والأحكام ولم يشذ عن ذلك سوى ما نسب إلى أحد الفقهاء المتأخرين وهو سفيان الثوري وأنه على فرض صحة هذا النقل فهو خلاف بعد إجماع فلا يجوز الأخذ به ومن الفقه الحنفي جاء في كتاب البسيط للسرخسي جزء 10 ص 116 أن الولد يتبع أباه في الدين فإذا كان الأب مسلماً في وقت يثبت لولده حكم الإسلام ويجبر على الإسلام وجاء ذلك أيضاً في مدونات المذاهب الأخرى الشافعية كتاب الأم للإمام الشافعي جـ 6 ص 127 والحنفية كتاب الرفعي لأبن مذاره جـ 2 ص 139 والفقه الجعفري كتاب شرائع الإسلام ص13 جـ 4 وفي الفقه الزيدي نيل الأوطار للإمام الشوكاني جـ 7 ص 166 وفي المذهب الظاهري جـ 2 ص322 وفي المذهب الأباضي شرح النيل وشفاء العليل للإمام مجرد بن يوسف جـ 8 ص 262 كمذاهب فقهاء المذهب المالكي أي أن الصغير الذي لم يراهق يصبح مسلماً بإسلام أبيه وعليه يتضح أن الأحكام الشرعية التي وجه ديوان الرئاسة الموقر إلى تطبيقها على موضوع إسلام الصغير تبعاً لإسلام أحد والديه لا تجيز لهذا العودة إلى دينه السابق وجاء حكم الفقرة الثانية من المادة الحادية والعشرين من قانون الأحوال المدنية منسجماً مع قواعد الشريعة الإسلامية بهذا الشأن وحيث أن محكمة الأحوال الشخصية في البياع قد راعت أحكام الشرع والقانون عندما قررت رد دعوة المدعية فجاء حكمها التمييزي صحيحاً ، وموافقاً للشرع والقانون ، لذا قرر تصديقه ورد الطعون التمييزية وتحميل المميزة رسم التمييز وصدر القرار بالأكثرية في 9/ ذي العقدة/1420هـ الموافق 14/2/2000م .

[20]ينظر الهامش السابق .

[21]ومثاله أختلافهم فيمن تصح عنه الردة ، وما يترتب عليها من آثار بإزالة ملكه عن أمواله ، وميراثه ، وكذلك في العقوبة الواجب إنزالها بالمرتد ، وفي وجوب أستتابته قبل إنزال العقوبة به من عدمها .. وغيرها من الأمور المتصلة بها . ينظر : د. وهبة الزحيلي ، الفقه الاسلامي وأدلته ، ج7 ، ط6 ، دار الفكر ، دمشق ، 2008 ، ص172 وما بعدها . وايضا في العقوبة

[22]ينظر : محمد حسن كشكول و عباس زياد السعدي ، شرح قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 وتعديلاته ، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، بغداد ، 1994 ، ص 161 .

[23]المصدر السابق ، ص 172 .

[24] نصت الفقرة 2 من المادة الاولى احوال شخصية على :” اذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه فيحكم بمقتضى مبادئ الشريعة الاسلامية الاكثر ملاءمة لنصوص هذا القانون” .

[25] نصت الفقرة 1 من المادة الرابعة والسبعون أحوال شخصية على :”إذا مات الولد ، ذكرا كان أم أنثى ، قبل وفاة أبيه أو أمه ، فأنه يعتبر بحكم الحي عند وفاة أي منهما ، وينتقل أستحقاقه من الأرث الى أولاده ، ذكورا كانوا أم إناثا ، حسب الأحكام الشرعية ، بإعتباره وصية واجبة ، على أن لا تتجاوز ثلث التركة” .

[26] ينظر : محمد حسن كشكول و عباس زياد السعدي ، مصدر سابق ، ص 306 وما بعدها .

[27] ينظر نص الفقرة في هامش سابق .

[28] قضت المادة/64 من الدستور المؤقت لعام 1970 النافذ عند اصدار القانون رقم (193) لسنة 1970 على :” تنشر القوانين في الجريدة الرسمية ويعمل بها من تاريخ نشرها الا اذا نص فيها على خلاف ذلك ” . وقد جاء في الماد/2 من القانون المذكور :” ينفذ هذا القانون من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية” .

[29]د. محمود شريف بسيوني ، الوثائق الدولية المعنية بحقوق الانسان ، مج 1 – الوثائق العالمية ، ط1 ، دار الشروق ، القاهرة ، ص 86 .

[30] نشر القانون رقم (193) لسنة 1970 في الوقائع العراقية بالعدد 1927 في 7/10/1970 .

[31] نصت المادة/1 من قانون الإثبات :” توسيع سلطة القاضي في توجيه الدعوى وما يتعلق بها من ادلة بما يكفل التطبيق السليم لأحكام القانون وصولا الى الحكم العادل في القضية المنظورة” .

[32] نصت الفقرة أ من المادة/22 من الدستور المؤقت لعام1970 الملغي :”كرامة الانسان مصونة وتحرم ممارسة أي نوع من أنواع التعذيب الجسدي أو النفسي”.

[33] نصت الفقرة على :”لا يجوز تعريض أحد لإكراه من شأنه ان يخل بحريته في ان يتدين بدين ما ، او بحريته في اعتناق أي دين يختاره” . د. محمد شريف بسيوني ، مصدر سابق ، ص 86 .

[34] فقد أناطت المادة/42 من الدستور المؤقت لعام 1970 النافذ حينها صلاحية التشريع بمجلس قيادة الثورة حصرا فجاء فيها :” يمارس مجلس قيادة الثورة الصلاحيات التالية : أ- إصدار القوانين والقرارات التي لها قوة القانون . ب- إصدار القرارات في كل ما تستلزمه ضرورات تطبيق أحكام القوانين النافذة” .

[35] الفقرة (م) من المادة/56 من الدستور المؤت لعام 1970 .

[36] نصت الفقرة (أ) من المادة/60 من الدستور المؤقت لعام 1970 على :” القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون” .

[37] نصت الفقرة (أ) من المادة/2 من قانون التنظيم القضائي على :” القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون” .

[38]ولأهمية ما كتبه القضاة المخالفين لقرار الحكم المعني نورده كاملا : “مع تقديرنا واحترامنا للرأي الذي ذهبت إليه أكثرية الهيئة العامة الموقرة في محكمة التمييز بتصديق الحكم الصادر من محكمة الأحوال الشخصية في البياع القاضي برد دعوى المدعية لأنها طلبت العودة إلى الديانة الصابئية حيث اعتبرت مسلمة تبعاً لإسلام والدها بعد أن كان على الديانة الصابئية وأشهر إسلامه بعد بلوغها سن الرشد فأننا نخالف رأي الأكثرية ونرى أن المدعية محقة بدعواها ذلك أن ما استقر عليه قضاء محكمة التمييز بهيئتها العامة والموسعة أن الصغير إذا أسلم تبعاً لإسلام أبيه فيحق له الرجوع إلى دينه السابق إذا تحققت شروط الرجعة وهي البلوغ والعقل والاختيار وقد ظل هذا المبدأ سارياً منذ صدور قانون الأحوال المدنية رقم ( 65 ) لسنة 1972 وأن هذا الاتجاه مستقى من الأحكام الشرعية بهذا الصدد وفق ما جاء بقرار الهيئة العامة لمحكمة التمييز المرقم ( 20/ هيئة عامة/1976 ) والمؤرخ في 25/2/1976 وقد طبق هذا المبدأ من قبل هيئة الأحوال الشخصية في محكمة التمييز بعد صدور قرار الهيئة العامة آنفة الذكر بشروطه السابقة إلى وقت صدور قرار الهيئة العامة الموقرة الذي نحن بصدده المرقم ( 319/ هيئة عامة/1999 ) والمؤرخ في 14/2/2000 وبعد صدور كتاب ديوان الرئاسة الموقر المرقم ( ق/10777 ) في 8/5/1994 والذي تضمن إلغاء مضمون كتابها المرقم ( 33963 ) في 25/9/1988 والاعتماد في موضوع تغيير ديانة الصغير الذي عد مسلماً تبعاً لإسلام والديه إلى ما تقرره الشريعة الإسلامية وبعد صدور هذا الكتاب وما دار من مناقشات في المجلس الوطني الموقر فقد أعيد عرض الموضوع مرة أخرى على الهيئة الموسعة في محكمة التمييز التي اتخذت قرارها المرقم ( 66/ موسعة أولى/1995 ) والمؤرخ في 15/11/1995 والذي ورد في حيثياته ( أن الحكم الشرعي هو أنه إذا أسلم الصبي تبعاً لإسلام أحد أبويه فأنه يحق له العودة إلى دينه السابق إذا تحققت شروطها وهي البلوغ والعقل والاختيار وأن المدعية ظلت تمارس الطقوس والشعائر الدينية المسيحية استعملت حقها المقرر بمقتضى أحكام الشرع واختارت البقاء على دينها السابق إذ أنها كانت مسيحية الديانة عندما كانت قاصرة وقبل إسلام والدتها عند بلوغها سن الرشد القانوني وأن ذلك لا يتعارض وحكم المادة ( 21 ) فقرة ( 3 ) من قانون الأحوال المدنية وهو قانون خاص غرضه تنظيم القيود والسجلات ولا يتعارض أو يقيد الأحكام الشرعية الواردة في قانون الأحوال الشخصية ولأن قيوده قابل للتعديل والتغيير والتصحيح ) والذي نراه أن هذا الاجتهاد وهذا المبدأ الذي رسخ لهذه الفترة الطويلة واستقر عليه العمل في محاكم الأحوال الشخصية ومحكمة التمييز لا ينسخ باجتهاد آخر لأنه أصبح بمضي المدة سابقة قضائية هي بمثابة التشريع وعليه يقتضي الأمر في مثل هذه الحالة صدور تشريع من الجهة المختصة ليصار إلى العدول عن هذه السابقة ولهذه الأسباب خالفنا رأي الأكثرية المحترمة والرأي نقض قرار محكمة الأحوال الشخصية في البياع لإتباع قرار النقض الصادر من هيئة الأحوال الشخصية في محكمة التمييز المرقم (167/شخصية/1998 ) والمؤرخ في 22/1/1998 والسير في الدعوى وفق النهج المذكور في قرار هيئة الأحوال الشخصية ولهذا خالفنا رأي الأكثرية المحترمة وشرحنا مخالفتنا في 9/ ذي القعدة/ 1420هـ الموافق 14/2/2000م” .

[39] مثال ذلك القرار 6936/شخصية أولى/ 2004 في 24/2/2004 والذي جاء فيه :” أن والد المميزة قد أعتنق الدين الاسلامي فتكون أبنته المميزة مسلمة الديانة تبعا له ، ولا يجوز لها العودة لدينها السابق ، لأن ذلك ردة عن الاسلام يعاقب عليها” . والقرار 285/شخصية اولى/ 2008 في 31/12/2008 الذي جاء فيه :” الثابت من وقائع الدعوى أن المميز – المدعي- قد صار مسلما تبعا لدين والده ، وحيث أن من صار مسلما سواء بصفة أصلية أو تبعية أي تبعا لدين احد الابوين كما هو في حالة الدعوى موضوع التدقيقات التمييزية لا يجوز الرجوع عن إسلامه إذ أن ذلك يعد بمثابة الردة التي منعها الإسلام وعاقب عليها ..” .

[40] نصت المادة/87 من دستور عام 2005 النافذ على :” السلطة القضائية مستقلة ، وتتولاها المحاكم على أختلاف انواعها ودرجاتها ، ونصدر أحكامها وفقا للقانون ” .

[41] ومما يلفت النظر انه وبعد مرور أكثر من عقد من الزمان على صدور قرار الحكم المعني وسريان أتجاه محكمة التمييز الجديد ، تصدر محكمة الاحوال الشخصية في الكرادة قرارها المرقم 742/ش/2012 في 30/4/2012 والي جاء فيه : “حيث ان المدعي لم يتراخ عن المطالبة بأختيار دينه وقد ثبت امام هذه المحكمة انه أختار بعد بلوغه الدين المسيحي عليه ولكل ما تقدم قررت المحكمة الحكم بصحة أختيار المدعي لدينه لتوفر شرطها الشرعية ..” . القرار منشور على الموقع الالكتروني العدل نيوز .thejusticenews.com تاريخ الزيارة 15/5/2014 .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت