” الحكم الصادر بالغاء وقف ترخيص جريدة النبأ الوطني ”

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولي
بالجلسة المنعقدة علنا في يوم السبت الموافق 25/5/2002
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور عبدالرحمن عثمان أحمد عزوز رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين علي فكري حسن صالح ويحيي خضري نوبي محمد وأحمد عبد الحميد حسن عبود وأحمد حلمي محمد أحمد حلمي نواب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشارأحمد الشحات مفوض الدولة
وبجضور السيد كمال نجيب رمسيس سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي في الطعن رقم 8849 لسنة 74 القضائية عليا
المقام من
ممدوح مهران عبداللطيف “بصفته رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير جريدة النبأ الوطني”
ضد
1- رئيس المجلس الأعلي للصحافة «بصفته»
2- قداسة الأنبا شنودة بابا الإسكندرية وبطرياك الكرازة المرقسية خصم متداخل
3- مركز الكلمة لحقوق الإنسان خصم متداخل
4- نقابة المحامين خصم متداخل

عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري “الدائرة الأولي”

في الدعوة رقم 98 لسنة 55 ق بجلسة 4/7/2001

الوقائع
في يوم السبت الموافق 7/7/2001 أودع الأستاذ محمد ضبع أبوقفه المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن بموجب التوكيل الرسمي العام رقم 86 أ.د لسنة 9991 توثيق الجيزة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 8849 لسنة 74 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري «الدائرة الأولي» في الدعوة رقم 98 لسنة 55 ق بجلسة 4/7/2001 والذي قضي في منطوقه بقبول الدعوي شكلاً، وفي الطلب العاجل بوقف تنفيذ قرار المجلس الأعلي للصحافة بالترخيص بصدور جريدة «النبأ الوطني» وألزمت المدعي عليه والخصوم المتدخلين معه المصروفات وأمرت بإحالة الدعوي إلي هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها وطلب الطاعن- للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة القضاءالإداري في الطلب العاجل بوقف ترخيص جريدة «النبأ الوطني» وفي موضوع الشق المستعجل بإلغائه والقضاء مجددًا بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوي وإلزام المطعون ضده مصروفات هذا الشق وقد أعلن تقرير الطعن إلي المطعون ضده علي النحو الثابت بالأوراق. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا وإلزام الطاعن بصفته المصروفات وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 27/9/2001 ونظرته بهذه الجلسة والجلسات التالية علي النحو المبين بمحاضرها وبجلسة 7/1/2001 قررت الدائرة إحالة الطعن إلي المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولي- موضوع وحددت لنظره أمامها جلسة 26/1/2002 وتدول نظر الطعن بالجلسات علي النحو الثابت بمحاضرها، وبعريضة معلنة قانونًا في 28/1/2002 اختصم الطاعن بصفته كل من قداسة الأنبا شنودة بابا الإسكندرية وبطريك الكرازة المرقسية بصفته نقيب المحامين بصفته – الممثل القانوني لمركز الكلمة لحقوق الإنسان وبجلسة 9/2/2002 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 27/4/2002 مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء في شهر وبتاريخ 7/3/2002 أودع الحاضر عن الطاعن مذكرة بالدفاع اختتمت بطلب الحكم

أولاً: عدم قبول تدخل المتدخلين.
ثانيًا: إلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من وقف ترخيص جريدة النبأ الوطني وما ترتب عليه من آثار، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب.

وبتاريخ 9/3/2002 أودع الحاضر عن الخصم المتداخل صاحب القداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية مذكرة بالدفاع التمس فيها الحكم

أولا: قبول تدخل البابا شنودة الثالث بصفته خصمًا منضمًا للمطعون ضده في طلب رفض الطعن.

ثانيًا: رفض الطعن مع إلزام الطاعن المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي وتلتفت المحكمة عن أية مستندات تم إيداعها خلال هذا الأجل لعدم التصريح بتقديمها وبالجلسة المحددة للنطق بالحكم قررت المحكمة مد أجل النطق به لجلسة 11/5/2002 لإتمام المداولة ثم تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 25/5/2002 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة علي أسبابه عند النطق به

المحكمة
بعد الإطلاع علي الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة من حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص- حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوي رقم 98 لسنة 55 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة «الدائرة الأولي» بموجب عريضة مودعة قلم كتابها بتاريخ 23/6/2001 طالبًا الحكم

أولاً: بقبول الدعوي شكلاً، وبوقف ترخيص جريدة «النبأ» بصفة عاجلة لحين الفصل في موضوع الدعوي.

ثانيًا: وفي الموضوع بإلغاء ذلك الترخيص وما يترتب عليه من آثار مع إلزام المدعي عليه بصفته المصروفات،

علي سند من القول إن عدد جريدة النبأ الصادر بتاريخ 17/6/2001 تضمن صورًا إباحية مخلة أشد الإخلال بالآداب العامة تتعلق بسلوكيات راهب سابق مفصول وعلي نحو يسيء إلي الوحدة الوطنية، الأمر الذي حدا برئيس محكمة جنوب القاهرة إلي إصدار أمره بمصادرة ذلك العدد، وفي اليوم التالي صدر عدد آخر من ذات الجريدة، ضم صورًا من ذات النوع، وذلك في تصعيد جديد من الجريدة لما تبنته من نهج ينطوي علي امتهان الأديان والدعوة إلي احتقارطائفة من طوائف المجتمع.

وإزاء ذلك فقد اجتمعت هيئة مكتب المجلس الأعلي للصحافة فقررت إبلاغ النيابة العامة بما نشر في عددي تلك الجريدة، وإحالة الأمر إلي لجنة شئون الصحافة والصحفيين بالمجلس الأعلي للصحافة وإلي نقيب الصحفيين لسرعة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بردع مثل هذا المسلك وعرض ما تنتهي إليه اللجنة والنقابة علي المجلس الأعلي للصحافة. وقد ارتأت لجنة الصحافة والصحفيين في اجتماعها المؤرخ في 19/6/2001 أن الأمر يقتضي اتخاذ الإجراءات القانونية لإنهاء ترخيص تلك الجريدة، وقد عرضت هذا التوصيات علي المجلس الأعلي للصحافة بجلسته المنعقدة في 19/1/2001 فاستعرضها في ضوء ما استظهره من استمرارية التجاوزات من هذه الجريدة علي الرغم من إخطارها مرارًا وإنذارها تكرارًا بما سجلته تقارير لجنة الممارسة الصحفية بالمجلس الأعلي للصحافة علي تلك الجريدة من تجاوزات تضمنت عدم مراعاة الآداب العامة والإغراق في نشر تفاصيل الجريمة علي نحو شاذ لا يخدش الحياء فحسب، بل ويثير الاشمئزاز، فضلاً عن نشر أخبار مجهلة الأسماء أو باستخدام الأحرف الأولي، أو بأوصاف تنطبق علي أكثر من شخص علي نحو يسيء إلي الكثير من الأبرياء وأرتئي أن ما صدر عن جريدة النبأ من نشر صور فاضحة يمثل خروجًا صارخًا علي الآداب العامة، وقدم المجتمع وتقاليده ومثله ومصالحه العليا، وكذا التقاليد والقيم الصحفية مقرونا بما يمس الوحدة الوطنية ويهددها ويعرضها للخطر وهو مسلك من الجريدة يتنافي مع المقومات الأساسية للمجتمع ويتعارض مع الحرية المسئولة للصحافة، ورسالتها وخلص- بناء علي ما تقدم- إلي إصدار قراره بالموافقة علي رفع دعوي عاجلة أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بطلب إلغاء ترخيص جريدة النبأ، استنادًا إلي اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوي وأن الدستور والقانون يحظران مصادرة الصحف أو تعطيلها أو إلغاء ترخيصها بالطريق الإداري، فضلاً عن جسامة ما صدر عن الجريدة والقائمين علي أمرها من تجاوزات خطيرة الأثر علي الأمن العام وسلامة المجتمع بما يهدد الوحدة الوطنية وينال من تماسك البنيان الاجتماعي لأفراد هذا الوطن واختتم المدعي بصفته دعواه بطلب الحكم بما تقدم وتدوول نظر الشق العاجل من الدعوي أمام محكمة القضاء الإداري علي النحو المبين بمحاضر جلساتها حيث تدخل فيها كل من قداسة الأنبا شنودة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ونقابة المحامين ومركز الكلمة لحقوق الإنسان كخصوم منضمين لجانب المدعي بصفته في طلباته كما تدخل كخصم منضم للمدعي عليه عاطف حامد عبد الحميد نيابة عن العاملين بجريدة النبأ وبجلسة 4/7/2001 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وشيدت المحكمة قضاءها- بعد استعراض نصوص المواد 74، 84، 60، 70، 80، 11 من الدستور والمواد 1، 3، 4، 5، 81، 0 من القانون رقم 69 لسنة 6991 بشأن تنظيم الصحافة- علي أساس أن البين من الأوراق أن جريدة النبأ أقدمت في سابقة غير معهودة في الصحافة المصرية- علي نشر صور عديدة في يوم 17/6/2001 ثم يوم 18/6/2001، وخروجًا سافرًا علي كل ما نادت به الشرائع السماوية من الأخلاق الحميدة والقيم النبيلة، متمادية في غيها فأتبعت الصور بالكلمات والعبارات والادعاءات التي تمس أحد الأماكن المقدسة حتي تكتمل دائرة الإخلال بالآداب العامة، وهي تسير كلها في إطار مخاطبة الغرائز الجنسية بصورة جديدة علي الصحافة المصرية في الابتذال والاستهزاء بكل القيم والمشاعر التي يحملها أبناء مصر بكافة فئاتهم وكأنما أرادت هذه الجريدة أن تثبت بالدليل والبرهان أنها ماضية في طريق الشيطان حتي نهايته، مجاهرة بعداوة لا مثيل لها بكل القيم والفضائل والمقدسات مؤثرة مركب الشطط والابتذال علي عين العقل والبصيرة وخاضت في أعراض ما كان لها أن تخوض فيها وانتهكت شعور المصريين كافة بسوء مسلكها وابتذال تصرفها، الأمر الذي يجعل ما أتته جريدة النبأ الوطني حسبما يبين من ظاهر الأوراق يباعد بينها وبين رسالة الصحافة التي نص عليها الدستور المصري ونظمها قانون الصحافة. ومن ثم فإنه بات راسخًا في عقيدة المحكمة أن القرار الصادر بالترخيص لصحيفة النبأ الوطني بالصدور قد فقد ركنًا جوهريًا من أركان مشروعية استمراره وهو استمرار التزام الصحيفة بالضوابط التي حددها الدستور والقانون لممارسة العمل الصحفي والمتمثلة في عدم المساس بالمقومات الأساسية للمجتمع أو النيل من الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي وذلك حسبما يكشف ظاهر الأوراق مما تقدر معه المحكمة أن ركن الجدية اللازم لوقف تنفيذ القرار المطعون فيه قد توافر وبالنسبة لركن الاستعجال قالت المحكمة إنه لما كان استمرار الترخيص بصدور جريدة النبأ الوطني قائمًا ومنتجًا لآثاره بعد أن استبان لها خطوط شخصيتها وتناولها للموضوعات، مما يمكنها من مواصلة عملها وما يؤدي إليه ذلك من ترديات تهدد الكثير من الثوابت الراسخة في المجتمع المصري، ويختفي معها الردع الخاص الذي يجب أن يتوافر قبل هذه الجريدة، والردع العام الذي يحقق الانضباط المطلوب لمثل هذه الوسائل في أداء رسالتها الخطيرة، مما تقرر معه توافر ركن الاستعجال المطلوب لوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.

وبناء علي ما تقدم فإنها قد تيقنت من توافر ركني وقف التنفيذ اللازمين للحكم في الشق العاجل من الدعوي.ومن حيث إن قضاء المحكمة المشار إليه لم يلق قبولاً لدي الطاعن، فقد طعن عليه بالطعن الماثل ناعيًا علي الحكم المطعون فيه بأوجه النعي الآتية أولاً: بطلان الحكم المطعون فيه لمخالفة الدستور والقانون، وفي بيان ذلك ذكر الطاعن أن جريدة النبأ لم تتحول إلي جريدة يومية بقرار إداري من المجلس الأعلي للصحافة ولكنها تحولت إلي صحيفة يومية بحكم قضائي نهائي، وليس هناك سلطة تملك وقفه أو إلغاءه، وإنه لما كانت وظيفة القضاء الإداري الأساسية هي الرقابة علي القرارات الإدارية التي تكون محلاً للطعن عليها أمامه وكانت الدعوي المطروحة علي محكمة أول درجة قد خلت من القرار ولكنها امتدت إلي طلب تأديب قرار إداري صدر صحيحًا متقفًا مع الدستور والقانون وتحصن من الطعن عليه لفوات ستين يومًا عليه، بل لقد حصنه الدستور القائم رقم 69 لسنة 6991 الذي ينظم سلطة الصحافة فحظر بشكل مطلق الرقابة علي الصحف أو إنذارها أو وقفها بالطريق الإداري، وإذ عجزت جهة الإدارة عن اتخاذ قرار إداري في هذا الشأن فلجأت لمحكمة القضاء الإداري لمحاكمة هذا القرار الإداري وتأديبه بالرغم من خلو الدستور أو القانون من نص يبيح ذلك فكان الحكم الطعين بمثابة عقوبة تأديبية لهذا القرار وللمسئولين عن الجريدة وإذ لم يعط المشرع الدستوري والقانوني لمحكمة القضاء الإداري سلطة توقيع جزاء علي المؤسسة الطاعنة، فمن أين جاءت المحكمة لنفسها بهذه السلطة بحيث نصبت من نفسها محكمة تأديبية لهذا القرار الإداري النهائي، فصنعت لنفسها اختصاصًا بمحاكمته

ولم تقف عند حد محاكمة القرار الإداري بذاته، بل امتد إلي محاكمة المسئول عن الجريدة بصفته، إذ ورد بمدونات قضائها أن الطاعن قد ارتكب العديد من التجاوزات التي وصفها الحكم بأنها تخالف التقاليد والآداب وبما يخالف نص المادة 81 من قانون الصحافة سالف الذكر رغم أن هذا النص لا يعطي للمحكمة سلطة توقيع العقاب التأديبي علي المؤسسة الصحفية باعتبار أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، بل إن هذا النص من شـأنه تحصين الصحفي من المحاكمة التأديبية التي باشرتها محكمة أول درجة ضد الطاعن والصحيفة التي يمثلها، وهو من شأنه المساس بأمن الصحفي الناشر وكل العاملين بالمؤسسة الذين يتجاوز عددهم 1000 صحفي وموظف وعامل بخلاف 3500 من القائمين علي توزيع الجريدة في البلاد وهم الذين يعتمدون في معيشتهم علي ما يحصلون عليه من دخل عن التوزيع، وعلي ذلك يكون هذا الجزاء والذي قضي لأول مرة في تاريخ الصحافة بغلق جريدة ووقف ترخيصها إنما يكون قد افتقد ركنًا جوهريًا هو السبب المبرر له، إذ لا يوجد ثمة نص يعطي للمحكمة سلطة توقيع هذا الجزاء وبهذه الدرجة من الجسامة والغلو وفضلاً عن ذلك فإن المشرع الدستوري والقانوني لم يعط للمجلس الأعلي للصحافة أية سلطة لمراقبة الصحف، ومن ثم فإن قيامه بمراقبتها ومطالبته القضاء بإلغائها إنما هو قول لا يستند إلي نص في القانون بما يعيب هذا الطعن من جانب المجلس الأعلي للصحافة بعيب عدم الاختصاص برفع هذه الدعوي، إذ ان المشرع الدستوري والقانوني لم يعط للمجلس الأعلي للصحافة إلا حق تطوير ودعم سلطة الصحافة وليس تقييدها أو وقفها أو إلغائها طبقًا لنص المادة 70 من قانون الصحافة رقم 96 لسنة 1996 ومن ثم تكون الدعوي المذكورة سلفًا مرفوعة من غير ذي صفة بالإضافة إلي ما تقدم فإن هناك وجهاً آخر لهذا السبب من أسباب الطعن تتمثل في الغلو في تقدير الجزاء وحاصل هذا السبب إن محكمة أول درجة قد أعملت سلطاتها في وقف ترخيص الجريدة، وهو أقصي درجات الإدانة باعتبارها قد نصبت من نفسها محكمة تأديبية للصحيفة، ورئيس تحريرها، فانحرفت عن الطلب المستعجل- إلي مناقشة موضوع الطعن- فنسبت للطاعن خروجه عن الحدود اللازمة لمباشرة الترخيص بالتعرض للأديان ونشر أمور وصور جنسية تخالف الآداب العامة والتقاليد والأعراف، وهو ما يتجاوز الطلب المستعجل الذي يتطلب فقط توافر ركني الاستعجال والجدية وإنه من المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن الجزاء يجب أن يكون بقدر الخطأ وأن يتدرج الجزاء من الإنذار إلي المصادرة

– أما أن يذهب القرارالمغلف بحكم القضاء إلي توقيع أقصي عقوبة علي الجريدة وهي عقوبة الإعدام، وقد تجلي ذلك فيما سطرته المحكمة بأسباب قضائها الذي يدل علي مدي تأثرها بالرأي العام المنشور بصحف الحكومة، وكان هذا الرأي من المحكمة وهو من العلم الشخصي بسحبان أوراق الدعوي قد جاءت خلوا من مثل هذه المعلومات وإن محاكمة الجريدة عن أعمال مستقبلية غير معلومة فيه عدوان علي الفكر المستقبلي الذي لن يكون فيه خروج عن التقاليد والقانون والدستور

ثانيًا: عدم توافر شرطي اختصاص المحكمة في الطلب العاجل ذلك أن المحكمة قضت بوقف تنفيذ ترخيص الجريدة رغم أن الحكم جاء خاليًا من توافر شرطي الاستعجال والجدية، إذ لم يعرض الحكم في مدونات قضائه إلي توافر شرط الاستعجال، فقد جاءت الدعوي خالية من أي دليل علي توافر هذا الشرط فقد تمت مصادرة الجريدة عن عددي يومي 16، 17/6/2001 بقرار رئيس محكمة جنوب القاهرة، وهما العددان اللذان انطوايا علي نشر وقائع انحراف راهب مفصول بدير المحرق، ولم يعد هناك أي خطر من استمرار الصحيفة في العمل الصحفي اليومي وإن القضاء بوقف الترخيص لوجود خطر مستقبلي فإنه يكون قد تناول أمورًا مستقبلية لا تزال غير معلومة للجهة الطاعنة، كما أن الحكم الطعين في حد ذاته يعد بالقطع حكمًا في موضوع الدعوي الذي لم يكن معروضًا علي المحكمة لأن الحكم بوقف ترخيص الجريدة هو في حقيقته حكم بإلغاء الترخيص لأن الآثار المترتبة علي الحكم في الطلب العاجل هي نفسها الآثار المترتبة علي الحكم الموضوعي، فكلاهما يعطل الصحيفة عن الصدور من ثم كان الفصل في الطلب المستعجل بوقف ترخيص الصحيفة فيه تجاوز حدود القضاء من ظاهر الأوراق إذ تعمق الحكم في بحث أصل طلب الحق وتجاوز حدود الطلب العاجل، فجاءت الأسباب التي أقام عليها قضاءه علي أسس موضوعية، فضلاً عن أن هذه المصادرة أو الوقف تتنافي وتتناقض مع نص المادة 36 من الدستور التي تحظر مصادرة الأموال إذ من شأن هذا الوقف هو توقف الجريدة عن الصدور وعلي ذلك يكون هناك إهدار ومصادرة لأموالها بما يخالف الدستور فضلاً عن إهدار حق الطاعن في الرأي وحقه في العمل حق الصحفيين والعمال بالجريدة، الأمر الذي يعد مصادرة للنصوص الدستورية التي توجب علي الدولة توفير فرص العمل وكفالة حرية التعبير والنقد وعدم المساس بأمن الصحفي بسبب ما ينشره من أراء وتحقيقات صحفية

– ثالثًا: بطلان الحكم المطعون فيه لعيب جوهري هو عدم اختصاص المدعي المطعون ضده الأول في طلباته وفقًا لما تنص عليه المادة 70 من القانون رقم 96 لسنة 1996 سالف الذكر، ويوجز هذا السبب في أن سلوك المدعي المطعون ضده الأول بصفته طريق الدعوي أمام محكمة القضاء الإداري هو عصب الاختصاص لم يفوضه فيه المشرع طبقًا للمادة المذكورة وإذ استجابت المحكمة له بالرغم من عدم اختصاصه بمثل هذا الطلب المتعلق بإلغاء ترخيص، فإن حكمها يكون قد شابه- عيب جسيم تأسيسًا علي أن المحكمة قد سايرت المدعي في طلباته رغم أن القانون رقم 96 لسنة 1996- الصادر من السلطة التشريعية- بتنظيم سلطة المجلس الأعلي للصحافة- لم يفوض المدعي في اتخاذ أي إجراء من شأنه المساس بأمن الصحفي أو غلق جريدة أو إنذارها بل كانت نصوص ذلك القانون واضحة في أن المجلس المذكور ليس له سلطة رئاسية علي الصحف ولاحق له عليها في المصادرة أو الغلق أو إلغاء الترخيص، فاختصاصه يقف عند حد كفالة حرية الصحافة وحق الصحفي في تدفق المعلومات وحقه في إبداء رأيه فيما ينشر

رابعًا: عدم قبول دعوي المجلس الأعلي للصحافة لانتفاء المصلحة في الدعوي، استنادًا إلي أنه طبقًا لنص المادة 1 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 التي قضت بأنه لا تقبل الطلبات المقدمة من أشخاص ليست لهم مصلحة شخصية مباشرة مادية كانت أو أدبية، علي أنه لما كان المجلس الآعلي للصحافة ليس له أية مصلحة أو صفة في رفع هذه الدعوي تأسيسًا علي أن المشرع لم يفوضه في هذه الإجراءات طبقًا لما سلف بيانه في أسباب تقرير الطعن المشار إليها سلفًا، ولو كان المشرع الدستوري أو القانوني يبغي أن يعطيه اختصاصًا في ذلك لكان قد نص صراحة كما هو الحال بالنسبة للجهات الأخري ذات الشخصية الاعتبارية كالنقابات والهيئات الإدارية الأخري ولكن منعته من ذلك نصوص الدستور التي حظرت التعرض لحرية الصحافة بل عمدت إلي كفالتها واستقلالها والقول بأن للمطعون ضده الأول مصلحة بصفته ممثلاً للمجلس المذكور قولا لا يسانده حق في القانون، بل إنه لم يتعرض لأي أضرار من جراء استمرار الترخيص الصادر للجريدة وحتي تتحقق له صفة أو مصلحة في رفع الدعوي، وإذ استجابت المحكمة لطلب من غير ذي صفة أو مصلحة فيكون حكمها الطعين معدومًا

.:: خامسًا: ذكر الطاعن أن ما أورده الحكم المطعون فيه من أن محكمة القضاء الإداري تظل تراقب القرار الإداري منذ ولادته وحتي مماته هو مردود عليه بأنه ليس هذا هو اختصاص هذه المحكمة بالنسبة للصحافة التي أحاطها المشرع بسياج شديد، فنص علي كفالة حريتها وحظر مراقبتها أو إنذارها أو وقفها أو إلغائها بما يعني أن المشرع الدستوري ومن بعده القانون قد أكدا علي غلق الباب حول مناقشة أو غلق الصحيفة تحت أي وصف فقد منع المجلس الأعلي للصحافة- وهي أعلي سلطة- من مباشرة أعمال أي سلطة علي أي صحيفة وإنما أعطاه فقط حق متابعة وتقييم ما تنشره الصحف وإصدار التقارير الدورية عن مدي التزامها بآداب المهنة وميثاق الشرف الصحفي، وإلزام الصحف أن تنشر تلك التقارير، وعلي ذلك فإن المجلس الأعلي للصحافة لا يملك سحب قرار ترخيص أي صحيفة أو إلغائه، وأضاف الطاعن قائلاً إن المجلس الأعلي للصحافة قد ناصب جريدة النبأ الوطني والقائمين عليها عداوة غير مسبوقة فامتنع عن الموافقة علي تحويل هذه الجريدة من جريدة أسبوعية إلي جريدة يومية، وما أن صدر حكم محكمة القضاء الإداري بالأحقية في الصدور اليومي حتي سارع إلي الطعن علي الحكم والاستشكال أمام محكمة الأمور المستعجلة بالأزبكية، وهي محكمة غير مختصة- مما حدا بالمحكمة إلي إصدار حكمها في الموضوع لتمكين الجريدة من الصدور اليومي- وهو الأمر الذي سطره الحكم في الصفحة رقم 9 منه من أن القضاء الإداري قد انتصر من قبل لهذه الجريدة ووقف إلي جانب إصدارها اليومي، وبالرغم مما نوه عنه إلي أن هناك جهات عديدة تكالبت عليها لتحرمها من حق الصدور اليومي، ثم عادت المحكمة وأعلنت عن رأيها الشخصي الخارج عن أوراق الدعوي بقولها إنه يجب أن تختفي هذه الجريدة من الوجود لتحول بينها وبين ما تنفثه من سموم وما تعبث به من أخلاقيات وقيم- وهو قول ينقصه الدليل، فقد خلا الحكم بمدوناته كلها من أي دليل علي ما أوردته من تزيد بأسبابها، الأمر الذي يطالب معه محكمة الطعن أن تأمر بمحو تلك العبارات الواردة بقضاء محكمة أول درجة التي لا تقوم علي مستند من الأوراق والمستندات المقدمة بالدعوي فالقضية التي طرحتها الجريدة تتعلق بنشر خبر صادق وصحيح عن واقعة مشينة ارتكبها راهب مشلوح، ولم يكن قصد الجريدة من هذا النشر هو بث سموم، إنما كان الهدف هو التحذير والتنوير لحماية القيم وعدم الإساءة إلي المقدسات الدينية ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جري علي أن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يطرح الطعن برمته علي المحكمة لتنظره وتزنه بميزان القانون والواقع سواء من حيث الشكل أو الإجراءات أو سلامة مباشرتها لولاية رقابة الإلغاء أو وقف التنفيذ، طبقًا، وفي حدود أحكام الدستور والقانون وإعمالاً لمبدأ استقلال مجلس الدولة واستقلال السلطة القضائية، التي يباشرها القاضي في المنازعات التي يختص بحسمها والفصل فيها وفقًا للمادتين 561 و71 من الدستور.:

ومن حيث إنه بالنسبة إلي ما أثاره المتدخلون عن قداسة البابا شنودة ببطلان الطعن لإغفال الطاعن اختصام باقي الخصوم، فمردود عليه بأنه ليس بأحكام القانون ما يوجب علي الخصم عند الطعن علي الحكم اختصام من تدخل في الدعوي منضمًا إلي الخصم الآخر في طلباته، لكي يثار أمر بطلان تقرير الطعن عند إغفال هذا الإجراء- حتي مع وجود مثل هذا الالتزام الذي تضمنته الفقرة الثانية من المادة 18 من قانون المرافعات التي أوجبت في حالة رفع الطعن علي أحد المحكوم لهم في الميعاد- اختصام الباقين، ولو بعد فوات ميعاد الطعن بالنسبة إليهم- فإن أحكام قانون المرافعات صريحة في عدم جواز الحكم بالبطلان رغم النص عليه- إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء، وعلي ذلك فإذا ما ثبت قيام الطاعن باختصام باقي المحكوم لهم ومن ثم يكون قد استقام شكل الطعن واكتملت له موجبات قبوله بما لازمه سريان أثر الطعن في حق جميع الخصوم ومنهم من تم اختصامهم فيه بعد رفعه.
وحيث إنه عن تدخل قداسة البابا شنودة فإن الثابت من محاضر جلسات 5/11/2001 فحص، 26/1/2002 موضوع حضور السيد منصف نجيب سليمان المحامي عن صاحب القداسة البابا شنودة بمو جب توكيل رسمي برقم 471 أ.ح لسنة 2001 في 30/7/2001 مكتب توثيق الوايلي- مرفق صورته بالأوراق وطلب إثبات تدخله في الطعن كخصم منضم إلي رئيس مجلس الشوري بصفته، كما حضر عنه أيضًا كل من الأساتذة أحمد كمال أبو الفضل المحامي وفكري حبيب المحامي والدكتورمحمد ميرغني المحامي والدكتورعاطف البنا المحامي وحيث إنه وإن كان الحاضر عن قداسة البابا أمام محكمة القضاء الإداري لم يقدم سند وكالته عنه إلا أنه من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة- قبول التدخل الانضمامي إلي أحد الخصوم لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا إذا لم يطلب المتدخل لنفسه أكثر مما يطلبه الخصم المنضم إليه وحيث إنه عن الدفع بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري- ولائيا بنظر طلب وقف تنفيذ وإلغاء قرارترخيص الصحيفة- فمردود عليه بأنه من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة- وفي قضاء المحكمة الدستورية العليا- أن مجلس الدولة أصبح بموجب نص المادة 172 من الدستور والمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة- صاحب الولاية العامة في المنازعات الإدارية

– ولما كانت المنازعة موضوع الطعن تتعلق بقرار إداري، فإنها تعتبر من قبيل المنازعات الإدارية مما تختص بها مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، وأن الحظر الدستوري والقانوني بشأن وقف وإلغاء الترخيص الصحفي لا يحجب اختصاص القضاء الإداري بنظر المنازعات حول قرار الترخص إصدارًا واستمرارًا وأن الجدل حول هذا الحظر يتعلق بالموضوع ولا يتعلق بالاختصاص كما أن الدفع بعدم اختصاص القضاء الإداري استنادًا إلي عدم اختصاص المجلس الأعلى للصحافة باللجوء إلي مجلس الدولة

– بهيئة قضاء إدري- للنظر في إنهاء أو إلغاء الترخيص ووقف تنفيذه، استنادًا غير سليم لأن القانون لم يمنع الجهة الإدارية طالما الحق علي الأفراد وحدهم وإنما لكل ذي شأن هذا الحق بما فيها الجهات الإدارية طالما أنها طرف في النزاع بل إن هذا هو الأصل في حسم المنازعات بصفة عامة ومنها المنازعات الإدارية- وهو اللجوء إلي القضاء، وإذا كان المشرع قد خولها بصفتها سلطة عامة، حق التدخل بطريق التنفيذ المباشر لاعتبارات قدرها بهدف تسيير المرافق العامة، فإن ذلك خروج علي الأصل العام في حل المنازعات وحسم –

: الخصومات الذي هو من اختصاص جهة القضاء المختصة حتي وإن أجاز القانون لجهة الإدارة هذا الطريق- ومن ثم لا يوجد ما يمنع جهة الإدارة من ترك التدخل بطريق التنفيذ المباشر واللجوء إلي القاعدة الأصل- وهو التقاضي لحل نزاع تكون طرفًا فيه، فإذا لجأت الإدارية للقضاء لحل المنازعات الإدارية، سواء كان ذلك اختيارًا أو كان ذلك بسبب منعها من التدخل الإداري المباشر بنص في الدستور أو القانون كما هو الحال في الحالة محل الطعن- فإنها بذلك تستعمل حقًا أصيلاً لها تقضي به القواعد العامة في حق التقاضي وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوي لرفعها من غير ذي صفة أو مصلحة فيها، فقد استعرضت المحكمة نصوص المواد 67، 70، 72 من قانون تنظيم الصحافة واستبان لها أن المشرع ناط بالمجلس الأعلي للصحافة مباشرة الاختصاصات المنصوص عليها في المادة 70 من قانون تنظيم الصحافة ومن هذه الاختصاصات..

متابعة وتقييم ما تنشره الصحف وإصدار تقارير دورية عن مدي التزامها بآداب المهنة وميثاق الشرف الصحفي، وتلتزم الصحف بنشر تلك التقارير وضمان احترام الصحف والصحفيين لحق الرد وحق التصحيح وكذا النظر في شكاوي الأفراد ضد الصحف أو الصحفيين فيما- يتعلق بالتزام الصحافة بآداب المهنة وسلوكياتها فيما نشر ماسًا بحقوق الأفراد أو حياتهم الخاصة- كما أن المشرع «اعتبر المجلس هيئة مستقلة قائمة بذاتها ويتمتع بالشخصية الاعتبارية وأن رئيس المجلس هو الذي يمثله أمام القضاء والجهات الإدارية وفي مواجهة الغير وحيث إنه مما تقدم يكون المجلس الأعلي للصحافة هو الجهة الإدارية صاحبة الاختصاص والصفة في كل ما يتعلق بالمنازعات الصحفية ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوي لرفعها من غير ذي صفة غيرقائم علي سند سليم من القانون ويكون في غير محله متعينًا رفضه. ومن حيث إنه عن موضوع الطعن، وهو طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، فإنه وفقًا لنص المادة 49 من قانون مجلس الدولة يشترط لوقف تنفيذ القرار وعلي ما جري عليه قضاء هذه المحكمة

توافر ركنين: أولهما، ركن الجدية، بأن يقوم الطلب علي أسباب جدية يرجح معها- بحسب الظاهر من الأوراق- الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه، وثانيهما: ركن الاستعجال بأن يترتب علي تنفيذ القرار أو الاستمرار في تنفيذ نتائج يتعذر تداركها فيما لو حكم بإلغاء القرارعند نظر موضوع طلب الإلغاء

– وحيث إنه عن ركن الجدية فإن الترخيص الصحفي، كقرار إداري يخضع لما تخضع له سائر القرارات الإدارية من أحكام ومنها خضوعه لرقابة القضاء الإداري، وتحصن وجوده بفوات مواعيد الطعن عليه، إلا أن الترخيص وان استقر وجوده القانوني ميلادًا وإصدارا فإن استمرار وجوده بحكم اتصاله وتعلقه بممارسة نشاط معين يخضع أيضًا لرقابة القضاء في حدود التنظيم القانوني لهذه الممارسة ولشروط الترخيص إن وجدت، هذا التنظيم وهذه الشروط قد تجيز بحسب نوع النشاط من خلال الرقابة علي الممارسة- إلغاء الترخيص إذا جد واقع جديد أثناءسريان الترخيص يبرر هذا الإلغاء في الحالات وبالشروط الواردة في القواعد القانونية الحاكمة لهذا النشاط وهذا لا يعد سحبًا أو إلغاء للقرار الأول بأثر رجعي وإنما هو قرار جديد بإلغاء الترخيص بالنسبة للمستقبل في ضوء الوقائع الجديدة التي تبرر هذا الإلغاء كنهاية للقرارالأول فالقاعدة أنه يجوز إنهاء القرار الإداري قبل النهاية الطبيعية له وذلك بالنسبة للمستقبل.

فقد ينظم المشرع بالنسبة لنوع معين من القرارات أحوال وأسباب إلغائها والسلطة المختصة بذلك ومؤدي ذلك أنه لا يجوز إنهاء قرار إداري معين صدر سليمًا أو تحصن بفوات ميعاد الطعن عليه إلا في الحالات وللأسباب التي ينص عليها القانون وبواسطة السلطة التي خولها القانون ذلك، والترخيص الصحفي يخضع لهذه المبادئ، فيتحصن وجوده وفقًا لقاعدة تحصين القرارات الإدارية عند إصداره ثم يخضع أيضًا في مرحلة السريان وممارسة النشاط للقواعد القانونية المنظمة للنشاط الصحفي.

– وحيث إن القرار الصادر بالترخيص لجريدة النبأ الوطني بالصدور، صدر ابتداء وفقًا لأحكام القانون المنظم لإصدارتراخيص الصحف، واستقر هذا الوجود القانوني بفوات مواعيد الطعن عليه، ودخوله ميدان الحياة الصحفية، فإن استمرار هذا الترخيص واستمرار ممارسة الصحيفة لنشاطها الصحفي وما يثور من نزاع حول هذا الاستمرار تعطيلاً وإلغاء يدخل في نطاق الرقابة القضائية في حدود ما تسمح به القواعد القانونية المنظمة لإصدار تراخيص الصحف واستمرارها وما إذا كانت تجيز إنهاء التراخيص الصحفية كأحد الجزاءات والتدابير التي يسمح بها القانون في حالة الخروج علي الالتزام الصحفي أو ارتكاب إحدي الجرائم الصحفية كما حددها القانون، بما يمس حق استمرارها في ممارسة نشاطها كما هو الشأن في إلغاء التراخيص الأخري كإلغاء تراخيص حيازة الأسلحة، وسحبها أو تراخيص المحلات أو الأنشطة الأخري في الحدود التي تسمح بها القوانين المنظمة لتلك التراخيص كلما جد ما يبرر هذا الإلغاء قانونًا وتحقق سببه المبرر له.:

وحيث إنه بالرجوع إلي القواعد الحاكمة لإصدار التراخيص الصحفية واستمرارها سواء ماورد فيها في دستور 1971 أو في قانون تنظيم الصحافة رقم 96 لسنة 1996 أو قانون العقوبات، استظهرت المحكمة أن الدساتير المصرية المتعاقبة حرصت جميعها ابتداء من دستور 391 وانتهاء بدستور 1971- علي النص علي ضمان حرية التعبير وحرية الصحافة وقد ورد ذلك في نصوص المواد 74،48، 207، 208، 209 من دستور 971 التي أكدت علي مبدأ حرية التعبير عن الرأي وعلي حرية الصحافة واستقلالها في مباشرة رسالتها في إطار المقومات الأساسية للمجتمع وفوض المشرع الدستوري المشرع العادي في تنظيم هذه الحرية في حدود المبادئ التي نص عليها الدستور والتي استهدفت ضمان حرية الصحافة إصدارًا وممارسة

كما استبان للمحكمة وبالقدر اللازم للفصل في طلب وقف التنفيذ- من استعراض التشريعات المنظمة لحرية -: الصحافة وحرية التعبير والنشر سواء تلك التي صدرت قبل دستور 1971 ومابقي منها ساريا من نصوص مثل قانون المطبوعات رقم 0 لسنة 1936 وقانون العقوبات الصادر سنة 1937، أو ما أدخل المشروع من تعديلات علي تلك القوانين بعد صدور الدستور، وحتي القانون رقم 59 لسنة 6991 بتعديل قانون العقوبات وما أصدره المشروع من تشريعات في شأن تنظيم الصحافة وآخرها القانون رقم 69 لسنة 1996، هذه التشريعات كلها كفلت في نصوصها حرية الصحافة وفي ذات الوقت تضمنت في نصوصها مايكفل وقاية النظام الاجتماعي والسلامة العامة والأمن القومي والوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي بما تضمنت تلك القوانين- وخاصة قانون العقوبات- من تحديد للجرائم الصحفية والعقوبات المقررة لها، ولم تتضمن أي من هذه التشريعات أي نص يجيز لأي سلطة بما فيها السلطة القضائية إلغاء ترخيص الصحيفة أيا كانت الجريمة المنسوبة إلي الصحفي وحرية اكتفاء بتقرير المسئولية الجنائية والتأديبية عن إساءة استعمال حرية الصحافة وحرية التعبير -: والنشر، فقد حدد قانون تنظيم الصحافة رقم96 لسنة 1996 في الفصل الرابع والخامس من الباب الأول منه المسئولية الجنائية والتأديبية للصحفي عن الجرائم التي تقع بواسطة الصحف وذلك في المواد من 34 إلي 44 من ذلك القانون، وأحال في شأن المسئولية الجنائية إلي قانون العقوبات بالضوابط التي وردت في المواد المشار إليها- ولم -: يتضمن قانون تنظيم الصحافة الاشارة إلي إلغاء ترخيص الصحيفة كجزاء، ولم يتعرض لإلغاء ترخيص الصحيفة إلا في ثلاث حالات فقط وهي في مرحلة الميلاد، علي النحو الوارد في المواد 84، 94، 45 وتتعلق الحالة الأولي باعتبار ترخيص الصحيفة كأن لم يكن إذا لم تصدر خلال الثلاثة أشهر التالية للترخيص أو إذا لم تصدر بانتظام خلال ستة أشهر والثانية في حالة التصرف في ترخيص الصحيفة والثالثة وردت في المادة 45 وتتعلق بالحكم بتعطيل الجريدة لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر في حالة عدم تعيين رئيس تحرير لها وعدد من المحررين المسئولين، يشرف كل منهم إشرافاً فعلياً علي قسم معين من أقسامها، ثم اعتبر الترخيص ملغياً إذا لم تتم إزالة أسباب المخالفة خلال مدة تعطيل الصحيفة وبذلك يكون المشروع قد حدد العقوبات والجزاءات والتدابير التي توقع علي الصحفي وتلك التي تتخذ ضد الصحيفة في ضوء الجرائم والمخالفات التي ترتكبها سواء تلك الواردة في قانون العقوبات أو -: الواردة في قانون تنظيم الصحافة وماتعلق بشئون الصحافة من نصوص ما زالت سارية في قانون المطبوعات.

وحيث إن قانون العقوبات تضمن في الباب الرابع عشر من الكتاب الثاني المعدل بالقانون رقم 39 ثم بالقانون رقم 95 لسنة 1996 وتحت عنوان «الجرائم التي تقع بواسطة الصحف وغيرها» وحصرت الجرائم الصحفية وحددت العقوبات التي يجوز بها علي الصحفي والتدابير التي يجوز الحكم علي الصحيفة من المحاكم وهي الجرائم التي استهدف بها المشروع حماية النظام الاجتماعي والأمن القومي والحياة الخاصة للمواطنين من اساءة الممارسة الصحفية فعاقبت علي التحريض علي قلب نظام الحكم وعلي كراهة هذا النظام أو الازدراء به «م 147 أولا» وتحبيذ أو ترويج المذاهب التي ترمي إلي تغيير مبادئ الدستور الأساسية أو النظم الأساسية للهيئة الإجتماعية بالقوة أو الإرهاب أو بأية وسيلة أخري غير مشروعة، وعاقب في المادة 157 عقوبات علي جريمة تحريض الجند علي الخروج علي الطاعة أو التحول عن أداء واجباتهم العسكرية، وفي المادة 176 عاقب علي التحريض علي بغض طائفة أو طوائف من الناس أو علي الازدراء بها إذا كان من شأن التحريض تعكير السلم العام، وعاقب علي كل من حرض غيره بإحدي وسائل العلانية علي عدم الإنقياد للقوانين أو حسن أمرا من الأمور التي تعد جناية أو جنحة بحسب القانون ثم عاقب في المادة 187 مكرر ثالثا علي كل من صنع أو حاز بقصد الإتجار أو التوزيع أو -: الإيجار أو -: اللصق أو -: العرض صوراً من شأنها الإساءة إلي سمعة البلاد سواء كان بمخالفة الحقيقة أو بإعطاء وصف غير صحيح أو بإبراز مظاهر غير لائقة وعاقبت المادة 197 كل من أهان رئيس الجمهورية، وكل من عاب في حق ملك أو رئيس دولة أجنبية- وكل من عاب في حق ممثل لدولة أجنبية معتمد في مصر بسبب أمور تتعلق بوظيفته، «م 18» وكل من أهان أو سب مجلس الشعب أو مجلس الشوري أو غيره من الهيئات النظامية أو الجيش أو المحاكم أو بيانات أو اشاعات كاذبة أو أوراقا مصطنعة أو مزورة، إذا كان من شأن ذلك تكرر السلم العام أو اثارة الفزع بين الناس أو الحاق الضرر بالمصلحة العامة، كما عاقب في المادة 308 علي العيب أو -: الاهانة أو القذف أو السب الذي يتضمن طعناً في عرض الإفراد أو خدشا لسمعة العائلات وشدد المشروع العقوبة في الحالات السابقة إذا تمت بواسطة النشر في الصحف.
– ومن حيث أن المشروع، في قانون العقوبات بعد أن حدد العقوبات التي يحكم بها علي الصحفي مرتكب الجريمة الصحفية وهي الحبس أو بإحدي هاتين العقوبتين أجاز في المادة 198 منه لرجال الضبطية القضائية ضبط كل الكتابات أو الرسوم أو الاعداد الصحفية – تحت اشراف النيابة العامة المختصة ورئيس المحكمة الابتدائية أو من يقوم مقامه الذي يصدر قراره بتأييد أمر الضبط أو بإلغائه وبالافراج عن الأشياء المضبوطة كما أجاز في المادة 00 من قانون العقوبات، للمحكمة في حالة إدانة رئيس التحرير المسئول أو الناشر أو صاحب الجريدة في جناية ارتكبت بواسطة الجريدة أو في جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادتين 179، 308 من قانون العقوبات الحكم بتعطيل الجريدة لمدة مؤقتة علي النحو المبين في تلك المادة

– ومن حيث إن البادي مما تقدم من نصوص، وبالقدر اللازم للفصل في طلب وقف التنفيذ أن المشروع التزاما منه بحرية الصحافة وحرية التعبير عن الرأي التي كفلها الدستور، حدد تحديداً واضحاً، لا يداخله شك أو غموض مسئولية الصحفي والصحيفة والجرائم الصحفية، والعقوبات المحددة لها والتي يجوز للمحاكم توقيعها علي الصحفي، كما حدد التدابير التي يمكن اتخاذها ضد الصحيفة التي أساءت استعمال حرية الصحافة وحرية التعبير عن الرأي وارتكب إحدي الجرائم الصحفية، وحصرها في الجزاءات والتدابير التي وردت في قانون العقوبات وفي المسئولية التأديبية كما وردت في قانون تنظيم الصحافة، فقد حدد المشروع علي سبيل الحصر والتعيين تلك الجزاءات، والتي خول المحاكم من خلال تطبيق- أحكام القانون توقيعها علي الصحفي مرتكب جريمة النشر والجريدة التي تولت هذا النشر، وفي مجال التدابير ضد الجريدة أجاز المشروع للمحاكم ضبط ومصادرة الأعداد الصحفية المخالفة، ثم أجاز لها عند إدانة الصحفي أو رئيس التحرير الحكم بتعطيل الجريدة لمدة مؤقتة، ومن ثم علي ضوء نصوص التجريم والعقاب عن الجرائم الصحفية كما وردت في القانون، لم تتضمن هذه النصوص ما يجيز للمحاكم سلطة إلغاء ترخيص الصحيفة من بين الجزاءات التي خولها المشروع للقضاء واكتفي فقط بسلطته في تعطيل صدور الجريدة بصفة مؤقتة، جوازيا أحيانا ووجوبياً في أحيان أخري وبذلك حافظ المشروع علي حماية حرية -: الصحافة، وحرية النشر والتعبير عن الرأي وضمان استمرارها دون حظر أو إلغاء كما حفظ للسلطة القضائية سلطانا علي الصحف التي تسيء استعمال هذه الحرية بما ترتكبه من جرائم صحفية بما حدده من جزاءات دون مصادرة لهذه الحرية

– ومن حيث إن هذا الحظر التشريعي بعد إلغاء ترخيص الصحيفة نهائيا- لا يخاطب القضاء الجنائي وحده، وإنما يخاطب أيضًا- باعتباره تنظيماً شاملاً لحرية الصحافة- القضاء الإداري- علي أساس أن القانون يخاطب سلطات الدولة بما فيها السلطة القضائية بفرعيها العادي والإداري ومن ثم لا يجوز للقضاء الإداري الحكم بإلغاء ترخيص صحيفة، بعد صدوره صحيحاً أو بعد تحصنه واستقرار المركز القانوني للصحيفة في الحياة الصحفية، حيث حظر المشرع ذلك، وهو الأمر المستفاد من أن التشريعات المنظمة للتراخيص والممارسة الصحفية وللجرائم الصحفية والجزاءات المحددة لها، لم تتضمن أي نص يجيز للقضاء الإداري المساس بهذا الترخيص إلغاء أو تعطيلاً بمناسبة النظر في المنازعات الإدارية حول التراخيص الصحفية واستمرارها بسبب ممارستها الصحفية واساءة استعمالها للحرية الصحفية- واكتفي المشرع في هذا التنظيم بما خول فقط للقضاء الجنائي من حق تعطيل صدور الجريدة لمدة مؤقتة- دون إلغاء ترخيصها- ومن ثم، لا يملك القضاء الإداري في ضوء التشريعات السارية إلغاء أو تعطيل تراخيص الممارسة الصحفية لأي سبب من الأسباب التزاماً بإرادة المشرع فيما قرره بشأن تنظيم الصحافة اصدارا أو ممارسة لأن مثل هذا القضاء يأتي علي خلاف مراد المشرع فيما قرره بالنسبة للشأن الصحفي، كما أن إلغاء ترخيص الصحيفة يعتبر من قبيل التدابير الجزائية التي تنال من حرية الصحافة والتي ترتبط توقيعها بتقدير المشرع الذي لم يقدر الوصول بهذا الجزاء إلي مرحلة إلغاء ترخيص اصدار الصحيفة، الأمر الذي ينتفي مع ركن الجدية اللازم لوقف التنفيذ

– ومن حيث إنه لما كان ذلك وكان الحكم المطعون- في مجال استظهار ركن الجدية- قد أخذ بغير ذلك- وقضي بغير نص- بوقف تنفيذ قرار الترخيص بإصدار جريدة النبأ الوطني- بسبب ممارستها الصحفية في العددين الصادرين بتاريخ 17، 18/6/2001 فإنه يكون- وفقاً للظاهر من النصوص- قد أخطأ في تفسير القانون وتأويله ويكون ما انتهي إليه من توافر ركن الجدية- وإن طلب إلغاء ترخيص الصحفية مرجح القبول عند النظر في الموضوع- غير قائم علي سند سليم من القانون

– وحيث إنه ركن الاستعجال- فإن مناط توافر عناصر الاستعمال هو أن -: يترتب علي -: استمرار ترخيص الصحيفة نتائج وآثار يتعذر تداركها، ومفهوم ما تقدم ولازمه أن تكون تلك النتائج وهذه الآثار مؤكدة الوقوع ومعلومة علماً يقيناً وقت الحكم بوقف الترخيص فلا يجوز وقف تنفيذ قرار أو ترخي غير معلومة أثاره ونتائجه لتعلقه بأمور مستقبلية لا يمكن الجزم بوقوعها فهي مجرد أمور أو نتائج محتملة غير مؤكدة الوقوع وتدخل في دائرة الاحتمال كما أن هذا القول يقوم علي أساس افتراض حدوث نتائج ظنية الحدوث ولا دليل عليها ولا حتمية وقوعها لأنه يقوم علي افتراض أن الجريدة سوف تستمر في ارتكاب المخالفات والجرائم الصحفية في المستقبل استنادا إلي ماضيها وهذا قول يقوم بلا شك علي الظن والتخمين لا علي القطع واليقين، لتعلقها بوقائع واحداث تتعلق بالمستقبل قد تقع في ضوء أنه تم عقاب الجريدة ورئيس تحريرها، وقد يؤتي هذا العقاب أثره علي زجر الصحيفة وإقلاعها عن العودة إلي نشر مايوقعها تحت طائلة القانون مرة أخري خشية العقاب

– وحيث إنه من جهة أخري فإن الخطورة الناجمة عن شخص معين ارتكب -: جريمة أو جرائم معينة واكتمل القصاص منه بشأنها، هذه الخطورة لاتزيد عن أن تكون احتمالا لأن ينزلق الشخص مستقبلاً في جريمة أو جرائم أخري غير معينة وأنه ينبغي التحوط لها، باتخاذ تدابير معينة تنال من حريته الشخصية فإن هذه الجريمة المحتملة التي لم ترتكب بعد والتي يراد توقيها من خلال التدابير التي يحكم بها فإن في ذلك إحداثاً لحالة إجرامية مفترضة بلا دليل علي قيام حتمية بين ارتكاب الشخص لجريمة أو جرائم سابقة وبين ترديه والعودة إليها من جديد في المستقبل فذلك مما يناقض قرينة افتراض البراءة في أي شخص بأن يدان لا عن جريمة أتاها وتتخذ عقوبتها بالنظر إلي جسامتها بل بناء علي محض افتراض بالاستمرار في الإجرام لا رجوع عنه ومن ثم لا يجوز ترتيب آثار علي مجرد خطورة متوقعة من شخص معين لا تتسم باليقين بل تقوم في بنيانها علي أن الجرائم التي ارتكبت من قبل هي دليل حاضرة ومحددة لمسيرة مستقبلية كما أن القول بأن مواجهة النزعة الإجرامية الكامنة في نفس من حكم عليه أكثر من مرة لازمها اتخاذ تدابير تردها فذلك مردود بأنه لمحكمة الموضوع تقدير مناسبة الجريمة الأخيرة التي ارتكبها وجزاءها الملائم لها أخذه في اعتبارها سجل الشخصين الإجرامي.

– ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه علي توافر عنصر الاستعجال علي -: افتراض استمرار الصحيفة في استخدامها وسيلة لنشر أمور هي في حكم القانون جرائم صحفية ورتب علي ذلك قضاءه بوقف ترخيص الصحيفة- كشق عاجل في الدعوي- فإنه يكون قد بني قضاءه علي أمور مستقبلية مجهولة وافترض في الصحيفة ارتكابها جرائم صحفية لم تقع فجرم وقائع لم تحدث وافترض خطورة منها لا يقين فيها ولا علي حتمية وقوعها دليل وبذلك تكون المحكمة قد استخلصت وجود عنصر الاستعجال من أمور غير قائمة وبنيت علي الافتراض

– وحيث إنه وقد استظهرت المحكمة علي النحو المتقدم- من ظاهر الأوراق ونصوص القانون- وبالقدر اللازم للفصل في الشق العاجل المطروح عليها في الطعن- عدم توافر ركني الجدية والاستعجال اللازمين لوقف تنفيذ ترخيص الصحيفة محل الطعن فإن الحكم المطعون فيه إذ قضي بوقف تنفيذ قرار الترخيص بصدور جريدة النبأ الوطني، فإنه يكون – حس الظاهر من الأوراق- قد أخطأ في تطبيق القانون وتفسيره الأمر الذي يتعين معه الحكم بإلغائه والقضاء مجدداً برفض طلب وقف ترخيص الجريدة
– والمحكمة لا يفوتها أن تسجل استنكارها لما نشرته الجريدة من وقائع مؤسفة غير لائقة تعرضت فيها للحياة الخاصة لأحد المصريين، إلا أن المحكمة التزاماً منها بأحكام الدستور والقانون واحتراماً لإرادة المشرع فيما قدره من جزاء وعقوبة في القانون، سواء بالنسبة للصحيفة حسبما وردت في قانون العقوبات وقانون تنظيم الصحافة ورأي فيها الجزاء الأوفي- لا يسعها إلا تطبيق حكم القانون في حدود صلاحيتها وفقاً للقانون وماقدره المشروع في الشأن الصحفي، وحسب المحكمة والمصريين جميعاً أن الصحفي المسئول أحيل للمحاكمة الجنائية ونال جزاءه القانوني بما حكم عليه جنائياً بخلاف المساءلة التأديبية المتاحة قانوناً

«فلهذه الأسباب»
حكمت المحكمة
– بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم فيه والقضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ المطعون فيه والزمت- المطعون ضده الأول بصفته المصروفات

سكرتير المحكمة
رئيس المحكمة

تمت إعادة النشر بواسطة محاماة نت