ميعاد رفع دعوى الإلغاء

المؤلف : وسام صبار العاني
الكتاب أو المصدر : القضاء الاداري

تمتاز دعوى الإلغاء عن غيرها من الدعوى بانها محددة المدة، بحيث اذا رفع المدعي الدعوى بعد انقضاء الميعاد المحدد قانونا رفضت الدعوى شكلا، وقد حدد هذا الميعاد في فرنسا بشهرين(1) بينما حدد هذا الميعاد في مصر بستين يوما(2).

والحكمة من هذا التحديد هي ضمان استقرار الأوضاع والمراكز القانونية، لكي لا يظل باب الطعن بالقرارات الإدارية مفتوحا الى اجل غير مسمى، وكذلك تامين الحماية القانونية للحقوق المكتسبة الناشئة من القرارات الإدارية، حيث لا تقبل الدعوى اذا أقيمت خارج الميعاد المددة، كما ان عدم التحديد يؤدي الى عدم إمكانية التفرقة بين القرارات المنعدمة التي تتجرد من الصفة الإدارية بسبب جسامة العيب الذي شابها ومن ثم لا تتحصن بفوات الميعاد وبين القرارات المشوبة بعيب من عيوب الإلغاء والتي تتحصن بفوات الميعاد. وفي العراق فقد عمد مشرع قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة في المادة (7/ثانيا/ز) منه الى لزوم تقديم الطعن بالامر او القرار المتظلم منه خلال ستين يوما من تاريخ انتهاء مدة البت في التظلم المنصوص عليه في الفقرة (و) من هذه المادة(3).

وكذلك فعل مشرع قانون التعديل الخامس لقانون مجلس شورى الدولة في المادة (5/سابعا/ب) حيث نصت على انه: ((عند عدم البت في التظلم او رفضه من الجهة الإدارة المختصة على المتظلم ان يقدم طعنه الى المحكمة خلال (60) ستين يوما من تاريخ رفض التظلم حقيقة او حكما، وعلى المحكمة تسجيل الطعن لديها عد استيفاء الرسم القانوني…)).

ويلاحظ ان ميعاد رفع دعوى الإلغاء – في القضاء الإداري المقارن – يتميز بالقصر وذلك خلافا لمدد التقادم المسقط للحقوق، والعلة في ذلك هو سعي المشرع في الأنظمة المختلفة لتحقيق استقرار المراكز القانونية، وحسن سير العمل الإداري وما يقتضيانه من سرعة البت في مصير القرارات الإدارية، فضلا عن ان تحديد الميعاد من شانه ان يقلل من عدد الدعاوى ومن ثم تخفيف العبء عن كاهل القضاء. وميعاد رفع دعوى الإلغاء من النظام العام، ولذلك فللقاضي ان يثير عدم القبول لانقضاء الميعاد من تلقاء نفسه، وللمدعي عليه ان يثير ذلك في اية مرحلة من مراحل التقاضي، كما لا يجوز الاتفاق على اطالته او تقصيره.

الفرع الأول
سريان ميعاد رفع الدعوى
ويبدا حساب هذا الميعاد من اليوم التالي لتاريخ العلم بالقرار، شريطة ان يكون ذلك العلم متضمنا عناصر القرار الإداري، وتتمثل طرق العلم بالقرار في النشر والاعلان (التبليغ) والعلم اليقيني. ويتم نشر القرارات الإدارية في الجريدة الرسمية – كقاعدة أساسية – بالنسبة للقرارات التنظيمية (اللائحية).

اما العلان (التبليغ) فانه وسيلة الإدارة لنقل مضمون القرار الى علم فرد او اكثر معينين بذواتهم، أي انه وسيلة للعلم بالقرارات الإدارية الفردية(4).

ويقصد بالعلم اليقيني، علم صاحب الشأن بالقرار علما يقينيا عن غير طريق النشر او الإعلان لكنه يقوم مقامهما، وفي هذه الحالة يشترط ان يثبت هذا العلم في تاريخ محدد لكي يبدا سريان الميعاد. وبعد ان كان مجلس الدولة الفرنسي يتوسع في عد العلم اليقيني بوصفه محددا لبدء سريان ميعاد لفع دعوى الإلغاء، الا انه عاد واتجه نحو التضييق من هذه الفكرة، الى الحد الذي دفع البعض الى القول بتخلي مجلس الدولة الفرنسي عنها(5).

كما ان مجلس الدولة المصري وبالرغم من استقرار قضائه على الاخذ بالعلم اليقيني، الا انه قيدها بشروط تهدف الى حماية مصالح الافراد بحيث يكون العلم بالقرارات التي تصدر بشانهم علما حقيقيا وليس افتراضيا، ويقينيا نافيا للجهالة، ويثبت العلم اليقيني عن طريق اية واقعة او قرينة تفيد حصوله دون التقيد بوسيلة اثبات معينة، وللقضاء التحقق من قيام او عدم قيام هذه القرينة، وتقدير الأثر الذي يمكن ترتيبه عليها من حيث كفايته للعلم او عدمه.

ويقع عبء اثبات العلم اليقيني لصاحب الشأن على عاتق الإدارة، فاذا لم تقدم دليلا على حصول ذلك العلم في تاريخ معين، فانه لا وجه لقبول دفع الإدارة بانقضاء موعد رفع الدعوى. اما بالنسبة للقرارات الضمنية، فالقاعدة العامة المقررة في أنظمة القضاء الإداري ان سكوت الإدارة دون إجابة على الطلب (او التظلم) المقدم اليها من صاحب الشأن يعد قرارا ضمنيا بالرفض، يصلح لتحديد بدء سريان ميعاد رفع الدعوى. وقد ميز مرسوم 11 يناير (كانون الثاني) سنة 1965، الصادر بموجب قانون 7/6/1956 في فرنسا بين القضاء الكامل وقضاء الإلغاء بهذا الشأن فبالنسبة للقضاء الكامل، يلزم لبدء سريان ميعاد رفع الدعوى صدور قرار صريح من الإدارة بالرفض واعلانه لصاحب الشأن، في شهرين، وعيه فان سكوت الإدارة مهما طال لا يترتب عيه بدء سريان ميعاد رفع الدعوى اما بالنسبة لقضاء الإلغاء، فلا يلزم فيه لبدء سريان ميعاد رفع الدعوى صدور قرار صريح من الإدارة بالرفض ويبدا سريان ميعاد رفع الدعوى فيه بعد انقضاء أربعة اشهر على سكوت الإدارة(6).

وفي العراق فقد اخذ المشرع، في قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة، بقاعدة عد سكوت الإدارة قرارا ضمنيا بالرفض يرتب تحديد سريان ميعاد تقديم الطعن بالالغاء، وذلك في المادة (7/ثانيا/و) منه سابقة الذكر. وأخيرا فان القاعدة في احتساب ميعاد الطعن تقضي بسريان المدة من اليوم الذي يعقب يوم النشر، او الإعلان (التبليغ) او تاريخ العلم اليقيني بالقرار وتنتهي بانتهاء اليوم الأخير منها فان صادف اليوم الأخير عطلة رسمية امتد الميعاد الى اول يوم عل بعد انتهائها.

الفرع الثاني
وقف انقطاع ميعاد رفع الدعوى
الأصل ان ميعاد رفع دعوى الإلغاء من النظام العام، ومن ثم فانه لا يجوز الاتفاق على إطالته او قصره سواء باتفاق الخصوم او بقرار من المحكمة، ومع ذلك فان المشرع، لاعتبارات تتعلق بالتوفيق بين المصلحة العامة ومصلحة الافراد، أجاز لنفسه الخروج على هذا الأصل، كما القضاء مراعاة لمصلحة الافراد قرر أسباب حصرية لامتداد الميعاد.
أولا: وقف الميعاد:
1- القوة القاهرة: يقف ميعاد رفع دعوى الإلغاء بسبب القوة القاهرة، اذا استحال معها على صاحب الشأن مباشرة الاجراءات الضرورية للمحافظة على حقوقه، ويراد بالقوة القاهرة كل حادث او ظرف فجائي ليس بالمقدورة دفعه أولا يمكن توقعه يؤدي الى وجود المدعي في حالة استحالة مطلقة لا يد له فيها تحول بينه وبين رفع الدعوى، ومن امثلة القوة القاهرة الحرب، والوباء والكوارث الطبيعة، ومن امثلتها أيضا السجن في مكان منقطع وكذلك المرض العقلي(7)، والمرض الذي يجبر صاحبه على المكوث في مستشفى الامراض النفسية(8)، وهذه الأسباب تحول دون إقامة الدعوى او الاستمرار فيها، ففي مثل هذه الحالة يتوقف سريان ميعاد الطعن على ان يستكمل سريانه بعد زوال السبب الموقف او القوة القاهرة. ويمتلك القاضي الإداري سلطة تقديرية في عد السبب الطارئ او الحادث الفجائي من قبيل القوة القاهرة، ومن ثم يمكن ان يؤدي الى وقف سريان الميعاد، فاذا تاكد من وجود حالة القوة القاهرة فانه يوقف سريان الميعاد على ان يبدا مجددا بعد زوال حالة القوة القاهرة، وسلطة القاضي في هذا الشأن لا تخضع لرقابة المحاكم العليا(9). وتكمن الحكمة في إطالة الميعاد في حالة القوة القاهرة، في انه ليس من المصلحة العامة بشئ ان تستقر الأوضاع الإدارية على أساس قرارات معيبة كان من المستحيل على ذي الشأن طلب الغائها.

2- نص القانون: فقد يتم إطالة ميعاد الطعن بنص قانوني تبعث عليه ظروف اضطرارية او خاصة، ورغم ان هذه الحالة محدودة لكن تجد لها تطبيقا في كل من فرنسا(10) ومصر(11).

ثانيا: انقطاع الميعاد: يقصد بانقطاع الميعاد سقوط المدة السابقة على واقعة الانقطاع والابتداء في احتساب الميعاد من جديد.ولا يهم حصول هذه الواقعة في بداية المدة او في وسطها او في نهايتها ففي جميع الأحوال تلغى المدة السابقة ويبدا احتساب مدة جديدة – كاملة – بعد انتهاء الواقعة التي أدت الى الانقطاع. وينقطع الميعاد للأسباب الاتية(12): التظلم الإداري، ورفع الدعوى لدى محكمة غير مختصة، وطلب المعونة القضائية.

1- التظلم الإداري: …التظلم هو التماس صاحب الشأن – او المصلحة – من الجهة الإدارية التي صدر عنها القرار، او رئيسها الأعلى، يطلب فيه إعادة النظر في قرارها وذلك بسحبه او الغائه او تعديله.

ويمكن ان يكون التظلم الى جهة الإدارة اجباريا، كما يمكن ان يكون تظلما اختياريا، ويعد التظلم الاجباري في الأنظمة التي تأخذ به – ومنها العراق – احد شروط قبول دعوى الإلغاء على خلاف التظلم الاختياري، ففي حالة التظلم الاختياري للمدعي ان يرفع الدعوى القضائية مباشرة، او ان يلجا الى الإدارة بتقديم تظلم اداري قبل رفع الدعوى، ويستوي ان يكون في هذه الحالة تظلمه وجاهيا او رئاسيا او وصائيا.

ويترتب على تقديم التظلم بنوعيه قطع سريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء والبدء في احتسابه من جديد، مع ملاحظة انه لا يعتد من حيث ترتيب هذا الأثر الا بالتظلم الأول ويهمل ما يقدم بعد ذلك من تظلمات.ولكي يرتب التظلم اثره في قطع سريان ميعاد رفع الدعوى، يجب ان يقدم الى الجهة الإدارية المختصة التي أصدرت القرار، وان يقدم ضمن ميعاد الطعن القضائي والا فلا اثر له حتى لو قبلته الإدارة.

2- رفع الدعوى امام حكمة غير مختصة: استقر قضاء مجلس الدولة الفرنسي – بعد تردد – على عد رفع دعوى الإلغاء امام محكمة غير مختصة سبببا كافيا لقطع ميعاد رفع الدعوى وبدئه مرة أخرى من تاريخ اعلان صاحب الشأن بعدم اختصاص المحكمة.
وستند هذا القضاء الى ان رفع دعوى الإلغاء امام محكمة غير مختصة يعد تظلما إداريا، بل هو اكثر افصاحا عن رغبة الطاعن على تمسكه بحقه والمطالبة به.

ويشترط القضاء لترتيب اثر رفع الدعوى امام محكمة غير المختصة في قطع ميعاد الدعوى، ان ترفع دعوى الإلغاء – فعلا – امام محكمة غير مختصة ويستوي في ذلك ان تكون محكمة إدارية او مدنية او لجنة قضائية، وان ترفع الدعوى امام هذه المحكمة في ميعاد رفع دعوى الإلغاء.

كما يجب ان ترفع دعوى الإلغاء امام القضاء الإداري في ميعادها والذي يبدا في هذه الحالة من تاريخ اعلان صاحب الشأن بعدم اختصاص المحكمة التي راجعها أولا.

ويتعين – أيضا – ان الطلبات التي تتضمنها عريضة دعوى الالغاء هي الطلبات نفسها المقدمة الى المحكمة غير المختصة طبقا لقضاء مجلس الدولة الفرنسي، ويتفق موقف كل من مجلس الدولة المصري ومجلس شورى الدولة اللبناني مع موقف مجلس الدولة الفرنسي بهذا الشأن(13).

3- طلب المعونة القضائية: خلصت اجتهادات مجلس الدولة الفرنسي الى ان طلب المعونة القضائية يترتب عليه قطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء، اذا ما تم هذا الطلب ضمن الميعاد المقرر – قانونا – لرفع الدعوى(14)، ذلك ان مجرد تقديم هذا الطلب يكشف عن رغبة في الغاء القرار لاسيما وانه يقدم الى المحكمة المختصة فعلا بنظر دعوى الإلغاء. ويحرص المشرع في العديد من الدول على اعقاء دعوى الإلغاء من الرسوم القضائية او جعلها محدودة بالقياس الى الدعوى الأخرى، تشجيعا للافراد على مقاضاة الإدارة بسبب اعمالها غير المشروعة.

كما ان ترتيب الأثر السابق يتماشى مع روح العدالة ويحقق المساواة بين المواطنين القادرين على دفع الرسوم القضائية وغير القادرين على ذلك. واذا رفض طلب المعونة القضائية، فان ميعاد رفع الدعوى يبدا في السريان من تاريخ اعلان صاحب الشأن بقرار الرفض، اما في حالة القبول، فان طلب المعونة القضائية يعد بمنزلة قيام صاحب الشأن باجراء فعلي من إجراءات رفع الدعوى(15).

ويأخذ مجلس الدولة المصري – أيضا – بطلب المعونة القضائية كونه سببا كافيا لقطع ميعاد الدعوى، ويلاحظ ان القضاء المصري يقيس حالة طلب المعونة القضائية على حالة التظلم الإداري ومن ثم فانه رتب على الأول اثرا مماثلا للاثر المترتب على الثاني.وخلافا للنظام الفرنسي يبتدئ ميعاد رفع الدعوى في النظام المصري في السريان منذ تاريخ صدور قار قبول او رف طلب المعونة القضائية، باعتبار ان ((هذا القرار غالبا ما يصدر حضوريا في مواجهة الطاعن، وحتى اذا تخلف الطاعن عن الحضور، فان هذا القرار ليس ما يجب إعلانه اليه))(16).

الفرع الثالث
اثار انقضاء ميعاد رفع دعوى الإلغاء
ان فوات المواعيد هو من النظام العام، ولذلك لا يجوز للمحكمة ان تتجاهله، ويترتب على انقضاء ميعاد رفع دعوى الإلغاء ان يصبح القرار الإداري نهائيا ومحصنا تجاه أي طعن بعدم مشروعيته كما لو كان سليما(17).

ونظرا لهذه الاثار الشاذة، فقد استطاع القاء الإداري وضع بعض الحلول التي من شانها تخفيف حدة هذه الاثار وتطهير ميدان العمل الإداري من القرارات غير المشروعة التي تحصنت ضد الإلغاء.

وتتمثل هذه الحلول في:
1- انقضاء الميعاد المقرر قانونا لرفع دعوى الإلغاء، لا يحول دون قيام ذوي الشأن برفع دعوى التعويض ضد القرار الذي تحصن ما دام قد ترتب عليه ضرر اصابهم، فميدان التعويض يبقى مفتوحا لان دعوى التعويض تخضع لقواعد التقادم المسقط في القانون المدني.
2- يجوز لا صحاب الشأن الدفع بعدم مشروعية قرار تنظيمي (لائحي) انقضى ميعاد الطعن فيه بالالغاء يراد تطبيقه عليهم بمناسبة دعوى ما، علما بان الدفع بعدم المشروعية يمك ن اثارته امام جهتي القضاء، دون التقيد بميعاد معين، ذلك لان الدفوع لا تتقادم.

3- اذا انقضى ميعاد الطعن بإلغاء قرار اداري تنظيمي (لائحي) فان يجوز لا صحاب الشأن ان يستندوا الى عدم مشروعية ذلك القرار للطعن بالالغاء في القرارات الفردية التي تصدر تطبيقا له، ويقتصر القضاء في هذه الحالة على الغاء القرارات الفردية دون التعرض للقرار التنظيمي الذي تحصن بانقضاء ميعاد الطعن فيه.

4- القاعدة العامة ان القرار الإداري الفردي يصبح محصنا بفوات ميعاد الطعن ان هناك قرارات إدارية فردية مستمرة الأثر ومتجددة كقرار منع مواطن من السفر خارج البلاد، ولما كان تحصين مثل هذا القرار يلحق اضرارا كبيرة بالمواطن ويمثل مساسا خطيرا بحريته، فقد انتهى مجلس الدولة الفرنسي الى الاعتراف بحق الفرد في مثل هذه الحالة طلب رفع اسمه من قوائم المنع في كل مناسبة يريد السفر بها الى الخارج، وكل قرار يصدر برفض طلبه يعد قرارا إداريا جديدا يحق له الطعن فيه بالالغاء استقلالا.

5- في حالة تغير الظروف المادية او الأسباب الواقعية التي أدت الى اصدار القرار التنظيمي (او اللائحي) فان للافراد أصحاب الشأن ان يتقدموا بطلب الى الإدارة التي أصدرت القرار بطلب الغائه، فان رفضت الإدارة جاز لهم الطعن في قرر الرفض امام القضاء.

6- بالنسبة للقرارات المنعدمة، وهي القرارات التي تبلغ فيها عدم المشروعية درجة جسيمة بحيث تفقدتها واقعة كونها تصرفا قانونيا لتصبح عملا ماديا، فان انقضاء ميعاد الطعن فيها لا يجعلها محصنة تجاه رقابة القضاء، لانها لا ترتب أي اثر قانوني كما ان باستطاعة الافراد تجاهلها، كالقرارات التي تصدر عن فرد عادي ليس له اية صفة عامة، او تصدر عن سلطة إدارية في موضوع اختصاص السلطتين التشريعية او القضائية.
____________________
1- المادة من المرسوم 65/29 الصادر في 11/1/1965، ويلاحظ ان الميعاد يحسب بالشهور بغض النظر عن عدد أيام الشهر، ويضيف التشريع الفرنسي الى ميعاد الشهرين المذكور مواعيد المسافة التي تتراوح قصرا وطولا حسب مكان إقامة صاحب الشأن.
2- المادة (24) من قانون مجلس الدولة في مصر رقم (47) لسنة 1972.
3- تقضي الفقرة (و) من المادة (7/ثانيا) بانه يشترط قبل تقديم الطعن الى محكمة القضاء الإداري ان يتظلم صاحب الطعن لدى الجهة الإدارية المختصة التي عليها ان تبت بالتظلم وفقا للقانون خلال ثلاثين يوما من تاريخ تسجيل التظلم لديها وبخلاف ذلك تقوم محكمة القضاء الإداري بتسجيل الطعن لديها بعد استيفاء الرسم القانوني.
4- مع ملاحظة ان بدء سريان ميعاد رفع الدعوى بالنسبة للقرارات الفردية التي تمس أشخاصا غير الذي تتناولهم تلك القرارات – مثل القرارات المؤثرة على المراكز الوظيفية – تتفاوت بالنسبة لا صحاب الشأن، فيبدا سريان ميعاد رفع الدفع الدعوى بالنسبة لمن تناولهم القرار من تاريخ اعلانهم بالقرار، اما بالنسبة للأخرين من ذوي المصلحة، الذين لم يتناولهم القرار بالذكر، فان هذا الميعاد يبدا من تاريخ نشر القرار، وكذا الحال بالنسبة للقرارات الجماعية التي تتناول عددا كبيرا من الافراد، مثل حركة ترقيات في وزارة، حسبما انتهى اليه القضاء الإداري الفرنسي.
5- يرى (لوبادير) ان مجلس الدولة الفرنسي قد هجر نظرية العلم اليقيني، الا في حالة القرار الإداري الادر عن مجلس طعن احد الأعضاء به في ذلك القرار. وتعتبر الدعاوى التي يرفعها أعضاء المجالس ضد القرارات التي تتخذها تلك المجالس من اشهر تطبيقات العلم اليقيني، باعتبار ان عضويتهم فيها وحضورهم المناقشات والتصويت يجعلهم على علم مؤكد بها، ومن هذه التطبيقات أيضا تقديم تظلم ضد قرار اداري، حيث ان تقديم التظلم من القرار يقتضي العلم المؤكد به، او التقدم بطلب وقف تنفيذ القرار. د. فهد الدغيثر، رقابة القضاء على قرارات الإدارة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1988 ، ص181.
6- يستثنى من ذلك حالات القرار الذي لا يتخذ الا بناء على راي المجالس المحلية او أي هيئة جماعية أخرى، حيث يشترط لبدء سريان ميعاد رفع الدعوى اعلان صاحب الشأن صراحة بقرار الرفض. كما يلاحظ ان صدور قرار صريح بالرفض خلال الميعاد الذي تحدد بدء سريانه على ضوء القرار الضمني – سكوت الإدارة – يؤدي الى قطع سريان الميعاد القائم وبدء سريان ميعاد جديد. والعلة في الاختلاف بين الحكمين في كل من القضائين انه في القضاء الكامل لا تثار – في الغالب – مشروعية القرار الإداري، وانما تثار المسائل التي تتعلق بالحقوق الشخصية – المالية – للمدعي، وهذه الحقوق لا خوف عليها في حالة ابقائها على حالها فترة من الزمن، بينما يقتضي حسن سير العمل الإداري وصالح المدعي، في القضاء الإداري، حسم النزاع في اسرع وقت.
7- د. مصطفى كمال وصفي، اصو إجراءات القضاء الإداري، 1978 ، ص241 – 242.
8- قرار ديوان المظالم السعودي رقم (8)/28/1398 ه في القضية رقم (103)/من العام 1398ه، مجموعة المبادئ الشرعية والنظامية 1398/1399ه، ص480.
9- وتطبيقا لذلك لا يجوز لمن رفضت محكمة القضاء الإداري وقف مدة الطعن محل دعواه امامها بسبب قوة قاهرة لم تقتنع بها، ان يطعن بقرار هذه المحكمة امام المحكمة الاتحادية – في العراق – بوصفها محكمة تمييز الاحكام الصادرة عن محكمة القضاء الإداري. قبل التعديل الأخير لقانون مجلس شورى الدولة.
10- اصدر المشرع الفرنسي قوانين قضت بمد ميعاد دعوى الإلغاء الى عام 1946 بسبب الحرب العالمية الثانية، وكذلك في احداث 1968 التي شهدتها فرنسا، وخلال اضراب العاملين بالبريد Drago، op. cit، p. 926 auby et.
11- من ذلك ما نصت عليه المادة (4) من قانون رقم (37) لسنة 1953، من انه “يعتبر موقوفا لمدة سنة من تاريخ العمل بالقانون رقم (37) لسنة 1953 – الخاص بالمعادلات الدراسية – ميعاد الطعن في قرارات اللجان القضائية الصادرة بالاستناد الى قرارات مجلس الوزراء المشار اليه في المادة (4). د. ماجد راغب الحلو، المصدر السابق، ص324.
12- ويلاحظ انه اذا كان الجمع بين هذه الأسباب ممكنا فان تكرار احدها، من حيث المبدا، لا اثر له على سريان الميعاد.
13- محسن خليل، القضاء الإداري اللبناني ورقابته على اعمال الإدارة، ط2، 1968 ،ص376
14- debbasch et ricci، op. cit. p. 368.
15- فهد الدغيثر، رقابة القضاء على قرارات الإدارة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1988 ، ص193.
16- انظر في اجتهاد محكمة القضاء الإداري المصري بهذا الشأن، د. مصطفى أبو زيد فهمي، القضاء الإداري ومجلس الدولة، منشاة المعارف الإسكندرية، 1966 ، ص346 – 347.
17- ولا يمنع سقوط الحق في الطعن امام المحكمة لانقضاء ميعاد الطعن من مراجعة القضاء العادي للمطالبة بالتعويض عن الاضرار الناشئة عن المخالفة او الخرق للقانون.
انظر المادة (5/سابعا/ب) من قانون التعديل الخامس رقم (17) لسنة 2013 لقانون مجلس شورى الدولة.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت