أثر التعديلات الدستورية في مرحلة الربيع العربي على الحياة السياسية في الأردن

The impact of the constitutional amendments in the Arab Spring stage on the political life in Jordan

د. صالح عبد الرزاق فالح الخوالدة، باحث في الشؤون السياسية المملكة الأردنية الهاشمية.

مقال نشر في مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية العدد 11 الصفحة 11.

ABSTRACT

As a result of the Arab Spring revolutions and popular protests in Jordan, has been a substantial constitutional amendments on the Jordanian constitution, hence, this study aims to identify the constitutional amendments that have taken place on the Jordanian constitution in the Arab spring stage, the impact of the Arab Spring protest movements in Jordan to conduct constitutional amendments, and the impact of the Jordanian constitutional amendments in the Arab spring stage on the political life. The study concluded that the Arab Spring revolutions and popular protests in Jordan contributed to pay the political regime towards a constitutional amendment, and the Arab Spring revolutions and popular protests in Jordan positively reflected on the conduct of constitutional amendments in Jordan, and the constitutional amendments directly affected on the political life in Jordan and it contributed to the creation of new political institutions in the Jordanian political regime, including the constitutional Court and the independent Commission for election.

Key words: – Constitutional Amendments, Arab Spring, Political Reform, Jordanian Political Regime .

الملخص:
على أثر ثورات الربيع العربي والاحتجاجات الشعبية في الأردن, تم إجراء تعديلات دستورية كبيرة على الدستور الأردني, ومن هنا فإن هذه الدراسة تهدف إلى التعرف على التعديلات الدستورية التي طرأت على الدستور الأردني في مرحلة الربيع العربي, وأثر ثورات الربيع العربي والحركات الاحتجاجية في الأردن على إجراء تعديلات دستورية, وأثر التعديلات الدستورية الأردنية في مرحلة الربيع العربي على الحياة السياسية. وقد خلصت الدراسة إلى أن ثورات الربيع العربي والاحتجاجات الشعبية في الأردن ساهمت بدفع النظام السياسي نحو إجراء التعديلات الدستورية, وأن ثورات الربيع العربي والاحتجاجات الشعبية في الأردن انعكست بشكل إيجابي على إجراء التعديلات الدستورية في الأردن, وأن التعديلات الدستورية أثرت بشكل مباشر على الحياة السياسية في الأردن, وساهمت بإيجاد مؤسسات سياسية جديدة في النظام السياسي الأردني ومنها المحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للانتخاب.

الكلمات الدالة :- التعديلات الدستورية, الربيع العربي, الإصلاح السياسي, النظام السياسي الأردني.

مقدمة

على أثر موجة الاحتجاجات والمظاهرات التي شهدتها المنطقة العربية والتي سميت فيما يعرف بـ ” الربيع العربي”, والتي تطالب بالإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي, فقد شهد الأردن كغيره من دول المنطقة موجة من المظاهرات والاحتجاجات التي تطالب بمزيد من الإصلاح السياسي, وقد استجابت القيادة الأردنية مبكراً لهذه المطالبات.

وفي شهر آذار 2011م, وبتوجيه من الملك عبد الله الثاني ابن الحسين, شكلت الحكومة الأردنية لجنة الحوار الوطني والتي تكونت من حوالي خمسين عضواً ضمت معظم أطياف المجتمع الأردني, وكان هدفها إدارة حوار وطني في كافة أنحاء المجتمع الأردني من أجل صياغة الإصلاحات السياسية التي تتطلبها المرحلة وتناسب العمل السياسي الحديث والتي يطالب بها الشعب الأردني, والخروج بتوصيات واقتراحات لوضع قانون انتخاب جديد لمجلس النواب وقانون جديد للأحزاب السياسية وما يرتبط بهما من تعديلات دستورية ضرورية.

وفي 26 نيسان 2011م, صدرت الأوامر الملكية من الملك عبد الله الثاني ابن الحسين, بتشكيل لجنة ملكية برئاسة دولة السيد أحمد اللوزي لمراجعة نصوص الدستور الأردني والنظر في أي تعديلات دستورية ملائمة لحاضر ومستقبل الأردن.

وقد اجتمعت اللجنة الملكية وقامت بمراجعة نصوص الدستور الأردني, ومن ثم قدمت توصياتها إلى الملك عبد الله الثاني ابن الحسين, وقد أوعز الملك للحكومة بصياغة هذه التعديلات وتقديمها لمجلس الأمة ليتم إقرارها حسب الآليات المعتمدة في الدستور الأردني, وقد تم إقرار هذه التعديلات من قبل مجلس الأمة الأردني, وصدرت الإرادة الملكية بالتصديق والموافقة على هذه التعديلات الدستورية, وبذلك صدرت التعديلات الدستورية لسنة 2011م, وكذلك تم إجراء تعديلات دستورية على الدستور الأردني عام 2014م, وكذلك أيضاً تعديلات دستورية أخرى على الدستور الأردني عام 2016م .

هدف الدراسة :-

تهدف هذه الدراسة إلى التعرف على طبيعة التعديلات الدستورية التي طرأت على الدستور الأردني في مرحلة الربيع العربي, وكذلك التعرف على أثر ثورات الربيع العربي والحركات الاحتجاجية في الأردن على إجراء تعديلات دستورية جديدة في الأردن, والتعرف على أثر التعديلات الدستورية الأردنية في مرحلة الربيع العربي على الحياة السياسية وعلى السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية, وكذلك أثرها في استحداث مؤسسات سياسية جديدة في النظام السياسي الأردني.

مشكلة الدراسة وتساؤلاتها :-

تكمن مشكلة الدراسة في مرحلة ثورات الربيع العربي والاحتجاجات الشعبية في الأردن, والتي كان من بين أهم مطالبها إجراء تعديلات دستورية من أجل الإصلاح السياسي, الأمر الذي دفع النظام السياسي نحو إجراء تعديلات دستورية واسعة على الدستور الأردني خلال فترة الدراسة؛ ومن هنا جاءت هذه الدراسة من أجل الإجابة على الأسئلة التالية :-

ما أثر ثورات الربيع العربي والاحتجاجات الأردنية على إجراء التعديلات الدستورية ؟.

كيف أثرت التعديلات الدستورية الأردنية على الحياة السياسية في الأردن؟.

ما أثر التعديلات الدستورية الأردنية على عمل السلطة التشريعية ؟.

ما أثر التعديلات الدستورية الأردنية على عمل السلطة التنفيذية ؟.

ما أثر التعديلات الدستورية الأردنية على عمل السلطة القضائية ؟.

ما أثر التعديلات الدستورية الأردنية على استحداث مؤسسات سياسية جديدة في النظام السياسي ؟.

فرضيات الدراسة :-

تستند هذه الدراسة على الفرضيات التالية :-

أولاً :– هنالك علاقة ارتباطيه إيجابية بين ثورات الربيع العربي والاحتجاجات الشعبية في الأردن وبين إجراء التعديلات الدستورية في الأردن خلال فترة الدراسة.

ثانياً :- هنالك علاقة ارتباطيه إيجابية بين التعديلات الدستورية الأردنية وبين عمل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية خلال فترة الدراسة.

ثالثاً :- هنالك علاقة ارتباطيه إيجابية بين التعديلات الدستورية الأردنية وبين استحداث مؤسسات سياسية جديدة في النظام السياسي خلال فترة الدراسة.

منهج الدراسة :-

سيقوم الباحث باستخدام المنهج القانوني, حيث يُستخدم هذا المنهج في الدراسات السياسية, وذلك بوصفه للمؤسسات السياسية للدولة, ووصفه لحق التصويت وتحديده للشروط التي ينبغي توفرها في المرشح, والإجراءات الواجب إتباعها قانونياً في العملية الانتخابية, وتأثير ذلك في العملية السياسية سواء تعلق بالمشاركة السياسية أو تأثير ذلك في استقرار الدولة والنظام السياسي أو العكس,كما يفيد في معرفة مدى التزام القادة والنخب بالقواعد القانونية([1]).

وسيتم التعامل مع نصوص الدستور الأردني التي تم تعديلها خلال فترة الدراسة, وتناول كافة النصوص الدستورية المتعلقة بعمل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية , وكذلك المتعلقة باستحداث مؤسسات سياسية جديدة في النظام السياسي, وسيتم تحليل هذه النصوص الدستورية والتعليق عليها, وكذلك سيقوم الباحث في هذه الدراسة باستخدام المنهج الوصفي التحليلي؛ وذلك من أجل جمع كافة المعلومات المتعلقة بظاهرة التعديلات الدستورية في الأردن, وتحديد أهم مضامين التعديلات الدستورية وأثرها على الحياة السياسية خلال فترة الدراسة.

مصطلحات ومفاهيم الدراسة :-

الدستور :- يعتبر الدستور الوثيقة الأساسية للدولة, وهو مجموعة من القواعد القانونية التي تتعلق بتنظيم الحكم السياسي في الدولة, فالدستور يحدد شكل الدولة (بسيطة أم مركبة وشكل الحكم فيها (ملكياً أم جمهورياً), وشكل النظام (برلماني أم رئاسي أم شبه رئاسي … الخ), كما أنه يحدد كيفية توزيع الاختصاصات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وطرق الوصول إلى الحكم([2]). وتتم الأساليب الديمقراطية لنشأة الدساتير بإحدى طريقتين : الجمعية التأسيسية المنتخبة والاستفتاء الدستوري, وتقسم الدساتير إلى دساتير مدونة ودساتير غير مدونة, وإلى دساتير مرنة ودساتير جامدة([3]). ويرى وير (wheare) أن هناك معنيين لمصطلح الدستور, الأول هو المؤسسات السياسية الأساسية للدولة, والثاني هو الوثيقة المكتوبة التي تُعرِّف المؤسسات السياسية الأساسية في الدولة وحقوق المواطنين([4]).

وفي هذه الدراسة سيتم تناول التعديلات الدستورية التي طرأت على الدستور الأردني لسنة1952م وتعديلاته خلال فترة الربيع العربي (2011-2017م).

الربيع العربي :- هي التسمية التي أطلقت على موجة الاحتجاجات والمظاهرات والاضطرابات التي عمت العديد من الدول العربية مع نهاية عام 2010م وبداية عام 2011م, وكانت تدعو إلى مزيد من الديمقراطية والحرية والتعددية السياسية وتحقيق العدالة الاجتماعية, وكانت في بدايتها سلمية وبدون عنف في تونس وفي مصر واليمن, ونتج عنها تغيير النظام السياسي القائم, ثم أصبحت أكثر عنفاً كما في ليبيا وسوريا, ونتج عنها تغيير النظام السياسي في ليبيا, ومازالت المعارضة السورية المسلحة تحارب النظام وتطالب بإسقاطه, وكذلك تطورت الأمور في اليمن وتحولت إلى حرب أهلية بين الحكومة وبعض قوى المعارضة المتحالفة مع الرئيس السابق, وما زالت مستمرة, وهناك مظاهرات ودعوات من أجل المزيد من الإصلاحات السياسية في عمان والأردن والمغرب والبحرين.

الدراسات السابقة :-

هناك عدد من الدراسات التي تناولت الإصلاحات السياسية في الأردن في مرحلة الربيع العربي, وكذلك تناولت أهم هذه الإصلاحات والتي تمثلت بإجراء التعديلات الدستورية والتي نتج عنها, إنشاء مؤسسات دستورية جديدة في النظام السياسي وتغيير العلاقة بين كافة السلطات في النظام السياسي, ومن هذه الدراسات :-

دراسة ” الربيع العربي : حالة الأردن “([5]), وقد بينت الدراسة على أنه على عكس الربيع العربي الذي اجتاح الكثير من دول المنطقة العربية، فالربيع الأردني هو محدود في مداه وفي نهاياته, فحركات الاحتجاج لم تكن عنيفة حيث كانت المطالب تنصب على فكرة إصلاح النظام وليس إسقاطه, وتبحث هذه الدراسة في تاريخ ديناميكية علاقة الدولة بالمجتمع، وتصف هذه الدراسة تاريخ العلاقة بين الدولة الحديثة والمجتمع التي مكنت النظام في الأردن من ترتيب العلاقة بشكل يساعدها على التصدي للتحديات الداخلية والخارجية, وتحاول هذه الدراسة تقييم الجهود التي بذلت من قبل الدولة والمجتمع للتوصل إلى وضع مربح للطرفين, فالربيع الأردني وفر فرصة لتقديم حزمة الإصلاحات المنتظرة بشكل جنب البلد حالة من عدم الاستقرار هيمنت في مناطق أخرى من الإقليم, وتوصلت الدراسة إلى أن النظام في الأردن قام ببعض الخطوات من أجل الإصلاح مع أن هناك الكثير الذي يجب أن يقدم حتى ينتهي الربيع الأردني بسلام.

ودراسة ” أثر التعديلات الدستورية لعام 2011م على السلطات العامة في الأردن “([6]), وقد تناولت هذه الدراسة التعديلات الدستورية لعام 2011م من حيث ماهيتها وأثرها على السلطات العامة في الأردن، وقد هدفت هذه الدراسة إلى بيان التعديلات التي أدخلها المشرع الدستوري على أحكام السلطة التنفيذية, وأهمها تحديد حالات الضرورة الموجبة لإصدار القوانين المؤقتة على سبيل الحصر, كما تناولت هذه الدراسة التعديلات الدستورية المتعلقة بالسلطة التشريعية والمتمثلة في إنشاء هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات، وتوفير ضمانات إضافية لحل البرلمان؛ تتمثل في وجوب استقالة الحكومة التي تنسب بحل مجلس النواب خلال أسبوع من تاريخ الحل، وإلغاء التأجيل العام للانتخابات التشريعية, أما بخصوص السلطة القضائية، فقد بينت هذه الدراسة التعديلات الدستورية ذات الصلة والتي هدفت إلى تعزير استقلال القضاء؛ وذلك من خلال إنشاء المجلس القضائي بقانون، وٕإنشاء محكمة دستورية للرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة, وعلى الرغم من أن التعديلات الدستورية الأخيرة قد سعت إلى تحقيق التوازن بين السلطات الثلاث في الأردن، إلا أنه مازال هناك مظاهر هيمنة للسلطة التنفيذية على السلطة التشريعية، وهو ما يستدعي تعديلات أخرى على الدستور الأردني في المستقبل.

ودراسة ” الحركات الاحتجاجية في الأردن: دراسة في المطالب والاستجابة ” ([7]), وقد تناولت الدراسة الحركات الاحتجاجية في الأردن, وآليات ووسائل التعبير لديها, وتناولت هذه الحركات من حيث المكون الاجتماعي وتصنيفها وخصائصها, ثم بينت الدراسة أهم مطالب الحركات الاحتجاجية في الأردن, ومدى استجابة النظام السياسي لمطالب الحركات الاحتجاجية, وبيان أهم الاستجابات التي تحققت من قبل النظام السياسي لمطالب الحركات الاحتجاجية, وتوصلت الدراسة إلى أن الحكومات استطاعت أن تستوعب مطالب الحركات الاحتجاجية من خلال الاستجابات المتفاوتة, وكذلك فإن التأثيرات الخارجية شكلت عوامل مؤثرة في تحديد مدى استجابة الحكومة لمطالب الحركات الاحتجاجية.

ودراسة ” أثر التعديلات الدستورية في عام 2011م على مسيرة الإصلاح في الأردن “ ([8]), وقد تناولت الدراسة التعديلات الدستورية لعام 2011م وأثرها على الإصلاح السياسي في الأردن, حيث تناولت الدراسة التعديلات الدستورية الخاصة بالسلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية, ثم تناولت أهم التعديلات ومنها استحداث المحكمة الدستورية, وتناولت الدراسة مسيرة الإصلاحات في الأردن بعد التعديلات الدستورية؛ ومنها قانون الانتخاب وقانون الهيئة المستقلة للانتخاب وقانون الأحزاب السياسية, كما تناولت الدراسة الإصلاح الاقتصادي المتمثل بهيكلة الرواتب ومكافحة الفاسد, وقد توصلت الدراسة إلى أن استحداث المحكمة الدستورية خطوة مهمة وتاريخية, وأن إنشاء الهيئة المستقلة للانتخاب هو لضمان نزاهة وشفافية الانتخابات, وأوصت الدراسة بتمديد مدة الدورة العادة لمجلس النواب إلى ثمانية شهور بدلاً من ستة, وإعطاء الحق للمحكمة التي تنظر بالدعوى الحق في مخاطبة المحكمة الدستورية لبيان مدى دستورية القوانين والأنظمة المراد تطبيقها في الدعوى المنظورة أمامها, وتقديم الدعم المالي والمعنوي للأحزاب السياسية, والاستمرار في مكافحة الفساد.

ودراسة ” التعديلات الدستورية 2011 وأثرها في تنمية الحياة السياسية الأردنية” ([9]), وقد هدفت هذه الدراسة إلى بيان التعديلات الدستورية لعام 2011م وأثرها في تنمية الحياة السياسية الأردنية، والتعرف على مطالب الشارع الأردني, ومدى تحقيق التعديلات الدستورية للتوازن بين السلطات, وأثر التعديلات الدستورية لمنظومة الإصلاح السياسي في الأردن. وقد توصلت الدراسة إلى أن التعديلات الدستورية لعام 2011م أزالت كثيراً من التشوهات السابقة التي أحدثتها التعديلات الدستورية السابقة, وأضافت على مواده ما يعزز الحقوق والحريات مثل حصر صلاحيات محكمة أمن الدولة, وإحالة الطعون الانتخابية للقضاء بدلاً من البرلمان وغيرها, وأن التعديلات الدستورية عالجت القضايا المتصلة بالحياة السياسية بشكل ايجابي, وساهمت في تعزيز مساحة الحريات العامة بشكل ايجابي, وأن إقرار قانون المحكمة الدستورية ومجموعة قوانين الإصلاح السياسي مهد الطريق لمرحلة جديدة في النظام السياسي الأردني, وهو ما يثمل بناء سياسي وينعكس بشكل ايجابي على تطور التنمية السياسية في الأردن, وأن التعديلات الدستورية جاءت تحقيقاً لمطالب الحراك السياسي العام الاجتماعي والاقتصادي في الأردن, وانعكاس لما حدث من ثورات الربيع العربي في الدول العربية الأخرى. وأوصت الدراسة بتقليص المسافة بين المطالب الشعبية والحكومة من خلال معالجة تحديات تواجه التنمية السياسية؛ مثل الفساد وتطبيق حكم القانون, وعدم تدخل الأجهزة الأمنية في النواحي غير الأمنية للحياة السياسية في البلاد, وضرورة متابعة هذه التعديلات بعملية إصلاحية أكثر شمولاً ودستورية وأهمية من خلال تقديم رؤية سياسية واقتصادية أوسع لمستقبل الأردن, ومواصلة تعزيز الحريات المدنية وتحريم انتهاك الحقوق والحريات العامة.

ودراسة ” أثر الحِراك المجتمعي على عمليّة الإصلاح في الأردن2010 – 2014م”([10]), وهدفت الدراسة إلى تقييم الإصلاحات التي أُجريت في مختلف المجالات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، وقياس أثرها على عمليّة الإصلاح في الأردن, كما ناقشت العوامل والظروف الداخليّة، التي أدّت إلى ظهور الحراك المجتمعي، بالإضافة إلى الظروف الخارجيّة المتعلّقة بأحداث الربيع العربي، وخلُصت الدراسة إلى أنّ تحقيق الإصلاح المتكامل يتطلّب إجراء المزيد من التعديلات الدستوريّة، وتطوير منظومة القوانين والتشريعات الناظمة لعمليّة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي, وأوصت الدراسة بتعديل عدد من مواد الدستور؛ بهدف تطوير آليّة تشكيل الحكومات، وتعزيز الفصل بين السلطات، وتطوير الأداء الرقابي والتشريعي لمجلس النوّاب، وتعزيز استقلاليّة القضاء, كما دعت إلى ضرورة تعديل العديد من القوانين والتشريعات الناظمة لعمليّة الإصلاح السياسي، وفي مقدّمتها قانون الانتخاب؛ وذلك بإلغاء نظام الصوت الواحد، واستبداله بنظام القائمة النسبيّة المفتوحة, وأوصت الدراسة بتغيير شكل النظام الاقتصادي المتبع، وإتّباع آليّات أكثر فاعليّة في ضبط الإنفاق، ومكافحة الفساد، وتطبيق مبدأ سيادة القانون، وتحقيق تكافؤ الفرص، وتفعيل وسائل التنشئة الاجتماعيّة؛ من أجل تحفيز المواطنين على مشاركة أكثر إيجابيّة في الحياة العامّة.

ودراسة ” الإصلاحات الدستورية في الأردن: تحليل دقيق “([11]), وقد هدفت الدراسة إلى إلقاء الضوء على تجربة الإصلاح الدستوري في الأردن في ظل الربيع العربي، وتحليل أبرز التعديلات الدستورية الأخيرة، والتعرف على أهم معالم هذه التعديلات ونقاط القوة والضعف فيها، وردود الفعل المؤيدة والمعارضة لهذه التعديلات, وبينت الدراسة أن التعديلات الدستورية خطوة هامة باتجاه تطور وتعزيز المسيرة الديمقراطية بما ينعكس إيجاباً على المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأنّ التعديلات الدستورية فيها الكثير من الإيجابيات، ويمكن القول أن التعديلات السابقة قد وضعت حداً لبعض مظاهر هيمنة السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية، وإعادة نوعاً من التوازن المفقود بين السلطات الثلاث، إلا أن هذه التعديلات بقيت منقوصة ولم تؤدِّ إلى القضاء كلياً على كافة مظاهر تغوّل أو هيمنة السلطة التنفيذية على السلطات الأخرى، لاسيما السلطة التشريعية.كما بينت أن هذه التعديلات الدستورية قد جاءت نتيجة الربيع العربي والحراك الشعبي الأردني المطالب بإصلاحات سياسية وتعديلات دستورية جوهرية تعيد السلطة إلى الشعب، وأوصت الدراسة باحترام أحكام الدستور والالتزام بها من قبل السلطات الثلاث ووقف العبث بالدستور، واعتبار الإصلاح الدستوري هو المدخل الحقيقي والأساسي للإصلاح السياسي وكافة أنواع الإصلاح الأخرى، وأوصت الدراسة بالعمل على تعزيز استقلال ونزاهة القضاء وتطوير آليّات تطبيق القوانين، وتفعيل دور السلطة التشريعية في الإصلاح الدستوري المنشود, ووقف هيمنة السلطة التنفيذية وتغولها على بقية السلطات في البلاد, وإعادة النظر بالقوانين الناظمة للعمل السياسي، وفي مقدمتها قوانين الانتخاب والأحزاب السياسية والاجتماعات العامة والمطبوعات والنشر.

ودراسة ” أثر التعديلات الدستورية على ضمانات استقلال عضو مجلس النواب في التشريع الأردني “)[12](, وتهدف هذه الدراسة إلى التعرف على أثر التعديلات الدستورية على ضمانات استقلال عضو مجلس النواب في التشريع الأردني, وتناولت الدراسة ضمانات تتعلق بعضوية النائب في مجلس النواب، والضمانات المتعلقة بالحصانة البرلمانية, وكذلك تهدف الدراسة إلى إظهار نطاق وفعالية وأهمية هذه الضمانات على استقلال النائب, وقد توصلت الدراسة إلى أن أهم الضمانات المتعلقة بصحة عضوية النائب, أنه أصبح القضاء هو صاحب الاختصاص في الحكم على صحة أعضاء مجلس النواب دون أي تأثير من قبل السلطة التنفيذية, وأن من أهم ضمانات النائب حرية التعبير والرأي داخل مجلس النواب, وعدم محاكمته جنائيا على الجرائم التي يرتكبها خارج نطاق العمل البرلماني إلا بعد الحصول على موافقة مجلس النواب.

وبعد الإطلاع على هذه الدراسات والأبحاث, نلاحظ أنها تناولت في غالبيتها الإصلاح السياسي في الأردن خلال مرحلة الربيع العربي, وتناولت في جزء منها التعديلات الدستورية كإحدى أهم الإصلاحات السياسية في الأردن, دون الخوض في تفاصيل وإجراءات تشكيل لجنة التعديلات الدستورية ومضمون التعديلات الدستورية, وستضيف هذه الدراسة إلى الدراسات السابقة البحث بشكل تفصيلي في التعديلات الدستورية لعام 2011م, وكيفية تشكيل لجنة التعديلات الدستورية ومضامين التعديلات الدستورية, كما ستضيف الدراسة البحث في التعديلات الدستورية لعام 2014م والتعديلات الدستورية لعام 2016م.

تقسيم الدراسة :- سوف يتم تقسيم هذه الدراسة إلى ثلاثة مباحث :-

المبحث الأول:- الربيع العربي والحراك الشعبي الأردني.

المبحث الثاني :- التعديلات الدستورية الأردنية في مرحلة الربيع العربي.

المبحث الثالث:-أثر التعديلات الدستورية في مرحلة الربيع العربي على الحياة السياسية في الأردن.

الخاتمة :- نتائج وتوصيات الدراسة.

المبحث الأول :- الربيع العربي والحراك الشعبي الأردني :-

إن ظاهرة الاحتجاجات عابرة لمختلف النظم السياسية, فهي موجودة في النظم الديمقراطية وغير الديمقراطية, ولكنها في الأولى عادة ما تؤدي إلى تطوير النظام ولفت انتباهه إلى ثغر ومظالم اجتماعية أو تهميش سياسي يؤدي إلى تحسين أدائه وأحياناً تجديد نخبته. أما في الثانية فإنها تكرس, وربما تعمق أزماته, لأنه عادة ما يعجز عن الاستجابة لمطالب المحتجين السياسية, وقد يستجيب لجانب من المطالب الاجتماعية عن طريق تغييرات في بنية العلاقة بين النظام والمحتجين, ويعمل على التحايل عليها, فهو يلبي جانباً, ويرفض جوانب كثيرة بصورة لا تجعله في كل الأحوال قادراً على الاستفادة منها من أجل التطور الديمقراطي والانفتاح السياسي([13]).

وقد بدأت مرحلة الربيع العربي بالتحديد بتاريخ 17 كانون الأول 2010م في مدينة سيدي بوزيد في جنوب تونس، عندما أقدم الشاب محمد بوعزيزي على إضرام النار في جسده؛ تعبيراً عن غضبه على بطالته ومصادرة العربة التي يبيع عليها الخضار لمساعدة أسرته على مواجهة الظروف المعيشية الصعبة، وبعد تلك الحادثة، اشتعلت الاحتجاجات والمظاهرات العارمة في تونس، حتى هرب الرئيس التونسي زين العابدين إلى المنفى، ومع نجاح الثورة التونسية، بدا أن المنطقة العربية مقبلة على أمر لم يكن متوقعاً من كل مراكز الرصد والدراسات، فأخذت المنطقة تمور بثورات شعبية من شرقها إلى غربها، كانت مصر محطتها الثانية, وبعد نجاح ثورتي مصر وتونس استمرت وامتدت موجات الاحتجاج إلى جميع أنحاء الوطن العربي، حيث انتقلت الاحتجاجات إلى ليبيا واليمن والجزائر والأردن والكويت وعُمان والسعودية وسوريا والعراق، ولا تزال الاحتجاجات في معظم تلك البلدان، وتطورت في بعضها إلى حرب أهلية كما حدث في كل من ليبيا واليمن وسوريا، وقد أُصطلح على تسمية هذه التحولات التاريخية التي شهدها العالم العربي( ثورات الربيع العربي)([14]).

ويرى بعض الباحثين بأن ثورات الربيع العربي هي مجموعة من الحركات الاحتجاجية التي اجتاحت بعض الدول العربية؛ في إطار التعبير عن رفض الأنظمة السياسية القائمة كما في (تونس ومصر وليبيا واليمن و سوريا والعراق..), والتي أدى بعضها إلى الإطاحة المفاجئة والجذرية في الهياكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية القائمة([15]).

الحركات الاحتجاجية والشعبية في الأردن :-

يرى البعض أن الحركات الاحتجاجية في الأردن على أنها مجموعات من الأفراد ذات توجهات اجتماعية وسياسية وثقافية معينة:(عمالية, ونقابية, وحزبية, وعشائرية, ومستقلة), تؤدي دوراً في المجتمع في بناء وصياغة فلسفة سياسية واجتماعية واقتصادية, من خلال ممارسة ضغوطات مطلبيه على دوائر صنع القرار الأردني تحقق واقعاً من الحوار والمشاركة الفعالة بين مختلف عناصر النظام السياسي في إيجاد حلول لمشاكل المجتمع([16]).

ويرى آخرون أن الاحتجاجات هي ما يشهده الشارع الأردني من حراكات شعبية، تتمثل بالاعتصامات والإضرابات والمسيرات والمهرجانات الخطابية وغيرها من أشكال الاحتجاج الأخرى؛ بهدف الضغط على الحكومات المتعاقبة لتنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية وإدارية …الخ، للوصول إلى التغيير المنشود في المجتمع الأردني([17]).

ومع هذه المعطيات السياسية الجديدة وجدت مجموعة من الشباب الأردني الفرصة سانحة للقيام باستنساخ الأحداث ومحاولة إسقاط الحال في الدول العربية الشقيقة على الواقع الأردني، حيث كانت في بدايتها فعاليات مساندة ومؤيدة لما يحدث في بلاد الربيع العربي قبل الالتفات إلى الحالة الأردنية؛ وهو ما أدى لاحقاً إلى تشكيل ما سمي بالحراكات, والتي تشكلت من مجموعات من الشباب الأردني المتحمس ولكن بدوافع مختلفة ومتفرقة([18]).

وبدأت المسيرات الفعلية في الأردن بصورة محدودة في السابع من كانون الثاني 2011م، في لواء ذيبان بمحافظة مادبا المحاذية للعاصمة عمّان، من خلال مئات من الشبان الذين يطالبون بتحسين الظروف المعيشية والأوضاع الاقتصادية لأهالي اللواء ([19]).

وهنالك تمايزاً من حيث آليات وسائل التعبير لدى الحركات الاحتجاجية تتمثل بالاعتصام والوقفة الاحتجاجية والمبادرات والإضرابات, حيث تراوح عددها في عام 2011م حول أربعة آلاف فاعلية احتجاجية مختلفة, وزاد عددها في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2012م إلى (1318) فاعلية ضمت جميع الحركات الأردنية, وحصل تطور في شهر تشرين الثاني 2012م على الحركات الاحتجاجية حيث صاحبها عنف وتخريب لممتلكات عامة, وبخاصة في العديد من المدن الأردنية كرد فعل على قرار الحكومة القاضي بتحرير أسعار المشتقات النفطية ورفع الدعم الحكومي عنها بالكامل([20]).

وبالرغم من أن الاحتجاجات والمطالبة بالتغيير في الأردن تزامنت مع تلك التي حدثت في كل من تونس ومصر، إلا أن سقف المطالبات في الأردن، يبدو أقل من تلك التي حصلت في تونس ومصر وليبيا واليمن، وتحصل الآن في سوريا؛ وربما يعود السبب في هذا الاختلاف إلى أن هناك توافقاً حالياً بين الأحزاب السياسية والحركات الجديدة على ” المظلة الملكية ” للحكم، وعلى عدم السعي إلى تغيير هذا النظام، بقدر ما تكرّست إلى الآن الصورة الحالية من المطالب في صيغة ” إصلاح النظام “([21]).

وما يميز مرحلة الربيع الأردني أنها لم تسلك طابع العنف الذي صبغ انتفاضات الربيع العربي في مصر وسورية واليمن والبحرين وليبيا, لقد كان الطابع العام لهذه التظاهرات سلمياً, إذ تركز المطالب فيها على الإسراع بوتيرة الإصلاح وتعميق الدمقرطة والشفافية, مؤكدة بذلك أهمية الحوار والنقاش في إدارة الصراع ([22]).

وقد تفاعلت جماعة الإخوان المسلمين مع تلك الاحتجاجات الشعبية الداخلية، ومع لحظة الربيع العربي، عبر تقديم مطالب إصلاحية غير تقليدية، تهدف، عمليًا، إلى إعادة تشكيل قواعد ” اللعبة السياسية “، بتحجيم سلطات الملك الدستورية، وتقييدها في حل مجلس النواب، وفي إصدار الحكومات لقوانين مؤقتة، ومنح مجلس النواب قوة دستورية أكبر، وزيادة من مستوى تحصينه من الحل، والمطالبة بانتخاب مجلس الأعيان، ووضع نص في الدستور يفرض على الملك اختيار رئيس الوزراء من حزب الأغلبية، وسحب سلطة اختيار قضاة المحكمة الدستورية الجديدة من الملك, ولم يشارك الإخوان في لجان الحوار الوطني والتعديلات الدستورية, ولم يقبلوا بمخرجاتها، ولا بالتعديلات الدستورية، وقاطعوا الانتخابات النيابية في العام2013م([23]).

ولم يلجأ النظام السياسي في الأردن إلى القمع، واستخدام القوة العسكرية كما هو الحال في دول الربيع العربي، وقد أثمرت تلك الاحتجاجات عن إجراء بعض الإصلاحات السياسية والاقتصادية، ولكنها من وجهة نظر المعارضة السياسية والحراك الشعبي والشبابي إصلاحات شكلية غير كافية؛ حيث يطالب المحتجين بإجراء إصلاحات دستورية جوهرية تسهم في تخلي الملك عن بعض صلاحياته وتفويضها للحكومة، وإعادة النظر ببعض القوانين الناظمة للحياة السياسية وفي مقدمتها قوانين الانتخاب والأحزاب السياسية، وكذلك إعادة النظر بالنهج الاقتصادي بما يسهم في تخفيض نسب الفقر والبطالة، وإيقاف غلاء الأسعار، ومكافحة الفساد([24]).

ويرى بعض الباحثين أن أسباب نشأة الحراكات والحركات الاحتجاجية في الأردن, يعود لمجموعة من الأسباب, تتمثل بما يلي([25]) :-

أ- الأسباب السياسية:- وتتمثل بما يلي:- تعثر وبطء مسيرة الإصلاح في البلاد, وتراجع المسيرة الديمقراطية في الأردن, والتزوير الذي حصل في الانتخابات البرلمانية في أعوام 2007, و2010م, ونقص الحريات وعدم احترام حقوق الإنسان, وفشل الأحزاب السياسية في الأردن, وانتقال الربيع العربي إلى البلاد الأردنية.

ب :- الأسباب الاقتصادية:- وتتمثل بما يلي :- الخصخصة، ونهب مقدرات البلد, والفساد الاقتصادي، وسوء توزيع عوائد التنمية, وغياب التنمية الاقتصادية، وانتشار الفقر والبطالة.

ج :- الأسباب الاجتماعية:- وتتمثل بما يلي :– غياب العدالة والمساواة, والتهميش والحرمان والإقصاء, والفساد الأخلاقي وتدهور القيم.

ويمكن حصر المطالب الرئيسية للحركات الاحتجاجية بما يلي :-

-تحقيق الإصلاح الاقتصادي من خلال معالجة التشوهات والاختلالات في النظام الاقتصادي (معالجة مشكلتي الفقر والبطالة, وخفض الأسعار وبشكل خاص أسعار المشتقات النفطية, ومعالجة عجز المديونية الخارجية ومراجعة السياسات الاقتصادية).
-تحقيق الإصلاح السياسي من خلال تخفيف القيود المفروضة على حرية التعبير, والمشاركة السياسية, وتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني في الحياة السياسية, وتعديل القوانين السياسية المقيدة للعمل السياسي (كقانون الأحزاب السياسية, وقانون الانتخاب للصوت الواحد, وقانون المطبوعات والنشر), وإجراء انتخابات برلمانية نزيهة ورفع القبضة الأمنية عن الحياة السياسية.
-إصلاح نظام الحكم من خلال الدعوة إلى قيام ملكية دستورية بإنشاء حكومة برلمانية منتخبة لها الولاية العامة, وإجراء تعديلات دستورية تعزز من دور الشعب في الحكم وتضمن حقوقه.
-تعزيز مؤشرات الحكم الصالح من خلال : مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين, والمساءلة والشفافية.
-تركيز مطالب الحركات الاحتجاجية العمالية والمهنية على تحسين ظروف العمل للعمال في القطاعات المختلفة, وإنشاء نقابات خاصة تدافع عن مصالحهم وحقوقهم, على غرار اعتصام المعلمين للمطالبة بنقابة خاصة بهم, وتحسين أوضاع المتقاعدين.
-تركيز المطالبة القبلية العشائرية والمطالب الجغرافية على تحسين الأوضاع الخاصة بهم, مثل إشكالية توزيع أراضي الواجهات العشائرية.
-انتقال الحركات من مطالبها الشعبية الإصلاحية إلى مطالب خارجية مناهضة للتوجهات الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة (كالدعوة إلى إلغاء اتفاقية وادي عربة لعام 1994م, وإطلاق سراح الأسرى الأردنيين في السجون الإسرائيلية, والتظاهر أمام السفارة الإسرائيلية احتجاجاً على ممارستها تجاه الفلسطينيين, والاحتجاج دعماً للشعب السوري ضد نظامه) ([26]).

وقد استجابت الحكومة لبعض المطالب التي نادى بها المحتجون، وكانت هذه الاستجابة بتدخّل وتوجيه مباشر من الملك، حيث أُقيلت حكومة الرفاعي، وكلّف البخيت بتشكيل حكومة جيدة، وتمّ تشكيل اللجنة الوطنية للحوار، واللجنة الملكية لتعديل الدستور، وتمت هيكلة رواتب جميع العاملين في الدولة، وأنجزت حكومة البخيت التعديلات الدستورية، وأحالت بعض قضايا الفساد إلى المحاكم المختصة، وتم تغيير موقع إقامة الكلية العسكرية في غابات برقش بحيث تم تجنب قطع العديد من الأشجار التي كان من الممكن قطعها لو تمّ إقامة الكلية في الموقع الذي كان مقرراً لها، كما تم إنشاء نقابة للمعلمين، وإصدار عفو عام عن المحكومين، وإغلاق العديد من الملاهي والنوادي الليلية في مدينتي عمان والعقبة، إلا أن كل ما تقدّم لم يُرضِ المحتجين، مما حدا بالملك إلى إقالة حكومة البخيت الثانية مساء يوم الاثنين17 تشرين الأول 2011م([27]).

وبشكل عام يمكن القول أن النظام السياسي الأردني تفاعل مع ثورات الربيع العربي, واتسم بالمرونة في التعامل مطالب الاحتجاجات الشعبية, وبدأ بإجراء حزمة من الإصلاحات السياسية من خلال تشكيل لجنة للحوار الوطني ضمت ممثلين من كافة أطياف المجتمع الأردني؛ وذلك لإدارة حوار وطني حول قانون الانتخاب لمجلس النواب, وقانون الأحزاب السياسية وما يرتبط لهما من تعديلات دستورية, وكذلك تشكيل لجنة ملكية لمراجعة نصوص الدستور الأردني, وتقديم توصياتها بالتعديلات الدستورية المقترحة التي تتناسب مع الوضع السياسي وبما يحقق المزيد من الإصلاح السياسي.

المبحث الثاني :- التعديلات الدستورية الأردنية في مرحلة الربيع العربي:-

في هذا المبحث سيتم تناول تشكيل اللجنة الملكية المكلفة بالنظر في نصوص الدستور, ثم التوصيات التي قدمتها بخصوص التعديلات المقترحة, ثم مضمون التعديلات الدستورية خلال مرحلة الربيع العربي (2011-2017م).

المطلب الأول :- تشكيل اللجنة الملكية لمراجعة نصوص الدستور الأردني :-

في 26 نيسان 2011م, صدرت الأوامر الملكية من الملك عبد الله الثاني ابن الحسين بتشكيل لجنة ملكية برئاسة دولة السيد أحمد اللوزي لمراجعة نصوص الدستور الأردني والنظر في أي تعديلات دستورية ملائمة لحاضر ومستقبل الأردن. حيث وجه الملك عبد الله الثاني ابن الحسين, رسالة ملكية إلى دولة السيد أحمد اللوزي يعهد إليه فيها برئاسة لجنة ملكية مكلفة بمراجعة نصوص الدستور الأردني والنظر في أي تعديلات دستورية ملائمة لحاضر ومستقبل الأردن, وقد جاء فيها([28]) :- ” … وعليه، فإنني أعهد إلى شخصكم الكريم برئاسة لجنة ملكية تتولى مراجعة التعديلات الدستورية الضرورية، تتكون ممن يشهد لهم شعبنا الأبي بالخبرة والممارسة في التشريع والعمل الدستوري والسياسي، ومن القادرين على توفير مصدر ثقة واطمئنان للشعب بأن دستور الوطن يتم بحثه من قبل نخبة قادرة وأمينة.

أما الإطار العام لمهمة هذه اللجنة، فهو العمل على كل ما من شأنه النهوض بالحياة السياسية في السياق الدستوري، على أن تأخذ بالاعتبار ما سيصدر عن لجنة الحوار الوطني من توصيات متعلقة بالتعديلات الدستورية المرتبطة بقانوني الانتخاب والأحزاب, ونؤكد هنا أن غايتنا من ذلك كله هو ترسيخ التوازن بين السلطات، والارتقاء بالأداء السياسي الحزبي والنيابي وصولاً إلى صيغة دستورية تمكن مجلس الأمة من القيام بدوره التشريعي والرقابي بكفاءة واستقلالية، بالإضافة إلى تكريس القضاء حكماً مستقلاً بين مختلف السلطات والهيئات والأطراف، وأن يظل مرفقا مكتمل البناء في جميع درجات التقاضي وأشكاله.

وقد استقر رأينا على اختيار الذوات التالية أسماؤهم أعضاء في اللجنة الملكية المكلفة بمراجعة نصوص الدستور، للنظر في أي تعديلات دستورية ملائمة لحاضر ومستقبل الأردن العزيز، وهم: دولة السيد أحمد اللوزي : رئيساً, دولة السيد طاهر المصري(رئيس مجلس الأعيان), دولة السيد فيصل الفايز(رئيس مجلس النواب), دولة الدكتور فايز الطراونة, معالي السيد راتب الوزني(رئيس المجلس القضائي), معالي السيد رجائي المعشر, معالي الدكتور سعيد التل, معالي السيد طاهر حكمت, معالي السيد مروان دودين, معالي السيد رياض الشكعة: أعضاء).

المطلب الثاني:- توصيات اللجنة الملكية المكلفة بمراجعة نصوص الدستور:-

وقد تسلم الملك عبدالله الثاني يوم الأحد الموافق 14/8/2011م, التوصيات المتعلقة بالتعديلات المقترحة على الدستور التي وضعتها اللجنة الملكية المكلفة بمراجعة نصوص الدستور والتي شكلها في شهر نيسان الماضي, وجاء في كلمة الملك التي ألقاها في باحة قصر رغدان، بحضور سمو الأمير الحسين ابن عبدالله الثاني ولي العهد وعدد من أصحاب السمو الأمراء، ورؤساء وأعضاء السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين، والهيئات الدبلوماسية، وفعاليات سياسية ونقابية وحزبية وإعلامية([29]):- “… وبعد، فإن المعروض أمامكم اليوم من توصيات حول نصوص دستورنا هو خير دليل على قدرة الأردن على تجديد حياته وتشريعاته، والسير نحو المستقبل برؤية إصلاحية اجتماعية وسياسية تقوم على ركنٍ أساسي يتمثل بمشاركة شعبية أوسع، وفصلٍ بين سلطات الدولة، وتحديدٍ واضح لمسؤوليات كلٍ من هذه السلطات، تجسيداً للنهج الهاشمي والحكم الرشيد في إدارة الدولة. ولأننا مؤمنون بحماية الدستور، الذي أقسمنا على الحفاظ عليه، فقد كان من أبرز هذه المقترحات إنشاء محكمةٍ دستورية تبت في دستورية القوانين، وترسخ دور القضاء باعتباره الفيصل الذي يحمي دستورية التشريع.

ولا بد أيضاً من الوقوف على شكل العلاقة الجديد بين الحكومات ومجلس النواب، وفق المقترحات التي تعزز التوازن بين الحكومة والمجلس عبر ربط حل مجلس النواب باستقالة الحكومة فوراً, ووقف إصدار القوانين المؤقتة، إلا في حالات الحرب والكوارث الطبيعية والنفقات المالية التي لا تحتمل التأجيل، بالإضافة إلى تولي هيئة وطنية مستقلة إدارة الانتخابات, أما سلطة النظر في الطعون النيابية، ومحاكمة الوزراء فهي محصورة بالقضاء. أما الاقتراح الذي يجسد دور الشباب في الحياة السياسية والنيابية، فهو خفض سن الترشح للنيابة إلى (25) عاماً، وجعل العمل الحزبي والنشاط النقابي مكوناتٍ أساسية في ثقافتنا الوطنية والسياسية”.

وقد ألقى دولة السيد أحمد اللوزي رئيس اللجنة الملكية المكلفة بمراجعة نصوص الدستور الأردني كلمة أمام الملك عبدالله الثاني ابن الحسين؛ وذلك بمناسبة تقديم اللجنة الملكية المكلفة بمراجعة نصوص الدستور للتعديلات الدستورية المقترحة إلى الملك في عمان بتاريخ 14آب 2011م, وقد جاء في كلمته ([30]):- ” …فقد تضمّنت المراجعة الدستورية الشاملة التي أجريناها إضافات وتغييرات وتعديلات، ومعطيات جديدة على نصوص الدستور، ليصبح أكثر تلبية واستجابة لمسيرة التغيير والتطوُّر. جاء كل ذلك بمنهجية وعقلانية وموضوعية، بعيداً عن الانفعال باللحظة الراهنة والآراء المُسبقة واستجابةً واعيةً لمقتضيات المستقبل.

وفي ضوء ذلك قامت اللجنة بإجراء التعديلات التي رأت أنّها أصبحت تُشَكِّل استحقاقاتً لتطوير الحياة السياسية والمسيرة الديمقراطية.

وتشمل هذه التعديلات: النصوص التي تؤكِّد على استقلال القضاء، باعتباره سُلطةً مُهمّتها الأساسية فَرض سيادة القانون، وتحقيق المساواة واحترام حقوق الإنسان وإحاطتها بكافّة الضمانات التي تحقّق العدالة والكرامة وتصون الحريات، وتضمن حق المواطنين في حياة كريمة آمنة ومشاركتهم في صناعة القرارات والسياسات الناظمة لمسيرة المجتمع الديمقراطي, ولتحقيق كل ذلك؛ فقد اشتملت التعديلات على قواعد هامّة ورئيسية منها :-

-إنشاء المحكمة الدستورية ضمن أفضل المعايير الدولية.
-إنشاء هيئة مستقلّة للإشراف على الانتخابات.
-محاكمة المدنيين أمام المحاكم المدنية.
-إناطة محاكمة الوزراء بالمحاكم العليا المدنية.
-الطعن في نتائج الانتخابات أمام القضاء المدني.
-تحديد صلاحيّات السلطة التنفيذية بوضع قوانين مؤقتة بثلاث حالات على سبيل الحصر كما كان عليه الحال بدستور عام 1952م “.
وقد تضمنت توصيات اللجنة الملكية لمراجعة الدستور تعديل ما يقارب (42) مادة من الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته.

المطلب الثالث :- مضامين التعديلات الدستورية في مرحلة الربيع العربي :-

وبعد أن قدمت اللجنة الملكية المكلفة بمراجعة نصوص الدستور الأردني توصياتها إلى الملك عبدالله الثاني ابن الحسين, أوعز الملك للحكومة بصياغة هذه التعديلات وتقديمها لمجلس الأمة ليتم إقرارها حسب الآليات المعتمدة في الدستور الأردني, وقد تم إقرار هذه التعديلات الدستورية من قبل مجلس الأمة الأردني, ونشرها في الجريدة الرسمية ([31]).

وفي عام 2014م, تم إجراء التعديلات الدستورية لسنة 2014م, وتم نشرها في الجريدة الرسمية([32]). وفي عام 2016م, تم إجراء التعديلات الدستورية لسنة 2016م, وتم نشرها في الجريدة الرسمية([33]).

وفيما يلي أهم وأبرز مضامين التعديلات الدستورية في مرحلة الربيع العربي :-

-النص على أن الدفاع عن الوطن وأرضه ووحدة شعبه والحفاظ على السلم الاجتماعي واجب مقدس على كل أردني, وأن الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، يحفظ القانون كيانها الشرعي ويقوي أواصرها وقيمها, وأن القانون يحمي الأمومة والطفولة والشيخوخة ويرعى النشء وذوي الإعاقات ويحميهم من الإساءة والاستغلال([34]).
-النص على أن كل اعتداء على الحقوق والحريات العامة أو حرمة الحياة الخاصة للأردنيين جريمة يعاقب عليها القانون ([35]).
-النص على أن كل من يقبض عليه أو يوقف أو يحبس أو تقيد حريته وفق أحكام القانون تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان، ولا يجوز تعذيبه، بأي شكل من الأشكال، أو إيذاؤه بدنياً أو معنوياً، كما لا يجوز حجزه في غير الأماكن التي تجيزها القوانين، وكل قول يصدر عن أي شخص تحت وطأة أي تعذيب أو إيذاء أو تهديد لا يعتد به([36]).
-النص على أن الدولة تكفل حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والفني والثقافي والرياضي بما لا يخالف أحكام القانون أو النظام العام والآداب([37]).
-النص على أن الدولة تكفل حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام ضمن حدود القانون([38]).
-النص على أن للأردنيين الحق في تأليف الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات([39]).
-النص على أن السلطة القضائية مستقلة([40]).
-النص على أن الملك يمارس الملك صلاحياته بإرادة ملكية دون توقيع من رئيس الوزراء والوزير أو الوزراء المختصين في الحالات التالية : (اختيار ولي العهد, تعيين نائب الملك, تعيين رئيس مجلس الأعيان وأعضائه وحل المجلس وقبول استقالة أو إعفاء أي من أعضائه من العضوية, تعيين رئيس المجلس القضائي وقبول استقالته, تعيين رئيس المحكمة الدستورية وأعضائها وقبول استقالاتهم, تعيين قائد الجيش ومدير المخابرات ومدير الدرك وإنهاء خدماتهم)([41]).
-النص على أنه في حال وفاة رئيس الوزراء تستمر الوزارة برئاسة نائب رئيس الوزراء أو الوزير الأقدم حسب مقتضى الحال ولحين تشكيل وزارة جديدة ([42]).
-النص على أن الحكومة التي يتم تشكيلها في حال كان مجلس النواب غير منعقد يدعى للانعقاد لدورة استثنائية, وعلى الوزارة أن تتقدم ببيانها الوزاري, وأن تطلب الثقة على ذلك البيان خلال شهر من تاريخ تأليفها, وإذا كان مجلس النواب منحلاً فعلى الوزارة أن تتقدم ببيانها الوزاري وأن تطلب الثقة على ذلك البيان خلال شهر من تاريخ اجتماع المجلس الجديد([43]).
-النص على ضرورة حصول الحكومة على ثقة مجلس النواب, وذلك من خلال اعتبار أن الحكومة تحصل على الثقة إذا صوتت لصالحها الأغلبية المطلقة من أعضاء مجلس النواب([44]).
-النص على أنه تتم محاكمة الوزراء على ما ينسب إليهم من جرائم ناتجة عن تأدية وظائفهم أمام المحاكم النظامية المختصة في العاصمة، وفقا لأحكام القانون, ولمجلس النواب حق إحالة الوزراء إلى النيابة العامة مع إبداء الأسباب المبررة لذلك([45]).
-النص على تأسيس المحكمة الدستورية للرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة, وتفسير نصوص الدستور, والتأكيد على ضرورة وجوب المواءمة بين التشريعات و التعديلات الدستورية بمده لا تتجاوز ثلاثة أعوام, وكذلك اعتبار المحكمة دستورية هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، يعين أعضائها الملك([46]) .
-النص على إنشاء هيئة مستقلة للانتخاب تدير الانتخابات النيابية والبلدية وأي انتخابات عامة وفقاً لأحكام القانون([47]).
النص على أنه ينتخب مجلس النواب في بدء الدورة العادية رئيساً له لمدة سنتين شمسيتين ويجوز إعادة انتخابه([48]).
-النص على أن القضاء يختص بحق الفصل في صحة نيابة أعضاء مجلس النواب، بحيث يحق لكل ناخب من الدائرة الانتخابية أن يقدم طعناً إلى محكمة الاستئناف التابعة لها الدائرة الانتخابية للنائب المطعون بصحة نيابته من دائرته الانتخابية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ نشر نتائج الانتخابات في الجريدة الرسمية ([49]).
-النص على أنه إذا حل مجلس النواب فيجب إجراء انتخاب عام بحيث يجتمع المجلس الجديد في دورة غير عادية بعد تاريخ الحل بأربعة أشهر على الأكثر, وإذا لم يتم الانتخاب عند انتهاء الشهور الأربعة يستعيد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية, ويجتمع فوراً كأن الحل لم يكن ويستمر في أعماله إلى أن ينتخب المجلس الجديد([50]).
-النص على أنه إذا حل مجلس النواب لسبب ما، فلا يجوز حل المجلس الجديد للسبب نفسه([51]).
-النص على أن الحكومة التي يُحل مجلس النواب في عهدها تستقيل خلال أسبوع من تاريخ الحل، ولا يجوز تكليف رئيسها بتشكيل الحكومة التي تليها ([52]).
-النص على زيادة مدة الدورة العادية لمجلس الأمة إلى ستة أشهر([53]).
-النص على عدم السماح للحكومة بوضع القوانين المؤقتة في حالة وجود مجلس النواب في الساحة السياسية, حتى وإن كان في حالة عدم انعقاد([54]).
-النص على حصر وضبط حالات وضع القوانين المؤقتة من قبل الحكومة, عندما يكون مجلس النواب منحلاً, وهي (الكوارث العامة, وحالة الحرب والطوارئ, والحاجة إلى نفقات ضرورية ومستعجلة لا تحتمل التأجيل)([55]).
-النص على إنشاء مجلس قضائي يتولى جميع الشؤون المتعلقة بالقضاة النظاميين([56]).
-النص على إنشاء قضاء إداري على درجتين([57]).
-النص على عدم جواز محاكمة أي شخص مدني في قضية جزائية لا يكون جميع قضاتها مدنيين، ويستثنى من ذلك جرائم الخيانة والتجسس والإرهاب وجرائم المخدرات وتزييف العملة([58]).
-النص على أن يقدم ديوان المحاسبة إلى مجلسي الأعيان والنواب تقريراً عاماً يتضمن المخالفات المرتكبة والمسؤولية المترتبة عليها وآراءه وملاحظاته وذلك في بدء كل دورة عادية و كلما طلب أحد المجلسين منه ذلك([59]).
-النص على إلغاء المجلس العالي الذي كان يختص بتفسير نصوص الدستور ومحاكمة الوزراء في حال وضع قانون المحكمة الدستورية, وبعد أن أصبحت محاكمة الوزراء تتم أمام المحاكم النظامية المختصة([60]).
-النص على أن الملك يعين قائد الجيش ومدير المخابرات ومدير الدرك وينهي خدماتهم([61]).
-النص على عدم تأثير القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسياتها([62]).
المبحث الثالث :- أثر التعديلات الدستورية في مرحلة الربيع العربي على الحياة السياسية في الأردن :-

في هذا المبحث سيتم تناول أثر التعديلات الدستورية على الحياة السياسية في الأردن, من حيث أثر التعديلات الدستورية على السلطات الثلاث ( التشريعية, التنفيذية ,القضائية ), وكذلك أثر التعديلات الدستورية في استحداث مؤسسات سياسية جديدة في النظام السياسي.

المطلب الأول :- أثر التعديلات الدستورية على السلطة التشريعية :-

لقد أثرت التعديلات الدستورية التي طرأت على الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته في مرحلة الربيع العربي بشكل مباشر على السلطة التشريعية, ويمكن ملاحظة أثر التعديلات الدستورية على السلطة التشريعية, كما يلي :-

-عملت التعديلات الدستورية على تحصين مجلس النواب الجديد من الحل؛ من خلال اعتبار أنه إذا حل مجلس النواب لسبب ما، فلا يجوز حل المجلس الجديد للسبب نفسه.
-أكدت التعديلات الدستورية على ضرورة وجود مجلس النواب في الحياة السياسية, حيث أنه بموجب أحكام الدستور لا تستطيع الحكومة إبعاد مجلس النواب عن الساحة السياسية لأكثر من أربعة أشهر, إذ أنه يجب إجراء الانتخاب خلال الشهور الأربعة التي تسبق انتهاء مدة المجلس؛ فإذا لم يكن الانتخاب قد تم عند انتهاء مدة المجلس أو تأخر بسبب من الأسباب يبقى المجلس قائماً حتى يتم انتخاب المجلس الجديد. وفي حالة حل المجلس من قبل الحكومة فيجب إجراء انتخاب عام بحيث يجتمع المجلس الجديد في دورة غير عادية بعد تاريخ الحل بأربعة أشهر على الأكثر, وإذا لم يتم الانتخاب عند انتهاء الشهور الأربعة يستعيد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية, ويجتمع فوراً كأن الحل لم يكن ويستمر في أعماله إلى أن ينتخب المجلس الجديد.
-أكدت التعديلات الدستورية على دور وأهمية السلطة التشريعية, وذلك من خلال زيادة مدة الدورة العادية لمجلس الأمة إلى ستة أشهر بدل أربعة أشهر.
-أكدت التعديلات الدستورية على مبدأ الفصل بين السلطات, وتعزيز دور السلطة التشريعية في تشريع وسن القوانين, من خلال عدم السماح للحكومة بوضع القوانين المؤقتة في حالة وجود مجلس النواب في الساحة السياسية, حتى وإن كان في حالة عدم انعقاد.
-أكدت التعديلات الدستورية على مبدأ الفصل بين السلطات, وتعزيز دور السلطة التشريعية في تشريع وسن القوانين, من خلال حصر وضبط حالات وضع القوانين المؤقتة من قبل الحكومة, عندما يكون مجلس النواب منحلاً, من خلال اعتبار أنه يحق لمجلس الوزراء بموافقة الملك أن يضع قوانين مؤقتة لمواجهة الأمور التالية : – الكوارث العامة , وحالة الحرب والطوارئ, والحاجة إلى نفقات ضرورية ومستعجلة لا تحتمل التأجيل .
-أكدت التعديلات الدستورية على دور الرقابة الإدارية والمالية لمجلس الأمة على السلطة التنفيذية من خلال النص على أن يقدم ديوان المحاسبة إلى مجلسي الأعيان والنواب تقريراً عاماً يتضمن المخالفات المرتكبة والمسؤولية المترتبة عليها وآراءه وملاحظاته, وذلك في بدء كل دورة عادية و كلما طلب أحد المجلسين منه ذلك.
-عملت التعديلات الدستورية على خلق توازن حقيقي بين السلطتين التنفيذية والتشريعية, وتعزيز مبدأ الفصل بين السلطات من خلال اعتبار أن الحكومة التي يُحل مجلس النواب في عهدها تستقيل خلال أسبوع من تاريخ الحل، ولا يجوز تكليف رئيسها بتشكيل الحكومة التي تليها, الأمر الذي يحتم ضرورة التعاون والتفاهم بين السلطتين, وعدم الوصول إلى حالة ” عدم الانسجام والتوافق في العمل بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية ” إلا بعد دراسة معمقة ودقيقة, لأن قيام السلطة التنفيذية باتخاذ خطوة قرار بحل مجلس النواب يعني حتماً رحيلهاً بنفس الوقت, وبالتالي فإن هذا الأمر يخلق توازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية, فالسلطة التنفيذية تملك حق حل مجلس, ولكن مقابل هذا الحق ستسقط بحكم الدستور مقابل هذا الحل.
عملت التعديلات الدستورية على زيادة مدة رئيس المجلس الذي ينتخب في بدء الدورة العادية إلى لمدة سنتين شمسيتين ويجوز إعادة انتخابه.

المطلب الثاني :- أثر التعديلات الدستورية على السلطة التنفيذية :-

لقد أثرت التعديلات الدستورية التي طرأت على الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته في مرحلة الربيع العربي بشكل مباشر على السلطة التنفيذية, ويمكن ملاحظة أثر التعديلات الدستورية على السلطة التنفيذية, كما يلي :-

-أكدت التعديلات الدستورية على مبدأ الفصل بين السلطات, وممارسة كل سلطة لاختصاصها؛ وذلك من خلال اعتبار أن الحكومة التي يتم تشكيلها في حال كان مجلس النواب غير منعقد يدعى للانعقاد لدورة استثنائية وعلى الوزارة أن تتقدم ببيانها الوزاري, وأن تطلب الثقة على ذلك البيان خلال شهر من تاريخ تأليفها, وإذا كان مجلس النواب منحلاً فعلى الوزارة أن تتقدم ببيانها الوزاري وأن تطلب الثقة على ذلك البيان خلال شهر من تاريخ اجتماع المجلس الجديد.
-أكدت التعديلات الدستورية على استقلال السلطات والبعد عن هيمنة الحكومة من خلال ممارسة الملك لصلاحيته بإرادة ملكية دون توقيع من رئيس الوزراء والوزير أو الوزراء المختصين في حالات (اختيار ولي العهد, تعيين نائب الملك, تعيين رئيس مجلس الأعيان وأعضائه وحل المجلس وقبول استقالة أو إعفاء أي من أعضائه من العضوية, تعيين رئيس المجلس القضائي وقبول استقالته, تعيين رئيس المحكمة الدستورية وأعضائها وقبول استقالاتهم, وتعيين قائد الجيش ومدير المخابرات ومدير الدرك وإنهاء خدماتهم).
-عملت التعديلات الدستورية على تحييد الأجهزة الأمنية عن العملية السياسية والاختلافات السياسية من خلال جعل تعيين قادة الأجهزة الأمنية الرئيسية وإنهاء خدماتهم في يد الملك وهي (قائد الجيش ومدير المخابرات ومدير الدرك ).
-أكدت التعديلات الدستورية على ضرورة حصول الحكومة على ثقة مجلس النواب, وذلك من خلال اعتبار أن الوزارة تحصل على الثقة إذا صوتت لصالحها الأغلبية المطلقة من أعضاء مجلس النواب.
-أكدت التعديلات الدستورية على عدم استقالة الحكومة في حال وفاة رئيس الوزراء واستمرارها برئاسة نائب رئيس الوزراء أو الوزير الأقدم حسب مقتضى الحال ولحين تشكيل وزارة جديدة.
-عملت التعديلات الدستورية على تقييد السلطة التنفيذية وعدم السماح للحكومة بوضع القوانين المؤقتة في حالة وجود مجلس النواب في الساحة السياسية؛ حتى وإن كان في حالة عدم انعقاد.
-عملت التعديلات الدستورية على تقييد صلاحية الحكومة في حقها بحل مجلس النواب وربط استخدام هذا الحق برحيل الحكومة؛ من خلال اعتبار أن الحكومة التي يُحل مجلس النواب في عهدها تستقيل خلال أسبوع من تاريخ الحل، ولا يجوز تكليف رئيسها بتشكيل الحكومة التي تليها.
-عملت التعديلات الدستورية على حصر وضبط حالات وضع القوانين المؤقتة من قبل الحكومة, عندما يكون مجلس النواب منحلاً, في الحالات التالية : – الكوارث العامة, وحالة الحرب والطوارئ, والحاجة إلى نفقات ضرورية ومستعجلة لا تحتمل التأجيل.
المطلب الثالث :- أثر التعديلات الدستورية على السلطة القضائية :-

لقد أثرت التعديلات الدستورية التي طرأت على الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته في مرحلة الربيع العربي بشكل مباشر على السلطة القضائية, ويمكن ملاحظة أثر التعديلات الدستورية على السلطة القضائية, كما يلي :-

-أكدت التعديلات الدستورية على استقلالية القضاء من خلال النص على أن السلطة القضائية مستقلة.
-أكدت التعديلات الدستورية على تعزيز دور السلطة القضائية في مراقبة ومحاسبة السلطة التنفيذية, من خلال النص على محاكمة الوزراء على ما ينسب إليهم من جرائم ناتجة عن تأدية وظائفهم أمام المحاكم النظامية المختصة في العاصمة، وفقاً لأحكام القانون, و لمجلس النواب حق إحالة الوزراء إلى النيابة العامة مع إبداء الأسباب المبررة لذلك.
-أكدت التعديلات الدستورية على تعزيز دور السلطة القضائية ومبدأ الفصل بين السلطات من خلال اعتبار أن القضاء يختص بحق الفصل في صحة نيابة أعضاء مجلس النواب، بعد أن كانت عملية الفصل في صحة نيابة عضو مجلس النواب من اختصاص أعضاء السلطة التشريعية أنفسهم.
-أكدت التعديلات الدستورية على استقلالية القضاء, من خلال النص على إنشاء مجلس قضائي يتولى جميع الشؤون المتعلقة بالقضاة النظاميين.
-عملت التعديلات الدستورية على إنشاء قضاء إداري على درجتين.
-أكدت التعديلات الدستورية على حق وحرية المحاكمة العادلة للمواطنين, من خلال اعتبار عدم جواز محاكمة أي شخص مدني في قضية جزائية لا يكون جميع قضاتها مدنيين، ويستثنى من ذلك جرائم الخيانة والتجسس والإرهاب وجرائم المخدرات وتزييف العملة.
المطلب الرابع :- أثر التعديلات الدستورية على تطوير الحياة السياسية واستحداث مؤسسات سياسية جديدة:-

لقد أثرت التعديلات الدستورية التي طرأت على الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته في مرحلة الربيع العربي بشكل مباشر على تطوير وتنمية الحياة السياسية؛ من خلال استحداث مؤسسات سياسية جديدة في النظام السياسي ذات وظائف سياسية جديدة, ساهمت في تعزيز وتطوير وتنمية الحياة السياسية في الأردن, ويمكن ملاحظة هذه المؤسسات السياسية, كما يلي :-

أولاً :- إنشاء المحكمة الدستورية :-

نصت التعديلات الدستورية على تأسيس المحكمة الدستورية للرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة, وتفسير نصوص الدستور, مما يؤكد على مبدأ سمو الدستور فلا يوجد أي قانون أو نظام أعلى من الدستور أو مساوٍ له؛ وبالتالي فإنه لا يجوز مخالفة أحكام الدستور, وعدم وضع أي قانون أو نظام مخالف لأحكام الدستور, ومن هنا جاء النص على تأسيس المحكمة الدستورية للرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة, وتفسير نصوص الدستور, والتأكيد على ضرورة وجوب المواءمة بين التشريعات و التعديلات الدستورية بمده لا تتجاوز ثلاثة أعوام, وكذلك اعتبار المحكمة دستورية هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، يعين أعضائها الملك.

وقد صدر قانون المحكمة الدستورية رقم (15) لسنة 2012م([63]), كما تم تعيين رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية بتاريخ 6/10/2012م على النحو التالي([64]):- (معالي السيد طاهر حكمت: رئيساً, معالي السيد مروان دودين, معالي السيد فهد أبو العثم النسور, معالي السيد أحمد طبيشات, معالي الدكتور كامل السعيد, عطوفة السيد فؤاد سويدان, عطوفة السيد يوسف الحمود, عطوفة الدكتور عبد القادر الطورة, عطوفة الدكتور محمد سليم الغزوي)([65]). كما تم تعيين كل من : (عطوفة الدكتور منصور عبد الكريم الحديدي, عطوفة الدكتور خلف نهار الرقاد, عطوفة الدكتور نعمان أحمد الخطيب) : أعضاء في المحكمة الدستورية اعتباراً من تاريخ 6/10/2014م([66]). وفي تاريخ 15/6/2016م تم تعيين معالي السيد محمد أحمد الذويب عضواً في المحكمة الدستورية اعتباراً من تاريخ 16/6/2016م([67]). كما تم تعيين كل من : ( معالي السيد محمد علي العلاونة, عطوفة السيد محمد المبيضين, عطوفة السيد قاسم المومني, عطوفة الدكتور جورج حزبون, عطوفة السيد فايز جريس حمارنة) : أعضاء في المحكمة الدستورية اعتبار من تاريخ 20/10/2016م)([68]).

وقد باشرت المحكمة الدستورية أعمالها, ليدخل الأردن بذلك مرحلة دستورية جديدة في الحياة السياسية.

ثانياً :- إنشاء الهيئة المستقلة للانتخاب :-

نصت التعديلات الدستورية على إنشاء هيئة مستقلة للانتخاب تشرف على العملية الانتخابية النيابية والبلدية وأي انتخابات عامة وفقاً لأحكام القانون, مما يؤكد على تعزيز الثقة بنزاهة وشفافية الانتخابات النيابية من خلال النص على إنشاء هيئة مستقلة للانتخاب تشرف على العملية الانتخابية النيابية وتديرها في كل مراحلها, كما تدير البلدية وأي انتخابات عامة وفقاً لأحكام القانون, ولمجلس الوزراء تكليف الهيئة المستقلة بإدارة أي انتخابات أخرى أو الإشراف عليها بناء على طلب الجهة المخولة قانوناً بإجراء تلك الانتخابات, بعد أن كانت الحكومة هي التي تديرها.

ثم صدر قانون الهيئة المستقلة للانتخاب رقم (11) لسنة 2012م([69]), ثم صدر قانون معدل لقانون الهيئة المستقلة للانتخاب رقم (46) لسنة 2015م([70]). ثم صدر قانون معدل لقانون الهيئة المستقلة للانتخاب رقم (18) لسنة 2016م([71]).

وتم تعيين مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب الأول بتاريخ 6/5/2012م من الذوات المذكورة أسماؤهم تالياً : (معالي السيد عبد الإله الخطيب: رئيساً, معالي السيد رياض الشكعة, معالي السيد عاطف البطوش, معالي السيد محمد علي العلاونة, وعطوفة السيد عيد جويعد :أعضاء )([72]). كما تم تعيين مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب الثاني بتاريخ 23/4/2014م من الذوات المذكورة أسماؤهم تالياً : (معالي السيد رياض الشكعة : رئيساً, معالي السيدة أسمى خضر, عطوفة الدكتور محمد المصالحة, سعادة السيدة سمر الحاج حسن, عطوفة الدكتور علي الهروط : أعضاء )([73]). وتم تعيين مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب الثالث بتاريخ 6/4/2016م من الذوات المذكورة أسماؤهم تالياً : (معالي الدكتور خالد الكلالدة : رئيساً, سعادة الدكتور نزيه عمارين, سعادة السيدة سمر الحاج حسن, سعادة الدكتور زهير أبو فارس, سعادة السيد نايف خليف الإبراهيم : أعضاء)([74]).

وقد أدارت الهيئة المستقلة للانتخاب الانتخابات النيابية لمجلس النواب السابع عشر لعام 2013م, والانتخابات النيابية لمجلس النواب الثامن عشر لعام 2016م؛ مما ساهم في تعزيز المصداقية في العملية الانتخابية, بعد أن كانت تدار من قبل الحكومة, كما أشرفت الهيئة المستقلة للانتخاب على الانتخابات البلدية لعام 2013م, حيث أن النص الدستوري وقتئذ لا يسمح لها بإدارة الانتخابات البلدية بل بالإشراف عليها فقط, إلا أنه تم تعديل هذا النص في التعديلات الدستورية لسنة 2014م, لتصبح وظيفة الهيئة المستقلة للانتخاب هي إدارة الانتخابات النيابية والبلدية وأي انتخابات عامة وفقاً لأحكام القانون, وإدارة أي انتخابات أخرى أو الإشراف عليها يكلفها بها مجلس الوزراء بناء على طلب الجهة المخولة قانوناً بإجراء تلك الانتخابات, وعلى الهيئة اتخاذ القرارات والإجراءات اللازمة لتمكينها من أداء مهامها بنزاهة وشفافية وحياد([75]). وقد أدارت الهيئة المستقلة للانتخاب الانتخابات البلدية واللامركزية لعام 2017م.

ثالثاً :- إنشاء المجلس القضائي :-

نصت التعديلات الدستورية على إنشاء مجلس قضائي يتولى جميع الشؤون المتعلقة بالقضاة النظاميين, ليصبح بذلك هناك استقلالية تامة للسلطة القضائية في الأردن, مما يعزز الفصل بين السلطات واستقلال السلطة القضائية.

وقد صدر قانون استقلال القضاء رقم (29) لسنة 2014م([76]), ثم صدر قانون معدل لقانون استقلال القضاء رقم (26) لسنة2017م([77]). ويمثل المجلس القضائي الأردني بموجب قانون استقلال القضاء قمة هرم السلطة القضائية في المملكة الأردنية الهاشمية, ويتألف المجلس القضائي الأردني من رئيس محكمة التمييز رئيساً وعدد من الأعضاء([78]).

وقد جاء في القانون, أن القضاء مستقل والقضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون, ويحظر على أي شخص أو سلطة المساس باستقلال القضاء والتدخل في شؤونه, ويكون لشؤون المجلس موازنة مستقلة تظهر كفصل مستقل باسم (المجلس القضائي ) ضمن الموازنة العامة للدولة([79]). وقد جاء في القانون, أنه يتولى المجلس القضائي جميع الشؤون المتعلقة بالقضاة النظاميين بما في ذلك : النظر في شؤون القضاة وتعيينهم وترفيعهم وترقيتهم وتأديبهم ونقلهم وانتدابهم وإعارتهم وإنهاء خدمتهم وفق أحكام هذا القانون, وإبداء الرأي في التشريعات التي تتعلق بالقضاء وتقديم الاقتراحات بشأنها, وإقرار التقرير السنوي حول أوضاع المحاكم وسير العمل فيها, والطلب من أي دائرة رسمية أو غيرها ما يراه من بيانات ووثائق لازمة([80]).

الخاتمة: نتائج وتوصيات الدراسة :-

وبعد هذا التحليل للتعديلات الدستورية التي طرأت على الدستور الأردني خلال مرحلة الربيع العربي, فقد توصل الباحث إلى النتائج التالية :-

-أن ثورات الربيع العربي التي انتشرت في بعض الدول العربية, ساهمت بدفع النظام السياسي نحو إجراء الإصلاحات السياسية والتعديلات الدستورية.
-أن الاحتجاجات الشعبية والحراكات الاجتماعية التي شهدها الأردن خلال فترة الربيع العربي, ساهمت بدفع النظام السياسي نحو إجراء الإصلاحات السياسية والتعديلات الدستورية.
-أثبتت الدراسة أن ثورات الربيع العربي والاحتجاجات الشعبية في الأردن انعكست بشكل إيجابي على إجراء التعديلات الدستورية في الأردن.
-أن التعديلات الدستورية التي طرأت على الدستور الأردني خلال فترة الربيع العربي, أثرت بشكل مباشر على عمل السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية.
-أن التعديلات الدستورية التي طرأت على الدستور الأردني خلال فترة الربيع العربي, ساهمت بتعزيز الفصل بين السلطات وإعادة التوازن بين السلطات وتعزيز استقلال القضاء.
-أن التعديلات الدستورية التي طرأت على الدستور الأردني خلال فترة الربيع العربي, ساهمت بإيجاد مؤسسات سياسية جديدة في النظام السياسي الأردن ومنها المحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للانتخاب والمجلس القضائي.
-أن التعديلات الدستورية التي طرأت على الدستور الأردني خلال فترة الربيع العربي, ومنها المحكمة الدستورية ساهمت بتعزيز مبدأ سمو الدستور.
التوصيات :-

بعد هذا التحليل, فإن الباحث يقترح التوصيات التالية :-

-أن يتم تعديل الدستور بحيث يتم السماح للأفراد ومؤسسات المجمع المدني كالأحزاب السياسية والنقابات وغيرها بحق الطعن المباشر بعدم دستورية القوانين والأنظمة أمام المحكمة الدستورية.
-أن يتم تعديل الدستور بحيث يتم تمديد الدورة العادية لمجلس النواب إلى فترة ثمانية أشهر على الأقل؛ وذلك من أجل أن تقوم السلطة التشريعية بعملها بشكل متواصل.
-أن يتم تعديل الدستور بحيث يتم إضافة وظيفة ترخيص الأحزاب السياسية إلى الهيئة المستقلة للانتخاب, ليصبح اسمها الهيئة المستقلة للانتخاب والأحزاب السياسية؛ مما يساهم بتعزيز عملية الإصلاح السياسي والدستوري.
-أن يتم تعديل الدستور بحيث يتم النص على ضرورة مشاركة الأحزاب السياسية ذات الأغلبية في البرلمان في تشكيل الحكومة وتقديم مرشحيها للمناصب الوزارية.
-العمل على تضمين التعديلات الدستورية في المناهج الدراسية في المدارس و الجامعات؛ من أجل إلمام الطالب بالتطور الدستوري في الأردن.
([1]) محمد شلبي, المنهجية في التحليل السياسي, الديوان الوطني للمطبوعات الجامعية, الجزائر,1997, ص118.

([2])رقية المصدق, القانون الدستوري والمؤسسات السياسية, دار توبقال للنشر, الدار البيضاء, المغرب,1988, ص74.

([3])محمد برهام المشاعلي, الموسوعة السياسية والاقتصادية, ط1, دار الأحمدي للنشر, القاهرة, مصر,2007, ص 58 .

([4]) ستيفن دي تانسي, علم السياسة : الأسس, ترجمة رشا جمال ,مراجعة جمال عبدالرحيم, ط1, الشبكة العربية للأبحاث والنشر, بيروت, لبنان,2012, ص 298 .

([5]) Hassan A. Barari & Christina A. Satkowski, The Arab Spring: The Case of Jordan, Ortadoğu Etütleri, Volume 3, No 2, January,2012, pp.41-57

([6]) ليث كمال نصراوين, أثر التعديلات الدستورية لعام 2011م على السلطات العامة في الأردن, مجلة دراسات, علوم الشريعة والقانون، المجلّد(40), العدد(1), الجامعة الأردنية, عمان,2013, ص223.

([7]) رضوان محمود المجالي, الحركات الاحتجاجية في الأردن: دراسة في المطالب والاستجابة, المجلة العربية للعلوم السياسية، العدد(38), مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت,2013, ص9 .

([8]) أسامة أحمد الحناينة, أثر التعديلات الدستورية في عام 2011م على مسيرة الإصلاح في الأردن, مجلة الشريعة والقانون, جامعة الإمارات العربية المتحدة, السنة(28), العدد(57),2014, ص ص 125-179.

([9]) حسن محاسنة، التعديلات الدستورية 2011 وأثرها في تنمية الحياة السياسية الأردنية, مجلة اربد للبحوث والدراسات، جامعة اربد الأهلية، المجلد (16)، العدد (2), شباط، الأردن,2013, ص ص 67-94 .

([10]) حمزة عثمان بصبوص, أثر الحِراك المجتمعي على عمليّة الإصلاح في الأردن)2010 – 2014م(, رسالة دكتوراة غير منشورة, جامعة العلوم الإسلامية العالمية, كلية الدراسات العليا, الأردن,2015.

([11]) Mohammed Torki Bani Salameh and Azzam Ali Ananzah, Constitutional Reforms in Jordan: A Critical Analysis , Digest of Middle East Studies , Volume 24, Issue 2, pages 139–160, Fall 2015, The Policy Studies Organization.

([12]) Walid AL-Qadi, The Impact of the Constitutional Amendments on the Guarantees of the Independence of the Member of the Chamber of Deputies in the Jordanian Legislator , European Journal of Social Sciences , Vol 46, No 4,2015, PP 457-472 . www.europeanjournalofsocialsciences.com.

([13]) عمرو الشوبكي, الحركات الاحتجاجية في الوطن العربي (مصر, المغرب, لبنان, البحرين), مجلة المستقبل العربي, العدد(384), مركز دراسات الوحدة العربية, بيروت, شباط,2011, ص101.

([14]) محمد تركي بني سلامه, الحراك الشبابي الأردني في ظل الربيع العربي ” دراسة ميدانية ونوعية “, مركز البديل للدراسات والأبحاث, بدعم من مؤسسة المستقبل, عمان,2013, ص17.

([15]) حمزة إسماعيل أبو شريعة, الإعلام وأثره في قيام الثورات العربية, مجلة المنارة, المجلد (19), العدد(3), جامعة آل البيت, الأردن,2013, ص 255.

([16]) رضوان محمود المجالي, الحركات الاحتجاجية في الأردن: دراسة في المطالب والاستجابة, المجلة العربية للعلوم السياسية، العدد(38), مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت,2013, ص 21 .

([17]) علي عقلة نجادات, الاحتجاجات في الصحف الأردنيّة اليومية والتحولات المنشودة في المجتمع الأردني”دراسة مسحية”, مجلة دراسات، العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلّد(41), العدد (1), الجامعة الأردنية, عمان,2014, ص257.

([18]) حسام النعيمات, وفراس خير الله, ورقة سياسات :حالة الدولة الأردنية, مؤسسة فريدريش إيبرت، مكتب الأردن و العراق, عمان, تشرين الثاني,2013, ص 6 .

([19]) علي عقلة نجادات, الاحتجاجات في الصحف الأردنيّة اليومية والتحولات المنشودة في المجتمع الأردني, مرجع سابق.

([20]) رضوان محمود المجالي, الحركات الاحتجاجية في الأردن, مرجع سابق, ص 22 .

([21]) علي عقلة نجادات, الاحتجاجات في الصحف الأردنيّة اليومية, مرجع سابق, ص257 .

([22]) عصام سليمان الموسى, الرقمنة والربيع العربي في الأردن:دراسة حالة, مجلة المستقبل العربي, العدد (401), مركز دراسات الوحدة العربية, بيروت, تموز,2012, ص93 .

([23]) محمد أبو رمان, الدولة والإخوان : لعبة الخطوط الحمراء في الأردن, مركز الجزيرة للدراسات,2014, ص 3-4 .

([24]) محمد تركي بني سلامه, الحراك الشبابي الأردني في ظل الربيع العربي, مرجع سابق, ص ص 23- 24.

([25]) محمد تركي بني سلامه, الحراك الشبابي الأردني في ظل الربيع العربي, مرجع سابق, ص51-55.

([26]) رضوان محمود المجالي, الحركات الاحتجاجية في الأردن, مرجع سابق, ص 29 .

([27]) علي عقلة نجادات, الاحتجاجات في الصحف الأردنيّة اليومية والتحولات المنشودة في المجتمع الأردني, مرجع سابق, ص257.

([28]) رسالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين إلى دولة السيد أحمد اللوزي يعهد إليه فيها برئاسة لجنة ملكية مكلفة بمراجعة نصوص الدستور بتاريخ 26 نيسان 2011م, الموقع الرسمي للملك عبدالله الثاني ابن الحسين:-www.kingabdullah.jo .تاريخ 20/3/2016م.

([29]) كلمة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين بمناسبة تقديم اللجنة الملكية المكلفة بمراجعة نصوص الدستور للتعديلات الدستورية المقترحة في عمان بتاريخ 14آب 2011م, الموقع الرسمي للملك عبدالله الثاني ابن الحسين:-www.kingabdullah.jo.تاريخ 20/3/2016م.

([30]) كلمة دولة السيد أحمد اللوزي رئيس اللجنة الملكية المكلفة بمراجعة نصوص الدستور الأردني أمام الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وذلك بمناسبة تقديم اللجنة الملكية المكلفة بمراجعة نصوص الدستور للتعديلات الدستورية المقترحة في عمان بتاريخ 14آب2011م, الموقع الرسمي للملك عبدالله الثاني ابن الحسين:-www.kingabdullah.jo .تاريخ 20/3/2016م.

([31]) الجريدة الرسمية, رقم العدد (5117), تاريخ 1/10/2011م .

([32]) الجريدة الرسمية, رقم العدد (5299), تاريخ 1/9/2014م .

([33]) الجريدة الرسمية, رقم العدد (5396), تاريخ 5/5/2016م .

([34]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة ( 6 ) .

([35]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة ( 7 ) .

([36]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة ( 8 ) .

([37]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة ( 15 ) .

([38]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة ( 15 ) .

([39]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة ( 16 ) .

([40]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة ( 27 ) .

([41]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة ( 40 ) .

([42]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة ( 50 ) .

([43]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة ( 53 ) .

([44]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة ( 53 ) .

([45]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة ( 55 ,56 ) .

([46]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة ( 58- 61 ) .

([47]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة ( 67 ) .

([48]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة ( 69 ) .

([49]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة ( 71 ) .

([50]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة ( 73 ) .

([51]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة ( 74 ) .

([52]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة ( 74 ) .

([53]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة ( 78 ) .

([54]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة ( 94 ) .

([55]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة ( 94 ) .

([56]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة ( 98 ) .

([57]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة (100 ) .

([58]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة (101 ) .

([59]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة (119) .

([60]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة (122) .

([61]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة (127) .

([62]) الدستور الأردني لسنة 1952م وتعديلاته, المادة ( 128) .

([63]) الجريدة الرسمية, رقم العدد (5161 ), تاريخ 7/6/2012م .

([64]) الجريدة الرسمية, رقم العدد (5183), تاريخ 16/10/2012م .

([65]) الجريدة الرسمية, رقم العدد (5183), تاريخ 16/10/2012م .

([66]) جريدة الدستور الأردنية, رقم العدد (16959), يوم الأربعاء الموافق 1/10/2014م, ص6 .

([67]) الجريدة الرسمية, رقم العدد (5407), تاريخ 30/6/2016م .

([68]) الجريدة الرسمية, رقم العدد (5183), تاريخ 16/10/2012م .

([69]) الجريدة الرسمية, رقم العدد (5152), تاريخ 9/4/2012م .

([70]) الجريدة الرسمية, رقم العدد (5364), تاريخ 1/11/2015م .

([71]) الجريدة الرسمية رقم العدد (5400), تاريخ 5/6/2016م.

([72]) الجريدة الرسمية, رقم العدد (5158), تاريخ 16/5/2012م .

([73]) الجريدة الرسمية, رقم العدد (5283), تاريخ 30/4/2014م .

([74]) الجريدة الرسمية, رقم العدد (5392), تاريخ 17/4/2016م .

([75]) قانون الهيئة المستقلة للانتخاب رقم (11) لسنة 2012م وتعديله, المادة (4) .

([76]) الجريدة الرسمية, رقم العدد (5308), تاريخ 16/10/2014م .

([77]) الجريدة الرسمية, رقم العدد (5475), تاريخ 13/8/2017م .

([78]) قانون استقلال القضاء رقم (29) لسنة 2014م وتعديلاته, المادة (4) .

([79]) قانون استقلال القضاء رقم (29) لسنة 2014م وتعديلاته, المادة (3) .

([80]) قانون استقلال القضاء رقم (29) لسنة 2014م وتعديلاته, المادة (6) .