خصائص قواعد تنازع الاختصاص القضائي الدولي و التعريف به

ا* حنين نصار

يمكن تعريف تنازع الاختصاص القضائي الدول :-

بأنه ذلك المبحث من القانون الدولي الخاص الذي يضم القواعد التي تحدد اختصاص المحاكم الوطنية بالفصل في المنازعات ذات العنصر الأجنبي إذا ما عرضت عليها للفصل فيها بصفة مبتدأه ويطلق على هذه القواعد المنظمة للاختصاص العام المباشر للمحاكم الوطنية والقواعد التي تحدد القانون الواجب التطبيق على الإجراءات المتبعة في نظر المنازعات ذات الطابع الدولي وكذلك آثار الأحكام الأجنبية .

وقواعد تنازع الاختصاص القضائي الدولي هي التي تنظم كيفية حسم المنازعات المتولدة عن العلاقات ذات الطابع الدولي والتي يمكن أن تطلق عليها اختصار المنازعات المشتملة على عنصر أجنبي .

فإذا ما طرح أمام القضاء منازعة ذات عنصر أجنبي تعين على القاضي وقبل أن يفصل فيها أن يبحث أولاً عما إذا كانت تلك المنازعة تدخل ضمن ولاية محاكم دولته أم لا .
ويقوم القاضي بهذا البحث على ضوء قواعد تنازع الاختصاص القضائي الدولي
في قانون دولته والتي تحدد الحالات التي تختص فيها محاكم الدولة بنظر المنازعات المشتملة على عنصر أجنبي .
من ذلك يتبين لنا أن دراسة الاختصاص القضائي الدولي تستلزم معالجة ثلاث موضوعات أساسية :-
الموضوع الأول : تحديد قواعد الاختصاص القضائي الدولي للمحاكم الوطنية .
الموضوع الثاني:تحديد القانون الذي يطبق على الإجراءات المتبعة في نظر المنازعات ذات العنصر الأجنبي .
الموضوع الثالث: تحديد آثار الأحكام الأجنبية داخل الأقليم الوطني والشروط الواجب توافرها لإنتاج هذه الآثار .

خصائص قواعد تنازع الاختصاص القضائي الدولي :-

قواعد تنازع الاختصاص القضائي تسعى لفض التزاحم بين محاكم دولي مختلفة تسعى جميعها للاختصاص بنظر النزاع وذلك عن طريق تحديد مجال ولاية محاكم مختلف الدول بنظر المنازعات ذات الطابع الدولي . وبالرغم من أتحاد المشكلتين في الطابع فإن قواعد تنازع الاختصاص القضائي تختلف عن قواعد تنازع القوانين

وفي هذا الصدد يجمع بالفقة التقليدي على أن قواعد تنازع الاختصاص القضائي هي قواعد موضوعية تتكفل مباشرة بتحديد الحالات التي يختص القضاء الوطني فيها بفض النزاع أي أن لها مضمونا موضوعي يستطيع القاضي أن يستند اليه للحكم باختصاصه أو بعدم اختصاصه أما قواعد تنازع القوانين فليس لها مضمون موضوعي إذا أن حل هدفها تحديد القانون الواجب التطبيق على النزاع دون النفقات للحلول الموضوعية التي يتضمنها هذا القانون .
كذلك تختلف قواعد تنازع القوانين عن قواعد تنازع الاختصاص القضائي الدولي من حيث أنها تكون عادة قواعده مزدوجة الجانب أي أنها تقوم ببيان حالات تطبيق القانون الوطني وبيان حالات تطبيق القانون الأجنبي وفقا لضابط اسناد واحد أما قواعد تنازع الاختصاص القضائي فهي تقتصر على تحديد اختصاص المحاكم الوطنية ولا تتجاوز هذا النطاق إلى تحديد اختصاص محاكم الدول الأجنبية.

إلا أنه ينبغي أيراد بعض التحفظ على هذه الوجة للاختلاف بين قواعد الاختصاص القضائي الدولي وقواعد تنازع القوانين فتلك الأخيرة تتسم عادة بكونها مزدوجة الجانب ولكنها ليست كذلك في جميع الأحوال .

وتجدر الإشارة إلى أن مشكلة تنازع الاختصاص القضائي قد سبقت في ظهورها مشكلة تنازع القوانين وهذا أمر يسهل فهمه ذلك أن مشكلة تنازع القوانين لا تقوم إلا بعد وصول الفكر القانون إلى درجة من التطور تسمح بتطبيق قوانين أخرى غير القانون الوطني على المنازعات المثار أمام محاكم الدولة أما مشكلة تنازع الاختصاص فهي تثور من الناحية العملية كمسألة أولية يجب على القاضي البت فيها بمجرد رفع النزاع اليه .

الأهمية العملية لقواعد الاختصاص القضائي الدولي :-

أن قواعد الاختصاص القضائي الدولي تقوم بتحديد مجال ولاية المحاكم الوطنية بنظر المنازعات ذات الطابع الدولة وهي تعد من أهم قواعد القانون الدولي الخاص من الناحية العلمية ذلك أن تحديد المحكمة التي ينعقد لها الاختصاص بنظر النزاع ذي العنصر الأجنبي يتوقف عليه الحل النهائي لهذا النزاع . ويرجع ذلك سواء لاختلاف قواعد الأسناد من دولة لأخرى في مسألة معينة أو سواء لاختلاف كيفية أعمال هذه القواعد .

فعلى سبيل المثال:-
تخضع كثير من الدول كجمهورية مصر العربية مسائل الأحوال الشخصية لقانون الجنسية بينما تخضعها دولا أخرى كأنجلترا لقانون الموطن فلو فرضنا أن ايطاليا رفع دعوى أمام المحاكم المصرية طالبا التطليق من زوجته فإن القاضي المصري يطبق قاعدة الإسناد المصري وهي تقضي بتطبيق قانون جنسية الزوج أي القانون الإيطالي ولما كان هذا القانون الأخير لا يسمح بالتطليق إلا في أضيق حدود فإن القاضي المصري قد يرفض دعوى التطليق في حين أنه لو رفع هذا الإيطالي دعوى التطليق أمام المحاكم الإنجليزية فإن هذه الأخيرة ستطبق قواعد الإسناد الإنجليزي أمام المحاكم الإنجليزية فإن هذه الأخيرة ستطبق قواعد الإسناد الإنجليزية وهي تقضي بتطبيق قانون الموطن في مسائل التطليق فلو فرض وكان هذا الإيطالي متوطنا في دولة يبيح قانونها التطليق فإن القاضي الإنجليزي يمكنه حينئذ الحكم بالتطليق من ذلك يتضح كيف يؤدي الاختلاف في تحديد
المحكمة المختصة إلى اختلاف الحل النهائي المطبق في النزاع ذلك الاختلاف الراجع لاختلاف قواعد الاسناد في مسألة معينة من دولة لأخرى .

عدم التلازم ما بين الاختصاص القضائي والاختصاص التشريعي :-

أن تحديد المحكمة المختصة لا يستتبع بالضرورة تطبيق قانون تلك المحكمة على موضوع النزاع فالقاضي المطروح عليه النزاع يلجأ لقواعد الإسناد في قانون لتعيين القانون الواجب التطبيق الذي قد يكون قانوناً آخر غير قانون دولة القاضي وإذا حدث واشارت قاعدة الاسناد إلى تطبيق قانون القاضي فإن مثل هذا التلازم يكون نتيجة عرضية أدى اليها تطبيق قواعد الإسناد في قانون القاضي .

مبدأ حرية الدولة في تحديد الاختصاص القضائي الدولي لمحاكمها :-

يتمتع المشرع الوطني هو بصد د صياغة للقواعد المنظمة للاختصاص القضائي الدولي لمحاكمة الوطنية بحرية شبه مطلق حيث أن تلك الحرية لا يجد منها سوى ما يفرضه القانون الدولي من التزامات على الدول والتي قد يكون مصدرها العرف الدولي أو المعاهدات الدولية .

ومن أمثلة :-

قواعد القانون الدولي العام العرفي تلك التي تفرض على المشرع وهو يقوم برسم حدود اختصاص محاكم دولته أن يراعى في تحديد هذا الاختصاص أن تتوافر صلة بين النزاع المطروح وبين محاكم دولته تسوغ قيام محاكمة ينظر المنازعات المشتملة على عنصر أجنبي فإذا لم تتقيد الدولة وهي تعقد الاختصاص لمحاكمها ينظر نزاع معين بوجوب توافر تلك الصلة افتقد حكمها لكل فعاليه في المجال الدولي أي أن هذا الحكم سيكون عدم الأثر خارج نطاق الدولة التي صدر فيها

ومن أمثلة قواعد القانون الدولي العام العرفي الملزم للدول في مجال الاختصاص القضائي تلك القاعدة التي تكفل حق الأجانب في اللجوء إلى المحاكم الوطنية وبصرف النظر عن جنسية الخصوم والتي تجعل من دفع تلك المحاكم بطريقة عامة بعدم قبول الدعاوى المرفوعة من الأجانب نوعاً من إنكار العدالة الذي يستوجب المسئولية الدولية التابع لها تلك المحاكم .
كذلك استقر العرف الدولي على تمتع رؤساء الدول بالحصانة القضائية نظراً لمكانتهم السامية في دولهم ويتمتع الممثلون الدبلوماسيون ايضا بالحضانة القضائية بقصد تمكينهم من أداء وظائفهم .