أحكام نقض في التعويض

(نقض مدني – الطعن رقم 938 لسنة 62 ق- جلسة 9/1/2005)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(12) دعوى – صفة – تعويض :-
1- رئيس الجمهورية هو صاحب الصفة في تمثيل الدولة في دعاوى التعويض عن وقائع التعذيب وغيرها من الاعتداءات على الحقوق والحريات العامة التي تسأل الدولة عنها مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر يعيبه بمخالفة القانون.
2- الضوابط والمعايير اللازمة لتقدير التعويض تسري عن الضررين المادي والأدبي على سواء دون تخصيص قواعد معينة لتقدير التعويض عن الضرر – أساس ذلك.
المحكمة:-
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ذلك أنه قضى بتأييد حكم أول درجة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضده الثاني – رئيس الجمهورية – إستنادا إلى أن مرتكبي التعذيب من رجال الشرطة بالسجون غير تابعين له في حين أن التعويض عن التعذيب مسئولية الدولة ورئيسها وفقاً لأحكام الدستور مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي سديد. ذلك أنه لما كان مؤدي نص المادتين 52، 53 من القانون المدني أن الأشخاص الاعتبارية هي الدولة والمديريات والمدن والقرى بالشروط التي يحددها القانون والإدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة التي يمنحها القانون شخصية اعتبارية وكان القانون لم يمنح الوزارات شخصية اعتبارية وإنما استبقى الشخصية للدولة وجرى القضاء على اعتبار الوزير المختص ممثلاً لها في الشئون المتعلقة بوزارته وكان مفاد المواد 73، 137، 138، 141، 142 من الدستور أن رئيس الدولة هو رئيس الجمهورية وهو الذي يتولى السلطة التنفيذية فيها ويضع بالاشتراك مع مجلس الوزراء السياسة العامة للدولة ويشرفان على تنفيذها وهو الذي يعين رئيس الوزراء والوزراء ويعفيهم من مناصبهم وله دعوة مجلس الوزراء ورئاسته وطلب التقارير من الوزراء ومن ثم فهو صاحب الصفة في تمثيل الدولة ولا يغير من ذلك أن الوزير يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته باعتباره المتولى الإشراف على شئونها والمسئول عنها والذي يقوم بتنفيذ سياسة الحكومة فيها فذلك ليس من شأنه أن ينفى صفة رئيس الجمهورية في تمثيل الدولة ذاتها.

وكان النص في المادة 57 من الدستور على أن “كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية والمدنية الناشئة عنها بالتقادم وتكفل الدولة تعويضاً عادلاً لمن وقع عليه الاعتداء “وفي المادة الثانية من اتفاقية مناهضة التعذيب التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 10/12/1984 ووافقت مصر عليها بقرار رئيس الجمهورية رقم 154 لسنة 1986 على أن “تتخذ كل دولة إجراءات تشريعية وإدارية وقضائية فعالة أو أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي… ولا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أياً كانت سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديداً بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلى أو أية حالة من حالات الطوارئ العامة كمبرر للتعذيب “وفي المادة الرابعة على أن “تضمن كل دولة طرف أن تكون جميع أعمال التعذيب جرائم بموجب قانونها الجنائي.. مستوجبة للعقاب بعقوبات مناسبة تأخذ في الاعتبار طبيعتها الخطيرة “وفي المادة الرابعة عشرة على أن “تضمن كل دولة طرف في نظامها القانوني إنصاف من يتعرض لعمل من أعمال التعذيب وتمتعه بحق قابل للتنفيذ في تعويض عادل ومناسب “يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على أن المشرع قدر أن التعذيب الذي ترتكبه السلطة ضد الأفراد هو عمل إجرامي ذو طبيعة خطيرة أياً كانت الظروف التي يقع فيها أو السلطة الآمرة بارتكابه وأن الدعاوى الناشئة عنه قد يتعذر الوصول إلى الحق فيها ما بقيت الظروف السياسية التي وقع في ظلها قائمة ولذلك استثنى المشرع هذه الدعاوى من القواعد العامة فمنع سقوطها بالتقادم ولم يقصر المسئولية فيها على مرتكبي التعذيب والجهات التي يتبعونها بل جعل هذه المسئولية على عاتق الدولة بأسرها فإن رئيس الجمهورية يكون ذا صفة في تمثيل الدولة في دعاوى التعويض عن وقائع التعذيب وغيرها من الاعتداءات على الحقوق والحريات العامة التي تسأل الدولة عنها. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضده الثاني رئيس الجمهورية بمقولة أن مرتكبي التعذيب غير تابعين له فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه أقام قضاءه على أن الضرر المادي ينحصر في الإخلال بمصلحة مالية ورتب على ذلك رفض طلبه بالتعويض عما لحقه من ضرر مادي بسبب التعذيب رغم أن المساس بسلامة الجسم بأي أذى يتوافر به الضرر المادي كما قضى بتخفيض التعويض عن الضرر الأدبي من مبلغ 15 ألف جنيه إلى ألف جنيه قولاً منه بأنه يكفي لجبره تعويض رمزي وأن مجرد الحكم على المسئول بتعويض ضئيل كفيل برد اعتبار المضرور في حين أن التعويض يتعين أن يكون عادلاً جابراً للضرر مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي بشقيه سديد. ذلك أن النص في المادة 170 من القانون المدني على أن “يقدر القاضي مدى التعويض عن الضرر الذي لحق المضرور طبقاً لأحكام المادتين 221 ، 222 مراعياً في ذلك الظروف الملابسة…” وفي المادة 171 منه على أن “(1) يعين القاضي طريقة التعويض تبعاً للظروف …..(2) ويقدر التعويض بالنقد ….” وفي المادة 221 منه على أنه “(1) إذا لم يكن التعويض مقدراً في العقد أو بنص في القانون، فالقاضي هو الذي يقدره… “وفي المادة 222 من ذلك القانون على أن “يشمل التعويض الضرر الأدبي….”يدل على أن كل ضرر يمكن تقديره بالنقد فالأصل في التعويض أن يكون تعويضاً نقدياً يجبر بقدر معلوم الضرر الواقع للمضرور جبراً كاملاً مكافئاً له ويراعى القاضي في تقدير التعويض الظروف الشخصية للمضرور فيكون محلاً للاعتبار حالته الصحية والجسمية وجنسه وسنه وحالته الاجتماعية وكل ظرف من شأنه أن يؤثر في مقدار ما لحقه من ضرر يستوي في ذلك الضرر المادي والضرر الأدبي ذلك أن البين من نصوص المواد سالفة البيان أن الضوابط والمعايير الواردة بها تسرى على تقدير التعويض عن الضررين المادي والأدبي على سواء دون تخصيص قواعد معينة لتقدير التعويض عن الضرر الأدبي، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حق الإنسان في الحياة وسلامة جسمه من الحقوق التي كفلها الدستور والقانون وجرم التعدى عليها ومن ثم فإن المساس بسلامة الجسم بأي أذى من شأنه الإخلال بهذا الحق يتوافر به الضرر المادي. وإذا كان الضرر الذي يصيب الشخص في حق أو مصلحة مالية أو جسمه هو ضرر مادي إلا أن الجانب الأدبي من الإنسان سواء من حيث شرفه واعتباره أو عاطفته وشعوره ووجدانه هو بحسب الأصل أغلى قيمة والأضرار التي تصيب الإنسان في شئ من ذلك بطبيعتها متفاوتة فإيذاء المشاعر الناتج عن كلمة نابية يتلفظ بها المخطئ في مشادة عابرة قد يجبرها مجرد الحكم على المسئول بتعويض ضئيل يرد اعتبار المضرور في حين أن حملة تشهير تغتال السمعة والاعتبار بين الناس وتؤثر في مشاعر ووجدان ضحيتها مدة طويلة لا يجبرها مثل ذلك، والضرر المتمثل في إيذاء الشعور الناجم عن استيقاف فرد ليوم أو بعض يوم نتيجة اتهام ظالم يقل بالضرورة عن اعتقال الناس سنين ذات عدد يتعرض فيها المعتقل للتعذيب فيصاب في مشاعره ووجدانه ومعتقداته بما يفقده الإحساس حتى بقيمة الأشياء التي يمتلكها وهو ما قد يؤدي إلى الانتقاص من قدرته على الكسب لفقدان الرغبة فيه أو القدرة النفسية على الإنفاق فلابد أن تراعى المحكمة في تقديرها للتعويض مدى ما أصاب المضرور من قهر وألم وأسى ليكون التعويض مواسياً، ولا يؤدي بسبب ضآلته لزيادة ألمه فتسئ إليه في حين أن المقصود مواساته. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض طلب الطاعن التعويض عما لحقه من أضرار مادية من جراء تعذيبه رغم تسليمه بأنه تعرض للضرب والجلد خلال فترة اعتقاله وقضى بتخفيض التعويض عن الضرر الأدبي بصورة جزافية من مبلغ 15 ألف جنيه إلى مبلغ ألف جنيه قولاً منه بأنه يكفي لجبر هذا الضرر تعويض رمزي فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وحجبه ذلك عن تقدير التعويض العادل المناسب لجبر كافة الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بما يوجب نقضه.
(نقض مدني – الطعن رقم 3535 لسنة 64 ق – جلسة 13/2/2006)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(13) تعويض – اعتداد الحكم المطعون فيه بإلزام الشركة الطاعنة بالتعويض بالحكم الجنائي الصادر حضورياً اعتبارياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد يعيبه لأن باب المعارضة الاستئنافية في الحكم مازال مفتوحاً – أساس ذلك.المحكمة:-
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالأول منهما الخطأ في تطبيق القانون حين عول في قضائه بإلزامها بالتعويض على الحكم الجنائي الصادر في الجنحة بإدانة قائد السيارة المتسببة في الحادث مع أن هذا الحكم لم يصبح باتاً بعد فلا يكفي لتقرير مسئوليتها وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي سديد ذلك بأن المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن مؤدي نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية أنه لا يكون للحكم الجنائي قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية إلا إذا كان باتاً لا يجوز الطعن فيه بالاستئناف أو بالنقض إما لإستنفاذ طرق الطعن فيه أو لفوات مواعيده ، كما أن الحكم الحضوري الاعتباري هو حكم قابل للمعارضة إذا ما أثبت المحكوم عليه قيام عذر منعه من الحضور ولم يستطع تقديمه قبل الحكم. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اعتد في قضائه بإلزام الشركة الطاعنة بالتعويض بحجية الحكم رقم 2370 لسنة 2000 جنح مستأنف البداري المحكوم فيه حضورياً إعتبارياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد في ثبوت خطأ المتهم المتسبب في الحادث وأقام عليه قضاءه بمسئولية الشركة الطاعنة عن التعويض رغم أن باب المعارضة الإستئنافية في الحكم مازال مفتوحاً لعدم إعلانه للمحكوم عليه فلم يصبح باتاً بعد فإنه يكون معيباً مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث السبب الثاني من أسباب الطعن.
(نقض مدني الطعن رقم 3715 لسنة 73 ق جلسة 17/3/2005)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(14) تعويض عن وضع كابل كهرباء ذات ضغط عالي فوق العقار – لا يجوز لشركات الكهرباء دفع مسئوليتهم قبل المضرور بقالة أن وحدات الحكم المحلي هي المسئولة عن أسلاك الضغط العالي لأن محل ذلك دعوى توزيع المسئولية – علة ذلك.

المحكمة:-
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه رفض دفعها بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير صفة رغم أن الشركة طبقاً لقرار إنشائها تختص ببيع وتوزيع الطاقة الكهربائية وليست مسئولة عن خط الكهرباء المسبب للضرر المدعى به والذي تسئل عنه الوحدة المحلية المختصة بإنشاء وصيانة هذا الخط مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأنه لما كان النص في المادة 178 من القانون المدني على أن (كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولاً عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر، ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه) يدل على أن المشرع قصد به أن يرفع ظلماً يحيق بطائفة من المضرورين، فلم يشترط وقوع خطأ من المسئول عن تعويضهم، وإنما أسس هذه المسئولية على خطأ مفترض يكفى لتحققها أن يثبت المضرور وقوع الضرر بفعل الشيء، ولا تنتفى مسئوليته إلا بإثبات السبب الأجنبي، والحارس الذي يفترض الخطأ في جانبه ذلك الشخص – الطبيعي أو المعنوي – الذي تكون له السيطرة الفعلية على الشئ لحساب نفسه سواء كان مالكاً أو غير مالك، وسواء كانت الحراسة معقودة لشخص واحد أو أكثر من شخص متى باشر كل منهم سلطات الحراسة لحساب نفسه على ذات الشئ في آن،

أو كانت ممارستهم لها على نحو متصل ومتداخل دون أن تنتقل السيطرة الفعلية لأيهم على سبيل الإنفراد فليس المقصود بعدم تجزئة الحراسة منع تعدد الحراس وإنما حماية المضرور في حالة انتقال السيطرة المادية على الشئ لغير الحارس ولحسابه فتظل مسئوليته قائمة عن الأضرار الناشئة عن الشئ سواء كانت ناتجة عن استعماله أو لعيب في تكوين الشئ ذاته حتى لا يكلف المضرور عبء إثبات سبب الضرر كما خلت نصوص القانون المدني مما يمنع تعدد الحراسة سواء اتحد سندهم أو تعدد فالأوفى بمقاصد المشرع أن يكون كل منهم مسئولاً عن أداء كامل التعويض للمضرور مع بقاء حقهم في توزيع المسئولية فيما بينهم أو رجوع أحدهم على غيره طبقاً للقواعد المقررة في القانون المدني وهو ما استلهمه المشرع في المادة 67 من قانون التجارة إذ نصت على مسئولية كل من منتج السلعة، ومستوردها، وتاجر الجملة على السواء عن الأضرار البدنية والمالية الناشئة عن عيب في السلعة حتى ولو لم يكن أحد منهم يعلم بالعيب وكذلك المادة 252 من القانون ذاته التي نصت على تضامن الناقلين على التعاقب وبطلان أي اتفاق يخالف ذلك،

والنص في المادة 169 من القانون المدني على أنه “إذا تعدد المسئولون عن عمل ضار كانوا متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر “وكانت الشخصيات الاعتبارية لا يكون لها من الاستقلال والأهلية إلا بمقدار ما جاء في سند إنشائها ويقوم بينها من الروابط ما لا يمكن أن يقوم بين الشخصيات الطبيعية فقد تتداخل حتى تفنى بالاندماج أو تتجزأ فينبثق من الشخصية الواحدة شخصيات متعددة، وكانت نصوص التشريعات المتعددة والمتلاحقة التي تحكم إنتاج وتوزيع الطاقة الكهربائية بدءاً من قرارات رئيس الجمهورية 1472 ، 1473 ، 1474 لسنة 1964 بإنشاء مؤسسات عامة أسند إليها إنتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية حتى صدور القانون 164 لسنة 2000 بتحويل هيئة كهرباء مصر إلى شركة مساهمة مصرية تسمى الشركة القابضة لكهرباء مصر ثم صدور قرار رئيس الجمهورية 339 لسنة 2000 بإعادة تنظيم مرفق الكهرباء هذه النصوص قاطعة الدلالة على أن المشرع اعتبر إنتاج الطاقة الكهربائية ونقلها وتوزيعها من المنافع العامة التي تخضع للإشراف المباشر للحكومة المركزية بما يستتبعه ذلك من اعتبار منشآتها من الأموال العامة.

وأياً كان وجه الرأي في طبيعة حق الدولة على الأموال العامة فالنص في المادة 87 صريح في عدم جواز تصرف الدولة في المال العام على نحو يتعارض مع تخصيصه للنفع العام وكل ما لها أن تستعين في إدارته بغيرها. وكانت العبرة في تكييف العلاقة والروابط التي تربط الدولة بالمال العام والمنتفع به هي – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – بحقيقة الواقع وحكم القانون وأن الدولة لا تملك التصرف في المال العام إلا على سبيل الترخيص المؤقت الغير ملزم لها فإذا باعت شيئاً من الأموال العامة كان تصرفها باطلاً بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام، ولا يغير من ذلك أن الدولة قد ملكت المنشآت الكهربائية للشركة القابضة وهي إحدى شخصيات القانون الخاص ولا أن الشركة قد اقتطعت هذه المنشآت لشركات متفرعة منها فأعطت شركات الإنتاج محطات التوليد وشركة النقل شبكة الجهد العالي والفائق وشركات التوزيع شبكة الجهد المتوسط والمنخفض ولا إسناد مهمة إنشاء وصيانة شبكات الإنارة العامة لوحدات الحكم المحلي ذلك أن حقيقة الواقع أن مرفق الكهرباء بكافة منشآته هو صورة من صور المرافق العامة المملوكة للدولة والتي لا تتولى إدارتها بنفسها مباشرة وإنما بإسنادها إلى أشخاص اعتبارية قائمة أو تنشأ جهات أخرى تتولى نشاطه المادي والقانوني وتمنحها قدراً من الاستقلال الفني والإداري والمالي والشخصية الاعتبارية في الحدود اللازمة لمباشرة نشاطها فالشركة القابضة وشركات التوزيع ووحدات الحكم المحلي ليست سوى أشخاصاً اعتبارية تدير من خلالها الدولة مرفق الكهرباء المملوك لها وتكون لهذه الشخصيات الحراسة الفعلية على المنشآت الكهربائية الداخلة في نطاق اختصاصها الوظيفي والمكاني ولا يغير من ذلك أنها لا تمارس سلطات الحراسة لحساب نفسها قصراً واستقلالا لأن ولاية الدولة ذاتها بالنسبة للأموال العامة تقتصر على الحراسة والحفظ والإدارة والإشراف لحساب المستفيد الحقيقي وهو الأمة التي تنتفع من ملكية الدولة لهذه المنشآت.

وكانت الأعمدة والأسلاك وكافة المعدات المستخدمة في إنتاج ونقل الكهرباء ليست بذاتها من الأشياء الخطرة وإنما مكمن الخطورة هو ما يسرى فيها من طاقة كهربائية وهي منتج له طبيعة خاصة فلا تسلم من يد إلى يد شأن الأشياء المادية بل يتعاصر إنتاجها ونقلها توزيعها دون فاصل زمني ملحوظ فتتداخل هذه المراحل وتتصل ببعضها على نحو يتعذر معه الفصل بينها فتبقى السيطرة الفعلية للمنتج والناقل والموزع ولا تنتقل ولا ينفرد بها أحدهم خلال سريانها في الشبكات فتظل الحراسة لهم جميعاً ويكون كل منهم مسئولاً قبل المضرور حماية له حتى لا يكون تكليفه بتعيين المسئول من بينهم وقت حدوث الضرر سبيلاً لضياع حقوقه في ظل تعدد وتلاحق التشريعات التي تنقل وتعدل في تبعية المنشآت الكهربائية للأشخاص الاعتبارية التي تنشئها الدولة وتسند إليها إدارة مرفق الكهرباء وهو ما يتفق مع نهج المشرع بإضافة فقرة ثالثة إلى المادة 115 من قانون المرافعات تكتفي بمجرد ذكر الجهة المدعى عليها ليصح اختصام الشخصية الاعتبارية وقالت المذكرة الإيضاحية في هذا الخصوص (لا يجوز أن يكون تغير الصفة في تمثيل الشخص الاعتباري العام أو الخاص سبباً في تعطيل الدعوى..

ذلك أن تعدد التشريعات التي تناولت بالإدماج بعض الجهات في غيرها أو تغيير تبعيتها في وقت اتسع فيه نطاق هذه الجهات ما بين هيئات ومؤسسات وشركات عامة وغيرها ولرفع هذه المشقة عن المتقاضين ومنع تعثر خصومتهم فقد أضاف المشرع هذه الفقرة مكتفياً ببيان اسم الجهة المدعى عليها) ومن ثم يكون للمضرور أن يقيم دعواه قبل الشركة القابضة وشركات التوزيع ووحدات الحكم المحلي جميعاً أو قبل أي منهم وكل جهة وشأنها في الرجوع على شركائها في الحراسة عملاً بنص المادة 169 من القانون المدني.

لما كان ذلك، وكان خط الكهرباء المسبب للضرر المقضي بالتعويض عنه وبإزالته من مكانه – يدخل في حراسة الشركة الطاعنة وشركات التوزيع فيكون كل منهم مسئولاً عن الضرر الناجم عنه ولا يجوز لأيهم دفع مسئوليته قبل المضرور بمسئولية غيره من شركائه في الحراسة لأن محل ذلك هو دعوى تحديد أو توزيع المسئولية فيما بينهم وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعنة بالتعويض وبإزالة خط الكهرباء موضوع النزاع يكون قد التزم صحيح القانون فإن ما تثيره الطاعنة بسبب النعي بشأن انتفاء مسئوليتها وبمسئولية الوحدة المحلية متعين الرفض.
(نقض مدني – الطعن رقم 2335 لسنة 73 ق – جلسة 9/5/2005)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(15) تعويض عن بلاغ كاذب – طرح الحكم المطعون فيه دفاع الطاعن بمقولة عدم توافر الخطأ قبل المطعون ضدهم لأن الأخير كان في موقف المدافع بعد إبلاغ الطاعن عنه وخصوماته مع أبيه بشأن استلام الأرض هو قول لا يواجه دلالة المستندات المقدمة من الطاعن مما يعيبه بالقصور – أساس ذلك.

المحكمة:-
وحيث أن الطاعن ينعى الحكم المطعون فيه بالخطأ والقصور في التسبيب إذ أنه تمسك أمام محكمة الموضوع أن المطعون ضده الأخير قد أبلغ وأشهد معه باقي المطعون ضدهم بأن الطاعن قد سلب حيازته لأرض النزاع وبالقوة الجبرية مما ترتب عليه فقد الطاعن لهذه الحيازة – بقرار من النيابة العامة ومؤيد من قاضى الحيازة – وذلك من سنة 1985/1986 الزراعية حتى سنة 1988/1989 وتقديمه للمحاكمة الجنائية – رغم علم المطعون ضدهم قبل الإبلاغ بأن الطاعن قد استلم الأرض تنفيذاً لحكم قضائي نهائي بموجب محضر مؤرخ 29/2/1984 موقع عليه من المطعون ضده الأول أعقبه تعرض المطعون ضده الأخير وتم التنفيذ الجبري قبله في 13/12/1984. إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع بمقولة أن المطعون ضده الأخير كان في موقف المدافع لوجود خصومات بين أبيه والطاعن – وأن باقي المطعون ضدهم لا يعلمون بواقعة استلام الطاعن للأرض تنفيذاً لحكم نهائي لأن ما أدلوا به في محاضر جمع الاستدلالات كان في حدود ما وجه له من أسئلة، وهو رد لا يواجه هذا الدفاع – مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن – المقرر في قضاء هذه المحكمة – أن الحكم يجب أن يشمل بذاته ما يطمئن المطلع عليه إلى أن المحكمة محصت الأدلة التي قدمت إليها وحصلت منها ما تؤدي إليه وذلك باستعراض هذه الأدلة والتعليق عليها بما ينبئ عن بحث ودراسة أوراق الدعوى، وأن ترد على كل دفاع جوهري يبديه الخصوم ويطلب منها بطريق الجزم أن تدلى برأيها فيه – بحيث يكفى ردها لمواجهة هذا الدفاع وإلا اعتبر حكمها خالياً من الأسباب.

لما كان ذلك. وكان البين من الأوراق أن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع وأن المطعون ضده الأخير قد أساء استعمال حقه في الإبلاغ وأشهد باقي المطعون ضدهم في المحضر 559 لسنة 1984 إداري قنا بأن الطاعن قد سلب حيازته لأرض النزاع بالقوة – فصدر قرار النيابة العامة بتمكين المطعون ضده الأخير منها وتأيد من قاضى الحيازة في 18/5/1985 – مما ترتب عليه فقد الطاعن الانتفاع بالأرض ملكه من سنة 1985/1986 الزراعية حتى سنة 1988/1989 وتقديمه للمحاكمة الجنائية – رغم ثبوت علم المطعون ضدهم قبل هذا البلاغ بأن الطاعن كان قد استلم الأرض تنفيذاً لحكم نهائي – رقم 118 لسنة 1980 جزئي قنا بفسخ عقد إيجار والد المطعون ضده الأخير للأرض – وأن المطعون ضده الأول (دلال الناحية) قد وقع على محضر تسليمها للطاعن والمؤرخ 29/2/1984 كما تم التنفيذ الجبرى لهذا الحكم قبل المطعون ضده الأخير بعد تعرضه على النحو الثابت بالمحضر 25 لسنة 1984 أحوال قسم قنا في 13/12/1984 وقدم للمحاكمة الجنائية في الجنحة 2654 لسنة 1984 قنا وهو ما ترتب عليه حرمانه من الانتفاع بملكه قرابة ثلاث سنوات – إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع بمقولة عدم توافر الخطأ قبل المطعون ضدهم لأن الأخير كان في موقف المدافع بعد إبلاغ الطاعن عنه وخصوماته مع أبيه في دعاوى بشأن استلام الأرض – وأن باقي المطعون ضدهم لا يعلمون بواقعة استلام الطاعن للأرض بالقوة الجبرية لأن ما أدلوا به في محاضر جمع الاستدلالات كان في حدود ما وجه لهم من أسئلة، وهو قول لا يواجه هذا الدفاع ودلالة المستندات سالفة البيان – مما يعيبه بالقصور في التسبيب ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
(نقض مدني – الطعن رقم 1956 لسنة 61 ق – جلسة 9/5/2005)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ

(16) تعويض – يجوز للعامل أن يجمع بين حقه في التعويض عن إصابة العمل من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية وحقه في التعويض قبل المسئول عن الفعل الضار طبقاً لأحكام المسئولية التقصيرية – أساس ذلك.

المحكمة:-
لما كان البين من الأوراق أن المطعون ضدهم أولاً أقاموا دعواهم الماثلة بطلب التعويض عما أصابهم من أضرار مادية وأدبية ناجمة عن وفاة مورثهم فضلاً عما يستحقونه من تعويض موروث نتيجة خطأ الطاعنة مما يرتب مسئوليتها الذاتية طبقاً لأحكام القانون المدني في شأن المسئولية التقصيرية فإنها لا تكون ناشئة عن تطبيق أحكام قانون التأمين الاجتماعي فيحق لهم رفعها مباشرة أمام القضاء وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون ولما كان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن صاحب الدفع أو الدفاع هو المكلف بإثباته وكانت الطاعنة لم تقدم الدليل على أن علم المطعون ضدهم أولاً بشخص المسئول عن الضرر كان يسبق رفع دعواهم بمدة تزيد على ثلاث سنوات وكان لا وجه للتلازم الحتمي بين تاريخ وقوع الضرر من شخص بعينه وبين علم المضرور والذي يحيط بحدوث هذا الضرر وبالشخص المسئول عنه وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض الدفع المبدي من الطاعنة بسقوط حق المطعون ضدهم في التعويض بالتقادم الثلاثي فإن النعي يكون على غير أساس وإذ كان يجوز للعامل أن يجمع بين حقه في التعويض عن إصابة العمل من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية وحقه في التعويض قبل المسئول عن الفعل الضار طبقاً لأحكام المسئولية التقصيرية وكان خطأ صاحب العمل الذي يرتب مسئوليته الذاتية هو خطأ واجب الإثبات وكان الاستخلاص هذا الخطأ هو مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع مادام هذا الاستخلاص سائغاً ومستنداً إلى عناصر تؤدي إلى واقع الدعوى،

لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية وما أطمأنت إليه من أوراق الدعوى ومستنداتها خلصت بأسباب سائغة إلى توافر الخطأ في جانب الطاعنة بما يوجب مسئوليتها الذاتية ورتبت على ذلك قضاءها بإلزامها بالتعويض فإن النعي في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ويضحى الطعن برمته مقاماً على غير الأسباب المبينة بالمادتين 248، 249 من قانون المرافعات فتأمر المحكمة بعدم قبوله عملاً بالمادة 263 من ذات القانون.
(نقض مدني – الطعن رقم 9225 لسنة 64 ق – جلسة 13/2/2005)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(17) تعويض الإصابة التي تحدث للعامل – الإصابة التي تحدث للعامل والتي تسأل عنها الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية. لابد أن يكون التعويض عنها ناشئاً عن تطبيق أحكام هذا القانون – القانون رقم 79 لسنة 1975 بشأن التأمين الاجتماعي – فإذا كان ناشئاً عن تطبيق أحكام قانون آخر فلا تسأل عنها الهيئة – مخالفة هذا النظر خطأ في تطبيق القانون – أساس ذلك.

المحكمة:-
وحيث إن الهيئة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول من أسباب الطعن الخطأ في تطبيق القانون فيما انتهى إليه من إلزامها بالتعويض المحكوم به بالتضامم مع المتسبب المطعون ضده الثاني رغم تأييده الحكم المستأنف فيما انتهى إليه من أن سبب الحادث يرجع إلى خطأ شخصي من المتسبب “رب العمل” إعمالاً لحكم المادة 163 من القانون المدني بما يتعارض وحكم المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 والتي تحظر التمسك قبل الهيئة بالتعويضات التي تستحق عن الإصابة طبقاً لأي قانون آخر وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن النص في المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 على أنه “لا يجوز للمصاب أو المستحقين عنه التمسك ضد الهيئة المختصة بالتعويضات التي تستحق عن الإصابة طبقاً لأي قانون آخر، كما لا يجوز لهم ذلك أيضاً بالنسبة لصاحب العمل إلا إذا كانت الإصابة قد نشأت عن خطأ من جانبه “تدل على أن الإصابة التي تحدث للعامل والتي تسأل عنها الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لابد أن يكون التعويض عنها ناشئاً عن تطبيق أحكام هذا القانون فإذا كان ناشئاً عن تطبيق أحكام قانون آخر فلا تسأل عنها الهيئة. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه وإن خلص إلى ثبوت خطأ رب العمل الشخصي – المطعون ضده الثاني – إلا أنه انتهى إلى إلزام الهيئة الطاعنة بالتضامم معه في أداء التعويض بما يعنى إلزامها بالتعويض إستناداً إلى أحكام القانون المدني وهو ما يتنافى مع حكم المادة 68 سالفة البيان مما يعيب الحكم ويوجب نقضه لهذا السبب.
(نقض مدني – الطعن رقم 1433 لسنة 72 ق – جلسة 3/5/2005)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(18) تعويض – تنازل المضرور عن حقوقه المدنية والأدبية قبل قائد السيارة مرتكبة الحادث فإن ذمة المؤمن تبرأ من هذه الحقوق – أساس ذلك.

المحكمة:-
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق حين أطرح ما تمسكت به من دفاع في صحيفة الاستئناف المرفوع منها ببراءة ذمتها من دين التعويض المطالب به لتنازل المطعون ضدهما – الأول عن نفسه والثانية – عن حقوقهما المدنية الناشئة عن الحادث وذلك بموجب محضر الصلح المقدم منهما أمام محكمة الجنح معتبراً أن هذا التصالح قد اقتصر على الدعوى الجنائية فلا أثر له على مسئوليتها المدنية مع أن الثابت به تنازل المطعون ضدهما عن كافة حقوقهما المدنية والأدبية قبل المؤمن له الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في محله ذلك بأن المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المشرع وقد أنشأ للمضرور من حوادث السيارات دعوى مباشرة قبل المؤمن بمقتضى المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية الناشئة عن حوادث السيارات يستطيع بمقتضاها المضرور من الحادث الذي يقع من السيارة المؤمن من مخاطرها الرجوع مباشرة على شركة التأمين لاقتضاء التعويض عن الضرر الذي أصابه نتيجة لهذا الحادث دون اشتراط ضرورة اختصام المؤمن له في هذه الدعوى أو سبق استصدار حكم بتقرير مسئوليته عن الحادث فإنه بذلك يكون قد أوجد للمضرور من حوادث السيارات مدينين بالتعويض المستحق له هما المؤمن المدين بمقتضى الدعوى المباشرة والمؤمن له المدين طبقاً للقواعد العامة في المسئولية فكلاهما مدين بذات الدين وبكل الدين وإن كان دين كل منهما لا ينحدر من مصدر واحد ويترتب على ذلك أن الدائن المضرور يستطيع أن يطالب أياً منهما بكل الدين فإذا استوفاه من أحدهما برأت ذمة الآخر كما يستطيع أي منهما أن يوفى الدائن كل الدين فتبرأ بذلك ذمة الآخر مما ينبني عليه كذلك أن المضرور إذا نزل عن مطالبته للمؤمن له استفاد المؤمن من ذلك.

لما كان ما تقدم وكانت الشركة الطاعنة قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بعدم أحقية المطعون ضدهما عن نفسيهما في التعويض عما لحق بهما من أضرار نتيجة وفاة ابنتهما مستدلة في ذلك بمحضر الصلح المرفق بملف الجنحة رقم 11807 لسنة 1999 قطور والذي قدمت صورة ضوئية منه – لم يجحدها المطعون ضدهما – والثابت منها تنازل المطعون ضدهما عن كافة حقوقهما المادية والأدبية قبل قائد السيارة مرتكبة الحادث وهو المؤمن له فإنه يترتب على ذلك أن تبرأ ذمة المؤمن – شركة التأمين الطاعنة – من هذه الحقوق وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح هذا الدفاع على القول أن هذا التصالح قد اقتصر على الدعوى الجنائية وأن الأوراق قد خلت مما يفيد أنه قد انسحب على الحقوق المدنية الناشئة عن الجريمة ولم يفطن لدلالة هذا المستند فإنه يكون معيباً بالقصور ومخالفة الثابت بالأوراق اللذين جراه إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه جزئياً في خصوص ما قضى به من تعويض مادي موروث وأدبي للوالدين دون أن يمتد ذلك إلى التعويض المقضي به للمطعون ضده الأول بصفته ولياً طبيعياً على أولاده القصر أشقاء المتوفاة لعدم شمول التنازل لهذا التعويض.
(نقض مدني – الطعن رقم 6383 لسنة 74 ق – جلسة 20/4/2006)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(19) تأمين – تعويض – التأمين الذي يعقده مالك السيارة هو لتأمينه ضد مسئوليته المدنية من حوادثها لصالح الغير استهدف به المشرع حماية المضرور وضمان حصوله على حقه في التعويض الجابر للضرر الذي نزل به، ومن ثم لا يغطى ما يلحق مالك السيارة المؤمن له من أضرار نتيجة الحادث الذي تكون هي أداته – أساس ذلك.

المحكمة:-
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، حين رفض دفاعها بعدم استحقاق المطعون ضدهما للتعويض المطالب به لعدم استفادة مورثهما من أحكام قانون التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات باعتباره مالك السيارة أداة الحادث، الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن ذلك النعي سديد – ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن النص في المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات على أن “يلتزم المؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو عن أية إصابة بدنية تلحق أي شخص من حوادث السيارة إذا وقعت في جمهورية مصر وذلك في الأحوال المنصوص عليها في المادة 6 من القانون رقم 449 لسنة 1955….” والنص في الشرط الأول من وثيقة التأمين المطابقة للنموذج الملحق بقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 152 لسنة 1955 الصادر تنفيذاً للمادة الثانية من قانون التأمين الإجباري سالف الذكر “على سريان التزام المؤمن بتغطية المسئولية الناشئة عن الوفاة أو أية إصابة بدنية تلحق أي شخص من الحوادث التي تقع من السيارة المؤمن عليها لصالح “الغير” أياً كان نوع السيارة ” مؤداه أن التأمين الإجباري الذي يعقده مالك السيارة إعمالاً لحكم المادة 11 من القانون رقم 66 لسنة 1973 بإصدار قانون المرور – المقابلة للمادة السادسة من القانون 449 لسنة 1955 – هو تأمين ضد مسئوليته المدنية من حوادثها لصالح “الغير استهدف به المشرع حماية المضرور وضمان حصوله على حقه في التعويض الجابر للضرر الذي نزل به، ومن ثم فإنه لا يغطى ما يلحق مالك السيارة المؤمن له من أضرار نتيجة الحادث الذي تكون هي أداته، يستوي في ذلك أن يكون الضرر قد وقع عليه مباشرة أم وقع على غيره وأرتد إليه. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن مورث المطعون ضدهما هو مالك السيارة أداة الحادث الذي نتج عنه موته، مما يخرج به عن نطاق الاستفادة من التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادثها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وأطرح دفاع الطاعنة في هذا الشأن وقضى بإلزامها بالتعويض فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين الحكم في موضوع الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف.
(نقض مدني – الطعن رقم4358لسنة73 ق – جلسة 7/4/2005)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(20) تعويض – خلو الأوراق من أن السيارة المؤمن عليها هي بذاتها أداة الحادث، قضاء الحكم المطعون فيه رغم ذلك بالتعويض دون أن يبين المصدر الذي إستقى منه ذلك يعيبه بالفساد في الاستدلال – أساس ذلك.

المحكمة:-
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي بإلزامها بمبلغ التعويض المقضي به على قالة إن السيارة مرتكبة الحادث مؤمن عليها لديها رغم أنها تمسكت بخلو الأوراق من دليل على حقيقة رقم السيارة المتسببة في الحادث وطلبت ضم أوراق الجنحة رقم 1199 لسنة 1991 جنح مستأنف شرق القاهرة تحقيقاً لدفاعها إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن إيراد هذا الدفاع والرد عليه رغم جوهريته مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كان الحكم قد بني على واقعة لا سند لها من أوراق الدعوى أو مستندة إلى مصدر موجود ولكنه مناقض لها فإنه يكون باطلاً وأنه من المقرر أيضاً أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها. وأن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة. لما كان ذلك وكان الثابت أن الطاعنة تمسكت بخلو الأوراق من ثمة دليل يقطع بأن السيارة المؤمن عليها لديها هي بذاتها أداة الحادث وطلبت لتحقيقه تقديم صورة رسمية من المحضر المحرر عنه – إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزامها بالتعويض الذي قدره على اعتبار أنها الشركة المؤمن لديها على السيارة مرتكبة الحادث دون أن يبين المصدر الذي استقى منه ذلك فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع مما يعيبه ويوجب نقضه.
(نقض مدني – الطعن رقم2462لسنة71 ق – جلسة 9/1/2005)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(21) تعويض – تأمين- إذا كان الخطر محدداً بتحديد سببه في العقد فإن المؤمن لا يلتزم بتغطية الأضرار الناشئة عن الخطر إلا إذا كان ناتجاً عن هذا السبب الوارد بالعقد – ترك المطعون ضده سيارته في مكان عام غير مغلقة الأبواب وبها مفتاح إدارتها فحدث بها تلفيات نتيجة سطو أو سرقة فلا يلتزم الطاعن بتغطية تلك الأضرار الناتجة عن هذا السطو أو السرقة – علة ذلك.

المحكمة:-
إن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة فيها وترجيح بعضها على البعض الآخر إلا أنها تخضع لرقابة محكمة النقض في تكييف هذا الفهم وفي تطبيق ما ينبغي من أحكام القانون بحيث لا يجوز لها أن تطرح ما يقدم إليها تقديماً صحيحاً من الأوراق والمستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن تدون في حكمها بأسباب خاصة ما يبرر هذا الإطراح، وإلا كان حكمها قاصراً. وأن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في الأسباب الواقعية يقتضى بطلانه، وبما مؤداه أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصراً. وأنه إذا أخذت محكمة الموضوع بتقرير الخبير المقدم في الدعوى وأحالت في بيان أسباب حكمها إليه وكان ما أورده الخبير لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها بحيث لا تصلح رداً على دفاع جوهري تمسك به الخصوم كان حكمها معيباً بالقصور – وكان من مقتضى عقد التأمين على الأشياء اتفاق المؤمن والمؤمن له على تغطية الأضرار التي يحتمل أن تصيب المؤمن له خلال مدة معينة يتحمل فيها المؤمن تبعة الأضرار مقابل جعل التأمين الذي يتقاضاه من المؤمن له،

وذلك بشرط وقوع الحادث أو تحقق الخطر المؤمن منه، واتفاقهما هو الذي يحدد هذا الخطر محلاً ونطاقاً وسبباً، فإذا انعقد اتفاقهما على التأمين ضد الخطر أياً كان سببه التزم المؤمن بأداء مبلغ التأمين عند تحقق الخطر المؤمن منه بغض النظر عن سببه ، أما إذا كان الخطر محدداً بتحديد سببه فإن المؤمن لا يلتزم بتغطية الأضرار الناشئة عن الخطر إلا إذا كان ناتجاً عن السبب أو الأسباب المعينة الواردة بالعقد مع مراعاة باقي شروط التعاقد، لما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق أن الشركة الطاعنة تمسكت أمام محكمة الموضوع بعدم أحقية المطعون ضده التعويض المطالب به لعدم تغطية وثيقة التأمين للتلفيات التي لحقت بالسيارة المؤمن عليها لديها باعتبار أن مرجع تلك التلفيات إهمال المطعون ضده إياها بمكان عام غير مغلقة الأبواب وبها مفتاح إدارتها على نحو ما أقر به بالمحضر رقم 2864 لسنة 2001 جنح قسم ثان الزقازيق – بما يعد مخالفاً لشروط وثيقة التأمين التي توجب عليه المحافظة عليها، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع حال أنه دفاع جوهري قد يتغير به – إن صح – وجه الرأي في الدعوى وأقام قضاءه على سند من تقرير الخبير المقدم في الدعوى والذي لم يتناول في بحثه ما أثارته الشركة الطاعنة بدفاعها السابق بيانه فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
(نقض مدني – الطعن رقم 3192 لسنة 74 ق – جلسة 27/12/2005)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(22) تعويض – تأمين – إحتساب الحكم المطعون فيه مدة الثلاثين يوماً التالية لانتهاء وثيقة التأمين للحكم بالتعويض من تاريخ انتهاء الوثيقة، وليس من تاريخ انتهاء المدة المسدد عنها الضريبة يعيبه – علة ذلك.

المحكمة:-
وحيث إن حاصل ما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه بسببي الطعن الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بانحسار التغطية التأمينية عن الحادث لأن السيارة مؤمن عليها عن المدة من 20/9/1999 حتى 20/10/2000 ومسدد عنها الضريبة حتى 19/9/2000 في حين وقع الحادث بتاريخ 29/10/2000 بعد انقضاء شهر المهلة طبقاً لشهادة البيانات المقدمة من المطعون ضدهم وطلب استخراج شهادة بيانات عن السيارة فأطرح الحكم ذلك وقضى بالتعويض مما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن النص في المادة الرابعة من القانون 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات على أن “يسرى مفعول الوثيقة عن المدة المؤداة عنها الضريبة، ويمتد مفعولها حتى نهاية فترة الثلاثين يوماً التالية لانتهاء تلك المدة “يدل على أن وثيقة التأمين الإجباري على السيارات تغطى المدة التي تؤدي عنها الضريبة على السيارة ، وكذلك تغطى مدة الثلاثين يوماً التالية لانتهاء تلك المدة. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بانحسار التغطية التأمينية للحادث لوقوعه بعد انتهاء المدة التي تغطيها وثيقة التأمين والتي تبدأ في 20/9/1999 وتنتهي في 20/10/2000 وتشمل مدة الثلاثين يوماً لأنها تحسب من تاريخ المدة المسدد عنها الضريبة وهي 19/9/2000 لتنتهي التغطية التأمينية كلية بتاريخ انتهاء الوثيقة في 20/10/2000 طبقاً للثابت بالشهادة المقدمة – وقد وقع الحادث بتاريخ 29/10/2000 بعد انتهائها وطلب تصريحاً باستخراج شهادة بذلك فأطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع وقضى بالتعويض محتسباً مدة الثلاثين يوماً من تاريخ انتهاء الوثيقة وليس من تاريخ انتهاء المدة المسدد عنها الضريبة فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
(نقض مدني – الطعن رقم 2765 لسنة 74 ق – جلسة 27/2/2006)