حكم تمييز تعاطى مخدرات

محكمة التمييز
الدائرة الجزائية
جلسة 7/ 10/ 2003
برئاسة السيد المستشار/ كاظم محمد المزيدي رئيس الجلسة، وعضوية السادة المستشارين/ محمود دياب وعاطف عبد السميع ونجاح نصار ومصطفى كامل.
(21)
(الطعن رقم 412/ 2002 جزائي)
1 – طعن (ما يجوز الطعن فيه من الأحكام) – تمييز – ارتباط.
– الطعن بالتمييز في المواد الجزائية – لا يجوز إلا في الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف في مواد الجنايات دون تلك التي تصدر في مواد الجنح إلا أن تكون الجنحة مرتبطة ارتباطًا لا يقبل التجزئة – أساس ذلك – مثال.
2 – إيداع – تدابير – مواد مخدرة – مؤثرات عقلية – عقوبة (عقوبة الإيداع بالمصحة) – طعن (ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام) – قانون (تطبيقه) – إدمان.

– الحكم الصادر بتدبير الإيداع أحد المصحات – لا يجوز الطعن عليه بالاستئناف أو التمييز – شرط ذلك – صدور الحكم به موافقًا لأحكام القانون بثبوت حالة الإدمان على تعاطي المخدرات – وجوب أن يستظهر الحكم تلك الحالة لدى المحكوم عليه – خروجه على هذا الوجوب – أثره – جواز الطعن عليه – مثال.
3 – محكمة دستورية (أثر الحكم بعدم الدستورية) – تهريب جمركي (التهريب الحكمي) – تمييز – حكم (التمييز الجزئي للحكم) – محكمة التمييز (سلطتها) – قانون (قانون أصلح) – جريمة – عقوبة.
– قضاء المحكمة الدستورية بعدم دستورية نص البند (6) من المادة (17) من الرسوم بقانون (13) لسنة 1980 بشأن الجمارك – أثره: زوال صفة التأثيم عن فعل التهريب الجمركي الحكمي ويتحقق به معنى القانون الأصلح للمتهم – ما دامت الدعوى الجنائية ما زالت قائمة لم يفصل فيها بحكم بات – وجوب القضاء بإلغاء ما قضى به الحكم عن التهريب الجمركي وبراءة المتهم منها.

1 – المادة الثامنة من القانون رقم (40) لسنة 1972 بشأن حالات الطعن بالتمييز وإجراءاته لا تجيز الطعن بالتمييز في المواد الجزائية إلا في الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف في مواد الجنايات دون تلك التي تصدر منها في مواد الجنح إلا أن تكون الجنحة مرتبطة بجناية ارتباطًا لا يقبل التجزئة فيجوز في هذه الحالة الطعن بالتمييز في الحكم الصادر فيهما معًا، وكان الطعن منصبًا على قضاء الحكم المطعون فيه في الجناية موضوع التهمة الأولى والجنحتين موضوع التهمتين الثانية والثالثة المرتبطتين بها ارتباطًا لا يقبل التجزئة، وكذلك جنحة قيادة مركبة آلية دون حمل رخصة سوق موضوع التهمة الرابعة الغير مرتبطة بالجناية موضوع التهمة الأولى ومن ثم فإن الطعن فيما قضى به الحكم بالنسبة لهذه الجنحة لا يكون جائزًا ويتعين القضاء بذلك.

2 – النص في المادة 33/ 2 من قانون المخدرات آنف الذكر على أن: (ويجوز للمحكمة بدلاً من توقيع العقوبة المنصوص عليها في الفقرة السابقة أن تأمر بإيداع من يثبت إدمانه على تعاطي المخدرات أحد المصحات التي يحددها وزير الصحة العامة ليعالج فيها …..) وفي المادة (36) منه على أن: (الأحكام الصادرة بالإيداع طبقًا للمواد (34)، (35)، (36) من هذا القانون لا يجوز الطعن عليها ….) مفاده أن مناط عدم جواز الطعن بالاستئناف أو بالتمييز في الحكم الصادر بتدبير الإيداع مرهون بصدور الحكم به موافقًا لأحكام القانون، وذلك بثبوت حالة الإدمان على تعاطي المخدرات، وهو ما يوجب على الحكم الصادر بذلك أن يستظهر تلك الحالة لدى المحكوم عليه، فإن لم يجر على هذا الوجوب خرج من نطاق المنع وجاز الطعن عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أفصح عن تأييده لأسباب الحكم المستأنف – الذي أثبت تهمة تعاطي المواد المخدرة في حق المطعون ضده – أمر بإيداعه أحد المصحات للعلاج بدلاً من العقوبة المحكوم بها عليه – إلا أن مدوناته قد خلت كلية من الإشارة إلى ثبوت إدمانه على تعاطي المخدرات – خلافًا لما يوجبه القانون – ومن ثم فإن طعن النيابة العامة تأسيسًا على ما سلف يكون جائزا.

3 – قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن زوال صفة التأثيم عن فعل التهريب الجمركي الحكمي المحدد بنص البند (6) من المادة (17) من المرسوم بالقانون رقم (13) لسنة 1980 بشأن الجمارك بصدور الحكم بعدم دستورية هذا النص يتحقق به معنى القانون الأصلح للمتهم ما دامت الدعوى الجنائية ما زالت قائمة لم يفصل فيها بحكم بات، فإن المحكمة تقضي بإلغاء ما قضى به الحكم عن تهمة التهريب الجمركي المنسوبة للمستأنف والقضاء ببراءته منها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 26/ 3/ 2002 بدائرة مخفر شرطة المباحث الجنائية محافظة العاصمة: 1 – حاز وأحرز مادة مخدرة (هيروينا) وكان ذلك بقصد التعاطي دون أن يثبت أنه قد رخص له بذلك قانونا. 2 – ارتكب ما يعد في حكم التهريب الجمركي بأن حاز البضاعة الممنوعة سالفة البيان دون أن يقدم ما يثبت استيرادها بصورة نظامية. 3 – قاد مركبة وهو تحت تأثير المخدر.

4 – قاد مركبة آلية مع عدم حمل رخصة سوق. وطلبت معاقبته بالمواد (1)، (2)، 33/ 1، (39/ 1/ 2) من القانون رقم (74) لسنة 1983 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم (13) لسنة 1995 والبند رقم (62) من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون المذكور والمادتين 36/ 4، 38/ 1 من المرسوم بقانون رقم (67) في شأن المرور المعدل بالقانون رقم (52) لسنة 2001 والمواد 1/ 9، (2)، 17/ 6، (19)، (20) من المرسوم بقانون رقم (13) لسنة 1980 في شأن الجمارك وقرار وزير المالية رقم (3) لسنة 1990 في شأن البيانات والأنظمة الجمركية. حكمت محكمة الجنايات بحبس الطاعن خمس سنوات مع الشغل وبتغريمه خمسة آلاف دينار وغرامة جمركية قدرها عشرة دنانير وأمرت بسحب رخصة قيادته لمدة سنة ومصادرة المضبوطات عن التهم الثلاث الأولى وببراءته من التهمة الرابعة. استأنف الطاعن كما استأنفت النيابة العامة – بالنسبة للتهمة الرابعة للثبوت – وبتاريخ 14/ 8/ 2002 قضت محكمة الاستئناف برفض استئناف النيابة العامة وبإلغاء عقوبة الحبس المقضي بها وبإيداع الطاعن مستشفى الطب النفسي لمدة ستة أشهر لعلاجه من حالة الإدمان وعلى اللجنة الطبية تقديم تقرير عن حالته وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك، فطعنت النيابة العامة على هذا الحكم بطريق التمييز.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.

حيث إن المادة الثامنة من القانون رقم (40) لسنة 1972 بشأن حالات الطعن بالتمييز وإجراءاته لا تجيز الطعن بالتمييز في المواد الجزائية إلا في الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف في مواد الجنايات دون تلك التي تصدر منها في مواد الجنح إلا أن تكون الجنحة مرتبطة بجناية ارتباطًا لا يقبل التجزئة فيجوز في هذه الحالة الطعن بالتمييز في الحكم الصادر فيهما معًا، وكان الطعن منصبًا على قضاء الحكم المطعون فيه في الجناية موضوع التهمة الأولى والجنحتين موضوع التهمتين الثانية والثالثة المرتبطتين بها ارتباطًا لا يقبل التجزئة، وكذلك جنحة قيادة مركبة آلية دون حمل رخصة سوق موضوع التهمة الرابعة الغير مرتبطة بالجناية موضوع التهمة الأولى ومن ثم فإن الطعن فيما قضى به الحكم بالنسبة لهذه الجنحة لا يكون جائزًا ويتعين القضاء بذلك.

وحيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون ذلك أنه ألغى قضاء الحكم المستأنف بمعاقبة المطعون ضده بالحبس مع الشغل عن الجرائم موضوع التهم الثلاثة الأول فضلاً عن عقوبة الغرامة والغرامة الجمركية وسحب رخصة القيادة، وأمر بإيداع المطعون ضده في مستشفى الطب النفسي للعلاج في غير حالاتها وفقًا لما نصت عليه المادة (33) من القانون رقم (74) لسنة 1983 المعدل في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها لعدم ثبوت إدمانه على تعاطي المخدرات، وذلك مما يعيبه بما يستوجب تمييزه.

وحيث إن النص في المادة 33/ 2 من قانون المخدرات آنف الذكر على أن: (ويجوز للمحكمة بدلاً من توقيع العقوبة المنصوص عليها في الفقرة السابقة أن تأمر بإيداع من يثبت إدمانه على تعاطي المخدرات أحد المصحات التي يحددها وزير الصحة العامة ليعالج فيها …..) وفي المادة (36) منه على أن: (الأحكام الصادرة بالإيداع طبقًا للمواد (34)، (35)، (36) من هذا القانون لا يجوز الطعن عليها ….) مفاده أن مناط عدم جواز الطعن بالاستئناف أو بالتمييز في الحكم الصادر بتدبير الإيداع مرهون بصدور الحكم به موافقًا لأحكام القانون، وذلك بثبوت حالة الإدمان على تعاطي المخدرات، وهو ما يوجب على الحكم الصادر بذلك أن يستظهر تلك الحالة لدى المحكوم عليه، فإن لم يجر على هذا الوجوب خرج من نطاق المنع وجاز الطعن عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أفصح عن تأييده لأسباب الحكم المستأنف – الذي أثبت تهمة تعاطي المواد المخدرة في حق المطعون ضده – أمر بإيداعه أحد المصحات للعلاج بدلا من العقوبة المحكوم بها عليه – إلا أن مدوناته قد خلت كلية من الإشارة إلى ثبوت إدمانه على تعاطي المخدرات – خلافًا لما يوجبه القانون – ومن ثم فإن طعن النيابة العامة تأسيسًا على ما سلف يكون جائزا. وإذ استوفى الطعن باقي أوضاعه الشكلية فإنه يتعين قبوله شكلاً.

وحيث إنه بالبناءً على ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبًا بالقصور الذي له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون – وهو ما يتسع له وجه الطعن – مما يعجز محكمة التمييز عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقًا صحيحًا على واقعة الدعوى وعن أن تقول كلمتها في شأن ما تثيره الطاعنة بوجه الطعن، ولما تقدم فإنه يتعين تمييز الحكم المطعون فيه.
وحيث إن الاستئناف صالح للحكم فيه.
وحيث إن الحكم المستأنف قد أورد في بيان كاف واقعة الدعوى وأدلة ثبوتها في حق المستأنف، ومن ثم فإن المحكمة تحيل إلى الحكم المستأنف في هذا الخصوص وتتخذ منها أسبابًا لقضائها ولا ترى موجبًا لإعادة ترديدها.

وحيث إن المحكمة لم تقف على دفاع للمستأنف من شأنه أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إنه في مجال العقوبة، فإن المحكمة إذ ترى من ظروف الواقعة ومبادرة المستأنف بالاعتراف بتعاطي المواد المخدرة في التحقيقات وأمام المحكمة، وبالنظر إلى كونه في مقتبل العمر إذ لم يتعد سنه الخامسة وعشرين عامًا، مما يولد الاعتقاد بأنه لن يعود إلى الإجرام – أن تقرر بالامتناع عن النطق بعقابه عن التهمتين الأولى والثالثة – إحراز مادة مخدرة بقصد التعاطي وقيادة مركبة تحت تأثير المخدر – بغير كفالة على أن يقدم تعهدًا يلتزم فيه بالمحافظة على حسن السلوك لمدة سنة عملاً بالمادة (81) من قانون الجزاء وذلك بدلاً من عقوبتي الحبس والغرامة المقضي بها عنهما.

وحيث إنه عن التهمة الثانية – التهريب الجمركي الحكمي – فإنه لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن زوال صفة التأثيم عن فعل التهريب الجمركي الحكمي المحدد بنص البند (6) من المادة (17) من المرسوم بالقانون رقم (13) لسنة 1980 بشأن الجمارك بصدور الحكم بعدم دستورية هذا النص يتحقق به معنى القانون الأصلح للمتهم ما دامت الدعوى الجنائية ما زالت قائمة لم يفصل فيها بحكم بات، فإن المحكمة تقضي بإلغاء ما قضى به الحكم عن تهمة التهريب الجمركي المنسوبة للمستأنف والقضاء ببراءته منها.