الطعن 1829 لسنة 56 ق جلسة 9 / 1 / 1992 مكتب فني 43 ج 1 ق 32 ص 142

جلسة 9 من يناير سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطه نائب رئيس المحكمة، محمد بدر الدين توفيق، شكري جمعه حسين وفتيحه قرة.
————–
(32)
الطعن رقم 1829 لسنة 56 القضائية

(3 – 1) إيجار “إيجار الأماكن” “انتهاء عقد الإيجار” “التنازل عن الإيجار”. دعوى “الخصوم في الدعوى”. قانون “القانون الواجب التطبيق”.
(1)خلو التشريع الاستثنائي لإيجار الأماكن من تنظيم حالة معينة. وجوب الرجوع إلى القواعد العامة في القانون المدني ولو كان العقد ممتداً بقوة القانون.
(2) عقد الإيجار. عدم انتهائه كأصل بوفاة المستأجر. للورثة دون المؤجر الحق في إنهائه متى أبرم بسبب حرفة المستأجر. إبرام العقد لاعتبارات متعلقة بشخص المستأجر. أثره. للمؤجر ولورثة المستأجر الحق في طلب إنهائه. المادتان 601، 602 مدني. علة ذلك. مؤداه. العقود المبرمة لغير أغراض السكنى وغير الداخلة في عداد النشاط التجاري أو الصناعي أو المهني أو الحرفي. عدم انتهائها بوفاة المستأجر. انتقال الحق في الإيجار لورثته. م 601 مدني. لا يحق لهم إلزام المؤجر بتحرير عقد إيجار إعمالاً لحكم المادة 29/ 3 ق 49 لسنة 1977.
(3) دعوى الإخلاء للتنازل عن الإيجار دون إذن هي دعوى بفسخ عقد الإيجار. وجوب اختصام المستأجر الأصلي أو ورثته فيها. علة ذلك.

——————
1 – المقرر – في قضاء هذه المحكمة أن المشرع نظم الأحكام العامة لعقد الإيجار في القانون المدني وهي واجبة التطبيق في الأصل على ما يبرم في ظلها من عقود ما لم يرد في تشريعات إيجار الأماكن الاستثنائية نص خاص يتعارض وأحكامها لتعلق أحكام التشريعات الأخيرة بالنظام العام، فإذا خلا التشريع الاستثنائي من تنظيم حالة معينة تعين الرجوع فيها إلى أحكام القانون المدني باعتبارها القواعد الأساسية حتى ولو كانت المدة المتعاقد عليها قد انتهت وأصبح العقد ممتداً بقوة القانون الاستثنائي.
2 – مفاد النص في المادتين 601، 602 من القانون المدني يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على أن المشرع جعل القاعدة هي أن موت أحد المتعاقدين في عقد الإيجار لا ينهيه بل تنتقل الحقوق والالتزامات الناشئة عنه إلى الورثة أخذاً بأن الأصل في العقود المالية أنها لا تبرم عادة لاعتبارات شخصية، فإذا لم يعقد الإيجار خلافاً للأصل إلا بسبب حرفة المستأجر، أو إذا كان الإيجار لم يبرم إلا لاعتبارات شخصية فإن الإيجار لا ينتهي بقوة القانون بل يجب أن يطلب إنهاؤه، ولئن كان ظاهر نص المادة 602 آنفة الإشارة يفيد أن طلب الإنهاء مقرر لكل من المؤجر وورثة المستأجر المتوفى في الحالتين المنصوص عليهما فيه، إلا أنه استهداء بالحكمة التي أملته فإن طلب الإخلاء مخول لورثة المستأجر دون المؤجر إذا لم يعقد الإيجار إلا بسبب حرفة المستأجر لأن مباشرة مهنة المستأجر المورث تقتضي كفاية قد لا تتوافر فيهم، بخلاف الحالة التي يراعى في إبرام الإيجار اعتبارات متعلقة بشخص المستأجر فإنه يجوز طلب الإخلاء لكل من المؤجر وورثة المستأجر على حد سواء، يؤيد هذا النظر ما أوردته المذكرة الإيضاحية لنص المادة 601 من أنه إذا كان الإيجار قد عقد لاعتبارات شخصية في المستأجر كما في عقد المزارعة و…….. فيجوز للمؤجر أن يطلب إنهاء العقد، وقد أفصح المشرع عن هذا الاتجاه في المادة 29/ 2 من القانون 49 لسنة 1977 فاستحدث إضافة فقرة تنص على أنه “……. إذا كانت العين مؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي فلا تنتهي بوفاة المستأجر أو تركه العين ويستمر لصالح ورثته وشركائه في استعمال العين بحسب الأحوال” ومؤدى ما تقدم – ومع ما استحدثه النص المشار إليه في فقرته الثانية – فإنه يتبقى طائفة من العقود تحكمها نصوص القانون المدني بالنسبة لانتهائها أو انتقالها للورثة وهي العقود التي تبرم لغير أغراض السكنى وفي نفس الوقت لا تدخل في عداد النشاط التجاري أو الصناعي أو المهني أو الحرفي فتخضع عقود إيجار تلك الأماكن بحسب الأصل لحكم المادة 601 من القانون المدني فلا تنتهي بوفاة المستأجر وإنما ينتقل الحق في الإيجار لورثته من بعده – غاية ما في الأمر – أنه لا يحق لهم طلب إلزام المؤجر بتحرير عقد إيجار أسوة بالعقود الخاضعة للمادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 وعملاً بالفقرة الثالثة منها.
3 – دعوى الإخلاء للتنازل عن الإيجار دون إذن كتابي من المالك محلها فسخ عقد الإيجار الصادر منه إلى المستأجر الأصلي فيجب رفعها على هذا الأخير أو ورثته إذ لا تستقيم الدعوى باختصام المتنازل له عن الإيجار وحده لانعدام العلاقة العقدية بينه وبين المالك وباعتبار أن العقد لا ينفسخ على غير عاقديه.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2617 لسنة 1984 شمال القاهرة الابتدائية على المطعون ضده بطلب الحكم بإخلاء الجراج المبين بالصحيفة. وقال شرحاً لدعواه إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 5/ 1976 استأجر مورث المطعون ضده الجراج المذكور من المالك السابق للعقار واستمرت الإجارة إلى نجله (…….) المقيم معه بعد وفاته في 1/ 7/ 1979، وإذ تنازل عنها الأخير لشقيقه المطعون ضده الذي لم يكن مقيماً مع والده المستأجر الأصلي، فأقام الدعوى ومحكمة أو درجة حكمت برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 8263 لسنة 102 ق، 172 لسنة 103 ق القاهرة وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت في 23/ 4/ 1986 بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالسببين الأول والثاني، والوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقول إنه إذ أسس دعواه على أن عين النزاع قد انفردت بعقد إيجار مستقل بقصد استعمالها جراجاً خاص لإيواء سيارة مورث المطعون ضده، ولم تكن من ملحقات مسكنه، ولم يكن التأجير لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو حرفي أن مهني مما حددته الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977، فإن لازم ذلك ومقتضاه انحسار تطبيق هذا النص الاستثنائي على العقد المذكور وخضوعه للقواعد العامة في القانون المدني التي تجيز للمؤجر طلب إنهاء العقد بوفاة المستأجر ما دامت العين لم يراع في تأجيرها حرفة المستأجر أو أي اعتبارات أخرى تتعلق بشخصه عملاً بنص المادة 602 من القانون المذكور. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وطبق على واقعة النزاع حكم المادة 601/ 1 من القانون المدني وأحكام الامتداد القانوني المنصوص عليها في المادة 29/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانونين معاً بغير نص صريح هذا إلى أن النص الأخير ينطبق على الأعيان المؤجرة للسكنى دون غيرها وتشترط الفقرة الثانية من المادة 29 أن يكون للمستفيد من الامتداد وجوداً حكمياً على الأقل بالعين المؤجرة وقت وفاة مورثه وقد خلت الأوراق من دليل على أن المطعون ضده استخدم الجراج في إيواء سيارته قبيل وفاة مورثه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن النعي مردود. ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المشرع نظم الأحكام العامة لعقد الإيجار في القانون المدني وهي واجبة التطبيق في الأصل على ما يبرم في ظلها من عقود ما لم يرد في تشريعات إيجار الأماكن الاستثنائية نص خاص يتعارض وأحكامها لتعلق أحكام التشريعات الأخيرة بالنظام العام، فإذا خلا التشريع الاستثنائي من تنظيم حالة معينة تعين الرجوع فيها إلى أحكام القانون المدني باعتبارها القواعد الأساسية حتى ولو كانت المدة المتعاقد عليها قد انتهت وأصبح العقد ممتداً بقوة القانون الاستثنائي. كان النص في المادة 601 من القانون المدني على أنه “لا ينتهي الإيجار بموت المؤجر ولا بموت المستأجر” وفي المادة 602 على أنه “إذا لم يعقد الإيجار إلا بسبب حرفة المستأجر أو لأي اعتبارات أخرى تتعلق بشخصه ثم مات جاز لورثته وللمؤجر أن يطلبوا إنهاء العقد” يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على أن المشرع جعل القاعدة هي أن موت أحد المتعاقدين في عقد الإيجار لا ينهيه بل تنتقل الحقوق والالتزامات الناشئة عنه إلى الورثة أخذاً بأن الأصل في العقود المالية أنها تبرم عادة لاعتبارات شخصية، فإذا لم يعقد الإيجار خلافاً للأصل إلا بسبب حرفة المستأجر، أو إذا كان الإيجار لم يبرم إلا لاعتبارات شخصية فغن الإيجار لا ينتهي بقوة القانون بل يجب أن يطلب إنهاؤه، ولئن كان ظاهر نص المادة 602 آنفة الإشارة يفيد أن طلب الإنهاء مقرر لكل من المؤجر وورثة المستأجر المتوفى في الحالتين المنصوص عليهما فيه، إلا أنه استهداء بالحكمة التي أملته فإن طلب الإخلاء مخول لورثة المستأجر دون المؤجر إذا لم يعقد الإيجار إلا بسبب حرفة المستأجر لأن مباشرة مهنة المستأجر المورث تقتضي كفاية قد لا تتوافر فيهم، بخلاف الحالة التي يراعى في إبرام الإيجار اعتبارات متعلقة بشخص المستأجر فإنه يجوز طلب الإخلاء لكل من المؤجر وورثة المستأجر على حد سواء، يؤيد هذا النظر ما أوردته المذكرة الإيضاحية لنص المادة 601 من أنه إذا كان الإيجار قد عقد لاعتبارات شخصية في المستأجر كما في عقد المزارعة و…….. فيجوز للمؤجر أن يطلب إنهاء العقد، وقد أصبح المشرع عن هذا الاتجاه في المادة 29/ 2 من القانون 49 لسنة 1977 فاستحدث إضافة فقرة تنص على أنه “……. إذا كانت العين مؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي فلا تنتهي بوفاة المستأجر أو تركه العين ويستمر لصالح ورثته وشركائه في استعمال العين بحسب الأحوال” ومؤدى ما تقدم – ومع ما استحدثه النص المشار إليه في فقرته الثانية – فإنه يتبقى طائفة من العقود تحكمها نصوص القانون المدني بالنسبة لانتهائها أو انتقالها للورثة وهي العقود التي تبرم لغير أغراض السكنى وفي نفس الوقت لا تدخل في عداد النشاط التجاري أو الصناعي أو المهني أو الحرفي فتخضع عقود إيجار تلك الأماكن بحسب الأصل لحكم المادة 601 من القانون المدني فلا تنتهي بوفاة المستأجر وإنما ينتقل الحق في الإيجار لورثته من بعده – غاية ما في الأمر – أنه لا يحق لهم طلب إلزام المؤجر بتحرير عقد إيجار أسوة بالعقود الخاضعة للمادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 وعملاً بالفقرة الثالثة منها. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الإجارة قد وردت على عين النزاع بغرض استعمالها جراجاً خاص لمورث المطعون ضده، ولا تدخل في عداد النشاط التجاري أو الصناعي أو المهني أو الحرفي للمورث، وإن الطاعن ولئن أورد في صحيفة استئنافه رقم 172 لسنة 103 ق – دفاعاً مؤداه أن العقد قد أبرم لاعتبارات متعلقة بشخص المورث المذكور، إلا أنه لم يقم الدليل على ذلك وأن استمرار المطعون ضده في استعمال العين إنما يفوت عليه مصلحة كانت هي الدافع له على التعاقد، كما لم يطلب من المحكمة تمكينه من إثباته، فإن الحكم المطعون فيه إذ طبق القواعد العامة في القانون المدني وأعمل حكم المادة 601 منه والتي رتبت انتقال الحق في الإجارة للمطعون ضده كوارث للمستأجر الأصلي المتوفى في 1/ 7/ 1979 لعدم انتهاء العقد بوفاته وانتهى – بما له من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والقرائن فيها – إلى أن سفر المطعون ضده للخارج في بعثه دراسية مؤقتة بطبيعتها لا يعد بذاته تركاً للعين ينهي العلاقة الإيجارية – فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون ولا عليه إن لم يعمل ما يقضي به نص المادة 602 من ذات القانون، ولا يعيب الحكم ما استطرد إليه من أن المطعون ضده قد أمتد إليه عقد الإيجار بسبب إقامته مع والده المستأجر الأصلي ولم يتخل عن هذا الحق فهو تقرير قانوني خاطئ زائد عن حاجته وغير مؤثر في النتيجة التي انتهى إليها الحكم ولمحكمة النقض أن تصححه دون أن تنقض الحكم، ويكون النعي برمته على غير أساس.

وحيث إن ما ينعي به الطاعن بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق، وبياناً لذلك يقول إن دفاعه إذ جرى أمام محكمة الموضوع بأن شقيق المطعون ضده (………) كان مقيماً مع والدهما (المستأجر الأصلي) قبيل وفاته، وأن، إجارة جراج المنازعة قد انتقلت إليه وواظب على سداد الأجرة إلا أنه قد تنازل عنها لشقيقه المطعون ضده الذي لم ينازعه في ذلك إذ كان يقيم بالخارج وقت وفاة والده ولم يكن يقيم معه، فإن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن المطعون ضده كان مقيماً مع والده وأنه لا دليل على التنازل فإنه يكون معيباً بمخالفة الثابت في الأوراق بما يستوجب نقضه.

وحيث إن النعي غير مقبول. ذلك أن دعوى الإخلاء للتنازل عن الإيجار دون إذن كاتبي من المالك محلها فسخ عقد الإيجار الصادر منه إلى المستأجر الأصلي فيجب رفعها على هذا الأخير أو على ورثته إذ لا تستقيم الدعوى باختصام المتنازل له عن الإيجار وحده لانعدام العلاقة العقدية بينه وبين المالك وباعتبار أن العقد لا ينفسخ على غير عاقديه. لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى أن الطاعن قد أقامها بطلب إخلاء جراج النزاع على سند من انتهاء العقد بوفاة المستأجر الأصلي وانتقال الإجارة إلى نجله (……….) بعد وفاته في 1/ 7/ 1979 الذي تنازل عنها للمطعون ضده دون إذن الطاعن، ومن ثم فإن محل الدعوى في شقها الثاني هو فسخ عقد الإيجار المبرم بين الطاعن و…….. الذي حل محل المستأجر الأصلي مما كان يتعين معه اختصامه في هذا الشق من الدعوى ليقول كلمته فيما أسند إليه من إخلال بالعقد الذي ما زال قائماً بين أطرافه وإلا كانت الدعوى غير مقبولة لرفعها على غير ذي صفة. وإذ خلت الأوراق مما يدل على اختصامه فإنه لا يجدي الطاعن القول بأن الحكم لم يعمل الأثر المترتب على التنازل عن الإيجار على فرض ثبوته في الأوراق، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحاً – على ما سلف بيانه – إلى أن الحق في إجارة العين قد انتقل للمطعون ضده كوارث للمستأجر الأصلي للعين لعدم انتهاء العقد بوفاته، وهو ما ينفي حصول واقعة التنازل عن الإيجار وهي من مسائل الواقع التي تخضع لتقديره فلا يكون قد خالف الثابت في الأوراق.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .