الطعن 2911 لسنة 59 ق جلسة 13 / 4 / 1994 مكتب فني 45 ج 1 ق 133 ص 694 جلسة 13 من إبريل سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى حسيب – نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ شكري العميري، عبد الصمد عبد العزيز، عبد الرحمن فكري – نواب رئيس المحكمة، وعلي جمجوم.
———–
(133)
الطعن رقم 2911 لسنة 59 القضائية

(1)تقادم “التقادم المسقط”. دعوى. دفوع. بطلان.
تقادم دعوى البطلان المطلق بمضي خمسة عشر عام. الدفاع بهذا البطلان لا يسقط بالتقادم. علة ذلك. الدفوع لا تتقادم.
(2)بطلان “بطلان التصرفات”. عقد.
تحول التصرف الباطل إلى آخر صحيح. شرطه. بطلان التصرف الأصلي، وأن تتوافر فيه جميع عناصر التصرف الآخر.
(3)نقض “سلطة محكمة النقض”. حكم.
انتهاء الحكم إلى نتيجة صحيحة. انطوائه على تقريرات قانونية خاطئة. لا عيب. لمحكمة النقض تصحيح هذا الخطأ دون أن تنقضه.
(4) حكم “حجية الحكم”. نظام عام.
حجية الأحكام. من النظام العام.
(5)محكمة الموضوع. حكم “تسبيب الحكم”. “الرد الضمني”.
تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة لها من سلطة محكمة الموضوع. عدم التزامها بالرد استقلالاً على دفاع الخصوم طالما أن الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها في الرد الضمني المسقط له.

————-
1 – المقرر أنه ولئن كانت دعوى البطلان المطلق تسقط بمضي خمسة عشر عاماً، إلا أن الدفع بهذا البطلان – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا يسقط بالتقادم أبداً. ذلك أن العقد الباطل يظل معدوماً فلا ينقلب مع الزمن صحيحاً، وإنما تتقادم الدعوى به فلا تسمع بعد مضي المدة الطويلة، أما إثارة البطلان كدفع ضد دعوى مرفوعة بالعقد فلا تجوز مواجهته بالتقادم لأنه دفع والدفوع لا تتقادم.
2 – يشترط لتحويل التصرف الباطل إلى تصرف آخر صحيح أن يكون التصرف الأصلي باطلاً وأن تتوافر فيه جميع عناصر التصرف الآخر الذي يتحول إليه.
3 – انتهاء الحكم إلى نتيجة صحيحة لا يعيبه أو يفسده ما أورده من تقريرات قانونية خاطئة إذ لهذه المحكمة تصحيحه دون أن تنقضه.
4 – النص في المادة 101 من قانون الإثبات – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – من أن حجية الأحكام من النظام العام. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه عول في قضاءه برفض دفع الطاعن على ما جاء بالحكم الصادر في الدعوى رقم 5932 لسنة 64 مدني كلي القاهرة – المقامة من الطاعن على مورث المطعون ضدهم – من انعدام سبب التزام المطعون ضدهم في عقد القسمة المؤرخ…… ملتزماً حجية هذا الحكم فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة ولا يعيبه أو يفسده ما أورده بأسبابه من تقريرات قانونية خاطئة إذ لهذه المحكمة تصحيحه دون أن تنقضه.
5 – المقرر أن تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة إليها وتقدير قيمتها وترجيح ما تطمئن إليه منها واستخلاص ما تراه من واقع الدعوى من سلطة محكمة الموضوع وهي غير ملزمة بالرد استقلالاً على كل دفاع للخصم طالما أن الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط له.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 16327 لسنة 1985 مدني كلي شمال القاهرة على المطعون ضدهم بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد القسمة المؤرخ 1/ 11/ 1972 والمتضمن اختصاصه بمساحة فدان واحد أرض زراعية موضحة الحدود والمعالم بالصحيفة وقال شرحاً لدعواه إنه بموجب عقد القسمة سالف الذكر تم الاتفاق بينه وبين المطعون ضدهم على اختصاصه بالمساحة سالفة البيان المملوكة لمورثهم لقاء دين مستحق له في ذمة المورث الذي سلمها له نظير هذا الدين، دفع المطعون ضدهم ببطلان عقد القسمة للغش والغلط الجسيم ولانعدام سببه. قضت المحكمة بطلبات الطاعن، استأنف المطعون ضدهم عدا الأخيرة هذا الحكم بالاستئناف رقم 11327 لسنة 104 ق القاهرة. دفع الطاعن بسقوط حق المطعون ضدهم في التمسك ببطلان عقد القسمة، وبتاريخ 17/ 5/ 1989 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعي الطاعن بالسببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان أولهما يقول بأن المطعون ضدهم دفعوا ببطلان عقد القسمة – سند الدعوى – بجلسة 2/ 11/ 1987 بعد انقضاء أكثر من خمسة عشر عاماً من تاريخ تحريره في 1/ 11/ 1972 ولذا تمسك بسقوط حق المطعون ضدهم في هذا الدفع، وإذ رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفع تأسيساً على أن دعواه التي أقامها بتاريخ 19/ 12/ 1985 قطعت مدة التقادم على حين أن المطالبة القاطعة للتقادم هي التي تصدر عن الخصم الذي يسري التقادم في حقه لا تلك التي يتخذها من يجرى التقادم لصالحه وهو ما يعيب الحكم. وفي بيان ثانيهما يقول إن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان عقد القسمة “سند الدعوى” لانعدام ركن السبب تأسيساً على عدم صحة سبب الالتزام وهو ما لا يؤدي إلى البطلان المطلق إذ أنه يدخل في نطاق الغلط المرتب للبطلان النسبي ويندرج تحت الدفع المبدي منه بسقوط حق المطعون ضدهم في طلب إبطال العقد بالتقادم، وأنه بسقوط حقهم في التمسك بإبطاله يكون العقد صحيحاً ولا يجوز إبطاله، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك لما هو المقرر من أنه ولئن كانت دعوى البطلان المطلق تسقط بمضي خمسة عشر عاماً، إلا أن الدفع بهذا البطلان – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا يسقط بالتقادم أبداً. ذلك أن العقد الباطل يظل معدوماً فلا ينقلب مع الزمن صحيحاً، وإنما تتقادم الدعوى به فلا تسمع بعد مضي المدة الطويلة، أما إثارة البطلان كدفع ضد دعوى مرفوعة بالعقد فلا تجوز مواجهته بالتقادم، لأنه دفع والدفوع لا تتقادم وأنه يشترط لتحول التصرف الباطل إلى تصرف آخر صحيح أن يكون التصرف الأصلي باطلاً وأن تتوافر فيه جميع عناصر التصرف الآخر الذي يتحول إليه. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطاعن أقام دعواه بصحة ونفاذ عقد القسمة المؤرخ 1/ 11/ 1972 المبرم بينه وبين المطعون ضدهم الذين دفعوها ببطلانه لانعدام سببه فإنه لا يجوز مواجهة هذا الدفع بالتقادم، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض دفع الطاعن بسقوط حق المطعون ضدهم في التسبب ببطلان عقد القسمة يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة ولا يعيبه أو يفسده ما أورده من تقريرات قانونية خاطئة إذ لهذه المحكمة تصحيحه دون أن تنقضه وإذ كان العقد الباطل يظل معدوماً ولا ينقلب صحيحاً مهما طال الزمن ولا يكون قابلاً للتحول إلى عقد آخر صحيح إلا إذا توافرت فيه جميع عناصر التصرف الآخر الذي يتحول إليه وهو غير متحقق في العقد سند الدعوى. فإن النعي بهذين السببين يكونا على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول بأن مؤدى نص المادتين 136، 127 من القانون المدني أن المشرع وضع قرينة قانونية افترض بمقتضاها أن للعقد سبباً مشروعاً ولو لم يذكر هذا السبب فإذا ذكر في العقد اعتبر السبب حقيقياً ويلتزم به المدين، وهذه القرينة قابلة لإثبات العكس وعبء إثبات ذلك على عاتقه، إما إذا كان دفاعه مقصوراً على أن السبب المذكور في العقد هو سبب صوري فعليه أن يقدم للمحكمة الدليل القانوني على صوريته وبذلك ينتقل عبء إثبات أن للعقد سبباً آخر مشروعاً على عاتق المتمسك به، وإذ انحرف الحكم عن السبب المبين بالعقد ولم يقف عنده ورفض دفعه بعدم جواز إثبات عكسه بغير الكتابة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود لما نصت عليه المادة 101 من قانون الإثبات – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – من أن حجية الأحكام من النظام العام. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه عول في قضاءه برفض دفع الطاعن على ما جاء بالحكم الصادر في الدعوى رقم 5932 لسنة 1964 مدني كلي القاهرة – المقامة من الطاعن على مورث المطعون ضدهم – من انعدام سبب التزام المطعون ضدهم في عقد القسمة المؤرخ 1/ 11/ 1972 ملتزماً حجية هذا الحكم فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة ولا يعيبه أو يفسده ما أورده بأسبابه من تقريرات قانونية خاطئة إذ لهذه المحكمة تصحيحه دون أن تنقضه ويضحى النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجهين الثاني والثالث من السبب الثالث والسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان الوجهين الثاني والثالث من السبب الثالث يقول بأن الثابت بالعقد سند الدعوى أن التزام المطعون ضدهم بالتخارج للطاعن عن المساحة الواردة به لم يكن لقاء ثمن مقبوض إذ الباعث عليه هو إقرارهم بوجود دين للطاعن في ذمة مورثهم ورغبتهم في إبراء ذمة المورث من هذا الدين وهو السبب الحقيقي لهذا الاتفاق ويفيد علم المطعون ضدهم بسابقة رفض دعواه بمطالبة المورث بالدين وأنه – الطاعن – ساق قرائن عدة للتدليل على توافر هذا العلم لدى المطعون ضدهم وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وعول في قضائه بانعدام سبب الاتفاق لسابقة رفض دعواه بمطالبة المورث بالدين طارحاً السبب الوارد بالعقد فإنه يكون معيباً وفي بيان السبب الرابع يقول بأنه تمسك بأن مورث المطعون ضدهم أقر في الدعوى رقم 5932 لسنة 1964 كلي القاهرة أنه لا يجوز المطالبة بالمديونية المطالب بها إلا بعد وفاته وأن ذلك إقراراً قضائياً منه بصحة الدين مع تأجيل استحقاقه إلى ما بعد وفاته وإذ أغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفاع رغم أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى ولم يرد عليه أو يعنى ببحثه فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، لما هو المقرر أن تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة إليها وتقدير قيمتها وترجيح ما تطمئن إليه منها واستخلاص ما تراه من واقع الدعوى من سلطة محكمة الموضوع وهي غير ملزمة بالرد استقلالاً على كل دفاع للخصم طالما أن الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد المضني المسقط له. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه – على نحو ما سبق إيراده في الرد على الوجه الأول من السبب الثالث – انتهى صحيحاً إعمالاً لحجية الحكم الصادر في الدعوى رقم 5932 لسنة 1964 إلى عدم مشروعية السبب الوارد بعقد القسمة سند الدعوى وكان في ذلك الرد الضمني المسقط لما أثاره الطاعن ومن ثم يضحى النعي على غير أساس. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .