الطعنان 297 ، 1102 لسنة 62 ق جلسة 28 / 3 / 1993 مكتب فني 44 ج 1 ق 140 ص 848 جلسة 28 من مارس سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ جرجس اسحق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم الطويلة نائب رئيس المحكمة، أحمد خيري، محمد عبد المنعم وحسين نعمان.
————-
(140)
الطعنان رقما 297، 1102 لسنة 62 القضائية

(1)استئناف “الاستئناف الفرعي”. دعوى “ترك الخصومة”. نظام عام.
الاستئناف الفرعي. زواله بزوال الاستئناف الأصلي. مؤدى ذلك. م 237/ 2 مرافعات. الحكم بقبول ترك الخصومة في الاستئناف الأصلي يستتبع القضاء ببطلان الاستئناف الفرعي. م 239 مرافعات. وجوب تعرض المحكمة لذلك من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام. (مثال).
(2) حكم. نقض “المصلحة في الطعن، السبب غير المنتج”.
النعي الذي لا يحقق سوى مصلحة نظرية للطاعن. غير منتج.
(3) حكم. “حجبه الحكم الجنائي” قوة الأمر المقضي.
حجية الحكم الجنائي أمام المحكمة المدنية. مناطها. فصله فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله. التزام المحكمة المدنية بهذه الأمور في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها. عدم امتداد هذه الحجية إلى الأسباب التي لم تكن ضرورية للحكم بالإدانة أو بالبراءة. (مثال).

————–
1 – مؤدى نص الفقرة الثانية من المادة 237 من قانون المرافعات يدل على أن الاستئناف الفرعي يرتكز على الاستئناف الأصلي لا من حيث نشوئه فحسب وإنما في بقائه أيضاً وأن كل عارض بعرض الاستئناف الأصلي بعد قيام الاستئناف الفرعي يكون من شأنه التأثير في قيام الاستئناف الأصلي – يؤثر بالتالي في الاستئناف الفرعي. الحكم بقبول ترك الخصومة في الاستئناف الأصلي يستتبع الحكم ببطلان الاستئناف الفرعي وهو ما نصت عليه المادة 239 من قانون المرافعات، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الحكم الابتدائي قضى بإلزام الطاعنين في الطعنين بأن يردا للمطعون عليهما الأول والثانية المبلغ موضوع النزاع وقد استأنف الأخير هذا الحكم بالاستئناف رقم 294 لسنة 47 ق واستأنفه البنك الأهلي بالاستئناف رقم 476 لسنة 47 ق، كما استأنفه البنك المركزي بعد الميعاد بالاستئناف الفرعي رقم 1098 لسنة 47 ق، وإذ كان هذا الأخير لم يوجه ثمة طلبات إلى البنك الأهلي، كما لم يوجه استئنافه الفرعي لطلبات هذا الأخير، بل اتفقت طلباتهما على طلب رفض الدعوى، وكان المطعون عليهما الأول والثانية قررا بعد فوات ميعاد الطعن في الحكم الابتدائي بترك الخصومة في الاستئناف الأصلي رقم 294 لسنة 47 ق المقام منهما وقضى الحكم المطعون فيه بقبول ترك الخصومة في هذا الاستئناف فإن ذلك يستتبع حتماً وبقوة القانون بطلان الاستئناف الفرعي وهو ما يتعين على محكمة الاستئناف أن تعرض له وتقضى به من تلقاء نفسها لاتصاله بالنظام العام للتقاضي.
2 – إذ كانت الأسباب التي يقوم عليها الطعن بالنقض الماثل تدور حول ما يدعيه الطاعن بعدم الفصل بحكم بات في قضية الجناية وبطلان إعلان صحيفة الدعوى وطلبه اعتبار الدعوى كأن لم تكن وعدم استحقاق المطعون عليهما للمبلغ المودع بالبنك إلا بعد تسوية النزاع في شأنه، وكان النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب لا يرتب للبنك الطاعن سوى مصلحة نظرية بحتة إذ لو صحت تلك الأسباب واقتضت نقض الحكم فإنه لا تعود على الطاعن من هذا النقض أية فائدة طالما أن محكمة الاستئناف سوف تقضي بعد إحالة القضية إليها ببطلان الاستئناف الفرعي فيكون النعي بأسباب الطعن وأياً كان وجه الرأي فيها غير منتج ويتعين لذلك الحكم بعدم قبول الطعن.
3 – المقرر أن مناط حجية الحكم الصادر في الدعوى الجنائية أمام المحكمة المدنية – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يكون فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحكمة المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية – المتصلة بها وتقتصر هذه الحجية على منطوق الحكم الصادر بالإدانة أو البراءة وعلى أسبابه المؤدية إليه بالنسبة لما كان موضوع المحاكمة دون أن تلحق الحجية الأسباب التي لم تكن ضرورية للحكم بهذه البراءة أو الإدانة.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون عليهما الأول والثانية في كلا الطعنين تقدما إلى السيد رئيس محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب استصدار أمر أداء ضد البنكين الطاعنين بطلب الحكم بإلزام البنك الطاعن في الطعن الأول – البنك الأهلي المصري – بأن يرد لهما مبلغ 230000 جنيه ومبلغ 80000 دولار أمريكي، وبإلزام البنك الطاعن في الطعن الثاني – البنك المركزي المصري – بأن يرد لهما مبلغ 59265 دولاراً أمريكياً والفوائد، وقالا بياناً لذلك إن البنك الأهلي المصري قدم بلاغاً لقسم حماية الأموال العامة باشتراك المطعون عليه الأول مع غيره من موظفي البنك الأهلي فرع الجامعة بالإسكندرية في الاستيلاء على أموال البنك والتي بلغت 2731044 جنيهاً، منها 230000 جنيهاً أضيفت لحساب زوجته المطعون عيها الثانية، ومبلغ 59364 دولاراً أمريكياً أضافها لحسابه، ومبلغ 80000 دولاراً أمريكياً استولى عليها بدون حق وإزاء ذلك فقد طلب المطعون عليه الأول إلى مدير البنك الأهلي فرع الجامعة – تجميد مبلغ 230000 جنيه من حساب المطعون عليها الثانية، كما أودع مبلغ 80000 دولاراً أمريكياً بالبنك الأهلي ومبلغ 59365 دولاراً بالبنك المركزي المصري على ذمة الفصل في القضية وبتاريخ 1/ 3/ 1988 حكمت محكمة الجنايات ببراءة المطعون عليه الأول مما أسند إليه، ومن ثم فقد أضحى من حق المطعون عليهما الأول والثانية استرداد ما أودع على ذمة هذه الجناية، وإذ امتنع رئيس المحكمة عن إصدار الأمر فقد حدد جلسة لنظر الموضوع حيث قيدت الدعوى ضد الطاعنين برقم 1284 سنة 1989 مدني الإسكندرية الابتدائية. وبتاريخ 14/ 2/ 1991 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن في الطعن الأول برد مبلغ 230000 جنيهاً، 80000 دولاراً أمريكياً للمطعون عليهما الأول والثانية وبرفض الدفع المبدى من الطاعن في الطعن الثاني باعتبار الدعوى كأن لم تكن وبإلزامه بأن يرد للمطعون عليهما الأولين مبلغ 59365 دولاراً أمريكياً وبرفض ما عدا ذلك من طلبات استأنف المطعون عليهما الأول والثانية هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 294 لسنة 47 ق، وأيضاً استأنفه البنك الأهلي المصري بالاستئناف رقم 476 لسنة 47 ق لدى ذات المحكمة كما أقام الطاعن في الطعن الثاني – البنك المركزي – استئنافاً فرعياً برقم 1098 لسنة 47 ق، وبتاريخ 29/ 7/ 1991 تنازل المطعون عليهما الأول والثانية عن استئنافهما رقم 294 لسنة 47 ق. وبتاريخ 23/ 12/ 1991 حكمت المحكمة بإثبات ترك المستأنفين في الاستئناف رقم 294 لسنة 47 ق للخصومة وفي الاستئنافين الآخرين برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف. طعن كل من الطاعنين في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة في كل من الطعنين أبدت في أولاهما الرأي بنقض الحكم في الطعن رقم 297 لسنة 62 ق، ودفعت في الثانية بعدم جواز الطعن رقم 1102 لسنة 62 ق، وعرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنهما جدير بالنظر وحددت جلسة لنظرهما وفيها قررت ضم الطعن الثاني للأول والتزمت النيابة رأيها في الطعنين.

أولاً: الطعن رقم 1102 لسنة 62 ق.

حيث إن النص في الفقرة الثانية من المادة 237 من قانون المرافعات على أنه “إذا رفع الاستئناف المقابل بعد مضي ميعاد الاستئناف أو بعد قبول الحكم قبل رفع الاستئناف الأصلي اعتبر استئنافاً فرعياً يتبع الاستئناف الأصلي ويزول بزواله” يدل على أن الاستئناف الفرعي يرتكز على الاستئناف الأصلي لا من حيث نشوئه فحسب وإنما في بقائه أيضاً وأن كل عارض يعرض للاستئناف الأصلي بعد قيام الاستئناف الفرعي يكون من شأنه التأثير في قيام الاستئناف الأصلي يؤثر بالتالي في الاستئناف الفرعي وترتيباً على ما تقدم فإن الحكم بقبول ترك الخصومة في الاستئناف الأصلي يستتبع الحكم ببطلان الاستئناف الفرعي وهو ما نصت عليه المادة 239 من قانون المرافعات لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الحكم الابتدائي قضى بإلزام الطاعنين في الطعنين بأن يردا للمطعون عليهما الأول والثانية المبلغ موضوع النزاع وقد استأنف الأخيران هذا الحكم بالاستئناف رقم 294 لسنة 47 ق، واستأنفه البنك الأهلي بالاستئناف رقم 476 لسنة 47 ق، كما استأنفه البنك المركزي بعد الميعاد لاستئناف الفرعي رقم 1098 لسنة 47 ق، وإذ كان هذا الأخير لم يوجه ثمة طلبات إلى البنك الأهلي كما لم يوجه استئنافه الفرعي لطلبات هذا الأخير، بل اتفقت طلباتهما على طلب رفض الدعوى وكان المطعون عليهما الأول والثانية قررا بعد فوات ميعاد الطعن في الحكم الابتدائي بترك الخصومة في الاستئناف الأصلي رقم 294 لسنة 47 ق المقام منهما وقضى الحكم المطعون فيه بقبول ترك الخصومة في هذا الاستئناف فإن ذلك يستتبع حتماً وبقوة القانون بطلان الاستئناف الفرعي وهو ما يتعين على محكمة الاستئناف أن تعرض له وتقضي به من تلقاء نفسها لاتصاله بالنظام العام للتقاضي. لما كان ما تقدم وكانت الأسباب التي يقوم عليها الطعن بالنقض الماثل تدور حول ما يدعيه الطاعن بعدم الفصل بحكم بات في قضية النيابة وبطلان إعلان صحيفة الدعوى وطلبه اعتبار الدعوى كأن لم تكن وعدم استحقاق المطعون عليهما للمبلغ المودع بالبنك إلا بعد تسوية النزاع في شأنه، وكان النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب لا يرتب للبنك الطاعن سوى مصلحة نظرية بحتة إذ لو صحت تلك الأسباب واقتضت نقض الحكم فإنه لا تعود على الطاعن من هذا النقض أية فائدة طالما أن محكمة الاستئناف سوف تقضي بعد إحالة القضية إليها ببطلان الاستئناف الفرعي فيكون النعي بأسباب الطعن وأياً كان وجه الرأي فيها غير منتج ويتعين لذلك الحكم بعدم قبول الطعن.

ثانياً: الطعن رقم 297 لسنة 62 ق.

حيث إن هذا الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى بإلزامه بأن يرد للمطعون عليهما المبالغ موضوع النزاع استناداً إلى حجية الحكم الصادر في قضية النيابة رقم 3145 لسنة 87 باب شرق الإسكندرية الذي قضى ببراءة المطعون عليه الأول من الاتهام المسند إليه فيها في حين أن هذا الحكم استند في قضائه بالبراءة إلى الشك في صحة الاتهام المنسوب للمطعون عليه الأول ولم يفصل صراحة أو ضمناً في النزاع القائم بين الطرفين حول إضافة هذه المبالغ لحساب المطعون عليهما وتعاملهما عليها وهي واقعة لم يبحثها الحكم الجنائي ولم يفصل فيها كما لم يعرض الحكم المطعون فيه للمستندات التي قدمها للتدليل على دفاعه الجوهري في هذا الخصوص، هذا فضلاً عن أن المطعون عليها الثانية لم تكن خصماً في الدعوى الجنائية فلا يكون لهذا الحكم أية حجية قبلها في النزاع المطروح، وإذ أقام الحكم قضاءه رغم هذا استناداً إلى حجية الحكم الجنائي فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن المقرر أن مناط حجية الحكم الصادر في الدعوى الجنائية أمام المحكمة المدنية – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يكون فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحكمة المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها وتقتصر هذه الحجية على منطوق الحكم الصادر بالإدانة أو البراءة وعلى أسبابه المؤدية إليه بالنسبة لما كان موضوع المحاكمة دون أن تلحق الحجية الأسباب التي لم تكن ضرورية للحكم بهذه البراءة أو الإدانة ولما كان الثابت من الحكم الجنائي الصادر في القضية رقم 3145 لسنة 1987 جنايات باب شرق الإسكندرية أن النيابة العامة أسندت للمطعون عليه الأول وآخرين – ليس من بينهم المطعون عليها الثانية – تهمة الاستيلاء على أموال البنك الطاعن واشتراكه مع بعض موظفيه في الإضرار عمداً بهذه الأموال بأن قاموا بصرفها وآخرين لحسابهم من أموال البنك دون حق، وحكمت محكمة الجنايات بتاريخ 1/ 3/ 1988 ببراءة المطعون عليه الأول مما نسب إليه على سند من أنه لم يثبت أن المذكور قدم أي مستند من المستندات التي حررت بشأن إضافة هذه المبالغ، وأنه كان بإمكان أحد موظفي البنك أن يستعمل أوعية حسابات المطعون عليه الأول وآخرين بالإضافة والخصم في غفلة من باقي الموظفين، وأنه بذلك تكون قد خلت من دليل على اشتراك المطعون عليه المذكور في ارتكاب الجرائم المسندة إليه، وأن الاتهام المسند إليه غير قائم على دليل ومحوط بالشك. لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم الجنائي بشأن عدم مساهمة المطعون عليهما الأولين أو علمهما بالتعامل على المبالغ المضافة لا ينفي إضافة مبالغ في حساب المطعون عليهما بدون وجه حق من جانب موظفي البنك ثم حصول تعامل بشأنها من جانب المطعون عليهما الأولين أو غيرهما ولم يفصل الحكم الجنائي فيما إذا كانت المبالغ التي صارت تجميدها أو إيداعها على ذمة الفصل في النزاع مملوكة للبنك الطاعن من عدمه ولم يكن للحكم الجنائي أن يفصل في هذه المسألة إذ لم يكن مسألة مشتركة بين الدعويين الجنائية والمدنية وبالتالي فلم يكن الفصل فيها لازماً للفصل في الدعوى الجنائية، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بأحقية المطعون عليهما الأول والثانية في استرداد المبالغ محل النزاع استناداً إلى حجية الحكم الجنائي رغم انتفاء هذه الحجية ورغم أن المطعون عليها الثانية لم تكن خصماً في الدعوى الجنائية في حجبه عن تحصيل دفاع الطاعن وما قدمه للتدليل عليه من مستندات والتفت عن تناول هذا الدفاع الجوهري بما يقتضيه من البحث فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .