حكم تمييز (سرقة – اعتراف وليد اكراه مادى)

محكمة التمييز
الدائرة الجزائية
جلسة 28/ 6/ 2005
برئاسة السيد المستشار/ كاظم محمد المزيدي – رئيس الجلسة، وعضوية السادة المستشارين/ محمود دياب ونجاح نصار ومجدي أبو العلا وعلي الصادق عثمان.

(25)
(الطعن رقم 12/ 2005 جزائي)
1 – إثبات “اعتراف”. إكراه. تمييز “حالات الطعن. مخالفة الثابت بالأوراق” و”القصور” و”الفساد في الاستدلال” و”أثر تمييز الحكم”. حكم “بطلانه” و”تسبيب معيب”. بطلان. نيابة عامة. إجراءات تحقيق. محكمة الموضوع “سلطتها في التعويل على الاعتراف”.
– الاعتراف يجب أن يكون اختياريًا. لا يعتبر كذلك ولو كان صادقًا إذا صدر تحت تأثير الإكراه أو التهديد به أيًا ما كان قدره.
– بحث الصلة بين الاعتراف والإكراه المدعى حصوله ونفيه في تدليل سائغ. شرط لتعويل الحكم عليه.
– إثبات وكيل النيابة المحقق وجود لفاف طبي على ساق الطاعن وأنه يتوكأ على عكاز. تعويل الحكم على اعترافه وآخرين واقتصار رده على دفعه ببطلان اعترافه بتحقيقات النيابة العامة لكونه وليد إكراه بأنه والآخرين اعترفوا بتلك التحقيقات ولا دليل يساند ذلك الدفع باعتباره يخضع لتقدير المحكمة. قصور وفساد في الاستدلال ومخالفته للثابت بالأوراق تبطله. لا يعصمه من ذلك ما قام عليه قضاؤه من أدلة أخرى، علة ذلك: تساند الأدلة.
– اتصال وجه النعي الذي بني عليه تمييز الحكم

بطاعن آخر ومحكوم عليه كان طرفًا في الخصومة الاستئنافية. أثره تمييز الحكم بالنسبة إليهما.
1 – إذ كان البيّن من مذكرتي دفاع الطاعن أمام محكمة أول وثاني درجة أنه قد دفع بأن اعترافه بتحقيق النيابة العامة كان وليد الإكراه الواقع عليه – على النحو الذي يثيره بأسباب الطعن – وكان يبين من الأوراق أن وكيل النيابة المحقق أثبت عند شروعه في استجواب الطاعن “وجود لفاف طبي على رجله اليمنى وأنه يتوكأ على عكاز”، كما يبين من الحكم المطعون فيه أنه عول في إدانة الطاعنين والمحكوم عليه الآخر – ضمن ما عول عليه من أدلة – على اعترافه بالتحقيقات، ثم عرض لدفاعه بطلان اعترافه لكونه وليد الإكراه واقتصر في الرد عليه بقوله: “وحيث إن المتهمين اعترفوا بجرمهم بتحقيقات النيابة العامة ولا ينال منها ما يطعن عليه دفاع المتهم الأول “الطاعن” ببطلان الاعتراف إذ أنه بغير دليل يسانده باعتباره يخضع لتقدير المحكمة”. لما كان ذلك، وكان الاعتراف الذي يعول عليه يتحتم أن يكون اختياريًا وهو لا يعتبر كذلك – ولا كان صادقًا – إذا صدر تحت وطأة الإكراه أو التهديد به كائنًا ما كان قدره، وأن الأصل أنه على المحكمة – إن هي رأت التعويل على الدليل المستمد من الاعتراف أن تبحث الصلة بينه وبين الإكراه المقول بحصوله وأن تنفي هذا الإكراه في تدليل سائغ، وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم ليس شأنه إهدار ما تمسك به الطاعن فضلاً عن مخالفته الثابت من الأوراق ويكشف عن أن المحكمة لم تحط بهذا الدفع الجوهري وبالأساس الذي قام عليه، وكان الحكم قد اتخذ من تلك العبارة القاصرة سندًا للتعويل على اعتراف الطاعن دون أن يدلل على أن هذا الاعتراف قد صدر منه عن إرادة حرة وصلته بما أثبته المحقق من ملاحظات، فإنه يكون فوق فساده في الاستدلال مشوبًا بالقصور في التسبيب بما يبطله، ولا يعصمه من هذا البطلان ما قام عليه من أدلة أخرى لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجزائية متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين تمييز الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعن والطاعن الثاني والمحكوم عليه….. الذي لم يقرر بالطعن بالتمييز – والذي كان طرفًا في الخصومة الاستئنافية وذلك لاتصال وجه النعي بهما الذي ابتنى عليه تمييز الحكم دون حاجة لبحث أوجه الطعن الأخرى ولا التعرض لطعن الطاعن الثاني.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 – ……. “الطاعن الأول” 2 – …… 3 – …… “الطاعن الثاني” لأنهم في يوم 3/ 6/ 2004 بدائرة مخفر شرطة الفحاحيل – محافظة الأحمدي: 1 – المتهمون جميعًا: سرقوا المبلغ النقدي والأشياء المبينة وصفًا وقدرًا بالأوراق والمملوكة للمجني عليهم…… و…… و…… عن طريق التهديد باستخدام العنف حالة كون أحدهم وهو المتهم الأول يحمل معه سلاحًا ظاهرًا وذلك على النحو المبين بالأوراق. 2 – المتهمان الأول والثاني: ادعيا كذبًا بأنهما من رجال المباحث وقاما بناء على هذه الصفة الكاذبة بعمل يدخل في اختصاص رجال المباحث وذلك على النحو المبين بالأوراق. 3 – المتهم الأول: أ – حاز وأحرز سلاحًا ناريًا “مسدس” بغير ترخيص من الجهة المختصة وذلك على النحو المبين في التحقيقات.

ب – حاز وأحرز ذخائر مما تستخدم في الأسلحة النارية بغير ترخيص من الجهة المختصة على النحو المبين في التحقيقات. ج – ارتكب ما يعد في حكم التهريب الجمركي بأن حاز البضاعة الممنوعة سالفة البيان دون أن يقدم ما يفيد استيرادها بصورة نظامية. وطلبت عقابهم بالمواد 126، 225، 226/ ثالثًا – رابعًا من قانون الجزاء، 1/ 1 – 4، 2/ 1، 21/ 1 – 3 من المرسوم بقانون رقم 13 لسنة 1991 في شأن الأسلحة والذخائر وجنحة بالمواد 2/ 26، 4، 16، 143/ 12، 144/ 4، 145/ 4 – 5 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بإصدار قانون الجمارك الموحد لدول مجلس التعاون وقرار وزير المالية رقم 3 لسنة 1990 بشأن البيانات والأنظمة الجمركية. ومحكمة الجنايات قضت حضوريًا بتاريخ 19/ 10/ 2004. أولاً: بحبس الطاعن الأول خمس سنوات مع الشغل والنفاذ عن التهم الثلاثة الأولى وتغريمه خمسون دينار كويتي ضريبة جمركية ومصادرة السلاح والذخيرة والخزينة المضبوطة. ثانيًا: بحبس المتهم الثاني خمس سنوات مع الشغل والنفاذ مع إبعاده عن البلاد عقب تنفيذ العقوبة. ثالثًا: بحبس الطاعن الثاني خمس سنوات مع الشغل والنفاذ وإبعاده عن البلاد عقب تنفيذ العقوبة. استأنف المحكوم عليهم ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 18/ 12/ 2004 بقبول استئناف كل من المتهمين الثلاثة شكلاً وفي الموضوع: أولاً: بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة للطاعن الأول باستبعاد عقوبة الغرامة الجمركية. ثانيًا: بتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك، فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق التمييز.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن طعن كل من الطاعنين استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم السرقة عن طريق التهديد باستعمال العنف مع التعدد وحمل السلاح وانتحال صفة موظف عام والقيام بعمل يدخل في اختصاصه وحيازة سلاح ناري وذخيرة بغير ترخيص والتهريب الجمركي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك بأنه عول على اعترافه في التحقيقات رغم دفعه ببطلانه لكونه وليد إكراه مادي هو تعذيب رجال المباحث له مما خلف إصابة به بدلالة ما أثبته وكيل النيابة المحقق عند مناظرته من وجود ضماد طبي على رجله وأنه يسمك بعصا يتوكأ عليها، وهو ما يعيبه ويستوجب تمييزه.

ومن حيث إن البيّن من مذكرتي دفاع الطاعن أمام محكمة أول وثاني درجة أنه قد دفع بأن اعترافه بتحقيق النيابة العامة كان وليد الإكراه الواقع عليه – على النحو الذي يثيره بأسباب الطعن – وكان يبين من الأوراق أن وكيل النيابة المحقق أثبت عند شروعه في استجواب الطاعن “وجود لفاف طبي على رجله اليمنى وأنه يتوكأ على عكاز”، كما يبين من الحكم المطعون فيه أنه عول في إدانة الطاعنين والمحكوم عليه الآخر – ضمن ما عول عليه من أدلة – على اعترافه بالتحقيقات، ثم عرض لدفاعه بطلان اعترافه لكونه وليد الإكراه واقتصر في الرد عليه بقوله: “وحيث إن المتهمين اعترفوا بجرمهم بتحقيقات النيابة العامة ولا ينال منها ما يطعن عليه دفاع المتهم الأول “الطاعن” ببطلان الاعتراف إذ أنه بغير دليل يسانده باعتباره يخضع لتقدير المحكمة”.

لما كان ذلك، وكان الاعتراف الذي يعول عليه يتحتم أن يكون اختياريًا وهو لا يعتبر كذلك – ولا كان صادقًا – إذا صدر تحت وطأة الإكراه أو التهديد به كائنًا ما كان قدره، وأن الأصل أنه على المحكمة – إن هي رأت التعويل على الدليل المستمد من الاعتراف أن تبحث الصلة بينه وبين الإكراه المقول بحصوله وأن تنفي هذا الإكراه في تدليل سائغ، وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم ليس شأنه إهدار ما تمسك به الطاعن فضلاً عن مخالفته الثابت من الأوراق ويكشف عن أن المحكمة لم تحط بهذا الدفع الجوهري وبالأساس الذي قام عليه، وكان الحكم قد اتخذ من تلك العبارة القاصرة سندًا للتعويل على اعتراف الطاعن دون أن يدلل على أن هذا الاعتراف قد صدر منه عن إرادة حرة وصلته بما أثبته المحقق من ملاحظات، فإنه يكون فوق فساده في الاستدلال مشوبًا بالقصور في التسبيب بما يبطله، ولا يعصمه من هذا البطلان ما قام عليه من أدلة أخرى لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجزائية متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين تمييز الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعن والطاعن الثاني والمحكوم عليه…… الذي لم يقرر بالطعن بالتمييز – والذي كان طرفًا في الخصومة الاستئنافية وذلك لاتصال وجه النعي بهما الذي ابتنى عليه تمييز الحكم دون حاجة لبحث أوجه الطعن الأخرى ولا التعرض لطعن الطاعن الثاني.
ومن حيث إن الاستئناف غير صالح للفصل فيه.