حكم دستورية بخصوص الشيك والتحكيم

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 4 أغسطس سنة 2001 الموافق الرابع عشر من جمادى الأولى سنة 1422 هــ .
برئاسة السيد المستشار / محمد ولى الدين جلال …….. رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / ماهر البحيري ومحمد على سيف الدين وعلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح الدكتور حنفي على جبالي . وحضور السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو جاد ……… رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن ……. أمين السر
” أصدرت الحكم الأتي :”
في القضية المقيدة في جدول المحكمة الدستورية العليا برقم 8 لسنة 22 قضائية ” تنازع ”
” المقامة من ”
السيد الدكتور / رجائي شارل رمزي إستينو
عن نفسه وبصفته رئيساً لمجلس إدارة شركة أندكونسلت
“ضــــــــــــــــد”
1- السيد المستشار وزير العدل
2- السيد المستشار النائب العام
3- الممثل القانوني لشركة إسكندرية للتبريد
“الإجـــــراءات”
بتاريخ الثامن من أبريل سنة 2000 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالباً وقف تنفيذ الحكم الصادر في الجنحة رقم 8484 لسنة 1994 جنح قصر النيل والمؤيد بالحكم الصادر في الجنحة المستأنفة رقم 6128 لسنة 1995 وسط القاهرة ، وفى الموضوع بتنفيذ الحكم الصادر من هيئة التحكيم في الطلب رقم 4 لسنة 1994 فيما تضمنه من إلزام الشركة المدعى عليها الثالثة بأن ترد إلى المدعى بصفته الشيك رقم 678144 بمبلغ 259200 دولار .
وبتاريخ 1/10/2000 أمر المستشار رئيس المحكمة برفض طلب وقف التنفيذ .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
“الـــــمـــــحــــــكـــمـــــــــة”
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أنه بتاريخ 15/7/1992 أبرمت الشركة المدعية عقد شراكة مع الشركة المدعى عليها الثالثة بغرض استيراد صفقات من الجبن ” الشيدر” من الولايات المتحدة الأمريكية وتوزيعها بمصر ، وإذ ثار خلاف بين الطرفين حول تنفيذ ذلك العقد فقد بادرت الشركة المدعى عليها الثالثة إلى إقامة الجنحة المباشرة رقم 8484 لسنة 1994 أمام محكمة جنح قصر النيل ضد المدعى بصفته متهمة إياه بتحرير الشيك رقم 678144 بتاريخ 20/10/1992 بمبلغ 259200 دولار أمريكي دون أن يكون له رصيد قائم وقابل للسحب ، وبتاريخ 12/2/1995 حكم فيها غيابياً بحبس المدعى ثلاث سنوات وبإلزامه بأن يؤدى المدعى عليه الثالث تعويضاً مقداره 501 جنيه ، فعارض فيه ، وبجلسة 29/9/1995 قضى بالرفض والتأييد .

ومن جهة أخرى كانت الشركة المدعية قد أقامت طلب التحكيم رقم 4 لسنة 1994 أمام الاتحاد العام للغرف التجارية و غرفتي القاهرة والإسكندرية ، وبجلسة 31/10/1995 قضت هيئة التحكيم بإلزام الشركة المدعى عليها الثالثة أن تعيد إلى المدعى الشيك رقم 678144 المتنازع عليه ، وقد أصبح هذا الحكم واجب النفاذ برفض الدعوى ببطلانه وإذ ارتأى أن ثمة تناقضا بين الحكم النهائي الصادر في الجنحة رقم 8484 لسنة 1994 قصر النيل ، وبين الحكم الصادر في طلب التحكيم رقم ……… لسنة 1994 بما يتعذر معه تنفذيهما معاً ، فقد أقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن المحكمة – بما لها من هيمنة على الدعوى – هي التي تعطيها وصفها الحق وتكيفها القانوني الصحيح ، على ضوء طلبات رافعها ، بعد استظهار حقيقة أبعادها ومراميها دون التقيد بحرفية ألفاظها ومبانيها ، وكان ما يهدف إليه المدعى من دعواه هو فض التناقض بين الحكم الصادر في قضية الجنحة المباشرة – في شقيه الجنائي والمدني المتعلق بالتعويض المؤقت – وبين حكم هيئة التحكيم ، والاعتداد بالحكم الأخير دون الحكم الأول ، فإن الدعوى الماثلة ، – في تكيفها الصحيح – تعد من المنازعات المنصوص عليها في البند ” ثالثاً “ من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ، مما يستنهض ولاية المحكمة للفصل فيها .
و حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين قضائيين نهائيين متناقضين ، طبقا للبند الثالث المشار إليه ، هو أن يكون أحد الحكمين صادراً من أية جهة من جهات القضاء . أو هيئة ذات اختصاص قضائي ، والثاني من جهة أخرى منها ، و أن يكونا قد تصادما ليغدو متعذراً – عقلا ومنطقا – اجتماع تنفيذهما معاً ، مما يستوجب أن تتولى المحكمة الدستورية العليا حسم هذا التناقض بالمفاضلة بين الحكمين على أساس من قواعد الاختصاص الولائى لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التي لها ولاية الفصل في الدعوى ، وأحقهما بالتالي بالتنفيذ .
وحيث أن الموضوع في الدعويين إنما يتعلق بمحل واحد هو الشيك المتنازع عليه ، فالحكم الصادر من المحكمة الجنائية ينصب على تحرير هذا الشيك بغير رصيد وحكم هيئة التحكيم يقضى برد الشيك ذاته إلى مصدره ، ومن ثم فقد تعامد الحكمان على محل واحد ، وتناقضا مما يتعذر معه تنفيذهما معاً .
وحيث أن البين من الأوراق أن رحى النزاع قد احتدمت بين الطرفين ، حول أحقية المدعى عليه الثالث في الاحتفاظ بالشيك رقم 678144 المشار إليه واتخاذ إجراءات صرفه عند حلول أجل استحقاقه ، مما حدا بالمدعى إلى إقامة طلب التحكيم لبراءة ذمته من مقابل الوفاء به ، فواجهه المدعى عليه الثالث بالادعاء المباشر موضوع الجنحة رقم 8484 لسنة 1994 قصر النيل ، طالبا عقابه جنائياً ، فضلا عن إلزامه بتعويض مؤقت ، لما كان ذلك وكان الفصل في طلب براءة الذمة من الدين استصحاباً للأصل فيها – ولو كان هذا الدين يمثل مقابل الوفاء في ورقة تجارية – ورد سند الدين إلى محرره ، هو من اختصاص هيئة التحكيم التي ارتضاها الطرفان للفصل فيما يثور بينهما من منازعات ، فإن جهة القضاء العادى إذ عادت وهى بصدد الفصل في الإدعاء المباشر إلى بحث انشغال ذمة المدعى بمقابل وفاء الشيك رقم 678144 محل الدين ذاته ، بعد صدور قضاء نهائي من الجهة المختصة برد ذلك الشيك إلى صاحبه ، وصدوره يد المستفيد عليه يدا عارضة بما لا يبيح له التقدم لصرف قيمته في ميعاد استحقاقه ، تكون قد سلبت اختصاصاً محجوزا لهيئة التحكيم برضاء طرفي مشارطه و في حدود القانون ، ومن ثم ، فإن قضاء هيئة التحكيم – دون الحكم الصادر من جهة القضاء العادى – يكون هو الأحق بالتنفيذ .
” فـــلـــهذه الأســــبــــــاب”
حكمت المحكمة بالاعتداد بالقضاء الصادر من هيئة المشكلة بالاتحاد العام للغرف التجارية وغرفتي القاهرة والإسكندرية فى طلب التحكيم رقم 4 لسنة 1994 .
أمين السر ………………………………………رئيس المحكمة