حق المستأجر وورثته في التنازل عن المكان المؤجر لمزاولة مهنة المحاماة – القانون المصري

الطعن 1980 لسنة 54 ق جلسة 31 / 1 / 1993 مكتب فني 44 ج 1 ق 68 ص 383

برئاسة السيد المستشار/ جرجس اسحق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم الطويلة نائب رئيس المحكمة، أحمد علي خيري، محمد عبد المنعم إبراهيم وخيري فخري.
———
– 1 قانون ” سريان القانون من حيث الزمان”.
المراكز القانونية التي تنشأ في ظل القانون القديم . خضوعها له في آثارها وانقضائها . القواعد الآمرة في القانون الجديد وجوب إعمالها بأثر فورى على مالم يكن قد أكتمل من هذه المراكز من حيث آثارها و انقضائها .
الأصل أن القانون يسرى بأثر فورى على المراكز القانونية التي تتكون بعد نفاذه، سواء في نشأتها أو في إنتاجها آثارها أو في انقضائها وهو لا يسرى على الماضي، فالمراكز القانونية التي نشأت واكتملت فور تحقق سببها قبل نفاذ القانون الجديد كالميراث تخضع للقانون القديم الذى حصلت في ظله، أما المراكز القانونية التي تنشأ وتكتمل خلال فترة تمتد في الزمان، فإن القانون القديم يحكم العناصر والآثار التي تتم بعد نفاذه ولئن كانت المراكز القانونية الاتفاقية تظل خاضعة للقانون القديم الذى نشأت في ظله باعتبار أنه تعبير عن إرادة ذوي الشأن في نشرها أو في آثارها أو في انقضائها إلا أن هذا مشروط بألا يكون القانون الجديد قد أخضع المراكز القانونية سالفة البيان لقواعد آمرة، فحينئذ يطبق القانون الجديد فورا على ما لم يكن قد أكتمل من عناصرها وعلى آثار هذه المراكز الحاضرة والمستقبلة ـ كما يحكم انقضاءها لما كان ذلك وكانت الأحكام الخاصة بتعيين أسباب الإخلاء تسرى بأثر فورى على ما لم يستقر من مراكز وقت نفاذها وإن نشأت في ظل القانون القديم.
– 2 إيجار ” تشريعات إيجار الأماكن. التنازل عن حق إيجار مكتب المحاماة”. قانون ” تعلق القانون بالنظام العام”. محاماة” مكتب المحامي . التنازل عن المكان المؤجر لمزاولة مهنة المحاماة”.
مستأجر المكان المؤجر لمزاولة مهنة المحاماة ولورثته الحق في التنازل عنه لمن يزاول مهنة حرة أو حرفة غير مقلقة للراحة أو ضارة بالصحة م 55 ق 17 لسنة 1983 . سريان هذا التنازل في حق المؤجر ولو لم يأذن به .
صدور القانون رقم 17 لسنة1983 بشأن إصدار قانون المحاماة المعمول به اعتبارا من 1983/4/1 وتضمن النص في الفقرة الثانية من المادة 55 منه على أنه واستثناء من حكم المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة1981يجوز للمحامي أو لورثته التنازل عن حق إيجار مكتب المحاماة لمزاولة مهنة حرة أو حرفة غير مقلقة للراحة أو ضارة بالصحة، بما يدل على أن للمحامي ولورثته من بعده التنازل عن إيجار مكتبه في الحالات الواردة بالنص، وينتج هذا التنازل أثره في حق المؤجر فيظل عقد الإيجار قائما ومستمرا لصالح المتنازل له.
– 3 قانون “سريان القانون من حيث الزمان”. نظام عام “القواعد المتعلقة بالنظام العام “.
تعلق النص القانوني بالنظام العام . أثره . انطباق حكمه بأثر مباشر و فوري على المراكز القانونية القائمة ولو نشأت في تاريخ سابق عليه .
وإذ كان النص في المادة55من القانون رقم17لسنة1983آمرا ومتعلقا بالنظام العام فإنه يسرى بأثر مباشر وفوري من تاريخ العمل به على المراكز القانونية القائمة ولو كانت ناشئة في تاريخ سابق على نفاذه، لما كان ما تقدم وكان الثابت بالأوراق أن المستأجر الأصلي “مورث المطعون عليهم الثلاث الأول كان يعمل محاميا ويستأجر شقة النزاع لاستعمالها مكتبا للمحاماة وأنه تنازل عن حق إيجار المكتب السالف للمطعون عليه الرابع بحكم الفقرة الثانية من المادة 55 من القانون رقم 17 لسنة 1983 ينتج هذا التنازل أثره في حق المؤجر فيظل عقد الإيجار قائما ومستمرا لصالح المتنازل له “المطعون عليه الرابع “باعتباره تنازلا مشروعا وصحيحا طبقا للقانون رغم عدم وجود إذن كتابي من المؤجر وبالتالي فلا يصلح سببا للحكم بإخلاء عين النزاع.
– 4 دستور ” الدفع بعدم الدستورية . أثر الحكم بعدم دستورية نص تشريعي”. قانون “دستورية القوانين . اثر الحكم بعدم الدستورية”. قوة الأمر المقضي ” اثر قوة الامر المقضي”. محاماة “مكتب المحامي . التنازل عن المكان المؤجر لمزاولة مهنة المحاماة”.
صدور حكم بعدم دستورية نص تشريعي . أثره . عدم جواز تطبيقه . اعتباراً من اليوم التالي لنشر الحكم . م49 من قانون المحكمة الدستورية العليا . مؤدى ذلك . عدم مساسه بالحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت بحكم حاز قوة الأمر المقضي ( مثال بشأن عدم دستورية م 55 ق المحاماة 17 لسنة 1983 ) .
مفاد نص المادة 49 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا أنه يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ـ عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم، ومن ثم فإنه لا يمس ـ وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية العليا ـ بالحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت من قبل بحكم حاز قوة الأمر المقضي لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 1984/5/9 من محكمة استئناف القاهرة ومن ثم يكون قد حاز قوة الأمر المقضي تبعا لعدم جواز الطعن فيه بطرق الطعن الاعتيادية وذلك من قبل نشر حكم المحكمة الدستورية العليا القاضي بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 55 من قانون المحاماة في الجريدة الرسمية بتاريخ 1992/6/15 ويضحى صدور هذا الحكم ونشره غير ماس بحق المطعون عليه الرابع في الشقة موضوع النزاع.
– 5 نقض ” اسباب الطعن . السبب المجهل”.
عدم بيان الطاعن ما يعزوه إلى الحكم المطعون فيه من خطأ وموضع هذا العيب منه وأثره في قضائه. نعى مجهل غير مقبول.
إذ كان الطاعن لم يبين في أسباب طعنه وجه التناقض الذى يعزوه إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه فإن ما ينعاه عليه في هذا الخصوص غير مقبول.
———
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 292 سنة 1980 مدني الجيزة الابتدائية ضد المطعون عليهن الثلاث الأول بطلب الحكم بإخلاء العين الموضحة بالصحيفة والتسليم وقال بيانا لذلك إنه بموجب عقد مؤرخ 1/12/1962 استأجر مورث المطعون عليهن شقة النزاع لاستعمالها مكتبا للمحاماة وظل يباشر نشاطه فيها إلى أن توقف بسبب المرض ثم توفى بتاريخ 27/12/1979 دون أن يشرك معه أحدا في استغلاله المكتب كما لا يعمل أحد من ورثته بالمحاماة وإذ انتهى عقد الإيجار بوفاة المستأجر الأصلي فقد أقام الدعوى. تمسك المطعون عليه الرابع بأنه اشترى عين النزاع من المستأجر الأصلي فاختصمه الطاعن في الدعوى لسماع الحكم بذات الطلبات. بتاريخ 29/12/1981م حكمت المحكمة برفض الدعوى، استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 959 سنة 99ق، وبتاريخ 30/4/1983 أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع شهود الطرفين، حكمت بتاريخ 9/5/1984 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
———
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والتناقض وفي بيان ذلك يقول إنه أقام دعواه بطلب إخلاء العين المؤجرة لثبوت حصول واقعة تنازل المستأجر الأصلي لها في ظل العمل بأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 الذي رتب جزاءً هذه المخالفة فيكون هذا القانون هو الواجب التطبيق دون التشريعات اللاحقة التي لا يمتد أثرها على الماضي لتطبق على حالات تمت قبل صدورها إعمالا للأثر الفوري للقانون إلا أن الحكم المطعون فيه استند في قضائه إلى المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981، والمادة 55 من القانون رقم 17 لسنة 1983 رغم حصول واقعة التنازل قبل العمل بهذين القانونين دون أن يعرض لدفاعه في هذا الخصوص بل أنه قضى بتأييد الحكم المستأنف رغم أنه انتهى إلى نفي واقعة المشاركة بما كان يستلزم القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وجاء حكمه الصادر في 30/4/1983 متناقضا مع الحكم الصادر بتاريخ 9/5/1984 بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الأصل أن القانون يسري بأثر فوري على المراكز القانونية التي تتكون بعد نفاذه، سواء في نشأتها أو في إنتاجها أثارها أو في انقضائها، وهو لا يسري على الماضي، فالمراكز القانونية التي نشأت واكتملت فور تحقق سببها قبل نفاذ القانون الجديد كالميراث، تخضع للقانون القديم الذي حصلت في ظله، أما المراكز القانونية التي تنشأ وتكتمل خلال فترة تمتد في الزمان، فإن القانون القديم يحكم العناصر والآثار التي تحققت في ظله، في حين يحكم القانون الجديد العناصر والآثار التي تتم بعد نفاذه، ولئن كانت المراكز القانونية الاتفاقية تظل خاضعة للقانون القديم الذي نشأت في ظله باعتبار أنه تعبير عن إرادة ذوي الشأن في نشوئها أو في آثارها أو في انقضائها إلا أن هذا مشروط بألا يكون القانون الجديد قد أخضع المراكز القانونية سالفة البيان لقواعد أمره، فحينئذ يطبق القانون الجديد فورا على ما لم يكن قد اكتمل من عناصرها وعلى آثار هذه المراكز الحاضرة والمستقبلة كما يحكم انقضاءها، لما كان ذلك وكانت الأحكام الخاصة بتعيين أسباب الإخلاء تسري بأثر فوري على ما لم يستقر من مراكز وقت نفاذها وإن نشأت في ظل القانون القديم وكانت المادة 31 ب من القانون رقم 49 لسنة 1977 قد أجازت للمؤجر أن يطلب إخلاء العين المؤجرة إذا أجر المستأجر المكان المؤجر من الباطن أو تنازل عنه أو تركه للغير بأي وجه من الوجوه بغير إذن كتابي صريح من المالك، واستنادا لهذا النص رفع الطاعن الدعوى طالبا إخلاء المطعون عليهم من العين موضوع النزاع للتنازل عنها، وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة صدر القانون رقم 136 لسنة 1981 والساري العمل به اعتبارا من 31/7/1981 وجرى نص المادة 20/1 منه على أنه “يحق للمالك عند قيام المستأجر في الحالات التي يجوز له فيها بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى الحصول على 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة المنقولات التي بالعين “وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة الاستئناف صدر القانون رقم 17 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون المحاماة المعمول به اعتبارا من 1/4/1983 وتضمن النص في الفقرة الثانية من المادة 55 منه على أنه “واستثناء من حكم المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 يجوز للمحامي أو لورثته التنازل عن حق إيجار مكتب المحاماة لمزاولة مهنة حرة أو حرفة غير مقلقة للراحة أو ضارة بالصحة”. بما يدل على أن للمحامي ولورثته من بعده التنازل عن إيجار مكتبه في الحالات الواردة بالنص، وينتج هذا التنازل أثره في حق المؤجر فيظل عقد الإيجار قائما ومستمرا لصالح المتنازل له، وإذ كان حكم النص في المادة 55 من القانون رقم 17 لسنة 1983 آمرا ومتعلقا بالنظام العام فإنه يسري بأثر مباشر وفوري من تاريخ العمل به على المراكز القانونية القائمة ولو كانت ناشئة في تاريخ سابق على نفاذه، لما كان ما تقدم وكان الثابت بالأوراق أن المستأجر الأصلي “مورث المطعون عليهن الثلاث الأول” كان يعمل محاميا ويستأجر شقة النزاع لاستعمالها مكتبا للمحاماة وأنه تنازل عن حق إيجار المكتب السالف للمطعون عليه الرابع ومن ثم فإنه عملا بحكم الفقرة الثانية من المادة 55 من القانون رقم 17 لسنة 1983 ينتج هذا التنازل أثره في حق المؤجر فيظل عقد الإيجار قائما ومستمرا لصالح المتنازل له “المطعون عليه الرابع” باعتباره تنازلا مشروعا وصحيحا طبقا للقانون رغم عدم وجود إذن كتابي من المؤجر وبالتالي فلا يصلح سببا للحكم بإخلاء عين النزاع.
وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد صادف صحيح القانون ويضحى النعي عليه على غير أساس. ولا ينال من ذلك صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 27/5/1992 الذي قضى بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 55 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 في الدعوى رقم 25 سنة 11ق دستورية لأن مفاد نص المادة 49 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا أنه يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم، ومن ثم فإنه لا يمس – وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية العليا – بالحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت من قبل بحكم حاز قوة الأمر المقضي. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 9/5/1984 من محكمة استئناف القاهرة ومن ثم يكون قد حاز قوة الأمر المقضي تبعا لعدم جواز الطعن فيه بطرق الطعن الاعتيادية وذلك من قبل نشر حكم المحكمة الدستورية العليا القاضي بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 55 من قانون المحاماة في الجريدة الرسمية بتاريخ 15/6/1992 ويضحى صدور هذا الحكم ونشره غير ماس بحق المطعون عليه الرابع في الشقة موضوع النزاع. لما كان ذلك وكان مؤدى قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف لأسباب مستقلة هو تأييد ذلك الحكم في قضائه برفض الدعوى، وكان الطاعن لم يبين في أسباب طعنه وجه التناقض الذي يعزوه إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه فإن ما ينعاه عليه في هذا الخصوص يكون غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .