نظم القانون المدني العراقي احكام حق التصرف في الفصل الأول من الباب الثاني المخصص للحقوق المتفرعة عن حق الملكية وافراد له ثمانين مادة (المواد 1169-1249).

وحق التصرف حق عيني اصلي يخول صاحبه الانتفاع بالأراضي الأميرية واستغلالها بهدف استثمارها تحقيقاً للنفع العام. وبالنظر إلى ذلك فإننا سنمهد لدراسة حق التصرف بكلمة موجزة في انواع الاراضي في القانون العراقي. كان قانون الاراضي العثماني الصادر سنة 1274 هـ (1857م) يصنف في مادته الأولى الاراضي إلى خمسة أصناف هي : الاراضي المملوكة ، والاراضي الاميرية ، والأراضي الموقوفة. والأراضي المتروكة . والأراضي الموات. وقد اقر القانون المدني العراقي بهذه الاصناف الخمسة (1). اما قانون التسجيل العقاري رقم 43 لسنة 1971 فقد اشار إلى اربعة اصناف هي :الاراضي المملوكة ، والاراضي الموقوفة ، والاراضي الاميرية ، والأراضي المتروكة. أما الأراضي الموات . وهي الاراضي غير المملوكة لاحد ولا مخصصة للمنفعة العامة فلم بشر إليها هذا القانون.

1- الاراضي المملوكة :

وهي التي يكون للافراد عليها حق الملك التام. فتكون لهم رقبتها ومنفعتها وكافة حقوقها . وتسمى كذلك بالأراضي المملوكة ملكية صرفة . وهذا ما عيرت عنه المادة (5) من قانون التسجيل العقاري بقولها : “العقارات المملوكة هي التي تعود رقبتها وحقوقها إلى مالكها وفق احكام القوانين “.

2- الأراضي الموقوفة :

وهي التي حسيت اعيانها على حكم ملك الله تعالى ، وتصرف غلتها على وجه يعود نفعه إلى العباد . وهي على نوعين :

(أ) الأراضي الموقوفة وقفاً صحيحاً ، وهي التي كانت مملوكة ثم وقفها مالكها إلى جهة من الجهات يسوغها شرعية (م6) أ (ق. ت. ع).

(ب) الاراضي الموقوفة وقفاً غير صحيح ، وهي التي اصلها من الاراضي الاميرية ووقفها السلاطين أو غيرهم باذنهم . وقد عرفتها المادة ( 6 ب من ق. ت. ع) بقولها : “الأوقاف غير الصحيحة هي ما كانت رقبتها اميرية وحقوق التصرف فيها او رسومها او اعشارها او جميعها موقوفة تخصيصاً لجهة من الجهات”.

3- الاراض الأميرية :

وهي الاراضي التي تعود رقبتها للدولة وقد يكون للافراد عليها بعض الحقوق . وهي على ثلاثة انواع :

(أ) الأراضي الأميرية الصرفة ، وهي التي تعود رقبتها وجميع حقوقها إلى الدولة (م7/ ق. ت. ع).

(ب) والأراضي الأميرية المفوضة في الطابو ، وهي التي تعود رقبتها للدولة ، ولكن الدولة فوضت للأفراد حق التصرف فيها وقفاً لأحكام القوانين (م7/ ب ق. ت. ع).

(جـ) الأراضي الاميرية الممنوحة باللزمة ، وهي الاراضي الاميرية التي منع حق اللزمة فيها لمن كان يتصرف فيها زرعها او غرساً عن طريق الحيازة أو التجاوز، حسب أحكام قانون التسوية واللزمة (م7/ج ق. ت. ع).

4- الأراضي المتروكة :

ويراد بها الاراضي العائدة للدولة والمخصصة لأغراض المنفعة العامة أو لمنفعة اهالي قرية أو قصبة معينة (م8 ق. ت. ع)، كالطرق والمنتزهات ، والمراعي . فيفهم من ذلك ان معنى الاراضي المتروكة بعيد عما توحي به هذه التسمية بالمعنى اللغوي . فلا يراد بها الاراضي المهملة ، وانما تلك التي خصصت للنفع العام ، او ما هو مخصص لأهالي قرية أو قصبة معينة ، ولا يحق لغيرهم الانتفاع بها.

وإلى جانب هذه الأصناف الأربعة من الأراضي . هناك صنف خامس هو (الأراضي العقرية). وهذا النوع من الأراضي لا وجود له إلا في العراقي منذ عهد الوالي مدحت باشا . (2) ويقصد بها الاراضي التي هي في الأصل من الأراضي المملوكة الخراجية التي عجز أصحابها عن استغلالها بسبب الازمات مما اضطر الحكومة إلى وضع يدها على هذه الاراضي واحالتها غلى من يقوم باستغلالها مقابل دفع حصة معينة من الحاصلات إلى أصحابها تتراوح 1/20 و 1/25 و 1/30 تسمى (عقراً) . وللخزينة الخراج أو العشر. فيلاحظ بأن الاراضي في العراقي كانت ، منذ العهد العثماني ، وما تزال ملكاً للدولة ، أذ هي تحتفظ بملكية الرقية فيها وكلن اصنافها كانت. حتى عهد قريب ، تختلف تبعاً لاختلاف الحق الذي يتقرر عليها، فهو اما تفويض بالطابو او منح باللزمة . فمصدر حق التصرف قد يكون التفويض فتنشأ الاراضي الاميرية المفوضة بالطابو. وقد يكون اللزمة فتنشأ الاراضي الاميرية الممنوحة باللزمة. على انه لا بد من ملاحظة ان قانون الاصلاح الزراعي رقم (117 لسنة 1970 قد اعتبر في المادة الثانية منه ما زاد عن الحد المقرر ملكاً للدولة أيا كان صنفها قبل صدور القانون. كما ان المشرع قد تنبه إلى تعدد أصناف الأراضي فأنهى هذا التعدد بأن اصدر قانون توحيد اصناف اراضي الدولة رقم 53 لسنة 1976. فقد اعتبر هذا القانون “جميع الاراضي الاميرية الصرفة، المفوضة بالطابو ، والممنوحة باللزمة . والموقوفة وقفاً غير صحيح ، والاراضي المتروكة ، من صنف الاراضي المملوكة للدولة .وتسجيل باسم وزارة المالية وتعدل سجلاتها وسنداتها في دوائر التسجيل العقاري على هذا الاساس تلقائياً دون اية اجراءات اخرى” (المادة الأولى فقرة اولا). وقضت الفقرة الثانية من المادة نفسها بأنه : “يبقى لأصحاب الحقوق التصريفية في الاراضي المذكورة في البند (اولا) من هذه المادة حق التصرف بالأرض حسب التعامل السابق ، ويؤشر هذا الحق في سجلاتها وسنداتها الخاصة. وينتقل حق العقر إلى هذا الحق . وتتبع بشأن انتقاله احكام القوانين المرعية”. واجازت الفقرة الثالثة من المادة الاولى لصاحب حق التصرف في الاراضي المشمولة بأحكام القانون فراغ الحقوق التصرفية ببدل أو بدون بدل ، وقسمة الاراضي أو توحيدها او افرازها ، كما اجار له وضع الحقوق التصرفية تأميناً للدين. واعطت المادة الثالث من هذا القانون للدولة الحق في اطفاء حق التصرف في الاراضي المملوكة للدولة عند تحقق حالة من الحالات التي حددتها هذه المادة ومنها حاجة الدولة لا نشاء او توسيع مشروع ذي منفعة عامة او تشغيله ، وحالة ما إذا كان صاحب حق التصرف لا يتخذ الزراعة مهنة رئيسية له. ويكون اطفاء حق الصرف مقابل تعويض تكلفت المادتان الخامسة والسادسة من القانون بتفصيل الاسس التي يقوم عليها.

______________

1- انظر المواد 1169 و 1186 و 1246 و 1248 مدني عراقي.

2- للتفصيل راجع: مصطفى مجيد ، شرح قانون التسجيل العقاري ، بغداد ، 1979 ، جـ1 ، ص99 و جـ3 ، ص80 وما بعدها.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .