الدور الايجابي الهام لمشروع قانون الضمان الاجتماعي الجديد

قراءة في مشروع قانون الضمان الاجتماعي الجديد

مركز الرأي للدراسات
اعداد : د. حيدر رشيد
4/2008

تمهيد

عندما تم إقرار قانون الضمان الاجتماعي وبدء العمل به اعتبارا من 1/1/1980 اعتبر في حينه مكسبا هاما ودفعة نوعية لضمان مستقبل العمال وفي خلق مؤسسة وطنية عملاقة تلعب دورا أساسيا وهاما في تدعيم الاقتصاد الوطني بسبب الأموال الهائلة التي يفترض أن تتجمع فيها ويمكن استغلالها في تحقيق التنمية الاقتصادية والتوازن في القطاعات الإنتاجية المختلفة.

منذ ذلك التاريخ لعب الضمان وأمواله أدوارا إيجابية وهامة مختلفة تبعا لطبيعة الوضع الاقتصادي السائد، ففي وقت من الأوقات تدافعت البنوك لاستقطاب أموال الضمان ودفع الفوائد المجزية عليها، وفي مراحل أخرى باتت هذه الأموال تشكل عبئا على البنوك، وقد طرح ذلك امام الضمان الاجتماعي مشكلة إدارة أمواله واستثماراته الأمر الذي انعكس على الأشكال التي اتبعت لذلك حتى استقر الوضع على ما هو عليه الأن من تأسيس هيئة للاستثمار في المؤسسة تعمل على إدارة أمواله.
عمليا ومنذ اللحظة الاولى لتطبيق قانون الضمان الاجتماعي فإن هذا القانون وفي المادة (73) فقرة (أ) منه ألغى مكافأة نهاية الخدمة للمشتركين فيه عندما نصت هذه الفقرة على ما يلي “تقابل التزامات صاحب العمل في تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة بمقتضى هذا القانون مكافأة نهاية الخدمة القانونية المقررة وفقا لأحكام قانون العمل المعمول به”.

هذا النص يعني بالإضافة إلى ذلك أنه يشكل انحيازا كاملا لأصحاب العمل كونه أسقط عنهم عبء مكافاة نهاية الخدمة الأمر الذي أدى إلى تخفيف العبء المالي عنهم لأن مكافأة نهاية الخدمة تدفع للعامل عند نهاية خدمته محسوبة على آخر راتب وصل إليه بينما يدفع صاحب العمل حصته في اشتراك العامل في الضمان كنسبة من راتبه كما هو في بداية كل عام مما يؤدي إلى تحقيق وفورات مالية واضحة في هذا المجال، إضافة إلى أن حقوق العامل في الضمان الاجتماعي قد تقف عند حدود معينة وهي مهددة بالانخفاض الكبير في ضوء التعديلات المقترحة في مشروع قانون الضمان الجديد.
من جانب آخر فإن مضمون هذا النص يعني فعليا بأن أموال الضمان الاجتماعي هي أموال العمال بالكامل (وليس أموال الناس كما يقول بعض مسؤولو الضمان اليوم) سواء كان ذلك من خلال ما يدفعه صاحب العمل عنهم أو ما يقتطع من رواتبهم، الأمر الذي لم ينعكس في القانون الحالي ولا في مشروع القانون كما يجب على هيكلية المؤسسة واستقلاليتها عن الحكومة صاحبة القرار بشكل أو بآخر في إدارة المؤسسة وقراراتها.

القضية الهامة الأخرى أن المشرع أو صاحب القرار أبقى القانون الحالي بدون تعديل لأكثر من خمسة وعشرين عاما وهي فترة طويلة جدا حدثت خلالها تطورات اقتصادية واجتماعية هامة ليأتي الآن وتحت شعار حماية أموال المؤسسة من النضوب ليقوم بتقديم مشروع جديد للقانون يحتوي على جوانب إيجابية بدون شك ولكنه أشبه بالعملية الجراحية التي تفقد الشخص أطرافا رئيسة منه وتطلب منه الاستمرار في العمل والحياة بدون هذه الأطراف.

المشكلة الثالثة والتي يتحمل مسؤوليتها بشكل مباشر مسؤولو الضمان الاجتماعي وأصحاب القرار فيه خلال السنوات الماضية، إن الحديث عن التعديل دون القيام به كان هو السمة الأبرز في عملهم وقد استمر ذلك لعدة سنوات بدون إجراءات حقيقية يمكن أن تتم بشكل تدريجي منذ فترة طويلة وهذا هو السبب الحقيقي لتضخم المشاكل الناجمة عن التقاعد المبكر والذي أوصل نسبة المتقاعدين إلى 73% من مجموع المتقاعدين سنة 2007.

في واقع الحال وفي الظروف الطبيعية فإن الأصل هو أن يستمر العامل في عمله متمتعا بالامتيازات الأخرى التي يحصل عليها بالإضافة إلى راتبه الشهري حتى بلوغه السن الذي لا يستطيع فيه العمل أو المتعارف عليه، ولكن كثرة الحديث عن التعديل خاصة في جانب رفع سن التقاعد المبكر هو الذي حول الاستثناء إلى قاعدة في السنوات الأخيرة وكانت مؤسسة الضمان الاجتماعي هي الأكثر تضررا من ذلك بالإضافة أيضا إلى المتقاعدين أنفسهم والذين زادوا بشكل أو بآخر من عرض العمل في السوق وبالتالي أدوا إلى رفع معدلات البطالة.

مبررات تعديل قانون الضمان الاجتماعي:-

من الناحية المبدئية فإن مرور أكثر من خمسة وعشرين عاما على صدور أي قانون وضعي يعتبر بحد ذاته سببا هاما ورئيسا من أسباب تعديله ليواكب التطور الحاصل خلال هذه الفترة، ومن جهة اخرى وهذه حقيقة صحيحة نسبيا فإن السخاء المفرط للقانون الحالي في بعض الجوانب (كما يقول القائمون على المؤسسة) يعتبر سببا آخر للتعديل ومن المفروض في هذا المجال التساؤل عن السبب الذي من أجله تم منح كل هذه الامتيازات منذ البداية ويجري الحديث عن تخفيضها بشدة الآن في الوقت الذي من المعروف فيه وكان معروفا في السابق أن أنظمة الضمان الأخرى في كافة دول العالم لا تعطي مثل هذه الامتيازات.

في جانب آخر مرتبط بما ذكر وإذا كان هذا السخاء الذي استمر لسنوات طويلة بدون ضبط قد أدى إلى ما يتحدث عنه مسؤولو الضمان الاجتماعي اليوم من استنزاف لأموال الضمان مما يعرض استدامته للخطر وإذا كان هذا هو المبرر الموضوعي الرئيسي الذي دفع القائمين على المؤسسة (ليس الحاليين فقط) أو المشرع للسعي وراء تعديل القانون فإن المشرع لم يغفل بدون شك إجراء تعديلات أخرى بعضها موضوعي ولا خلاف عليه وتفرضه الحاجة والتطور وبعضها خلافي ولا يلبي طموح أو مصالح أطراف أخرى أو قد يستجيب لمصالح غيرها من الأطراف التي من الواضح أنه لم يكن لها موقف مخالف من مشروع القانون منذ بداية الحديث عن تعديله كأصحاب العمل، وعلى كافة الأحوال فإن تعديل القانون يعتبر الآن ضرورة ملحة إلا أن شكل التعديل وطبيعته هو الذي يمكن أن تختلف عليه الأطراف علما بأنه ليس هنالك أي قانون وضعي في العالم يرضي كافة الأطراف المعنية جميعا.

الثغرات الرئيسة في القانون الحالي:-

يتميز القانون الحالي المعمول به بوجود عدد من الثغرات الهامة، ولكن الموقف من بعض هذه الثغرات كما هو معروف موقف خلافي ففي حين يعتبرها البعض جوانب إيجابية فإن البعض الآخر ينظر إليها باعتبارها ثغرات سلبية ولذلك يجب ملاحظة موقف كل طرف من الأطراف تجاه أية قضية.

ثغرات القانون الحالي من وجهة نظر العمال:-
يتضمن قانون الضمان الاجتماعي الحالي عدة ثغرات من وجهة نظر العمال ونقاباتهم العمالية، وأهم هذه الثغرات ما يلي:-
1. إن هذا القانون ألغى مكافأة نهاية الخدمة المقررة في قانون العمل الأردني بالنسبة للمنتسبين للضمان الاجتماعي وقد حاولت عدة نقابات عمالية تأكيد هذا الحق من خلال المحاكم المختلفة، وفي الوقت الذي أقرته المحكمة العمالية إلا أن القضاء المدني بت في هذه القضية بعد أن وصلت القضية إلى محكمة التمييز باعتبار أن الضمان الاجتماعي بديل لمكافأة نهاية الخدمة.
2. إن هذا القانون لا يحقق الاستقلالية الكاملة للمؤسسة كون أموالها هي أموال العمال (وليس كل الناس) وهذا تعبير يبدو في التصريحات أنه يستهدف تعويم هذه القضية.
3. إن هنالك العديد من الثغرات التي تتعلق بالقدرة على تحصيل الأموال من أصحاب العمل تحديدا وذلك بسبب التهرب أو الإعفاءات مما يؤثر على إيرادات المؤسسة الحالية.
4. إن الضمان الاجتماعي لم يقم حتى الآن بتطبيق سوى ثلاث بنود فقط من بنود التامين وهذه البنود هي التامين ضد إصابات العمل وامراض المهنة والتأمين ضد الشيخوخة والعجز والوفاة والتأمين ضد العجز المؤقت بسبب المرض.
5. إن الضمان الاجتماعي لم يقم حتى الآن بشمول العديد من القطاعات والشرائح والفئات الاجتماعية كربات البيوت وأصحاب المهن والحرف الصغيرة والعمال الزراعيين (بأحكام قانون العمل).
6. إن القانون الحالي يتضمن العديد من الثغرات فيما يتعلق بالمنافع التأمينية للمستحقين من الورثة.
7. إن القانون الحالي يتضمن عددا من الثغرات فيما يتعلق بإصابات العمل وخاصة الإجراءات الإدارية التي تضمن حصول المنتسبين على حقوقهم علما بان السنوات الماضية شهدت تعسفا في التعامل مع المنتفعين دفع بالعديد منهم لتحصيل حقوقهم من خلال اللجوء إلى المحاكم المدنية التي أصدرت عشرات الأحكام القضائية المتشابهة أو إلى التنازل عن هذه الحقوق بسبب طول الإجراءات وتعقيدها.

الثغرات الحالية من وجهة نظر المؤسسة:-

يأتي على رأس الثغرات الموجودة في القانون الحالي من وجهة نظر المؤسسة (وهي بطبيعة الحال ليست صاحب عمل) بل هي إدارة تنفيذية مسؤولة عن حسن آداء المؤسسة لأعمالها وتجتهد في العمل على تحقيق ذلك وقد وردت هذه الجوانب الرئيسية في ديباجة مشروع القانون وهي:-

1. ضمان ديمومة تمويل النظام التأميني حيث ورد في هذه الديباجة أن الدراسات الاكتوارية تشير إلى اقتراب نقطة التعادل بين الإيرادات والنفقات التأمينية وهو الأمر الذي يؤدي ضمنا إلى استنزاف العوائد الاستثمارية والاموال إلى أن تتلاشى كليا بحلول عام 2038، مما يعني حرمان الاجيال القادمة من التغطية بمظلة الضمان الاجتماعي.

2. تزايد حجم النفقات الهائلة التي باتت المؤسسة تدفعها إلى المتقاعدين بسبب التقاعد المبكر.
إن كافة الثغرات المذكورة سابقا تعتبر ثغرات مشتركة تهم المؤسسة وتهم العمال أيضا ولذلك فإن المشرع في ضوء ذلك قام بإعداد المشروع الجديد لقانون الضمان الاجتماعي بشكل استهدف معالجة الثغرات الرئيسة المتعلقة بديمومة المؤسسة ووقف النزيف المالي فيها الناجم عن مشكلة التقاعد المبكر ولإعطاء التعديل صيغة شمولية فقد قام إلى جانب ذلك بمعالجة عدد من الاختلالات التي يشكو منها المنتسبون والعمال لكن هذا المشروع وبصيغته المقترحة بقي مشروعا خلافيا، ورغم التوافق الذي تم بين المؤسسة وغالبية مكونات الحركة النقابية إلا أن ذلك لا يعني بأن المشروع قادر بصيغته المقترحة على إرضاء العمال وفئات رئيسة منهم أو على تلبية حاجة كافة الأطراف.

التعديلات التي تضمنها مشروع الضمان:-

لا مجال للنقاش في أن مشروع القانون قد تضمن عددا من التعديلات التي يمكن تصنيفها في ثلاث اتجاهات هي التعديلات الإيجابية المتفق عليها أولا والتعديلات الإيجابية الخلافية ثانيا والتعديلات المختلف عليها ثالثا ومن أجل مزيد من التحديد يمكن إدراج الامثلة التالية على كل من هذه التعديلات:-

• التعديلات الإيجابية المتفق عليها:

1. الحاكمية وتعزيز الاستقلالية:-
يعتبر فصل المؤسسة عن وزارة العمل ومنحها الاستقلالية من حيث الإدارة واتخاذ القرارات الهامة في المالية والتامين والاستثمار من أهم التعديلات الإيجابية التي تمت على المشروع وفي هذا المجال فإن هذا التعديل ينهي التعارض المحتمل بين مرجعيتين في المؤسسة أولاهما رئيس المجلس (وزير العمل) وثانيهما (المدير العام)، هذا التعارض الذي عطل أعمال مجلس إدارة الضمان الاجتماعي خلال فترة سابقة وجمد اجتماعاته.

2. السقف الأعلى لرواتب المتقاعدين:-
يعتبر تحديد سقف أعلى لرواتب المشتركين في الضمان الاجتماعي مقداره خمسة آلاف دينار تعديلا إيجابيا سيؤدي إلى توفير مبالغ كبيرة قد تزداد مع مرور الزمن أولا وإلى وقف حالات التحايل الممكنة في هذا المجال رغم أن إلغاء الفقرة (هـ) من المادة (44) من القانون الحالي والتي تسنثني العاملين في القطاع العام والشركات المساهمة العامة ومن تحدد رواتبهم بموجب اتفاقيات جماعية مع النقابات العمالية من شرط عدم زيادة رواتبهم خلال الخمس سنوات الأخيرة عن 60% يحد بشكل كبير من التحايل الذي كان يتم في هذا الجانب.

3. التوسع في المنافع التامينية للمستحقين من الورثة:-
يعتبر هذا التعديل إيجابيا وتحديدا في حالات الجمع بين الحصص المستحقة وبحد أقصاه ثلاثة أمثال الحد الأدنى للراتب التقاعدي واستحقاق الأرملة كامل نصيبها من راتب التقاعد سواء كانت تعمل أو لا تعمل أو متقاعدة واستحقاق الوالدة نصيبها دون أي شرط واستمرار صرف نصيب الإبن لغاية بلوغه سن (23) عاما دون اشتراط ان يكون طالبا.

4. إجراء تعديلات إيجابية تتعلق بالرواتب التقاعدية ورواتب الاعتلال:-
وهذا التعديل يحقق نتائج إيجابية خاصة من حيث إلغاء شرط عدم تجاوز الراتب التقاعدي الأساسي لنسبة (75%) من متوسط الأجر الذي يحسب على أساسه وعدم المساس بشروط استحقاق راتب التقاعد الوجوبي والسماح بالاستمرار بالشمول بعد سن (60) عاما للذكر وسن (55) عاما للأنثى لغايات استكمال المدة اللازمة للتقاعد أو الاستمرار لزيادة الراتب التقاعدي وفق معامل منفعة وإعادة النظر بجدول ضم سنوات الخدمة السابقة بتخفيض الكلفة وحصره بحالات استكمال المدة.
في نفس هذا الجانب فقد تضمن المشروع تعديلات ايجابية من جانب راتب تقاعد الوفاة الطبيعية تؤدي إلى التخفيف من شروط استحقاق راتب تقاعد الوفاة الطبيعية ليصبح على الأقل (24) اشتراك منها آخر (6) أشهر اشتراكات متصلة بدلا من (12) شهرا متصلة، كما رفع نسبة راتب تقاعد الوفاة الإصابية ليصبح (75% بدلا من (60%).
أما بالنسبة للعجز الكلي والعجز الجزئي الطبيعي فإن مشروع القانون سمح لمن تجاوز سن الشيخوخة (60) عاما للذكور و (55) سنة للإناث أن يحصل على راتب الاعتلال إذا قرر المرجع الطبي عجزه عن العمل، كما منح المؤمن عليه فرصة طلب فحصه من قبل اللجنة الطبية وهو لا يزال على رأس عمله ولمرة واحدة فقط لبيان إن كان عاجزا عجزا كليا طبيعيا.
يعتبر ما ورد في المادة (95) الفقرة (أ) إيجابيا من حيث الحفاظ على الحقوق المكتسبة الواردة في القانون الحالي بما يخص التقاعد المبكر للعاملين الذين استحقوا شروط استحقاق راتب التقاعد المبكر حتى نهاية 31/12/2008 وكذلك بشكل نسبي ما ورد في الفقرة (ب) بالنسبة لمن تجاوزت أجورهم الخمسة آلاف دينار في 1/1/2008.

التعديلات الإيجابية الخلافية:-
تضمن مشروع قانون الضمان الاجتماعي الجديد مجموعة من التعديلات التي تعتبر تعديلات إيجابية من حيث المبدأ إلا أن الطريقة او التفاصيل التي تم إقرارها بها يجعلها خلافية ولا تلبي حاجات أو طموحات المعنيين وتحديدا العمال منهم، ومن ضمن هذه التعديلات ما أضاف حقوقا جديدة ومنها ما عدل في طريقة التعامل مع حقوق قائمة وغير ذلك من التعديلات التي يمكن إدراج ما يلي تحت مظلتها:-

1. تأمين الأمومة:-
ورد هذا التأمين الجديد في قانون الضمان الاجتماعي في الفصل الخامس وأفرد له المشرع ستة مواد، على أن هذا التامين موجود أصلا في قانون العمل الذي عالجه في الفصل الثامن المتعلق بالإجازات وفي المادة (70) من هذا الفصل تحت عنوان تنظيم العمل والإجازات (إجازة الأمومة) وقد جاء في هذه المادة “للمرأة العاملة الحق في الحصول على إجازة الأمومة بأجر كامل قبل الوضع وبعده مجموع مدتها عشرة أسابيع على أن لا تقل المدة التي تقع من هذه الإجازة بعد الوضع عن ستة أسابيع ويحظر تشغيلها قبل انقضاء تلك المدة”.
في مشروع قانون الضمان الاجتماعي حدد المشرع مصادر تمويل تأمين الأمومة بشكل أساسي من:
أ‌. الاشتراكات الشهرية التي يؤديها صاحب العمل بنسبة (0.5%) من أجور المؤمن عليهم.
ب‌. الاشتراكات الشهرية التي يقتطعها صاحب العمل بنسبة (0.25%) من أجور المؤمن عليهم.
إن هذا التأمين الذي تم بحجة حماية المرأة العاملة في حالة فقدان الوظيفة وفي حال الزواج وبحجة أنه يساعد أصحاب العمل على توظيف المرأة لم يأتي بشئ جديد بل رفع جزء من العبء في تنفيذه عن صاحب العمل وألقاه على العامل بتحميله (0.25%) من أجره شهريا إضافة إلى أنه (وهذا مهم جدا) حمل هذا العبء لكافة العاملين ذكورا وإناثا المتزوجات منهن والفتيات اللواتي ينجبن أو لا ينجبن وبذلك فإنه شكل انحيازا واضحا لأصحاب العمل من جانب، إضافة إلى أنه لم يقدم إضافة نوعية في مجال تشغيل مزيد من النساء في سوق العمل لأن بعض المهن باتت نسبة العاملات فيها مقاربة لنسبة العمال كالعمل في القطاع المصرفي والمالي واكثر من ذلك بكثير العمل في قطاع الغزل والنسيج.
إضافة لهذا الجانب فإن تفاصيل هذا التامين في مشروع القانون تضع على الاستفادة منه قيودا صارمة لم تكن موجودة في قانون العمل ومنها ما ورد في الفقرة (أ) من المادة (42) من أن المؤمن عليها تستحق إجازة الأمومة عن أربع ولادات فقط كحد أقصى وان الولادة يجب أن تتم خلال فترة شمولها بأحكام هذا القانون وان لا تقل مدة اشتراكها عن تسعة أشهر متصلة قبل استحقاقها إجازة الأمومة.

2. تأمين التعطل عن الحياة:-
جاء هذا الشكل من التأمين في مشروع قانون الضمان الاجتماعي ليقابل ما ورد في الفقرة (6) من المادة (3) من التأمينات في قانون الضمان الاجتماعي الساري المفعول وهي “التامين ضد البطالة” وعمليا فإن المشرع الذي استبدل الكلمات في القانون القديم بكلمات تعطي نفس المعنى في مشروع القانون لم يقدم في المشروع ذلك التامين المطلوب الذي يعالج صلب قضية البطالة ويخفف تخفيفا ملموسا من نتائجها بالإضافة إلى أنه أضاف أعباء جديدة أيضا على المؤمن عليهم بفرض اقتطاعات جديدة من أجورهم وهي ما ورد في المادة (46) التي تنص على أنه تتكون مصادر تمويل تأمين التعطل عن العمل من ما يلي:
أ‌. الاشتراكات التي يؤديها صاحب العمل بنسبة (0.5%) من أجور المؤمن عليهم.
ب‌. الاشتراكات الشهرية التي يقتطعها صاحب العمل بنسبة (1%) من أجور المؤمن عليهم ومساهمة الحكومة بنسبة (0.5%) من أجور المؤمن عليهم المشمولين بهذا التأمين.
إن هذا التأمين وبهذا الشكل لا علاقة له بالتامين ضد البطالة الذي يفترض أن يرتبط بتعديلات هامة أخرى على تشريعات العمل وخاصة ما يتعلق بالفصل والفصل التعسفي في قانون العمل والتي تعتبر المحور الرئيسي للحد من معدلات البطالة (بين مشتركي الضمان الاجتماعي)، أما المفهوم الحقيقي لهذا التامين وبهذا الشكل إضافة إلى أنه يحمل كافة المشتركين في الضمان عبئا جديدا وثقيلا يصل إلى (1%) من أجورهم فإنه يزيد من إيرادات المؤسسة فهو أشبه ما يكون بنظام الإعانات ولكنه أيضا يضع قيودا صارمة على الاستفادة منه وهي الواردة في المادة (48) ومنها أن لا تقل مدة الشمول باحكام القانون عن (36) شهرا وفي المادة (49) التي تنص على أن “بدل التعطل يصرف بواقع ثلاث شهور لمن كانت مدة اشتراكه بالتامين أقل من (180) اشتراكا وستة شهور لمن كانت مدة اشتراكه بالتأمين (180) شهرا فأكثر ولا يصرف لأكثر من ثلاث مرات طيلة شموله بأحكام هذا التأمين.

3. ربط الرواتب التقاعدية ورواتب الاعتلال بالتضخم:-
يعتبر هذا التعديل في مشروع قانون الضمان الاجتماعي تعديلا هاما وإيجابيا إلا أنه جاء متاخرا كما هي محاولة وضع حد للنزيف الذي أحدثه التقاعد المبكر على اموال المؤسسة، كما أن هذا التعديل فرضه الواقع الصعب الذي وصلت إليه الاوضاع الاقتصادية وأوضاع المواطنين بعد موجة الغلاء الفاحش التي تمت وإجراءات الحكومة بهذا المجال التي تبنت أيضا مثل هذا النهج.
ربط الرواتب التقاعدية ورواتب الاعتلال بالتضخم جاء كتعديل إيجابي ولكن طريقة تنفيذه جعلته تعديلا خلافيا وخاصة مع العمال والسبب الأول في ذلك أن زيادة رواتب المتقاعدين التي تمت مصاحبة لما قامت به الحكومة هذا العام جاءت منقوصة وبقيمة (30) دينار فقط في إجراء بدا واضحا من أن الهدف منه هو دفع أقل مبلغ ممكن لمواجهة الواقع الجديد وكان من الأفضل أن يتم تعديل رواتب المتقاعدين بقيمة (50) دينار لمن لا تزيد رواتبهم على (300) دينار و(45) دينار لمن يزيد عن ذلك.
في جانب آخر فإن المشرع وضع سقفا للزيادة السنوية على الرواتب التقاعدية لهؤلاء وحددها بمبلغ (20) وهذه الزيادة ملائمة تماما لمن تقع رواتبهم دون مبلغ (200) دينار شهريا وهؤلاء هم الأغلبية العظمى من متقاعدي الضمان حيث تصل نسبتهم إلى (75%) ولهؤلاء فإن مثل هذه الزيادة تصل نسبتها في هذه الحالة إلى (10%) من أجورهم وهذه نسبة معقولة.
على أن التطورات الاقتصادية التي حدثت خلال السنتين الأخيرتين تحديدا أدخلت الشريحة التي تقع رواتبها دون (500) دينار شهريا في وضع اقتصادي جديد قريب من خط الفقر للعائلة الكبيرة وتصل نسبة هؤلاء من متقاعدي الضمان إلى (20%) تقريبا وهذه الشريحة بمثل هذا القدر من الزيادة السنوية (20) دينار وفي ظل تضخم سنوي يصل إلى (9%) كحد أدنى لهذا العام يجب أن تكون (45) دينار وبذلك فإن أجورها ستتآكل قياسا على هذا العام بمقدار الفرق بين الزيادتين.
أما الشريحة الأخرى الأكثر حظا والتي تزيد رواتبها على (500) دينار فإنها ستبقى مظلومة أيضا وهي جزء من أبناء هذا المجتمع ومن المتضررين من مشاكله وعمليا فإن مبلغ ال (20) دينار كحد أعلى سنويا لمن يصل راتبه التقاعدي إلى (1000) دينار لن يوصل معدل زيادته السنوية سوى إلا إلى (2%) وهذا فيه إجحاف كبير يزداد لمن يصل راتبهم إلى (1500) دينار على سبيل المثال الأمر الذي يستدعي تعديل هذا الحد الأعلى حتى يتم تحقيق العدالة لهذه الفئة من المواطنين التي لم تعد تملك سوى أجرها الثابت من الراتب التقاعدي في مواجهة معدلات سنوية متصاعدة التضخم.
في جانب آخر فقد استعمل المشرع تعريفات غريبة لغايات احتساب الزيادة السنوية على رواتب المتقاعدين مثل تعريف التضخم بأنه “معدل النمو في أسعار سلة المستهلك للمسنين لسنة سابقة” أو تعريفه لمتوسط الأجور بأنه “معدل الأجور الخاضعة لأحكام هذا القانون لسنة سابقة وفقا لسجلات وقيود المؤسسة لغايات ربط الرواتب بالتضخم”.
إن هذه التعريفات تسهل عملية الخلط بين مفاهيم عديدة فالتضخم هو المعلن من قبل الجهات الرسمية المختصة في بياناتها السنوية وهو المتعارف عليه ولا مبرر على الإطلاق للحديث عن المسنين أو عن متوسط الأجور عند الاستناد إلى معدل التضخم المطلوب لاحتساب مقدار الزيادة السنوية للمتقاعدين إلا إذا كان الهدف هو تسهيل عملية التهرب أو التوفير أو الخلط بين المفاهيم المختلفة.

4. في الهيكلية وإدارة المؤسسة:-
يعتبر فك ارتباط المؤسسة بوزير العمل تعديلا إيجابيا، ولكن تعيين محافظ أورئيس للمؤسسة مع منحه صلاحيات واسعة على حساب مجلس الإدارة يعتبر إجراء في الاتجاه المعاكس ومن الأمثلة على هذه الصلاحيات الواسعة التي يفترض أن تبقى لمجلس الإدارة ما ورد في البند (9) في الفقرة (هـ) في المادة (12) في مشروع القانون حول “تعيين الخبراء الأكتواريين لفحص وإعداد المركز المالي للمؤسسة” و “تشكيل اللجان الدائمة والمؤقتة وتحديد مهامها وصلاحياتها وأتعابها”.
أما بالنسبة لمجلس الإدارة فإن مشروع القانون أبقى نسبة تمثيل الحكومة كما هي داخل مجلس الإدارة ورغم أن الأموال هي أموال العمال فإن المشروع لم يقم بزيادة مقاعد العمال كما هو مفترض وأبقى على المساواة بين العمال وأصحاب العمل في تمثيل كل منهم بواقع أربعة أعضاء لكل طرف ولضمان حسن آداء ممثلي هذه الأطراف داخل مجلس الإدارة لم يشترط مشروع القانون توفر معايير محددة كمستوى التحصيل العلمي وتوفر الخبرة العملية في هؤلاء لتمثيل العمال وأصحاب العمل في المجلس.
في جانب التمثيل داخل مجلس الإدارة فإن المشرع أحسن بعدم الالتفات إلى الحديث عن تمثيل فئات مهنية محددة داخل المجلس سواء كان ذلك على حساب الأطراف الموجودة أو من خلال زيادة عدد أعضاء المجلس وتحديدا فإن النقابات المهنية ليس لها مبرر قانوني للتمثيل داخل مجلس الإدارة بهذه الصفة لأن النسبة العظمى من المهندسين على سبيل المثال هم إما عمالا أو أصحاب عمل تمثيلهم حاصل من خلال هذه الصفة داخل المجلس وقد حصل أكثر من مرة أن مهندسين مثلوا العمال أو أصحاب العمل داخل المجلس وهم قادرون على الوصول إلى مجلس الإدارة أما النقابات المهنية فإن منتسبيها خليط من أصحاب العمل والعمال وموظفي القطاع العام والعاملين لصالحهم الخاص الذين لكل منهم مهنته الخاصة وتصطدم قرارات كل منهم ومصالحه مع مصالح الأطراف الأخرى.

التعديلات الخلافية في مشروع القانون:-
تضمن مشروع قانون الضمان الاجتماعي عددا من التعديلات الخلافية الخطيرة وبعضها يبدو غير مفهوم كونه لا ينسجم مع مصلحة المؤسسة ولا حتى مع مصلحة العمال تحديدا وإن كان فيه انحياز كامل لأصحاب العمل ومن أبرز الامثلة على هذه التعديلات:-

1. تعريف الأجر الوارد في باب التعريفات في مشروع القانون:-
عرف مشروع القانون الجديد الأجر بأنه “المقابل النقدي أو العيني الذي يتقاضاه المؤمن عليه لقاء عمله الأصلي (باستثناء المتغير منه) وفقا للحدود والعناصر التي يقرها المجلس” وبمثل هذا التعريف فإن القانون الجديد قد شطب جزءا كبيرا من أجر العامل الخاضع للاشتراك في الضمان الاجتماعي والذي يمكن أن يوصف بأنه متغير مثل علاوة غلاء المعيشة والمواصلات والعلاوات العائلية وعلاوات الاختصاص وهذا يعني تراجعا عن ما كان القانون الحالي قد قرره في المادة (1) تعريفات من أن الأجر هو المقابل النقدي او العيني الذي يتقاضاه المؤمن عليه لقاء عمله وفقا لأحكام قانون العمل الساري المفعول.
إن هذا التعديل غير مفهوم لأنه يحرم المؤسسة من إيرادات مالية كبيرة تحصل عليها الآن ويدفع جزء منها صاحب العمل وجزء آخر العامل كما أنه يؤدي إلى تخفيض راتب اشتراك المؤمن عليه في الضمان مما يؤدي إلى تخفيض راتبه التقاعدي الذي لحقته تخفيضات كبيرة أخرى بموجب التعديلات المختلفة التي تمت على القانون المقترح ويبقى الطرف الوحيد المستفيد من ذلك هو صاحب العمل الذي تنخفض قيمة المبالغ التي يدفعها عن العامل.

2. تعريف العجز الطبيعي الدائم:-
لقد ادخل هذا التعريف الجديد لهذا العجز مفهوما جديدا وخطيرا يمنع المتقاعد من الحصول على أي دخل من أي نوع كان حتى لو كان ناجما عن عدم بذله لأي مجهود جسدي كالبيع في بقالة صغيرة او استعمال كفاءته الفكرية للكتابة مقابل أجر أو القيام بأعمال الوساطة التي لا تتطلب سوى التوفيق بين طرفين لإتمام صفقة تجارية أو عقارية أو غير ذلك مما لا علاقة له بالقدرة على ممارسة العمل الفعلي ولا ويتعارض مع العجز الكلي الطبيعي الدائم.

3. تجزئة الراتب التقاعدي:-
قسم المشرع راتب تقاعد الشيخوخة بحيث يحسب معامل المنفعة بواقع (2.5%) من متوسط الأجر الشهري الذي اتخذ أساسا لتسديد اشتراك المؤمن عليه خلال الستة وثلاثون اشتراكا الأخيرة وذلك عن كل سنة من سنوات الاشتراك لأول ألف وخمسمائة دينار وبواقع (1.58%) من المتوسط الذي يزيد على مبلغ ألف وخمسمائة دينار ولذلك فإن هذا التقسيم يدخل في باب الأشكال المتعددة التي اعتمدها المشرع لتخفيض رواتب تقاعد المؤمن عليهم وتدميرها.

4. زيادة الاشتراكات الفعلية اللازمة للحصول على تقاعد الشيخوخة:-
وفي مثل هذه المجال ولتحقيق نفس النتيجة الواردة في البند أعلاه فإن المشرع ضاعف في المادة (60) فقرة (أ) بند (2) من مدة الاشتراك الفعلية للمؤمن عليه اللازمة للحصول على راتب تقاعد الشيخوخة لتصبح (120) اشتراكا فعليا بدلا من ستين اشتراكا فعليا كما هو الحال في المادة رقم (42) من القانون الحالي من أصل (180) اشتراكا فعليا على الأقل في حال إكمال المؤمن عليه سن (60) للذكر و (55) للأنثى.

5. شطب الغرامات على صاحب العمل وتخفيضها:-
يتضمن مشروع القانون محاباة اخرى لصاحب العمل في جانب تخفيض فوائد التاخير التي نص عليها القانون الحالي بواقع (2%) يدفعها صاحب العمل إذا تأخر عن تادية الاشتراكات المتقطعة من أجور عماله وتلك التي يدفعها عنهم خلال خمسة عشر يوما الاولى من الشهر التالي للاستحقاق كما هي مقرة في المادة (19) من القانون الحالي إلى (1%) كما هي مقترحة في المادة (20) الفقرة (ج).
وفي نفس الاتجاه فإن مشروع القانون يحابي أصحاب العمل بشكل واضح بإضافته فقرة (و) في المادة (20) والتي تنص على حق مجلس الإدارة بإعفاء صاحب العمل من بعض المبالغ الإضافية والغرامات بحد أقصى مقداره (70%) من مجموعها إذا ثبت بأن هنالك ظروفا وأحوال لا تنطوي على سوء نية حالت دون قيام صاحب العمل بآداء التزاماته.

6. معامل المنفعة وراتب التقاعد المبكر:-
أجرى المشرع تعديلات مختلفة للحد من ظاهرة التقاعد المبكر وقد رفع السن الذي يمكن من خلاله ان يحصل المؤمن عليه على مثل هذا التقاعد من خمسة وأربعين عاما إلى خمسين عاما وبشكل تدريجي والأهم من ذلك أنه غير معامل المنفعة ليصبح (1%) لمن وصل عمره إلى (51)سنة و (1.58% لمن أكمل ستين سنة من عمره.
إن هذه التعديلات التي تستهدف الحد من التقاعد المبكر تؤدي إلى نتائج خطيرة حيث تدمر مداخيل ورواتب المؤمن عليهم وتقضي على كافة الفرص التي تتيح لهم الحصول على تقاعد مبكر لأي سبب من الأسباب ومن الناحية العملية فإن إقرار التعديلات الخاصة بمعامل المنفعة الواردة في الجدول رقم (6) الملحق بمشروع القانون تؤدي إلى مسخ راتبه التقاعدي بشكل لا يمكن تصوره او التعامل معه ويمكن إثبات ذلك من مقارنة الحالتين التاليتين:

• الحالة الأولى حسب القانون الحالي:
– معدل الراتب لآخر سنتين 1000 دينار
– مدة الخدمة 20 سنة
– العمر 50 عاما
معدل الراتب x معامل المنفعة
1000 x 2.5= 25
25 x 20 سنة (الخدمة) = 500 دينار الراتب الأساسي
500 دينار x 10% التخفيض بسبب التقاعد المبكر في سن 50 سنة = 50 دينار
500 – 50 = 450 دينار إجمالي الراتب بدون العلاوات الأخرى.

• الحالة الثانية حسب مشروع القانون:
1000 x 0.98 (معامل المنفعة) = 9.80 (رغم أن متوسط الراتب يفترض أن يكون أقل من ذلك بسبب احتسابه على راتب آخر 3 سنوات).
9.80 x 20 سنة (خدمة) = 196 دينار الراتب الأساسي بدون أية علاوات أخرى.
وهذا يعادل 44% من قيمة الراتب حسب القانون الحالي
علما بأن القانون الحالي كان يسمح لمثل هذا المؤمن عليه أن يتقاعد عند بلوغه سن الخمسة وأربعين عاما مع دفعه غرامات معينة.

7. علاوة الإعالة وحدها الأعلى:-
ينطبق على التعديل الذي حصل على هذه العلاوة ما ينطبق على معامل المنفعة وعمليا فإن التخفيض الناتج على حالة المؤمن عليه التي ذكرناها في المثال السابق ينطبق عليها أيضا فإذا كان المؤمن عليه متزوجا معيلا لثلاثة أفراد فإننا نلاحظ بأن علاوة الإعالة التي يحصل عليها في القانون الحالي كما يلي:-

• حسب القانون الحالي:
450 x 20% = 90 دينار
450 + 90 = 540 دينار مجموع الراتب بدون أي علاوات أخرى

• حسب مشروع القانون:
196 x 20% = 39.600 دينار
196 + 39.600 = 225.600 دينار مجموع الراتب بدون أي علاوات أخرى
وهذا يساوي حوالي (42%) فقط من راتبه حسب القانون الحالي

في هذا المجال فإن التعامل مع التعديل الذي تم على علاوة الإعالة يفترض أن يكون بالرفض لأن هذا التعديل واحد من عدة أشكال من التعديلات لتخفيض الراتب ولو كان هذا التعديل هو الوحيد انسجاما مع ما هو سائد في القطاعات الأخرى لكان مقبولا ولكنه بهذا الشكل ومع الأشكال الأخرى للتخفيض يبقى بحاجة إلى إعادة نظر.

الخلاصة:

1. لم يأخذ القانون بعين الاعتبارالبديل المطروح بزيادة الاقتطاعات من العمال وأصحاب العمل للتخفيف من التعديلات الأخرى رغم ان هذا البديل منطقي ومعمول به في دول أخرى علما بانه قام بنفس الوقت بزيادة هذه الاقتطاعات لتغطية تأمينات أخرى ليست مجدية ولا تعتبر مكسبا جديدا للعمال.

2. لم يأخذ المشرع بعين الاعتبار التدرج في تعديل القانون منذ أن بدا الشعور بوجود مشكلة مستقبلية وكان من الممكن لهذا التدرج ان يحد من تفاقم المشكلة وان لا يؤدي إلى مثل هذه النتائج السلبية التي ستحدث الآن.
3. توخى المشرع في مشروع القانون الجديد أن يحفظ التوازن بين إيرادات المؤسسة ونفقاتها التأمينية ولجأ في سبيل ذلك إلى مجموعة من التعديلات التي أدى كل منها إلى تخفيض الرواتب التقاعدية للمؤمن عليهم بطريقة أدت إلى مسخ هذه الرواتب وتدميرها.
4. لم يلاحظ المشرع العلاقة الجدلية والترابط القائم بين قانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي أو لاحظ ذلك وتجاهله وفي سبيل إنهاء مشكلة التقاعد المبكر غض النظر عن تعديل قانون العمل بطريقة تحد عن الفصل التعسفي وتضع عليه قيودا صارمة كونه السبب الرئيسي في خوف المؤمن عليهم من التقاعد المبكر ولجوئهم إليه وكان من المفروض أن يتم مثل هذا التعديل قبل تعديل قانون الضمان أو بشكل متزامن معه.
5. يؤدي التعديل المقترح على قانون الضمان الاجتماعي إلى تغيير مفهوم الأجر المستند إلى قانون العمل واستبداله بمفهوم جديد تعتبر نتائجه سلبية على المؤسسة وعلى العامل ولا يستفيد منه سوى صاحب العمل وذلك عندما حذف من أجر المؤمن عليه الخاضع للاقتطاع (المتغير من هذا الاجر) مثل غلاء المعيشة او بدل المواصلات او علاوة الاختصاص أو العلاوة العائلية وهذا يؤدي إلى تخفيض إيرادات المؤسسة من جهة وتخفيض الراتب التقاعدي للعامل من جهة أخرى ويوفر جزء من الاقتطاعات الشهرية على صاحب العمل.
6. تضمن المشروع المقترح تأمينا للأمومة موجود أصلا في قانون العمل الحالي ويتحمل كلفته بالكامل صاحب العمل وبموجب التأمين الجديد فإن العامل سيتحمل جزء من هذا التأمين بغض النظر عن كونه رجل أو امرأة متزوجة أو غير متزوجة تنجب أولادا أو لا تنجب وقد وضع المشرع قيودا عديدة على الاستفادة من هذا التأمين الذي لا حاجة له من الناحية العملية.
7. قام المشرع بزيادة عدد السنوات المعتمدة لاحتساب الراتب التقاعدي من سنتين إلى ثلاثة الأمر الذي يؤدي في المحصلة النهائية إلى تخفيض متوسط الأجر المعتمد لاحتساب الراتب التقاعدي.
8. تضمن القانون المقترح تامينا للتعطل عن العمل وقد جاء هذا التأمين الجديد بهذا الشكل ليحمل المؤمن عليهم أعباء جديدة ورغم ان هذا التامين أشبه بنظام للإقراض إلا أنه وضع شروطا قاسية وغير عملية على العمال المتعطلين للاستفادة منه وكان من الاولى تعديل قانون العمل للحد من الفصل التعسفي للوصول إلى نفس النتيجة او أفضل منها ولهذا فإن هذا التامين لا ضرورة له بهذا الشكل.
9. وضع القانون قيودا جديدة ومجحفة على رواتب الحاصلين على عجز طبيعي دائم وذلك عندما اشترط أن يكونوا غير قادرين على مزاولة عمل يتكسبون منه وبذلك حرمهم من الاستفادة من أي عمل فكري أوجلوسهم داخل مكتب أو بقالة أو القيام بعمل خاص بهم لا يتطلب جهدا بدنيا رغم كونهم عاجزين عجزا كليا دائما.
10. تشدد القانون المقترح في شروط اعتبار العجز الكلي الطبيعي حيث افترض أن يكون هذا العجز بنسبة (100%) بدلا من (75%) كما هو في القانون الحالي.
11. مس القانون المقترح بشكل أو بآخر مفهوم الحق المكتسب عندما خفض بشكل مفاجئ الرواتب التقاعدية التي كان سيحصل عليها المشتركون الحاليون في الضمان لو استمروا بالعمل استنادا إلى القانون الحالي علما بأنهم قد رتبوا أمورهم وفقا لأحكام هذا القانون وفي هذا المجال فإنه من الصحيح القول أن الهبوط بالمنفعة من القانون بشكل مفاجئ إلى الوضع الذي تتساوى به هذه المنفعة مع ما تقدمه أشكال أخرى من التأمين يضع المؤمن عليهم في وضع ليسوا في حاجة معه لمثل هذا القانون الذي ستتحول معه المؤسسة إلى مؤسسة للجباية القسرية التي تاخذ بعين الاعتبار مصلحتها فقط ولا مجال للسيطرة على أموالها .واستثماراتها في ضوء مثل هذا القانون.
12. رغم أن المشروع المقترح أدى إلى تحقيق استقلالية المؤسسة إلا أنه أبقى على تمثيل العمال (أصحاب أموال الضمان) كما هو عليه الآن في الوقت الذي يفترض به أن يزيد تمثيل هؤلاء وأن يضع القانون أسسا تضمن حسن تمثيلهم.
13. أعطى المشرع محافظ المؤسسة (صلاحيات كبيرة) على حساب مجلس الإدارة كما تعامل معه باعتباره رئيس مجلس الإدارة وليس شاغلا لمنصب سياسي اقتصادي لصلاحياته حدود معينة كما حول المشروع بعض صلاحيات مجلس الإدارة الهامة إلى مجلس الوزراء.

14. أكد المشروع على الانتماء الضروري لأعضاء مجلس الإدارة لأحد أطراف الإنتاج (العمال وأصحاب العمل) وهذا صحيح كما أنه لم يأخذ بالحسبان الدعوة للتمثيل في المجلس على أساس المهنة المستندة على الشهادة العلمية من خلال النقابات المهنية على سبيل المثال والذي يؤدي إلى خلط الأوراق وهذا صحيح أيضا باعتبار أن المهنيين يمكن أن يصلوا إلى المجلس إما من خلال أصحاب العمل أو من خلال العمال وقد تكرر ذلك مرات عديدة أما منتسبوا النقابات المهنية فإن مصالحهم وطموحاتهم ومواقفهم قد تختلف باختلاف موقع كل منهم.
15. استثنى مشروع القانون ممثلي العمال من عضوية لجنة الرقابة المالية واشترط في المادة (14) أن تتشكل هذه اللجنة من بين أعضاء مجلس الإدارة على أن يكون أحدهم أمين عام وزارة المالية في إشارة غير مباشرة إلى رؤية مستقبلية لطبيعة هذه المؤسسة وتبعيتها للحكومة وفي ذلك تراجع عن ما كان واردا في القانون الحالي.
16. توسع المشروع في منح الإعفاءات لأصحاب العمل وتخفيف الغرامات عنهم بحجج غير منطقية والأصل لمواجهة الهدر في أموال المؤسسة هو التشدد في منع التهرب وتحصيل الأموال ومعاقبة المخالفين وليس صحيحا الحديث عن منح امتيازات للملتزمين بالمواد المتعلقة بإصابات العمل.
17. أثبتت تجربة الضمان الاجتماعي الحالية ان هناك وفرا كبيرا يصل إلى (80%) من عائدات تامين إصابات العمل ومثل هذا الوفر جاء من التشدد في التعامل مع هذه الإصابات وعزوف المتضررين منها عن متابعة حصولهم على حقوقهم بسبب تعقيد المعاملات أو اللجوء إلى المحاكم التي تكررت قراراتها المتشابهة ومن الواضح أن مشروع القانون لم يعالج هذه المشاكل وأبقى على التعريف المجحف لإصابات العمل وعلى التعقيدات الأخرى المتعلقة بالتعامل معها.
18. لم يتضمن المشروع نصا يضمن دفع نفقات الجنازة للمؤمن عليه المتوفي بشكل فوري ومتابعة ورثته بعد ذلك لتحصيلها من قيمة مستحقاته.
19. استخم المشرع تعريفات مختلفة للتعامل مع ربط الراتب التقاعدي بالتضخم مثل أسعار سلة المستهلك للمسنين لسنة سابقة او متوسط الأجور وعرفه بأنه “معدل الأجور الخاضعة لأحكام هذا القانون لسنة سابقة وفقا لسجلات وقيود المؤسسة لغايات ربط الرواتب بالتضخم” والمطلوب هو الاستناد إلى معدل التضخم المعلن من قبل دائرة الإحصاءات العامة في بداية كل عام منعا لاختلاط الأمور.
20. وضع المشرع حدا أعلى للزيادة السنوية على رواتب المتقاعدين بالاستناد إلى التضخم والزيادة بشكلها المقترح غير عادلة ويجب إعادة النظر بها.
21. استخدم المشرع عددا من التسميات لما يحصل عليه المحافظ وإعطاء مجلس الإدارة مثل اتعاب في مكان ومكافئات في مكان آخر والمطلوب هو توحيد هذه المتغيرات والتفريق بين الراتب الثابت للعمل الثابت وبين بدل التمثيل لممثلي الأطراف في المواقع المختلفة.
22. لم يشترط المشرع أن يكون كافة اعضاء الهيئتين التنفيذية والاستثمارية من ممثلي العمال وأصحاب العمل من ذوي الخبرة والكفاءة والتاهيل العلمي المناسب واقتصر ذلك على أعضاء الهيئات الذين يتم تسميتهم من خارج المؤسسة.
23. طرح المشروع المقترح مفهوما جديدا للامومة حيث حدد عدد الولادات التي تستحق عليها المشتركة إجازة أمومة بأربع ولادات وهذا تحديد تعسفي يضاف إلى المآخذ الأخرى المأخوذة على هذا التأمين.
24. لم يتضمن مشروع القانون إشارة إلى حقوق المتقاعدين قبل العمل به استنادا لأحكام القانون الحالي رقم (19) لسنة 2001 وبالتالي فإن مشروع القانون الجديد يجب ان يتضمن مادة تؤكد على ان رواتب المتقاعدين ورواتب الاعتلال التي يتقاضاها المؤمن عليهم قبل نفاذ القانون حق ولا يجب المساس بها ويتم التعامل معها وفق أحكام القانون رقم (19) لسنة 2001.
25. بسبب أن الجدول رقم (6) في مشروع القانون الذي يحتسب راتب التقاعد المبكر وراتب تقاعد الشيخوخة وراتب التقاعد الوجوبي على أساسه للمؤمن عليهم المشمولين الجدد بعد سريان احكام القانون فإنه من الواجب إعادة النظر في هذا الجدول والوصول لنسب جديدة لمعامل المنفعة توقف التدمير الذي يمكن ان يحصل على رواتب المتقاعدين.
26. لم يتضمن مشروع القانون ما يضمن وجود مراقبة خارجية على أعماله بالإضافة للجنة المراقبة الداخلية المشكلة من أعضاء المجلس والتي تعني مراقبة المجلس لنفسه.

27. تعتبر الفقرة (8) في المادة (13) الهيئة التنفيذية للتأمينات جهة استئنافية يكون قرارها إداريا نهائيا مما يلغي دور القضاء الحالي في إحقاق حقوق المؤمن عليهم.
28. يجب التأكيد في مشروع القانون على إلزام المؤسسة بدفع كافة الحقوق المنصوص عليها في هذا القانون إلى أي عامل يعمل في أي شركة أو مؤسسة خاضعة لأحكام هذه القانون حتى إذا لم يقم صاحب العمل بإشراكه أو دفع الاشتراكات عنه وتقوم المؤسسة بمطالبة صاحب العمل بالاشتراكات والفوائد والغرامات المترتبة عليه وفق أحكام هذا القانون.