الشروط الثلاثة الرئيسية لثبوت النسب بالفراش

لقد حددتها الشريعة الإسلامية وسايرتها مدونة الأسرة في استصاغتها لبنود مستجدة في نطاق الخطبة وقد توسعت في نطاقها، لذلك هناك ثلاث شروط رئيسية لثبوت النسب بالفراش وهي:

1- إبرام عقد زواج صحيح

2- شرط مدة الحمل

3- إمكانية حمل الزوجة من زوجها

الشرط الأول: إبرام عقد زواج صحيح

إن الزواج الصحيح الذي استجمع سائر أركانه وكل شروطه وهو زواج مرتب لكافة آثاره الشرعية، وأهم هذه الآثار بطبيعة الحال، ثبوت نسب الأولاد الذين يولدون على فراش الزوجية لقول النبي صلى الله عليه وسلم “الولد للفراش وللعاهر الحجر” وهذا أمر معلوم في الشرع الإسلامي، وقد روي البخاري ومسلم في صحيحهما، عن بن شهاب الزهري عن عروة أن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت “اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في غلام، فقال سعد هذا يا رسول الله بن أخي عتبة من أبي وقاص عهد إلي أنه ابنه انظر إلى شبهه.. وقال عبد بن زمعة، هذا أخي يا رسول الله، ولد على فراش أبي من واليدته، فنظر رسول الله إلى شبهه فرأى شبها بينا بعتبة فقال هو لك يا عبد الولد للفراش وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة، فقال لم يرسودة قط”([36]).

ب ـ ثبوت النسب في الخطبة بشبهة

تعتبر الخطبة وبنودها من أبرز مستجدات القانونية في مدونة الأسرة وقد توسعت في نطاقها، حيث نصت المادة 156 “إذا تمت الخطوبة وحصل إيجاب وقبول، وحالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج، وظهر حمل بالمخطوبة ينسب للخاطب للشبهة، إذا توفرت الشروط التالية:

1- إذا اشتهرت الخطبة بين أسرتيهما ووافق ولي الزوجة عليها عند الاقتضاء

2- إذا تبين أن المخطوبة حملت أثناء الخطبة

3- إذا أقر الخطيبان أن الحمل منهما

وتتم معاينة هذه الشروط بمقرر قضائي غير قابل للطعن إذا أنكر الخاطب أن يكون ذلك الحمل منه، أمكن اللجوء إلى جميع الوسائل الشرعية في إثبات النسب([43]).

فمن خلال هذه المادة أقرت مدونة الأسرة بأحقية طفل الخطبة في الانتساب للخاطب وذلك بشروط كرستها نفس المادة، وبذلك سوف نتطرق لهذه الشروط في شقين: شق خاص بالخطبة وشق خاص بالخطين.

ب -1: شروط خاصة بالخطبة

من خلال نطاق المادة 156 يتضح في الخطبة إتمامها، بموافقة الأهلين عليها وإشهارها بالوسائل المعتمدة بين الأسرتين، لكن في بعض الأحيان تتم الخطوبة دون أن يشيع أمرها بين الناس، وقد يتنكر أحد الطرفين لوجود علاقة الخطبة أصلا وفهنا يمكن طرح السؤال: كيف يمكن إثباتها؟

وكما هو متعارف عليه أن الخطبة وعد بالزواج، وليست بزواج، ولم يشترط المشرع شكل خاص، وإجراء ملزما يقترن بالخطبة، وإنما هي رضائية، ومتى كان نزاع بشأن الخطبة وأنكرها أحد الطرفين، صح لمن يدعيها أن يثبتها بكافة الوسائل وفي مقدمتها الإقرار والكتابة وشهادة الشهود والقرائن القوية واليمين([44]) وفي هذه الحالة قد ينكر الخاطب وجود خطبة من الأصل وتربطه بالمخطوبة الحامل حتى يستطيع التملص من فعله وإنكار نسبا حمل الخطيبة.

بالإضافة إلى مسألة حدوث الخطبة وانتشارها تشترط المدونة أن يصدر الإيجاب والقبول من الطرفين، ويتم أما بالقول والإشارة، وأن يوافق الوالي عند الاقتضاء، بالرغم من أن الولاية أصبحت حق للمرأة الرشيدة تمارسه وفق مصلحتها، ولها أن تفوض ذلك إلى أبيها أو أحد أقاربها وذلك خلافا لما كان عليه الأمر في ظل مدونة الأحوال الشخصية السابقة، إلا أن المادة 156 اشترطت موافقة والي في حالة ضرورة وجوده، ووجود الولي ضروري في حالت زواج القاصر وزواج المعاق ذهنيا، وفي حالة غيابه بالنسبة إلى القاصر والمعاق ذهنيا فإن الخطبة لا يعتد بها.

وهذه باختصار شروط الخاصة بالخطبة، أما فيما يخص شروط الخطبين سوف نتناولها في النقطة التالية:

ب 2: شروط الخطبين

من هذه الشروط نجد ظهور الحمل أثناء فترة الخطبة (أولا) ثم إقرار الخطبين بهذا الحمل (ثانيا).

أولا: ظهور الحمل أثناء فترة الخطبة

اشترطت المادة 156 من المدونة أن يحدث الحمل أثناء فترة الخطبة وبذلك إذا لم يتم الحمل أثنائها، كان يحدث الحمل بعد انتهاء أو فسخ الخطبة أو تكون الخطيبة حامل قبل أن تحدث الخطبة ولو كان الذي تقدم لخطبتها هو والد الطفل فإن هذا الحمل لا يلحق بالخاطب، بمعنى أن الحمل يجب أن يظهر بعد الخطبة وحصول إيجاب وقبول، وأن يكون في أقل مدة الحمل إلا وهي ستة أشهر من تاريخ إشهار الخطبة، وهنا نقول أن الحمل ينسب كذلك حتى إذا وضعت الخطيبة وليدها بعد سنة من إشهاد الخطبة في حالة فسخها أو موت الخاطب قبل توثيق العقد قياسا على ما جاء في المادة 154 من مدونة الأسرة([45]).

ثانيا: إقرار الخطبين

هذه الشروط لا تكون تامة إلا إذا أقر الخطبين بالحمل بحيث يقر الخاطب بأن ذلك الحمل منه نتيجة الاتصال الجنسي، بعد تمام الخطبة وإشهارها بين الناس، وتقر الخطيبة بذات الأمر، حيث تعترف بأن الحمل منه وليس من غيره([46]). وكان هذا الحمل أثناء فترة الخطبة.

هذه الشروط تخضع لمعانية بمقرر قضائي، قابلة للطعن من الأطراف، بالإضافة لذلك يجب الإدلاء تفيد أن توثيق عقد الزواج بين الخطبين، قد حالت ظروف قاهرة دون توثيقه، وإذا توفرت هذه الشروط ينسب الحمل للخاطب بالشبهة.

في ظل هذا نجد أن الإسلام يحرص على أن يكون لكل شخص نسب لأبيه يعرف به ويحتمي به من معرة الزنا، وهذا ما كانت تستصيغه مدونة الأحوال الشخصية من خلال نصوصها، حيث نجدها كانت تخاطب الإنسان المؤمن المتخلف وخير دليل على ذلك اتهام لم ترتب أي جزاء مادي على فسخ الخطبة، أما في مدونة الأسرة الجديدة، وفي ظل غياب الوازع الديني والأخلاقي، فإن الخطبة أصبحت تمثل الركن الشرعي لإثبات الفواحش. وهذا ما تنبهت له، وحاولت جاهدة لتفادي الفراغ الحاصل بخصوص هذه المؤسسة الهامة، وهذا ما حدى بها إلى ترتيب جزاء على فسخ الخطبة عندما يحدث ضررا يستحق التعويض([47]).

ج: ثبوت النسب في الزواج الغير الصحيح

لقد ميزت المادة 56 من مدونة الأسرة في الزواج الغير الصحيح بين الزواج الباطل والزواج الفاسد، وهذا ما سنتناوله في نقطتين:

ج 1: الزواج الفاسد

هو الذي فقد شرط من شروط الصحة ومتى اختل ركن منها اعتبر فاسدا وهذا الأخير أن يكون مجمعا على فساده أو مختلفا فيه، وفي اعتبار الاختلاف الكائن بين الفقهاء فإن المالكية يعتبرون الزواج المختلف فاسدا، لأنه اختل فيه ركن أو شرط من الشروط التي يشترطونها فيه، وذلك من قبيل الزواج من دون ولي ، فإن بعض المالكية يعتبرون فاسدا، أما الحنفية فعندهم صحيح، وكذلك من دون ولي فإن بعض المالكية يعتبرونه فاسدا إمام الحنفية فعندهم صحيح، وكذلك نكاح السر وزواج المريض فهذا كله فيه خلاف بين الفقهاء، والراجح في الفقه المالكي أن الزواج الفاسد يفسخ فبل الدخول وبعده بينما البعض منه فيرونه أنه مانع في هذا فإن المالكية يحتاطون في الزواج أكثر من غيرهم([48]).

أما بالنسبة للمشروع المغربي فقد حدى حدو الشريعة الإسلامية من خلال تقسيم الزواج الفاسد إلى صداقة (أولا) تم إلى عقدة (ثانيا) طبقا للمادتين 60 و61 من مدونة الأسرة.

أولا: الزواج الفاسد لصداقة

فالزواج الفاسد لصداقة هو الذي اختل فيه شرط الصداق، كان يسمى للزوجة صداقا مما لا يصح التعامل به شرعا، ولا يطرح هذا الزواج أي إشكال على مستوى النسب مادام أنه يفسخ قبل الدخول ويصحح بعد الدخول بصداق المثل طبقا للمادة 60 من مدونة الأسرة.

ثانيا: الزواج الفاسد لعقده

وهو الذي اختل فيه شرط من شروطه، كالزواج بدون ولي والزواج بمن هم محرمات عليه بالمصاهرة وغيرها، وكذلك قصد الزواج، بالزواج تحليل لميتونة لمن طلقها ثلاثا ولم يتطرق المشرع المغربي بكيفية صريحة إلى مسألة ثبوت النسب في الزواج الفاسد لعقده وإنما اكتفى بصفة العموم في المادة 64 من مدونة الأسرة([49]).

ج 2: الزواج الباطل

يعتبر الزواج باطلا إذا اختل فيه أحد الأركان المذكورة في المادة 10 من مدونة الأسرة، و هي الإيجاب والقبول بألفاظ تفيد الزواج لغة أو عرفا، فعلى اعتبار أن الولاية حق للمرأة ولها الحق كرشيدة، أن تزوج نفسها بنفسها، طبقا للمادتين 24 و25 من المدونة، فلابد من سماع الإيجاب والقبول، وإذا انعدم ذلك أو لم يتطابق يعتبر العقد باطلا.

ومن أسباب البطلان كذلك وجود موانع شرعية بين الزوجين، سواء منها المؤقتة أو المؤيدة، وهذا يدخل في زمرة الزواج المجمع على فساده، كما تعارف عليه الفقهاء([50]).

الشرط الثاني: شرط المدة

لا يكفي أن يلحق النسب بالزواج لدى جمهور الفقهاء، طبقا لأحكام مدونة الأسرة أن يكون هناك عقد زواج صحيح يربط بينه وبين زوجته، وإنما لابد من أن تتحقق مدة الحمل المفروضة شرعا، وهذه الأخيرة من الناحية القانونية حدان: إحداهما أقل مدة الحمل وثانيهما أقصى مدة الحمل([51]).

أ ـ أقل مدة الحمل:

لقد اتفق الفقهاء على أن مدة الحمل التي يكون فيها الجنين، ويولد بعدها حيا هي ستة أشهر، وقد استنبطوا ذلك من مجموع آيتين في كتاب الله هما قوله تعالى في سورة الاحقاف الآية 25:”ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها،، وحمله وفصاله ثلاثون شهرا”([52]). وقوله تعالى في سورة لقمان:” وفصاله في عامين”([53]).فقدرت الآية الأولى للحمل والفصال في ثلاثون شهرا، وقدرته الثانية للفصال في عامين، وبإسقاط الثانية من الأولى يبقى الحمل ستة أشهر وهو تقدير العليم الخبير.

ومما يؤدي ذلك الاستنتاج ما روي أن رجلا تزوج امرأة فجاءت بولد لستة أشهر من تاريخ عقد الزواج، فرفع أمرها إلى عثمان رضي الله عنه، فهم بإقامة الحد عليها فقال ابن عباس لو خاصمتكم بكتاب لخصمتكم” فذكر الآيتين السابقتين، فمنع الحد عنها، وأثبت نسب الولد من الزوج، وبذلك يبتدئ حساب ستة أشهر من يوم إبرام العقد من شرط امكان الدخول- تبعا للمذهب المالكي- لدرأ الشبهات في إثبات النسب والمحافظة على النسل وصيان العرض([54]).

ب 1: أقصى مدة الحمل

إذ كان الأئمة قد اتفقوا حول أقل مدة الحمل، فإنهم اختلفوا باختلاف كبير حول أقصى مدة الحمل، وقد نشأ هذا الاختلاف عند عدم وجود نصوص في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وإنما اعتمدوا على العادة في ذلك، وقد ورد في نوازل العلمي، أن أقصى مدة الحمل عند مالك سبع سنين، وقيل خمس سنوات، وأربع سنوات عند الشافعي وابن حنبل وهو المشهور عند مالك، وسنتين اثنين عند أبي حنيفة والثوري لقول سيدتنا عائشة رضي الله عنها “لا يبقى الولد في رحم أمه أكثر من ستين ولو بفركة مغزل، وقد ورد في حاشية عابدين “قال مالك حين بلغه قول عائشة منكرا عليها. هذه جارتنا امرأة محمد بن عجلان تحمل أربع سنين وابن عجلان نفسه في بطن أمه أربع سنين وقال ابن الحكم: إن أقصاها سنة قمرية كاملة وعن بن حزم فقال: روي عن عمر رضي الله عنه : إيما رجل طلق زوجته وحاضت حيضة أو حيضتين ثم فعدت، فتجلس تسعة أشهر حتى يستبين حملها، فإن لم يستبين حملها في تسع أشهر، فلتقعد بحد التسع ثلاثة أشهر عدة التي قعدت عن الحيض([55]).

تلك آراء الفقهاء في أقصى مدة الحمل، وبعض أدلتهم إذا تأملناها نجد أنها من *** بمكان، لأن أكثرها مبني على وقائع جزئية، ولا تقوى على إثبات تقدير صحيح ومستقر لمدة أقصى الحمل، كما أنها لا تسلم من الخطأ وذلك لما فيه من أضرار كبيرة لكل من الرجل والمرأة على حد سواء، فبالنسبة للرجل قد يلحق بنسبة من ليس منه في حالة الفرقة أو الطلاق، وكما فيه ضرر للمرأة كذلك حين لا يمكن أن تتزوج إذا كانت في عدة أو استبراء إلا بعد انتهاء المدة([56]).

وهذا ما حدى بالمشرع المصري إلى إصدار مرسوم لسنة 1962 اعتمادا على تقرير خبرة لمجموعة من الأطباء مختصين تجعل الحمل 365 يوما من تاريخ الطلاق وتنص المادة 15 من هذا الظهير على أنه لا تسمع الدعوى أن جاء الولد بعد سنة، وقد كانت أقصى مدة الحمل قبل ذلك في سنتين تبعا لمذهب أبي حنيفة.

كما أن المشرع المغربي اعتبر مدة أقصى هي سنة طبقا للمادة 154 من مدونة الأسرة، ولم يبين المشرع المغربي المقصود من قوله في أجل مدة الحمل، هل سنة الميلادية أم الهجرية، لأن الفرق بينهما هو إحدى عشر يوما، وعلى كل فإنه نهج مسلك منطقيا مادام الحمل الذي يتعدى هذه المدة نادر الوقوع ونادر الحكم له فقهاء وفضاء، لأن القانون هو مجموعة من قواعد عامة مجردة تستدعي في الغالب إلى الحالات العامة في مضمونها ولا تقف عند الأمور الشاذة([57]).

وهكذا يتبين مما سلف أن شروط ثبوت النسب حال قيام الزوجية هي أن يكون عقد النكاح صحيح مع إمكانية الاتصال، وأن يكون الزوج بالغا، وأن تلك الزوجة داخل مدة الحمل طبقا للمادة 154 من مدونة الأسرة.

الشرط الثالث: إمكانية حمل الزوجة من زوجها

ترتبط هذه الإمكانية بقاعدة الولد للفراش، بالإضافة إلى الشروط الخاصة بالمدة بشرط آخر لا يقل أهمية عنه وهو إمكانية اتصال الزوج بزوجته وإمكانية إنجابها منه([58]).

أ ـ إمكانية الاتصال:

اعتبار أن إمكانية تلاقي الزوجين بعد العقد، فيه اختلاف في المراد بهذا التلاقي في هذا النطاق، قد تجمع فقهاء المذاهب السنية الثلاثة: المالكي والشافعي والحنبلي، على أن عقد الزواج يجعل المرأة فراشا للزوجية، على أساس أنه يبيح للزوج الاتصال جنسيا بها، وهذا الاتصال هو السبب الحقيقي للحمل، وإذا انتفى التلاقي بين الزوجين، وجاءت الزوجة بولد لم يثبت نسبه من الزوج لأن شروط الفراش لم تكتمل([59]).

وقد خالف الأحناف موقف الجمهور هذا عندما قرروا أن مجرد العقد يجعل المرأة فراشا لأنه مظنة الاتصال، حيث ورد عن أبي حنيفة أنه لو تزوج رجل في المشرق بامرأة في المغرب وبينهما مسافة سنة، فولدت لستة أشهر منذ تزوجها ثبت النسب لأن التقاء الزوجية وإن كان لا يمكن عادة، إلا أنه يمكن عقلا وهو موقف تخلي عنه المشرع المصري نفسه سنة 1929 عندما اعتنق رأي الجمهور في المسألة، وقد سايرت مدونة الأسرة موقف الجمهور وضمتهم المالكية- عندما قررت من خلال مقتضيات المادة 154 منها: يثبا نسب الولد بفراش الزوجية، وإذا ولدت لستة أشهر من تاريخ العقد وأمكن الاتصال سواء أكان العقد صحيحا أو فاسدا.

وعموما، وفي حالة الطلاق قبل الدخول الذي لم تسبقه خلوة صحيحة أو مظنة للتلاقي كما لو كان الزوجان يعيشان تحت سقف واحد أو كانت الزوجة تزوره في بيت أهله، فالمشرع المغربي قد تحدث عن إمكانية الاتصال عن تحققه فعلا، لأنه من الأمور التي لا تطلع عليها الناس عادة وحسب قرار مجلس الأعلى، فالزوج الذي ينفي الاتصال هو مكلف بإثبات ذلك حيث جاء فيما يلي:

“… مادام أن المطلوب في النقض يسلم بأن الطاعنة وضعة حملها في غشت من 1990 وأن عقدت زواجها بها بتاريخ 21 دجنبر 1989 حسب نسخة موجودة بالملف ولم يثبت واقعة عدم اتصاله بها إلى أن طلقها بتاريخ 28 دجنبر 1989 حسب رسم الطلاق المدلى به من طرفه، فإن واقعة الخلوة بينهما تعبر ثابتة لأنها في هذه الحالة على الأصل وما ادعاه من عدم إمكانية اتصاله بها إلى أن طلقها هو خلاف الأصل، وبناء على هذه المقدمة، فإن نسب البنت إلهام التي وضعتها الطاعنة في غشت 1990 بعد أكثر من ستة أشهر من تاريخ عقد الزواج.. يكون ثابتا طبق الفصل 76-84-85-89 من المدونة”

وبعد نقض قرار محكمة الاستئناف وإحالة الملف عليها من جديد حيث اتبعتها ما قرره المجلس الأعلى، وبعد طلب نقض القرار من جديد عاد المجلس الأعلى ليسد الباب أمام إثبات عدم الاتصال عندما قرر أنه: “إن محكمة القرار لما أعلنت قضاءها بأن الوضع المتفق على حصوله في غشت 1990 قد جاء بعد عقد الزواج المؤرخ في 21 دجنبر 1989 أي بعد مرور أكثر من ستة أشهر، أي داخل مدة الأمد الذي يترتب عن الوضع خلال ثبوت نسب المولود إلى الزوج طبقا للفصول 76-87-85-89 من المدونة وبذلك يكون الاتصال قد حصل ولا حاجة لإثباته…

وهكذا فإن المجلس الأعلى قد طبق موقف الأحناف من واقعة الاتصال([60]).