كيف يتم تطبيق عقوبة القتل في المملكة (الإعدام)؟

إن عقوبة القتل في المملكة لا يتم الحكم بها إلا على أشد الجرائم خطورة وفي أضيق الحدود، بمقتضى حكمٍ نهائي صادر من محكمة مختصة بعد استكمال إجراءات النظر القضائي في جميع المحاكم بمختلف درجاتها، فلا بد من نظر القضية في محاكم الدرجة الأولى نظراً مشتركاً من قبل (3) قضاة، ثم يعرض على محكمة الدرجة الثانية وهي محاكم الاستئناف حتى لو لم يطعن فيه أحد الأطراف، ويتم نظر الحكم من قبل دائرة مشكلة من (5) قضاة، فإذا أيدّت محكمة الاستئناف الحكم فلا بد أن يعرض على المحكمة العليا؛ لنظره من قبل (5) قضاة، وإذا أيّدت المحكمة العليا الحكم تكون قد اكتملت مراحل النظر القضائي، ولا يتم تنفيذ العقوبة إلا بأمر من الملك أو من ينيبه، وتتولى هيئة التحقيق والادعاء العام الإشراف على تنفيذ الأحكام الجزائية وفق الفقرة (ه) من المادة (3) من نظامها الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/56) 24/10/1409ه الموافق 30/5/1989م، ومن ذلك الإشراف على تنفيذ أحكام القتل، حيث تتأكد قبل تنفيذ الحكم من سلامة الإجراءات المتبعة ونظاميتها، وسلامة تطبيق الحكم النهائي، إضافةً إلى التأكد من عدم توافر أي مانع قد يترتب عليه وقف تنفيذ الحكم أو تأجيله، إضافة إلى ما تضمنته المادة (217) من نظام الإجراءات الجزائية ولائحته التنفيذية في مادتها (256) من تشكيل لجنة لتشهد التنفيذ والتأكد منه بموجب المادة (260) من اللائحة.

والجدير بالذكر أن الأحكام الصادرة بالقصاص أو الحدود لا تملك أي سلطة في الدولة أن تعدلها أو توقفها؛ باعتبار أن الشريعة الإسلامية نصت عليها بنصوص قاطعة لا تقبل التأويل وهي محصورة في جرائم محددة، ولا يتم الإدانة بها إلا بالدليل الثابت، وهذا الأمر يأتي منسجماً مع التزامات المملكة بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

ومن أوجه سماحة الشريعة الإسلامية وسعتها في هذا الصدد، فإنه يمكن صدور العفو عن المحكوم عليه بالقتل من قبل ولي الأمر (الملك) في جرائم التعزير، ومن قبل أولياء الدم أو أحدهم في الجرائم التي يجب فيها القصاص باعتباره حقّاً خاصاً لهم لا ينازعهم فيه أحد؛ مع التأكيد على حق المحكوم عليه بالقتل في حال وجود قُصَّر من أولياء الدم انتظار بلوغهم الرشد وطلبهم تنفيذ الحكم، كما أن عقوبة القتل تسقط بتنازل فرد واحد فقط من أولياء الدم ولو كان البقية يرفضون التنازل، ومن منطلق قوله تعالى:﴿..وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾[1]، فإنه يتم بذل جهود حثيثة عبر لجان الإصلاح التابعة لإمارات المناطق بناءً على الأمر السامي رقم خ/547/8 وتاريخ 03/11/1420هـ الموافق 08/02/2000م لحث أولياء الدم على العفو عن القاتل، أو قبول الدية، وكثيراً ما تتكلل هذه الجهود بالنجاح.

واستناداً لأحكام الشريعة الإسلامية في هذا السياق، ومنها قول الله تعالى: ﴿ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى﴾[2]، وقوله تعالى : ﴿ومن قُتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل﴾[3]، وباعتبار أن عقوبة القتل على المرأة الحامل من الإسراف في القتل لأنها قتل نفسين بنفس ولغير ذلك من الاعتبارات الشرعية؛ فإن عقوبة القتل لا تنفذ على المرأة الحامل في المملكة حتى تضع حملها، فإن وضعت حملها ولم تجد من يُرضع جنينها، فإن تنفيذ العقوبة يُرجأ حتى فطام جنينها، وقد تضمنت الفقرة (1) من المادة (214) من نظام الإجراءات الجزائية حق المحكمة التي أصدرت الحكم بالإدانة وتوقيع العقوبة في أن تأمر بتأجيل تنفيذ الحكم الجزائي لأسباب جوهرية توضحها في أسباب حكمها، على أن تحدد مدة التأجيل في منطوق الحكم، كما أكدت المادة (157) من اللائحة التنفيذية للنظام على ضرورة إجراء كشف طبي بواسطة طبيب مختص للتحقق من الحالة الصحية للمحكوم عليها قبل تنفيذ عقوبة القتل، وأنه متى ما ظهر أن المحكوم عليها حامل أو نفساء أو مرضع، فيؤجل تنفيذ عقوبة القتل، حتى تضع حملها، وتنتهي مدة نفاسها، وتفطم وليدها.

[1]القرآن الكريم: سورة المائدة: 32.

[2]القرآن الكريم: سورة الزمر.

[3]القرآن الكريم: سورة الإسراء.​

إعادة نشر بواسطة محاماة نت