حــقوق المتعــاقد مــع الادارة

المحامية / منال داود العكيدي
يرتب العقد الاداري الذي يكون احد طرفيه الادارة شأنه في ذلك شأن العقد المدني التزامات وحقوقاً متبادلة فالعقد الاداري يقيد جهة الادارة المتعاقدة ويلزمها بتنفيذ التزاماتها التي اوجبها العقد تجاه المتعاقد معها – متى ما نشأ العقد صحيحا- اذ انه يترتب على الادارة الالتزام بالمدد والمواعيد المحددة او المعقولة لتنفيذ التزاماتها كما ان عليها اي الادارة ان لا تقوم باعمال ضارة من شأنها زيادة الاعباء المفروضة على الطرف المتعاقد معها والا كان لقاضي العقد الحكم بالتعويض لصالح المتعاقد الاخر في حالة وجود اخلال واضح من قبل الادارة كما ان الاخيرة عليها تسهيل مهمة العاقد الاخر للبدء بتنفيذ التزاماته التي جاء بها العقد الاداري.

وعلى الرغم من الادارة تتمتع ببعض الامتيازات والسلطات التي منحها اياها القانون العام الا انها ملزمة مع ذلك بتنفيذ العقد الذي ابرمته لاسيما فيما يتعلق بتادية حقوق المتعاقد معها والالتزام واهمها المقابل المالي الذي سوف يستحقه الطرف الاخر بعدما ينتهي من تنفيذ التزامه، فالعقد الاداري يقوم اولا على موازنة المصالح والحقوق بين طرفيه لان الافتقاد الى هذا التوازن سوف لن يغري اي شخص بالتعاقد مع الادارة لان الاخير يكون رائده اولا واخيرا هو تحقيق المنافع الشخصية والتربح من خلال ما يحصل عليه من مقابل جراء تنفيذ ما التزم به مع الادارة.

وقد ياتي المقابل المالي في العقد الاداري بصور متعددة فقد يكون راتبا شهريا كالمتعاقد مع الادارة لتقديم خدمة معينة او قد يكون ثمنا للسلع والبضائع التي يلتزم بايصالها الى الادارة بموجب عقد النقل او عقد التوريد او قد يكون المقابل المالي عبارة عن رسوم يتقاضاها المتعاقد مع المنتفعين بالمرفق العام مثل عقد امتياز المرفق العام .

والمبدأ العام في العقد الاداري ان المقابل المالي الذي تلتزم الادارة بتأديته الى المتعاقد يكون نهائيا لكن قد تستجد بعض الاحداث غير المتوقعة التي تؤثر على التزامات المتعاقد مع الادارة والتي من شانها ان تجعل تنفيذ تلك الالتزامات باهضة الثمن الامر الذي يستحيل معه الاستمرار بتنفيذ تلك الالتزامات او يجعل تنفيذها صعبا وقد تنتهي بافلاس المتعاقد وهذه الظروف التي تؤدي الى تغيير التزامات المتعاقد مع الادارة قد يكون سببها الادارة نفسها.

وذلك في حالة قيام السلطات الحكومية باتخاذ قرارا يؤثر في التزامات المتعاقد او قيامها بتعديل العقد مستعينة بالامتيازات التي منحها اياها القانون العام والتي تؤدي الى تعديل بعض شروط العقد وبالتالي المساس بصورة غير مباشرة بالحقوق المالية له واختلال التوازن بين الحقوق والالتزامات بين الادارة والمتعاقد او قد تكون تلك الظروف المستجدة تتعلق بتغييرات خارجية لادخل للادارة فيها ولكنها تؤدي ايضا الى الاخلال بالتوازن المالي للعقد والذي يطلق عليه ايضا المعادلة المالية للعقد .

لذا فان القضاء الاداري الذي منح الادارة تلك السلطات والامتيازات عليه ان يوجد البديل الذي يعوض المتعاقد ازاءها من خلال اعادة التوازن المالي للعقد ، ويشير مفوض الدولة بلوم في القضية المتعلقة بتنفيذ عقود الالتزام الى ذلك بقوله (من الامور الجوهرية في عقود الالتزام ضرورة ان يتحقق بقدر الامكان التساوي بين المزايا التي تقررت للملتزم وبين الاعباء التي يلتزم بها .. وهذا ما يطلق عليه التوازن المالي والتجاري او التوازن المالي لعقد الالتزام ).

ومن الجدير بالذكر الى ان هناك ظروفا قد تطرأ اثناء تنفيذ العقد والتي من شانها اما ان تجعل تنفيذ العقد مستحيلا او تجعله اي التنفيذ صعبا فقط او قد يكون من شان تلك الظروف التأثير على كيفية التنفيذ وشروطه وفي كل الاحوال فان من حق المتعاقد مع الادارة المطالبة باعادة التوازن المالي للعقد اي ضمان نوع من التوازن بين الاعباء الجديدة والالتزامات التي القيت على كاهله وحساباته وتوقعاته للارباح التي ستعود عليه وقت ابرام العقد الاداري .