حقوق الزوجة
المحامي زامل شبيب الركاض
يعتبر الزواج هو الوسيلة الطبيعية لمواجهة الميول الغريزية الفطرية التي تدفع بأحد نوعي الإنسان للاتصال بالآخر، وعقد الزواج من أهم العقود التي يتعامل بها الإنسان في حياته ويتحصل به المودة والرحمة والسكن والبقاء والتكاثر وعمارة الأرض، وحيث أن الأسرة هي اللبنة والقاعدة التي يقوم عليها بناء الأمة فقد اهتمت الشريعة الاسلامية بالزوجين وبينت ما لهما من حقوق وما عليهما من واجبات تضمن استمرار واستقرار الحياة الزوجية، وخص الفقهاء حقوق الزوجة بمزيد من العناية باعتبار أن الزوج صاحب القوامة وراعي الأسرة فيجب عليه معرفة حقوق الزوجة وإيفاؤها لها كاملة حتى لا يقع عليها الظلم المنهي عنه في الشرع.

وتتمثل حقوق الزوجة في المهر لقوله تعالى {.. فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة..} وقد أجمع علماء الأمة على أن المهر حق للمرأة يثبت لها بعقد النكاح، فهو حق وأثر مترتب على العقد، ويشترط في المهر أن يكون مالاً متقوماً له قيمة معتبرة في نظر الشرع، أو أن يكون في حكم المال كالمنافع التي تقدر بمال، وأن يكون معلوماً ومقدوراً عليه بعيداً عن المغالاة لقوله صلى الله عليه وسلم (إن أعظم النساء بركة أيسرهن مئونة) والأصل في المهر أن يكون معجلاً ويجوز أن يقدم بعضه ويؤخر بعضه أو أن يؤخر كله إلى أجل معلوم. وإذا لم يسم المهر فيجب مهر المثل، ويثبت المهر كاملا للزوجة بمجرد الدخول بها أو الخلوة الصحيحة، ويثبت نصف المهر إذا طلقها الزوج قبل الدخول بها أو الخلوة الصحيحة إذا كان قد فرض لها مهراً أو كانت الزوجة صغيرة فلا يملك وليها إلا المطالبة بنصف الصداق لأن النصف مقابل احتباسها والنصف الثاني لا يجب إلا بالتمكين.

ومن حقوق الزوجة الواجبة النفقة لقوله صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع (اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) ويشترط لوجوب النفقة أن يكون عقد الزواج صحيحاً، وأن تنتقل الزوجة إلى بيت الزوجية وألا تمنع الزوج من الاستمتاع بها إلا لعذر. وأنواع النفقة الطعام والشراب والكسوة والمسكن المناسب والعلاج ووسائل النظافة ونفقة الخادم إذا كانت الزوجة ممن يخدم مثلها وكان الزوج موسرا وإلا فلا لأن الخادم ليس من ضرورات الحياة.

وكذلك من حقوق الزوجة على الزوج أن يعدل بين زوجاته في حال التعدد في الأمور الظاهرة كالنفقة والكسوة والمبيت فيقضي من الوقت عند الواحدة قدر ما يقضيه عند الأخرى. وأن يقوم الزوج بتعليمها أمور دينها وما يجب عليها من الحقوق الشرعية، وأن يغار عليها ويصونها من كل ما يضرها في دينها ونفسها، وأن يغفر لها تقصيرها وأخطاءها ويعاملها بالرفق واللين. وأن يسعى كل منهما إلى ما يرضي الآخر من لين المخاطبة، واحترام الرأي والتسامح والبعد عن كل ما يجلب الشقاق والنزاع.

ومن الحقوق المشتركة بين الزوجين الاستمتاع فلكل منهما الحق في الاستمتاع بالآخر في الحدود المشروعة، وكذلك من الحقوق المشتركة أن يرث كل منهما الآخر بعد وفاته ولو كانت الوفاة قبل الدخول، وذلك لأن عقد الزواج كان من أجل العشرة والمتعة بينهما فأوجد صلة ترابط بينهما كصلة القرابة فاستلزم ذلك ثبوت التوارث شرعاً، فلا يحق للزوج أن يطلق امرأته في مرضه بقصد حرمانها من الإرث ويعتبر تصرفه هذا باطلا شرعا ويعامل بنقيض قصده فترث الزوجة في هذه الحالة وهي مسألة وقائع تخضع لسلطة محكمة الموضوع التقديرية، ونخلص إلى أن الحقوق الزوجية مشتركة ومتبادلة فإذا كانت المرأة تؤدي واجباتها فلابد إن يقابل ذلك بمكافأتها أيضا بحقوقها التي تعتبر الأثر المترتب على قيامها بواجبها تجاه الرجل، وجماع الحقوق الزوجية هي المعاشرة بالمعروف أو التسريح بإحسان لقوله تعالى {.. فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف..} وليس من العدل والمروءة أن يؤذي الرجل المرأة في نفسها ما دامت في عصمته أو يضيق عليها ليدفعها لمخالعته أو يرهقها بعد مفارقته بعدم الإنفاق على أبنائه تحت وطأة التهديد بإسقاط حضانتها في حالة المطالبة بالنفقة أو ممارسة حقها الطبيعي في الزواج.

[email protected]

إعادة نشر بواسطة محاماة نت