التوقف المشروع عن العمل الوظيفي :

هناك حالات اخرى من التوقف عن العمل الوظيفي بالاضافة الى الاجازة لا تؤثر على دوام سير المرافق العامة تقوم به الادارة متمثلاً باجراء التنظيم الداخلي من اجل تنظيم العمل الوظيفي بالمرفق العام .(1) ومن هذه الحالات النقل والندب والاعارة وسوف نقوم بتبيان كل حالة على حده .

اولاً :- النقل

ويقصد به التحاق الموظف بوظيفة اخرى في وحدة ادارية يعمل فيها او في وحدة ادارية غير التي يعمل فيها اصلاً .(2) والنقل اما يكون مكانياً او نوعياً ، فالنقل المكاني يعني نقل الموظف من مكان الى آخر في المحافظة نفسها او من محافظة الى اخرى ، اما النقل النوعي فيعني نقل الموظف من وظيفة الى وظيفة اخرى في الدائرة ذاتها ، تستشعر الادارة انه اصلح لشغلها .(3) ولكي يتم النقل لابد من توافر شروط عدة منها يجب ان يكون قرار النقل صادراً من الجهة الادارية المختصة وهي الجهة المختصة بالتعيين ويجب ان يكون نقل الموظف الى وظيفة مساوية او اعلى من الوظيفة التي يشغلها ، كذلك ان لايفوت هذا النقل على الموظف دوره في الترقية بالاقدمية اذا تم النقل بدون طلب منه . حيث جاء في حكم الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة العراقي :- (( ان سلطة الادارة في نقل الموظف من دائرة الى دائرة اخرى وفقاً للمصلحة العامة مقيدة بعدم تنزيل درجة وعنوان الموظف ))(4) والنقل هو اجراء تستفرد به الادارة باستعمال سلطتها التقديرية من اجل المصلحة العامة وهو ما أكده مجلس الانضباط العام بقوله :- (( … وحيث ان نقل الموظف يعتبر سلطة تقديرية منحها القانون للادارة بغية ان يكون لها القدرة على تنظيم المرفق الاداري واحداث التوازن فيه لاجل ضمان سلامة سيره لتحقيق المصلحة العامة وتلافي ما قد يقع من اخطاء لايمكن استدراكها …..)).(5)

ومن ثم لامجال لموافقة الموظف على اجراء النقل ، وهذا ما ذهب اليه مجلس الانضباط العام في حكم له جاء فبه :- (( امر الوزير او رئيس الدائرة بنقل الموظف لمقتضيات المصلحة العامة يعد استعمالاً لصلاحياته القانونية لضمان حسن سير العمل في المرفق العام وتكون دعوى الموظف المنقول في هذه الحالة غير مجدية )).(6) ان نقل الموظف اذا جاء مستجيباً وملبياً لحاجة المرفق العام وتنظيماً لسير العمل فيه فهو مشروع لا شائبة فيه ولا مطعن عليه ، ولكنه قد تاتي أشباعاً لرغبة في الثأر والانتقام(7)، او قد يكون قناعاً لاخفاء عقوبة على الموظف او ان تفوت عليه حقه في الترقية ، فهنا يحق للموظف الطعن في قرارالنقل امام مجلس الانضباط العام في المدة المحددة لذلك على اساس ان الادارة انحرفت في استعمال السلطة المخولة لها .(8)

وهذا ما ذهبت اليه المحكمة الادارية العليا المصرية في ان :- (( تلاحق قرارات النقل وصدورها بغير مقتضى من الصالح العام بقصد مجازاة الموظف لرفعه تقريرا الى رئيس الوزراء – انحراف الجهة الادارية بسلطتها في نقل الموظفين من مكان الى آخر عن الغاية التي وضعت لها باتخاذها اداة العقاب – ابتداعها نوعا من الجزاء التأديبي لم ينص عليه القانون – عدم جواز اتخاذ سلطة النقل المكاني اداة للمجازاة ))(9) ولا مجال للطعن بقرار النقل اذاكان طلب النقل مقدماً من قِبل الموظف لانه يكون بناء على رغبته (10) ويؤكد القاضي مشروعية القرار الاداري المتضمن نقل الموظف العام بناءً على رغبته اذا كان خالي من اساءة استعمال السلطة وجاء ملبياً لمقتضيات المصلحة العامة وحسن سير المرافق العامة.(11) وهذا ما اكدته المحمكة الادارية العليا المصرية في حكم لها جاء فيه :- (( نقل العامل من جهة الى اخرى في ذات درجته يعد من قبيل النقل المكاني – يدخل ذلك في نطاق السلطة التقريرية لجهة الادارة تجريه وفقا لمقتضيات صالح العمل ودواعيه دون معقب من القضاء مادام قرارها قد خلا من الانحراف بالسلطة او مخالفة القانون …. ))(12)

ثانياً :- التنسيب ( الندب )

هو قيام الموظف مؤقتاً – تنفيذاً لقرار صادر من السلطة المختصة – بأعباء وظيفة اخرى شاغرة من نفس درجة وظيفته او من الدرجة التي تعلوها مباشرة في الادارة نفسها التي يعمل بها او في ادارة اخرى بالتفرغ او بالاضافة الى اعمال وظيفته ، وذلك مع الاحتفاظ بصلته بوظيفته الاصلية .(13) ويكون الندب على نوعين اما ندب كلي وهو قيام الموظف باعباء الوظيفة كلياً مع تفرغه من وظيفته الاصلية ، او ندب جزئي وهو قيام الموظف باداء اعباء الوظيفة المنتدب اليها مع ممارسة بعض اختصاصات وظيفته الاصلية وفي هذه الحالة يستحق الموظف مقابل او اجر اضافي ، لانه يقوم باعباء الوظيفة المنتدب اليها اضافة الى اعباء وظيفته الاصلية .(14) وتلجا الادارة الى الندب لاسباب عدة ، وذلك لعدم شغل الوظيفة المندوبة بالنقل او الترقية وفي بعض الاحيان عدم كفاية الوقت للتعيين في الوظيفة الشاغرة مما تضطر الادارة الى ندب موظف لشغلها ولمدة من الزمن ، وذلك لان الندب طريق مؤقت لشغل الوظائف العامة لسد حاجة العمل من الكادر البشري لدى الجهة الادارية المنتدب اليها الموظف .(15)

وهذا ما اكدته المحمكة الادارية العليا المصرية في حكم لها بقولها :- (( ومن حيث ان من المقرر انه وان كان الاصل ان ندب العامل للقيام بعمل وظيفة اخرى داخل الوحدة او خارجها امر تترخص فيه جهة الادارة بما لها من سلطة تقديرية بمراعاة حاجة العمل في الوظيفة الاصلية وان الندب مؤقت بطبيعته الا انه يتعين على جهة الادارة عند استعمال سلطتها التقديرية في هذا الشأن الا تسىء استعمال هذه السلطة وان تتم ممارستها لها في الحدود والاوضاع التي رسمها القانون )) (16) ويبقى الموظف تابع للجهة الادارية التي توجد فيها وظيفته الاصلية ، ويتقاضى راتبه منها وتحفظ له حقه في العلاوات والترقيات التي يستحقها ، ويتم الندب بقرار من السلطة المختصة وهي سلطة التعيين ويشترط موافقة السلطة نفسها في الجهة التي يعمل بها ، ولا يشترط موافقة الموظف ، لانه قرار تنفرد به الادارة مراعية فيه مصلحة العمل او حاجة العمل في الادارتين اللتين تم الندب بينهما ويجوز الطعن بهذا القرار امام القضاء الاداري بدعوى الالغاء كأن تقوم الادارة بندب موظف لشغل وظيفة مع وجود موظفين لهم الاقدمية في الترقية لشغل هذه الوظيفة .(17)

وفي العراق ينصرف مصطلح الندب الى التنسيب ، حيث يتم تكليف الموظف باعباء وظيفة شاغرة في دائرة غير دائرته تنتمي للوزارة نفسها او الى وزارة اخرى ،ويتم التنسيب بموافقة الوزير المختص او موافقة الوزيرين اذا كان التنسيب بين وزارتين ، ويكون التنسيب لمدة ثلاث سنوات وتكون ابتداءً لمدة سنة ويجوز تمديدها للحد المذكور ولكن عند الضرورة وحاجة الدائرة(18) ، أي بمعنى آخر انه يكون مؤقت ويدخل ضمن السلطة التقديرية للادارة وهذا ما اكده القضاء الاداري بقوله :- (( ان التنسيب ذات طبيعة مؤقتة ولا يعد نقلا وانما يدخل ضمن السلطة التقديرية للادارة ))(19) اما بالنسبة الى راتب الموظف المنسب فيكون على الدائرة المستفيدة ، ويكون من تاريخ مباشرة الموظف لديها اذا كانت دائرته الاصلية ممولة ذاتياً اما اذا كانت دائرته ممولة مركزيا فان دائرته المستفيدة منه تدفع له راتبه من تاريخ السنة المالية الجديدة .(20)

ثالثاً :- الاعارة

الاعارة تعني قيام الموظف بناء على موافقته الخطية بعمل في وظيفة اخرى شاغرة في جهة عامة داخلية او خارجية ، محلية او اجنبية براتب او بنصف راتب يتقاضاه منها ، مع احتفاظه بصلته بوظيفته الاصلية .(21) وهذا ما ذهب اليه ديوان التدوين القانوني الملغى في علاقة الموظف المعار بوظيفته الاصلية حيث انها تبقى قائمة إذ ورد في ذلك ما ياتي :- (( لا تنقطع علاقة الموظف بوظيفته خلال مدة الاعارة ويبقى خاضعاً لاحكام القوانين التي تنظم امور خدمة وانضباط وظيفته الاصلية ))(22) وتكون ارادة الموظف المعار محل اعتبار في ان تتم الاعارة واستمرارها ، لان هذه الاخيرة معلقة على رغبة ومشيئة الموظف في ان تتم الاعارة او الاستمرار فيها ، بعكس ما نراه في الندب حيث لاأثر لموافقة الموظف ،وفي الاعارة يترك الموظف المعار وظيفته الاصلية كليا ولا وجود للترك الجزئي كما هو موجود في الندب حيث يكون هناك ندب كلي وندب جزئي ويستحق الموظف راتبه من الجهة المستعيرة .(23)

وذهب بعض الفقه الاداري الى ان الموظف في بعض الاوقات يتقاضى راتباً من الجهة المعيرة وبذلك يكون قد استحق راتب مزدوج(24) ، الا ان القانون العراقي منع ذلك في المادة ( 53 ) في الفقرة ( اولاً) من قانون الخدمة المدنية رقم ( 24 ) لسنة 1960 المعدل اذ جاء فيه :- (( لا يحق للموظف ان يتقاضى راتبين عن وظيفتين في وقت واحد او مخصصات عن اللجان او الاعمال التي تعتبر جزءاً من واجبات وظيفته …..))

اما في الندب فانه يستحق راتب واحد ويكون من الجهة التي توجد فيه وظيفته الاصلية ، وفي الندب الجزئي فانه يستحق اجراً اضافياً لزيادة الاعباء الوظيفية التي يقوم بها لانه يؤدي اعباء الوظيفة المنتدب اليها اضافة الى اعباء وظيفته الاصلية .(25) ويجوز شغل وظيفة الموظف المعار بشروط هي ان تكون مدة الاعارة لا تقل عن سنة وان تكون الاعارة بدون راتب من الجهة المعيرة لكي تمنحه للموظف الذي سيشغلها اما في الندب فلا يجوز شغل وظيفة الموظف المنتدب .(26) والغاية من الاعارة هي اقامة نوع من التعاون بين الدول والهئيات الدولية في مجال تبادل الموظفين ، كذلك عن طريق الاعارة يمكن شغل الكثير من الوظائف الشاغرة في البلاد النأشئة التي لم يتوفر لديها العدد الكافي من ابنائها لشغلها ، وتكون الادارة المستعيرة ملزمة بدفع رواتب الموظف المعار اذا قامت بانهاء خدمته لحين اعادته الى وظيفته الاصلية او انتهاء مدة الاعارة .(27)

وهناك حالات اخرى من الانقطاع المشروع مثل ايفاد الموظف لحضور المؤتمرات والندوات العلمية والثقافية ، وبذلك نكون قد وصلنا الى نتيجة هامة تتمثل في كون الانقطاع المشروع هو انقطاع الموظف عن وظيفته وعدم قيامه بالواجبات المفروضة عليه مع بقاء صلته الوظيفية قائمة بينه وبين الادارة ، وتمتعه بالمزايا الوظيفية مع حق الادارة بسلطتها التي تستمدها من المركز التنظيمي الذي يحكم علاقة الموظف بالادارة القيام ببعض الاجراءات الداخلية من اجل تنظيم عمل المرفق العام ويكون تصرف الادارة هذا خاضع الى رقابة القضاء الاداري ويكون توقف الموظف العام عن العمل في مثل هذه الحالات لا يؤثر على مبدأ دوام سير المرافق العامة كون الادارة تتخذ الاجراءات اللازمة للحيلولة دون توقف المرافق العامة عن تقديمها لخدماتها .

______________

1 – ينظر في ذلك الدكتور عبد القادر عبد الحافظ الشيخلي : القانون التأديبي وعلاقته بالقانون الاداري والجنائي ، الطبعة الاولى ، دار الفرقان ، عمان ، 1983 ، ص65 .

2 – ينظر في ذلك حسين حمودة المهدوي : شرح أحكام الوظيفة العامة ، المنشاة العامة للنشر والتوزيع والإعلان ، طرابلس ، من دون سنة طبع ، ص 63 .

3 – ينظر في ذلك الدكتور غازي فيصل مهدي : المرشد لحقوق الموظف ، الطبعة الاولى ، بغداد ، 2006 ، ص21 .

4 – ينظر في ذلك حكمها بصفتها التمييزية ذي الرقم ( 247 / انضباط / تمييز / 2006) في 18 / 9 / 2006 ، صباح صادق جعفر الانباري : مجلس شورى الدولة ، مصدر سابق ، ص373 .

5 – ينظر في ذلك حكمه المرقم ( 109 / 2007 ) في 10 / 5 / 2007 ، غير منشور .

6 – ينظر في ذلك حكمه ذي العدد ( 172 / مدنية /2001 ) الصادر في 30 / 8 / 2001 ، منشور في مجلة العدالة ، العدد الاول ، ( كانون الثاني ، شباط ، آذار ) ، وزارة العدل ، 2002 ، ص 101 .

7 – ينظر في ذلك عبد المحسن السالم : العقوبات المقنعة بين المشروعية وتعسف الادارة ( دراسة مقارنة ) ،الطبعة الاولى ، مطبعة الشعب ، بغداد ، 1986 ، ص 87 وما بعدها .

8 – ينظر في ذلك الدكتور غازي فيصل مهدي : المر شد لحقوق الموظف ، الطبعة الاولى ، بغداد ، 2006، ص 22 ، وللمزيد من المعلومات ينظر في ذلك عبد المحسن السالم : العقوبات المقنعة بين المشروعية وتعسف الادارة ( دراسة مقارنة ) ،الطبعة الاولى ، مطبعة الشعب ، بغداد ، 1986، ص 96 وما بعدها .

9 – ينظر في ذلك حكمها المرقم ( 419 / 15 ) الصادر في 18 / 4 / 1970 ، منشور في مجموعة المبادى القانونية التي قررتها المحكمة الادارية العليا في خمسة عشر عاماً ( 1965 ، 1980 ) ، الجزء الرابع ، الهئية المصرية العامة للكتاب ، 1985 ، ص 3891 .

10 – ينظر في ذلك الدكتور عبد الغني بسيوني : القانون الإداري ( دراسة مقارنة لأسس ومبادى القانون الإداري وتطبيقها في مصر ) ، منشاة المعارف ، الإسكندرية ، 1991 ، ص 264 .

11 – ينظر في ذلك صلاح احمد السيد جودة : الرقابة القضائية على التعيين في الوظائف العامة ( دراسة مقارنة ) ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2007، ص 232 .

12– ينظر في ذلك حكمها ذي الرقم ( طعن 1403 لسنة 26 ق بتاريخ 7 / 2 / 1988 ) ، الدكتور محمد ماهر ابو العينين : دعوى الالغاء امام القضاء الاداري ( اسباب الغاء القرارات الادارية ) ، وفقاً لاحكام المحكمة الادارية العليا حتى عام 1996 ، دار الكتب القانونية ، مصر ، 1998 ، ص 739 .

13 – ينظر في ذلك الدكتور ماجد راغب الحلو : القانون الإداري ، دار المطبوعات الجامعية ، الإسكندرية ، 1987 ، ص 246 .

14 – ينظر في ذلك الدكتور خالد سمارة الزعبي : القانون الاداري وتطبيقاته في الملكة الاردنية الهاشمية ، الطبعة الثالثة ، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان ، 1998، ص 226 .

15 – ينظر في ذلك الدكتور عبد الغني بسيوني : القانون الاداري ، مصدر سابق ، ص 271 .

16 – ينظر في ذلك حكمها ذي الرقم ( طعن 1722 لسنة 31 ق بتاريخ 22 / 11 / 1987 ) ، الدكتور . محمد ماهر ابو العينين : دعوى الالغاء امام القضاء الاداري ( اسباب الغاء القرارات الادارية ) ، وفقاً لاحكام المحكمة الادارية العليا حتى عام 1996 ، دار الكتب القانونية ، مصر ، 1998، ص738 .

17 – ينظر في ذلك الدكتور ماجد راغب الحلو : القانون الاداري الكويتي وقانون الخدمة المدنية الجديد ، الطبعة الاولى ، منشورات ذات السلاسل للطباعة والنشر والتوزيع ، الكويت ، 1980 ، ص 198 .

18 – ينظر في ذلك الفقرة ( ب ) من تعليمات الملاك عدد ( 23 ) لسنة 1979 الخاصة بالوظائف الشاغرة والملاكات المصدقة .

19 – ينظر في ذلك حكم الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة العراقي بصفتها التمييزية ذي الرقم ( 288 / انضباط / تمييز / 2006) في 11 / 12 / 2006 ، صباح صادق جعفر الانباري : مجلس شورى الدولة ، الطبعة الاولى ، بغداد ، 2008 ، ص385 .

20 – ينظر في ذلك قرار مجلس الثورة المنحل ذي الرقم ( 75 ) الصادر في 9 / 2 / 1989 ، منشور في الوقائع العراقية ذي العدد ( 3175 ) في 20 / 2 / 1989 .

21 – ينظر في ذلك الدكتور خالد سمارة الزعبي : القانون الاداري وتطبيقاته في المملكة الاردنية الهاشمية ، مصدر سابق ، ص 229 .

22 – ينظر في ذلك حكمه ذي الرقم ( 1 ج1 / 333 / 1 ) في 20 / 3 / 1965 ، منشور في مجلة ديوان التدوين القانوني ، العدد ( 965 ) – السنة الرابعة ، ص 145 .

23 – ينظر في ذلك الدكتور انس جعفر : الوظيفة العامة ، دار النهضة العربية ، القاهرة ،2007 ، ص207 .

24 – ينظر في ذلك الدكتور ماجد راغب الحلو : القانون الاداري ، مصدر سابق ، ص 250 .

25 – ينظر في ذلك الدكتور عبد الغني بسيوني : القانون الاداري ، مصدر سابق ، ص 271 .

26 – ينظر في ذلك حسين حمودة المهدوي : شرح أحكام الوظيفة العامة ، المنشاة العامة للنشر والتوزيع والإعلان ، طرابلس ، من دون سنة طبع ، ص 87 .

27 – ينظر في ذلك الدكتور خالد سمارة الزعبي : القانون الاداري وتطبيقاته في المملكة الاردنية الهاشمية ، مصدر سابق ، ص 229 .

آثار التوقف عن العمل الوظيفي :

ان الوظيفة العامة مجموعة اختصاصات يمارسها الموظف بقصد تحقيق المصلحة العامة هذا وان ممارسة الاختصاصات المذكورة ، يجب ان تتم على وجه مرضٍ اي ان يكون اداء الموظف اداءً حسناً .(1) وان اي إخلال من قِبل الموظف باداء واجباته ستعرض المرفق العام الى التدهور ومن اخطر تلك المخالفات توقف الموظف العام عن العمل لان حضور الموظف للدوام الرسمي وقيامه بواجباته على أكمل وجه ذات اتصال وثيق باستمرار المرفق لتقديمه الخدمات للجمهور ، فليس من المتصور استمرار المرفق العام بعمله دون وجود العنصر البشري الذي يديره ، ولهذا التوقف آثار عديدة سواء كانت على المرفق العام ام على الموظف ام على الادارة ، وهي على الوجه التالي :-

اولاً :- الآثار المترتبة على المرفق العام .

تعد المرافق العامة بمثابة الخلايا التي يشكل مجموعها جهاز الدولة ، بحيث لايمكن لهذه الاخيرة ان تحيا حياة طبيعة مالم تضمن لخلاياها السير المطرد والمنتظم الذي يدرأ عنها كل عارض يسبب لها الشلل او العطل وبالتالي لا تؤدي الغرض المرجو منها والذي من اجله أنشئت تلك المرافق . وعلى هذا الاساس يؤثر توقف الموظف عن العمل الوظيفي على المرفق العام ويخل بمبدأ دوام سير المرافق العامة بانتظام واطراد ، لان هذا المبدأ يتطلب استمرار الموظف بالدوام والحضور وعدم التغيب او التوقف عنه ، كذلك فان هذه المرافق عبارة عن مشروعات يقصد بها اداء خدمات هامة للجمهور عن طريق قيام الموظفين بالواجبات المنوطة بهم ، ولقد بنى جمهور المنتفعين نظام حياتهم على اساس الخدمات التي توفرها لهم تلك المرافق مما يتعين العمل على ضمان استمرار المرافق العامة بصورة منتظمة ذلك لان اي توقف فيها يؤدي الى حدوث اضطراب في حياة الافراد وبالتالي حدوث فوضى اجتماعية.(2) فكان لابد ان تخضع هذه المرافق في ادراتها لقدر من القواعد يضمن ان تحقق الغرض المرجو منها على أتم وجه ، ومن هذه القواعد مبدأ دوام سير المرافق العامة بانتظام واطراد .(3) وعلى هذا الاساس فان توقف الموظف العام عن العمل من شأنه الاخلال بهذا المبدأ مما يؤدي الى الاضرار بالمواطنين نتيجة عدم تقديم الخدمة لهم ، فلو تصورنا مثلاً تعطل مرفق صحي عام يعمل على تقديم الخدمات اللازمة للمواطنين بسبب عدم تواجد موظفيه فانه سوف يعرض سلامتهم للخطر ومن ثم تعريض باقي المواطنين للخطر خصوصاً اذا كانت هذه الامراض معدية ولم تتخذ الاجراءات السريعة لمعالجة مثل هذه الحالات .

ثانياً :- الآثار المترتبة على الموظف .

ان انقطاع الموظف عن الدوام – اذا لم يكن انقطاعه مشروعا – من الموجبات لأنزال العقاب عليه ، لانه يعد مخالفة تأديبية يسأل عنها الموظف تأديبيا وبالتالي يستحق عليها العقاب كحالة غياب الموظف عن الدوام الرسمي من دون اذن سابق او موافقة الادارة . وقد عالج قانون الخدمة المدنية العراقي رقم (24) لسنة 1960 المعدل حالات انقطاع الموظف عن الدوام ، وعدّه بمثابة قرينة قانونية على استقالة الموظف الضمنية ، وهذا ما جاء في المادة (37) منه في الفقرات ( اولاً، ثانياً ، ثالثاً ) حيث تناولت هذه المادة حالة عدم التحاق الموظف المنقول بوظيفته المنقول اليها خلال خمسة ايام ( عدا ايام السفر ) ، واذا تأخر عن الالتحاق ولم يبدِ معذرة مشروعة فأنه يعد مستقيلاً ، كذلك عالجت هذه المادة في فقرتها الثانية حالة الموظف المجاز المنتهية اجازته ولم يلتحق بوظيفته ، ولم يبدِ معذرة مشروعة خلال مدة عشرة ايام من تاريخ انتهاء اجازته فأنه يعد مستقيلاً ، اما في فقرتها الثالثة فانها تتطرق الى انقطاع الموظف عن وظيفته لمدة عشرة ايام ولم يبدِ معذرة مشروعة فأنه يعد مستقيلاً .

وجاء بعد ذلك امر سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة والذي اجاز فصل الموظف الذي يتخلف عن العمل لمدة خمسة ايام متتالية او مدة عشرة ايام خلال الشهر الواحد ولم يكن حاصل على اذن مسبق او لم يقدم ما يثبت اصابته بالمرض حال دون تواجده في العمل .(4) حيث ان المقصود من مصطلح الفصل في امر سلطة الائتلاف هو الاستقالة وليس الفصل بمعنى العقوبة المنصوص عليها في المادة ( 8 ) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم ( 14) لسنة 1991المعدل لان هذه العقوبة لها اسباب معينة بموجبها تفرض ولا يعني ذلك استحداث حالة من حالات الفصل المنصوص عليها وهذا ما اوضحه مجلس الانضباط العام في حكم له جاء فيه :- (( لدى التدقيق والمداولة وجد ان المدعية كانت تعمل لدى المدعى عليه الاول اضافة الى وظيفته وانها قد تمتعت باجازة ولم تلتحق بوظيفتها بعد انتهاء اجازتها مدة تزيد على المدة المقررة قانوناً وبناء عليه اصدر المدعى عليه الامر الاداري المطعون فيه رقم ( 2107 ) في 4/9/2006 قرر بموجبه فصل المدعية من الوظيفة وحيث ان الفصل من العقوبات الانضباطية المنصوص عليها في المادة ( 8 ) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي رقم ( 14) لسنة1991 وحيث ان البند ( سابعاً ) من المادة المذكورة قد حدد الحالات التي يفصل فيها الموظف من وظيفته وبعد اجراء تحقيق من لجنة مختصة وحيث ان وكيلا المدعى عليهما قد اوضحا بلائحتهما المؤرختين في 29 /10/2006 بان المدعية لم ترتكب مخالفة توجب تطبيق احكام قانون انضباط موظفي الدولة وانما قد غابت عن وظيفتها مدة تزيد عن المدة المقررة قانوناً مما تعد مستقيلة من وظيفتها واستناداً الى الامر رقم ( 30) لسنة 2003 الذي استعمل مصطلح الفصل من الوظيفة في مثل هذه الحالة وان ما قصد بالامر المطعون فيه هو ليس عقوبة فصل بمعنى الفصل المنصوص عليه في المادة ( 8) من قانون انضباط موظفي الدولة رقم (14 ) لسنة 1991 وهو ما يؤكده الامر المطعون فيه وحيث ان قصد المشرع من حكم الفقرة ( 8 ) من القسم ( 6 ) من امر سلطة الائتلاف المؤقتة ( المنحلة ) هو اعتبار الموظف مستقيلاً وليس استحداث حالة جديدة الى حالات الفصل المنصوص عليها في المادة ( 8 ) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي المذكور بدلالة المادة ( 37 ) من قانون الخدمة المدنية رقم (24 ) لسنة 1960 وهو ما استقر عليه العمل في مثل هذه الحالة وان القول بتعليق المادة ( 37) بالقدر الذي يتعارض مع امر سلطة الائتلاف لا يستقيم والنص وانما ينصرف ذلك الى المدة المحددة بنص المادة ( 37 ) اذ جعلها ( 5 ) ايام بدلاً من ( 10 ) ايام وتأسيساً على ما تقدم قرر المجلس وبالاتفاق الحكم بالزام المدعى عليهما تعديل الامر الاداري المرقم ( 2107 ) في 4 /9/ 2006 يقضي باعتبار المدعية مستقيلة من الوظيفة بدلاً من اعتبارها مفصولة منها ……….)) (5)

اما عن موقف القضاء الاداري فقد جاء في حكم للمحكمة الادارية العليا المصرية الصادر في 2 / كانون الثاني / 1956 قولها :- ( الغياب بلا استئذان سابق ، مادام هذا ممكن ، يعتبر سبباً للمسآءلة التأديبية على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة …..) (6) اما اذا قام الموظف بتقديم معذرة مشروعة خلال المدة المحددة المشار اليها سابقاً فان غيابه يعد مشروعاً ، وهذا ما ذهب اليه مجلس الانضباط العام في حكم له بقوله :- ( ليس للادارة اعتبار المدة التالية لانتهاء اجازة الموظف الاعتيادية الممنوحة له خارج العراق تغيبا بدون راتب ما دام الموظف قد اثبت مرضه بتقرير طبي صادر من مستشفى حكومي خارج القطر مؤيد من الجهات الرسمية ، ولمجلس الانضباط العام ولاية الغاء الامر الاداري المذكور واعتبار المدة الواردة في التقرير الطبي اجازة مرضية ) (7) وفي حكم آخر له جاء فيه :- ( تعتبرفترة انقطاع الموظف عن الدوام خدمة لغرض العلاوة والترفيع واستحقاقه لرواتبه عن هذه الفترة ، اذا كان مهيئا نفسه الى الدوام وقد حصل الانقطاع لاسباب خارجة عن ارادته ……) (8) وفي حكم آخر (….. وحيث ان المدعية كانت مهيأة نفسها للعمل وفق الاصول وبالتالي فان انقطاعها عن العمل كان خارج ارادتها وذلك بسبب عقوبة العزل التي فرضت عليها في حينه والتي تم الغائها كما مر آنفا مما يكون حرياً الاستجابة الى طلبها وعليه قرر المجلس بالاتفاق الحكم لها باستحقاقها رواتبها ومخصصاتها …..) (9) وفي حكم آخر له جاء فيه :- ( اذا لم يلتحق الموظف المنقول بالوظيفة التي نقل اليها خلال المدة القانونية المحددة في المادة ( 37 /1 ) من قانون الخدمة المدنية البالغة خمسة ايام عدا ايام السفر فيعتبر مستقيلاً من الوظيفة )(10 ) لكن هذا لايعني في المقابل بانه في كل الاحوال يكون توقف الموظف عن العمل سلبي التأثير ، فقد يكون له مردود ايجابي كما في حالة الاضراب عندما تكون مطالبه مشروعة – تحسين الحالة الاقتصادية مثلاً – فأنه يرجع على الموظف بالفائدة خصوصاً اذا استجابت الادارة الى مطالب هولاء الموظفين المشروعة وحققتها لهم ، كأن تزيد لهم في الرواتب ، كذلك في حالة الاستقالة عندما تكون هناك ظروف معينة تحيط بالموظف وتكون الاستقالة من صالحه كأن يحصل على فرصة عمل – وظيفة جديدة – افضل من التي كان يعمل بها سابقاً من نواحي عدة .

ثالثاً:- الآثار المترتبة على الادارة .

في بعض الاحيان يكون توقف الموظف عن العمل الوظيفي بسبب الادارة ويتمثل بسوء إدارتها للمرفق العام وسوء تنظيمه ، لان كفاءة الاداء في الجهاز الاداري للدولة وفعاليته في تحقيق اهدافه بنجاح يعتمد على الموظفين العموميين وكفاءتهم ومستوياتهم الوظيفية والمواصفات اللازم توافرها فيهم ، مما يعني خطأ الادارة في عدم اختيار من هو الاكفأ والأجدر على تحمل المسؤولية في اصعب الظروف .(11) لذلك تحرص قوانين الوظيفة العامة غاية الحرص على اختيار أفضل المتقدمين لشغل الوظيفة العامة خبرة وكفاءة واخلاق وذلك ضماناً لحسن سير المرافق العامة واستمرارها بتقديم الخدمات العامة للجمهور .(12) وان عملية الاختيار من بين المتقدمين لشغل الوظائف العامة تعد من العمليات الادارية البالغة الاهمية ، وعلى الادارة ان تحسن انتقاء موظفيها من البداية حتى تضمن اعلى مستوى من كفاءة وفاعلية الاداء والعمل الاداري .(13) وبالتالي فأن توقف الموظف عن العمل الوظيفي يعرقل عمل المرفق العام مما يعكس صورة سيئة عن الادارة واسلوبها الخاطىء في ادارة تلك المرافق مما يؤثر عليها سلبياً بالاضافة الى ذلك فان التوقف عن العمل الوظيفي لا يقتصر أثره على الموظف ففي الوقت نفسه قد يكون له تأثير معنوي بالنسبة الى باق ٍ الموظفين عن طريق تشجيعهم على ترك العمل وتنمية الحافز لديهم على ذلك .

_______________

1 – ينظر في ذلك الدكتور غازي فيصل مهدي : تقارير تقويم الموظفين بين النظرية والتطبيق ، مجلة كلية الحقوق ، العدد السابع ، المجلد الخامس ، آذار ، 2001 ، ص99 .

2 – ينظر في ذلك الدكتور احمد حافظ نجم.: القانون الإداري ( دراسة قانونية لتنظيم نشاط الإدارة ) ، الجزء الثاني ، الطبعة الأولى ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1980، ص 285 .

3 – ينظر في ذلك الدكتور سليمان محمد الطماوي : الوجيز في القانون الاداري ( دراسة مقارنة ) ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1979 ، ص384 .

4 – ينظر في ذلك الفقرة ( ثامناً ) من القسم (6 ) من أمر سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة رقم ( 30 ) لسنة 2003 الخاص بأصلاح رواتب وظروف عمل موظفي الدولة ، منشور في الوقائع العراقية ذي العدد ( 3979 ) في 8 / ايلول / 2003.

5 – ينظر في ذلك حكمه المرقم ( 238/ مدنية /2006 ) ، منشور في قرارات وفتاوى مجلس شورى الدولة لعام 2006 ، ص 340 – 341 .

6 – اشار الى هذا الحكم الدكتور سليمان محمد الطماوي : القضاء الإداري ، الكتاب الثالث ، قضاء التأديب ( دراسة مقارنة ) ، دار الفكر العربي ، جامعة عين شمس ، 1979، ص 154.

7 – ينظر في ذلك حكمه ذي الرقم ( 392 / 79 ) الصادر في 17 / 11 / 1979 ، منشور في مجموعة الاحكام العدلية ، العدد الرابع – السنة العاشرة ، ( تشرين الاول – تشرين الثاني – كانون الاول ) ، وزارة العدل ، بغداد ،1979 ، ص 159 .

8 – ينظر في ذلك حكمه ذي الرقم ( 47 / 84 ) الصادر في 31 / 10 / 1984 ، منشور في مجموعة الاحكام العدلية ، العدد الرابع ( 1 ، 2 ،3 ، 4 ) ، وزارة العدل ، بغداد ، 1984 ، ص 199 .

9 – ينظر في ذلك حكمه ذي الرقم ( 11 / 2003 ) ذي العدد 16 / مدنية / 2003 الصادر في 10 / 3 / 2003 غير منشور .

10 – ينظر في ذلك حكمه ذي الرقم ( 395 / مدنية /2001 ) الصادر في 10 / 1 / 2001 ، منشور في مجلة العدالة ، العدد الثاني ، ( نيسان – مايس – حزيران ) ، وزارة العدل ، بغداد ، 2001 ، ص 108 .

11 – ينظر في ذلك الدكتور سامي جمال الدين : الادارة العامة ، الطبعة الاولى ، منشاة المعارف ، الاسكندرية ، 2006 ، ص 260 .

12 – ينظر في ذلك الدكتور غازي فيصل مهدي : سحب يد الموظف في التشريع العراقي ، مجلة العدالة ، العدد الثالث ، ( تموز – آب – ايلول )، بغداد ، 2002 ، ص 9 .

13 – ينظر في ذلك الدكتور سامي جمال الدين : الادارة العامة ، الطبعة الاولى ، منشاة المعارف ، الاسكندرية ، 2006، ص261 .

الاجراءات المتبعة في التوقف المشروع فيما يتعلق بحالات الاعارة والنقل والتنسيب :

وتتمثل هذه الاجراءات بما ياتي :-

1 – تقديم طلب من الجهة الادارية التي يتوفر لديها الوظائف الشاغرة – مثلاً الجهة المستعيرة – وهي الجهة المختصة بالتعيين الى جهة ادارية اخرى تبين فيه نوع الوظيفة الشاغرة لديها وحاجتها الى الموظفين .(1)

2- صدور قرار من الجهة الادارية التي ينتمي اليها الموظف اما بندبه الى وظيفة شاغرة او بقبول طلب الجهة الادارية الاخرى على اعارة موظفيها اليها .(2 )

3 – في بعض حالات الانقطاع المشروع يتطلب موافقة الموظف كما في حالة الاعارة ويجب ان تكون هذه الموافقة تحريرية (3) ، وليس هذا فقط وانما يتطلب ايضاً لاستمرار الاعارة لابد من رغبة الموظف المعار بالاستمرار في عمل الوظيفة المعار اليها والا فانه يحق له في أي وقت ترك هذه الوظيفة المعار اليها والعودة الى وظيفته الاصلية وتعد موافقة فعلية على الاعارة مباشرة الموظف المعار العمل الذي اعير من اجله دون ان يعترض عليها .( 4 )

4 – يجب ان تتوفر في الموظف المراد اعارته او ندبه شروط التوظف نفسها وكذلك ان يكون مثبتا في وظيفته .(5) وقد ذهب مجلس الانضباط العام الى تاكيد هذا الشرط في حكم له جاء فيه :-

(( …. وان الانتداب جاء لمدة محددة ولامور اقتضتها ظروف الوظيفة العامة حيث لو لم تكن هناك حاجة وتوفر شروط الوظيفة في المدعي لما وافقت وزارة العدل على انتدابه …..))(6)

5 – قد يكون اساس الانقطاع المشروع دعوة مقدمة من الدائرة الاصلية الى الموظف مثل حالة دعوة الموظفين لحضور المؤتمرات او الندوات او بناءً على طلب مقدم من الموظف مثل حالة نقل الموظف تلبية لطلبه. (7)

6 – تحديد مدة الانقطاع المشروع وينتهي بانتهاء هذه المدة ، وتكون غالبا ً محددة بحكم القانون كما في حالة الندب والاعارة ، وهذا ما أكده مجلس الانضباط العام في حكم له جاء فيه :-

(( …. ان الانتداب جاء لمدة محددة وان الغرض منه هو مصلحة عامة اقتضتها ظروف العمل …))(8) ، ويجب على الموظف الالتحاق بوظيفته الاصلية حال انتهاء الاعارة وهذا ما ذهب اليه مجلس الانضباط العام الى ان :-

(( الموظف المعار ملزم بالالتحاق في وظيفته المعار منها حال انتهاء اعارته ما لم يبلغ رسميا بتجديد مدة الاعارة ))(9) ، او تكون مدة الانقطاع المشروع غير محددة كما في حالة النقل او تكون مدتها متروكة لتقدير الادارة كما في حالة الندوات .

7 – قد يكون هناك عقد يبرم بين الموظف والادارة كما هو الحال في الاعارة يحتوي على نوع العمل ومقداره وطبيعته والتزامات كل من الطرفين .(10)

8 – يتقاضى الموظف راتبه من الجهة المعار اليها اما في حالة الندب فانه يتقاضى راتبه من ادارته الاصلية وفي حالة النقل تقوم الادارة الجديدة المنقول اليها الموظف بدفع راتبه بعد نقل درجته الوظيفية وتخصيصه المالي اليها من ادارته السابقة .(11)

9 – تكون الجهة المستعيرة او الجهة المنتدب اليها الموظف هي المسؤولة عن مسآءلة الموظف تأديبياً وانزال العقاب التأديبي المناسب به بعد اعلام دائرته الاصلية ، وهذا ما ذهبت اليه المحكمة الادارية العليا المصرية في حكم لها جاء فيه :-

((في حالة اعارة العامل او ندبه للقيام بعمل وظيفة تكون السلطة التأديبية بالنسبة الى المخالفات التي يرتكبها في مدة اعارته او ندبه هي الجهة التي أُعير اليها او ندب للعمل بها ))(12) مع العلم بقاء الصلة الوظيفية بين الموظف ودائرته قائمة لا تنقطع ، حيث يبقى الموظف منتمياً الى دائرته الاصلية ، على الرغم من كون الاعارة او الندب هو ابعاد الموظف عن ممارسة واجبات وظيفته الاصلية وممارسته واجبات وظيفة شاغرة في دائرة اخرى حيث ان (( علاقة الموظف المعار لا تنقطع باعارته عن الجهة المعيرة بل تظل قائمة ولو كانت اعارته الى جهة ادارية اخرى )) .(13) والحكمة من جعل سلطة انزال العقاب التأديبي بيد الجهة الادارية المستعيرة او المنتدب اليها الموظف وليس بيد جهته الادارية الاصلية هي ان هذه الجهات تكون هي المتضررة ، اضافة الى ان الموظف ارتكب المخالفة في الاماكن التي تعود اليها ، وبالتالي تكون اساءته الى هذه الجهات اكبر واكثر مساساً من الجهة التي ينتمي اليها فمن حقها انزال العقاب به .

____________

1 – ينظر في ذلك الدكتور ماجد راغب الحلو : القانون الإداري ، دار المطبوعات الجامعية ، الإسكندرية ، 1987، ص249 .

2 – ينظر في ذلك الدكتور عبد الغني بسيوني : القانون الإداري ( دراسة مقارنة لأسس ومبادى القانون الإداري وتطبيقها في مصر ) ، منشاة المعارف ، الإسكندرية ، 1991 ، ص 274 .

3 – ينظر في ذلك الفقرة (اولاً ) من المادة ( 38 ) من قانون الخدمة المدنية العراقي رقم ( 24) لسنة 1960 المعدل .

4 – ينظر في ذلك حكم مجلس الانضباط العام المرقم ( 4 ) في 17 / 1 / 1970 ، ذكره علي محمد الكرباسي : شرح احكام الوظيفة العامة ، مصدر سابق ، ص 168 .

5 – تضع كل دولة شروط تعيين الموظفين في جهازها الاداري وتكون متقاربة مع شروط التعيين لباقي الدول الاخرى مع بعض الفوراق القليلة من حيث اضافة او حذف شرط ، ومن هذه الشروط مثلاً مبدأ الجدارة عند تولي الوظائف او الاستمرار بشغلها ، كذلك التحصيل العلمي المناسب ، وحسن السيرة والسلوك ، ….الخ ، وللمزيد ينظر في ذلك الدكتور سامي جمال الدين : اصول القانون الاداري ، منشأة المعارف ، الاسكندرية ، 2004 ، ص 264 وما بعدها .

6 – ينظر في ذلك حكمه المرقم ( 35 /2005) ، ذي العدد ( 663 / مدنية / 2004 ) ، في 12 / 2 / 2005 ، غير منشور .

7 – ينظر في ذلك الدكتور عبد القادر عبد الحافظ الشيخلي : القانون التأديبي وعلاقته بالقانون الاداري والجنائي ، الطبعة الاولى ، دار الفرقان ، عمان ، 1983، ص 89 .

8 – ينظر في ذلك حكمه المرقم ( 34 /2005) ، ذي العدد ( 688 / مدنية / 2004 ) ، في 12 / 2 / 2005 ، غير منشور .

9 – ينظر في ذلك حكمه ذي الرقم (166 ) في 16 / 9 / 1972 ، منشور في نشرة ديوان التدوين القانوني ، 1973، مصدر سابق ، ص 102.

10 – ينظر في ذلك الدكتور ماجد راغب الحلو : القانون الاداري ، مصدر سابق ، ص250 .

11 – ينظر في ذلك حسين حمودة المهدوي : شرح أحكام الوظيفة العامة ، المنشاة العامة للنشر والتوزيع والإعلان ، طرابلس ، من دون سنة طبع ، ص 85 .

12 – ينظر في ذلك حكمها المرقم ( 507 / 16 ) الصادر في 1 / 12 /1973 ، منشور في مجموعة المبادى القانونية التي قررتها المحكمة الادارية العليا في خمسة عشر عاماً ، ص 3845.

13 – ينظر في ذلك حكم المحكمة الادارية العليا المصرية المرقم ( 771/ 12 ) الصادر في 22 / 1 /1972 ، منشور في مجموعة المبادى القانونية التي قررتها المحكمة الادارية العليا في خمسة عشر عاماً ، ص 3848.

موقف بعض القوانين من حالات الاعارة والنقل والتنسيب (الندب) :

تناولت بعض قوانين الوظيفة العامة الانقطاع المشروع ووضعت المبادى والاسس لتنظيم هذا الانقطاع من اجل الحفاظ على اداء المرفق العام واستمراره ، وتجنب حدوث حالة الشاغر في الوظائف العامة مما يؤدي الى تلكأ وعرقلة عمل هذه المرافق ، والذي بدوره ينعكس على الخدمة المقدمة للجمهور ، والاضرار بالصالح العام . ومن خلال دراستنا لهذا الموضوع وجدنا ان الشروط والاجراءات المنظمة للانقطاع المشروع والتي تبين لنا كيفية حدوثه والمسوغات الموجبة له في قوانين الوظيفة العامة الاخرى هي متشابهة الى حد ما مع الشروط والاجراءات الموجودة في قانون الخدمة المدنية العراقي مع بعض الاختلافات البسيطة . ففي مصر نجد ان الاعارة تتم من قبل الجهة المختصة بالتعيين بعد موافقة الموظف التحريرية بناءً على طلب الجهة المستعيرة ، والذي يتضمن حاجتها الى الموظفين لوجود شاغر لديها وتكون مدتها سنة قابلة للتجديد ولا تتجاوز حدها الاربع سنوات بينما يحدد الانتداب باربع سنوات .(1) وتكون الاعارة لجهة اجنبية اما بالنسبة الى الندب فيكون لجهة حكومية غير اجنبية وهذا ما ذهبت اليه المحكمة الادارية العليا المصرية في حكم لها :- (( صدور قرار الجامع الازهر بندب المدعي للتدريس في جمعية المقاصد الاسلامية ببيروت تكييف هذا القرار – اعارة وليس ندب )) .(2)

وفي حكم آخر لها حول تحديد الجهة الادارية التي يحق لها تجديد او انهاء الاعارة بقولها :- (( تجديد عقد العمل في جامعة اجنبية بغير موافقة الجهة المعيرة يعد تعاقدا شخصيا – تجديد الاعارة من الامور التي تترخص فيها الجهة المعيرة …….)) (3) وفي العراق تتم الاعارة ايضاً بموافقة الموظف التحريرية ، والجهة الادارية المختصة بصدور قرار الاعارة هي مجلس الوزراء بشرط ان لاتتجاوز مدة الاعارة خمس سنوات ويمكن تمديدها لمدة خمس سنوات اخرى لمن يعمل في منطقة الخليج العربي والجزيرة العربية .(4) وحددت بعد ذلك مدة اعارة او ايفاد الموظفين باربع سنوات ويجوز للوزير المختص تمديد هذه المدة سنة واحدة عند الضرورة اذا كان الى الاقطار العربية وتمديدها سنتين اذا كان الى الاقطار غير العربية .(5) بينما نجد في لبنان حالة مشابهة الى الاعارة وهي حالة الوضع خارج الملاك ، ولكن تختلف عنها في انها تكون تحت رقابة شديدة وتوجيه من السلطة الادارية ، حيث ان المشرع اللبناني اشترط في عمل الموظف خارج الملاك ان يكون في ادارات ومؤسسات لبنانية تستفيد من خدماته ، وان كان من الجائز ان يتم الى مؤسسات دولية او العمل في دولة اجنبية من اجل تحقيق الصالح العام وفي الوقت ذاته تدعيم العلاقات مع الدول الاخرى وتبادل الخبرات الفنية .(6)

وتتم حالة الوضع خارج الملاك بقرار من السلطة الادارية المختصة بناءً على طلب الموظف الذي يرى ان له مصلحة شخصية في وضعه خارج الملاك للاستفادة المادية وكسب الخبرات مع بقاء صلته الوظيفية قائمة مع دائرته الاصلية ، لكي يعود الى شغل وظيفته الاصلية بانتهاء مدة الوضع خارج الملاك .(7) وتكون الاعارة في الكويت لدول اجنبية وهيئات ومؤسسات دولية لانه لو كانت جهة ادارية داخلية فيكون الندب هو الواجب التطبيق وليس الاعارة .(8) وفي فرنسا نجد نوعين من الانتداب ، انتداب قصير المدة ستة اشهر او سنة وفي هذه الحالة لا يمكن تجديد مدة الانتداب ، اما النوع الثاني فيكون انتداب لمدة طويلة ( خمس سنوات ) وفي هذه الحالة يمكن تجديد المدة كل خمس سنوات ويشترط في الموظف المنتدب مثل ما يشترط في باق ٍ القوانين من شروط ، وهي شروط التعيين ذاتها اضافة الى كون الموظف مثبت ، وينتهي الانتداب من قبل السلطة المختصة وعودة الموظف الى دائرته الاصلية .(9)

اما بالنسبة الى النقل فان شرط الصالح العام هو القيد الذي يرد على سلطة الادارة عند اتخاذها اجراء النقل وهذا ما اكده القضاء الاداري في حكمه بقوله :- ((…… النقل الذي يتم وفقا لمقتضيات صالح العمل ومتطلبات المصلحة العامة ، للادارة الحق في ان تجريه بما تتمتع به من سلطة تقديرية بلا معقب عليها في ذلك ما دامت قد تغيت عند اصدار قرارها الصالح العام ولم تتعسف في استعمال سلطتها ولم تخالف القانون ))(10) نستنتج مما تقدم ان انقطاع الموظف يكون مشروعاً ، ويتمتع الموظف العام في الحالات السابقة بحرية التوقف عن العمل الوظيفي في الجهة الادارية التي يعمل بها طالما كان هذا الانقطاع لا يؤثر على مبدأ دوام سير انتظام المرافق العامة ووفقاً لما هو مرسوم في قوانين الوظيفة العامة من اتخاذ الاجراءات اللازمة في هذا الصدد.

______________

1 – ينظر في ذلك المادة ( 56 ، 57 ، 58 ، 95 ) من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم (47 ) لسنة 1978.

2 – ينظر في ذلك حكمها المرقم ( 1483/ 8 ) الصادر في 28 / 1 /1968 ، منشور في مجموعة المبادى القانونية التي قررتها المحكمة الادارية العليا في خمسة عشر عاماً ، ص 3833.

3 – ينظر في ذلك حكمها المرقم (196 / 17 ) الصادر في 24 / 11 /1973 ، منشور في مجموعة المبادى القانونية التي قررتها المحكمة الادارية العليا في خمسة عشر عاماً ، ص 3833.

4 – ينظر في ذلك الفقرة (اولاً ) من المادة ( 38 ) من قانون الخدمة المدنية العراقي رقم ( 24) لسنة 1960 المعدل .

5 – ينظر في ذلك الفقرتان (اولاً ، ثانياً ) من قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم ( 1257 ) الصادر في 24 / 9 / 1978 ، منشور في الوقائع العراقية ذي العدد ( 2676 ) في 10/ 9 / 1978 .

6 – ينظر في ذلك الدكتور محمد رفعت عبد الوهاب : مبادى واحكام القانون الاداري ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت ، 2005، ص 397 .

7- – ينظر في ذلك المادتان ( 50 ، 51) من المرسوم الاشتراعي اللبناني رقم (112) لسنة 1959 .

8- – ينظر في ذلك الدكتور عبد الفتاح حسن : مبادى القانون الكويتي ، دار النهضة العربية للطباعة والنشر ، بيروت ، 1969 ، ص256 .

9- – ينظر في ذلك موريس نخلة : الوسيط في شرح قانون الموظفين ، الجزء الأول ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت ، 2004،ص 698 وما بعدها .

10 – ينظر في ذلك حكم المحكمة الادارية العليا المصرية المرقم (62 / 10 ) الصادر في 1 / 2 /1970 ، منشور في مجموعة المبادى القانونية التي قررتها المحكمة الادارية العليا في خمسة عشر عاماً ،ص 3859.

المؤلف : اسماء عبد الكاظم مهدي العجيلي
الكتاب أو المصدر : حرية الموظف العام في التوقف عن العمل

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .