حكم تمييز جلب مخدرات

محكمة التمييز
الدائرة الجزائية
جلسة 11/ 11/ 2003
برئاسة السيد المستشار/ كاظم محمد المزيدي رئيس الجلسة، وعضوية السادة المستشارين/ محمود دياب وعاطف عبد السميع ونجاح نصار وجاب الله محمد جاب الله.
(29)
(الطعن رقم 456/ 2002 جزائي)

1 – إثبات (اعتراف) – شرطه – قبض – تفتيش – مواد مخدرة.
– اعتراف المتهم فور القبض عليه على شخص آخر لم يكن بمحل الحادث بأنه مصدر المخدر المضبوط معه – انتقال رجل الشرطة إلى مكان هذا الشخص والقبض عليه وتفتيشه – إجراء صحيح – مثال.
2 – إثبات (شهود) – محكمة الموضوع [(سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة للواقعة)، (سلطتها في تقدير أقوال الشهود)] – حكم (تسبيب غير معيب) – تمييز (سبب قائم على جدل).
– استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى ووزن أقوال الشهود وتقديرها – لمحكمة الموضوع – لها الأخذ بأقوال الشاهد والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن.

– تناقض أقوال الشاهد أو تضاربها مع أقوال شاهد آخر – لا يعيب الحكم – مادام استخلص الحقيقة منها بلا تناقض.
– الجدل الموضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن أدلة الدعوى – إثارته أمام التمييز – غير جائز.
3 – دفوع (الدفع بتلفيق التهمة) – دفاع [(الإخلال بحق الدفاع)، (ما لا يوفره)].
– تلفيق التهمة – دفاع موضوعي لا يستوجب من المحكمة ردًا صريحًا، استفادة الرد ضمنًا من القضاء بالإدانة.
4 – محكمة الموضوع (سلطتها في تقدير الدليل) – إثبات (شهود).

– تقدير الدليل بالنسبة إلى كل متهم – موكول لاقتناع محكمة الموضوع – لها أن تطمئن لهذه الأدلة بالنسبة إلى متهم ولا تطمئن إليها بالنسبة لمتهم آخر – مادام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقًا في بعض أقواله وغير صادق في شطر منها.
5 – جلب – مواد مخدرة – حكم (تسبيب غير معيب) – محكمة الموضوع (سلطتها في تقدير واقعة جلب المخدر) – تمييز (سبب وارد على غير محل).

– جلب المخدر – واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها.
– إثبات الحكم أن الطاعن وهو أجنبي دخل البلاد بتاريخ 6/ 9/ 2001 وضبط بتاريخ 7/ 10/ 2001 محرزًا وحائزًا لمخدر الهيروين والأفيون بكمية تفيض حاجته الشخصية وقيامه بطرحها للتداول وإقراره لضابطي الواقعة فور القبض عليه أنه جلب المخدرين معه من خارج البلاد ودخل بها في التاريخ المذكور – كافٍ لتوافر جريمة الجلب في حقه – النعي في هذا الخصوص في غير محله.
6 – إثبات (خبرة) – محكمة الموضوع (سلطتها في تقدير الدليل) – مواد مخدرة – تمييز – (سبب وارد على غير محل).
– اطمئنان المحكمة إلى أن المادة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل وانتهى إليها ذلك التحليل – النعي في هذا الخصوص في غير محله.

7 – جلب – مواد مخدرة – عقوبة [(عقوبة الجريمة الأشد)، (عقوبة الجرائم المرتبطة)] – تمييز (سبب غير مجدي).
– إعمال حكم المادة 84/ 1 جزاء في حق الطاعن ومعاقبته بالعقوبة الأشد المقررة لجريمة جلب المخدر بقصد الاتجار وخلو الحكم من العوار الذي نعاه عليه بشأنها – النعي بخصوص جريمة الشروع في القتل – غير مجد.
8 – حكم (بيانات حكم الإدانة).

– إيراد الحكم في ديباجته وصف الجرائم المسندة إلى الطاعن ومواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها بعد أن حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدي أدلة الثبوت وإشارته إلى النصوص التي آخذه بها – كفايته في بيان نص القانون الذي حكم بموجبه.
9 – إعدام – محكمة التمييز [(سلطتها في إقرار حكم الإعدام)، (سلطتها في تعديل العقوبة)].
– حكم الإعدام – ما يلزم لإقراره.

– لمحكمة التمييز سلطة تعديل عقوبة الإعدام – المادة (14) ق (40) لسنة 1972 بشأن حالات الطعن بالتمييز – مثال.
1 – من المقرر أنه متى اعترف المتهم فور القبض عليه على شخص آخر لم يكن بمحل الحادث بأنه مصدر المخدر المضبوط معه فإن انتقال رجل الشرطة إلى مكان هذا الشخص والقبض عليه وتفتيشه يكون إجراءًا صحيحًا، وإذ كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى ما قرره ضابط الواقعة من أن المحكوم عليه الآخر أقر له عقب ضبطه محرزًا للمخدر بأن مصدر حصوله عليه هو الطاعن، فإن ضبط هذا الأخير وتفتيشه يكون إجراءًا صحيحًا، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن ما يثيره من بطلان القبض عليه وتفتيشه يكون غير سديد.

2 – من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بها مادام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب ولها أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشاهد والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن، وكان من المقرر أن تناقض أقوال الشاهد أو تضاربها مع أقوال شاهد آخر في التحقيقات لا يعيب الحكم – بفرض حصوله – ما دام أنه استخلص الحقيقة منها بلا تناقض، ولما كانت المحكمة بعد أن اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة في شأن كيفية القبض على الطاعن وأوردتها بغير تناقض فإن كافة ما ينعاه في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا حول سلطة محكمة الموضوع في وزن أدلة الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة التمييز.
3 – القول بتلفيق التهمة لا يخرج عن كونه دفاعًا موضوعيًا لا يستوجب من المحكمة ردًا صريحًا وأن الرد مستفادًا ضمنًا من القضاء بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التي أوردها.

4 – تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وأنها حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة فلها أن تطمئن إلى هذه الأدلة بالنسبة إلى متهم ولا تطمئن إليها بالنسبة لمتهم آخر إذ لها وهي تزن أقوال الشهود أن تأخذ بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقا في بعض أقواله وغير صادق في شطر منها، دون أن يعد هذا تناقضا يعيب حكمها ما دام تقدير الدليل موكولا إلى اقتناعها وحدها.

5 – من المقرر أن جلب المخدر هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها وكان الحكم قد دلل على توافر جريمة الجلب في حق الطاعن من أنه وهو أجنبي قد دخل البلاد بتاريخ 6/ 9/ 2001 من واقع برنت الدخول برقم إقامة 111775893 بجواز سفر إيراني رقم 1128211 وأنه تم ضبطه بتاريخ 7/ 10/ 2001 محرزًا وحائزًا لمخدري الهيروين والأفيون وكانت الكمية المضبوطة تفيض عن حاجته الشخصية إذ بلغ مقدارها 181.258 جرام هيروين وكذا 18.281 جرام أفيون وكان يطرحها للتداول ببيع جزء منها للمحكوم عليه الآخر قبل واقعة القبض التي كانت نتيجة الاتفاق على بيع كمية أخرى وأن ضابطي الواقعة قد شهدا بأن الطاعن قد قرر لهما فور القبض عليه أنه جلب المخدرين المضبوطين معه من خارج البلاد ودخل بها في التاريخ المذكور فإن في ذلك ما يكفي به الاستدلال على توافر أركان جريمة الجلب لدى الطاعن ومن ثم فإن ما ينعاه في هذا الخصوص يكون في غير محله.
6 – إذ كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أن المادة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله.

7 – إذ كان الحكم قد أعمل المادة 84/ 1 من قانون الجزاء في حق الطاعن فلم ينزل به سوى العقوبة المقررة لأشد الجرائم المسندة إليه وهي جريمة جلب المخدر بقصد الاتجار التي أثبت الحكم صحتها وسلم من العوار الذي ينعاه الطاعن بشأنه فإن كافة ما يثيره بخصوص جريمة الشروع في القتل يكون غير مجدي.

8 – إذ كان الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بين في ديباجته وصف الجرائم المسندة إلى الطاعن وذكر مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ثم بعد ذلك حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت، أشار إلى النصوص التي آخذه بها فإن في ذلك ما يكفي بيان نص القانون الذي حكم بموجبه ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد.

9 – إذ كانت النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة – محكمة التمييز – إعمالاً لنص المادة (14) من القانون رقم (40) لسنة 1972 بشأن حالات الطعن بالتمييز وإجراءاته بمذكرة انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المعروض قد حصل واقعة الدعوى على النحو الذي استعرضته هذه المحكمة عند الرد على أسباب طعن المحكوم عليه بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين بها المحكوم عليه وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة بين مضمونها واستخلص مؤداها في تفصيل واف بما يتفق مع ما أورده منها بواقعة الدعوى والثابت بأوراقها.

لما كان ذلك، وكانت إجراءات المحاكمة قد تمت صحيحة وجاء الحكم براء من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وصدر من محكمة مشكلة وفقًا للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه طبقًا للمادة (15) من قانون الجزاء. لما كان ذلك، وكانت المادة (14) سالفة الذكر قد جعلت من سلطة هذه المحكمة – محكمة التمييز – تعديل عقوبة الإعدام فإنه نظرًا لظروف الواقعة وما هو ثابت من الأوراق من خلو ماضيه من ارتكاب الجرائم وسنه وأن ضابط الواقعة – المجني عليه – والذي تعدى عليه الطاعن قد شفي من إصابته دون تخلف عاهة في خلال مدة وجيزة، مما يكون ذلك محل اعتبار عند تقدير العقوبة بما يناسب الجرم المرتكب وترى المحكمة لذلك أن تعمل حكم المادة (83) من قانون الجزاء في حق المحكوم عليه وأن تستبدل عقوبة الحبس المؤبد بعقوبة الإعدام المقضي بها بالحكم المعروض وإقراره فيها عدا ذلك.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 – مالك …….. (الطاعن) وآخر في قضية الجناية رقم (716) لسنة 2001 جزائي بأنهما في يومي 6/ 9، 7/ 10/ 2001 بدائرة مخفر شرطة المباحث الجنائية – محافظة العاصمة – المتهم الأول: 1 – ……..2 – ………..3 – ………….. 4 – ………..، المتهم الثاني (الطاعن) 1 – جلب مادتين مخدرتين (هيروين وأفيون) وكان ذلك بقصد الاتجار قبل الحصول على الترخيص الكتابي من الجهة الإدارية المختصة. 2 – تعدي على الملازم / فيصل …….. وقاومه بالقوة والعنف باستخدام أداة حادة (سكين) أثناء قيامه بضبطه وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. 3 – شرع في قتل الملازم/ فيصل ………. بأن قام بطعنه بأداة حادة (سكين) قاصدًا من ذلك قتله وخاب أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادته فيه وهو تمكن أفراد القوة من السيطرة عليه وشل حركته ومداركته بالعلاج على النحو المبين بالتحقيقات. 4 – ارتكب تهريبًا جمركيًا بأن أدخل للبلاد المادتين سالفتي البيان بشكل مخالف للنظم المعمول بها، وطلبت عقابه بالمواد (45)، 46/ 1، (2)، (149) من قانون الجزاء والمواد (1)، (2)، 3/ 1، (10)، (31 مكرر (د))، (32/ 1، ( أ ))، (32 مكرر/ 1)، 33/ 1، 39/ 1، (2)، 500/ 1، (2) من القانون رقم (74) لسنة 1983 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم 13/ 1995،

والبنود أرقام (16)، (43)، (72) من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون المذكور والمواد 1/ 9، (2)، (16)، 17/ 6، (20) من المرسوم بقانون رقم (13) لسنة 1980 في شأن الجمارك وقرار وزير المالية رقم (3) لسنة 1990 في شأن البيانات والأنظمة الجمركية. ومحكمة الجنايات حكمت حضوريًا بحبس الطاعن والمتهم الآخر حبسًا مؤبدًا مع الشغل والنفاذ وألزمتهما بغرامة جمركية قدرها خمسمائة دينار للمتهم الآخر وثلاثة آلاف دينار للطاعن عما أسند إليهما وأمرت بإبعاد المتهم الثاني عن البلاد فور تنفيذ العقوبة المقضي بها ومصادرة المضبوطات. استأنفت النيابة العامة كما استأنف المحكوم عليهما ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 19/ 9/ 2002. أولاً: بقبول استئناف النيابة العامة والمحكوم عليهما شكلاً،

ثانيًا في الموضوع: 1 – بتعديل الحكم المستأنف والقضاء بإعدام المتهم الثاني (الطاعن) دار …….. 2 – ببراءة المتهم الآخر من تهمة إحراز مخدر بقصد الاتجار الأولى المسندة إليه. 3 – بتعديل الحكم المستأنف بحبس المتهم الآخر سبع سنين مع الشغل والنفاذ وتغريمه سبعة آلاف دينار. 4 – بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من غرامة جمركية ومصادرة. 5 – برفض استئناف النيابة العامة قبل المحكوم عليه الآخر، فطعن المتهم الثاني دار …….. في هذا الحكم بطريق التمييز، كما عرضت النيابة العامة القضية مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعن.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
أولاً: الطعن المرفوع من المحكوم عليه:
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم جلب مادتين مخدرتين (هيروين وأفيون) بقصد الاتجار وتهريبهما جمركيًا والتعدي على موظف عام ومقاومته بالعنف والشروع في قتله – قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال وران عليه البطلان، ذلك أنه أطرح دفعه ببطلان القبض والتفتيش لعدم وجود ما يبرره قانونًا بما لا يسوغ إطراحه وتساند في إدانته إلى أقوال الضابط فيصل ….. رغم كذبها وكان عليه بيان مدى اتفاقها أو اختلافها مع باقي عناصر الدعوى بالإضافة إلى تناقضها مع أقوال الضباط محمد …….. في شأن مكان وجوده حال قدوم المحكوم عليه الآخر إلى مكان الضبط وكيفية التقائهما مما يشير إلى تلفيق الاتهام وأن محكمة الموضوع قد أطرحت أقوال الضابطين ولم تعتد بها بالنسبة للمحكوم عليه الآخر وقضت ببراءته من تهمة الاتجار في المخدر إلا أنها اطمأنت إليها وأخذت بها بالنسبة له،

كما خلت الأوراق مما يشير إلى ضبط المخدر داخل المنطقة الجمركية أو عقب مغادرتها مباشرة مما تنتفي معه أركان جريمة الجلب في حقه، هذا وإن ما رصد بتحقيقات النيابة العامة من وزن المخدر المقول بضبطه معه يختلف عما أثبت بتقرير التحليل وهو ما يحتمل معه أن يكون ما تم ضبطه غير ما جرى تحليله، وقد دانه الحكم بجريمة الشروع في القتل رغم انتفاء نية القتل في حقه إذ أنه لم يقصد منع المجني عليه من ملاحقته والذي لا توجد خلافات سابقة بينهما، فضلاً عن عدم جسامة الإصابة التي لحقت به وأنه لم يكن إلا في حالة دفاع شرعي عن النفس لكونه يجهل شخصيته ومرافقيه واعتقد أنهم أعدائه اللذين سبق لهم قتل شقيقه، وأخيرًا فإن الحكم لم يشر إلى نص القانون الذي دانه بموجبه كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.

وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى في قوله (أنها تتحصل في أنه نفاذًا للإذن الصادر من النيابة العامة بناءً على تحريات أجراها مستصدره بأن المتهم الأول مالك ……… يحوز ويحرز مواد مخدرة انتقل ومعه الملازم محمد …… إلى حيث مسكن المتهم الأول ودلفا إليه والقوة المرافقة حيث كان المتهم الأول بصالة المسكن فتمكنا من القبض عليه وبتفتيشه عثر معه بجيب دشداشته الأيمن على أربع لفافات ورقية لمادة الهيروين المخدرة – كما عثر داخل الكومدينو الموجود بحجرة نومه على كيس بلاستيك به ثلاث لفافات من ذات المادة وملعقة عليها آثار حريق لمادة مخدرة وعدد سبعة أكياس صغيرة الحجم بلا فلاتر وبمواجهته بما تم ضبطه اعترف بإحرازها بقصد التعاطي وقرر أنه تحصل عليها من المتهم الثاني دار مراد قرباني الإيراني ال***ية وأنه على استعداد للإرشاد عنه فكلف بالاتصال به لشراء كمية من الهيروين تحت سمع ضابطي القوة واتفق معه على ذلك وحدد مكان الاستلام في ساحة ترابية خلف مستشفى السلام في منطقة بنيد القار وانتقل ضابطا الشرطة وأفراد القوة، وكمنا له بالقرب من المكان المحدد حيث حضر المتهم الثاني وأشار إليهما المتهم الأول ناحيته وما أن تقدم نحوه مستصدر إذن النيابة العامة ومجري التحريات الملازم/ فيصل ……. للقبض عليه حتى حاول الهرب فتعقبه محاولاً القبض عليه فما كان من المتهم إلا أن ضربه بسكين كبير فأحدث إصابته في فمه فسقط على الأرض فانهال عليه المتهم بالسكين مرة أخرى بطعنة في بطنه وحاول الاستمرار في الاعتداء عليه إلا أن القوة تمكنت من السيطرة عليه وضبطه فأقر بحيازته وإحرازه لمخدر الهيروين وبتفتيشه عثر معه على أربع أكياس نايلون مختلفة الأحجام تحتوي على مخدر الهيروين مقررًا بإحرازها لبيعها للمتهم الأول نفاذًا للاتفاق الذي تم بينهما وقرر أنه يحوز بمسكنه كمية أخرى من المخدرات وأرشد القوة إلى مسكنه حيث تم العثور بحجرة نومه أسفل الثلاجة الموجودة بها على كيس به مادة الهيروين وآخر به قطعة لمخدر الأفيون، وقد ثبت أن كمية المخدر المضبوطة مع المتهم الأول 17.215 جرام هيروين. كما ثبت أن المخدر المضبوط مع المتهم الثاني (الطاعن) حيازة وإحراز 181.258 جرام هيروين.. وأفيون 18.281 جرام كما ثبت أن المتهم الثاني قد دخل البلاد – الكويت من واقع برنت الدخول في 6/ 9/ 2001 …). وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة مستمدة من شهادة الضابطين محمد ……. وفيصل ……. وما ثبت من تقرير الأدلة الجنائية وأقوال الطاعن وتقرير الطب الشرعي الخاص بالضابط فيصل ……. وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه متى اعترف المتهم فور القبض عليه على شخص آخر لم يكن بمحل الحادث بأنه مصدر المخدر المضبوط معه فإن انتقال رجل الشرطة إلى مكان هذا الشخص والقبض عليه وتفتيشه يكون إجراءًا صحيحًا،

وإذ كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى ما قرره ضابط الواقعة من أن المحكوم عليه الآخر أقر له عقب ضبطه محرزًا للمخدر بأن مصدر حصوله عليه هو الطاعن، فإن ضبط هذا الأخير وتفتيشه يكون إجراءًا صحيحًا، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن ما يثيره من بطلان القبض عليه وتفتيشه يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بها مادام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب ولها أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشاهد والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن، وكان من المقرر أن تناقض أقوال الشاهد أو تضاربها مع أقوال شاهد آخر في التحقيقات لا يعيب الحكم – بفرض حصوله – ما دام أنه استخلص الحقيقة منها بلا تناقض،

ولما كانت المحكمة بعد أن اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة في شأن كيفية القبض على الطاعن وأوردتها بغير تناقض فإن كافة ما ينعاه في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا حول سلطة محكمة الموضوع في وزن أدلة الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة التمييز. لما كان ذلك، وكان القول بتلفيق التهمة لا يخرج عن كونه دفاعًا موضوعيًا لا يستوجب من المحكمة ردًا صريحًا وأن الرد مستفادًا ضمنًا من القضاء بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التي أوردها ومن بينها شهادة الشاهدين فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.

لما كان ذلك، وكان تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وأنها حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة فلها أن تطمئن إلى هذه الأدلة بالنسبة إلى متهم ولا تطمئن إليها بالنسبة لمتهم آخر إذ لها وهي تزن أقوال الشهود أن تأخذ بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقا في بعض أقواله وغير صادق في شطر منها، دون أن يعد هذا تناقضا يعيب حكمها ما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال ضباطي الواقعة وأخذت بتصويرهما للواقعة بالنسبة للطاعن دون المحكوم عليه الأول المقضي ببراءته من تهمة الاتجار في المواد المخدرة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك،

وكان من المقرر أن جلب المخدر هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها وكان الحكم قد دلل على توافر جريمة الجلب في حق الطاعن من أنه وهو أجنبي قد دخل البلاد بتاريخ 6/ 9/ 2001 من واقع برنت الدخول برقم إقامة 111775893 بجواز سفر إيراني رقم 1128211وأنه تم ضبطه بتاريخ 7/ 10/ 2001 محرزًا وحائزًا لمخدري الهيروين والأفيون وكانت الكمية المضبوطة تفيض عن حاجته الشخصية إذ بلغ مقدارها 181.258 جرام هيروين وكذا 18.281 جرام أفيون وكان يطرحها للتداول ببيع جزء منها للمحكوم عليه الآخر قبل واقعة القبض التي كانت نتيجة الاتفاق على بيع كمية أخرى وأن ضابطي الواقعة قد شهدا بأن الطاعن قد قرر لهما فور القبض عليه أنه جلب المخدرين المضبوطين معه من خارج البلاد ودخل بها في التاريخ المذكور فإن في ذلك ما يكفي به الاستدلال على توافر أركان جريمة الجلب لدى الطاعن ومن ثم فإن ما ينعاه في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك،

وكانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أن المادة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أعمل المادة 84/ 1 من قانون الجزاء في حق الطاعن فلم ينزل به سوى العقوبة المقررة لأشد الجرائم المسندة إليه وهي جريمة جلب المخدر بقصد الاتجار التي أثبت الحكم صحتها وسلم من العوار الذي ينعاه الطاعن بشأنه فإن كافة ما يثيره بخصوص جريمة الشروع في القتل يكون غير مجدي. لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بين في ديباجته وصف الجرائم المسندة إلى الطاعن وذكر مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ثم بعد ذلك حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت، أشار إلى النصوص التي آخذه بها فإن في ذلك ما يكفي بيان نص القانون الذي حكم بموجبه ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.

ثانيًا: عن عرض النيابة العامة للقضية:

حيث إن النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة – محكمة التمييز – إعمالاً لنص المادة (14) من القانون رقم (40) لسنة 1972 بشأن حالات الطعن بالتمييز وإجراءاته بمذكرة انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المعروض قد حصل واقعة الدعوى على النحو الذي استعرضته هذه المحكمة عند الرد على أسباب طعن المحكوم عليه بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين بها المحكوم عليه وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة بين مضمونها واستخلص مؤداها في تفصيل واف بما يتفق مع ما أورده منها بواقعة الدعوى والثابت بأوراقها. لما كان ذلك،

وكانت إجراءات المحاكمة قد تمت صحيحة وجاء الحكم براء من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وصدر من محكمة مشكلة وفقًا للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه طبقًا للمادة (15) من قانون الجزاء. لما كان ذلك، وكانت المادة (14) سالفة الذكر قد جعلت من سلطة هذه المحكمة – محكمة التمييز – تعديل عقوبة الإعدام فإنه نظرًا لظروف الواقعة وما هو ثابت من الأوراق من خلو ماضيه من ارتكاب الجرائم وسنه وأن ضابط الواقعة – المجني عليه – والذي تعدى عليه الطاعن قد شفي من إصابته دون تخلف عاهة في خلال مدة وجيزة، مما يكون ذلك محل اعتبار عند تقدير العقوبة بما يتناسب الجرم المرتكب وترى المحكمة لذلك أن تعمل حكم المادة (83) من قانون الجزاء في حق المحكوم عليه وأن تستبدل عقوبة الحبس المؤبد بعقوبة الإعدام المقضي بها بالحكم المعروض وإقراره فيما عدا ذلك.

ا