حكم تمييز سرقة

محكمة التمييز
الدائرة الجزائية
جلسة 4/ 11/ 2003
برئاسة السيد المستشار/ كاظم محمد المزيدي رئيس الجلسة، وعضوية السادة المستشارين/ محمود دياب وعاطف عبد السميع، ونجاح نصار ومصطفى كامل.

(28)
(الطعن رقم 130/ 2002 جزائي)
1 – محكمة الموضوع (سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى) – إثبات (شهود) – دفاع [(الإخلال بحق الدفاع)، (ما لا يوفره)] – حكم (تسبيب غير معيب).

– استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى ووزن أقوال الشهود – حق لمحكمة الموضوع – أخذها بشهادتهم – مفاده: إطراح جميع الاعتبارات لحملها على عدم الأخذ بها.
– تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو تناقض أقوال الشهود في بعض تفاصيلها – لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دامت المحكمة استخلصت الحقيقة منها استخلاصًا سائغًا.
2 – استدلالات – شرطه – محكمة الموضوع (سلطتها في تقدير الدليل).

– للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
– تولي رجل الشرطة بنفسه التحريات التي يجريها بشأن الجريمة موضوع التحري – غير واجب – له أن يستعين في ذلك بأعوانه والمصادر السرية وبمن يتولى إبلاغه بالمعلومات المتعلقة بها مادام أنه اقتنع شخصيًا بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه عنهم من معلومات.

3 – سرقة – جريمة [(أركانها {أنواع من الجرائم})] – قصد جنائي – حكم (تسبيب غير معيب).
– جريمة السرقة – تمامها: بكل فعل يخرج به السارق الشيء المسروق من حيازة غيره دون رضاءه ويجعله في حيازته وتحت تصرفه – القصد الجنائي فيها – توافره: بعلم الجاني وقت ارتكاب الفعل أنه يختلس المال المملوك للغير دون رضاء صاحبه بنية تملكه – تحدث تحت صراحةً واستقلالاً عنه – غير لازم – ما دام ما أورده كافيا للدلالة على توافره.
– وجود آثار بصمات بمكان السرقة، ليس شرطا استلزمه القانون لإثبات جريمة السرقة التي تثبت بكافة طرق الإثبات وليس من شأنه نفي وقوع الجريمة أو نسبتها للطاعن.

1 – من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بها، مادام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب. ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وأن تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو تناقض أقوال الشهود وفي بعض تفاصيلها – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصًا سائغًا وأوردتها بغير تناقض ملتفتة عن اختلافهم في بعض التفصيلات فلم توردها أو تركن إليها في تكوين عقيدتها.

2 – من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، وأن القانون لا يوجب حتمًا أن يتولى رجل الشرطة بنفسه التحريات التي يجريها بشأن الجريمة موضوع التحري بل له أن يستعين في ذلك بأعوانه والمصادر السرية وبمن يتولون إبلاغه بالمعلومات المتعلقة بها مادام أنه قد اقتنع شخصيًا بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه عنهم من معلومات.

3 – جريمة السرقة تتم بكل فعل يخرج به السارق الشيء المسروق من حيازة غيره دون رضاءه ويجعله في حيازته وتحت تصرفه، وأن القصد الجنائي في هذه الجريمة يتوافر بعلم الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المال المملوك للغير دون رضاء صاحبه بنية تملكه، ولا يلزم أن يتحدث الحكم صراحةً واستقلالاً عن هذا القصد مادام ما أورده كافيًا للدلالة على توافره، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه – على النحو المار بيانه – عند تحصيله لواقعة الدعوى أو أقوال المجني عليه وباقي شهود الإثبات كافيًا للدلالة على توافر الأركان القانونية لجريمة السرقة ليلاً بطريق الكسر مع التعدد التي دان الطاعن بها ويتحقق به بالقصد الجنائي لديه ويتضمن الرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص، فإن ما يثيره الأخير في هذا الصدد يكون غير سديد. ولا يقدح في ذلك ما تذرع به الطاعن أيضًا من عدم وجود آثار بصمات له بمكان السرقة لأن ذلك – بفرض صحته – ليس شرطًا استلزمه القانون لإثبات جريمة السرقة التي تثبت بكافة طرق الإثبات، كما أنه ليس من شأنه كذلك نفي وقوع الجريمة أو نسبتها إلى الطاعن.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في ليلة 18/ 4/ 2001 بدائرة مخفر شرطة الصليبية – محافظة الجهراء. سرقا المولد الكهربائي المبين وصفًا وقيمة بالأوراق والمملوك لمتعب ……. وذلك عن طريق الكسر وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت معاقبتهما بالمادة (222/ 1، ثانيًا) من قانون الجزاء. بتاريخ 8/ 1/ 2002 حكمت محكمة الجنايات – حضوريًا – بحبس الطاعن والمتهم الآخر ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ وأمرت بإبعادهما عن البلاد فور تنفيذ العقوبة المقضي بها. فاستأنفا هذا الحكم، وبتاريخ 27/ 3/ 2002 قضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من عقوبة على المتهمين إلى التقرير بالامتناع عن النطق بعقابهما على أن يقدم كل منهما تعهدًا مصحوبًا بكفالة مالية قدرها مائة دينار يلتزم فيه بالمحافظة على حسن السلوك لمدة سنة.

فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة السرقة ليلا بطريق الكسر قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن عوّل في إدانته على أقوال المجني عليه وأخذ براويته رغم عدم صحة أقواله ومخالفتها للحقيقة والواقع وافتقارها إلى ما يدعمها إذ لم يقدم ما يفيد ملكيته أو حيازته لمولد الكهرباء المسروق أو محل البقالة الذي كان فيه وخالفت أقواله ما جاء بمحضر المعاينة من أن آثار العنف شوهدت على باب القفص الحديدي الذي كان بداخله المولد وليس على قفل الباب كما قال. فضلاً عن عدم وجود آثار بصمات للطاعن في مكان الحادث، كما تناقضت أقوال المجني عليه مع أقوال الشاهد (………….) بشأن توقيت شراء الأخير لمولد الكهرباء وطرازه وحالته. هذا إلى أن قيام المجني عليه من بعد بالتنازل عن شكواه ضد الطاعن يفيد أنه أدرك أن اتهامه له غير صحيح أو مؤكد. كما عوّل الحكم أيضًا على أقوال ضابط المباحث وتحرياته رغم أنه لم يقم بأي تحر عن الواقعة،

وإنما جاءت أقواله وتحرياته نقلاً عن الشاهدين المذكورين رغم ما حام حول أقوالهما من مطاعن وشبهات على ما سلف بيانه، ولم يعرض الحكم لدفاع الطاعن بأن الصورة الحقيقية للواقعة هي أنه لم يقم بسرقة مولد الكهرباء المضبوط وإنما عثر عليه متروكًا بمكان مهجور بمنطقة بعيدة عن محل المجني عليه فاستوليا عليه هو المتهم الآخر وباعاه إلى الشاهد المذكور الذي ضبط بحوزته وهو ما لا تتوافر معه أركان جريمة السرقة أو القصد الجنائي فيها. هذا إلى أن الجهاز المضبوط يختلف عن المبلغ بسرقته من حيث طرازه وحالته حسبما يتضح من المبايعة التي حررها للمشتري المذكور وذلك كله يعيب الحكم بما يستوجب تمييزه.

وحيث إن الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه والمكمل والمعدل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما حاصله أن الطاعن والمتهم الآخر توجها ليلة 18/ 4/ 2001 إلى محل البقالة المملوك للمجني عليه متعب ……. وتمكنا من سرقة مولد الكهرباء الخاص بمحله بطريق الكسر وقاما ببيعه لزياد سعيد الزغبي الذي تم ضبط الجهاز لديه. وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه سالف الذكر والشاهدين زياد …… وعمر ……… ضابط مباحث الصليبية وما قرره الطاعن والمتهم الآخر في تحقيقات النيابة العامة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص في تدليل سائغ وكاف وفي منطق مقبول مما أخذ به واطمأن إليه من هذه الأدلة أن الطاعن والمتهم الآخر قصدا سرقة مولد الكهرباء المملوك للمجني عليه من محل بقالته ليلاً بطريق الكسر على الصورة المار بيانها،

وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بها، مادام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وأن تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو تناقض أقوال الشهود في بعض تفاصيلها – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصًا سائغًا وأوردتها بغير تناقض ملتفتة عن اختلافهم في بعض التفصيلات فلم توردها أو تركن إليها في تكوين عقيدتها.

لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه – قد اطمأنت إلى ما أوردته – بغير تناقض – من شهادة المجني عليه، وأخذت بروايته عن كيفية حصول سرقة مولد الكهرباء المملوك له من محل البقالة الخاص به بطريق الكسر وعثوره عليه بذاته بمحل الشاهد (…….)، المؤيدة بشهادة الأخير وأقوال ضابط المباحث وتحرياته بشأن ارتكاب الطاعن لجريمة السرقة، والتي أوردت أقوالهما بغير تناقض أو اختلاف أيضًا، ولم تر فيما ساقه الطاعن من مطاعن وشبهات حول أقوال الشهود أو ما أثاره بشأن الباعث على تنازل المجني عليه – الذي لا يزعم الطاعن أنه من أصوله وفروعه – في تحقيقات النيابة العامة عن شكواه ضده ما ينال من اطمئنانها أو يوهن من القوة التدليلية لشهادة المجني عليه أو الشاهدين الآخرين، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من اطراحه التصوير الآخر للواقعة الذي قال به والقائم على أنه لم يسرق المولد من محل بقالة المجني عليه وإنما عثر عليه متروكًا في العراء بجوار أحد محال البقالة المهجورة بمنطقة بر الصبية لا يعدو أن يكون دفاعا في شأن صورة الواقعة مما يكفي في الرد عليه ما أوردته المحكمة تدليلاً على ثبوت الصورة التي اقتنعت هي بها واستقرت في وجدانها ويضحى ما يثيره في هذا الشأن محض محاولة لإعادة الجدل في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، وأن القانون لا يوجب حتمًا أن يتولى رجل الشرطة بنفسه التحريات التي يجريها بشأن الجريمة موضوع التحري بل له أن يستعين في ذلك بأعوانه والمصادر السرية وبمن يتولون إبلاغه بالمعلومات المتعلقة بها مادام أنه قد اقتنع شخصيًا بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه عنهم من معلومات، وكانت محكمة الموضوع قد عولت على أقوال ضابط المباحث عمر يوسف الرشيد وتحرياته بشأن الواقعة كقرينة معززة لباقي ما ساقته من أدلة الإثبات الأخرى – المار ذكرها – بعد ما أفصحت عن اطمئنانها إلى صدق أقواله وتحرياته ومطابقتها للحقيقة التي اقتنعت بها، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله.

لما كان ذلك، وكانت جريمة السرقة تتم بكل فعل يخرج به السارق الشيء المسروق من حيازة غيره دون رضاءه ويجعله في حيازته وتحت تصرفه، وأن القصد الجنائي في هذه الجريمة يتوافر بعلم الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المال المملوك للغير دون رضاء صاحبه بنية تملكه، ولا يلزم أن يتحدث الحكم صراحةً واستقلالاً عن هذا القصد مادام ما أورده كافيًا للدلالة على توافره، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه – على النحو المار بيانه – عند تحصيله لواقعة الدعوى أو أقوال المجني عليه وباقي شهود الإثبات كافيًا للدلالة على توافر الأركان القانونية لجريمة السرقة ليلا بطريق الكسر مع التعدد التي دان الطاعن بها ويتحقق به بالقصد الجنائي لديه ويتضمن الرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص، فإن ما يثيره الأخير في هذا الصدد يكون غير سديد، ولا يقدح في ذلك ما تذرع به الطاعن أيضًا من عدم وجود آثار بصمات له بمكان السرقة لأن ذلك – بفرض صحته – ليس شرطًا استلزمه القانون لإثبات جريمة السرقة التي تثبت بكافة طرق الإثبات، كما أنه ليس من شأنه كذلك نفي وقوع الجريمة أو نسبتها إلى الطاعن. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا ومصادرة الكفالة عملاً بالفقرة الثالثة من المادة الثامنة عشر من القانون رقم (40) لسنة 1972 بشأن حالات الطعن بالتمييز وإجراءاته.
رد مع اقتباس