دراسات في القانون اللبناني

بواسطة باحث قانوني
جرائم السرقة – القانون اللبناني – محاماة نت

عرّفت المادة 635 ق،ع،ل السرقة بأنّها : أخذ مال الغير المنقول خفية أو عنوة بقصد التملك ، وتنزل الطاقات المحرزة منزلة الأشياء المنقولة في تطبيق النصوص الجزائية .
أركان جريمة السرقة : بالاستناد إلى نص المادة 635 المذكورة يمكن لنا استنتاج أركان جريمة السرقة ، وهي على التوالي :
1. الركن المادي ، أخذ المال خلسة أو عنوة .
2. محل الجريمة ، وهو الشيء الذي تقع عليه الجريمة .
3. الركن المعنوي ، وهو النية الجرمية .
أولاً – الركن المادي : وهو أخذ المال خلسة أو عنوة ، وبهذا المعنى يجب توفر شرطين هما :
• إنتزاع حيازة الشيء من صاحب اليد الشرعي .
• إدخال هذا الشيء في حيازة جديدة ، سواء كانت للفاعل أو لشخصٍ آخر
وعليه لا يعتبر سارقاً من يخرج الشيء من حيازة صاحبه من غير أن يدخله في حيازته أو حيازة شخص آخر المثال على ذلك : الشخص الذي يطلق طائراً من قفصه .
والواقع أن عملية الأخذ أو انتزاع الحيازة يجب أن تتم دون رضى صاحب المال ، سواء تمّت هذه العملية بعلم صاحب المال دون أن يتمكّن من منع حصولها أو سواء حصلت دون علمه وفي غفلةٍ عنه .
ونشير إلى أنّ جريمة السرقة يمكن أن تقوم على الرغم من أنّ صاحب المال قد قام بنفسه بتسليمه إلى السارق ، وذلك عندما يتم التسليم دون أن يقترن بنية التنازل ، كما لو سلّم الصائغ قطعة ذهبية إلى الزبون ليعاينها فيعمد الزبون إلى مغافلة الصائغ والهرب بها .
ثانياً – محل السرقة : أي الشيء الواقع عليه الجرم ، وإنّ الشيء الذي يمكن أن يكون محلاًّ للسرقة يجب أن يجمع الخصائص التالية :
• يجب أن يكون مالاً منقولاً .
• أن يكون بطبيعته ذا كيانٍ مادي .
• أن يكون مملوكاً للغير .
• أن يكون قابلاً للتملك والانتقال .
وفيما يلي ندرس كل خاصِّيّة من هذه الخصائص .
أن يكون الشيء مالاً منقولاً : نشير فوراً إلى أنّه لا يُتصوّر وقوع السرقة إلاّ إذا توافرت في الشيء الخاصّتين التاليتين :
– أن يصلح ليكون موضوعاً لحق الملكية أي أن يكون مالاً ، أي أن يقدّر بمال.
– أن يكون صالحاً لأن ينتقل من مكانه ، أي أن يكون منقولاً .
إلاّ أنّ معيار التمييز بين المنقول وغير المنقول يختلف في القانون الجزائي عنه في القانون المدني .
ففي القانون الجزائي يعدّ منقولاً قابلاً لأن يكون محلاًّ للسرقة كل شيء يستطيع الفاعل رفعه من مكانه ونقله إلى مكانٍ آخر ، ولو كان قد صُنِّف في عداد العقارات من وجهت نظر القانون المدني والمثال على ذلك العقار بالتخصيص .
أن يكون الشيء بطبيعته ذا كيان مادي : أي ذا كيان ملموس ، وعلّة هذا الشرط أنّ الشيء المادي وحده هو الذي يصلح لأن يكون موضوعاً للحق العيني بصفة عامة ، ولحقّ الملكية بصفة خاصة .
فالحيازة التي تنال منها السرقة بالاعتداء إنّما يُراد بها الحيازة المادية المتمثلة في سيطرة الحائز على الشيء ومباشرته عليه سلطات مادية ، وهي لا تُتَصَوّر إلاّ إزاء شيء مادي .
وطالما أنّ السرقة ليست اعتداءً على الشيء فقط إنّما هي اعتداءٌ أيضاً على الحيازة ، لذلك فإنّنا نقول أنّ السرقة لا تقوم إلاّ إذا وقعت على شيء يصلح أن يكون محلاّ للحيازة ، أي شيء ذا كيان مادي ، وبغض النظر عن الشكل الذي تظهر به مادته ( سوائل ، غازات …) ، فقاضي تحقيق جبل لبنان قضى ( أنّ الاطلاع على أسئلة الامتحان لا يشكِّل جريمة سرقة ، لعد انصبابه على شيء مادي ) .
ولقد أثير الجدل حول معرفة ما إذا كانت الكهرباء شيئاً مادّياً يصلح محلاً للسرقة أم أنّها من القوى التي ليس لها كيان مادي ، إلاّ أن المشرع اللبناني حسم هذا الجدل عندما نصّ على أنّ القوى أو الطاقات المحرزة تنزل منزلة الأشياء المنقولة في تطبيق القوانين الجزائية .
أمّا الأموال غير المنقولة ، كالأفكار والحقوق والمنافع فلا يمكن أن تكون موضوعاً للسرقة ، فمن نقل عن الغير أفكاره أو نظرياته أو ألحانه … ونسبها إلى نفسه بدون وجه حق لا يُعدّ سارقاً ، إنّما يعد فعله مجرّماً بموجب قوانين أخرى ، إلاّ أن الأمر يعدّ خلاف ذلك ويكون سارقاً فيما لو استولى الشخص على الوثيقة الحاوية لتلك الأفكار والنظريات أو الألحان .
أن يكون الشيء مملوكاً للغير : فالسرقة كما عرّفها المشرع الجزائي هي أخذ مال الغير ، ولا فرق بين أن يكون هذا الغير شخصاً طبيعياً أم شخصاً معنوياً .
ولتحديد مالك الشيء نستعين بقواعد القانون المدني ( حول تمام البيع و الملكية …) .
وتأسيساً على ذلك فإنّ جريمة السرقة لا تتحقق بمثل الحالات التالية :
• إذا أقدم المالك قصراً على استعادت الشيء الذي أجّره أو أعاره أو رهنه ، لأنّ تلك العقود لا تنفي ملكية المالك للشيء ، وإن كان فعله يعدّ إخلالاً للعقد ، إلاّ أنّه ليس بسرقة .
• إذا كان الفاعل قد استولى على شيء غير داخل في ملكية أحد ، كالأشياء المتروكة والمباحة .
فالأشياء المباحة هي التي تكون غير مملوكة أصلاً لأحد كالحيوانات البرية ، فالاستيلاء على شيءٍ منها لا يعدّ سرقة وإن كان هناك من يبحث عنها بناءً على ترخيص رسمي .
أمّا الأشياء المتروكة فهي التي يرميها مالكها مع نية التخلي عنها كالأمتعة القديمة فالاستيلاء عليها لا يعتبر سرقة ، وإن كان هناك شخص قد استصدر قراراً من السلطة يُرخّص له بموجبه مثلاً جمع المواد الحديدية والزجاجية المتروكة في منطقة معينة ، فجاء شخص آخر يجمع هذه المواد .
• أمّا إذا كان الفاعل شريكاً بالشيوع وأخذ الشيء الشائع خلسة عن شركائه الآخرين ودون رضائهم ، فإنّ فعله يكون سرقة .
أن يكون الشيء قابلاً للتملك والانتقال : نحن نعلم أنّ السرقة هي اعتداء على الملكية وعلى الحيازة ، وعليه فإنّ السرقة لا تقوم إذا لم يكن الشيء قابلاً بطبيعته للتملك الفردي ، أو للانتقال من حيازة شخص إلى حيازة شخص آخر ، فأشعة الشمس أو الهواء ليسا محلاً للسرقة لأنّهما غير قابلان للتملك الفردي .
ثالثاً – الركن المعنوي : لا بدّ لقيام جريمة السرقة من توفر النية الجرمية لدى الفاعل ، والتي تتمثل بعلم الفاعل وانصراف إرادته إلى الاستيلاء على مال الغير المنقول عنوة أو خلسة بقصد التملك .
ويتجلّى الركن المعنوي في جرائم السرقة بوجهين يجب توفرهما معاً وهما :
1. القصد العام .
2. القصد الخاص .
القصد العام : وهو يقوم على علم الفاعل أنّه يأخذ مال الغير دون رضاه ، ورغم ذلك تتجه إرادته لارتكاب جرم السرقة .
لذلك فالفاعل لا يعد سارقاً في مثل الحالات التالية :
• إذا اعتقد الفاعل أنّ الشيء ملكه ، بشرط أن يثبت ما يبرر اعتقاده .
• إذا اعتقد أنّ الشيء متروك أو مباح وكان هناك ما يبرر اعتقاده .
• إذا لم يكن الفاعل عالماً أن فعله يؤدي إلى نزع حيازة الشيء من يد صاحبه وإدخاله في حيازة جديدة ، فإذا أعطى شخص إلى فقيرٍ ما أمتعة قديمة بنية العطاء ، فوجد هذا الفقير في الأمتعة مبلغ من المال بالقدر الذي ظنّ معه أنّ الواهب أراد إعطائه المال دون أن يجرح شعوره ، في هذه الحالة إذا أخذ الفقير المال فإنّ فعله لا يعدّ سرقة رغم أنّه تمّ دون علم الواهب .
القصد الخاص : وهو يتجلى ويتمثّل بنية التملك ،فلا يكفي لتوافر النية الجرمية في السرقة أن يعلم الفاعل أن ما يأخذه دون وجه حق هو ملك للغير ، إنّما يجب أن تنصرف إرادته إلى تملُّك هذا المال بنفسه أو لغيره ، وتأسيساً على ذلك فإنّ القصد الخاص يتوافر
• وإن لم يكن الفاعل قاصداً الكسب لنفسه ، بل توفير المساعدة للغير .
• وإن عمد بعد السرقة إلى إتلاف ما سرقه دون أن ينتفع به ، ويبقى القصد محققاً وإن أدّت السرقة إلى تأمين كسب مادي للمجني عليه ، كأن يعمد الفاعل إلى لأخذ صورة أثرية لها في نظر مالكها قيمة معنوية ، ويترك له مقابلها مبلغ من المال يفوق السعر الذي تساويه فيما لو عرضت للبيع .
• كذلك يقوم القصد الخاص وإن كان الدافع إلى السرقة شريفاً ، كمن يسرق المخدرات ليمنع حائزها من استعمالها
غير أنّ جريمة السرقة لا تتحقق إذا كان الفاعل قد أتلف الشيء في محل مالكه دون أن ينقله من مكانه ، وفي هذه الحالة تتحقق جريمة إتلاف مال الغير قصداً ، أمّا السرقة فلا .
أخيراً نشير إلى أنّ قصد التملك يجب أن يتزامن مع الفعل الجرمي ، وإلاّ فلا قيام لجريمة السرقة ، كمن يأخذ شيءً معتقدا أنّه على سبيل الهبة ثمّ يكتشف أنّه ليس كذلك ، ورغم ذلك يحتفظ بالشيء ويمتنع عن ردِّه لصاحبه ، هنا لا نكون أمام جريمة السرقة وإنّما أمام جريمة خاصة يعاقب عليها القانون الجزائي اللبناني في المادة 673 .

جنح السرقة المشددة .
نصّت المادة 636 ق،ع،ل على ما يلي : السرقة التي لم يحدد لها عقوبة خاصة بموجب أحد نصوص هذا القانون الأخرى ، يعاقب عليها بالحبس من شهرين إلى ثلاث سنوات ، وبالغرامة من مائة ألف إلى أربعمائة ألف ليرة لبنانية .
من هذا النص يتبين أنّ جريمة السرقة هي من نوع الجنحة ، إلاّ أنّ المشرع شدّد العقوبة في حالات معينة حدّدها حصراً في الفقرة الثانية من نفس المادة .
والفقرة الثانية من المادة 636 المذكورة تنص على تشديد العقوبة وفق المادة 257 من قانون العقوبات اللبناني إذا ارتكبت السرقة في الحالات التالية :
1. إذا ارتكبت السرقة في المعابد والأبنية المأهولة .
2. نشل المارة ، أكان ذلك في الطرق أو في الأماكن العامة الأخرى أو في القطارات ، أو في السفن أو في الطائرات ، أو غيرها من وسائل النقل.
3. ارتكاب السرقة بفعل موظف أنيط به حفظ الأمن أو الحراسة ، حتى وإن ارتكبت السرقة خارج أوقات الدوام .
4. ارتكاب السرقة بفعل خادم مأجور يسرق مال مخدومه ، أو يسرق مال الغير من منزل مخدومه ، أو عامل يسرق من محل أو مصنع مخدومه أو في المستودعات أو في الأماكن الأخرى التابعة للعمل أو المصنع .
5. ارتكاب السرقة بفعل شخصين أو أكثر .
ونشير فوراً إلى نص المادة 257 المتعلقة بتشديد العقوبة والذي ينص على إبدال الإعدام من الأشغال الشاقة المؤبدة والذي يزيد على كل عقوبة أخرى من الثلث حتى النصف ويُضاعف الغرامة .
وفيما يلي نفصِّل الحالات الخمس المذكورة آنفاً .

إذا ارتكبت السرقة في المعابد والأبنية المأهولة . هنا شمل النص حالتين :
– المعابد : وهي الأماكن التي تقام فيها الشعائر الدينية ، دون أي تحديد لأنواعها أو أصنافها ، وعلّة التشديد تعود لما يمثِّله المعبد من أهمية دينية لدى البشر .( طبعاً معبد لديانة معترف بها ) .
– الأبنية المأهولة : وهي الأماكن التي يسكن فيها الناس ، إذاً المهم أن تخصص هذه الأماكن لسكن الناس وأن تستعمل لهذه الحالة ، سواءً كانت الإقامة إقامة دائمة أم إقامة مؤقتة .
وقد قرر الحاكم الجزائي المنفرد في الدامور أنّ السرقة موضوع الدعوى التي ارتكبها المدّعى عليه في محل تجاري يشتغل فيه المدّعي نهاراً ولا يبيت فيه أحد ، لا تكون قد حصلت في أماكن سكن الناس الذي نوّه به الشارع .
أمّا علّة التشديد فتعود لما يمثِّله دخول السارق إلى أماكن يعلم مسبقاً أنّها مأهولة ، من خطورة جرمية تتملّكه .
نشل المارة ، أكان ذلك في الطرق أو في الأماكن العامة الأخرى أو في القطارات ، أو في السفن أو في الطائرات ، أو غيرها من وسائل النقل: من الملاحظ في هذا النص ، أنّ تحديد الأماكن التي يجب أن تقع فيها السرقة لقيام ظرف التشديد لم يرد على سبيل الحصر ذلك أنّ كلمة أماكن عامة أو طرق عامة إنّما تتمتّع بمرونة واسعة تشمل الكثير بهذا الوصف كذلك فإنّ تحديد القطارات والسفن والطائرات ، وخصوصاً شمول النص على عبارة وغيرها من وسائل النقل ، يدعو إلى القول أنّ هذه الوسائل لا تعدّ ولا تحصى .
أمّا سبب التشديد في هذا المجال فيعود إلى رغبة الشارع في حماية الأماكن العامة وجميع وسائل النقل من الفوضى وزرع الرعب في نفوس جميع الذين يفترض أن ينتقلوا بهذه الوسائل بكل طمأنينة وأمان .
ارتكاب السرقة بفعل موظف أنيط به حفظ الأمن أو الحراسة ، حتى وإن ارتكبت السرقة خارج أوقات الدوام : ونركِّز هنا على عبارة موظّف أنيط به حفظ الأمن أو الحراسة ، فظرف التشديد لا يطبّق على كل موظّف أقدم على جرم السرقة ،وإنّما فقط على الموظف المناط به حفظ الأمن والحراسة ، لأنّ هذه الصفة تجعله فوق كلِّ ارتياب أو شكّ مما يسهِّل عليه ارتكاب الجريمة ، وهذا في الواقع هو سبب التشديد .
ويستفاد من هذه الفقرة أنّها تتناول فعل هذا الموظف سواءً قام هو نفسه بالسرقة أم استخدم غيره لهذه الغاية ، المهم أن يستفيد من صفته لتحقيق السرقة .
ارتكاب السرقة بفعل خادم مأجور يسرق مال مخدومه ، أو يسرق مال الغير من منزل مخدومه ، أو عامل يسرق من محل أو مصنع مخدومه أو في المستودعات أو في الأماكن الأخرى التابعة للعمل أو المصنع : وهنا لابدّ من التفريق بين وضعين هما :
الخادم من جهة .
المستخدم أو العامل من جهة أخرى .
الخادم : وهو من يقوم بصورة دائمة على خدمة شخص آخر مقابل أجر ، فيخرج من نطاق هذا التعريف من يقوم بأعمال ذهنية لحساب غيره ، كالمحاسب مثلاً .
ويقوم ظرف التشديد إذا قام الخادم بسرقة أموال مخدومه ، أو سرقة مال الغير في منزل مخدومه ، ولم يفرّق النص بين أن تقع السرقة على أموال المخدوم الموجودة في منزله أو الموجودة في أي مكان آخر .
وعلّة التشديد تقوم نظراً للعلاقة التي تقوم بين الخادم وسيِّده وصفة كلّ منهما ، وما ينشأ عن هذه العلاقة من وضع يمكِّن للخادم معرفة أماكن الأشياء الباهظة داخل المنزل ومن سهولة الحصول عليها .
المستخدم أو العامل : المستخدم هو الذي يقوم بعمل ذهني لحساب غيره مقابل أجر كالمحاسب مثلاً ، أمّا العامل فهو الذي يقوم بعمل يدوي لحساب شخص آخر في مقابل أجر ، سواء أكان عملاً تجارياً أم صناعياً أم زراعياً … .
وعلّة التشديد هنا تعود إلى صفة ……… .
ارتكاب السرقة بفعل شخصين أو أكثر : نشير فوراً إلى أنّه لا يمكن القول بتعدد الفاعلين ، إذا قام كل متّهم بجريمته على حِدة ، حتى ولو جمعت بين هذه الجرائم أمور متشابهة ، كالدوافع والزمان والمكان ، طالما أنّ الفاعلين لم يظهروا جميعاً على مسرح الجريمة .
فعلّة التشديد تكمن في ظهور الفاعلين دفعة واحدة لارتكاب جريمة السرقة، ممّا يؤدّي إلى ازدياد الجرأة والإقدام على الاعتداء برباطة جأش ، ولم يؤدي تعدد الفاعلين من رعب لدى المجني عليه الأمر الذي يقضي على أي مقاومة من قبِله .

جنايات السرقة : وندرس على التوالي :
– جنايات السرقة المحددة في المادة 638 ق،ع،ل .
– جنايات السرقة المحددة في المادة 639 ق،ع،ل .
– جنايات السرقة المحددة في المادة 641 ق،ع،ل .
– جناية الاستيلاء على مركبة هوائية المادة 643 ق،ع،ل .
جنايات السرقة المعددة في المادة 638 ق،ع،ل : نصّت هذه المادة على ما يلي : يعاقب بالأشغال الشاقة من ثلاث سنوات إلى عشر سنوات على السرقة في إحدى الحالات التالية :
1. إذا وقعت السرقة على أموال أو موجودات مؤسسة حكومية أو أي مركز أو مكتب لإدارة رسمية أو هيئة عامة .
2. إذا وقعت السرقة على أموال أو موجودات مصرف أو محل للصياغة أو للصيرفة .( ملاحظة ، طبعاً بصورة حصرية )
3. إذا وقعت السرقة على أحد معتمدي القبض ، أو على أي موظف عام أو على أي مستخدم في مؤسسة خاصة ، وهو يحمل مالاً للإدارة أو للمؤسسة التي يعمل فيها ، وكان القصد سرقة هذا المال ، وتفرض العقوبة نفسها على معتمد القبض أو الموظف العام أو المستخدم إذا تواطأ مع الجناة . ( والواقع أنّ النص يفسر نفسه بنفسه )
4. إذا وقعت السرقة على سيارة أو أي مركبة برية ذات محرِّك .
5. إذا وقعت السرقة بفعل شخص مقنّع أو يحمل سلاحاً خفياً أو ظاهراً .
نشير فوراً أنّه بالنسبة للفقرة الخامسة من هذه المادة يجب التمييز بين حالتين :
• ارتكاب السرقة بواسطة شخص مقنّع أخفى ملامح وجهه بصورة كلية أو جزئية ، بحيث يصعب معها التعرف على شخصهِ ، وقد جاء التشديد هنا نظراً للدور الذي يلعبه القناع في إلقاء الرعب لدى المجني عليه .
• ارتكاب السرقة بفعل شخص يحمل سلاحاً ظاهراً أو خفياً ، ولقد حدّدت المادة 323 ق،ع،ل مفهوم السلاح بأنّه : كل أداة أو آلة قاطعة أو ثاقبة أو راضّة ، وكل أداة خطرة على السلامة العامة .
ونشير إلى أنّ ظرف التشديد يتحقق حتى ولو لم يستعمل السارق السلاح في تنفيذ جريمته ، المهم أنّ المجني عليه يعلم أنّ الجاني يحمل سلاحاً .
وعلّة التشديد هنا إنّما تعود إلى أنّ حمل السلاح من قبل السارق يدل على خطورة جرمية تتمثّل بإمكانية استعماله السلاح عند الحاجة ، أضف إلى ذلك الرعب الذي يولِّده السلاح لدى المجني عليه .
في النهاية نشير إلى أنّ هناك حالة أخيرة أضيفت إلى نص المادة 638 المذكورة وذلك بموجب القانون رقم 487 على 95 وهي وقوع السرقة باستعمال العنف على الأشخاص .
جنايات السرقة المحددة في المادة 639 ق،ع،ل : وهذه المادة تنص على أن يعاقب بالأشغال الشاقة من سبع سنوات إلى خمسة عشرة سنة على السرقة في إحدى الحالات التالية :
1. بالدخول إلى الأماكن المقفلة المصانة بالجدران ، بواسطة الخلع أو التسلق ، أو باستعمال مفاتيح مصنّعة ، أو أي أداة أخرى ، أو بالدخول إليها بالحيلة ، أو بأي طريقة أخرى غير مألوفة .
2. بانتهاز وقوع أعمال شغب أو ثورة أو حرب أو حريق أو اضطراب أمني أو غرق سفينة أو أي نائبة أخرى .
3. وقوع السرقة بالتهديد بالسلاح لتهيئة الجريمة أو لتسهيلها أو للاستيلاء على المسروق أو لتأمين الهرب .
وفيما يلي نورد تفصيلاً بكل حالة .
بالدخول إلى الأماكن المقفلة المصانة بالجدران ، بواسطة الخلع أو التسلق ، أو باستعمال مفاتيح مصنّعة ، أو أي أداة أخرى ، أو بالدخول إليها بالحيلة ، أو بأي طريقة أخرى غير مألوفة : في هذا النص يمكن التفريق بين حالتين :
الحالة الأولى : أن يكون المكان مقفلاً ومصاناً بالجدران .
الحالة الثنية : أن يتم الدخول إلى هذا المكان بطريقة غير مألوفة .
ولقد حدّد المشرع بعض الوسائل غير المألوفة ، كالدخول إلى المكان بواسطة الخلع أو التسلُّق أو باستعمال مفاتيح مصنّعة .
ولقد اعتبر المشرع أن دخول المدّعى عليهم المحلّ المسروق عبر النافذة طريقة غير مألوفة .
علماً أنّ محكمة الجنايات في جبل لبنان اعتبرت أنّ المفتاح المسروق ينزل منزلة المفتاح المصنع ويعتبر استعماله في السرقة طريقة غير مألوفة ( تذكر واضع القفل ) .
كذلك اعتبر المشرع استعمال الحيلة طريقة غير مألوفة في السرقة ، كالشخص الذي يدخل إلى المنزل متذرِّعاً بإصلاح الهاتف أو المياه ،ثُمّ يقوم بفعل السرقة .
وكما ذكرنا فإنّ جميع الحالات التي عدّدناها إنّما وردت على سبيل المثال لا الحصر بدليل عبارة ( أو أي طريقة أخرى غير مألوفة ) الواردة في هذه الفقرة .
في النهاية نشير إلى أنّ النص في هذه الحالة لم يفرِّق بين الأماكن المأهولة أو غير المأهولة .
بانتهاز وقوع أعمال شغب أو ثورة أو حرب أو حريق أو اضطراب أمني أو غرق سفينة أو أي نائبة أخرى : وفي هذا المجال محكمة جنايات بيروت أنّ جرائم السرقات التي وقعت خلال الغزو الإسرائيلي لبيروت ، لا تعتبر واقعة في حالة ثورة أو حالة حرب ، لأنّه برأي الاجتهاد القضائي فإنّ عبارة sedition تعني العصيان وليس الثورة والعصيان بالمفهوم القانوني إنّما يهدف إلى تغيير أو قلب النظم السياسية في البلاد ، ولم يتبين للمحكمة أنّ الأحداث التي جرت خلال الغزو الإسرائيلي كانت تهدف لتغيير أو قلب النظم السياسية في البلاد .
أمّا فيما يتعلّق بالحرب ،فالحرب لا تعتبر قائمة بنظر الأعراف الدولية ما لم يسبقها إعلان للحرب بشكلٍ رسمي صادر عن السلطة المختصة ، لذلك وعلى ضوء ما تقدّم فإنّ أحداث لبنان لم تتصف بالحرب بالمعنى الحصري أو الدولي العام .
أمّا فيما يتعلّق بالنائبة المذكورة في هذه المادة ، فإنّ للقضاء صلاحية واسعة في تحديد ماهيتها ، فيمكن أن تتمثّل بالزلزال أو الأوبئة المنتشرة أو الفيضانات … .
والواقع أنّ سبب التشديد في هذا المجال إنّما يعود إلى سهولة ارتكاب الجرائم في مثل هذه الحالات ، إضافة إلى ما يمكن أن تسببه جرائم السرقة في مثل هذه الأحوال من أعباء إضافية على المواطنين الذين يرزحون تحت وطأة هذه الظروف الصعبة .
وقوع السرقة بالتهديد بالسلاح لتهيئة الجريمة أو لتسهيلها أو للاستيلاء على المسروق أو لتأمين الهرب : يتضح لنا أنّ التهديد بالسلاح مهما كان نوعه يعتبر ظرفاً مشدِّداً في جرائم السرقة ، ولكن يشترط لقيام ظرف التشديد أن يتزامن التهديد مع فعل السرقة ، وأن يكون الجاني قد قصد من التهديد بالسلاح تهيئة الجريمة أو تسهيلها أو الاستيلاء على المنقول أو تأمين الهرب . نشير فوراً إلى أنّ عقوبة السرقة في مثل الحالات الثلاثة التي عدّدناها أعلاه ، إنّما تتراوح بين ثلاث سنوات وسبع سنوات أشغال شاقة ، وذلك بموجب التعديل القانوني الصادر في كانون الأول 1995 وذلك بعد أن كانت العقوبة قبل التعديل تتراوح بين السبع سنوات والخمسة عشرة سنة أشغال شاقّة .
نشير في النهاية إلى نص المادة 640 ق،ع،ل التي تنص على ما يلي : إذا رافق إحدى الحالات المعددة في المادة السابقة عنف على الأشخاص لتهيئة الجريمة أو لتسهيلها أو للاستيلاء على المنقول أو لتأمين الهرب ، أو إذا تمّت هذه الأفعال ليلاً ، ترفع العقوبة إلى الأشغال الشاقة المؤبدة ، وإذا أقدم الفاعل على قتل إنسان لسبب ذي صلة بالسرقة المذكورة فيعاقب بالإعدام .
ومن الأمثلة على حالات العنف ما اعتبرته محكمة التمييز الجزائية من أنّ قيام السارق بضرب المجني عليه ( ببانسة ) على رأسه وصفعه على وجهه حتى أُغمِيَ عليه ثمّ سرق نقوده ، نوعاً من أعمال العنف الممارس في السرقة.
جناية الاستيلاء على سفينة : المادة 641 ق،ع،ل : وقد نصّت هذه المادة على ما يلي : يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة ، كل من استولى وبأيِّ طريقةٍ كانت على سفينة راسية أو ماخرة ، أو على البضائع التي تنقلها .
من الملاحظ أنّ النص جاء واسعاً لجهة الوسيلة المستعملة في الاستيلاء ( بأي وسيلة كانت ) ، كذلك فإنّ النص لم يحدد نوعاً خاصاً من السفن البحرية ، إذْ يُفهم من لفظة سفينة جميع المراكب ، إلاّ أنّ محكمة الاستئناف في بيروت اعتبرت أنّه يخرج من نطاق هذه الجرائم سفن النزهة أو الصيد والسفن الشراعية الصغيرة .وعلّة التشديد هو ما تمثِّله هذه الجرائم من اعتداء على هيبة الدولة ، ومن اعتداء على طرق المواصلات .
والعقوبة المقررة في هذه المادة هي الأشغال الشاقة المؤقتة ، أي بين حدّيها ( ثلاث إلى خمسة عشرة سنة ) وبذلك أعطى القانون في هذه المادة القاضي سلطة تقديرية واسعة في تقرير العقوبة والارتفاع بها كلّما تبيّن له أنّ الاعتداء كان ذو خطورة أشدّ .
ولقد شدّدت نفس المادة العقوبة بالنسبة لربّان السفينة ، إذا كان هو الفاعل لهذه الجريمة أو مشتركاً فيها أو محرِّضاً عليها ، فتزاد العقوبة هنا وفقاً للمادة 257 ق،ع،ل ، كما أنّ هناك عقوبة إضافية إذْ يمكن للقاضي أن يحكم بمنع الربان من ممارسة مهنته بصورة دائمة أو مؤقتة ، إلاّ أنّ النص لم يورد إلاّ عبارة المنع نهائياً ، إلاّ أنّ من يستطيع الأكثر يستطيع الأقل .
كما وينسحب هذا الحكم المشدد على كل من الشركاء والمحرضين والمتدخلين إذا كانت مهنتهم لها علاقة بالملاحة .
نشير في النهاية إلى نص المادة 642 ق،ع،ل التي شدّدت العقوبة بالنسبة لجناية الاستيلاء على السفينة فأوردت في فقرتها الأولى ما يلي : يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة إذا تمّ الاستيلاء على السفينة بالسلاح بفعل شخصٍ أو أكثر ، أو إذا رافق العملية عنف على الأشخاص .
أمّا نص الفقرة الثانية من هذه المادة فيشدّد العقوبة وذلك بالنص على ما يلي : يعاقب الفاعل بالإعدام إذا أقدم على قتل أحد الأشخاص قصداً لسبب ذي صلة بالاستيلاء ، أو إذا استهدف من فعله إغراق السفينة .
جناية الاستيلاء على مركبة هوائية : المادة 643 ق،ع،ل : نصّت هذه المادة على ما يلي : من كان على متن مركبة هوائية أثناء طيرانها ، واستولى أو حاول الاستيلاء عليها أو تحكّم بقيادتها أو حمل قائدها على تغيير وجهته بالعنف أو بالتهديد ، يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة .
إنّ الملاحظ من هذا النص أنّ المشرع حدّد عملية الاستيلاء أثناء طيران المركبة ، كذلك يشترط النص تمكُّن الفاعل من التحكُّم بقيادة الطائرة ، أو حمل قائدها على تغيير وجهة سيره بالعنف أو بالتهديد ، والعنف والتهديد كما نعلم لهما مدلولان واسعان يشمل كل ما من شأنه بث الذعر والخوف في نفوس من وُجِّه إليه هذا السلوك ، مما يؤدي إلى شلِّ مقاومته ، وقاضي الأساس له سلطة واسعة في تقدير توفر العنف والشدة أم لا .
والجدير بالذكر أنّ النص ورد مطلقاً فيما يتعلّق بنوع المركبة الهوائية ، فيدخل ضمن هذا التعريف المركبات الهوائية المخصصة لنقل الركاب أو البضائع ، إلاّ أنّ الفقرة الثانية من المادة الثالثة من معاهدة لاهاي استثنت من حكم تطبيق المعاهدة الطائرات المستخدمة في الخدمات الحربية أو في الخدمات الجمركية أو في خدمات الشرطة .
أمّا النص اللبناني فقد جاء مطلقاً لهذه الجهة ، إذاً يمكن انطباقه على جميع المركبات الهوائية أيّاً كان استعمالها ، حتى ولو كانت مخصصة للخدمات الحربية … .
ولقد نصت الفقرة الثانية من نفس المادة على ظرف مشدد : إذا رافق أحد الأفعال المذكورة إيذاء إنسان أو إصابته بعطلٍ دائم أو بعاهة مستديمة ، فيعاقب الفاعل بالأشغال الشاقة المؤبدة ، كذلك أوردت الفقرة الثالثة ظرفاً مشدِّداً آخر عندما نصّت على ما يلي : إذا قام الفاعل بعمل تخريبي في المركبة يعرِّضها لخطر السقوط ، أو إذا قتل إنساناً لسبب ذي صلة بالأفعال المذكورة فيعاقب بالإعدام .
في النهاية نشير إلى أنّه بالنسبة لهذه الجريمة يستوي في العقوبة مرتكب الجريمة والذي حاول ارتكابها ، بدليل عبارة ( استولى أو حاول الاستيلاء ) .

إنتهى بعون الله تعالى