مقالة قانونية هامة حول المجتمع التعددي

المجتمع التعددي من أهم ركائز الديمقراطية
أ/ عبد الله كامل محادين

تقوم الديمقراطية على تعددية المجتمع سياسياً و اقتصادياً و اجتماعياً و فكرياً…، و هذا أمر طبيعي تفرضه مقتضيات الحرية، التي تعتبر الشرط الأساسي للثقة بالفرد. فالتعددية السياسية تنجم عن حرية الرأي، حيث يكون من حق المواطنين، أفراداً و جماعات، أن تختلف آراؤهم حول سير الشؤون العامة و حول القرارات السياسية، و حول تنظيم المجتمع و أسسه. و هذه التعددية السياسية تتجلى في حرية التجمع و المشاركة، و تعددية الأحزاب السياسية، و تعددية المرشحين نتيجة الانتخابات التنافسية، و تعددية الكتل البرلمانية في المجالس التشريعية…الخ.

و المجتمع التعددي هو نقيض المجتمع الإجماعي في الأنظمة الشمولية. و الخيار بين المجتمع التعددي و المجتمع الإجماعي لا يتعلق فقط بالتناقضات بين الإيديولوجيات أو المعتقدات للمذهب السياسي المعتنق، بل في النظرة إلى الحل الذي يمكن أن نتبعه لحل التناقضات التي يحتويها كل مجتمع في المجالات المختلفة. و بهذا الصدد لدينا موقفان ممكنان تجاه هذه التناقضات :

الموقف الأول يتمثل في الاعتقاد بأن هذه التناقضات غير ممكنة الحل، و أنّ محاولة حلها تولد تناقضات جديدة، و أنه من الممكن للمجتمع أن يتقدم في ظل هذه التناقضات، و بالتالي علينا القبول بتعدد المصالح و الأحزاب، و الآراء..، أي نقبل بالمجتمع التعددي.

أما الموقف الثاني فيسوده الاعتقاد بأن حل هذه التناقضات ممكن، بل ضروري، و ذلك لأن مختلف التناقضات الجزئية تنطلق من تناقض أساسي يمكن تجاوزه من خلال مجتمع الحزب الواحد الذي من خلاله يمكننا نشر معتقد واحد رسمي حول أسس المجتمع.

و يزعم بعض الباحثين بأن ميل الأنظمة الديمقراطية نحو المجتمع التعددي يعود إلى جملة من العوامل ذات الصبغة السوسيولوجية التي تتمحور في نقطتين :

1-إن التعددية اعتمدت في بلدان سبق لتكوين الأمة فيها أن تكامل و تبلور، مما أكسبها رشداً لتحقيق ما يسمى بالعيش المشترك،

2-إن الليبرالية الاقتصادية، القائمة طبعاً على التعددية، الموجودة في الدول الديمقراطية أسهمت في قيام المجتمع التعددي سياسياً.