جريمة استعمال القوة والتهديد مع موظف عام في القانون المصري – أحكام واجتهادات قضائية

الطعن 26681 لسنة 59 ق جلسة 7 / 6 / 1990 مكتب فني 41 ق 140 ص 806 جلسة 7 من يونية سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار ابراهيم وأحمد جمال عبد اللطيف.
————
(140)
الطعن رقم 26681 لسنة 59 القضائية

(1)نيابة عامة. نقض “أسباب الطعن. توقيعها”.
وجوب توقيع أسباب الطعون المرفوعة من النيابة العامة من رئيس نيابة على الأقل.
بقاء أسباب الطعن غفلا من توقيع مقروء يتيسر اسناده إلى أحد اعضاء النيابة بدرجة رئيس نيابة على الأقل. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2)نقض “أسباب الطعن. عدم ايداعها”.
عدم تقديم الطاعن اسبابا لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً
(3)تعد على موظف عام. جريمة “أركانها”. حكم “تسبيبه. تسبيب معيب”.
الركن الأدبي في جريمة استعمال القوة والعنف والتهديد مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفتهم المؤثمة بالمادة 137 مكرراً/ أ عقوبات. مناط تحققه ؟
(4) حكم “بيانات حكم الادانة”.
بيانات حكم الادانة ؟
(5) تهريب جمركي. مسئولية جنائية “المسئولية المفترضة”. جريمة “اركانها”. قصد جنائي.
جريمة التهريب الجمركي. عمدية. يتطلب القصد الجنائي فيها اتجاه ارادة الجاني إلى ارتكاب الواقعة الاجرامية مع علمه بعناصرها.
عدم صحة القول بالمسئولية المفترضة إلا إذا نص عليها الشارع صراحة. أو كان استخلاصها سائغا من نصوص القانون.
عدم مسئولية الشخص شريكا كان أو فاعلاً إلا بقيامه بالفعل أو الامتناع المحرم قانوناً.
افتراض المسئولية استثناء. مقصور على الحدود التي نص عليها القانون.
(6) قانون “تفسيره”.
التحرز في تفسير القوانين الجنائية وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل. واجب.
(7) تهريب جمركي. جريمة “اركانها”. جمارك. شروع. قصد جنائي. حكم “تسبيبه. تسبيب معيب”.
وجوب استظهار الحكم بالإدانة. الأعمال التي عدها شروعاً في التهريب أو التدليل على قيام نية التهريب.
مجرد وجود الشخص داخل زورق ضبط بأماكن سرية منه بضائع مهربة، لا يعتبر تهريبا أو شروعا فيه.
(8) جريمة “اركانها”. اشتراك. اتفاق. فاعل أصلى. حكم “تسبيبه. تسبيب معيب”.
مجرد تواجد الشخص مع غيره “وقت ارتكاب الجريمة. لا يكفى لإدانته بصفته فاعلا فيها. حد ذلك ؟
توافر طريقة من طرق الاشتراك المقررة قانوناً في حق الشخص. شرط لإدانته بصفته شريك في الجريمة.
(9) تهريب جمركي. جمارك. عقوبة “تطبيقها”. مصادرة.
وجوب تفسير نص المادة 122 من قانون الجمارك الذى يقضى بمصادرة وسائل النقض والادوات المستعملة في التهريب على هدى القاعدة المنصوص عليها في المادة 30 عقوبات.
(10) تهريب جمركي. جمارك. عقوبة “تطبيقها”. مصادرة. حكم “تسبيبه. تسبيب معيب”.
المصادرة وجوبا. اقتضاؤها أن يكون الشيء المضبوط محرما تداوله بالنسبة للكافة بمن في ذلك المالك والحائز على السواء.
عدم جواز القضاء بمصادرة الشيء المضبوط إذا كان مباحاً لصاحبه الذى لم يكن فاعلاً أو شريكا في الجريمة.
مثال.
(11) إثبات “بوجه عام”. محكمة الموضوع “سلطتها في استخلاص واقعة الدعوى”.
حق محكمة الموضوع استخلاص الواقعة من أدلتها وعناصرها. شرطه ؟
(12) حكم “بيانات التسبيب” “ما يعيبه في نطاق التدليل”. نقض “أثر الطعن”.
وجوب بناء الأحكام على الوقائع الثابتة في أوراق الدعوى.
استناد الحكم إلى ما لا أساس له في الأوراق يعيبه.
مبدأ تساند الادلة في المواد الجنائية. مؤداه ؟
وحدة الواقعة وحسن سير العدالة توجب امتداد أثر الطعن لمحكوم عليهم لم يقبل طعنهم شكلا.
مثال.

——–
1 – لما كان الحكم المطعون فيه صدر في…… فقرر المحامي العام لنيابات بور سعيد بالطعن فيه بطريق النقض في …… ثم قدمت أسباب الطعن في ذات التاريخ موقعا عليها بتوقيع غير واضح يتعذر قراءته ومعرفة اسم صاحبه وصفته، وكانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959 قد أوجبت بالنسبة إلى الطعون التي ترفعها النيابة العامة أن يوقع أسبابها رئيس نيابة على الأقل، والا كانت باطلة لما كان ذلك، وكانت ورقة الأسباب قد بقيت غفلاً من توقيع مقروء يتيسر إسناده إلى احد أعضاء النيابة العامة بدرجة رئيس نيابة على الأقل.. حتى فوات ميعاد الطعن – فان طعن النيابة العامة يكون قد فقد مقوما من مقومات وجوده، ويتعين من ثم الحكم بعدم قبوله شكلا.
2 – لما كان الطاعنين الثالث والسادس – …… و……. – وإن قررا بالطعن بالنقض في الميعاد الا أنهما يودعاً أسباباً لطعنهما، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول طعنهما شكلاً عملاً بنص المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض السالف الإشارة إليه.
3 – إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الركن الأدبي في الجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرر (أ) من قانون العقوبات لا يتحقق إلا إذا توافر لدى الجاني قصدا خاصاً بالإضافة إلى القصد الجنائي العام، يتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدى عليه، على نتيجة معينة، هي أن يؤدى عملا لا يحل له قانوناً أن يؤديه، أو أن يستجيب لرغبة المعتدى فيمتنع عن اداء عمل كلف بأدائه وفقاً للقانون، وقد اطلق الشارع حكم هذه المادة لينال بالعقاب، كل من يستعمل القوة أو العنف أو التهديد مع الموظف العام، أو المكلف بالخدمة العامة، ليحمله على قضاء أمر غير حق، أو اجتناب المكلف به قانونا، يستوى في ذلك أن يقع الاعتداء أو التهديد، اثناء قيام الموظف بعمله لمنعه من المضي في تنفيذه، أو في غير قيامه به لمنعه من ادائه في المستقبل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد غفل عن استظهار الركن الأدبي للجريمة المعينة، كما هو معرف به في القانون – على السياق المتقدم – بل جاءت عباراته في ذلك عامة مرسلة، معماه مجهلة، وخلا من بيان ما إذا كان الطاعنون على حق فيما صدر منهم أم على غير حق، ازاء ما قام به رجال السلطة من إجراءات، وهو ما يتعذر معه على محكمة النقض تبين صحة الحكم من فساده، في هذا المنحى، ومن ثم يضحى الحكم معيبا بالقصور في التسبيب من هذا الجانب بما يبطله.
4 – إن القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها وسلامة مأخذها تمكينا لمحكمة النقض من مراقبة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم. وإلا كان قاصراً.
5 – جريمة التهريب الجمركي أو الشروع فيها جريمة عمدية يتطلب القصد الجنائي فيها اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب الواقعة الاجرامية مع علمه بعناصرها، والأصل أن القصد الجنائي من أركان الجريمة، فيجب أن يكون ثبوته فعليا، ولا يصح القول بالمسئولية الفرضية إلا إذا نص عليها الشارع صراحة، أو كان استخلاصها سائغاً عن طريق استقراء نصوص القانون وتفسيرها بما يتفق وصحيح القواعد والأصول المقررة في هذا الشأن، إذ من المقرر في التشريعات الجنائية الحديثة أن الانسان لا يسأل بصفته فاعلاً أو شريكاً إلا عما يكون لنشاطه دخل في وقوعه من الاعمال التي نص القانون على تجريمها سواء أكان ذلك بالقيام بالفعل أو الامتناع الذى يجرمه القانون، ولا مجال للمسئولية المفترضة في العقاب الا استثناء وفى الحدود التي نص عليها القانون – وليس منها جريمة التهريب الجمركي المعنية.
6 – من الواجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل.
7 – لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يبين ماهيته الأفعال التي قارفها الطاعنون مما يعد شروعاً في التهريب الجمركي بالمعنى الذى عناه الشارع، أو يدلل على قيام التهريب قبلهم تدليلاً سائغا، وأن ما أورده تبريراً لاطراحه دفاعهم في هذا الصدد لا يتأدى منه ما خلص اليه، ذلك لأن مجرد وجود شخص داخل زورق ضبط بأماكن سرية منه بضائع مهربة لا يعتبر في ذاته تهريبا جمركياً أو شروعاً فيه، إلا إذا أقام الدليل على إتيانه عملاً من اعمال التهريب ذاك أو الاشتراك فيه مع توافر نية التهريب.
8 – لا يكفى لإدانة شخص بصفته فاعلاً في جريمة مجرد تواجده مع غيره وقت ارتكابها إلا إذا كانوا جميعاً متفقين على ارتكابها وقام كل منهم بدوره في تنفيذها حسب الخطة الموضوعة لهم، كما لا يكفى لإدانته بصفته شريكاً فيها إلا إذا توافر في حقه طريقاً من طرق الاشتراك المقرر قانونا. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في شأن الطاعنين بجريمة الشروع في التهريب الجمركي، لا يتأدى منه القول بأنهم فاعلين في الجريمة تلك أو شركاء فيها ولا يؤدى إلى الإدانة التي انتهى إليها، وخاصة أن تحريك الشرطة – على ما اثبتها الحكم – جاءت مجهلة، إذ اقتصرت على أنها اسفرت عن قيام الزورق المعنى بانتواء تهريب بضائع دون أن تسند ذلك إلى الطاعنين كلهم أو بعضهم، ومن ثم يكون الحكم قد تعيب بالقصور في التسبيب.
9 – يجب تفسير نص المادة 122 من قانون الجمارك الصادر به القرار بالقانون رقم 63 لسنة 1966 المعدل الذى يقضى بجواز مصادرة وسائل النقل والادوات والمواد المستعملة في التهريب، ما لم تكن من السفن أو الطائرات التي لم تكن أعدت أو اجرت لغرض التهريب، على هدى القاعدة المنصوص عليها في المادة 30 من قانون العقوبات، التي تحمى حقوق الغير حسن النية.
10 – لما كانت المصادرة وجوباً تستلزم أن يكون الشيء المضبوط محرما تداوله بالنسبة للكافة بمن في ذلك المالك والحائز على السواء، أما إذا كان الشيء مباحاً لصاحبه الذى لم يكن فاعلاً أو شريكاً في الجريمة، فإنه لا يصح قانوناً القضاء بمصادرة ما يملكه. لما كان ما تقدم، وكان الزورق المضبوط ليس من الأشياء المحرم تداولها أو استعمالها سواء لصاحبها أو لغيره، وكان الحكم المطعون فيه قد اتخذ من مجرد وجود مخابئ بالزورق المضبوط دليلاً في ذاته على إعداده للتهريب، دون أن يسند هذا الفعل والقصد منه إلى مالك الزورق ذاك، بدليل معتبر، ودون أن يدلل البته على أنه قد اسهم في جريمة التهريب الجمركي بوصفه فاعلاً أو شريكاً، فانه يكون قد ران عليه الغموض والإبهام والقصور في التسبيب بما يبطله.
11 – من المقرر أنه وإن كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص الواقعة من أدلتها وعناصرها المختلفة، إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاصها سائغاً وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه قائماً في أوراق الدعوى.
12 – لما كان الأصل أنه يتعين على المحكمة ألا تبنى حكمها إلا على الوقائع الثابتة في أوراق الدعوى، وليس لها أن تقيم قضاءها على امور لا سند لها من التحقيقات، فان الحكم المطعون فيه إذ استند في قضائه المطعون فيه – ضمن ما استند اليه – في ادانة الطاعن الرابع – إلى اقرار المتهم……. بقيام الطاعن بإدارة ماكينات اللنش اثناء تفتيشه رغم مخالفة ذلك للثابت بالأوراق – على السياق المتقدم – يكون قد استند إلى ما لا أساس له في الأوراق، وهو ما يعيبه بما يبطله ولا يؤثر في ذلك ما أورده الحكم من ادلة اخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة والمحكمة تكون عقيدتها منها مجتمعة بحيث إذا سقط احداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذى كان لهذا الدليل، أو الوقوف على ما كانت تنتهى اليه لو أنها تفطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم، لما كان ما تقدم، فانه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنين والمحكوم عليهما……. و…… وذلك لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من 1 – …. 2 – …. 3 – … 4 – ….. 5 – ….. 6 – ….. 7 – ….. بأنهم أولا: المتهمين جميعاً: استعملوا القوة والعنف والتهديد مع الموظفين العموميين المبينة أسماؤهم بالتحقيقات بإدارتي شرطة ميناء بور سعيد والجمارك وذلك بأن قاموا باقتحام منفذ المنزلة الجمركي باللنش المسمى أبو صالح محتجزين معهم المقدم …….. والشرطي السرى…… تحت تهديد السلاح بقمرة اللنش وانهالوا قذفا بقطع من الحديد والحجارة والزجاج على رجال الشرطة والجمارك وإطلاق الأعيرة النارية في جسمهم فأحدثوا بهم الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي المرفق وكان ذلك بقصد حملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم وهو تفتيش اللنش المذكور وضبط ما به من بضائع أجنبية غير خالصة الرسوم الجمركية حالة كون المتهمين الاول والثاني حاملين سلاحين ناريين والمتهم الثالث حاملاً سلاحاً أبيض “خنجر” ولم يبلغوا مقصدهم لضبطهم وضبط اللنش وما به من مضبوطات. ثانيا: المتهمين من الاول إلى الخامس: وضعوا ناراً في اللنش المسمى أبو صالح والمملوك للمتهمين الاول والثاني وآخر بأن قاموا بسكب مادة بترولية “جازولين” على سطح مؤخرة الكابينة والثاني والثالث اشعلوا فيه النار. ثالثا: المتهمين الاول والثاني 1 – احرزا بغير ترخيص سلاحين ناريين مششخنين “طبنجتين” 2 – احرزا بغير ترخيص ذخائر مما تستعمل في السلاحين الناريين سالفي الذكر دون أن يكون مرخصا لهما في حيازتهما أو احرازهما. رابعا: المتهم الثالث: أحرز بغير ترخيص سلاحا أبيض “خنجر”. خامسا: المتهمين جميعا: شرعوا في تهريب البضائع الأجنبية المبينة باستمارات المعاينة المرفقة بقصد الإتجار فيها دون أداء الرسوم الجمركية المستحقة عليها وذلك بإخفائها في أماكن سرية بجسم وسطح اللنش المملوك للمتهمين الاول الثاني وآخر واوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو ضبطهم والجريمة متلبسا بها. واحالتهم إلى محكمة جنايات بور سعيد لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت عملا بالمواد 45، 47، 137 مكرراً أ/ 1، 2 عقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكررا من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 3 من الجدول رقم واحد الملحق والمواد 1، 2، 3، 121/ 1، 122، 124 من القانون رقم 63 لسنة 1966 المعدل مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات أولا: بمعاقبة المتهمين الأول والثاني بالسجن لمدة خمس سنوات عما نسب إليهما بالتهمتين الأولى والخامسة وببراءتهما من باقي التهم المسندة إليهما. ثانيا: بمعاقبة المتهم الثالث بالسجن لمدة خمس سنوات عما نسب اليه بالاتهام الأول والرابع والخامس وببراءته عن باقي التهم المنسوبة اليه. ثالثا: بمعاقبة المتهمين الرابع والخامس والسادس والسابع بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما نسب إلى كل منهم بالاتهام الأول والخامس وببراءة المتهمين الرابع والخامس عن التهمة الثانية المسندة إلى كل منهما. رابعا: بمصادرة اللنش أبو صالح والبضائع المضبوطة والزمت المتهمين المحكوم عليهم بأن يؤدوا إلى مصلحة الجمارك مبلغ وقدره 32.928 جنيه، 600 مليم على سبيل التعويض.
فطعن المحكوم عليهم والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.. الخ.

المحكمة
أولاً: عن الطعن المقدم من النيابة العامة:
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر في……. فقرر المحامي العام لنيابات بور سعيد بالطعن فيه بطريق النقض في…….. ثم قدمت أسباب الطعن في ذات التاريخ موقعاً عليها بتوقيع غير واضح يتعذر قراءته ومعرفة اسم صاحبه وصفته، وكانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959 قد أوجبت بالنسبة إلى الطعون التي ترفعها النيابة العامة أن يوقع أسبابها رئيس نيابة على الأقل، وإلا كانت باطلة, لما كان ذلك، وكانت ورقة الأسباب قد بقيت غفلا من توقيع مقروء يتيسر إسناده إلى أحد اعضاء النيابة العامة بدرجة رئيس نيابة على الأقل – حتى فوات ميعاد الطعن – فإن طعن النيابة العامة تكون قد فقد مقوماً من مقومات وجوده، ويتعين من ثم الحكم بعدم قبوله شكلا ً.
ثانيا: الطعن المقدم من المحكوم عليهما الثالث والسادس:
ومن حيث إن الطاعنين الثالث والسادس…… و…… – وإن قررا بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنهما يودعا أسبابا لطعنهما، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول طعنهما شكلاً عملاً بنص المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض السالف الاشارة إليه.
ثالثا: عن الطعن المقدم من المحكوم عليهم الاول والثاني والرابع والخامس والسابع:
ومن حيث إن الطعون المقدمة من الطاعنين الأول والثاني والرابع والخامس والسابع قد استوفت الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دانهم بجريمتي استعمال القوة والعنف والتهديد مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفتهم، والشروع في التهريب الجمركي، قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت في الأوراق، ذلك بأنه لم يدلل على توافر القصد الجنائي العام والخاص في جريمة المادة 137 مكرراً (أ) من قانون العقوبات التي أوقع عقوبتها الأصلية على الطاعنين، كما أنه دانهم بجريمة الشروع في التهريب دون أن يدلل على مقارفتهم الفعل أو العلم به، وقضى بمصادرة الزورق المضبوط رغم أنه لم يثبت أن مالكه شريك في الجريمة أو على علم بها، وعول في إدانة الطاعن الرابع على ما قرره المتهم……. بتحقيقات النيابة العامة من قيام الطاعن الرابع وآخر – الطاعن السادس الذى قضى بعدم قبول طعنه شكلاً – بإدارة ماكينات اللنش أثناء تفتيشه، رغم أن اقواله بالتحقيقات لا تساند الحكم فيما حصله. وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن تحريات الشرطة اسفرت عن أن اللنش المسمى أبو صالح يخفى داخل مخازن سريه، اقمشة غير خالصة الرسوم الجمركية بقصد تهريبها، فجرى ترتيب وصول اللنش إلى منفذ جمرك المنزلة، وما أن وصل اللنش إلى المنفذ، حتى صعدت اليه قوة من رجال الشرطة، وأثناء قيامهم بتفتيشه واقترابهم من أحد المخازن السرية قام بعض أفراد طاقم اللنش بإدارة ماكيناته بينما قاده آخر فتمكن بعض أفراد القوة من مغادرة اللنش، بينما ظل به اثنان منهم، وسارع اللنش بالفرار خارج نطاق الدائرة الجمركية فتبعه قوارب الشرطة لضبطه، فقام افراده بقذفهم بأجسام صلبة وكرات اللهب بقصد منعهم من مطاردتهم، الا أن القوة تمكنت من اللحاق باللنش بمدينة المطرية بعد اصابة بعض افرادها، وجرى إعادته إلى مدينة بور سعيد، وبتفتيشه عثر به على عدة مخازن سرية تحوى كمية من الأقمشة المهربة من سداد الرسوم الجمركية. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الركن الأدبي في الجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً (أ) من قانون العقوبات لا يتحقق إلا إذا توافر لدى الجاني قصداً خاصاً بالإضافة إلى القصد الجنائي العام، يتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدى عليه، على نتيجة معينة، هي أن يؤدى عملا لا يحل له قانوناً أن يؤديه، أو أن يستجيب لرغبة المعتدى فيمتنع عن اداء عمل كلف بأدائه وفقاً للقانون، وقد اطلق الشارع حكم هذه المادة لينال بالعقاب، كل من يستعمل القوة أو العنف أو التهديد مع الموظف العام، أو المكلف بالخدمة العامة، ليحمله على قضاء أمر غير حق، أو اجتناب المكلف به قانونا، يستوى في ذلك أن يقع الاعتداء أو التهديد، أثناء قيام الموظف بعمله لمنعه من المضي في تنفيذه أو في غير قيامه به لمنعه من ادائه في المستقبل. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد غفل عن استظهار الركن الأدبي للجريمة المعينة، كما هو معرف به في القانون – على السياق المتقدم – بل جاءت عباراته في ذلك عامة مرسلة، معماة مجهلة، وخلا من بيان ما إذا كان الطاعنون على حق فيما صدر منهم أم على غير حق، إزاء ما قام به رجال السلطة من إجراءات، وهو ما يتعذر معه على محكمة النقض تبين صحة الحكم من فساده، في هذا المنحى، ومن ثم يضحى الحكم معيباً بالقصور في التسبيب من هذا الجانب بما يبطله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع المتهمين الأحد عشر في شأن عدم توافر العلم لديهم بوجود الأقمشة في مكان ضبطها ورد عليه في قوله وحيث أن المحكمة وقد اطمأنت إلى أدلة الثبوت سالف الذكر فإنها تعرض عن انكار المتهمين …. و….. و….. و…. و…. و…. و….و…. الذى لا يعدو أن يكون وسيلة لمحاولة التخلص من التهم الثابتة في حقهم، كما تلتفت عما أثاره المدافعون عنهم من ضروب دفاع لا يلقى سنده من الأوراق وقوامه اثارة الشك في تلك الأدلة تارة بقالة وجود تضارب في روايات الشهود وتاره بالطعن على التقارير الفنية باعتراضات ظنية لا أساس لها من الواقع ولا يسع المحكمة الا طرحها وعدم التعويل عليها اطمئنانا منها إلى أدلة الثبوت آنفة الذكر ثم خلص الحكم إلى ادانة المتهمين السبعة بجريمتي استعمال القوة والعنف والتهديد مع موظفين عموميين والشروع في التهريب الجمركي وأعمل نص المادة 32 من قانون العقوبات وتوقيع العقوبة ذات الجريمة الأشد وهى الجريمة الأولى مع الزامهم بأداء التعويض المطلوب لمصلحة الجمارك عن الجريمة الثانية، وبراءة باقي أفراد طاقم اللنش لتشكك المحكمة في الأدلة المسندة إلى كل منهم. لما كان ذلك، وكان القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به اركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والادلة التي استخلصت منها المحكمة الادانة حتى يتضح وجه استدلالها وسلامة مأخذها تمكينا لمحكمة النقض من مراقبة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم. والا كان قاصرا. وكانت جريمة التهريب الجمركي أو الشروع فيها جريمة عمدية يتطلب القصد الجنائي فيها اتجاه ارادة الجاني إلى ارتكاب الواقعة الإجرامية مع علمه بعناصرها، والأصل أن القصد الجنائي من أركان الجريمة، فيجب أن يكون ثبوته فعلياً، ولا يصح القول بالمسئولية الفرضية إلا إذا نص عليها الشارع صراحة، أو كان استخلاصها سائغا عن طريق استقراء نصوص القانون وتفسيرها بما يتفق وصحيح القواعد والاصول المقررة في هذا الشأن، إذ من المقرر في التشريعات الجنائية الحديثة أن الانسان لا يسأل بصفته فاعلاً أو شريكاً إلا عما يكون لنشاطه دخل في وقوعه من الاعمال التي نص القانون على تجريمها سواء أكان ذلك بالقيام بالفعل أو الامتناع الذى يجرمه القانون، ولا مجال للمسئولية المفترضة في العقاب الا استثناء وفى الحدود التي نص عليها القانون – وليس منها جريمة التهريب الجمركي المعنية. وكان من الواجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يبين ماهيته الأفعال التي قارفها الطاعنون مما يعد شروعاً في التهريب الجمركي بالمعنى الذى عناه الشارع، أو يدلل على قيام التهريب قبلهم تدليلاً سائغا، وأن ما أورده تبريراً لاطراحه دفاعهم في هذا الصدد لا يتأدى منه ما خلص اليه، ذلك لأن مجرد وجود شخص داخل زورق ضبط بأماكن سرية منه بضائع مهربة لا يعتبر في ذاته تهريباً جمركياً أو شروعاً فيه، إلا إذا أقام الدليل على إتيانه عملا من اعمال التهريب ذاك أو الاشتراك فيه مع توافر نية التهريب، وإنه لا يكفى لإدانة شخص بصفته فاعلاً في جريمة مجرد تواجده مع غيره وقت ارتكابها إلا إذا كانوا جميعاً متفقين على ارتكابها وقام كل منهم بدوره في تنفيذها حسب الخطة الموضوعة لهم، كما لا يكفى لإدانته بصفته شريكا فيها إلا إذا توافر في حقه طريقا من طرق الاشتراك المقرر قانونا. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في شأن الطاعنين بجريمة الشروع في التهريب الجمركي، لا يتأدى منه القول بأنهم فاعلين في الجريمة تلك أو شركاء فيها ولا يؤدى إلى الإدانة التي انتهى إليها، وخاصة أن تحريك الشرطة – على ما أثبتها الحكم – جاءت مجهلة، إذ اقتصرت على أنها اسفرت عن قيام الزورق المعنى بانتواء تهريب بضائع دون أن تسند ذلك إلى الطاعنين كلهم أو بعضهم، ومن ثم يكون الحكم قد تعيب بالقصور في التسبيب من هذه الناحية أيضاً. لما كان ذلك، وكان يجب تفسير نص المادة 122 من قانون الجمارك الصادر به القرار بالقانون رقم 63 لسنة 1966 المعدل الذى يقضى بجواز مصادرة وسائل النقل والأدوات والمواد المستعملة في التهريب، ما لم تكن من السفن أو الطائرات التي لم تكن أعدت أو أجرت لغرض التهريب، على هدى القاعدة المنصوص عليها في المادة 30 من قانون العقوبات، التي تحمي حقوق الغير حسن النية، وكانت المصادرة وجوباً تستلزم أن يكون الشيء المضبوط محرما تداوله بالنسبة للكافة بمن في ذلك المالك والحائز على السواء، أما إذا كان الشيء مباحا لصاحبه الذى لم يكن فاعلاً أو شريكاً في الجريمة، فإنه لا يصح قانونا القضاء بمصادرة ما يملكه. لما كان ما تقدم، وكان الزورق المضبوط ليس من الأشياء المحرم تداولها أو استعمالها سواء لصاحبها أو لغيره، وكان الحكم المطعون فيه قد اتخذ من مجرد وجود مخابئ بالزورق المضبوط دليلا في ذاته على اعداده للتهريب، دون أن يسند هذا الفعل والقصد منه إلى مالك الزورق ذاك، بدليل معتبر ودون أن يدلل البتة على أنه قد اسهم في جريمة التهريب الجمركي بوصفه فاعلا أو شريكا، فانه يكون قد ران عليه الغموض والإبهام والقصور في التسبيب بما يبطله كذلك من هذا الجانب أيضاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عول في ادانة الطاعن الرابع – من بين ما عول عليه – عل ما قرره المتهم….. – الطاعن الخامس – بتحقيقات النيابة العامة وحصله في قوله: وبسؤال المتهم….. بتحقيقات النيابة قرر أن…… و….. ادارا ماكينات اللنش اثناء التفتيش وأن اللنش انطلق محطما شادوف المنفذ. وكان البين من المفردات أن اقوال المتهم…… بالتحقيقات قد خلت من تحديد من قام بإدارة ماكينات اللنش أو معرفته له، وإذ كان ذلك، كان من المقرر أنه وإن كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص الواقعة من أدلتها وعناصرها المختلفة، إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاصها سائغا وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه قائماً في أوراق الدعوى. وكان الأصل أنه يتعين على المحكمة ألا تبنى حكمها إلا على الوقائع الثابتة في أوراق الدعوى، وليس لها أن تقيم قضاءها على أمور لا سند لها من التحقيقات، فان الحكم المطعون فيه إذ استند في قضائه المطعون فيه – ضمن ما استند اليه – في ادانة الطاعن الرابع – إلى إقرار المتهم….. بقيام الطاعن بإدارة ماكينات اللنش اثناء تفتيشه رغم مخالفة ذلك للثابت بالأوراق – على السياق المتقدم – يكون قد استند إلى ما لا أساس له في الأوراق، وهو ما يعيبه بما يبطله ولا يؤثر في ذلك ما أورده الحكم من ادلة اخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة والمحكمة تكون عقيدتها منها مجتمعة بحيث إذا سقط أحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذى كان لهذا الدليل، أو الوقوف على ما كانت تنتهى اليه لو أنها تفطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم. لما كان ما تقدم، فانه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنين والمحكوم عليهما…… و……. وذلك لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة. وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .