حكم نقض :احراز (سلاح) ناري مششخن وذخيرته بغير ترخيص واستعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين

رقم الحكم 13702
تاريخ الحكم 06/01/1992
اسم المحكمة محكمة النقض – مصر

المحكمة
حيث ان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه انه اذا دانه بجرائم احراز (سلاح) ناري مششخن وذخيرته بغير ترخيص واستعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق على الامتناع عن اداء عمل من اعمال وظيفتهم، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الاخلال بحق الدفاع والخطا في تطبيق القانون، ذلك ان المدافع عنه نفي وجوده بمسرح الحادث وانه بفرض ذلك فانه كان يجهل ان المجنى عليهم من رجال الشرطة،

الا ان الحكم اغفل هذا الدفاع ايرادا وردا ولم يستظهر على الطاعن بصفة المجنى عليهم وان استعماله القوة معهم كان لحملهم غير حق على الامتناع عن عمل من اعمال وظيفتهم. هذا الى ان اقوال الشهود من رجال الشرطة صريحة في ان تواجدهم بمكان الحادث كان اثناء المرور لتفقد حالة الامن ومع ذلك خلص الحكم الى ارتكاب الطاعن الجريمة لمنعهم من القبض عليه تنفيذا للحكم الصادر ضده في الجناية رقم…. مدينة نصر مما نفاده علمهم بشخصيته وهو ما قطعت الاوراق بعدم صحته، كما دانه باحداث العاهة استنادا الى تقرير طبي مبدئي صادر من مستشفى خاص لم يحدد نوع الطلقات التي احدثت الاصابة ومكان خروجها والى شهادة الطبيب المعالج بالتحقيقات حال انهما صدرا قبل ان تستقر حالة المجني عليه المصاب ورغم طلب الطبيب عرضه على القومسيون لتقدير نسبة العاهة، فضلا عن خطا الحكم اذا طبق الفقرة الرابعة من المادة 137 مكررا من قانون العقوبات التي تتطلب ان يكون الضرب او الجرح قد افضى الى الموت وهو ما لم يتحقق في واقعة الدعوى، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.

وحيث ان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى فيما مجمله انه اثناء مرور الملازم اول….. بمباحث قسم شرطة مدينة نصر وبرفقته قوة من امناء الشرطة من بينهما… و….. مستقلين السيارة رقم 16085 شرطة، لتفقده حالة الامن وضبط المحكوم عليهم الهاربين من احكام الجنايات من الاعراب شاهدوا سيارة جيب تقف على ربوة بالقرب من الطريق العمومي فتوجهوا اليها لاستجلاء شخصية مستقليها وعند اقترابهم منها راوا كوخين من الصاج يجلس على مقربة من احدهما ثلاثة اشخاص وبعض السيدات، فاتجهوا اليهم،

فاسرعوا جميعا بالفرار عدا الطاعن وكان ممسكا ببندقية الية اطلق منها الاعيرة النارية في اتجاههم، ولقرب امين الشرطة منه، فقد حاول الامساك به فاطلق الطاعن عليه عدة اعيرة نارية اصابته بالاصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة تصل نسبتها حوالي من 55 الى 60% واستطاع الطاعن بذلك منع القوة من ضبطه بالرغم من صدور الحكم عليه غيابيا في الجناية رقم…. مدينة نصر بالاشغال الشاقة لمدة خمس سنوات، وانه قد ثبت من تقرير المعمل الجنائي ان الاظرف الفارغة التي عثر عليها بمكان الحادث وعددها اربعة مطروقة الكبسولات وانها خاصة بالطلقات المستخدمة على الاسلحة عيار 7.62 × 29 مللي وسبق استخدامها في (سلاح) ناري مششخن الماسورة،

وقد اقر الخفير صاحب احد الكوخين ان الطاعن حضر اليه بسيارة وجيب وكان يحمل (سلاح)ا اليا اطبق منه اعيرة نارية على القوة سالفة الذكر، لما كان ذلك وكان الحكم قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها الى ما قصده الحكم فيها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها الى ما انتهت اليه اذ الادلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها متجمعة تتكون عقيدة المحكمة، وكان لا يلزم لصحة الحكم ان يكون الدليل التي تستند اليه المحكمة صريحا ومباشرا في الدلالة على ما تستخلصه منه، بل لها ان تركن في تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة دعوى واستظهار الحقائق القانونية المتصلة بها الى ما تستخلصه من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام استخلاصها سليما ولا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، وهو لا يخطئ الحكم في تقديره،

وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه ادلة تبريرا لقضائه، قد استظهر استظهارا سليما من ظروف الواقعة ان نية الطاعن قد انصرفت الى منع رجال الشرطة المجنى عليهم من اداء عمل من اعمال وظيفتهم هو ضبطه لتنفيذ الحكم الصادر ضده ف الجناية رقم…. مدينة نصر، بان اطلق النار عليهم فاصاب احدهم هو امين الشرطة….. بالاصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة، فان الحكم المطعون فيه يكون قد اثبت قيام الركن الادبي لجريمة استعمال القوة والعنف التي دان الطاعن بها، وكان عدم تحدث الحكم صراحة وعلى استقلال عن علم المتهم المجنى عليهم من رجال الشرطة والرد على دفاعه في هذا الشان، لا يعيبه ما دامت الوقائع كما اثبتها تفيد توافر هذا العلم،

وكان فيما اورده الحكم من ان المجنى عليهم كانوا يستقلون سيارة الشرطة رقم…… وانهم ترجلوا منها على مقربة من سيارة الطاعن وقررا من كانوا بصحبته فور مشاهدتهم اياهم واقرار الخفير… من ان الطاعن محكوم عليه بالاشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وانه قد حضر اليه وعه (سلاح)ا اليا وعند حضور رجال الشرطة اطلق منه اعيرة نارية عليهم وهو ما حداه الى الهرب، يوفر علم الطاعن بان المجني عليهم من رجال الشرطة، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع وتستخلصه من الوقائع والعناصر المطروحة عليها، فلا عليها ان هي لم تعرض لهذا الدفاع الموضوعي، ما دام انه من المقرر ان المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وتقصيها في كل جزئية منها للرد عليها ردا صريحا وانما يكفي ان يكون الرد مستفادا ضمنا من ادلة الثبوت التي عولت عليها في حكمها،

لما كان ذلك، وكانت وقائع هذه الدعوى كما اوردها الحكم لا تفيد علم المجنى عليهم بشخصية الطاعن فان ما يثيره الطاعن في هذا الشان يكون غير صحيح ولا يعدو في حقيقته ان يكون محاولة لتجريح ادلة الدعوى على وجه معين تاديبا من ذلك الى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان محكمة الموضوع بالدليل الصحيح وهو لا يقبل لدى محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان الحكم قد اثبت ان الطاعن وحده هو الذي اطلق الاعيرة النارية على امين الشرطة… واحدث به اصاباته وقد تخلف لديه عاهة مستديمة من جراء احداها وهي تهتك عظام الحوض اليمنى تقدر نسبتها بحوالي 55% الى 60 % اخذا بما جاء بتقرير المستشفى…….. الصادر من مديرها الدكتور……. ومن اقوال الطبيب……… التي اشار اليها الحكم واطمان اليها في حدود سلطته التقديرية وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية ف تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة اليها وما دامت قد اطمانت الى ما جاء فلا يجوز مجادلتها في ذلك ولا محل لما يثيره لطاعن من ان التقرير الطبي الذي عولت عليه المحكمة بالادانة صادر من مستشفى خاص،

ذلك ان هذا التقرير صادر هو الاخر من اهل الخبرة المختصين فنيا بابداء الراي فيما تصدت له فاثبته وليس ثمة ما يوجب ان يكون توقيع الكشف الطبي واثبات المصابين بموجب تقارير طبية من جهة معينة دون غيرها من الاطباء المتخصصين، وهذا فضلا عن ان الدفاع عن الطاعن لم يطلب من المحكمة ندب طبيب معين او جهة معينة لابداء الراي في الاصابة مما يضحى ما يثيره في هذا الشان غير سديد. هذا فضلا عما هو مقرر من ان لمحكمة الموضوع ان تاخذ بما تطمئن اليه من عناصر الاثبات ولو كان ذلك من محاضر جمع الاستدلالات ما دامت مطروحة للبحث امامها.

فانه لا على المحكمة ان هي اخذت بالتقرير الطبي الصادر من مستشفى خاص رغم تحديده نوع الطلقات التي احدثت الاصابة ومكان خروجها، وذلك بحسبانه من اوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة لها وعنصرا من عناصرها، وما دام انه كان مطروحا على بساط البحث وتناوله الدفاع بالتنفيذ والمناقشة، ومن ثم فان ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان وزن اقوال الشهود وتقديرها مرجعه الى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن اليه بغير معقب.

ومتى اخذت باقوال الشاهد فان ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الاخذ بها، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه لاقوال الطبيب، من ان اصابة امين الشرطة المجنى عليه قد تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة تقدر بحوالي 55% الى 60% وكان ما اورده في هذا الخصوص سائغا في العقل ومقبولا فيما الت اليه اصابة المجنى عليه المذكور، وهو لا ينازع الطاعن فيه او فيما نقله الحكم من اقوال هذا الطبيب واذ كان من المقرر ان القانون لم يحدد نسبة معينة للنقص الذي كفي وقوعه لتكوين العاهة المستديمة، بل ترك الامر في ذلك لتقدير قاضى الموضوع يبت فيه بما تبينه من حالة المصاب وما يستخلصه من تقرير الطبيب، كما انه من المقرر انه لا يؤثر في قيام العاهة كونها لم تقدر بنسبة مئوية، فان ما ينعاه الطاعن من ان شهادة الطبيب…….. كانت قبل ان تستقر حالة اصابة المجنى عليه واشتراطه ضرورة عرض المجنى عليه المصاب على القومسيون الطبي بعد شفائه لتقرير نسبة العاهة يكون في غير محله.

لما كان ذلك، وكان من المقرر ان الخطا في رقم مادة العقاب المنطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل بين واقعة الدعوى موضوع الادانة بيانا كافيا وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها، كما ان ذلك حسبه لتحقيق مراد الشارع في المادة 310 من قانون الاجراءات الجنائية من الاشارة الى نص القانون الذي حكم بموجبه ولو كانت مواد الاتهام التي بينها من صدره واسبابه قد شملت كذلك فقرة غير ما طبقه من مواد العقاب.

وكانت الواقعة على الصورة التي اعتنقها الحكم المطعون فيه تشكل بالاضافة الى جنايتي احراز ال(سلاح) الناري المششخن وذخيرته بغير ترخيص – جناية استعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق عن الامتناع عن اداء عمل من اعمال وظيفتهم والتي نشا عنها عاهة مستديمة باحد المجني عليهم المعاقب عليها بالمادة137 مكررا (ا) من قانون العقوبات بفقراتها الاولى والثانية والثالثة وكانت العقوبة التي انزلها الحكم تدخل في نطاق عقوبة هذه المادة بفقراتها الثلاث، فان خطا الحكم باضافة الفقرة الرابعة منالمادة 137 مكررا سالفة الذكر الى فقرات العقاب لا يعيبه، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد، وحسب محكمة النقض ان تصحح الخطا الذي وقع فيه الحكم المطعون فيه وذلك بحذف الفقرة الرابعة من المادة137 مكررا (ا) من قانون العقوبات عملا بالمادة 40 من قانون حالات واجراءات الطعن امام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه موضوعا.