دور القانون الدولي الإنساني واللجنة الدولية للصليب والهلال الأحمر في حماية الأسرى

اتفاقيات جنيف جوهر القانون الدولي الإنساني.
اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949 تحمي أسرى الحرب.
اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 تحمي الأشخاص المدنيين.

بموجب اتفاقيات جنيف تملك اللجنة الدولية للصليب والهلال الأحمر تفويضاً من المجتمع الدولي بزيارة أسرى الحرب والمحتجزين من المدنيين، للتأكد من أنهم يعاملون وفقاً للمعايير الدولية في احترام كرامتهم ومراعاة المبادئ الإنسانية الرئيسية في عدم انتهاك الحقوق الأساسية لهم، وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة.

إن الشخص الذي يعتبر أسير حربفي القانون الدولي الإنساني هو مقاتل وقع في قبضة العدو وهو فرد من أفراد القوات المسلحة لأحد الأطراف في نزاع دولي مسلح، أو هو فرد يتمتع بوضع قانوني مكافئ، ومنهم مراسلو الحرب، ومتعهدو التموين، وأفراد أطقم السفن التجارية، وأفراد أطقم الطائرات المدنية، والسكان المدنيون الذين تحميهم (المادة 4 من اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949).
أما في حالة الشك، فأي شخص يشارك في العمليات العدائية يفترض أنه أسير حرب، وهؤلاء تحميهم (المادة 45/1 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977)، ويظل هذا الشخص متمتعاً بوضع أسير الحرب مادام الشك ثائراً حول استحقاقه هذا الوضع، ومستفيداً من حماية الاتفاقية الثالثة، والبروتوكول الأول، حتى الوقت الذي تفصل في وضعه محكمة مختصة.

أما المحتجزين المدنيين، فهم المحرومون من حريتهم كتدبير وقائي لأسباب أمنية، هؤلاء تحميهم (اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي تنص على حماية المدنيين في زمن الحرب)، مثالهم: المواطنين العراقيين المقيمين في المملكة المتحدة وإيطاليا وفرنسا واللذين احتجزوا لأسباب أمنية.

والأشخاص المشتبه بهم أو المتهمون باقتراف أعمال عدائية ضد قسوة الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، والأشخاص الذين يحاكمون لقيامهم بهذه الأعمال، والسجناء بموجب القانون الجنائي إذا كانوا يقتسمون العنابر نفسها مع السجناء الآخرين الذين سبق ذكرهم. هؤلاء المعتقلون في سجون الاحتلال الإسرائيلي، أيضاً تحميهم أحكام الاتفاقية الرابعة لعام 1949.

وتقرّ اتفاقيات جنيف بحق اللجنة الدولية للصليب والهلال الأحمر في زيارة أسرى الحرب والمحتجزين من المدنيين في النزاعات المسلحة الدولية. حيث تسمح هذه الزيارات المنتظمة التي تقوم بها اللجنة الدولية، وتدعى (لجنة تقصي الحقائق) بمتابعة مصير السجناء، وتقديم التوصيات إلى السلطات المختصة حول إدخال تحسينات تراها ضرورية بالنسبة إلى ظروف الاحتجاز، وتصحب معها عادة أطباء يقومون بتقييم صحة الأسرى، وينظرون في كافة عواقب سوء المعاملة البدنية أو النفسية، فاللجنة الدولية ترفض استعمال التعذيب وغيره من أشكال المعاملة السيئة في جميع الأحوال، وتؤمن بأن احترام الحياة والكرامة الإنسانية يتعارض مع أي تبرير للمعاملة السيئة، فالتعذيب وسوء المعاملة إهانة وجريمة بشعة في حق الإنسانية.

إن اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1984 لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبات القاسية اللاإنسانية أو المُهينة قد دخلت حيز التنفيذ بتاريخ 26 حزيران 1987، لكن بالرغم من أن التعذيب محظور تماماً، إلا أنه مازال شائعاً في بعض البلدان وفي سجون عديدة، وأكبر مثال على ذلك، سجن أبو غريب الأمريكي.
أما بالنسبة لأماكن الاحتجاز، فاللجنة الدولية تقوم بتقييمها من الناحية الهندسية وخدمات المياه والصرف الصحي، حيث تكون السجون في العديد من المجتمعات منسية ومهملة فتتحول إلى أرض خصبة لتفشي الأمراض والأوبئة، نظراً لفقدان الماء النقي، والإمكانات المحدودة لاستعمال المراحيض، وسوء تصريف النفايات ومعالجتها، والافتقار إلى النظافة الصحية، واكتظاظ أماكن عيش السجناء، كل ذلك تقوم اللجنة الدولية بالبحث فيه وإيجاد الحلول له. وقد صدر حديثاً كتاباً هو ثمرة جهود المؤلف ومهندسي اللجنة الدولية، لمواجهة المشاكل الهندسية في السجون ومعالجتها والتصدي لها.

تهدف زيارات اللجنة الدولية (لجنة تقصي الحقائق) إلى ضمان احترام حياة وكرامة أسرى الحرب وغيرهم من المحتجزين، ومنع التعذيب والمعاملة السيئة، مما يعتبر انتهاكاً صارخاً للحقوق الأساسية ومبادئ الإنسانية الرئيسية. وينحصر دورها في الجانب الإنساني البحت، وتعتبر وسيطاً محايداً بين أطراف النزاع ويضم القانون الدولي الإنساني العديد من الأحكام المتصلة بوضع الأشخاص المحرومين من حريتهم.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت