الطبيعة القانونية للأنهار

الكاتب : أ.م.د. هالة صلاح ألحديثي
باحثة مشاركة في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية
كلية القانون / جامعة تكريت

تمهيد وتقسيم :
لقد صنف القانون الدولي العام الأنهار إلى نوعين ؛ النوع الأول يتمثل : بالأنهار الوطنية والنوع الثاني يتمثل : بالأنهار الدولية والتي تُعرف بأنها : (تلك الأنهار التي تمر أحواضها بين إقليم أكثر من دولة ، أو تلك التي تفصل بين إقليم دولتين) ، ويعد نهرا دجلة والفرات والنيل من الأنهار الدولية ؛ وتؤكد الدراسات بأن هذا المصدر يتسم بكونه من أكثر مصادر المياه عرضه للتلوث والاستنزاف نتيجة مروره بأراضي أكثر من دولة والتي تؤدي بالنتيجة إلى تغيير بنوعية وكمية المياه الداخلة لأي دولة من دول المجرى المائي ، والجدير بالإشارة في هذا السياق إن العراق يعد دولة مصب لنهر الفرات الذي ينبع من الأراضي التركية ،

وتشكل تركيا المصدر الرئيسي لتغذية النهر بالمياه من خلال روافدها إلى جانب مياه الأمطار والثلوج وهذا ما حدا بتركيا إلى التحكم في مجراه الأعلى ومنابعه حيث قامت بإنشاء العديد من السدود والخزانات والمشاريع المائية مما اثر سلباً على نوعية وكمية مياه نهر الفرات حيثُ قل منسوب مياه النهر وارتفعت مستويات التلوث وحصلت زيادة بدرجات حرارة مياهه وذلك بسبب المشاريع الكهرومائية التركية في الحقيقة لقد حاولت تركيا استغلال مياه نهر الفرات بشكل كبير جداً وفي العديد من المجالات حيث خططت لاستثمار مساحات واسعة من الأراضي الزراعية على نهر الفرات تقدر بحوالي 1,440,000 مليون وأربعمائة وأربعين إلف دونم ،

فضلا عن إنها تخطط لبيع المياه لدول الشرق الأوسط من خلال مشروع أنابيب السلام ، فتركيا لا تعترف بدولية النهرين ( دجلة والفرات ) وتعتبرهما حوضا واحدا وتراهما نهران تركيان وطنيان يخضعان للسيادة التركية ، وتطلق عليهما تسمية ( مياه ما وراء الحدود) ، في حين يعاني العراق اليوم من أزمة مائية كبيرة بسبب السياسات المائية التركية فضلاً عن مشكلة التغيير المناخي والتي نجم عنها ارتفاع كبير في درجات الحرارة وتراجع كبير أيضاً في كميات هطول الأمطار ، مما أدى إلى وجود عدد كبير من المناطق المعرضة للجاف وهذا ما أدى إلى دخول العراق إلى مرحلة يمكن وصفها بالمتأزمة الخطرة .

وعليه فإن مسألة تكييف الطبيعة القانونية للأنهار بصورة عامة ونهر الفرات بالتخصيص تعد ضرورية حيث تمكننا هذه الطبيعة من إعطاء الوصف القانوني السليم للأنهار لكي يتسنى لنا تحديد طبيعة حقوق العراق في مياه نهر الفرات ، وهذا ما يتطلب منا تقسيم هذا البحث وفق الخطة الآتية :

المطلب الأول : التعريف بالأنهار
المطلب الثاني : تكييف الطبيعة القانونية للأنهار
ثم سنعمل على ختم هذا البحث بخاتمة.

المطلب الأول
التعريف بالانهار

تمهيد وتقسيم
بما أن الحكم على الشيء يعد فرعاً عن تصوره ، لذا فإني سأعمل من خلال هذا المطلب على توضيح المقصود بالنهر بشكل عام ، ثم نتطرق إلى تصنيف القانون الدولي العام للأنهار ، وبما أن الفقه القانوني يعتمد في الدرجة الأساس على معايير خاصة تم اللإرتكان إليها من أجل توصيف الأنهار لذلك سنعمل على توضيح تلك المعايير، لكي نتمكن من إعطاء توصيف قانوني دقيق لنهر الفرات وذلك من خلال الفروع الآتية :-

الفرع الأول
تعريف مياه الأنهار
مما لاشك فيه إن رؤية المفاهيم تُعد مسألة في غاية الأهمية فهي الخطوة الأولى التي سنعمل من خلالها على تحديد بعض المصطلحات ذات العلاقة بموضوع البحث كمفهوم المياه والنهر وذلك وفق التقسيم الآتي :

أولا: مفهوم المياه
يعد الماء مركباً كيميائياً فريداً في نوعه حيث يتكون من أتحاد ذرتين من غاز الهيدروجين مع ذرة من غاز الاوكسجين وللماء خواص فيزيائية وكيميائية فريدة تجعله من أهم المصادر الطبيعية المنتشرة على سطح الار وباطنها وفي الغلاف الغازي ، وهو يوجد في ثلاث حالات فيزيائية – صلبة وسائلة وغازية عند درجات الحرارة والضغوط العادية للكرة الارضية.

وتأتي أهمية الماء للانسان بعد أوكسجين الهواء مباشرة ، ومع التقدم بكل أوجه الا أن القدرة على أيجاد الماء حيث نريد – مالم يكن موجودآ عن قرب ما زالت محدودة.

وعليه فإن الماء يُعد أحد المقومات الأساسية للحياة حيث لا يمكن العيش أو التطور من دون الماء ذلك لان التقدم والتطور الحضاري والتكنولوجي في أرجاء العالم المختلفة مقترن بإمكانية الحصول على الماء واستغلاله ؛ ومن أجل ذلك عرف بعض العلماء الحياة بأنها ” ظاهرة مائية”.

من ناحية أخرى يتسم الماء بكونه ( حق ) لكل إنسان ولهذا فقد ذهبت اغلب الدساتير الوطنية إلى تنظيم هذه الثروة وبيان أحكام ملكيتها واستغلالها وحمايتها من خطر التلوث والاستنزاف ، كما أن أهمية المياه تزداد مع زيادة عدد السكان ومتطلبات التقدم العلمي والتكنولوجي الذي فتح أفاقاً جديدة في مجالات استخدام مياه الأنهار في غير شؤون الصيد والزراعة والملاحة ؛ كما أصبح للمياه دور كبير في نطاق العلاقات الدولية المعاصرة ، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط التي يرى الباحثون أنها انتقلت من الحقبة النفطية إلى الحقبة المائية ! فقد أزاح الماء البترول وأضحى من يسيطر على المياه يستحوذ على حياة البشرية ويهدد وجودها كما انه سيؤدي دوراً في المستقبل القريب في توزيع خريطة القوى السياسية في منطقة الشرق الأوسط .

ثانياً : المفهوم العام للنهر
1. لغة
النَّهْرُ والنَّهَرُ من مجاري المياه ، والجمع أنْهار، ونَهَرَ الماءُ إذا جرى في الأرض وجعل لنفسه نَهَراً. ونَهَرَ النَّهْرَ يَنٍهَرُهُ نَهْراً: أَجراه . واسْتَنْهَرَ النَّهْرَ إذا أَخذ لمجراهُ موضعاً مكيناً ، وحفر البئر حتى نَهِرَ يَنْهَرُ أَي بلغ الماء ، وهي مشتقة من النَّهْرِ. وحفرت البئر حتى نَهِرْتُ فأَنا أَنْهَرُ أَي بلغت الماء. ونَهَر الماءُ إذا جرى في الأرض وجعل لنفسه نَهْراً.
وعليه فإن النهر يمثل وعاء الماء وقد وردت هذه الكلمة في عدة مواضع بالقرآن الكريم قوله تعالى( .. إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ ..) ، وقوله تعالى عن صاحب الجنتين ( ..وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا )، كما وردت عن ثواب المتقين في دار الآخرة ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ).

أما كلمة الأنهار – (جمع) – فقد وردت في القرآن الكريم في (47) موضعاً ، مقسمة في مجموعتين ، سبعة مرات في الدنيا ، وأربعين مرة في الحديث عن الآخرة وثواب المتقين.
2 . اصطلاحا
يقصد بالنهر بصورة عامة تلك ” الوحدة المائية التي تتكون من منابع النهر ومجاري المياه وما يتصل بها من بحيرات ، وما يسير به مجراه يكون حوضاً واحداً ينتهي في بحر أو بحيرة داخلية تسمى المصب ، ويدخل فيه مجاري المياه التي تسير تحت الأرض وتكون متصلة بالنهر ” أي المياه الجوفية .

الفرع الثاني
التصنيف القانوني الدولي للأنهار
قبل الولوج في صلب الموضوع لابد لنا من الإشارة إلى أن فكرة التميز بين النهر الوطني والنهر الدولي لم تكن معروفة أو متداولة قبل نشوء وظهور مفهوم السيادة ، لذلك لم تكن مياه نهر الفرات تشكل آية مشكلة تذكر قبل معاهدة لوزان لعام 1923 حيث كان العراق تحت الاحتلال العثماني وكان نهر الفرات من منبعه إلى مصبه تحت السيادة العثمانية .

كما وتجدر الإشارة إلى أن القانون الدولي العام صنف الأنهار إلى نوعين وذلك حسب مركزها القانوني ، ولاسيما أن لكل نوع من هذين النوعيين قواعد خاصة يخضع لها سواء من حيث الملكية أو الاستغلال أو الملاحة وهذا ما سنعمل على توضيحه في السطور القادمة .

النوع الأول : الأنهار الوطنية
تعرف الأنهار الوطنية بكونها تلك الأنهار التي ( لها مجرى مائي يقع من منبعه إلى مصبه في إقليم دولة واحدة كنهر بردى في سوريا ونهر البارد في لبنان ونهر السين في فرنسا ونهر التايمز في إنكلترا )( ).
ويخضع النهر الوطني لسيادة الدولة التي يجري في إقليمها وعليه فأنها وحدها لها حق تنظيم الاستفادة من مياهه( ) وفقا لما تقتضيه متطلبات التنمية الاقتصادية.

النوع الثاني : الأنهار الدولية
لقد برزت أولى الإشارات إلى مفهوم النهر الدولي في معاهدة باريس للسلام والتي عقدت بتأريخ 30/5/1814 حيث أوردت تعريف له على أساس أنه ذلك : ( النهر الذي يفصل أو يخترق أقاليم دولتين أو أكثر ).

ومن خلال التعريف السابق نجد أن المعاهدة مرتكزة على المعيار الجغرافي والسياسي على حد السواء إلا أن هذه الفكرة لم تستمر بل توالت بعد ذلك المحاولات الدولية لتحديد مفهوم النهر الدولي ، حيث عقد مؤتمر فيّنا عام 1815 والذي كان بمثابة حجر الأساس ولاسيما انه وضع الأحكام العامة القابلة للتطبيق على كل الأنهار الدولية حيث أجمعت الدول المشتركة فيه على ضرورة تنظيم الملاحة في الأنهار المشتركة بين أكثر من دولة وذلك عن طريق الاتفاق المشترك فيما بين الدول المتشاطئة كما أكد المؤتمر على حرية الملاحة فضلاً عن أن هذا المؤتمر تم من خلاله تحديد مبادئ إدارة مياه نهر الراين ما بين الدول المتشاطئة ،

واستمر الاهتمام الدولي بقضية المياه المشتركة ، وفي القرن العشرين بدء الاهتمام يتجه صوب التركيز على معايير أخرى غير الجغرافية والسياسية بل أضحى المعيار الاقتصادي للنهر يحتل مركز الصدارة بالاهتمام ، وهذا ما يمكن الاستدلال عليه من خلال بيان أستوكهولم لعام 1961، وتوصيات سالزبورغ لعام 1961، وقواعد هلسنكي لعام 1966، وإعلان ريودي جانيرو لعام 1992، وتقرير لجنة القانون الدولي لعام 1994 وصولاً إلى اتفاقية استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية الصادرة عن الأمم المتحدة لعام 1997 والتي ورد فيها تحديد لمفهوم المجرى المائي وذلك من خلال الفقرة (أ) من المادة (2) حيث نصت على أن المجرى المائي عبارة عن : (شبكة من المياه السطحية والجوفية التي تشكل بحكم علاقتها الطبيعية ببعضها البعض كلاً واحداً وتتدفق عادة صوب نقطة وصول مشتركة).

وقد حددت نفس المادة بالفقرة (ب) مفهوم المجرى المائي الدولي والمراد به ” أي مجرى مائي تقع أجزاءه في دول مختلفة “.

أما مفهوم دولة المجرى المائي فان المراد بها ” الدولة التي يوجد في إقليمها جزء من مجرى مائي دولي أو مستودع للمياه الجوفية عابرة الحدود”.
من خلال ما تقدم نرى إن هذا التعريف قد استوعب المياه السطحية والجوفية على حد السواء ، حيث أنها قد أدخلت الأخيرة – (المياه الجوفية) – في مفهوم المياه الدولية وذلك لكي ينسجم مع التطورات العلمية التي تؤكد وجود صلة ما بين المياه السطحية والجوفية ، فضلاً عن أن هنالك مكامن مياه جوفية دولية مشتركة بين أكثر من دولة .

وتأسيسا لما سبق فإن نهر الفرات يُعد نهراً دولياً حيث تشترك به كل من تركيا وسوريا والعراق والسعودية وفقاً لقواعد القانون الدولي والتي توجب تقاسم مياهه ما بين الدول المشتركة وذلك طبقاً لقواعد القانون الدولي ، إلا أن هذه الحقيقة لا تعترف بها تركيا حيث أنها تجد في نهري دجلة والفرات حوضا واحداً وتعتبرهما نهران وطنيان وتطلق على مياههما (مياه ما وراء الحدود ) ، وهذا ما لا يمكن للعراق الموافقة عليه حيث أن هذه الفكرة تعمل وبشكل كبير على إهدار حقوق العراق المائية كما أنها تعمل على إقرار حقوق لدول أخرى بمياه النهرين .

الفرع الثالث
التعريف بنهر الفرات
يُعد نهر الفرات احد الموارد الطبيعية المهمة في العراق وبهذا فقد كان العراق يعد من البلدان الغنية بالمياه الداخلية مقارنة بالبلدان المجاورة.

وعليه سنعمل من خلال هذا الفرع على تحديد مفهوم نهر الفرات من حيث المدلول اللغوي لهذه الكلمة فضلاً عن المفاهيم العامة لهذه الكلمة . ومن ثم نتناول بعدها التأصيل التاريخي لحقوق أبناء الرافدين بمياه نهر الفرات ، وسيتم ذلك من خلال المقاصد الآتية :-

المقصد الأول
أولا : مفهوم الفرات لغة
فرت : الفُراتُ : أشدُّ الماء عُذوبةً . وفي التنزيل العزيز : (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)( ) وقوله تعالى(وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا)( ) ، وقد فَرُتَ الماءُ يَفُرُتُ فُروتةً إِذا عَذُبَ ، فهو فُراتُ : كالواحد : وهو أسم نهر معروف بالكوفة.

ثانياً : مفاهيم عامة عن نهر الفرات
لقد ورد ذكر الفرات في القرآن الكريم في عدة مواضع وكلها تدل على العذوبة والنقاء قوله تعالى (مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملحُ أُجاج وجعل بينهما برزخاً وحجراً محجوراً).

كما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حينما عرج إلى السماء الدنيا وجد عليه الصلاة والسلام نهرين عظيمين مُطرَّدين ماء فقال (صلى الله عليه وسلم) لجبريل عليه السلام (ما هذان النهران يا أخي جبريل ، قال هذان النيل والفرات عنصرهما أي أصلهما من الجنة ) (رواه مسلم ).

كما ورد ذكر نهر الفرات في الكتاب المقدس (القديم والجديد) لما له من دور حيوي في حياة سكان بلاد ما بين النهرين فجاء في سفر التكوين(14:2)( نهر يخرج من عدن فيسقي الجنة ومن ثم يتشعب فيصير أربعة رؤوس اسم احدها فيشون واسم الثاني جيجون وهو المحيط بأرض الحبشة كلها والنهر الثالث حد اقل وهو الجاري في شرق أشور والنهر الرابع هو الفرات).

أما الصابئة المندائيين فإنهم من اشد الديانات تقديساً لنهر الفرات حيث يتم التعميد في مياهه لكي يتسنى للشخص الدخول في الديانة المندائية ، فقد جاء في نص من كنزا ربا(صغيراً أنا بين الملائكة الأثريين طفلاً أنا بين النورانيين ولكني أصبحت عظيماً لأني شربت من ثغر الفرات).

كما وتجدر الإشارة إلى أن الباحثين اختلفوا حول أصل تسمية هذا المورد المائي ، فمنهم من رأى أن الاسم أطلق نسبة إلى الفراتين الأوائل وهم قوم نزحوا من شبه الجزيرة العربية وسكنوا ضفاف النهر وأنشئوا حضارة ترتكن على الانتفاع من مياه هذا النهر الذي بفضله نشأت أولى الحضارات .

في حين ينسب آخرون التسمية – ( الفرات )- إلى لغات الحضارات القديمة التي عاشت في هذه البقعة حيث أطلق السومريين عليه أسم (بورا نونو) والآشوريين ( بورانم ) أي السيل العظيم ، وفي اللغة الآرامية (فروت) ومعناها النمو والخصب ولاسيما أن نهر الفرات حينما يمر بين التلال والوديان تنتشر الخضرة وتحيى الحياة في ربوعه ، أما العرب فقد أطلقوا على هذا المجرى المائي أسم الفرات نظراً لعذوبة ونقاء هذا المورد المائي ، وعليه فإن تسميته بهذا الاسم قد تمت من قبل سكان ما بين النهرين!

ويعد نهر الفرات واحداً من أهم الأنهار في العالم نظراً لما يتسم به من أهمية تاريخيه حيث تشير الدراسات التاريخية إلى إن أول موطئ قدم للإنسان في التأريخ كان على ضفاف هذا النهر، الذي ينبع من الأجزاء الشمالية الشرقية من الأراضي التركية من منطقة يزيد ارتفاعها على 3000م فوق سطح البحر ويتألف النهر في منابعه العليا من فرعين رئيسين هما فرات صو ومراد صو اللذان يكونان المجرى الرئيس لنهر الفرات ، وهذا ما حدا بتركيا إلى التحكم في مجراه الأعلى ومنابعه ؛ ويبلغ طول النهر من منبعه إلى مصبه أكثر من 2700 كيلو متر منها 420 كيلو متر بتركيا ، 680 كيلومتر في سوريا ، 1200 كيلو متر بالعراق ، أما مساحة حوضه فتبلغ حوالي (444000) كم2 40% منها في الأراضي العراقية ، لذلك فإن نسبة كبيرة من أبناء هذا البلد والذي يطلق عليهم الفراتين يمثل نهر الفرات الشريان الحيوي لحياتهم وبقائهم ، فلو نظرنا إلى الإحصائيات السكانية لوجدنا أن (9128403) نسمة في العراق يعتمدون على مياه نهر الفرات من حيث استخدامه في حياتهم اليومية المعيشية وفي الزراعة والصيد وتربية الحيوانات …. الأمر الذي جعل لهم (حقوق ثابتة أصلية ) في مياه نهر الفرات .

كما ويتسم نهر الفرات بكونه نهر فيضاني غير منتظم الجريان ، ويتدفق حوالي نصف وارده السنوي خلال فصلي (إبريل – نيسان ، مايو – أيار ) حاملاً معه كميات كبيرة من الطمي تبلغ تقريباً 100مليون طن، ويتغذى هذا النهر في تركيا من مياه الأمطار والثلوج ، أما فيما يتعلق بمعدله السنوي الذي يمكن الارتكان إليه لتحديد حجم الجريان الطبيعي لنهر الفرات فإنه من غير الممكن تحديد ذلك ولاسيما أن تركيا ومنذُ بداية سبعينات القرن العشرين قامت بإنشاء سلسلة من السدود والمنشآت المائية والتي تتسم طاقتها التخزينية بكونها تفوق الطاقة الطبيعية لمياه نهر الفرات بما يزيد عن ثلاث مرات ، كما أن مجموع المياه المخزونة بمشروع الكاب وحده تبلغ حوالي (90) مليار م3 أي ثلاث أضعاف الوارد المائي للنهر،

وهذا ما يتعارض مع النظام القانوني الذي يحكم الاستخدام المشترك للأنهار الدولية والذي يفرض ان يكون استخدام المياه بصورة عادلة ومنصفة غير ضارة بالغير؛ وعليه فإن تركيا تعتدي على حقوق الدول المتشاطئة معها دون اكتراث لحقوقهم الثابتة حيث ترى تركيا “إن كلا من العراق وسوريا يتمسكان بمفهوم ( الحقوق المكتسبة ) لكليهما في مياه نهر الفرات في حين ترى تركيا ان مفهوم “الحقوق المكتسبة” الذي تتمسك به الدولتان ما هو إلا ادعاء واهن يستخدم لحمل تركيا على تصريف كمية أكبر من المياه ولحملها أيضاً على تقبل مثل هذا الأسلوب الضيق في التفكير، كما أنها تجد ان هذا المبدأ والمتمثل بـ( الحقوق المكتسبة ) غير معترف به دولياً”.

مما لاشك فيه ان للعراق حق في مياه نهر الفرات ، إلا أن هذا الحق ليس حقاً مكتسباً بل هو حق أصلي تتوفر فيه كل مقومات الحقوق الأصلية التي يتوجب ان تحوي على كل صور الحماية القانونية ، وهذا ما يقودنا إلى القول : إننا نتفق مع الجانب التركي بتوصيفها للحقوق المكتسبة ولاسيما ان هذا النوع من الحقوق لديه قصور في الحماية القانونية وهذا مالم نجده في حق العراق الأصلي في مياه نهر الفرات.

كما لا يفوتنا أن ننوه إلى حقيقة هامة مفادها ؛ أن العديد من الدول المتشاطئة على نهر الفرات اعتبرت أن السيطرة على المياه يمثل عنصر هام من عناصر الأمن القومي ! لذلك تعمل تركيا جاهدة على الاستحواذ على أكبر كمية من المياه دون مراعاة الدول المتشاطئة الأخرى ، حيث أن هذه الفكرة لم تكن وليدة الساعة بل سبقتها العديد من الدراسات فالمهندس وليم وليكوكس أعطى دراسة كاملة للدولة العثمانية عن نهر الفرات وأهميته للمناطق المتشاطئة وذلك في أواخر القرن التاسع عشر كما أن بريطانيا حينما احتلت العراق وفق معاهدة سايكس بيكو أعطت لهذا الموضوع أهمية ضمن خططها الإستراتيجية في العراق وأخذت بعين الاعتبار أهمية دراسات وليم وليكوكس .

المقصد الثاني
التأصيل التاريخي لحقوق أبناء الرافدين بمياه نهر الفرات
أولت التجربة الإنسانية في وادي الرافدين أهمية كبيرة لموضوع المياه وذلك لإدراكهم لأهميتها البالغة وقد ورد في النصوص المسمارية ما يدل على أن مياه نهر الفرات بالذات كانت تعد من العناصر الأساسية عند العراقيين القدماء فهي مصدر الحياة ومنبع الخير والبركة لذلك فقد خصوها بنوع من التقديس والتعظيم واعتبروها من جملة الآلهة المشتقة من القوى الطبيعية. وقد أحتل اله المياه المعروف باسم أنكي (ENKI) اله المحيط العذب عند السومريين ، مرتبة متقدمة بالنسبة إلى الآلهة الأخرى نظراً إلى مكانته السامية إذ كان من ضمن الآلهة المهمة التي قامت بخلق كل شيء في هذا العالم فضلاً عن أن هذا اله كانت بحوزته النواميس الإلهية وتبعاً لذلك كانت الإلهة الأخرى تستشيره في المواقف الصعبة وتطلب منه المساعدة.

فضلاً عن ان بعض التراتيل الدينية كانت تتضمن وصفاً للنهرين التوأمين دجلة والفرات هذا إلى جانب ان الأدعية والأمنيات كانت توجه إلى إلهة النهر العظيم لتحقيقها فهو مصدر الخير والبركة ولم تقتصر أهمية مياه الفرات على ما ذكر بل إن لها أهمية أخرى عند العراقيين القدماء تمثلت بالاعتقاد السائد إنها القاضي الحاكم بين الناس وهذا ما تؤكده نصوص المواد القانونية الواردة في التشريعات العراقية القديمة فضلاً عن ان هذه التشريعات احتوت على مواد قانونية أخرى كثيرة تتعلق بتنظيم الملاحة النهرية ، نظراً إلى أهميتها فقد أدرك العراقيون القدماء ان بيئتهم الطبيعية قد منحتهم طرق مواصلات طبيعية تمثلت بالنهرين العظيمين وروافدهما ، وقد أسهمت هذه الملاحة إلى درجة في تحقيق التطور والازدهار الحضاري وديمومته في بلادهم .

والحقيقة التي يجب ذكرها هنا ان هنالك معانقة أبدية بين أبناء الرافدين وبين مياه النهرين وهيا مستمرة عبر آلاف السنين ، حيث ان النهريين يشكلان أهم التضاريس الطبيعية لتلك المنطقة التي شهدت موطن أولى الحضارات وهي بحق( القلب الحقيقي للحضارة ) كما ان هذه الأرض اقترن اسمها بالنهريين فسميت بلاد ما بين النهرين (ميزوبوتاميا).

ولكن ما يلاحظ عند سكان الرافدين أنهم خصوا نهر الفرات بنوع من التقديس والتعظيم أكثر من غيره ! ويعود السبب في ذلك إلى دوره الكبير الحيوي في حياتهم فهو النهر العظيم حسب اعتقادهم نهر المعابد المقدسة التي حفرته الآلهة لتنعم البلاد بنعمة مياهه فهو مصدر الرخاء والحياة لذلك تركزت على ضفافه المدنية ومراكز النشاط الحضاري القديم .

فضلاً عن ان لمياهه أهمية صحية في معالجة المرضى وتطهير الادراق كما كانت هنالك جملة عوامل أخرى دفعت إلى هذا التفضيل كطبيعة الأرض الزراعية الموازية أو المحيطة بالمجرى وتكون على ذات المستوى وتتسم بالخصوبة بحيث أضحت صالحة للزراعة على مر العصور.

اخضع السومريون نهر الفرات لسيطرتهم وسخروه لأغراضهم الزراعية من خلال بناء السدود وشق الجداول والقنوات ، وقد حدثنا التاريخ عن ولادة أول شريعة قانونية عرفها الإنسان سميت بشريعة (أور نمو) والتي اهتمت بحماية الأراضي الزراعية الواقعة على ضفاف نهر الفرات من الغرق.

كما أن مياه نهر الفرات كانت أساساً لحياة الشخص الاعتيادي ، نظراً لكونها مرتبطة بمعتقداتهم الدينية ، ومن المعتقدات المرتبطة بالديانة أجراء بعض الطقوس الدينية التي يكون الماء جزءاً رئيساً فيها حيث يستوجب على المرء للقيام بطقوسه الدينية ان يكون متطهراً وذلك من خلال استحمامه حيث تزيل مياه نهر الفرات كل الخطايا فضلاً عن ذلك فان الحاجة إلى الاغتسال للمحافظة على الصحة و الراحة الشخصية .

لذا كانت النظافة بالنسبة للبابليين تعد من مظاهر الورع ، وعليه فأن المياه مثلت الوسيلة الفضلى التي تبعدهم عن النجاسة والدنس والتي هي عنصر من عناصر الخطيئة لديهم وهذا ما توضحه شعائرهم الدينية التي ترتبط طقوسها بمياه الفرات ولاسيما ان هذه المياه مقدسة لديهم ، لذا تزخر النصوص القديمة بقصص مخصصة بتقديس تلك المياه والمعروفة (بأدب المياه) والتي في الواقع تشغل حيزاً كبيراً بين أدبيات بلاد الرافدين شأنها في ذلك شأن جميع الأمم القديمة التي سكنت أحواض الأنهار وأقامت على ضفافها أعظم الحضارات القديمة، كما أن أبناء الفرات يتغنون بقصائدهم وأغانيهم بوصف مياه نهر الفرات .

وهكذا يتبين لنا إن العراقيين القدماء كانوا مهتمين بمياه نهر الفرات من خلال ربطها بمعتقداتهم الدينية إذ ان مياهه شكلت عصب الحياة النابض وركيزة للبناء الحضاري واساس الاستقرار والنماء وتبعاً لذلك وجبت عليهم العناية بالبيئة المائية لنهر الفرات وعدم التجاوز عليها لان ذلك حسب معتقداتهم كان يعد اعتداء على آلهتهم كما أن الرابطة امتدت بين أبناء الرافدين ونهر الفرات إلى قيام أبناء الرافدين بإطلاق اسم الفرات على أبنائهم.

لقد نال أبناء الرافدين ثمرة هذا الاهتمام فقد أضحت بلادهم محط أنظار الأقوام المجاورة والبعيدة عبر الحقب الزمنية نظراً إلى وفرة مياهها وخصب أراضيها لذا أستوطن الإنسان في هذه المنطقة منذ بواكير الحياة على هذه الأرض لذلك اعتبرت مهداً للجنس البشري فضلاً عن كون أرض الرافدين تعد أول وأشهر أرض زراعية في التاريخ ، حتى أنها كانت تسمى بأرض السواد بسبب كثافة الغطاء النباتي الذي يكسب سطحها والغابات والبساتين والحقول بلونها الأخضر الداكن وذلك بفضل استغلال أبنائها الجيد لمواردهم المائية مما جعل بلادهم غنية إلى درجة حملت الاسكندر الكبير على التفكير في جعل مدينة بابل – ( التي تقع على ضفاف الفرات ) – عاصمة العالم. والحقيقة التي يجب ذكرها هنا أن هنالك معانقة أبدية بين أبناء الرافدين وبين مياه نهر الفرات تلك المعانقة المستمرة وعبر آلاف السنين .

والمهم ولا عجب أن يستفيد أبناء الرافدين من مياه نهر الفرات إلى درجة كبيرة ويسخرونها لتطوير حياتهم من خلال إحياء أرضهم وبذلك فقد اكتسبوا ( حقاً تأريخاً ) موغلاً بالقدم لا يجوز المساس به ! إلا وهو الحق التاريخي باستعمال واستغلال مياه نهر الفرات فضلاً عن أنهم ( اكتسبوا السبق التاريخي ) دون غيرهم من أبناء الدول المتشاطئة على نهر الفرات ، ولاسيما إذا تم الارتكان إلى معيار أفضلية الاستحقاق في الثروات المباحة إذ من سبق إلى شيء منها فهو أحقُ به.

المطلب الثاني
تكييف الطبيعة القانونية للانهار
في الواقع ان مسألة تحديد الطبيعة القانونية للإنهار بصورة عامة ونهر الفرات بالتخصيص تعد ضرورية حيث تمكننا هذه الطبيعة من اعطاء الوصف القانوني السليم لحقوق العراق بمياه نهر الفرات ، وهذا ما يتطلب منا توضيح مفهوم المنقول والعقار فهل ياترى تعد الانهار من المنقولات ام من العقارات ؟
وللإجابة عن هذا التساؤل لابد لنا من تحديد مفهوم هذان المصطلحان وفق القانون المدني العراقي .
المنقـول: هو كل شئ يمكن نقله وتحويله دون تلف .
أما العقار: فيراد به كل شيء له مستقر ثابت بحيث لا يمكن نقله أو تحويله دون
تلف.
لقد اختلف الفقهاء في تكييف الطبيعة القانونية للماء وذلك لان التحاليل العلمية لطبيعة الماء تثبت بأن له سمات وخصائص ومميزات عديدة متناقضة ، كما أن هذا الاختلاف امتد إلى مياه الأنهار كوحدة قانونية واحدة وهذا ما سيتم توضيحه من خلال الآراء التي قيلت بهذا الصدد:

فالرأي الاول يرى ان مياه الانهار تتسم بكونها جسماً متحركاً غير ثابت منذ خروجه من المنبع حتى وصوله الى المصب ، ومن الصعوبة ايقاف مقاومة اندفاعه لمدة طويلة حتى من خلال العقبات الضخمة كالسدود فهي تمتلك طاقة استيعابية محددة ؛ لهذا فقد أُضفى عليه سمة ( منقول غير قابل للتملك ).

اما الرأي الثاني فقد ارتكن الى فكرة اخرى تتمثل بإعتبار مياه الانهار عبارة عن عنصر يتجدد بأستمرار وهذا ما يمنح وجوده طابعاً من الديمومة والاستمرارية بفضل ظاهرة تدفق الماء المستمرة من منابعه ولهذا فهو شيء له مستقر ، وعليه فإنه يرى أن هذه الصفات تجعله يشترك في سمات العقارات الثابتة غير المنقولة ولاسيما انه مندمج مع الارض التي يجري فوقها وبغيابه ستصاب الارض بالعقم وتصبح جدباء ولاسيما أنه يعد عنصر الملكية الاساسي.

وانطلاقاً من الفرضيات السابقة فإننا نجد أنفسنا نطرح الفكرة الآتية :
أ‌. لو فرضنا أن مياه الأنهار تُعد من المنقولات وذلك من خلال إمكانية نقل وتحويل مياه النهر من مكان إلى آخر بواسطة خزانات أو مد سواقي مخصصة لهذا الغرض على وفق درجات حرارة معينة من دون أن تتعرض الكمية المنقولة لأي نقص من تبخير أو غيره من الحالات ؛ فإن ذلك لا يمكن أن ينطبق دوما إلا بظروف خاصة جداً ، وهذا ما يقودنا إلى القول : إن مياه الأنهار لا تعد من المنقولات وفق المفهوم المنصوص عليه في القانون المدني العراقي .

ب‌. أما إذا اعتبرنا أن المياه تعد من العقارات ، فإننا نجد أنفسنا ننساق نحو تحديد المفهوم القانوني للعقار وكما ذكرنا في أعلاه هو : كل شيء له مستقر ثابت ، ونحن نعلم أن المياه ليس لها أي مستقر ثابت إذ أنها تبدأ بمنبع وتنتهي بمصب وتمر بدول وداخل الدولة الواحدة تمر بأكثر من منطقة ، بجبال وأودية وسهول وتختلف سرعة جريان المياه حسب قربها من المنبع وطبيعة الأرض التي تمر بها- ( مستوية ، منحدرة ، متعرجة ) – وهي بهذا ستعمل على أحداث تغيرات جيولوجية بالأرض وذلك بمرور الزمن ، ونظراً لتعدد استخدامات مياه الأنهار فأنه من غير الممكن أن نجزم بأن الأنهار تعد من العقارات وفق مضمون المادة ( 62 ) من القانون المدني العراقي النافذ.

من ناحية ثانية لو فرضنا إمكانية تغيير مجرى النهر فيا تُرى ما هي النتائج المترتبة على ذلك ؟ مما لاشك فيه إن هذه الفرضية ممكنة الوقوع إلا أن النتائج المترتبة عليها ستتمثل بحدوث تغيير جذري بطبيعة ارض المجرى فضلاً عن قتل كل الكائنات الحية الموجودة فيها ، ولاسيما إن النهر وارض المجرى يشكلان بحكم علاقتهما الطبيعية بعضهما بالبعض كلاً واحدا ، وعليه فإن مثل هذا العمل يشكل اعتداء على حق تلك الكائنات في الوجود، وروي عن الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) انه قال (لا يُمنَعْ فَضْلُ الماءِ ليمنَع بهِ الكَلأَ).

من ناحية أخرى يثير هذا الموضوع عدة تساؤلات مفاده ، هل ممكن إن تكون الأنهار محل لحق الملكية ؟ وهل يا ترىٌ تعد الأنهار من الأشياء الخارجة عن التعامل وذلك بسبب طبيعتها أم ماذا ؟

في الواقع أجاب المشرع المدني العراقي في المادة (61 ) عن معيار قابلية الشيء للتملك حيث نص على أن :” 1- كل شيء لا يخرج عن التعامل بطبيعته أو بحكم القانون يصح أن يكون محلاً للحقوق المالية . 2 – والأشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتها هي التي لا يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتها والأشياء التي تخرج عن التعامل بحكم القانون هي التي لا يجيز القانون أن تكون محلاً للحقوق المالية ” .

يتضح من النص أعلاه جملة أمور مفادها :
أن هنالك نوعين من الأشياء ،النوع الأول أشياء يجوز التعامل بها مثل العقارات والسيارات والبساتين وغير ذلك ، وبهذا يصح أن تكون هذه الأشياء محلاً للحقوق المالية ، أي يمكن بيعها وإيجارها أو هبتها وغير ذلك من الحقوق المالية .

أما النوع الثاني فهي أشياء لا يجوز التعامل بها أي هي أشياء لا تقبل التملك ، أما بسبب طبيعتها الخاصة حيث لا يستطيع أي إنسان أن يستأثر بحيازتها بشكل مطلق بل هي ذات منفعة عامة للجميع ، وتجدر الإشارة إلى أن البعض من الفقهاء أطلق على هذه الأشياء تسمية تراث مشترك للإنسانية  كأشعة الشمس والهواء في الجو وأعالي البحار .

ولكن بالرغم من ذلك فأنه يلاحظ أن هنالك استثناء لهذه الأشياء فقد تكون قابلة للتعامل بها متى ما أمكن الاستئثار– ( الحيازة والإحراز )- بمقدار معين منها كالهواء المضغوط في الاسطوانات الذي يستخدمه الغواصون أو مياه الشرب التي تباع في القناني أو العبوات المعقمة أو قد تتخذ المياه حالة صلبة مثل الثلج وغير ذلك من الصور . وعليه فأنها تكون محلاً للحقوق المالية أي يمكن بيعها وذلك بسبب تحقق الملكية بالحيازة والإحراز وما دام البيع يعد حقاً من حقوق الملكية فمتى ما ثبت الأصل ثبت ما يتفرع عنه.

أما النوع الثاني من الأشياء الخارجة عن التعامل بحكم القانون وذلك بسبب ورود نص خاص يمنع التعامل بها كأموال الدولة والآثار القديمة مثلاً.

في الواقع تعد مياه الأنهار عنصراً هاماً من عناصر الثروة الوطنية وهي بذلك ستخضع لمبدأ سيادة الدولة على أراضيها ومياهها الإقليمية ؛ على أن يتفق هذا مع الحق المماثل لكل دولة متشاطئة مشتركة معها .
من ناحية أخرى يمكن أن يوصف نهر الفرات بكونه عنصر مخصص لمنفعة عامة وعليه يمكن القول : إن المـوارد المائية تعد من الأموال العامة التي لا يمكن أن تكون محلاً للحقوق المالية بالنسبة للمواطـنين ، وهذا ما أشارت إليه الفقرة (2) من المادة (71) من القانون المدني العراقي حيث نصت على أن ” هـذه الأموال لا يجوز التـصرف فيها أو الحجر عليها أو تملكها بالتقادم “.

وعليه فأننا نعتقد أن الأنهار عبارة عن عنصر متحرك من عناصر الإقليم الطبيعية وان حركتها مستمرة – ( ديناميكية ) – وعليه يمكن أن توصف على أنها ” عقار ذو طبيعة خاصة غير قابل للتملك” بعبارة أخرى اكتسب هذا الشيء الخصوصية نتيجة الخصائص التي منحها الباري (عز وجل) له ، فهو مادة كونية مخلوقة من قبل الباري عز وجل (وأنزلنا من السماء ماءً بقدر فأسكناه في الأرض ) ، غير قابل للتملك لكونه مال الله ، وأن الإنسان خليفته في الأرض استخلفه لاستخدام الماء وليس لتملكه ، ويمكن الاستدلال بكتاب الله تعالى :  قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِلَّهِ) وقوله تعالى : هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم.

كما أن الماء ذي خصائص ذاتية كاملة النفع فلا يحتاج كغيره من الموارد الطبيعية إلى تدخل العمل البشري لتحويره كي يتغير ويعد جاهزاً للانتفاع ، فهو في الحقيقة (سلعة حرة مخلوقة بخصائص النفع الكاملة ، لا يمكن الاستغناء عنها ) ، وعليه يجب إن يكون مباحاً للجميع وهذا ما نصت عليه المادة (1234) من مجلة الأحكام العدلية (الماءُ والكلأُ والنار مباحة والناس في هذه الأشياء الثلاثة شركاءُ) ، أما المادة (1237) من مجلة الأحكام العدلية فقد نصت على ما يلي :(البحر والبرك الكبيرة مباحة) وعليه فقد تم تعزيز فكرة الأشياء المباحة ، وهذا ما يقودنا إلى القول : أن مياه نهر الفرات يتوجب اعتبارها ( إرثاً طبيعياً مشتركاً ما بين الدول المتشاطئة ) فهو غير مملوك لأقوام مخصوصين ، بل هو إرثا مشتركاً أي أن الشركة في هذه الحالة ستكون ( شركة إباحة لا شركة ملك )

.
فضلاً عما تم ذكره فإن المياه تتسم بمعايير خاصة أخرى أضفت عليها أحكام قانونية معينة منها :
1. أنها مما لم يبذل من أجل استحداثها وإيجاد مجراها أو نقطة تفجرها عمل بشري منظم بل هي مصدر طبيعي مثلها مثل باقي الثروات الطبيعية الأخرى المباحة .
2. تتسم أرض منابعه ، أو مجراه بكونها أرضاً غير مملوكة ملكية تامة( ) فهي من الثروات الطبيعية .

مما لاشك فيه إن عبارة ( أرضاً غير مملوكة ملكية تامة ) قد تثير نوعاً من الالتباس والغموض ولا سيما لو تم وضعها موضع التطبيق ، فهي تتناقض مع مفهوم سيادة الدولة على أراضيها وهذا ما تتمسك به تركيا إزاء مياه نهر الفرات ، ولكي نتمكن من دحض هذه الفكرة لابد لنا من البحث عن تقسيمات مصادر المياه وفق مجلة الأحكام العدلية !

في الحقيقة إن مجلة الأحكام العدلية اتخذت التقسيم الثنائي لمصادر مياه الأنهار والمتمثل بـــــــــ :- أ. المياه المكشوفة ب. المياه الجوفية ، إلا أنها لم ترتب عليها الأحكام بل اختارت ترتيب الأحكام وفق التقسيم الرباعي وهو نفس النهج الذي اختاره اغلب فقهاء الحنفية والمتمثل بــــــــ:- (أ. ماء البحار ب. مياه الأودية العظام كدجلة والفرات ج. وهو ما انفردوا به : وهو النهر الداخل في المقاسم – أي جزء من النهر مما يقع داخل إقليم جغرافي (مدينة أو إقليم) د. الماء المحرز في الأواني.

كما وتجدر الإشارة إلى أن قسمة علماء الحنفية استقرت على مناط الملكية وعدمها ، فقد يكون مملوكاً ملكاً تاماً ( كالمحرز) أو قد يكون مملوكاً لأشخاص مخصوصين أو قد يكون مباحاً أو طبيعي لا ملك لأحد في مائها أو في رقبتها كما ليس لأحد فيها حق خاص ومثّلوا له بالبحار والأودية العظام كنهر الفرات.

أما نطاق حق الملكية في ظل القانون المدني العراقي رقم 40لسنة 1951فقد تم تحديده من خلال المادة (1048) مدني عراقي والتي تنص على ما يلي : ( الملك التام من شأنه أن يتصرف به المالك ، تصرفاً مطلقاً فيما يملكه ، عيناً ومنفعة واستغلالاً ، فينتفع بالعين المملوكة بغلتها وثمارها ونتاجها ويتصرف في عينها بجميع التصرفات الجائرة ).

أما المادة (1049) مدني عراقي فقد نصت على ما يلي : (1. مالك الشيء يملك كل ما يعد في حكم العرف من عناصره الجوهرية بحيث لا يمكن فصله عنه دون أن يهلك أو يتلف أو يتغير . 2. وملكية الأرض ، تشمل ما فوقها علوا وما تحتها سفلا إلى الحد المفيد في التمتع بها) .

وفي رأينا المتواضع أن النهر الطبيعي ( المشترك ) لا يعد ملك تام لدولة المنبع فحسب فهو في اعتقادنا : متردد ما بين الملك والحق الطبيعي المشترك ما بين جميع الدول المتشاطئة . ولو عدنا إلى العناصر الجوهرية للنهر الطبيعي – ( نهر الفرات ) – ستكون عبارة عن المجرى أي (الأرض التي يسير من خلالها ماء النهر)- ومياه النهر ، كما سيبدأ النهر بمنبع طبيعي لينتهي بمصب حيث ستشكل تلك العناصر مع بعضها البعض وحدة طبيعية ، وبذلك فقد اكتسب المجرى حق ذو طبيعة خاصة تتلاءم مع معطياته .

اما فيما يتعلق بالطبيعة الخاصة لنهر الفرات فإن التوصيفات السابقة سوف تنطبق عليه فضلاً عن ان نهر الفرات نهر دولي وليس نهر وطني عابر للحدود كما ترغب تركيا بتوصيفه ، فهو ثروة طبيعية متحركة وجارية ومشتركة ما بين الدول المتشاطئة لذلك يتوجب التقليل من غلو مبدأ ( سيادة الدولة المطلقة ) على إقليمها ولاسيما بشأن الملكيات المشتركة ، فضلاً عن ان هذه الثروة تختلف عن الثروة الطبيعية الثابتة الموجودة تحت سطح الأرض والتي تحتاج إلى جهد بشري لاستخراجها كــ(النفط) ، وعليه فإن الأخيرة تعد ثروة وطنية صرفة لا تجري عبر الحدود وبذلك فهي تخضع للسيادة الوطنية ، وهذا ما يتعارض مع التوجه التركي الذي يرى بكونه يملك حق السيادة (المطلقة) على مياه نهر الفرات الذي ينبع ويتغذى على أراضيها ، وبذلك فقد اعتبرته مصدراً وطنياً مثل النفط ، وفي هذا السياق كان الرئيس التركي السابق سليمان ديميريل قد أشار إلى ذلك صراحةً بقوله : ” إذا كانت الثروة الطبيعية في بلدنا ، فلنا الحق في استعمالها بالطريقة التي نراها مناسبة ، ولا سيما أن المياه تنبع في تركيا ولا يمكن لدول المجرى الأدنى أن تعلمنا كيفية استعمال ثرواتنا ؛ هناك منابع نفط في كثير من البلدان العربية ، ونحن لا نتدخل في كيفية استعمالها “.

في الواقع إن الثوابت التي تم الإشارة إليها سابقاً تؤكد عدم إمكانية إجراء المقارنة ما بين تلك الثروتين، وعليه فإن نهر الفرات يُعد من (الموارد الطبيعية المشتركة ما بين الدول المتشاطئة).

والجدير بالذكر إن هذه الفكرة تتعارض مع التوجه الخاص للبنك الدولي الذي يروج لفكرة خصخصة المياه وذلك بوجوب التعامل مع الماء على أنه سلعة اقتصادية ، يمكن استثمارها وتجنى الأرباح من خلالها ، ولهذا فقد تم تمويل أكثر من 300 مشروع خاص للمياه في دول العالم النامي بين عامي 1990-2006 ، حيث تمنح الشركة الخاصة المستثمرة رخصة تشغيل النظم المائية من خلال قوانيّن السوق والربح وحدها والتي تتجاهل تماماً الأهداف والاعتبارات الاجتماعية والإنسانية والتي تعتبر ركيزة هامة من ركائز هذه المشروعات .

وفي الواقع فإننا نجد ان الدول والجهات المانحة للمشاريع المائية التركية وجدت بنهر الفرات مشروع استثماري جيد ولاسيما أن منطقة الشرق الأوسط تعاني اليوم من مشكلة شح المياه فضلاً عن التغيرات المناخية المتمثلة بزيادة التصحر نتيجة الجفاف بسبب قلة هطول الأمطار، وعليه فإذا كان النفط يمثل المورد المسيطر على جيوبوليتكيا الموارد العراقية فبالإمكان مقايضته مع حاجة العراق إلى المياه وهذا ما حدا بتلك الجهات إلى استثمار المياه بطريقة فضلى تحقق من خلالها اكبر قدر ممكن من المكاسب ، وهذا يتعارض تماماً مع مبادئ الشريعة الإسلامية فقد روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بأنه نهى عن بيع الماء وعن بيع فضل الماء وقوله ( صلى الله عليه وسلم ) ( المسلمون شركاء في ثلاث : الماءُ والكلأُ والنارُ ، وثمنه حرام ) ، وقوله عليه الصلاة والسلام ( ثلاث لا يُمنَعْنَ : الماءُ والكلأُ والنارُ ).

الخاتمة :
حقيق بنا في الختام أن نسجل أهم النتائج والتوصيات التي تم التوصل إليها من خلال هذا البحث :

ا. النتائج
1. إن حقوق العراق في مياه نهر الفرات تُعد حقوق أصلية موغلة بالقدم تمتد جذورها إلى حوالي3000سنة ق . م
2. مما لاشك فيه إن مستقبل العلاقات السياسية بين الدول المتشاطئة على نهر الفرات يقوم على التعاون الإقليمي لحل المشكلات التي تواجه إمدادات المياه ، وهذا ما يتطلب من جميع الدول المتشاطئة مراعاة بعضها البعض ، وهذا لايعني أننا نتدخل في حق أي دولة في أقامة مشروع ما أو التدخل في سيادة أي دولة ، لكن يعنى ذلك عدم وقوع أي ضرر علينا ولاسيما أننا الآن على عتبة ( العجز المائي ).
3. ان إقامة المشاريع المائية الضخمة من قبل الدول المتشاطئة على نهر الفرات يهدد تدفق مياه نهر الفرات إلى العراق ( دولة المصب ) من حيث الكمية والنوعية.
4. تعتبر تركيا نهر الفرات نهر وطني ( قومي ) ينبع من الأراضي التركية ولذلك فإن لها السيادة الإقليمية المطلقة بالتصرف في مياه هذا النهر دون الاعتداد بحقوق الدول المتشاطئة الأخرى .

ب. التوصيات :
1. ضرورة العمل على إقامة ” مجموعة إقليمية للمياه تضم الدول المشتركة بمياه نهر الفرات” تعمل على تقريب وجهات النظر بين الدول ؛ فضلاً عن وجوب التنسيق مابين تلك الدول من اجل اتحاد المواقف فيما بينها وإيجاد الحلول الفضلى لحل المشاكل الناجمة من المشاريع المائية التركية والسورية.
2. ضرورة إن يكون هنالك مباحثات جادة تجرى للتوصل إلى أتفاق مابين الدول المتشاطئة على نهر الفرات وذلك لتنظيم استغلال المياه وبالطريقة المثلى وليس بتقسيمها ، مع مراعاة أن يعامل الأحوج معاملة خاصة ،

فضلاً عن وجوب مناقشة مجموعة من النقاط والتي تتمثل بما يلي :

أ‌- يتوجب على المفاوض العراقي مراعاة انتقاء الألفاظ ولاسيما حينما يتم العمل من خلال المفاوضات على تحديد حقوق العراق المائية والتي يتم التوصل إليها من خلال اتفاق لإصدار اتفاقية تتعلق بتنظيم الانتفاع بمياه نهر الفرات في غير شؤون الملاحة ، على سبيل المثال : نرفض وبشكل قاطع فكرة توصيف نهر الفرات بكونه نهر قومي تركي ، كما لا نوافق على مبدأ السيادة المطلقة لتركيا على نهر الفرات فهذا المبدأ تراجع دولياً ، ليحل محله مبدأ السيادة المقيدة ولاسيما إن القانون الدولي العام ينص على عدم الإضرار بالآخرين .

ب‌- ضرورة الالتزام بتبادل المعلومات التفصيلية المتعلقة بهذا المورد المائي المشترك كالمعلومات عن أسباب تردي نوعية مياه نهر الفرات ، وانقراض أو التهديد بانقراض العديد من الأحياء المائية التي كانت تحيى في مياهه الرقراقة العذبة ولاسيما بعد مشروع جنوب شرق الأناضول والذي يضم عدداً كبيراً من السدود.
ت‌- ضرورة تثبيت حقيقة غير قابلة للناقش أن للعراق حقوق أصلية في مياه نهر الفرات وان هذه الحقوق ليست منحة من أحد .

ث – ضرورة الاتفاق على تشكيل لجنة قانونية وفنية تعمل على دراسة كل المواضيع المتعلقة بهذا الموضوع ومن كل الجوانب على سبيل المثال : نوعية مياه النهر ومدى جودتها منسوب المياه درجة حرارتها …الخ من المواضيع الفنية الهامة .

ج – يتوجب على الدول المتشاطئة على نهر الفرات ان تعتبر جميع الدول المتشاطئة شركاء في النهر ، وهذا ما يستلزم الارتكان إلى القواعد القانونية والأعراف الدولية العامة الملزمة لجميع الدول والقابلة للتطبيق على المجاري المائية الدولية كمبدأ حسن الجوار وحسن النية وبخاصة الاتفاقية الأخيرة لعام 1997الخاصة بقانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية .
5. يتوجب على الجهات العراقية المعنية بصنع القرار السياسي ربط قضية نهر الفرات بالعلاقات التجارية والاقتصادية وإمدادات النفط مع تركيا وسوريا .

6. يعد ملف المياه العراقية من الملفات الهامة فهو ملف أمن قومي وكذلك أمن غذائي وعلى أعلى مستوى لذا يتوجب أن يحتل هذا الملف مركز الصدارة من ضمن القضايا الهامة في العراق ، مع التأكيد على أنه ملف غير قابل للمساومات ولن يسمح العراقيين لأي دولة من الدول المتشاطئة بإنقاص حقوق العراق المائية أو المساس بها .

7. يتوجب على الأعلام العراقي المرئي والمسموع الاضطلاع بدوره من خلال توعية المواطنين العراقيين والعالم بخطورة الوضع الراهن ، ولاسيما ان العراق اليوم يعانى من نقص حاد في مياه الري والشرب على حد السواء مما اثر سلباً على الواقع البيئي لمناطق غرب وجنوب العراق.

8. يتوجب على الجهات العراقية المعنية تكثيف الجهود الدولية والتحرك نحو الدول والهيئات المانحة للمشاريع المائية في تركيا وسوريا والتي تروم من خلال مشاريعها المائية خلق نوع من الاحتكار المائي من خلال استثمارها لتلك المشاريع بشكل يحقق لها الربح على حساب حقوق العراق المائية .