التعريف القانوني بماهية الأرش

المستشار شريف النجار

الأرش

الأرش, بوزن العَرْش, هو المال المؤدى إِلى مجني عليه, أو وليه, أو وارثه, بسبب جناية على ما دون النفس من الأعضاء, مما ليس فيه دية كاملة.

وقد يطلق الأرش على الدية [ر] التي هي بدل النفس. والدية التي هي بدل النفس إِنما تجب إِذا امتنع القصاص لسبب من الأسباب, كالقتل الخطأ مثلاً, كما تجب الدية كاملة بإِزالة جنس المنفعة: كإِتلاف اليدين أو الرجلين أو العينين, أو السمع إِتلافاً كاملاً مثلاً. والدية الكاملة مئة من الإِبل.
أنواع الأرش
الأرش نوعان: أرش مقدر, وأرش غير مقدر,

(1) الأرش المقدر:
هو ما حدد الشارع له مقداراً معيناًَ, كأرش العين واليد والرجل, ففيه نصف الدية. وقد يكون الأرش ربع الدية كما في الجفن الواحد, وقد يكون الأرش عشر الدية كما في قطع إِصبع من أصابع اليد أو الرجل, وقد يكون نصف عشر الدية أي خمس من الإِبل كما في السن.

(2) الأرش غير المقدر:
هو ما لم يحدد الشارع له مقداراً معيناً, فلم يرد فيه نص وترك أمر تقديره للقاضي بمعرفة ذوي الخبرة العدول. ويسمى هذا النوع من الأرش حكومة عدل.
فحكومة العدل هي الأرش غير المقدر من الشارع في الجنايات الواقعة على ما دون النفس مما لا قصاص فيها لسبب من الأسباب, وليس لها أرش مقدر. ويشترط في الحكومة مايلي:
ـ أن لا تبلغ الحكومة أرش جرح مقدر.
ـ أن يكون التقدير بمعرفة ذَوَيْ عدل من الخبراء فيأخذ القاضي بقولهما.
ـ أن يكون التقدير بعد البرء لا قبله.

ومن المتفق عليه أن حكومة العدل تجب إِذا شفي الجرح وترك أثراً. أما إِذا شفي ولم يترك أثراً فقد اختلف العلماء: فالإِمامان الشافعي وأحمد قالا بوجوب الحكومة, والإِمام مالك قال بوجوب التعزير فقط, والقاضي أبو يوسف قال بوجوب التعويض عن الآلام والأضرار تقدره حكومة عدل, والإِمام محمد بن الحسن الشيباني قال بوجوب أجرة الطبيب.

والذين قالوا بأن الجروح إِذا برئت ولم تترك أي أثر ليس فيها حكومة عدل إِنما قصدوا أنه لا يجب فيها مال, أما التعزير فواجب فيها طبقاً للقواعد العامة, لأن الجناية عدوان, وكل عدوان ليس فيه حد مقدر ففيه التعزير.
وهكذا فكل جناية لم تترك أثراً إِطلاقاً, كالضرب بمثقل لم يترك أثراً, ليس فيها حكومة عدل, وإِنما فيها التعزير. والتعزير عقوبة غير مقدرة من الشارع.

حالات وجوب الأرش

الحالات التي توجب الأرش نوعان: أعضاء وجروح. والجروح نوعان: شجاج في الرأس والوجه, وجروح فيما سواهما من البدن.

أرش الأعضاء:
تجب الدية كاملة لدى تفويت مصلحة على الكمال كإِتلاف اليدين أو العينين أو الأذنين.
أما الأرش فيجب بتفويت بعض المصلحة من دون بعضها الآخر, كإِتلاف يد واحدة أو أذن أو عين أو إِصبع, فيجب في اليد أو العين أو الأذن نصف الدية, أما الإِصبع فعشر الدية, وهكذا. وما كان من الأصابع فيه ثلاث مفاصل ففي كل مفصل ثلث أرش الإِصبع, وما كان فيه مفصلان ففي كل واحد منهما نصف الأرش, وفي كل سن خمس من الإِبل.

أرش الشجاج: تكون الشجاج في الرأس والوجه وهي أحد عشر نوعاً:
ـ الخارصة: هي التي تشق الجلد ولا يظهر منها الدم.
ـ الدامعة: هي التي يظهر منها الدم ولا يسيل كالدمع في العين.
ـ الدامية: هي التي يسيل منها الدم.
ـ الباضعة: هي التي تبضع اللحم أي تقطعه.
ـ المتلاحمة: هي التي تذهب في اللحم أكثر مما تذهب الباضعة, ولم تقترب من العظم.
ـ السمحاق: وهي التي تقطع اللحم وتصل إِلى السمحاق.
ـ الموضحة: هي التي تخترق السمحاق وتكشف العظم.
ـ الهاشمة: هي التي تهشم العظم أي تكسره.
ـ المنقِّلة: هي التي تنقل العظم بعد كسره وتحوله من مكانه.
ـ الآمة أو المأمومة: هي التي تصل إِلى أم الدماغ وهي تحيط بالدماغ.
ـ الدامغة: هي التي تخرق الغشاء المحيط بالدماغ وتصل إِليه.
والذي يجب فيه أرش مقدر من هذه الشجاج هو الموضحة وما بعدها, وأما قبل الموضحة من الشجاج فلا يجب فيه أرش مقدر, وإِنما يجب فيه أرش غير مقدر.

أما الموضحة: فيجب فيها خمس من الإِبل لما روي أن رسول r الله كتب في كتابه لعمرو بن حزم «وفي الموضحة خمس من الإِبل». ويجب الأرش في كل موضحة صغيرة أو كبيرة بارزة أو مستورة الشعر. وأرش موضحة الوجه والرأس سواء.
وأما الهاشمة: فيجب فيها عشر من الإِبل, ولم يعرف عن الرسول r تقدير فيها, وإِنما هو مروي عن زيد بن ثابت.
وأما المنقِّلة: فيجب فيها خمس عشرة من الإِبل لما روي عن الرسول r: «في المنقلة خمس عشرة من الإِبل».
وأما الآمة: فيجب فيها ثلث الدية لقوله r :«في المأمومة ثلث الدية».
أما الدامغة: فيجب فيها ثلث الدية أيضاً أي ما يجب في الآمة.

أرش الجروح:
الجروح فيما سوى الرأس والوجه نوعان: جائفة, وغير جائفة. فإِذا تعذر تنفيذ القصاص في الجراح لعدم إِمكان تحقيق المماثلة وجب حينئذ الأرش.
والجراحات غير الجائفة هي الجراحات التي لا تصل إِلى جوف, والواجب فيها حكومة عدل.
أما الجراحات الجائفة فهي التي تصل إِلى الجوف من البطن أو الصدر مثلاً فالواجب فيها ثلث الدية لقوله r: «في الجائفة ثلث الدية».
وإِن خرق الجرح الجوف من جانب فخرج من جانب آخر فالواجب جائفتان.