أحكام تنحي القضاة وردّهم
منصور الزغيبي
صيانة لعدالة الأحكام القضائية، تناول قانون المرافعات الشرعية السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/1) وتاريخ 22-1-1435 أحكام تنحي القضاة وردهم عن الحكم، وتعتبر بمثابة ضمانات ضد تأثر القضاة بعواطفهم الشخصية، وتكاد تتفق القوانين من جهة التقعيد لهذا الموضوع بتحديد الحالات التي قد تجعل القاضي يبتعد عن روح الحياد والموضوعية في فصل النزاعات بين الخصوم، وتدعو لتعزيز مفهوم النزاهة داخل بيئة القضاء، وخلق قدر عالٍ من الطمأنينة لدى الخصوم، وحفظ حقهم المشروع في ذلك، والقانون أعطى الخصوم حق طلب رد القاضي عن النظر والفصل في القضية، وسترد لاحقاً.

ومن المعلوم لدى المختصين أن الحالات التي تجعل القاضي قد يفقد الحياد ثلاثة أقسام، وكلها تُرد إلى ما ورد في قانون المرافعات الشرعية،

الأولى: عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى حتى ولو لم يطلب ذلك أحد الخصوم، ولها حالات، وهي وجود القرابة والمصاهرة بين القاضي وأحد الخصوم حتى الدرجة الرابعة، وفي حال وجود خصومة قائمة للقاضي أو زوجه مع أحد الخصوم في الدعوى، أو الوكالة ومظنة الوراثة، وأيضاً في حال وجود مصلحة للقاضي في الدعوى القائمة، وفي حال علم القاضي بالنزاع.

القسم الثاني: رد القاضي عن نظر الدعوى، وله حالات، وهي: إذا كان للقاضي أو لزوجته دعوى مماثلة للدعوى التي ينظر فيها، وإذا حدثت للقاضي أو لزوجته، بعد قيام الدعوى المطروحة عليه، خصومة له أو لزوجته مع أحد الخصوم، وكذلك إذا كان لمطلقة القاضي التي له منها ولد، أو لأحد أقاربه أو أصهاره إلى الدرجة الرابعة، خصومة قائمة أمام القضاء مع أحد الخصوم في الدعوى أو زوجته، وأيضاً إذا كان أحد الخصوم خادماً للقاضي، أو كان القاضي اعتاد مؤاكلة أحد الخصوم أو مساكنته، أو كان تلقى منه هدية، سواء قبل رفع الدعوى أم بعدها، وحال المودة أو العداوة الشديدة مع أحد الخصوم.

الثالث: تنحي القاضي لاستشعار الحرج، هناك حالات أخرى تتسبب في الحرج لا تدخل ضمن نطاق حالات عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى، وكذلك حالات رد القاضي، ومن أمثلة ذلك أن يكون أحد الخصوم أحد أساتذته الذين تلقى عليهم العلم.

خلاصة القول؛ إن صلاحية نظر القاضي في الدعوى تعتبر من الضمانات الجوهرية في العملية القضائية، من أجل تحقيق العدالة والحياد، وكسب ثقة الخصوم بالقضاء، وتعزيز الطمأنينة لديهم، وفي حال عمل القاضي أو قضاؤه في الحالات الممنوعة التي تم إيرادها، بحسب القانون حتى ولو كان تم باتفاق مع الخصوم وصدر حكم مؤيد، جاز للخصم أن يتقدم إلى المحكمة العليا بنقض الحكم، وإعادة نظر الدعوى أمام دائرة أخرى.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت