الفرق بين «الحضانة» و«ولاية المال»
منصور الزغيبي
يخلط البعض حتى من المختصين بين حضانة الطفل والولاية على ماله، والخلط الحاصل في عدم معرفة الفرق بينهما ناشئ من الاعتقاد بأن مجرد صدور حكم في الحضانة يخول المحكوم له بالتصرف المالي الخاص بالطفل المحضون.

والصحيح أن هناك فرقاً بينهما؛ فالحضانة تربية وقيام بشأن المحضون. والولاية الإنفاق والتصرف بممتلكات المحضون بيعاً وشراء.

فالحضانة عند الفقهاء: حفظ الصغير ونحوه عما يضره وتربيته بعمل مصالحه. ويشمل ذلك أشياء كثيرة استجدت في هذا العصر، ومن هنا صدر قرار المجلس الأعلى للقضاء رقم 1167/11/35 وتاريخ 30-10-1435هـ، الذي قضى بأن على الدائرة أن تضمن صك الحضانة أنه يحق للمحكوم له بالحضانة مراجعة الأحوال المدنية والجوازات والسفارات وإدارات التعليم والمدارس وإنهاء ما يخص المحضون من إجراءات لدى جميع الدوائر والجهات الحكومية والأهلية ما عدا السفر بالمحضون خارج المملكة، فلا يكون إلا بإذن من القاضي في بلد المحضون وذلك فيما إذا كان الحاضن غير الولي، وأن يعامل طلب الإذن بالسفر بالمحضون خارج المملكة معاملة المسائل المستعجلة وفقاً للمادتين 205 و206 من نظام المرافعات الشرعية. والإجراءات المذكورة تعين الحاضن على أداء واجباته.

والولاية هي: سلطة لإنسان معين، تمكّنه من رعاية المولّى عليه من نفس أو مال وحفظه وتنميته بالطرق الشرعية، وذكر ابن القيم أن الولاية على الطفل نوعان: نوع يقدم فيه الأب على الأم وهي ولاية المال والنكاح، ونوع تقدم فيه الأم على الأب وهي ولاية الحصانة والرضاع، وقدم الأبوين في ما جعل له من ذلك لتمام مصلحة الطفل وتوقف مصلحته على من يلي ذلك من أبويه وتحصل به كفايته، ولمّا كان النساء أعرف بالتربية وأقدر عليها وأفرغ لها لذلك قدمت الأم فيها على الأب.

وأشير إلى الأصل أن الذي يقوم بالإنفاق هو الولي، ولكن تعارف الناس على أن الذي يقوم بذلك الحاضن وعلى الولي الذي تجب عليه نفقة المحضون وهو الأب أو وصيه أن يمد الحاضن بالمال كي يقوم بما عليه.

وأؤكد أهمية ما ورد في قانون حماية الطفل، إذ نصت المادة الـ15 على أن تتخذ الجهات ذات العلاقة التدابير اللازمة لضمان التزام والدي الطفل – أو من يقوم على رعايته – بتحمل مسؤولياتهما تجاهه، وحفظ حقوقه وحمايته من الإيذاء والإهمال. وكذلك ما نصت عليه المادة 2/15 من اللائحة التنفيذية لقانون الحماية الطفل من أنه في حال وجود الطفل في حضانة أحد والديه فيلتزم والده أو من يقوم مقامه بالنفقة وتسهيل عليه أمر تعليمه وتطعيمه وعلاجه واستخراج أوراقه الثبوتية ويتحمل المسؤولية عن القيام – في حدود إمكاناته المادية وقدراته – بتأمين الظروف المعيشية اللازمة لنمو الطفل.

خلاصة القول؛ من الضروري معرفة حدود المصطلحات وعدم الخلط بينها وتوعية الناس بالفروق الفقهية، ولا سيما مع عدم وجود تقنين أو تدوين ملزم يضبط المصطلحات، ومن الضروري أيضاً قيام الجهات المختصة بحملات تعريفية لإزالة كثير من اللبس والخلط وتضييق دائرة التشويه والضبابية.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت