تنازل المستأجر عن الايجار في القانون المصري .

الطعن 2074 لسنة 58 ق جلسة 5 / 1 / 1994 مكتب فني 45 ج 1 ق 18 ص 74

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسن العفيفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ السيد خلف، أحمد أبو الضراير نائبي رئيس المحكمة، محمد يسري زهران وحسن يحيى فرغلي.
———–
– 1 إيجار ” بيع الجدك. بيع المتجر أو المصنع”.
جواز تنازل المستأجر عن الإيجار استثناء من الأصل المقرر بحظر التنازل عن الإيجار في حالي بيعه المصنع أو المتجر . شرطه . وجوب توافر الصفة التجارية للنشاط الذى يزاوله المتنازل وقت إتمام البيع .م594 مدنى .
المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن المادة 31/2 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن إيجار الأماكن – المقابلة للمادة 18/3 من القانون رقم 136 لسنة 1981 – وإن حظرت على المستأجر تأجير المكان من الباطن أو التنازل عنه بغير إذن كتابي صريح من المؤجر، وإلا كان للمؤجر طلب إخلاء المكان المؤجر في حالة مخالفة هذا الحظر، إلا أنه واستثناء من هذا الأصل أجازت الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني التجاوز عن الشرط المانع وأباحت للمستأجر التنازل عن الإيجار في حالة بيعه المتجر أو المصنع الذي أنشأه في المكان المؤجر بشرط أن تثبت الصفة التجارية لنشاط المستأجر وقت إتمام هذا البيع، مما مفاده أنه يتعين أن يكون المكان المؤجر مستغلاً في نشاط تجارى، فإن انتفى عن هذا النشاط الصفة التجارية، فإنه يخرج عن مجال تطبيق المادة 594/2 سالفة البيان والعبرة في تكييف هذا التصرف أن يكون وارداً على محل تجاري، ولا يعول في ذلك على الوصف المعطى له بالعقد، إذ أن التكييف مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض، ويتوقف عليه تطبيق النص الخاص ببيع المحل التجاري الوارد في المادة 594/2 من القانون المدني في حالة توافر شروطه أو عدم تطبيقه وإعمال أثر الحظر المنصوص عليه في قانون إيجار الأماكن إذا لم يكن النشاط تجاريا.
– 2 أعمال تجارية ” ما لا يعد عملا تجاريا”.
نشاط المدرسة الخاصة . لا يعد من قبيل الأعمال التجارية في مفهوم قانون التجارة . علة ذلك .
إذ كان عقد الإيجار محل النزاع قد حظر على المستأجر التنازل عن الإيجار وكان الواقع المطروح في الدعوى أن المكان المؤجر هو مدرسة خاصة وكان النص في المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 16 لسنة 1969 في شأن التعليم الخاص وفي المادة الثالثة منه وفي المادة السادسة عشر من قرار وزير التربية والتعليم رقم 41 لسنة 1970 في شأن اللائحة التنفيذية للقانون سالف البيان – إنما يدل على أن نشاط المدرسة الخاصة لا يعتبر من قبيل الأعمال التجارية في مفهوم قانون التجارة إذ أن الهدف الرئيسي منه هو التعليم لا المضاربة على عمل المدرسين والأدوات المدرسية، ويؤكد ذلك أن القانون السابق رقم 14 لسنة 1939 بفرض ضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل أورد في المادة 72 منه بيانا لسعر الضريبة على أرباح المهن الحرة وغيرها من المهن غير التجارية وأعفى منها المعاهد التعليمية، وقد سايره في ذلك قانون الضرائب على الدخل القائم الصادر برقم 157 لسنة 1981 إذ قضى في المادة 82/3 منه على إعفاء المعاهد التعليمية التابعة أو الخاضعة لإشراف إحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة أو القطاع العام من الضريبة على أرباح المهن غير التجارية، وإذ كان ذلك وكان مفاد المادتين 21 من القانون رقم 16 لسنة 1969 سالف البيان، 38 من لائحته التنفيذية أن للدولة منح إعانات مالية لأصحاب المدارس الخاصة في بعض الأحوال، وتخصيص مكافآت تشجيعية للمدارس الخاصة التي تؤدي خدمات تعليمية ممتازة، كما أن المادتين 17، 18 من القانون المذكور أوجبتا أن تكون المصروفات الدراسية المقررة ورسوم النشاط المدرسي ونظام الأقسام الداخلية ومقابل الإيواء والتغذية في حدود القواعد التي تضعها وزارة التربية والتعليم، ولا تعتبر اللائحة الداخلية للمدرسة نافذة إلا بعد اعتمادها من المحافظ بعد أخذ رأى مديرية التربية والتعليم المختصة، فإن مؤدى ذلك أن الهدف الرئيسي للمدرسة الخاصة هو التربية والتعليم، ولا يخرج ما يتقاضاه صاحبها عن مقتضيات هذه الرسالة ويخضع لرقابة الجهة الحكومية المختصة.
– 3 إيجار ” تشريعات إيجار الأماكن . التنازل عن الإيجار”.
مستأجر المدرسة الخاصة . لا يجوز له التنازل عنها أو تأجيرها من الباطن بغير موافقة المؤجر . لا محل للقياس على المنشأة الطبية أو مكتب المحاماة . علة ذلك .
نصوص القانون رقم 16 لسنة 1969 في شأن التعليم الخاص ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار رقم 41 لسنة 1970 قد خلت من النص على حق المستأجر في التنازل عن الإيجار الصادر إليه لاستغلال العين المؤجرة مدرسة خاصة أو تأجيرها من الباطن دون موافقة المؤجر وكان لا يجوز القياس على الحق المقرر في كل من المادة الخامسة من القانون رقم 51 لسنة 1981 في شأن المنشآت الطبية، والمادة 55/2 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 باعتبار أن ذلك استثناء من الأصل لا يقاس عليه ولا يتوسع في تفسيره، فإن الحكم المطعون فيه وقد التزم هذا النظر وقضى بفسخ عقد الإيجار على ما أورده في مدوناته من أن المدرسة الخاصة لا تعد محلا تجاريا ولا يجوز بيعها بالجدك وأن التصرف الحاصل من المستأجر المطعون ضده الثاني إلى الطاعن إنما هو تنازل عن الإيجار محظور عليه إلا بموافقة كتابية من المطعون ضدها الأولى المؤجرة فإنه لا يكون قد خالف القانون.
– 4 إثبات ” عبء الإثبات . عبء إثبات التنازل عن الحق”.
التنازل الصريح أو الضمني عن الحق . عبء إثباته . وقوعه على عاتق مدعيه .
المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن عبء إثبات التنازل صريحا كان أو ضمنيا يقع على عاتق مدعيه.
– 5 محكمة الموضوع ” سلطتها بالنسبة لتقدير أدلة النزول الضمني عن الحق”.
التنازل الضمني عن الحق . تقدير أدلته . من سلطة محكمة الموضوع . حسبها إقامة قضائها على ما يكفى لحمله . عدم التزامها بتتبع حجج الخصوم ومستنداتهم والرد عليها استقلالا . علة ذلك .
تقدير الأدلة على قيام أحد طرفي العقد بالتنازل ضمنا عن حق من الحقوق التي يرتبها له العقد هو من مطلق سلطان محكمة الموضوع والتي لها أيضا سلطة تقدير أقوال الشهود والقرائن واستخلاص ما تقتنع به منها متى كان استخلاصها سائغا ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق، وهي إذ تباشر سلطتها في تقدير الأدلة تملك الأخذ بنتيجة دون أخرى متى أقامت قضاءها على أسباب كافية لحمله دون أن تكون ملزمة بتتبع حجج الخصوم ومستنداتهم والرد عليها استقلالها، ما دام أن قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الحجج والمستندات.
– 6 بطلان ” بطلان الإجراءات : بطلان الإعلان .ما لا يؤدى إلى بطلان الإعلان “. دعوى ” شروط قبول الدعوى – الصفة . قواعد مشتركة بين الصفة الإجرائية والصفة الموضوعية”. دفوع ” الدفوع الموضوعية. الدفع بعدم قبول الدعوى”. نظام عام ” المسائل غير المتعلقة بالنظام العام”. نقض ” أسباب الطعن بالنقض . الأسباب الجديدة”.
بطلان الإجراءات لانعدام صفة أحد الخصوم . عدم تعلقه بالنظام العام . لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
المقرر- في قضاء هذه المحكمة – أن بطلان الإجراءات المبني على انعدام صفة أحد الخصوم في الدعوى غير متعلق بالنظام العام، إذ هو مقرر لمصلحة من وضع لحمايته، لما كان ذلك وكان هذا الدفاع لم يبد أمام محكمة الموضوع من صاحب المصلحة فيه فإنه لا يجوز للطاعن التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض.
———-
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 9427 لسنة 1981 إيجارات شمال القاهرة الابتدائية على الطاعن والمطعون ضده الثاني بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ أول أغسطس سنة 1956 المتضمن استئجار المطعون ضده الثاني منها المنزل المبين فيه مع إخلائه والتسليم وذلك لتنازله عن الإيجار إلى الطاعن بدون إذن كتابي منها مخالفا بذلك الحظر الوارد في القانون والعقد المشار إليه. وبعد أن أدخل المطعون ضده الثاني المطعون ضده الثالث بصفته خصما في الدعوى حكمت المحكمة بتاريخ 30/4/1983 بقبول هذا الإدخال وللمطعون ضدها الأولى بطلباتها. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 4245 لسنة 100 ق، واستأنفه المطعون ضده الثاني بالاستئناف رقم 4664 لسنة 100 ق، كما استأنفه المطعون ضده الثالث بالاستئناف رقم 4684 لسنة 100 ق وذلك لدى محكمة استئناف القاهرة، التي قررت ضم الاستئنافين الثاني والثالث للأول ثم أحالت الدعوى إلى التحقيق وبعد أن استمعت إلى أقوال الشهود دفعت المطعون ضدها الأولى بعدم قبول استئناف المطعون ضده الثالث رقم 4684 لسنة 100 ق وبتاريخ 9/3/1988 حكمت المحكمة في هذا الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من قبول اختصام المطعون ضده الثالث وبعدم قبول اختصامه وعدم قبول طلبه بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في موضوع الدعوى لإبدائه من غير ذي صفة وفي موضوع الاستئنافين رقمي 4245، 4664 سنة 100 ق بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة برأيها.
————
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك بأنه بفرض عدم تنازل المطعون ضدها الأولى عن شرط حظر التنازل عن الإجارة بغير موافقتها فإن البيع الصادر إليه بتاريخ 9/12/1981 من ملاك المدرسة بما ينطوي عليه من تنازل عن إجارة العين الكائنة بها، يندرج تحت حكم الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني لأن النشاط الذي يمارسه صاحب المدرسة الخاصة وإن كان نشاطا ثقافيا تعليميا إلا أنه يعتبر نشاطا تجاريا لأنه يستهدف من ورائه تحقيق الربح مضاربا في ذلك على ما يتكبده من مال في توفير المكان والأدوات والأثاث والوسائل التعليمية، كما أن قرار وزير التربية والتعليم رقم 41 لسنة 1970 الصادر باللائحة التنفيذية لقانون التعليم الخاص الصادر برقم 16 لسنة 1969 يجيز لصاحب المدرسة الخاصة وورثته من بعده التصرف فيها بكل مقوماتها شاملة بطبيعة الحال حق الإجارة وذلك كما هو الشأن في المادة 55/2 من القانون رقم 17 لسنة 1983 والتي تجيز للمحامي وورثته التنازل عن حق إيجار مكتب المحاماة والمادة 5 من القانون رقم 51 لسنة 1981 التي تجيز للطبيب وورثته من بعده التنازل عن إيجار المنشأة الطبية إلا أن الحكم المطعون فيه سار على غير هذا النهج بما ضمنه في أسبابه من أن علاقة صاحب المدرسة الخاصة بوزارة التربية والتعليم هي علاقة قانونية وليست تعاقدية وأن الإعانة التي تصرفها الوزارة محددة منها بإرادتها المنفردة سلفا فلا تتوقف أو تتأثر بالظروف الاقتصادية أو تقلب الأسعار أو قانون العرض والطلب بما ينفي عن نشاط صاحب المدرسة فكرة المضاربة، وأنه بافتراض أن نشاط صاحب المدرسة يعتبر نشاطا تجاريا إلا أنه لا يتجزأ عن العملية التعليمية فيكون تابعا لها ويأخذ حكمها فيعتبر عملا مدنيا بالتبعية ورتب على ذلك قضاءه بفسخ عقد الإيجار بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن المادة 31/2 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن إيجار الأماكن – المقابلة للمادة 18/3 من القانون رقم 136 لسنة 1981 – وإن حظرت على المستأجر تأجير المكان من الباطن أو التنازل عنه بغير إذن كتابي صريح من المؤجر، وإلا كان للمؤجر طلب إخلاء المكان المؤجر في حالة مخالفة هذا الحظر، إلا أنه واستثناء من هذا الأصل أجازت الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني التجاوز عن الشرط المانع وأباحت للمستأجر التنازل عن الإيجار في حالة بيعه المتجر أو المصنع الذي أنشأه في المكان المؤجر بشرط أن تثبت الصفة التجارية لنشاط المستأجر وقت إتمام هذا البيع، مما مفاده أنه يتعين أن يكون المكان المؤجر مستغلا في نشاط تجاري، فإن انتفى عن هذا النشاط الصفة التجارية، فإنه يخرج عن مجال تطبيق المادة 594/2 سالفة البيان والعبرة في تكييف هذا التصرف أن يكون واردا على محل تجاري، ولا يعول في ذلك على الوصف المعطى له بالعقد، إذ أن التكييف مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض، ويتوقف عليه تطبيق النص الخاص ببيع المحل التجاري الوارد في المادة 594/2 من القانون المدني في حالة توافر شروطه أو عدم تطبيقه وإعمال أثر الحظر المنصوص عليه في قانون إيجار الأماكن إذا لم يكن النشاط تجاريا. لما كان ذلك، وكان عقد الإيجار محل النزاع قد حظر على المستأجر التنازل عن الإيجار وكان الواقع المطروح في الدعوى أن المكان المؤجر هو مدرسة خاصة وكان النص في المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 16 لسنة 1969 في شأن التعليم الخاص على أن “تعتبر مدرسة خاصة في تطبيق أحكام هذا القانون كل منشأة غير حكومية تقوم أصلا أو بصفة فرعية بالتربية والتعليم أو الإعداد المهني أو بأية ناحية من نواحي التعليم العام أو الفني قبل مرحلة التعليم العالي…” وفي المادة الثالثة منه على أن “تخضع المدارس الخاصة لقوانين التعليم العام والتعليم الفني والعمل والتأمينات الاجتماعية… كما تخضع لرقابة وزارة التربية والتعليم بالمحافظات وتفتيشها في الحدود وبالقيود الواردة بهذا القانون والقرارات الوزارية الصادرة تنفيذا له” وفي المادة السادسة عشر من قرار وزير التربية والتعليم رقم 41 لسنة 1970 في شأن اللائحة التنفيذية للقانون سالف البيان على أن “…يشترط في صاحب المدرسة الخاصة… أن تثبت له الشخصية الاعتبارية التي ليس من أغراضها الإتجار أو الميل للاستغلال..” إنما يدل على أن نشاط المدرسة الخاصة لا يعتبر من قبيل الأعمال التجارية في مفهوم قانون التجارة إذ أن الهدف الرئيسي منه هو التعليم لا المضاربة على عمل المدرسين والأدوات المدرسية، ويؤكد ذلك أن القانون السابق رقم 14 لسنة 1939 بفرض ضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل أورد في المادة 72 منه بيانا لسعر الضريبة على أرباح المهن الحرة وغيرها من المهن غير التجارية وأعفى منها المعاهد التعليمية، وقد سايره في ذلك قانون الضرائب على الدخل القائم الصادر برقم 157 لسنة 1981 إذ قضى في المادة 82/3 منه على إعفاء المعاهد التعليمية التابعة أو الخاضعة لإشراف إحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة أو القطاع العام من الضريبة على أرباح المهن غير التجارية، وإذ كان ذلك وكان مفاد المادتين 21 من القانون رقم 16 لسنة 1969 سالف البيان، 38 من لائحته التنفيذية أن للدولة منح إعانات مالية لأصحاب المدارس الخاصة في بعض الأحوال، وتخصيص مكافآت تشجيعية للمدارس الخاصة التي تؤدي خدمات تعليمية ممتازة، كما أن المادتين 17، 18 من القانون المذكور أوجبتا أن تكون المصروفات الدراسية المقررة ورسوم النشاط المدرسي ونظام الأقسام الداخلية ومقابل الإيواء والتغذية في حدود القواعد التي تضعها وزارة التربية والتعليم، ولا تعتبر اللائحة الداخلية للمدرسة نافذة إلا بعد اعتمادها من المحافظ بعد أخذ رأي مديرية التربية والتعليم المختصة، فإن مؤدى ذلك أن الهدف الرئيسي للمدرسة الخاصة هو التربية والتعليم، ولا يخرج ما يتقاضاه صاحبها عن مقتضيات هذه الرسالة ويخضع لرقابة الجهة الحكومية المختصة، لما كان ذلك وكانت نصوص القانون رقم 16 لسنة 1969 سالف البيان ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار رقم 41 لسنة 1970 قد خلت من النص على حق المستأجر في التنازل عن الإيجار الصادر إليه لاستغلال العين المؤجرة مدرسة خاصة أو تأجيرها من الباطن دون موافقة المؤجر وكان لا يجوز القياس على الحق المقرر في كل من المادة الخامسة من القانون رقم 51 لسنة 1981 في شأن المنشآت الطبية، والمادة 55/2 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 باعتبار أن ذلك استثناء من الأصل لا يقاس عليه ولا يتوسع في تفسيره، فإن الحكم المطعون فيه وقد التزم هذا النظر وقضى بفسخ عقد الإيجار على ما أورده في مدوناته من أن المدرسة الخاصة لا تعد محلا تجاريا ولا يجوز بيعها بالجدك وأن التصرف الحاصل من المستأجر المطعون ضده الثاني إلى الطاعن إنما هو تنازل عن الإيجار محظور عليه إلا بموافقة كتابية من المطعون ضدها الأولى المؤجرة فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه تمسك في دفاعه بثبوت تنازل المطعون ضدها (المالكة) عن شرط حظر التنازل عن الإيجار واستدل على ذلك بتوالي البيوع على المدرسة طيلة المدة من سنة 1948 حتى سنة 1981 بما لا يتصور معه عدم علمها بها خاصة وأن البيع الأول صدر من زوجها…. ويؤكد ذلك تعاملها مع المطعون ضده الثاني بصفته حارسا قضائيا على الشركة التي أنشئت بينه وبين آخرين، وأن تلك البيوع أخطرت بها الإدارة التعليمية المختصة إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذه القرائن كما طرح أقوال شاهديه قولا منه بعدم اطمئنانه إليها وذلك على خلاف الثابت بالأوراق وأهمل الإشارة إلى أقوال شاهدي المطعون ضدها الأولى والتي لا تؤيدها فيما ادعته بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن عبء إثبات التنازل صريحا كان أو ضمنيا يقع على عاتق مدعيه، وأن تقدير الأدلة على قيام أحد طرفي العقد بالتنازل ضمنا عن حق من الحقوق التي يرتبها له العقد هو من مطلق سلطان محكمة الموضوع والتي لها أيضا سلطة تقدير أقوال الشهود والقرائن واستخلاص ما تقتنع به منها متى كان استخلاصها سائغا ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق، وهي إذ تباشر سلطتها في تقدير الأدلة تملك الأخذ بنتيجة دون أخرى متى أقامت قضاءها على أسباب كافية لحمله دون أن تكون ملزمة بتتبع حجج الخصوم ومستنداتهم والرد عليها استقلالا، مادام أن قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الحجج والمستندات، لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه طرح أقوال شاهدي الطاعن لعدم اطمئنانه إليها ولمخالفتها للثابت بالأوراق وأن الطاعن عجز عن إثبات علم المطعون ضدها الأولى بالتصرفات الواردة على المدرسة الكائنة بعين التداعي وقبولها لهذه التصرفات وبالتالي تنازلها ضمنا عن حقها في طلب فسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/8/1956 لتنازل المستأجر بصفته عن حق الإيجار قبل الحصول على إذن منها بذلك، وأن أوراق الدعوى خالية من دليل على علمها بالتصرفات الواردة على تلك المدرسة كما أن أحدا من أطراف هذه التصرفات لم يخطرها بها سوى الإخطار المرسل إليها من الطاعن والذي أقامت على إثره الدعوى المطروحة، وانتهى في حدود سلطته الموضوعية في تقدير الدليل إلى انتفاء قيام التنازل الضمني عن شرط حظر التنازل عن الإيجار لخلو الأوراق من دليل عليه وذلك بناء على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع لا تتسع له رقابة محكمة النقض ويكون النعي عليه غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وذلك حين قبل دعوى المطعون ضدها الأولى رغم إقامتها على غير ذي صفة إذ اقتصرت فيها على مخاصمة المطعون ضده الثاني بصفته حارسا قضائيا والذي لا تجاوز سلطته إدارة وحفظ المال دون التصرف فيه ولم يختصم أحد من البائعين إلى الطاعن مع أنهم أصحاب حق الإجارة الذي آل إليهم كعنصر من عناصر المدرسة واكتفت باختصام الحارس القضائي الذي لم يصدر منه أي بيع.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، بما هو مقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن بطلان الإجراءات المبنى على انعدام صفة أحد الخصوم في الدعوى غير متعلق بالنظام العام، إذ هو مقرر لمصلحة من وضع لحمايته، لما كان ذلك وكان هذا الدفع لم يبد أمام محكمة الموضوع من صاحب المصلحة فيه فإنه لا يجوز للطاعن التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .