سلطة محكمة الموضوع في تفسير المحررات والعقود – و سلطة محكمة الموضوع في تكييف العقود وإعطائها وصفها القانوني الصحيح – عدم توثيق عقد الشركة في محرر رسمي يبطل العقد بحيث لا يصلح أن يكون سنداً للمطالبة

من المقرر في قضاء محكمة التمييز أنه وفي مجال تفسير العقود أنه: “في تفسير المحررات والشروط المختلف عليها أنه لا يعتد بما تفيده عبارة معينة دون غيرها من المحرر بل يجب الأخذ بما تفيده العبارات بأكملها وفي مجموعها، كما أن المقصود بالوضوح في حكم الفقرة الأولى من المادة 193 من القانون المدني هو وضوح الإرادة لا وضوح اللفظ، فإذا لم يتخير العاقدان اللفظ المعبر عن تحقيق قصدهما أو أحاط بالعبارة من الملابسات ما يرجح معه حمل معناها على آخر مغاير، فإنه يحق للقاضي التدخل لتفسير العقد بما يراه أوفى إلى قصدهما وأدنى بمرادهما مستعيناً في تقصي النية المشتركة للمتعاقدين بمجموع وقائع العقد وظروف إبرامه، دون الوقوف عند المعنى الحرفي لألفاظه وعباراته – إذ العبرة فيها للمقاصد والمعاني، لا للألفاظ والمباني – ومع الاستهداء أيضاً بطبيعة التعامل والعادات الجارية وما ينبغي أن يتوافر بين المتعاقدين من حسن النية وشرف التعامل”.

[[ الطعن بالتمييز رقم 179 لسنة 2002 تجاري/3 – جلسة 28/6/2003م ]]

كما أن المقرر وفقاً لما استقر عليه قضاؤها في شأن تكييف العقود أن:

“العبرة في تكييف العقود هي بحقيقة ما عناه المتعاقدان منها، وتعرف ذلك من سلطة محكمة الموضوع متى استظهرت قصد المتعاقدين وردته إلى شواهد وأسانيد تؤدي إليه عقلاً، ثم كيفت العقد تكييفاً صحيحاً ينطبق على المعنى الظاهر لعباراته – ويتفق مع قصد العاقدين الذي استظهرته على أنه التكييف القانوني الصحيح لما قصده العاقدان – وإنزال حكم القانون على العقد، هو مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة التمييز”.

[[ الطعن بالتمييز رقم 1015 لسنة 2003 تجاري/3 – جلسة 8/1/2005م ]]

ومن المقرر أيضاً وفقاً لما استقر عليه قضاء محكمة التمييز بشأن توثيق عقد الشركة وأثر ذلك أن:

تنص المادة (7) من قانون الشركات (رقم 1 لسنة 2016) على أنه: “… يجب أن يكون عقد الشركة مكتوباً في محرر رسمي موثق وإلا كان باطلا. ويجوز للشركاء الاحتجاج فيما بينهم بالبطلان الناشئ عن عدم كتابة العقد على النحو المبين بالفقرة السابقة …”.
وتنص الفقرة (الثانية) من المادة (65) من القانون المدني – الشريعة العامة للمعاملات – على أنه: “وإذا فرض القانون شكلاً معيناً لانعقاد العقد – ولم يراع هذا الشكل في إبرامه – وقع باطلاً”.

وتنص المادة (184) من القانون المدني على أن: “العقد الباطل لا ينتج أي أثر، ويجوز لكل ذي مصلحة أن يتمسك ببطلانه، وللمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها”.

ومن ثم، فإن العقد الباطل لا يصلح لأن يكون أساساً لأي مطالبة، حيث إنه من المقرر في قضاء محكمة التمييز أن:

“قضاء الحكم المطعون فيه ببطلان عقد الاستثمار الأصلي والاتفاق المشار إليه بطلاناً مُطلقاً مُتعلقاً بالنظام العام، يترتب عليه زوال هذا الاتفاق، فلا ينتج أثراً، ولا يصلح أساساً لأي طلب، تطبيقاً لنص المادة 184 من القانون المدني”

[[ الطعن بالتمييز رقم 338 لسنة 2000 تجاري/2 – جلسة 7/1/2001م ]]

وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان الثابت بالأوراق، وبمطالعة عقد الاتفاق المؤرخ في 1/1/2015م، إنما هو في حقيقته، وطبقاً لبنوده وأحكامه، ووفقاً للتكييف القانوني الصحيح، هو “عقد شركة”، ولما كانت عقود الشركات من العقود الشكلية، إذ يستلزم المشرع تسجيلها وتوثيقها في محرر رسمي، لكي يعتد بها ولكي تصبح نافذة وسارية وتطبق بنودها وتنفذ أحكامها.

وفي حالة عدم تسجيل وتوثيق عقد الشركة وإفراغه في محرر رسمي، فإنه يكون عقداً باطلاً بطلاناً مٌطلقاً مُتعلقاً بالنظام العام، ولا يرتب أي أثر، ولا تنفذ أحكامه ولا تطبق بنوده، فالعقد الباطل هو والعدم سواء، ومن ثم، فهو لا يصلح لأن يكون أساساً وسنداً لأي مُطالبة أياً كان نوعها.

وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر، وتخلى عن دوره ووظيفته الأساسية في تكييف العقد، وإنزال التطبيق القانوني الصحيح عليه، وساير المدعي (المستأنف ضده)، وساير تقرير الخبرة الذي بُني على أوراق مزورة – على نحو ما سيلي بيانه – فإن الحكم المستأنف يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله بما يستوجب إلغاؤه.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .