يستطيع الحائز الرجوع على المدين بدعوى الكسب دون سبب . ويعرف الكسب دون سبب . ويسمى كذلك بالإثراء بلا سبب أو الاغتناء دون سبب ، بأنه اغتناء ذمة شخص بسبب افتقار ذمة شخص آخر دون سبب مشروع (1). ولاجل التعريف بهذه الدعوى ، لا بد من تحديد شروطها والأحكام التي تترتب عليها وكما يأتي :-

أولاً :- شروط الكسب دون سبب :- يشترط في الكسب دون سبب(2). أن يحصل الإثراء في جانب المدين بحصوله على منفعة مادية أو معنوية يمكن تقديرها بالنقد. وإثراء المدين ، هو إثراء سلبي مباشر مادي. فيعد اثراءاً سلبياً وذلك لأنه انقص عنصراً سالباً من ذمة المثري. ويعد اثراءاً مباشراً لأنه حصل بفعل المفتقر(الحائز)، أما سبب اعتباره اثراءاً مادياً فيرجع الى إن المنفعة التي حصل عليها المثري (المدين) هي منفعة مادية تتمثل بإنقاص عنصر سالب من ذمته وهي إبراء ذمته من الدين . كذلك يشترط لتحقق الكسب دون سبب توافر شرط ثان هو افتقار الحائز. وهو افتقار ايجابي مباشر مادي ، فيعد افتقاراً ايجابياً لان المفتقر قام بالإنفاق لمصلحة المثري ،ويعد افتقاراً مباشراً لان القيمة المالية انتقلت بفعل المفتقر من ماله الى المثري، أما سبب اعتباره افتقارا مادياً فيرجع الى انتقال قيمة مالية من ذمة الحائز المفتقر الى ذمة المدين المثري. ولا يكفي لتحقق الكسب دون سبب حصول إثراء في ذمة وافتقار في ذمة أخرى، وإنما يشترط قيام علاقة السببية بين الإثراء والافتقار ، أي أن يكون إثراء المدين ناتجاً عن افتقار الحائز. أما إذا لم يترتب على الإثراء افتقار فلا يتحقق الكسب دون سبب ، ويشترط أخيراً لتحقق الكسب دون سبب ، عدم وجود سبب قانوني للإثراء. أي عدم وجود سبب مشروع يجيز للمثري الاحتفاظ بالمنفعة التي حصل عليها نتيجة افتقار الحائز. وبالتالي إذا حصل الإثراء نتيجة سبب مشروع كالعقد أو الإرادة المنفردة أو نص القانون ، فلا يكون هناك كسب دون سبب ولا يجوز استرداد المنفعة التي حصل عليها المثري لوجود سبب مشروع يسوغ الاحتفاظ بها .

ثانياً:- أحكام الكسب دون سبب:-

إذا توافرت شروط الكسب دون سبب فان الحائز يستطيع مطالبة المدين المثري بالتعويض عن طريق دعوى أصلية ، هي دعوى الكسب دون سبب. أطراف هذه الدعوى هما الحائز المفتقر والمدين المثري أو من ينوب عنهما أو يخلفهما. ويلاحظ بان عبء الإثبات يقع على عاتق المفتقر ، وهو في هذه الدعوى ((الحائز للعقار المرهون)) فيجب عليه إثبات تحقق الإثراء في جانب المدين ومقداره ، وكذلك إثبات افتقاره ومقداره ، وترتب إثراء المدين على افتقاره ، فضلاً عن إثباته عدم وجود سبب قانوني للإثراء(3). وان التعويض الذي يستحقه الحائز ينبغي أن يكون في حدود ما كسبه المدين المثري ، أي انه يجب أن يكون بقدر الأقل من القيمتين ، قيمة الإثراء وقيمة الافتقار . وهذا ما أشارت إليه المادة (243) من القانون المدني العراقي بقولها ((كل شخص ولو غير مميز يحصل على كسب دون سبب مشروع على حساب شخص آخر يلتزم في حدود ما كسبه بتعويض من لحقه ضرر بسبب هذا الكسب ويبقى هذا الالتزام قائماً ولو زال كسبه فيها))(4). ولما كان إثراء المدين على حساب الحائز ، هو إثراء سلبي بسبب قيام الحائز بدفع الدين أو أي مبلغ آخر ، فان التعويض في هذه الدعوى يكون بقدر الأقل من القيمتين قيمة الإثراء وقيمة الافتقار وهو في هذه الحالة يكون بقدر ما دفعه الحائز من دين الى الدائنين أو بقدر ما دفعه من مبلغ لتحرير العقار أو لشرائه في المزاد. ويلاحظ بان دعوى الكسب دون سبب لا تسمع من المفتقر بعد انقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه المفتقر بحقه في الرجوع ، ولا تسمع الدعوى كذلك بعد انقضاء خمس عشر سنة من اليوم الذي نشأ فيه حق الرجوع(5).

______________________

-انظر ، د.عبد الباقي البكري ، عبد المجيد الحكيم ، محمد طه البشير ، مصدر سابق ،ص283.

2- انظر ، في شروط الكسب دون سبب ، د.عبد الرزاق السنهوري ، الوجيز في النظرية العامة للالتزام ، تنقيح المستشار احمد المراغي، مصدر سابق،ص515-516.

3- انظر ، د.جلال محمد إبراهيم ، د.احمد محمود سعد ، مصدر سابق ،ص319-320. د.عبد الباقي البكري، عبد المجيد الحكيم ،محمد طه البشير ، مصدر سابق ،ص287-288.

4-انظر ، المادة (179) مدني مصري.

5- انظر، المادة (244) مدني عراقي.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .