البعثات القنصلية

– أصل النظام القنصلي:
يرجع تاريخه إلى منتصف القرون الوسطى وذلك عندما كان تجار غرب البحر الأبيض المتوسط أن ينتخبوا من بينهم شخصاً يتولى مهمة حل المنازعات التي تنشأ بينهم ويطلقون عليه اسم القنصل التاجر، وكان العرف هو المصدر الوحيد الذي ينظم قواعد إرسال البعثات القنصلية مع وجود كثير من الاتفاقيات الدولية عقدت فيما بعد.

– تبادل وإنشاء البعثات القنصلية:
لكل دولة كاملة السيادة الحق في أن تتفق بإرادتها الحرة مع دولة أخرى على تبادل العلاقات القنصلية، ولا يجوز إنشاء قنصلية جديدة إلا بموافقة دولة المقر.
المبحث الأول : :تشكيل البعثة القنصلية ووظائفها
أولاً- أنواع القناصل ومراتبهم:
تشمل درجات الوظيفة القنصلية ما يلي:
1- القنصل العام: وهو أرفع درجات البعثة القنصلية ويشرف على جميع موظفي البعثة القنصلية بجميع درجاتها ومراتبها.
2- القنصل: ويباشر مهما الوظيفة القنصلية في منطقة معينة.
3- نائب القنصل: ويساعد القنصل في قيامه بأعباء وظيفته.
4- وكيل القنصل: ويعهد إليه بإدارة وكالات قنصلية يتم إنشاؤها باتفاق خاص بين الدولتين المعنيتين ويتحدد وضعهم في هذا الاتفاق.
القناصل نوعان:
أ- القناصل المبعوثون:
هم الذين تعبث بهم الدولة لتولي شئونها القنصلية في دولة أخرى.
ب- القناصل المختارون:
هم الذين تعينهم الدولة من بين الأشخاص المقيمين في الجهة التي ترغب أن يكون لها فيها تمثيل قنصلي، وهؤلاء قد يكونون من رعايا الدولة التي تعينهم أو رعايا الدولة التي يؤدون فيها مهمتهم أو من رعايا دولة ثالثة، وينظم القانون الداخلي لكل دولة بعثاتها القنصلية وكيفية تكوينها وحجمها، وتعيين أعضائها وتحديد أقد حياتهم، ويختلف حجم البعثة القنصلية تبعاً لحجم التجارة الخارجية بين الدولة الموفدة والدولة الموفد إليها حجم الجالية التابعة للدولة الموفدة في الدولة الموفد إليها.
ثانياً- تشكيل البعثة القنصلية:
1- رئيس البعثة:
وهو الشخص الذي تختاره الدولة لرئاسة البعثة القنصلية وتمنحه خطاب تفويض أو تعيين صادر من رئيس الدولة متضمناً اسمه ودرجته ومقر القنصلية ودائرة اختصاصها.
ويجوز أن يكون رئيس البعثة من درجة قنصل عام أو قنصل أو نائب قنصل أو وكيل قنصل.
2- الأعضاء القنصليون:
ويوكل إليهم مباشرة الاختصاصات القنصلية ويعاونون رئيس البعثة في عمله وتختلف درجات الموظفين القنصليين من دولة لأخرى
2- الأعضاء القنصليون الفخريون:
تختارهم الدولة الموفدة من الأشخاص المقيمين في الجهة التي ترغب في أن يكون لها فيها بعثة قنصلية، ويجوز اختيارهم بغض النظر عن جنسيتهم، ولا تدفع لهم مرتبات لأنه يسمح لهم بالأشغال بمهنة أخرى، ولا يملك هؤلاء كافة اختصاصات القناصل وإنما يمارسون الأعمال القنصلية التي يكلفون بها، كما لا يتمتعون كقاعدة عامة بالحصانات القنصلية.
4- الموظفون:
وهم الكتبة والمترجمون وأمناء المحفوظات والعهد والحرس والمراسلات وهؤلاء لا يملكون مباشرة الوظائف القنصلية، وإن جاز تكليفهم بمباشرة بعضها تحت إشراف رؤساء البعثة القنصلية.
ثالثاً- وظائف البعثة القنصلية:
1- حماية مواطني الدولة ورعاية شئونهم:
يتولى القنصل رعاية شئون مواطنيه ومساعدتهم، والعمل على إعادتهم إلى وظنهم كما يقوم بحمايتهم من تعسف السلطات المحلية ويساعدهم على رفع دعاويهم وعرض طلباتهم المشروعة على هذه السلطات، كما يقوم بحماية تركات المتوفين للحفاظ على حقوق ورثتهم فيها، ويقوم القنصل بالنسبة لمواطنيه بعمل موثق العقود، وتحرير عقود الزواج وإعلانات الوراثة، والتصديق على التوقيعات، وإصدار ترجمات للأوراق المطلوب ترجمة رسمية لها.
2- تعهد المصالح التجارية للدولة الموفدة:
بقوم القنصل بمراقبة تنفيذ المعاهدات التجارية في الدولة التي يمارس فيها مهامه وموافاة دولته بكل ما يهمها الوقوف عليه فيما يتعلق بشئون التجارة والصناعة وتزويدها بمقترحات في هذا الشأن.
3- تعهد المصالح الخاصة بالملاحة المتعلقة بدولته:
فهو مسئولي عن كافة الشئون المتعلقة بسفن دولته حال وجودها في الميناء الأجنبي الذي يتولى فيه مهام وظيفته.
4- التأشير على وثائق السفر:
يقوم القنصل بإصدار وثائق السفر لرعايا دولته ومنح التأشيرات للرعايا الأجانب الراغبين في دخول إقليم دولته.
وليس للقنصل أي اختصاصات سياسية، وكان ما يجب عليهم هو مراقبة وتتبع الحوادث السياسية في الدولة التي يباشرون عملهم فيها، وموافاة دولتهم بما يهمها من معلومات في هذا الشأن.
* واجبات القنصل تجاه دولة المقر:
أ- احترام القوانين والسلطات الرسمية والامتناع عن ارتكاب أي فعل من شأنه المساس بهذه الدولة أو بنظمها الداخلية.
ب- عدم التدخل في الشئون الداخلية للدولة الموفد إليها.
ج- لا يجوز لأعضاء البعثة القنصية العاملين ما عدا الفخريين أن يقوموا بمزاولة أي نشاط مهني أو تجاري بقصد الكسب الشخصي في الدولة الموفد إليها.
المبحث الثاني : التسهيلات والمزايا والحصانات للبعثات القنصلية
أولاً- التسهيلات والمزايا والحصانات الخاصة بالبعثة:
لا تمثل البعثة القنصلية دولتها كما هو شأن البعثات الدبلوماسية، وإنما تقوم بما يطلب منها من أعمال، لذلك لا تتمتع البعثات القنصلية بذات الإعفاءات والحصانات المقررة للبعثة الدبلوماسية، إلا أن العرف الدولي واتفاقية فينا اعتراف ببعض الحصانات والامتيازات البعثة القنصلية على النحو التالي:
1- التسهيلات والمزايا الخاصة بالبعثة:
وذلك بغية أداء البعثة القنصلية لأعمالها كحيازة المباني اللازمة لمقر البعثة واستعمال العلم والشعار الوطنيين.
2- حرمة المقر:
تكون لماني القنصلية حرمة، ولكنها محدودة على ذلك الجزء المخصص لأعمال القنصلية الذي يمتنع على سلطات الدولة الموفد إليها دخوله إلا بإذن من رئيس البعثة القنصلية أو من ينيبه، إلا أنه يجوز لهذه السلطات دخول هذه الأجزاء في حالة الحريق أو أية كارثة أخرى تستدعي اتخاذ تدابير وقائية فورية.
3- حرية الاتصال:
على دولة المقر تأمين وتيسير كل وسائل الاتصال للقنصلية في كل ما يتعلق بأعمالها الرسمية غير أنه لا يجوز للبعثة القنصلية أن تستخدم محطة لاسلكية إلا بموافقة دولة المقر.
4- الحقيبة القنصلية:
البعثة القنصلية استعمال حقيبة قنصلية لأغراض الاتصال وحمل الطرود والمراسلات لدولتها ويجب أن تحمل هذه الحقيبة علامات تدل على طبيعتها ولا يجب أن تحمل غير الوثائق والمراسلات الرسمية ولا تفتح ولا تفتش إلا بناء على أسباب جدية ويقوم بفتحها المندوب الذي يحملها بنفسه، وإذا رفض هو أو دولته ذلك تعاد إلى مصدرها كما يتمتع حامل الحقيبة في أثناء قيامه بمهمته بالحصانة الشخصية ولا يكون عرضة لأي نوع من أنواع القبض أو الحجز.
5- التسهيلات والمزايا الأخرى:
أ- الاتصال برعايا الدولة الموفدة.
ب- الاتصال بسلطات الدولة الموفد إليها.
ج- إعفاء كافة الرسوم التي تحصل على أعمالها في الدولة الموفد إليها من الضرائب المحلية.
ثانياً- التسهيلات والحصانات الخاصة بأعضاء البعثة القنصلية:
1- الحصانة الشخصية:
يجب معاملة أعضاء البعثة باحترام ويجب توفير الحماية لهم ولا يجوز القبض عليهم أو اعتقالهم أو حبسهم احتياطياً إلا إذا ارتكبوا جناية فطيرة وبعد صدور قرار من السلطة القضائي المختصة.
2- الحصانة القضائية:
يخضع أعضاء البعثة القضاء دولة المقر وتجوز محاكمتهم وتنفيذ الأحكام الجنائية النهائية ضدهم ويجب إخطار رئيس البعثة عند اتخاذ أو إجراء أما إذا كان المقبوض عليه رئيس البعثة فتخطر دولته، ويخضع أعضاء البعثة للقضاء المدني لدولة المقر إلا فيما يتعلق بالأعمال التي يأتونها أثناء وظائفهم ومع ذلك فإنهم يخضعون للقضاء المدني بالنسبة لهذه الأعمال في حالتين:
أ- العقود التي يبرمها عضو البعثة لم يكن التعاقد قد تم صراحة أو ضمناً بوصفه وكيلاً عن الدولة الموفدة.
ب- الدعاوى المرفوعة من الطرف الثالث عن ضرر نتج في الدولة الموفد إليها وبسبب مركب أو سفينة أو طائرة تابعة للدولة الموفدة.
وبصفة عامة لا يجوز تكليف الموظفين القنصليين بالشهادة أمام المحاكم بوصفهم خبراء في القانون الداخلي للدولة الموفدة.
3- حصانات ومزايا أخرى:
أ- الإعفاء من بعض القيود الخاصة بالأجانب كالقواعد الخاصة بتراخيص العمل.
ب- الإعفاء من أحكام قانون التأمين الاجتماعي المقررة في الدولة الموفد إليها ويسري الإعفاء على الخدم الخصوصيون بشرط ألا يكونوا من رعايا الدولة الموفد إليها.
ج- الإعفاء من الضرائب ما عدا الضرائب غير المباشرة والضرائب والرسوم العقارية وضرائب الشركات والأيلولة والإرث.
د- الإعفاء من الرسوم الجمركية والتفتيش الجمركي.
ثالثاً- حصانات وامتيازات القناصل الفخريين:
1- تأمين الحصول على مقر للبعثة.
2- تأمين حرية الاتصال بالدولة الموفدة وبرعاياها في الدولة الموفد إليها.
3- إعفاء القنصلية من الضرائب عن رسوم ومتحصلات القنصلية.
4- حماية القنصل الفخري من أي اعتداء عليه.
5- الإعفاء من القيود الخاصة بتسجيل الأجانب وإقامتهم.
6- إعفاءه من الضرائب والرسوم على المكافآت والمرتبات التي يتقاضاها نظير قيامه بأعماله القنصلية.
7- الإعفاء من الرسوم الجمركية على ما يستورده للاستعمال الرسمي للبعثة القنصلية.
ولا يتمتع الأعضاء القنصليون والفخريون بالحصانة الجنائية وإن كان يجب إخطار الدولة الموفدة في أحوال القبض عليهم، غير أنهم يتمتعون بالحصانة المدنية بالنسبة لأعمال وظائفهم.
رابعاً- انتهاء أعمال عضو البعثة القنصلية:
تنتهي بالوفاة أو الاستقالة أو بقيام الدولة الموفدة بإبلاغ الدولة الموفد إليها بانتهاء أعماله، أو بسحب إجازته القنصلية أو بإخطار من الدولة الموفد إليها إلى دولته باعتباره شخصاًُ غير مرغوب فيه.
كما تنتهي بانعدام الشخصية الدولية لدولته أو للدولة المبعوث لديها لفنائها أو ضمها إلى دولة أخرى مثلاً.
ولا يتمتع القنصل بالصفة التمثيلية لذلك فإن مهمته لا تنتهي بوفاة أو تغيير رئيس أحد الدولتين أو في حال وقع العلاقات الدبلوماسية بينهما ولا في حالة نشوب حرب بينهما لأنه لا يتمتع بصفة سياسية وما يحصل عادة أن يستدعي بواسطة دولته الاستحالة قيامه بمهمته لما يترتب على الحرب من قطع العلاقات السلمية بين الدولتين.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت